قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا ترنيمة غرام للكاتبة زينب محمد الفصل الثاني

نوفيلا ترنيمة غرام للكاتبة زينب محمد الفصل الثاني

نوفيلا ترنيمة غرام للكاتبة زينب محمد الفصل الثاني

مالك يا ندى من وقت ما جينا وأنتي ساكتة ومبتتكلميش!
التفتت نحو خالتها، وضعت الصحون فوق بعضهم قائلة بنبرة مقتضبة: مفيش.
هتفت ماجي بإصرار: لا فيه مالك بجد، هو مالك زعلك!
هزت رأسها بإيجاب وهتفت بحزن قائلة: آه مزعلني، تتخيلي يا خالتو أقص شعري واعمله مفاجأة يزعلني ويرد بكلام وحش، وقال إيه أزاي أتجرأ واتهبب على عيني وأغير حاجة في شكلي، وأنا زي الهبلة بعمل ده كله علشان خاطره...

اقتربت خالتها منها وربتت فوق يدها قائلة بهدوء: لو التغيير ده مكنش يبقى ليكي أنتي يبقى مالوش لزمة، متستنيش كلمة حلوة منه، المهم أنتي شافية نفسك إيه، وهو هايحب التغيير كده لما يلايقكي حباه يا حبيبتي..
مسحت عبرة ساخنة هبطت فوق صفحة وجهها لتقول: ماشي، بس بردوا الواحدة بتفرح أن جوزها يحب فيها أي حاجة حتى لو مش على هواه، فيها إيه لما كان قالي جميل عليكي وبعدين عاتبني براحة، لكن لا أزاي لازم يزعلني..

ابتسمت خالتها قائلة: الرجالة كلهم واحد، لو حاجة مش على هواهم يا الله على بوزهم...
دلف كالإعصار قائلًا بنبرة خشنة: ماما، جدتي عاوزكي بره..
هزت والدته رأسها بإيجاب وغادرت من المطبخ، وفور خروجها اندفع نحو زوجته يقول بغيظ وصرامة: أول مرة وأخر مرة تتكلميي مع حد في مشاكلنا حتى لو كانت أمي، مش بعد السنين دي كلها في الجواز هانخيب..
رمقته بضيق قائلة: مالكش دعوة، وبعدين عيب تصنت...

كادت أن تتخطاه وتغادر المطبخ، فامسكها من مرفقها، التصق ظهرها بصدره العريض، همس من بين أسنانه: براحتك، بس مسيرهم يمشو وبنتك تنام واعرف أخد حقي منك..
كانت تتراقص بداخلها فرحًا لحديثه ولكن أظهرت عكس ذلك لتقول: مين قالك إن أنا قاعدلك أنا هاروح عند خالتي أروق يومين واسيبك هنا لوحدك.

اشتد حصاره عليها ليقول بلهجة صارمة حادة: متتكررش تانى الجملة دي علشان مزعلش بجد، وبعدين عاملة نفسك مقموصة وأنتي اللي مفروض تصالحيني..
هتفت بعند قائلة: أنت المفروض تصالحني..
دلف فارس وابتسامة واسعة فوق محياه ليقول: أنا اللي هاصالحكوا على بعض..

عضت فوق شفتيها خجلًا، ثم فلتت من قبضة مالك القوية لتغادر المطبخ بوجه يحتقن بدماء الخجل من منظرها ذلك مع زوجها، أما مالك فاقترب من صديقه ليقول بتوبيخ: شايفك يعني بتتحرك في البيت من غير أي احترام.
اتسعت ابتسامة فارس ليقول بلهجة باردة: وأنا شايفك مش عامل أي احترام للضيوف اللي عندك..
أمسكه مالك بغيظ من ياقته قائلًا: أنت طالع تتبارد عليا علشان نزلتلك الزنان ابنك الصبح صح.

هز رأسه وابتسامة مستفزة ترتسم فوق ثغره، ابتعد مالك عنه قائلًا: عارف إيه أكبر عقاب ليك، أن أنس يفضل لازق فيك كده.

التقط فارس كوب المياه وتجرع منه القليل ثم قال بضيق: وربنا ما عارف عملت إيه في حياتي علشان ابني يبقى زنان كده، ده مبيفصلش عياط ٢٤ ساعة، أنا لفيت به على دكاترة مصر كلها، وكله يقول عادي بيبي بيعيط، والكلب لما بنروح يبقى هادي وعسل، أول ما نخرج من عند الدكتور يعيط، إيه ده يا أخي ده انا بفضل امشي بيه بليل زي الأهبل كده وألف وألف لما يبقى خلاص هايغمى عليا واقع وده مبيفصلش، الحمد لله خلاني اخد اهم قرار في حياتي..

ابتسم مالك قائلًا: مش هاتخلفوا تاني صح.
هز رأسه مؤكدًا: طبعًا مفيش تاني، الحمد لله كده رضا، بس أنا أعيش واشوفه طفل بريء كده وبيسكت زي بقية الأطفال...
ارتفعت ضحكات مالك ليقول: عارف الواد ده طالع لمين وربنا نسخة منه!
رفع فارس وجهه قائلًا: مين؟!
مالك بضحك: عمرو أخويا كان زيه كده، كان يقعد يعيط بالتلات ساعات وأحنا مش فاهمين ماله أصلاً.

هتف فارس باعتراض: يعني هايطلع نسخة من عمرو قليل الأدب وصايع كده، ربنا يطمنك.
ضغط مالك على شفتيه السفلى قائلًا: لا متقولش كده على أخويا، ده دكتور..
ابتسم فارس قائلًا بتهكم: أهو الدكتور دا عازم واحده اجنبية صاحبته جاية عيد ميلاد بنتك ويا عيني سايب مريم بتجيب بنزين وهاتولع فيه...
هتف مالك بصدمة: إيه ده عازم ريتا دي، لا إذا كان كده يالا نطلع نشوف الفيلم من الأول...
يالا أهو خلينا نشعللها شوية.

بصي بقولك إيه وربنا لو ما بطلتي جنانك ده هاشيلك هيله هوبه وارميكي من فوق هنا...
اتسعت عيناها لوقاحته قائلة: أنت ليك عين تتكلم كمان ياخاين..
فرك وجهه بيده قائلًا بغيظ: أنتي هبله يا مريم، أنا خاين في إيه بالله عليكي قولي كده!

ابتسمت بتهكم وهتفت: وكمان بتسعبط ومتعرفش، حضرتك إيه معنى كل ما أكلمك وأنت في البعثة تقولي أصلي مع ريتا، اتنيل واسكت وأقول معلش يا مريم ده بيحبك ومتجوزك أنتي، وهايرجع وتعملوا فرحكوا لكن ريتا دي صديقته بس، مع أن مفيش صداقة بين الراجل والبنت وأنت قولتلي كده، لكن توصل أنك تنزل من البعثة وتجبها معاك هنا في مصر يبقى لأ يا عمرو بينكوا حاجة..

جذبها من مرفقها بغيظ وأدخلها إلى الشرفة وهو يقول: على أساس إن مبحكلكيش كل حاجة بتحصل وأنا هناك، ده انا يا مؤمنة كنت بنام وأنتي معايا على التليفون، هو أنتي مش عارفة أنها ساعدتني كتير هناك وأنا لوحدي، ووقفت جنبي كتير، ولولاها كنت اتبهدلت وهي طلعت بنت جدعة وقفت جنبي هي و حبيبها، ومعرفك أنها بتحب واحد وهو كمان صديقي، وكان نازل معاها الرحلة دي، بس ظروف شغله اخرته، ونزلت هي، قوم ايه انا لما تنزل بلدي اسيبها ومقفش جنبها ولا اردلها الجميل...

هتفت بتهكم قائلة: وأنت سيد من يرد الجميل..
جز فوق أسنانه وهو يقترب منها، ابتعدت عدة خطوات للخلف قائلة بتحذير: متقربش، هاصوت..
صدح صوت والدها بقوة: تصوتي ليه يا مريم، عاوز يعملك إيه وأنا أسجنه.
التفت عمرو ليقول بغيظ: تسجيني علشان بقرب من مراتي!
صحح له شريف بضيق: لسة مبقتش مراتك، ده انتو حياله مكتوب كتابكوا..

وقفت بجانب والدها قائلة: هاصوت يا بابا علشان مضايق مني أني بعاتبة في ست ريتا صحابته، وقال إيه عزمها على عيد ميلاد ندى.
هتف والدها بابتسامة: مش قولتلك، القصة دي مش صداقة مصدقتنيش..
صفق عمرو ليقول: بس عرفت مين اللي مسخنك عليا، طلع الحج شريف، متشكر والله، بس أحب اقولك، بنتك دي أنا هاكمل وهاتجوزها، ومش هانوالك اللي في بالك..

استكمل حديثه ووجه لمريم: أما أنتي، أوصل لليفيل الوحش واتجوزك وأوعدك هاخونك بعدها..
غادر الشرفة وهو يضرب كفا فوق الآخر بتعجب، أما شريف احتضن مريم وربت فوق كتفيها قائلًا: يبقى يعملها وأنا أسجنه فعلًا، متقلقيش لازم نوريه العين الحمرا..

مشط شعرها بحنان ثم وضع تلك الفراشة الصغيرة ذات اللمعة البراقة بمنتصف شعرها، وفور انتهائه طبع قبله فوق جبينها مبتسمًا بحنان: خلاص خلصت، إيه رأيك..
التفت حول نفسها بحماس: شكرًا يا بابي..
جذبها عمار لأحضانه قائلًا: أحلى بابي بسمعها منك يا لولو..
دلفت خديجة وعلى وجهها علامات الغيظ من زوجها وإيلين لتقول: لو خلصت أنا عاوزه حد يقفلي السوستة بتاعت الدريس علشان البس الطرحة...

نهض عمار وهو يجاهد كتم ابتسامته قائلًا: إيلين اقعدي جنب سيف لغاية ما أساعد مامي..
ذهب خلفها واغلق الباب خلفهم، فقالت بضيق بالغ: اقفلي البتاعة دي لو سمحت..
اقترب منها بخطوات بطيئة ثم رفع يده ولمس بشرتها الناعمة فسرت رجفة بجسدها تجاهلتها بقولها الحاد: عمار..
رفع أحد حاجبيه مستنكرًا نبرتها ليقول: نعم، في إيه، لو مبقتيش كويسة معايا مفيش عيد ميلاد بنت صاحبتك، وارجع في كلمتي في ثواني..

التفتت ترمقه بغضب: وتكسر قلب إيلين وسيف عاوزين يروحوا يفرحوا..
هز كتفيه بلامبالاة قائلًا ببرود: وإيه يعني، عيالي وأنا هاعرف أراضيهم كويس..
اقتربت منه بخطوات بطيئة واختصرت المسافة بينهم، مدت أصابعها نحو أزرار قميصه تعبث بهم وهي تقول بدلال ونبرة ماكرة حاولت إخفائها: طيب يرضيك تكسر بخاطري أنا..
حاوط خصرها وشدد عليه قائلًا بمكر مماثل: لا ازاي خاطرك ده كبير اوي عندي..

جعدت جبينها قائلة بحنق: ولما خاطري كبير ليه تهملني يا عمار، ده كله علشان شركتك دي، انا فين من حياتك، يومك متقسم بين شغلك وبليل تلعب مع إيلين وسيف وتنام...
قاطعها مصححًا: باخد مين قبل ما أنام في حضني علشان أفضل حاسس بوجودها في حياتي، بشوف مين قبل ما أغمض عيوني، أنتي طبعًا، خديجة أنا عارف أن مقصر بس غصب عني، أنا بقيت مسؤول عنك وعن ولادنا وكمان مامتك وأخواتك..

قاطعته بحرج قائلة: قولتلك أنزل اشتغل و اساعد في المصاريف، لو مصاريف أمي وأخواتي أنت مالكش تتحملهم.

تقلصت ملامحه بغضب وهو يقول: مش أنا اللي مراته تنزل تشتغل وتتهان علشان تساعد في مصاريف، أنا لو هانحت في الصخر بأيدي و أسناني ومنزلكيش تشتغلي، وبعدين يا هانم أنا قادر اصرف كويس، أنا بس بعرفك المسؤولية، وان بحارب علشان اعيشكوا في مستوى أحسن، وبموت نفسي في الشغل علشان أخذ صفقات كتير، وآخر حاجة خالتك دي أمي وأخواتك اخواتي الصغيرين، انا ماليش عيله وانتو عيلتي، بلاش كلامك ده يتكرر تاني.

ادراها بضيق ثم اغلق السحاب بعنف والتفت ليغادر الغرفة، وقفت هي أمام الباب تمنعه من الخروج قائلة بأسف: أسفه آوي، متزعلش مني، أنا قولت كده علشان عاوزك معايا أكبر وقت ممكن، أنا بقيت أغير من إيلين وسيف والشغل.
تنهد بضيق ليقول: على طول بتعصبيني بكلامك اللي مالوش لزمه ده..
زمت شفتاها بضيق مماثل لتقول وهي تقترب منه: أنا بصالحك على فكرة...
عانقته بغنج فابتسم بمكر: شكلك مش عاوزانا نحضر أي حفلة لصاحبتك دي..

ابتعدت عنه قائلة برجاء: لا يا عمار وحياتي كده تقول عليا إيه، كل مرة بتحجج بحجج شكل!
ضحك بخفه قائلًا: وماله، الفستان يا ديجا محتاج يتظبط...
قاطعته بنبرة مرتفعه: لا، أبدًا مايحصلش..
جذبها لأحضانه: متأكدة، هايفوتك حاجات كتير..
ابتسمت بدلال يتخلله رجاء: وحياتي يا عمار، خلينا نروح ولما نرجع تشوف حكاية الفستان ايه..

اقترب منها يلثم ثغرها بحنو، يطبع فوقه قبلات ناعمة هادئة لعلها ترجع عن قرارها، ولكن حتى ان تراجعت هي تحت سطوة عشقه، هناك شخصان يرفضان ذلك بشدة، خرج صوتهم الطفولي المعترض من خلف الباب..
إيلين بضيق طفولية: بابا ماما، يالا بقى.
سيف: مماماا..
ابتعد يهمس بحب: يالا لو قولتلهم مفيش مرواح هايجننوني عياط ونكد.

خدي يا تيته ارقيه كده، يمكن ربنا يهديه..
تناولت الجدة أنس ومسدت فوق شعره وظهره بحنان، تمتمت ببعض الآيات القرآنية، استكان الصغير بين يديها فقال فارس بهمس: يارا الواد ده ملبوس..
لكزته في مرفقه: بس بقى، ملبوس إيه، أي طفل صغير يسمع القرآن والآدان يقعد ساكت..
ضحك بخفه قائلًا: بقيتي مامي آوي في نفسك.

ابتسمت بمكر وهمست بطريقة تمثيلية حتى تقوم بإغاظته: عارف أنا قررت أجيب بيبي كمان، الحوار طلع لطيف وظريف..
اتسعت عيناه رعبًا: أبدًا وربنا، أنا كده فلة بأنس حبيب بابا، الواد خلاني أكره الخلفة، بس يا حبيبتي قرار مرفوض أصلًا.
التفتت لتجادله، فقال غامزًا: لينا بيت نتناقش تحت وبعدين يا بيبي النقاش مينفعش قدام حد، أي نقاش بين أي زوجين لازم يكونوا لوحدهم..

هتفت بغيظ: ويا ترى ليه يا فارس، تحب اقولك ليه، علشان بتنفذ أفعالك الدنيئة ومبتخلنيش أكمل..
حرك حاجبيه بسرعة ليقول وهو يقصد أغاظتها أكثر: وأنتي الشهادة لله ما بتصدقي أصلًا.
ودت أن تقتلع رأس ذلك المستفز دومًا بحديثه ذلك وإجابته التي تشعل فتيل الغضب لديها، التفتت على صوت جدتها: يارا خدي أنس نام أهو، اقريله قرأن على طول وربنا يهديه إن شاء الله.

أخذت منها أنس ثم وضعته برفق بين يد والده تحت صدمة فارس وهو يقول: لا بلاش، ده عيل ابن ***، وممكن يعمل عليا بيبي يبهدلني..
آمال أنت بابا ببلاش، وبعدين عادي البيت تحت أبقى أنزل غير، أنا لازم أساعد ندى.
تركته وغادرت أما فارس فكتم غيظه وضيقه، متسمرًا مكانه حتى لا يقلق حضرة النائم، جلس عمرو بجانبه ومسد فوق شعر الصغير الكثيف: يا بختك يا أنس نايم كده ومش شايل هم الدنيا، ودماغك فاضية..

ظهرت ضحكته التهكمية: نق يا أخويا، خلية يصحا يفتح ويعيط وربنا ما نعرف نحتفل منه ولا نقفله...
طب والله انتوا ظالمين أنس حبيب خاله، أنا وهو بنحب بعض آوي.
هتف فارس مؤكدًا وهو يهز رأسه بموافقة: صح يا عمرو هما الزنانين والمفترين يحسوا ببعض كده..
رفع عمرو أصبعه قائلًا برفض قاطع: لا هو زي في الحلاوة، في الفرفشة، لكن النكد هو طالع لمالك أخويا..
ضربه مالك بقوة أسفل رأسه فقال عمرو بصياح: أي، قفايا ورم يا مالك..

قوم ياض ساعدني في ترتيب السفرة، مش أنا نكدي، أنا بقي هاكدرك انهارده..

راقبت ضحك أخواتها بأعين شاردة في اتخاذ أهم قرار في حياتها، منذ أن أتمت مرحلتها الثانوية ونجحت بتقدير عال والتحقت بكلية طب أسنان، كما كانت تتمنى، تغيرت قليلًا منذ أن نضجت ونضج تفكيرها، يومًا بعد الآخر تكتسب خبرة جديدة وحكمة تجعلها أكثر نضوجًا، لم تعرف سبب رفضها لمازن، رغم أنها مازالت تشعر اتجاهه بالحب، ولكن شيء ما يجعلها ترفض تحت بند استكمال دراستها، لم تحاول الحديث معه، تقطع كل الطرق عليه، تعجبت عائلتها من رفضها ولكن مالك دومًا يعطيها حرية القرار وساعدها في ذلك بعض صديقاتها وشجعوها على قرارها ذلك وحثوها استكمال دراستها والعمل بشهادتها فالزواج من وجهة نظرهم يمثل عائقًا كبيرًا أمام أحلامهم اقتنعت بسهولة بحديثهم وقررت التأجيل في أمر خطبتها من مازن، تحت اعتراض والدتها..

استفاقت على لكزات ماجي لها: إيه سرحانة في إيه يا دكتورة..
هزت كتفيها بلامبالاة قائلة: مفيش عادي.
زمت ماجي شفتاها بضيق: مازن كلمني، وقالي اشوف اخرتك ايه، انا شايفة انه ابن اصول وطلع راجل وبيحبك، واستحمل علشانك كتير، واستناكي ايه سبب رفضك ومتقوليلش حكاية الدراسه وابني كيان ومستقبل..
قاطعتها ليله قائلة: اه يا ماما فعلا عاوزة ابني كيان ليا، ايه الغريب في كده!

اقولك انا ايه الغريب، انك مذبذبة وملمومة على شوية بنات معقدة، وتستاهلي بقى لما يطير منك ويتجوز ويستقر، فين هتلاقي حد بيحبك كده، ومستعد يعمل اي حاجة علشانك، انا اتجوزت ابوكي وانا اخر سنة في الكلية وخلفت مالك وربتكوا ونزلت اشتغلت شوية وبعدها قررت اقعد واكمل حياتي معاكوا، قررت ابني كيان بجد، حتى بعد ما ابوكي مات فضلت مكملة واديني اهو بجني البذرة اللي زرعتها فيكوا، وبشوف الاساس اللي عملته بقى كيان واسرة كبيرة وفخورة بيكواا، ابعدي عن البنات دي، سها صاحبتك قالتلي عليهم..

نهضت ليله بضيق: ماما لو سمحتي انا مش صغيرة علشان تسألي من ورايا اصحابي، ولا انا صغيرة علشان متحترميش قراري..
نهضت والدتها وهتفت بنبرة خافتة تحمل التحدِ: ماشي يا ليله براحتك اولعي، وانا هابلغ مازن قرارك، وهو يشوفله واحدة بنت حلال تستاهله..
هزت كتفيها بلامبالاة ظاهرية رغم الغضب الذي بدأ في التوهج بداخلها: براحته حضرته...

وصل عمار وخديجة واجتمعت العائلة بأكملها حول المائدة، فقاطعهم صوت ندى وهي تقول: انكل شريف امال فين طنط سوزان..
رفع شريف رأسه ليقول: والله ما عارف يا ندى المفروض قايللي انها جاية.
مال فارس على مالك ليقول بنبرة خافتة: مين طنط سوزان دي!، دي تبقى بنت خالته صح؟
هز مالك رأسه: اه واخته في الرضاعة علشان انا عارف دماغك بتحدف فين..
مط فارس شفتيه قائلًا: آه ياعني مش هانوفق راسين في الحلال..

ضحك عمار قائلًا: بقى اسمه فارس الخطبة..
ضيق فارس عيناه قائلًا: انت رامي ودانك معانا!
ابتسم عمار باستفزاز: لا حضرتك انا قاعد في النص ما بينكوا، غصب عني لازم اسمع، وبعدين انا جوعت خديجة مجوعاني من الصبح.
اغلق مالك الهاتف ليقول: طيب اصبروا ثواني كدة بس.
زفر فارس بضيق: مين تاني فاضل ما كلنا موجودين..
اقتربت ندى قائلة: مالك ايه ده كله الضيف بتاعك مجاش..

دلفت للمصعد وقبل أن تضغط فوق رقم الطابق، سابقها ودلف رجل في العقد الخامس، رفعت رأسها تسأله بهدوء: حضرتك طالع نفس الدور ولا أغير..
رد بهدوء: لا نفس الدور..
هزت رأسها، انطلق المصعد فور الطابق المنشود، لاحظت تشنج جسد الرجل وملامح وجهه المقتضبة، فكرت للحظات أنه مقبل على جريمة قتل أو شجار مع أحدهم، انتبهت على وصول المصعد خرجت وهو خلفها، قرأت اللوحة المعدنية الموضوعة بجانب الباب ( مالك الفيومي)..

تنهدت بارتياح وتقدمت صوب الشقة لاحظت تقدم الرجل خلفها، التفتت نحوه تستفهم: حضرتك داخل نفس الشقة..
رد بضيق: آه دي تبقى شقة ابن أختي، أنا أبقى خال مالك، وحضرتك..
قابلت ضيقه غير المبرر من وجهه نظرها بابتسامة وهتفت: أنا أخت شريف صديق عائلة مالك، هي لفة طويلة كده..
هز رأسه متفهمًا: آه مدام سوزان، سمعت عنك من ماجي، تفضلي..

لاحظت لين ملامحه، فحركت رأسها بإيماءة وتراجعت خلفة: رن أنت الجرس بقى، أنت أقرب ليهم مني..

شرد للحظات في جملتها، توقف عندها مفكرًا هل هو أقرب إليهم بالفعل، أم انتقامه وغضبه وكره منها جعله يبتعد عنهم، ويبتعد عن دوره الأساسي نحوهم، دقائق معدودة وفتحت ندى الباب وعلى وجهها ابتسامة عريضة تلاشت تدريجِيًّا فور رؤية خالها، رمقها بنظرات غير مفهومة، نظرات وحده هو من يفهمها، توقف العالم حوله لثوان، حاول فيهم جاهدًا نطق ما حاول مالك تدريبه عليه، بعدما أخيرًا قرر التخلي عن عناده والاستماع لأحد، أقنعه مالك من جميع الجهات واستطاع اللعب على أوتاره، أفسحت ندى له المجال فدلف هو للداخل بجسد متشنج هاتفًا بنبرة رغم خفوتها إلا أنها اخترقت أذنها وجعلتها في حالة غير عادية من الاندهاش، ( أزيك)، كلمة ليست الا كلمة ولكن كانت تحمل العديد والعديد من المشاعر، وحدها هي من تستطيع تفسيرها وتفسير مشاعره المضطربة، استفاقت بعدها عندما وجدت سوزان تحتضنها: وحشتيني يا ندوش..

قابلت عناق سوزان بأخر مضطرب، رحبت بها بلهجه مهزوزة وقبل ان تدلف خلفها اوقفها مالك ضاغطًا فوق يدها بحنان: انتي كويسة، زعلتي اني عزمته..
هتفت غير مصدقة: قالي ازيك...
رفع احد حاجبيه مستنكرًا رد فعل خاله البسيط، رغم انه دربه كثيرًا على هذا اللقاء واخبره ان يعانقها و يغدقها بكلماته الحنونة، ولكن خاله خالف توقعاته، استفاق على سؤالها: هو انت عزمته!، وهو وافق على طول..

هز مالك رأسه: اه، يعني قولت اعزمه عادي واهو جه.
ابتسمت بسعادة: مش مصدقة.!.
وفي نفس الثانية تلاشت ابتسامتها: اه بس هو تلاقيه جاي علشان خاطرك، وكمان تلاقيه قالي ازيك علشان طنط سوزان كانت وراه، يالا ندخل ليهم عيب نسيبهم لوحدهم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة