رواية نستولوجيا للكاتبة سارة ح ش الفصل السادس عشر
تبعثرت خطواتها وهي تسير بشكل عشوائي لا تعرف حتى من اين عساها أن تخرج. تشوشت الاصوات من حولها ولم تعد تسمع سوى صوت انفاسها المتثاقلة تكاد تنعدم.
بدأت الارض تميل من تحتها وكأنها على وشك سحبها ودثرها عن هذا العالم كله.
لا يبدو إن أحد قد لاحظها. تلك الفتاة ذات الجسد الضئيل والعيون الباكية!
كانت خطواتها رغم ضعفها إلا أنها سريعة فلم تستطع روان مجاراتها وهي تنزل السلم تريد الخروج من هذه المستشفى التي تزيدها اختناقاً بأنين مرضاها ورائحة ادويتها.
اول ما تخطت باب المستشفى ولفحها هواء الطبيعة اخذت نفساً عميقاً وكأنها كانت تحت عمق البحر والان فقط تنفست. واول ما فعلت هبطت على ركبتيها والصقت صدرها بهما وهي تغطي وجهها بكلتا يديها لتجهش ببكاء قوي لم تعد تملك السيطرة عليه أو إدعاء القوة اكثر من ذلك!
اسرعت روان اليها تهتف بأسمها تحت انظار المارة اللذين يحدقون بها ما بين مُتساءل وما بين مشفق وهو يظن انها فقدت عزيز عليها. لم يدركوا أنها فقدت نفسها هي!
احاطت روان كتفيها تساعدها على النهوض وهي تقول لها بغصة:
- دعينا نذهب لمكان اخر حبيبتي. ارجوكِ!
رضخت لها من غير أي مقاومة وهي تجر قدميها خلفها بصعوبة لتسير معها نحو مسطبة في حديقة المستشفى معزولة بعدة اشجار بعيداً عن الانظار.
حاولت روان اجلاسها على المسطبة ولكن ما كان يعتمر داخل صدر ليلى من ألم جعلها ترفض احاطة نفسها بالهدوء لذلك كان التحرك بشكل عشوائي ذهاباً واياباً الطريقة الوحيدة لتهدئ من روعها وتخمد تلك النار التي تزيدها اشتعالاً.
قالت روان بعد لحظات والقلق يعتصرها من حالة الانهيار والبكاء التي تعيشها ليلى: - عليكِ أن تهدأي يا ليلى. لا يزال الامر في بدايته ولا زلنا لم نرى نتائج العلاج. ربما سيجدي نفعاً!
نظرت لها بعصبية وهي تقول: - اوه حقاً؟ اعطني اسم شخص واحد فقط مصاب بسرطان لعين في رأسه وشُفي منه؟
تأتأت روان باشباه جمل فقاطعتها ليلى مرة اخرى: - اعطني اسم شخص واحد على ارض الواقع وليس بعالم الانترنت مصاب بهذا المرض في رأسه وقد عاش؟!
فقالت روان بانفعال مماثل تحاول اخراجها من حالة اليأس هذه بأي طريقة: - في بلدان اخرى هنالك من نجا. يمكنكِ أن تسافري.
- ألم تسمعي ما قاله الطبيب حول مكان الورم؟ ألم تسمعي خطورة استأصله وأنهم سيعتمدون على العلاج الاشعاعي فقط؟!
ثم صرخت ببكاء:
- العلاج الاشعاعي الذي سيجعلني بشعة. سيسقط لي شعري ويسلب الحياة من جسدي وبشرتي. سيجعلني اعيش بجسد ميتة مخيف!
اسرعت روان اليها فوراً واحاطت وجهها بكلتا يديها بقوة وهي تقول:
- انه مجرد احمق غبي. لا تبالي بكلامه. سوف تشفين صدقيني!
انزلت ليلى يديها منها وهي تقول ببكاء:.
- تعلمين إني لن اشفى. تعلمين إني سأموت!
- كلنا سنفعل ليلى!
فضحكت ساخرة بمرارة: - اوه ستصبحين الواعظة الفيلسوفة الان!
ثم انهارت فوق المسطبة وهي تبكي اكثر بينما تقول: - قبل بضعة اشهر فقط حاولت الانتحار. حاولت أن اموت. فلماذا لم يجعلني اموت حينها أن كان قد قرر موتي قريباً على اية حال؟!
ثم صرخت بأنفعال: - لماذا لم يجعلني ارحل بإرادتي؟ أم إنه يريد أن يبين أنه صاحب السيطرة فقط؟ يريد أن يثبت لي إني مجرد حشرة لا رأي لها؟!
وضعت روان يدها على فم ليلى وهي تنظر لها بنظرة اقرب الى الزجر وهي تقول: - حاشاه أن يفعل ذلك. لا تتحامقي في الكلام!
انكسرت نظرات ليلى بحزن اكثر وهي تجد نفسها يائسة ومنبوذة من الحياة كلها وحتى من الرب. انزلت روان يدها ببطئ عن فمها وقالت بابتسامة بينما تمسح شعر ليلى: - لا شيء يحصل عبثاً يا ليلى. لا شيء!
نظرت لها الاخرى بضعف فأكملت: - لو إنك متِ في يومها ما كنتِ ستتعرفين على مازن. ولظل طوال حياته ذلك العاشق البائس الذي يراقبني ويتألم. ولربما كان سيرتبط بفتاة اخرى ما كانت ستتصرف معه مثلكِ. كانت ستحبه وستطالبه بالحب ولن تتفهم حقيقة أنه مجروح وستتهمه بالخيانة. أما أنتِ فلقد شفيتِ له كل جروحه يا ليلى وجعلته يشفى مني. جعلته يصرف انتباهه عني لينشغل بغيري لاول مرة.
تبسمت بحزن واكملت: - نعم هذا اصابني بالغيرة كثيراً. ولكنه ارضاني من إنني سأطمئن عليه. هناك من سيعيد له الحياة بعد أن سلبتها منه أنا بحماقتي!
زادت ابتسامتها اكثر وهي تقبض على يد ليلى بينما تكمل: - لو إنكِ متِ في ليلتها ولم ترتبطي بمازن لجاء الى حفلة اسرة يزن بمفرده. ولقضيت الحفلة كلها كالعادة برفقته دون حتى أن أنتبه لغياب اياد، بل وكان سيسعدني غيابه لأني سأبقى برفقة مازن. ولما كنت سألاحظ غيابه حينها فأكتشف خيانته لي ولما كنت سأنفصل عنه ربما!
قالت وهي تلاحظ أن كلماتها بدأت تؤثر على ليلى:.
- لو إنكِ متِ بذلك الشكل المفاجئ وعاد يزن من سفره ووجدكِ ميتة ما كان سيتمكن من تقبل هذه الصدمة. أما الان فسيتمكن من استيعابها بشكل تدريجي.
حدقت ليلى بنقطة امامها بصمت تستمع لبقية حديث روان الذي اطفئ قليلاً تلك النار التي بداخلها:
- الموت ليس بشع بهذه الطريقة. ومرضكِ ليس بشع ايضاً كما تتوقعيه. أن الله يبلغكِ به قبل اوانه كي تستعدي.
نظرت لها بعيون دامعة لترد:.
- أن يخطفكِ الموت بشكل مفاجئ ستموتين لمرة واحدة يا روان، ولكن حين يحدد موعد قدومه ستموتين كل يوم وأنتِ تعدين العد التنازلي بأنتظاره.
- بالعكس. لا تنظري له من هذه الزاوية. الامر مشابه بموعد نوم طفلين. احدهما ستدخل امه عليه فجأة لتطفئ التلفاز والانوار وتتركه بحالة فوضى لم ينجز ما كان يخطط لفعله وتجبره على النوم فوراً. واخر تخبره إنه تبقى له ساعة على الموعد، سيكمل لعبته. ينظف اسنانه. يرتب فراشه جيداً. يرتدي ملابس النوم المفضلة لديه. ويتدثر تحت غطائه كما يحب منتظراً قدوم والدته لتطفى النور كي يغط بالنوم مبتسماً بعد أن انجز كل ما اراد.
بقيت تحدق بعينها بذهول لتكمل روان بنبرة عطوفة:
- الله يعطيكِ فرصة يا ليلى. يخبركِ أنه أقترب موعد اطفاء الاضواء. حققي كل ما قمتِ بتأجيله. عيشي كل لحظة من غير أن تضيعيها. أنه يعطيكِ الفرصة لتنجزي كل اموركِ التي تركتها جانباً.
وضعت يدها على خدها المبلل بالدموع برفق وقالت:.
- بعضنا يُخلق في هذه الحياة ليعيشها يا ليلى. والبعض الاخر يُخلق ليساعدنا على عيشها. يكون اشبه بالملائكة أو بالبطاقة الرابحة في اللعب. سينجز مهمة ويرحل. سيترك اثر في حياة المحيطن به. أنه مولود كي يسد تلك الثغرة التي بحياتنا ويعيش بنا الى الابد. أنتِ هذا النوع يا ليلى. هذا المغزى من حياتكِ. الله لم يخلقكِ عبثاً بل لتنجزي شيئاً. فلا تقضي ما تبقى لكِ وحيدة بائسة تندبين حظكِ. فأنتِ محظوظة بالفعل، لقد منحكِ الله حب يزن لتعيشي بسعادة طوال تلك السنوات ولا يحرمكِ بشكل نهائي من أي راحة ومن ثم سلبه منكِ لتبدأي انجاز ما خلقكِ من اجله، لتغيري حياتنا نحن!
تبسمت ليلى باستغراب فقالت روان وهي تبادلها ابتسامتها:
- ماذا هناك؟!
فردت الاخرى ولا تزال البسمة تعتلي وجهها:
- كل ما في الامر إني سألت الله سؤالاً قبل فترة.
- سألته ماذا؟
- لما جعلتني اقع بحب يزن إن لم تكن قد جعلته من نصيبي؟ ، وأظنكِ أجبتني عن سؤالي. أو بطريقة اكثر دقة أجابني هو من خلالكِ ولم يتجاهلني. جعلني التجئ اليكِ دون الجميع لتكتشفي مرضي. لتخوضي معي هذا الحديث!
- أرأيتِ! ربما لو لم تعرفي يزن لأحببتِ مازن. ولو كنتِ أحببته ما كانت ستنجح علاقتكما وهو يشعر إنه مجبر أن يحبكِ. أما الان فغموضكِ وهدوء مشاعركِ جبره أن يُعجب بكِ.
تبسمت ليلى هذه المرة بطريقة اقرب الى الضحك وهي تجفف دموعها قائلة:
- وهذا سؤال اخر سألته له. اخبرته إنك تعلم إني احاول أن احب مازت ولا استطيع فلماذا؟!
فق
- حسناً ماذا افعل يا عزيزتي. أنا امرأة مباركة أسمع وحي الرب.
نظرت لها ليلى بنظرة جانبية وهي تقول ساخرة:
- حسناً ايتها القديسة لا تبالغي!
ضحكت روان وقالت:
-اجل هذه هي ليلى التي اعرفها. سليطة اللسان وعديمة الاحساس.
وفجأة ومن دون توقع كلتاهما وجدت ليلى نفسها ترتمي على روان لتضمها بوة وهي تهمس لها بأمتنان قائلة:
- شكراً لكِ روان. شكراً لكِ كثيراً. لا تعلمين كم عنت لي هذه الكلمات!
تجمدت روان للحظة قبل أن تستوعب ما حصل ثم تبسمت واحاطت ليلى بذراعيها بدورها وهي تقول:.
- لا داعي لذلك. أعتقد إننا تخطينا مرحلة الشكر بعد الحروب التي خضناها!
ضحكت ليلى وهي تجفف ما تبقى من دموعها وحدقت داخل وجه روان لثواني ثم قالت:
- أظن إني أدركت لمِا يحبكِ بهذا الشكل. ولما لا يستطيع نسيانكِ!
تورد وجه روان بخجل وقالت بتلكأ محاولة فاشلة منها لتغيير مجرى الموضوع:
- حسناً. أ. أظن إنه يجب أن نذهب الان قبل أن تتأخري عن الجامعة!
تبسمت ليلى وهي تدرك الامر وقالت بينما تقف وتسحب حقيبتها:.
- أذهبي أنتِ الى عملكِ ولا تشغلي بالكِ بي، ما قلته لي جعلني أعيد التفكير بعدة اشياء. لذلك هنالك مشوار ضروري على الذهاب اليه اليوم قبل أن أغير رأي لاحقاً.
وودعت روان ورحلت قبل أن تترك لها فرصة اقناعها بتوصيلها. فقرارات كهذه لا يجب التفكير بها مرتين!
طُرق الباب مرة ومرتين وثلاث قبل أن يترك مازن ذلك النقاش الحاد منذ الصباح بين امه واخته حول امر سفرها من اجل الدراسة وهو يحاول بعجز حله ويفشل، زفر بضيق وتركهما حتى لو كانا سيقتلان بعضهما الاخر فلن يبالي الان من شدة التعب وخرج ليفتح الباب. انفرج حاجبيه المقطوبين فجأة وهو يجد ليلى تقف عند عتبة بابهم.
تبسمت بضعف رغم ما لاحظه في عينيها من ذبول تركه بكائها الحديث وقالت:
- مرحبا.
رد بارتباك:.
- أ. اهلاً. ماذا تفعلين هنا؟!
ثم اردف موضحاً باستعجال:
- أعني. هل هناك سبب لقدومكِ؟
ثم اردف في الحال مرة اخرى وهو يحاول توضيح غبائه الذي يتفوه به:
- ما اعنيه إني متفاجئ. لم اتوقع قدومكِ. بالطبع سعيد. أعني ليس سعيد وكأني لا اصدق إنكِ.
رفعت حاجبها بتهكم وهي تكتم ابتسامتها بصعوبة بينما تقول مقاطعة حديثه:
- أتعلم. جعلتني أشك إنك تخفي عشيقتك داخل المنزل من ارتباكك هذا!
تبسم بدوره وهو ينتبه على نفسه ثم اغلق الباب كي لا يصلهما صوت امه واخته الذي بدأ يعلو وقال:
- لا انصحكِ بالدخول الان. دعينا نجلس في الحديقة المقابلة لنا.
اومأت موافقة وهي تقول:
- هذا سيكون أفضل للجميع.
كان منظره لطيف حقاً وهي تراه للمرة الاولى بملابسه المنزلية. كان يرتدي بنطال قطني رمادي اللون وفانيلا بنصف اكمام من ذات اللون ايضاً. رغم ما يمكله مازن ما جاذبية وطيبة قلب ورغم حبها له واعجابه به، ولكنها لم تتمكن أبداً من حبه اكثر من كونه مجرد طفل صغير يكبرها سناً مضطرة ان تعتني به دائماً. كصديق أو كأخ. ولكن لا يمكنها ابداً حبه اكثر من ذلك. ولا يمكنها بالوقت ذاته تركه وجرحه. انه متاهة يحيرها بأمره بالفعل!
جلسا هلى المسطبة في الحديقة العامة المقابلة لمنزله وشغلا نفسهما بمراقبة الاشجار من حولهما التي تتراقص مع الهواء الخفيف محولين اهتمامهما للطبيعة وتجاهل بعضهما الاخر، قطع مازن هذا الهدوء وهو يقول:
- إذاً انسة ليلى. ما الذي دفعكِ لهذه الزيارة المفاجئة؟
نظرت اليه وقالت بندم:
- انا اسفة. موقفي وكلامي البارحة كان ساذج وعديم الاحساس وغبي.
مد يده على جبينها فوراً يتلمسه ثم أمسك معصمها يقيس نبضاتها تحت نظراتها البلهاء بدهشة وقال مدعياً الجدية:
- هل انتِ بخير حبيبتي؟ هل حصل لكِ شيء؟ هل تلبسكِ عفريت صالح أو ما شابه؟!
ضحكت بضعف وهي تضربه على كتفه قائلة:
- كنت اعلم انك لا تستحق الاعتذار. ولكن حاولت أن اتصرف بأخلاقي.
- أشك إن هذه اخلاقكِ عزيزتي. لا بد إنكِ استعرتها من إحدى صديقاتك.
تبسمت وهي تنظر له بنظرة تمزج ما بين الألم والامتنان فقال فوراً:
- حسناً دعي عنكِ نظرات الطفل الوديع هذه. تعلمين إني ضعيف امامها.
رفعت يدها لتستكين فوق خده وقالت بجدية تامة وصدق لا يشوبه اي منعطفات ذات اوجه عديدة للتفسير:
- لقد اتخذت قراري يا مازن.
- بخصوص ماذا؟!
- أنا. أنا وأنت. دعنا نبدأ صفحة جديدة.
نظر لها من غير ان يستوعب حقاً ما يسمعه فأكملت هي ودمعة ثقيلة تهطل من عينها:.
- ولكن ليس كخطيبين، وليس كحبيبين. إنما كاصدقاء.
قطب حاجبيه بعدم فهم لتكمل هي بفك مرتجف ودموع اخرى تسقط:
- لا تزال تحبك يا مازن!
ابعد يدها بنفور عن خده ونهض بعصبية قائلاً:
- ما هذا الهراء الذي تتفوهين به؟ أهذه هي الصفحة الجديدة التي تريدين أن نبدأها؟ كل ما تفعلينه هو رسم النهاية لحياتي معكِ وأنتِ تعتقدين إنكِ ستسدين لي معروفاً أن ترتكني وجعلتني أعود لها.
نهضت من مكانها وهي تقول له بذات الانفعال والبكاء:
- أنت ايضاً لا تزال تحبها فلا تكابر
- الحب ليس كافياً يا ليلى.
فصرخت به بألم:
- بل كافي!
هالهُ هذا الانهيار الذي تتحدث به فلم يتفوه بحرف اخر بينما استغلت هي لحظة ضعفه واصغائه لتحوط وجهه بكلتا يديها وتقول له بابتسامة مترجية:.
- الحب اكثر من كافي ليقتلك. ولكنه اكثر من كافي ايضاً ليجعلك سعيداً. اي عقاب ستعاقبها به دون أن تؤذي نفسك؟ ألا تجد إنكما عانيتما ما فيه الكفاية؟
ثم هزت رأسها برفض وهي تقول:
- أنا لا اجبرك على شيء. أنا مجرد أريدك أن تقضي هذه الشهور برفقتي. أن ترى الحياة معي. وتعيشها معي. أن أنسيك جرحك منها وتنسيني أنت كل ما يؤلمني، وأن لا تنظر لغيري. كي لا تقع بغرام غيرها...
ثم قالت بابتسامة أوسع ودموع اكثر:.
- دعنا نعيش وكأننا سنموت غداً يا مازن. دعنت نتقبل حقيقة إننا جميعاً بشر وجميعنا نخطئ. ولا بأس بذلك. فالمسامحة وجدت لأن الخطأ وجد. فمتى ستستعملها إن لم تكن ستستعملها لتمحو بها خطأ؟!
أنزل يديها مرة اخرى عن وجهه وهو يقول بألم:
- أنا سأسامح يا ليلى. لأن المسامحة وجدت للخطأ. والغفران وجد للذنب. وما ارتكبته روان بحقي لم يكن خطأ إنما ذنب. وأنا لست الله لأغفر.
عادت لتحيط وجهه مرة اخرى بعناد وهي تقول بنبرى حانية:
- أنا اعلم إنك مجروح وأنها آلمتك. ولكن اعلم إنك ستتألم اكثر بأبتعادك عنها.
نظر لها بحيرة وهو يقول:
- لِما تفعلين ذلك؟!
تبسمت وهي ترد:
- أحدهم قال لي أن كل شيء يحصل لسبب. واليوم أنا ادركت اسباب قدري. ادركت لِما لم يجعلني الله اموت في ذلك اليوم. ادركت لما حصل لي مؤخراً ما حصل.
- ماذا تعنين؟
- احياناً نحن نتساءل ما الجدوى من حياتنا؟ ما الذي نفعله بهذه الحياة؟ وكأن لا اهمية لنا. اليوم اكتشفت يا مازن هذا الامر. اكتشفت ان الله يخلق بعضنا لا ليعيش حياته. إنما ليترك اثراً في طريق غيره ولا يشترط أن يصنع طريقه الخاص، بعضنا يكون كالاضحية لينعم الكثير بالسعادة، ومن ثم يرحل بهدوء. اليس هذا الشيء رائعاً؟ ان تغير حياة إنسان؟!
احاط وجهها بيديه وهو يقول بقلق:
- ما الذي حصل لكِ فجأة يا ليلى؟!
- أريد ان اراك سعيداً. أريد أن أصلح حياة الجميع من حولي بدل أن نكون جميعنا بائسين. على الاقل دع واحد فينا يكون كذلك بدل أن نندب جميعنا حظنا. لذلك اريد رؤيتك سعيداً حقاً.
اراد ان يتكلم فقاطعته فوراً وهي تدرك ما الذي سيقوله:.
- وسعادتك ليست معي. من المستحيل أن تكون معي، ومن المستحيل أن تنساها صدقني. لذلك لا تكابر، ارجوك! أنها ايام تمضي من عمرك ستندم عليها لاحقاً حين تجد أن الاوان قد فات وأنت لم تستغلها.
ثم قالت بوجع:.
- تخيل أن يردك اتصال الان يخبرك ان روان قد تعرضت لحادث ماتت على اثره. أما كنت ستعيش طوال حياتك في حداد عليها؟ اما كنت كل يوم ستتمنى لو إنك ضممتها بقوة للمرة الاخيرة، لو إنك استنشقت عطر شعرها. لو إنك اخبرتها كم انت تحبها؟، اما كنت ستتمنى لو إنك سامحتها ببساطة وعشتما اخر ايامها سوياً من غير أن تفارقها ولا لحظة؟!
كان ينظر لها بصدمة وحزن وهو يشاهد كل هذا البكاء والانهيار وهي تتوسله، وفي الوقت ذاته بدأ يستوعب ما تقول. ماذا لو حصل فعلاً ما تقول؟ أما كان سيعيش حياته حقاً بندم؟ اشعرته كلماتها بالتشوش والحيرة اكثر فأدركت أنها اوشكت على الوصول لمبتغاها فتبمست بارتياح وهي تكمل بينما تحرك ابهامها بشكل دائري على خده شبه الملتحي:
- لن تخسر شيئاً أن سامحتها. ولكنك ستخسر الكثير إن لم تفعل!
قال بصوت ضعيف:
- وأنتِ؟!
رفعت كتفيها ببساطة وهي تقول:
- وما بي أنا؟ أنت لن تجرحني إن عشت معها. ولكنك ستجرح نفسك وتجرحها إن عشت معي، وايضاً أنا قد اعتزلت فكرة الزواج.
قطب حاجبيه باستغراب مع ابتسامة متعجبة فأكملت وهي تهز رأسها بثقة:
- أنا سأحقق أحلامي وأكمل دراستي وابني ذاتي بذاتي. لن اتزوج فقط كي لا يقول عني المجتمع عزباء. فالمجتمع لن يعيش معي ولن يبالي أن تركت كل شيء لأسلم من ملامته. هم سيتحدثون على اية حال.
أمسك رأسه مدعياً الصداع وهو يقول:
- يا إلهي! لقد عاد افلاطون للظهور مرة اخرى!
- ألم أكن سقراط اخر مرة يا ظريف؟
ضحك وهو يحوط عنقها من الخلف تحت ذراعه القوية وهو يقول بينما يقبل شعرها:
- سنؤجل موضوع روان يا ليلى. أتفقنا؟!
رفعت وجهها القريب من وجهه وقالت بيائس:
- لا أظن أن هناك الكثير من الوقت لنؤجل الأمر في كل مرة نحاول مناقشته.
- الحياة امامنا طويلة ولا زلنا فب مقتبل العمر. دعينا نؤجل الأمر الان. لحين تخرجكِ على الأقل وبعدها سنقرر.
وضعت رأسها على صدرها وهي تستمع لدقات قلبه المنتظمة بينما تقول بحزن ونبرة ضعيفة:
- بل الحياة أقصر مما تتخيل. حزننا فقط هو من يجلعها طويلة ورتيبة. فأول ما سنقبض على السعادة سنعرف كم سريعة هي حياتنا الى الحد الذي لا نملك الوقت لأستعادة الذكريات حتى!
همس بدوره بينما يتلاعب بخصلات شعرها بين يديه:.
- حين تتحدثين بهذا الشكل احياناً أشعر إن بداخلكِ عجوز مسنة تذوقت مرارة الحياة حد التخمة لدرجة إنكِ لن تجدي في أحاديثها اي طعم للحلاوة.
تبسمت بضعف من غير أن ترد بشيء. نوعاً ما هو يفهمها بشكل صحيح ما أن ترفع الغطاء عن روحها الحقيقية التي تخفيها تحت انقاض من اقنعة مزيفة ما بين سعادة وبرود.
عادت الى منزلها بعد مشوار طويل مع روان اولاً ومن ثم مازن.
فتحت الباب لتتفاجئ بوالديها قد عادا. بالكاد سيطرت على دموعها وهي تتقدم بسرعة اتجاه والدتها تضمها بقوة. تفاجئت جيهان من هذا الاشتياق بينما كانت متوقعة مشاجرة معتادة من ليلى على تركها بمفردها في المنزل.
- اشتقت لكما كثيراً.
قالتها ليلى بينما تضم نفسها الى امها اكثر لتضمها جيهان بدورها وهي تقول:.
- بالكاد مر يوم واحد على رحيلنا. توقعت أن لا تتحدثي معنا لأسبوع على الاقل بسبب بقائكِ لوحدكِ.
تبسمت وهي ترفع رأسها اليها وقالت:
- حسناً. هذا اليوم جعلني أعرف كم أحبكما بقوة.
بادلتها جيهان الأبتسامة وهي تقبلها من جبينها قائلة:
- وأنا أكثر طفلتي. أكثر مما يمكنكِ أن تتخيلي!
ابتعدت ليلى عنها قليلاً وهي تضع حقيبتها جانباً وتقول:
- وأين أبي؟!
- أنه في الحمام. جاء متعباً واحتاج الى حمام ساخن ليجدد نشاطه.
- وكيف هي خالتي؟
- الحمدلله إن عمليتها ليست بتلك الصعوبة وقال الطبيب أنها ستكون بخير بعدها.
ثم قالت بشيء من الأمتنان:
- ولكن أسعدني إنكِ سألتِ عنها.
ثم تغيرت نبرتها الى اللوم وهي تكمل:
- فالبارحة لم تكلفي نفسكِ حتى السؤال عنها حين أخبرتكِ بحادثها.
اتجهت نحو الثلاجة لتخرج لها تفاحة بينما تقول بمزاح:
- كلام الليل يمحوه النهار يا أمي. أي الأن عليكِ أن تفقدي الذاكرة.
فقالت جيهان تبادلها مكرها:.
- اتصدقين إنها فكرة رائعة! أي على أن انسى المال الذي اخذته منكِ الأسبوع الماضي!
فقالت ليلى وهي تراقص حاجبيها:
- لا تقلقي. لقد سجلته بمذكرة هاتفي والدفتر وكتبت لكِ ملاحظة على باب الثلاجة. أي في كل نهار ستتذكريه إن نسيته في الليل.
- يا إلهي. احياناً أشعر إني أتعامل مع يهودية على العقل التجاري الذي تملكيه إن كان الأمر يخص المال.
- على الأقل ورثت شيء منكِ لتتأكدي إنني أبنتكِ.
ضحكت جيهان ضحكة مزيفة وهي تقول:
- ظريفة حضرتكِ.
تبسمت ليلى رغم إنها لم تسمع جيداً ما قالته امها ولم تراها جيداً. عادت الارض لتختل من تحتها فجلست على اقرب كرسي قبل أن تنهار ويفتضح كل شيء. استمرت امها بالثرثرة وقص عليها اخر اخبار خالتها دون أن تسمع ليلى فعلياً جملة واحدة، وفجأة انتبهت جيهان لهذا السكون ولاحظت شحوب وجه ابنتها فأسرعت إليها فوراً وهي تقول بقلق:
- حبيبتي؟ هل أنتِ بخير؟.
تبسمت الاخرى بضعف وهي ترد:
- لا تقلقي. مجرد هبوط مفاجئ. لم أتناول شيئاً منذ البارحة.
- دعيني أعد لكِ الفطور إذاً.
- لا، لا داعي. سأحضر شطيرة جبن سريعة.
وقامت من فورها نحو الثلاجة لتتخلص من أصرار والدتها ولتمحي لها قلقها وأعدت لنفسها شطيرة جبن مع مربى التين المفضلة لديها.
- عادت الأميرة الغاضبة.
قالها أبيها بينما يجفف شعره فتبسمت وهي تتجه أليه لتعانقه كما فعلت مع أمها وقالت:
- أنت بالأخص عليك أن تعوضني.
قرصها من خدها برفق وهو يقول:
- أي شيء تأمر به أميرتي!
ثم التفت نحو جيهان وهو يقول:
- سأذهب الى المجمع التجاري. هل تحتاجين الى شيء عزيزتي؟!
لترد الاخرى بينما تكمل ترتيب المطبخ:
- لا شكراً لك.
فقالت ليلى:
- هل يمكنني أن أذهب معك ابي؟
رفع حاجبيه بتعجب وهو يقول:
- أحقاً؟!
- اجل.
توقفت جيهان عمّا تفعله وقالت بابتسامة تحمل بعض الاستغراب:
- كان يتوسلكِ في السابق أن ترافقيه وأنتِ ترفضين. ما الذي تغير ألان فجأة؟!
- لا شيء. ألا يحق لي قضاء الوقت معكما؟
تبادلا جيهان واحمد النظرات قبل أن تنظر لها جيهان وتقول بنبرة تحمل بعض القلق:
- هل هناك شيء يا ليلى؟ تصرفاتكِ غريبة معنا بعض الشيء هذا اليوم.
- غريبة؟ هل لأني طلبت مرافقته سأكون غريبة؟
- لا، بل لأنكِ لم تعودي غاضبة طوال الوقت وتعزلين نفسكِ في غرفتكِ وبالكاد تشاركينا أي حديث. توقعنا أنا وأبيكِ إننا بمواجهة معركة ضارية فور عودتنا لأننا تركناكِ. توقعنا أن تدخلي الان كعادتكِ لتتحدثي إلينا بنفور وبرود وتغلقي الباب على نفسكِ ولن تخرجي مرة أخرى سوى وقت الطعام. فهذا هو حالكِ منذ سنة كاملة معنا. والان فجأة أصبحتِ مهتمة بقضاء الوقتت معنا. ألا يحق لنا أن نقلق؟!
شعرت ليلى بغصة فوق حنجرتها مع كل كلمة تقولها جيهان ومع كل موقف تتخيله. سنة كاملة! كم ضيعت من الوقت بعيدة عنهما وبعيدة عن نفسها؟ كم فاتتها ايام من السعادة؟ كم أشعرت المقربين منها بالحزن وهي تنفيهم عن عالمها؟ ها قد مرت سنة من الحداد والانعزال والبكاء. ما الذي تغير؟، هل توقف الجميع عن عيش حياتهم من أجلها؟ هل عاد اليها يزن؟ ما الذي فعله بكائها وصراخها؟ هل كان على الله أن يرسل لها تحذير بأقتراب الأجل كي تقدر الحياة التي منحها لها وسلبها من غيرها؟
- أنا. أسفة!
قالتها ليلى بحزن ليزداد استغراب جيهان وأحمد أكثر وهما مذهولين من هذا التغير المفاجئ الذي طرأ عليها.
اخذت نفساً عميقاً وقالت:
- أعرف إني كنت ساذجة وأنانية بحق الكثير ولم أفكر سوى بنفسي وبحزني ولم أبالي يوماً بما يعانيه المقربين مني. كل ما كان يهمني هو أن احقق ما أحلم به وما أتمناه. كل ما فكرت به هو أن أعاقبكم بجفائي على شيء لم يجعله الله من نصيبي، لذلك انا أسفة.
تبسمت جيهان وقبلها أحمد من قمة رأسها وهو يقول:
- هذه هي صغيرتي التي أعرفها.
ثم قرصها مرة اخرى من خدها وهو يقول:
- والان دعينا نذهب بدل هذه الاجواء الدرامية.
ضحكت ليلى وخرجت معه بينما تتناول شطيرتها التي شعرت كم هي لذيذة هذه المرة فعلاً!
وصلا الى المجمع التجاري واتجه ابيها نحو محل الأدوات الكهربائية ليشتري ما يحتاج اليه بينما هي وقفت عند محل مجاور يبيع الاكسسوارات تتفرج على الاساور الفضية.
دقائق وسمعت صوت ابيها بجوارها وهو يقول:
- دعيني أشتري لكِ شيء.
ثم اشار نحو قلادة تكون مداليتها على شكل زهرة وقال:
- ما رأيكِ بهذه؟
تلمست قلادتها التي تخفيها تحت قميصها وقالت:
- لا. لن أستبدل قلادتي.
ثم أشارت نحو اسورة فضية تتوسطها نجمة صغيرة وقالت:
- ما رأيك بهذا؟!
- حسناً يبدو جميلاً.
ثم دخل للمحل كي يشتريه لها بينما هي تنتظره بابتسامة. خرج بعد لحظات وهو يقدم لها الاسورة ليلبسها في يدها واول ما فعل قال أحدهم:
- أنها جميلة.
نظر كلاهما باستغراب بادئ الامر. استمر الاستغراب على وجه ليلى من غير تغيير ولكن نظرات أحمد تحولت الى الصدمة فوراً...
كانت سيدة في منتصف الاربعينات لها شعر بني وعيون خضراء لامعة. كانت توحي بالرصانة واستقامة الشخصية من طريقة لبسها وتسريحة شعرها.
ركزت عينيها الباسمة على ليلى لثواني ثم نظرت نحو أحمد وقالت:
-كنت أعني أبنتك وليس الأسورة.
نظرت ليلى نحو أبيها وهي تراه صامتاً لا ينطق بكلمة. كانت ملامحه المصدومة تبدو وكأنها على وشك البكاء في أي لحظة. تكاد شفتاه أن تبتسم ولكنه يمنعها من ذلك، عادت لتحول ابصارها نحو تلك السيدة لتجد نظرات شوق مكتومة بداخل عينيها ايضاً. كان أمراً غريباً ولكنها لم تنبس ببنت شفة وتابعت الاحداث بصمت.
مدت السيدة يدها نحو أحمد للمصافحة وهي تقول:
- مر وقت طويل أحمد.
مد احمد يده المرتجفة ليقبض على يدها وهو يقول بصوت مرتبك:
- بالفعل.
بقيت ايديهما متماسكة لعدة لحظات قبل أن يفلتاها دوناً عن إرادتهما. التفت السيدة نحو ليلى ثم نحو احمد وكأنها تنبهه إنه لم يعرفها بها فقال فوراً:
- اوه. إن هذه. هذه ابنتي.
سكت للحظات قبل أن يكمل:
- تدعى ليلى.
كانت السيدة تنظر نحو ليلى بلطف ولكن أول ما قال أحمد اسم ليلى نظرت له بتعجب وابتسامة دهشة وكأنها تسأله احقاً فبادلها ابتسامتها ذاتها وكأنه يثبت لها ما تظن. حينها أدركت ليلى فوراً ما يحصل وبدأت تشك بالأمر.
نظرت لها السيدة وقالت وقد لاحظت بعض الدموع تتجمع في عينيها:
- سعيدة حقاً إني التقيتكِ يا ليلى.
قالت بخفوت وهي تحول نظراتها ما بين ابيها وبينها بعد أن لاحظت إن ابيها تجاهل تعريف ليلى بها واكتفى بتعريفها لها:
- أنا أكثر سيدتي.
قال أحمد فوراً:
-هل تأتين الى هذا المجمع كثيراً؟!
ردت السيدة بصوتها الناعم:
- لا ليس دائماً. أبي احتاج لبعض الاشياء لذلك جئت لأحضارها له.
فسألها أحمد بحزن:
- إذاً. لا تزالين تعيشين مع أبيكِ؟ هل.
فقاطعته فوراً:
- أجل. لا أزال معه. ولا أنوي غير ذلك.
لم يرد بشيء ولاحظت مدى الندم في عينيه فقالت قبل ان تفقد السيطرة على دموعها:
- حسناً. كانت فرصة سعيدة إني التقيتك.
ثم اردفت:
- التقيتكما.
رفع زاوية فمه بابتسامة وهو يرد:
- كانت صدفة سعيدة حقاً.
فبادلته ابتسامته وهي تقول:
- ربما غد.
فرد فوراً:
- أو بعد غد.
- ربما بعد سنين لا تعد.
- ربما ذات مساء نلتقي.
- في طريق عابر من غير قصد.
ثم اكملت فوراً بابتسامة واسعة:
- لا زلت تذكر هذا الشعر!
- أنا اقرأه كل ليلة. كيف عساي أن أنساه!
- وها قد جمعنا الطريق العابر من غير قصد.
- اجل. ولكن بعد 24 عاماً.
- وثلاثة اشهر. لا تناسهم فهم ليسوا بالمدة القليلة ايضاً!
بقي يحدق في عينيها من غير رد وهو يحاول أن يجمع شتات نفسه التي بعثرتها بحضورها.
لحظات بعد أن ساد الصمت قالت تلك السيدة:
- حسناً إذاً. الى اللقاء.
واستدارت تريد الرحيل فقالت ليلى واخيراً:
- عفواً؟!
فالتفتت اليها فقالت ليلى:.
- هل لي. أن اعرف اسمكِ؟!
تبسمت السيدة بلطف وردت:
- ليلى!