رواية نستولوجيا للكاتبة سارة ح ش الفصل الخامس والعشرون
أن تكذب هو أن تفقد وسيلة نجاتك الوحيدة. أن كذبت فأنت قادر على أن تخون وأن تهجر. لا يبرر الحب الكذب ابداً ولا يغفره. ما مصداقية حب تم بنائه على كذبة فضيعة؟!
وما الذي سيعالجه الاسف ليرمم ما كسره بداخلنا من ثقة خسرنا الكثير من أجل تشييدها؟.
كن صادقاً. ولو كلفك ذلك حياتك!
احيانا تبدو الحياه واقعية في بعض جوانبها. تلك الجوانب التي تتوقف فيها احلامنا الوردية عن تغليف قبح هذا العالم. هذه الأحيان هي التي تجعلك أقوى، أقسى، أكثر قبحاً وحقداً. هي التي تجعلك تفقد الثقة بمن حولك ليتهموك لاحقاً بأنك ذو نوايا سيئة لا ترى الناس بنظرة نقية. يطالبوك بنقاء وأنت تعيش داخل مستنقع من الملوثات، كلنا في ذات يوم كنا ساذجين وابرياء. ولكن لا شيء يبقى كما هو. لابد أن يحصل شيء ما في حياتك يجبرك أن تتغير سواء للأفضل أو للأسوأ، ومازن لم يكن يحتاج للحظة كي تغيره فهو قد تغير مسبقاً. هو كان ينتظر من ليلى ما يعيده مازن القديم دون أن يبقى على ما هو عليه الان.
كان يجلس امامها في سياره الاسعاف ينظر بتشتت نحو وجهها البريء المنعكس فوقه اضواء سيارة الاسعاف. كيف لملامح ملائكيه بهذا الشكل ان تحمل هذا المقدار من الكذب والحيلة؟ كيف استطاعت طفلة كهذه أن تخدعه بذلك الشكل؟.
ولكن السؤال الحقيقي الذي كان يختبئ في أعماقه هو: هل خدعته فعلاً؟ أم أن كل شيء كان واضحاً وهو من كان يدّعي الغباء فقط لأن كان يحتاج لضمادة ما يسد بها الثقب الذي أحدثته روان به وليلى كانت هذه الضمادة التي جاءت في الوقت المناسب؟!
ربما نحن نمر بحلقة مفرغة. ربما نحن نفعل بغيرنا ما يفعله الآخرون بنا دون أن نلاحظ!
وصلوا الى المستشفى فأسرع فريق الانقاذ الطبي في سحب سريرها الطبي من سيارة الأسعاف ويتبادلون معلومات حالتها بصوت مرتفع ومضطرب مع اطباء الطوارئ الذين استقبلوهم بينما كان مازن مشتت لا يعرف ما الذي عليه أن يفعله.
اذنيه تستمع لضربات قلبها التي تتباطئ
يده تقبض على قلادة ذنبها الشنيع
قدماه ترتجفان وهو يسير خلف سريرها الذي يسبقه يكاد أن يختفي.
جزء منه غاضب مما فعلته به هي ويزن وجزء آخر يشفق على حالها وهي تتلاشى من بين يديهم
فجأة توقف جسده وتجمد كل شيء به حين سمع تلك النبرة التي تناديه. نبرة مليئة بالقلق والخوف. نبرة عاشق!
التفت بعينان تلتهب نحو يزن الذي جاء مسرعاً نحوه تتبعه روان فور دخول ليلى، لم تكن عيناه تنظر نحو مازن. كانت تفتشان المكان بحثاَ عنها هي فقط!
ما أن وصل لمازن وقبل حتى أن ينطق بحرف واحد شهقت روان بصدمة وهي تشاهد مازن يستقبله بلكمة قوية على وجهه أرجعته خطوتين نحو الوراء.
نظر له بعد فهم بينما يده على أنفه النازف ومازن يحدق نحوه وصدره يرتفع وينخفض بغضب رغم كل تلك الدموع المجتمعة في عينيه، لم تؤلمه ليلى التي عرفها منذ شهرين بقدر ما أوجعه كذب الشخص الذي يعرفه من سنين!
- لقد وثقت بك!
في تلك اللحظة التي نطق فيها مازن هذه العبارة بهتت ملامح كلاً من يزن وروان. ادركا أن مازن قد عرف شيئاً ما!
فتح مازن يده والقى القلادة عند قدميّ يزن وقال بامتعاض: - املأ النصف الآخر الذي يحيط رقبتك ايها العاشق!
ثم استدار يريد الرحيل ويزن مكتفي بالصمت لا يملك ما يدافع به عن نفسه فتولت روان هذه المهمة وهي تقول: - لم يكن له ذنب. ليلى هي من أصرت، وحتى ليلى لا ذنب لها أن جدها أجبرها على الارتباط بصديق حبيبها!
توقف مازن لوهلة قبل أن يدير راسها نحوها وهو يتطلع بها كما لو كان يتطلع نحو شيء مقرف، لحظات وارتسمت ابتسامة على شفتيه وهو يقول: - لماذا لم اتفاجئ إنكِ تعرفين بكل شيء ولم تقولي لي؟!
أخرسها رده فاستدار هو مرة اخرى وأكمل طريقه من غير ان يلتفت نحو كليهما مجدداً.
انحنى يزن نحو القلادة وحملها بين يديه فقالت روان في محاولة فاشلة منها للمواساة: - هو غاضب الان فقط. أعطه فرصة فقط ليستوعب وبعدها انا متأكدة أنه.
قاطعها بصرامة: - لا روان، كلانا أدرك أن هذا اليوم سيأتي وسيعرف مازن بكل شيء ورغم هذا لم نحرك ساكناً ولم نحاول أن نحل شيء كي لا نكسره.
تنفس بحسرة وشيء من السخط وهو يتمتم: - جميعاً اوغاد في الحب!
اكتفى كلاهما بتلك العبارة الاخيرة دون إضافة شيء اخر. وكأنها لامست شيء ما كانا يحاولان نكرانه...
نحن نجرح بسم الحب. نخون بسم الحب. نؤذي بسم الحب، نحن قمنا بتشويه كل صورة جميلة عن الحب ثم قلنا أن الحب في هذا الزمن فاشل!
حلّ المساء ولا زالت ليلة ترقد بهدوء وكل اجهزة المؤشرات الحيوية لجسدها المتآكل من المرض تبعث اصواتاً تكسر سكون الغرفة الموحش وتخترق مسامع مازن الذي يقف في زاوية بعيدة مختفي في ظلام الغرفة الذي يبتلع كل شيء ولا يخترق المكان سوى اضواء خافتة قادمة من الشارع البعيد تُظهر وجهه البائس وجبينه المجعد بسخط يحاول السيطرة عليه.
فتحت عيناهت بضعف وهي تشعر بالغرفة تدور بها لتشعرها بالمزيد من الغثيان...
أحس بحركتها على السرير فتطلع بها بعيونه المخذولة واكتفى بالصمت. لم تستطع تمييز ملامحه بادئ الامر فقالت بصوت خامل: - مازن أهذا أنت؟!
لم تسمع منه إجابة بل بدلاً من ذلك قادته قدماه بالاتجاه نحوها حتى وصل قريب سريرها وجلس على طرفه بجانبها. حدقت فيه متوجسة. لا تبدو رد فعله كمن كان يشعر بالقلق والخوف عليها. بل هنالك شيء ما قد حدث أصابه بهذا البرود الذي يطغي على وجهه.
حدّق بيدها من غير غاية تُذكر وقال بضعف:
- هل تعلمين ماذا يعني أن تمنح أحدهم كل ما تبقى منك بعد أن خسرت كل شيء؟!
شعرت بشيء يتوسد وسط حنجرتها يصيبها بالخوف مما سيحصل تالياً. قلبها أدرك أن شيئاً ما قد حصل وأن مازن قد عرف بعض الحقائق التي أخفتها، أو كذبت بشأنها!
- الأمر مثل أن يدمن أحدهم القمار يا ليلى. يدمنه ولكن ليس لديه حظ ليحالفه ويجعله يكسب ولو لمرة واحدة. يخسر كل ما يملك ورغم ذلك يجازف بمراهنة اخيرة يضع فيها آخر ما يملك، هل تتخيلين الشعور الذي سيراوده طوال وقت اللعبة؟ ذلك الاحساس البغيض الذي يسيطر عليه من أن هذه النهاية ورغم ذلك ينكر ويحاول أن يمد نفسه ببعض التفاؤل.
رفع عينيه نحوها وأكمل بعتب:
- هكذا كان شعوري معكِ، وضعت فيكِ آخر ما أملك. فكسرتني!
ارتجف فكها السفلي وغرقت حدقتيها بالدموع وقد أدركت لِما يلمح وقالت بصوت ضعيف:
- مازن أنا.
عقد حاجبيه بتعب وقال بسخط:.
- شششش. يكفي، لا أريد كذبة أخرى. لأني أحمق يا ليلى. سأعرف إنك تكذبي. ولكني سأصدقكِ لأني لا أريد أتألم. سأبقى أعيش معكِ في كذبة أعرفها ولكني أقنع نفسي بحقيقتها فقط كي لا أتوجع، لذلك يكفي أرجوكِ! عودي ليزن أو لا تعودي. لم أعد أهتم. أنا حالياً في مرحلة نفسية تجعلني أراقب المحيط من حولي من دون شعور يذكر أو اهتمام بأحدهم. أنا بدأت اتقيء الجميع الواحد تلو الاخر!
حينها بكت بصورة أشد وقالت بصوت مهزوز:.
- ليس الأمر كما تتخيل أقسم لك. لم أكن في يوم أنوي كسرك.
- لكنكِ فعلتِ!
-أعلم. لكن لح أنوي ذلك يا مازن. أنا لو كان لي حل آخر لكنت استخدمته، أتظن أنه كان يرضيني ما يحصل؟!
- هذا ليس مبرر يا ليلى. أخبرتكِ ذات مرة أن كان أحدهم قد اجبركِ فأخبريني لنحل الأمر.
- وكيف تحل الأمر يا مازن؟ بالانفصال عني؟ أتظن الأمر بهذه السهولة؟ تهديد جدي لي كان إني سأترك جامعتي أن انفصلنا عن بعضنا سواء كنت أنا سبب هذا الانفصال أو أنت! بعد سنين من التعب والدراسة كان سيدمر كل شيء بلحظة!
رفع زاوية فمه بابتسامة ساخرة من نفسه وهو يقول:
- فقررتِ أن تدمريني أنا بدل أن تدمري مستقبلكِ!
أخرستها جملته وهي تحدق به بمشاعر مضطربة وكلما حاولت إيجاد كلمة، لتبرر بها لنفسها قبله أنها فعلت هذا من غير قصد أذيته، كانت ترى نفسها مذنبة أكثر!
نزع الخاتم بهدوء من اصبعها ثم من اصبعه ووضعهما على الطاولة الحديدية المجاورة لها وقال بابتسامة بينما ترى التماع دمعة ضعيفة تسقط على وجنته وهو يقول:
- بعد ما حصل لكِ فلا أظن جدكِ بهذه القساوة ليحرمكِ من جامعتكِ. لذلكِ أنتِ حرة.
ثم انحنى عليها ووضع شفتيه على جبينها وقال:
- كنت آراك خلاصي في الوقت الذي كنتِ تريني فيه سجنكِ يا ليلى!
ثم منحها قبلة لطيفة فوق جبينها ونهض ليخرج من الغرفة غير آبهاً بندائها الضعيف من بعده.
خرج من الغرفة فوجد يزن يجلس على الكراسي التي تصطف قرب بعضها بجانب غرفة العناية المشددة حيث ترقد ليلى، نظر يزن نحوه بأسف بينما هو ينظر له بعتب. تنهد بقلة حيلة وجلس على الكرسي المجاور واتكئ برأسه على الجدار مثله وكلاهما حدق أمامه بالجدار وكأنهما يبادلاه الحديث، لحظات حتى قال مازن:
- أعرف جيداً ذلك الشعور. حين تحب شيء يمتلكه أحد غيرك
قال يزن بتعب:.
- لو كان غيرك من أخذها لحاربته وحاربت الدنيا بأجمعها لأستعيدها. ولكن معك أعلنت استسلامي من الجولة الاولى، مهما بلغ حبي لها فلم يكن سبباً لأخسرك من أجل ان أكسبها. الأمر مثل أن يخيروك بمن تود الاحتفاظ؟ بروحك أم بقلبك؟ أي شيء من الممكن أنك ستختاره وكل واحد بهما ان فقدته تعني أنك ستموت لا محالة ولن يتمكن الاخر من جعلك تعيش. اما كلاهما أو لا فائدة من واحد منهم!
صمت مازن من غير تعليق ولم يستطع يزن أن يدرك هل صمت لأنه اقتنع بكلامه أم تعب فقط من العتاب!
لحظات صمت اخرى مرت حتى نهض مازن من جديد وهو يفرك عينيه بسبابته والوسطى ليزيل آثار التعب وبقايا الدموع وقال بصوت ثقيل:
- لا تتركها وحدها، لا تتركها فحسب!
ثم تحركت قدماه بتعب ورحل من غير أن يضيف كلمة آخرى ولم يتوقف ليرد على اي أحد حتى خرج من المشفى بأكمله بعد ان طلب أجازة غير محدودة الايام.
حلّ منتصف ليل ذلك اليوم ثم فجر اليوم الذي يليه وليلى لا تزال ترقد على سريرها وسط كل تلك الاجهزة التي تمدها بالحياة لأطول وقت ممكن. الجميع يعرف أنها النهاية وانها اللحظات الاخيرة، ولكنهم يستمرون في النكران فحسب.
كان يزن يجلس على ذات الكرسي من غير تحرك وفي الجهة المقابلة يجلس ابويها وانضم إليهم مؤخراً جدها وهو يتبادل النظرات الساخطة مع يزن الذي يبادله مثلها بينما رأس جيهان يستقر بتعب على كتف أحمد وتغمض عيناها لتريحهما من البكاء قليلاً دون أن تتمكن فعلاً من النوم.
خرج الطبيب من العناية المشددة حيث ترقد ليلى بعد ان دخلها منذ خمسة عشر دقيقة. خرج وعلامات الحيرة على وجهه وروان تتبعه بوجه بائس.
نهض الجميع فوراً وقال يزن قبلهم جميعاً:
- قلّ أنه لديكِ أخبار جيدة اتوسل أليك دكتور هيثم!
تنهد بحيرة وحرّك بصره بتأسي فوق ملامحهم المضطربة وكأن خبر أعدامهم يكمن بين شفاهه. قال بأسف:
- أتمنى لو كان لدي. لكن لا أضمن لكم شيء بعد الان!
شهقت جيهان بجزع فتلقى أحمد جسدها المنهار بين يديه وهو لا يعرف كيف لا يزال جسده ثابتاً من دون أن يتساقط أيضاً، بقي يزن متصلباً في مكانه لا يستطيع ازدراد ريقه وشعر بغصة تجرح له حنجرته لا يستطيع ابتلاعها ولا حتى أخراجها، كان تلك اللحظة تشبه تماماً اللحظة التي أدرك فيها أن اصبع مازن وهو يشير نحو خطيبته أنه كان يشير نحو ليلى. كان كل شيء يسير حوله بالحركة البطيئة. هو طبيب ويعرف جيداً أنها لن تصمد ولكن عقله للان يرفض أن يتخلى عنها، أنها فكرة من المستحيل أن يقبل بالخضوع اليها في يوم!
رفع أبصاره الجاحظة والمليئة بالدموع وهو ينظر نحو الطبيب بينما يكمل:
- الورم يستقر في رأسها حيث عقلها، العقل هو كالمحرك المسؤول عن تحريك الجسد. أن تعطل المحرك فلا فائدة من كل شيء وعقلها الان كالمصاب بالفايروس. لا يمكنه أرسال الأوامر الصحيحة لجسدها ولا شيء يمكنه ان يعمل بصورة صحيحة. لا رئتيها ولا قلبها ولا أي عضو في جسدها. أنها في مرحلة الان أن فصلناها عن الاجهزة ستموت!
ومع هذه العبارة انهار جسد يزن فوق الكرسي واحاط رأسه بكلتا يديه وكأنه على وشك الانفجار. شمع صوت وكأنه قادم من عالم آخر وليس وكأنه يقف قربه:
- عليكم الاستعداد للأسوأ. لا نعلم في أي لحظة سيتوقف جسدها عن الاستجابة حتى للاجهزة!
فقال يحيى(جدها) فوراً:
- لا بد أن يكون هنالك حل ما. انا مستعد لدفع كل شيء وأراسلها نحو الخارج. لأي دولة قادرة على شفاء ما بها.
فدرت روان بدلاً من هيثم:.
- بعد اسبوعين سيحضر طبيب محترف. أن استطاعت ليلى ان تقاوم لحين وصوله لربما يجد لنا شيء ما ليمنحنا بعض الأمل!
ولم يتحدث أحدهم بعدها بشيء ولم يكسر السكون الموحش سوى صراخ جيهان المفجوع. لحظات من هذا الصمت نهض يزن بتعب وكأنه كان يخوض معركة وتحرك نحو يحيى وقال بسخط من بين دموعه:.
- كان من الممكن أن تكون السنة التي مضت اجمل سنة في حياتنا قبل ان يأخذها الموت الان على غفلة مني، ولكن وبسبب أنانيتك أنت وجدي وحقدكما القديم الذي لم تستطع هذه السنين كلها أن تمحيها من قلوبكم، أنتم حولتما بقية حياتنا جميعاً الى جحيم وسيخطف الموت منا فتاة شابة لم يسمح لها كبريائك أن تذق طعم السعادة. قل لي. هل جعلك هذا تشعر ببعض الراحة؟ هل تظن أنك انتقمت من جدي على ما فعله؟.
ثم صرخ كالمجنون:.
- فقط ليكن في علمك جدي لا يبالي البتة بالجحيم الذي نعيشه الان ولا يهتم من الاساس.
ثم ضرب على صدره بحرقة مشيراً الى قلبه:
- أنا من احترق هنا أنا!
ثم تراجع خطوتين نحو الوراء وقال:
- اتمنى ان يحترق كلاكما في الجحيم!
ثم تركهم ودخل نحو غرفة ليلى التي بالكاد يمكنها فتح عينيها والبقاء واعية. اقترب رويداً من سريرها وهي يكتم صوت بكائه القوي وانحنى منكسراً عليها ليضمها بين ذراعيها ويشم عطرها ولا يعلم هل سيشمه للمرة الاخيرة ام ستمنحه الايام عناق آخر!
همست بصوتها الضعيف:
- يزن؟.
ابتعد قليلاً ونظر نحو وجهها وقال مبتسماً من بين دموعه بين يداه أحداهما خلف ظهرها والاخرى تمسح برفق على رأسها الأملس من غيرة خصلة شعر واحدة:.
- يا روح يزن وقلب يزن وكل ما تبقى من يزن!
- هل سأموت؟!
- شششش لا تكوني ساجذة. ما هذا الهراء الذي تتفوهين به؟!
- رايت وجه الطبيب وهو يفحصني. رأيت دموع روان التي تحاول اخفائهم خلف ابتسامتها، أنا أحتضر أليس كذلك؟!
هز رأسه بابتسامة وقال:
- لا. بل نحن نحتضر. انا وانتِ يا ليلى. هل تظنين أنه يمكنكِ التخلص مني بهذه السهولة؟!
- لا تكن مجنون يزن!
دفن رأسه في عنقها وقال:
- لم تري الجنون بعد يا ليلاي!
ثم عاد لينظر نحو عينيها الذابلة وقال باتسامة بينما تتساقط دموعه فوق وجنتيها:
- هل تقبلين الزواج بي؟!