قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا ترنيمة غرام للكاتبة زينب محمد الفصل الخامس

نوفيلا ترنيمة غرام للكاتبة زينب محمد الفصل الخامس

نوفيلا ترنيمة غرام للكاتبة زينب محمد الفصل الخامس

انتقلت هنا وهناك تبحث بعينيها عن ابنة أخيها المختفية، دب الرعب بقلبها وهي لا تراها، توالت الأماكن والصغيرة غير موجودة، وضعت يدها فوق رأسها تحاول البحث بدقة أكثر بين وجوه الأطفال، حتى الشخوص الذين يحملون أطفالهم لم تتركهم وبحثت بينهم عن أي ملامح لها، وقعت عيناها بالصدفة على آخر شخص توقعته أن يكون موجودًا هنا في الإسكندرية وها هي الدهشة تعتلي ملامح وجهها بقوة، عندما رأته يقف مع صديقتها صاحبة نظرية لا للزواج، تعجبت لطريقة ابتسامتها وحركة جسدها التي توحي بغنجها، دب الغضب داخلها وانطلقت سهام الغيرة نحوهم، لو أدركوا وجودها لأحرقتهم بنيرانها الملتهبة، اقتربت بسرعة منهم حتى تثبت خيانته، ولكن للحظة وقفت وفكرت بطريقة أكثر خبث حتى تكشف تلك القشرة التي تلونت بها صديقتها، وخاصةً عندما لاحت بذهنها كلمات والدتها عنها...

(دي بت خبيثة وبتكرهك ومش عاوزكي تتجوزي مازن، والله تلاقيها حاطه عينها عليه! )
ضغطت فوق شفتيها بغيظ من فكرة أنها بالفعل تريد مازن لها..
ابتعدت عدة خطوات بعيدًا عنهم، ثم قررت الاتصال بها، راقبتها وهي تخرج هاتفها ثم تعود لإغلاقه مرة أخرى، كظمت غيظها وكررت الاتصال مرة أخرى، أخيرًا رفعت الأخرى الهاتف تجيب بضيق بالغ..
ألو..
شاهي مبترديش ليه!
سوري يا ليله بس حَالِيًّا مع ماما في المول مش فاضية، سلام..

أغلقت الاتصال وعادت مرة أخرى لمازن تُكمل حديثها...

فتحت فمها بصدمة عندما رأتها تعطي مازن هاتفها، حاولت أن تقرأ شفاهم وهم يتحدثون ولكن فشلت، شعرت بالبكاء لم تعرف سبب مصدره أهو اختفاء ندى وفشلها في إيجادها، ام فشلها في تحسين علاقتها بمازن، من الواضح أن السبب ينصب فوق فشلها، هي فاشلة!، هكذا حدثت نفسها وهي تحاور تلك الهواجس التي تزايدت بداخلها عندما لاح بذهنها صورة للمشهد خطبة شاهي ومازن، داهمها دوار قوي كذلك الدوار الذي قلب كيانها في هذه اللحظة رأسًا على عقب، تمالكت نفسها وحاولت إيجاد أي مقعد تجلس عليه حتى تعود لاتزانها، جلست فوق مقعد خشبي ومازال نظرها معلقًا بهم، عضت فوق لحم شفتيها بخجل من نفسها، ماذا تُفكر؟!، لا يستحق أحد الاستحواذ على تفكيرها سوى الصغيرة الضائعة، نهضت بحماس تستكمل البحث عن ندى، وأجلت أمر التفكير بصديقتها الخائنة وحبيبها، صمتت للحظة وفكرت للحظات أهو الحبيب الخائن أم الوافي!، ، موقفه بعد سيحدد مكانته بداخلها...

لم يترك مكان إلا وبحث فيه، أين ابنته؟، أين فلذة كبده؟، أين الروح والهوى؟، أين نبضه؟ لما شعر بتوقف قلبه عن النبض، لما فجأة تحولت الحياة حوله لأخرى مبهمة، لما ثقلت أنفاسه التي تخرج من ثغره، يشعر وكأنه في حرب قوية ويكاد يلتقط أنفاسه، حرب ما بين وجع القلب وضياع العقل، حاول التقاط أنفاسه تحت أشعة الشمس الحارقة، حاول التفكير بهدوء، ولكن ذلك الصراع الذي أخذ من صدره موطنًا يمنعه من التفكير لو للحظات، صراع الخوف من الفقد، فقدان ابنته سيكسره حتمًا، شعر بتربيتات فوق كتفيه، التفت بجسده نحو صديقة يسأله بلهفه: لقيتها..

هز فارس رأسه بيأس: لا بس هانلاقيها إن شاء الله، في أخبار عن الكاميرات..
تحرك صوب باب البناية قائلًا: لا مفيش كاميرات هنا!
دلف للداخل وجد الجميع ينتظرونه بفارغ الصبر، اندفعت ندى نحوه باكية: قول إنك لقيتها، هي فين؟!
وقف يتلقى يديها قائلًا بنبرة تملكها العجز: لا...
سارع فارس بالحديث: بس مالك كلم ناس في الداخلية وطلع نشرة بمواصفاتها ومتقلقوش والله هانلاقيهاا...

لم يُكمل حديثه بسبب دخول أحمد وبيده الصغيرة التي كانت تحمل حقيبة تمتلئ عن آخرها بالحلوى، اندفعت ندى نحوهم، تجذب ابنتها نحوها تتحسسها بحب ولهفه: ندى، الحمد لله، الحمد لله.
تعجب أحمد من اندفاعها، ووجوههم المصوبة نحوه، ونظراتهم التي يجهل قرأتها...
حملها مالك برفق من ندى ثم قبلها بحنو في أنحاء وجهها: كنتي فين يا حبيبتي!
مع جدو، بص دادي..

رفعت الحقيبة البلاستيكية بفرحة أمامهم، انزلها مالك وبداخله يغلي كحمم البركان المنصهرة، هاتفًا لزوجته بلهجة حاول إخفاء الحدة بين ثناياها: ندى خدي ندوش جوه تاكل الحلويات دي هي وانس وإيلين وسيف..
جذبت ندى الصغيرة ثم دلفت للداخل و عقلها لا يهدأ من التفكير ما شأن خالها بابنتها، وماذا ينوي مالك فعله؟!.
أما بالخارج، اقترب مالك يهدر بعنف بوجه خاله: أنا عاوز اعرف إيه وصل بنتي ليك!

أمسكته والدته وحاولت تهدئته: مالك أهدى وهاتفهم من خالك..
رمقهم أحمد ببرود قائلًا بعدم فهم: تفهموا إيه، البنت كانت طالعة على البوابة في أيدها فلوس عاوزه تشتري شكولاتة، وأنا كنت لسه جاي بالعربية شفتها أخدتها واشتريت لها في إيه!
هتف مالك بصوت جهور غاضب: خمس ساعات، بتشتري خمس ساااعات مفكرتش للحظة تطمنا عليها..
هدر خاله أمامه بعنف: أنت بتكلمني أزاي كده...

وقف عمار بينهم ليقول: استهدوا بالله يا جماعة، المهم إن هي بخير..
التفت أحمد لكي يغادر المكان رافضًا طريقة مالك وهجومه، وقفت أمامه ندى والصغيرة، تعجب لوجودهم أمامه فجأة...
ندى بوسي جدو وقوليله شكرًا على حاجات الجميلة دي..
طبعت الصغيرة قبلة فوق وجنته، حاوطت وجهه بيدها الصغيرة كما تفعل مع والدها، لتقول بنبرة خافتة: شكرًا جدو، بحبك..

آه من نبرتها، وطريقتها، وقبلتها وكل شيء يأتي منها، الوحيدة القادرة على إخماد غضبه، القادرة على إشعال مشاعر بداخله لها حلاوة من نوع آخر، لم ينكر أن الماكرة والدتها موقفها معه جعل قلبه يدق بعنف، ، حاول الهرب من تفكيره ومشاعره، ولكن مازالت يدها تحاوط وجهه، ملمس أناملها جعله يغمض عيناه تحت سطوة عشقه لتلك الصغيرة..

فتح عيناه مجددًا بعدما استمع لصوت والدته تحثه على الدخول للحديقة: ادخل يا أحمد ده شيطان ودخل ما بينا...
رمق مالك بنظرة غاضبة ثم دلف خلف والدته وهو يحمل الصغيرة رافضًا التخلي عنها، حتى هي تعلقت به، يقال إن الطفل يشعر بالحنو ويركض خلفه، الغريب هنا أن الحنان يأتي من قلب قاسٍ يحمل الكره لوالدتها...
صعد مالك بسرعة نحو شقته، حاولت الركض بنفس سرعته ولكن فشلت لسرعته الرهيبة، وصلت بأنفاس لاهثة خلفه...

مالك استنا، في إيه؟!.
التفت نحوها ينظر لها بعيون مشتعلة من الغضب وعروق وجهه تنتفض بقوة، ف بدا كالثور الهائج الذي يود أن يقتلع رأس أحدهم غير عابئًا بمن يقف أمامه، خرجت الحروف من فمه غليظة وصوت غاضب جهور..

انتي هاتنجنيني، هو ايه اللي في أيه، هي مش بنتك كانت ضايعة من شوية، وكنتي هاتموتي فيها واغمى عليكي، بتسألني في ايه ازاي، آآه ازاي أسالك في ايه، وانتي بتحاولي تصححي علاقتك بخالك حتى لو على حساب غضبي او بنتك...
اسبلت جفونها تحاول فهم هجومه عليها، اقتربت منه قائلة بنبرة خافتة عكس أنفاسه المرتفعة: مالك انا حاولت انقذ الموقف ومزعلوش مننا، ويكره ندى زي ما بيكرهني..

جحظت عيناه بغيظ منها ليقول: أهو شوفتي بقيتي متعقدة منه، وهاطلعي عقدك علينااا..

لم ترد، لم تحرك جفنيها حتى لقسوة كلماته، لملمت شتات نفسها ولم تعقب على حديثه، اكتفت بالصمت وبنظرة حزن، نظرة بها ألف معنى ومعنى، ومن أخطأ وحده القادر على فك شفرتها، العتاب معه الان سيضاعف من حزنها والآم قلبها، من الافضل الاكتفاء بالصمت وبتلك الاشارات التى ارسلتها عبر نظراتهااا، خرجت من الشقة بسرعة تمنع نفسها من البكاء، حثت نفسها على التحلي بالقوة، ولكن أين تلك القوة وهي تراقب صعود مريم السريع نحو سطح البناية..

مريم مالك!
اجابتها وهي تُكمل الصعود بخطوات واسعة ونبرة مرتعشة: مفيش..
كادت أن تلحقها ولكن صعود عمرو خلفها منعها وجعلها تتوقف وتراقب ذلك المشهد بصمت، ابتسمت بسخرية لنفسها، ها هي تتخطى أمر شجارها معه وتصب انتباها نحو هؤلاء العاشقين التي أوشكت علاقتهم على الانتهاء لو تهور أحد الطرفين في لحظة جنون..

وصلت مريم لسطح البناية تتنفس بغضب، تحاول إيجاد بعض من الهدوء أو الثبات النفسي والانفعالي لديهااا، ولكن أين تجده وذلك الوقح خلفها دومًا، يشعل فتيل غضبها ويتساءل بعدها بكل براءة أين هدوءك؟!..
التفتت بجسدها تشير بأصبعها نحوه بكل عصبية: بقولك إيه يا عمرو كلمة كمان وانهي الحوار ده حالًا...

تهدده بكل جراءة وكأن العصمة بيدها، بلهاء حَقًّا حتى في تهديداتها الطفولية، رمقها ببرود ظاهري قائلًا: اهربي حلو بعصبيتك، اهربي، خايفة أعاقبك على فعلتك المهببة..
شهقة صدرت منها وكأنها من نساء حي شعبي وعلى مقدمة شجار حاد مع أحدهم متناسية أي شيء حتى لو كان منظرها أمام من حاولت أن تظهر أمامه دومًا بمظهر لائق ومنمق...
نعم، نعم، بقولك إيه بلاش أنت تتكلم علشان متخسرش.

صدرت منه ضحكات ساخرة عندما لانت ملامحه من علامات الدهشة التي استوطنتها بعدما رأها لأول مرة على هذا النحو: الله أكبر، مريم هانم هاتردحلي، طلعي يالا اللي جواكي.

نظرت شزرًا له، اقتربت بخطوات متوعدة وكأنها تقول له رأيت فتاة وقحة ما رأيك بفتاة يظهر عليها بودار الاجرام الخطير في ثوان حتى تنقذ قصة حبها التي ثابرت لاعوام للحفاظ عليها وسط تذمر والدها من تلك الزيجة، جذبت ياقه قميصه الابيض وجعلته يقترب منها بجسده وخاصة رأسه التي كادت ان تلامس رأسها...
وعندي استعداد اقتلك لو اثبتلي فعلًا انك بتخوني، انا مضيعش سنين عمري علشان ست ريتا دي تخطفك مني، فاهم..

حدق بعيونها المتسعة وهي تنتقل بين قسمات وجهه، نظراتها الغاضبة تقابل نظراته الهائمة، أنفاسها اشعلت جمرات من اللهب في جسده، لاول مرة يقترب منها على هذا النحو بعد مجيئه من السفر، يتعامل بحدود وكأن ليس بينهم رابط، وخاصةً بعد مجئ ريتا معه، يتشوق لتذوق رحيق شفتيها واشباع تلك الرغبة الجامحة بداخله، رغبة بامتلاكها وادخالها في اعماق قلبه، لترى كم هو متيم بذلك العشق، لم يستطع الصبر طويلًا وقرر الانصياع لذلك النداء الخفي بداخله، اقترب للحظة منها وامتلك شفتيها بشفتيه في قبلة فجر بها جميع مكنوناته الخفية المتعلقة بعشقها المستوطن داخل صدره وعقله وقلبه، بل لنقل داخل كيانه بأكمله...

ابتعدت عنه في ارتباك عندما التقطت أذنها نداء ليله لها، حاولت هندمة نفسها وحجابها أما هو فابتعد فورًا عنها يستند بيده على حافة السور ينظر للبحر، شاردًا في أخذ أنفاسه التي سُلبت منه عندما لامس شفتيها وارتشف من رحيقها...
مريم أنتي هنا...
اقتربت مريم منها قائلة بصوت مرتبك: آه هنا..
تحرك عمرو نحو الباب لافتًا لها بصوت جعله أكثر خشونة: هانتكلم بعدين في اللي أنتي هببتيه يا مريم..

وقبل أن يغادر أرسل لها قبلة في الهواء مصاحبة لغمزة وقحة من عيناه، ارتبكت هي لما فعله وظلت شاردة في قبلتهم الأولى وهي تنظر في أثره، انتفضت على يد ليله المتسائلة في فضول: هيبتي إيه!
اجابت ببرود بعدما أخرجت تنهيدة قوية من صدرها: ولا أي حاجة اكتشف أن رابطة الواتس بتاعة بالواتس بتاعي، وطبعًا مضايق..
اتسعت أعين ليله قائلة: واكتشفتي خيانته!

خيانته إيه، أنا كنت براقبه أشوفه هايجيبها إسكندرية من ورايا ولا لا، كنت عاوزه أشوف مدى غلاوتي عنده، بس لا عمرو ميخونش، عمرو يحبني.
قالت جملتها الأخيرة بأعين تلمع من السعادة كلما تذكرت حلاوة مشاعرها تحت سحر قبلتهم..
انتبهت على شرود ليله وكلماتها الحزينة: يعني مازن ممكن ميكنش بيخوني..
هتفت مريم بنفاد صبر: لا بقولك إيه متفتحيش سيرة مازن بدل ما أضربك على دماغك..

أجلستها ليله على الأرض قائلة بحزن: اسمعي بس، انهارده شوفته واقف مع شاهي اللي كانت بتحذرني منه وبتقولي شخصيتك وكيانك ومستقبلك، واقفة بتدلع عليه وبتكذب عليا في التليفون..
هزت مريم رأسها تحاول استيعاب حديثها غير المرتب والمفاجئ لها: لا استني، وأحكي من الأول واحدة واحدة...
تعلقت ليله بحديثها وهتفت برجاء: وهاتقوليلي اعمل إيه بالظبط علشان أشوفه لسه بيحبني ولا لا..

رمقتها مريم بفخر قائلة: عيب عليكي هاساعدك طبعاً، وهافاجئك بذكائي..
اعتدلت الأخرى تقص عليها كل شيء من بداية علاقتها بمازن بأدق التفاصيل وأخرهم علاقتها بشاهي صاحبة قشرة المرأة وكيانها..

راقبت الجميع بعيونها ثم مالت نحو شريف قائلة بقلق: هو أنا جيت في وقت مش مناسب يا شريف..
هز شريف رأسه بنفي وهتف سريعًا يحاول تبرير موقفهم: لا يا سوزان بالعكس، بس ندى الصغيرة اختفت وكانت مع أحمد خال مالك وكنا فاكرينها ضايعة، بس حصل شد وجذب قبل ما تيجي والموضوع انتهى يعني..

حركت رأسها بإيماءة متفهمه موقفهم المرتبك، حولت مجرى حديثها مع شريف عن اشياءًا أخرى كعملها وسكنها الجديد، لاحظت بطرف عيناها دخول أحمد للبناية، صحيح كان لقاؤهم ليس إلا واحدًا فقط، ولكن في ذلك اللقاء جذب انتباهها نحو شخصيته الغريبة والعجيبة، وخاصةً عندما راقبت انفعالات جسده التي تتقلب في الدقيقة آلاف المرات في وجود تلك الجميلة ندى، شعرت وكأنه يصارع شَيْئًا ما بداخله، شيئًا تجهل هي سببه، لم تنكر أن فضولها في مرات عديدة كاد أن يدفعها نحو شريف لكي تسأله، ولكن أسئلة شريف عن سبب اهتمامها تجعلها تتراجع للخلف مقررة الالتزام بالصمت والاكتفاء بالمراقبة، انتبهت على يد والدة أحمد، تلك العجوز الطيبة التي كلما هي ظهرت بمكان تتسع ابتسامة المرأة فرحًا، ترى ما سبب كل تلك السعادة التي قرأتها في أعينها كلما تحدثت معها ينير وجهها فرحًا، سعادتها توحي بأنها وأخيرًا وجدت طوق النجاة ولكن لمن؟!..

قلبت الملعقة الصغيرة في المشروب الساخن، راقبت انسياب حبات السكر وحبيبات الشاي معًا، ترى هل تذوب هي في علاقتها يومًا ما مع خالها، ترى هل تستطيع يومًا احتضانه مثل احتضان المياه لحبات السكر والشاي...
لم تجد أجابه واضحة، ف لونهما الذي تحول تَدْرِيجِيًّا نحو الأسود المائل لاحمرار قليلًا، قد يعطيها أجابه نحو لون حياتها معه، ابتسمت بسخرية عندما رأت ذلك اللون، لتهتف بتهكم..

أسود، هي الإجابة أهي واضحة..
بتكلمي نفسك!
انتفضت برعب عندما التقطت أذنها صوته الرخيم، التفت بجسدها حتى تتأكد بعيونها وجوده، نعم!، خالها، يقف ويحادثها بنبرة صحيح يغلب الجمود عليها، ولكن لا يهم، يكفي فقط وجوده، ابتلعت ريقها بتوتر بالغ لتقول بنبرة جاهدت إن تكون ثابتة: عادي، أحيانًا من ضغط الحياة..
فاجأها بسؤاله كما يفاجئها دومًا: بتكرهيني؟!

صمتت لبرهة تستوعب سؤاله، خرج صوتها يجيبه أجابه لم يشعر قلبه بالراحة منها: ولا بكرهك ولا بحبك!، حقيقي مبقدرش أحدد موقفي منك..
ضيق عيناه أكثر يحاول أن يصل لصدق حديثها، تجرأت وسألته هي الأخرى: وحضرتك بتكرهني ولا بتحبني؟!
تعلقت أنظارها به تنتظر أجابته بقلب يدق بعنف وعقل ينتفض بخوف من أجابه قد تزهق روحها مجددًا وتهوي مجددًا من سابع سماء لترتطم بأحقاد الماضي وذكرياته المؤلمة..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة