رواية نستولوجيا للكاتبة سارة ح ش الفصل الثاني عشر
قضى مازن الطريق كله صامتاً دون ان يضيف كلمة اخرى على حديثهم الاخير. هو لا يريد أن يظلمها بشكوكه ولكن بالوقت ذاته لا يريد أن يظلمهما بصمته. فماذا لو كان ما يفكر به صحيحاً؟ لذلك ببساطة قرر ان يقمع كل هذا التساؤلات عن طريق مصارحة يزن ومعرفة التفاصيل منهَ!
اوصلها نحو جامعتها وهو يرسم اكثر ابتسامة لطيفة على وجهه والتي سرعان ما اختفت ما أن ظل وحيداً بعد رحيلها. أصعب شعور من الممكن أن يراود المرء هو أن يجبر نفسه على الابتسام بينما هناك معركة محتدمة بداخله تتطلب منه الوقوف حداداً والانهيار بشكل علني!
وصل الى المستشفى بملامح مقتضبة يبحث في الوجوه عن اكثر شخصين يمقتهما في هذه اللحظة. روان واياد! ولو كنا اكثر دقة فمقدار ما يحمله بداخله من غضب اتجاه روان يضاعف ما يحمله اتجاه اياد. فكلما كان الجرح من اولئك المقربين منا كلما كان اكثر ألماً!
علي ما يبدو إن كلاهما لم يحضرا هذا اليوم وهذا سيمنحه القليل من السكينة بعيداً عن شد الاعصاب. وقف أمام استعلامات قسم الجراحة يراجع جدول عملياته ومعاينة مرضاه قبل أن ينبثق فجأة من وسط اصوات الاطباء وحركة الممرضين، صوت يميزه ويفضّله عن الجميع!
مرحباً!
التفت نحو يزن وأخذ نفساً عميقاً قبل أن يرد تحيته، وكأنه الان فقط تمكن من التنفس بعد ليلة طويلة وخانقة!
هل انت بخير؟
قالها يزن بشيء من القلق بعد أن شاهد شحوب وجه صديقه فهز الاخر رأسه بضعف نافياً سؤاله. ترك يزن فوراً الاوراق من يده وقال:
دعنا نخرج الى السطح قليلاً.
اومئ مازن موافقاً من غير أن يرد بشيء. اليوم لاحظ أن هناك شيء مشترك بين يزن وليلى، فكلاهما ينقاد لهما بطاعة من غير رفض أو اعتراض.
وصلا نحو السطح وتقدم مازن نحو السور ليخفي كآبة وجهه عن صديقه الذي كان يقف خلفه على مقربة. لم يتحدث يزن بشيء بادئ الامر وترك له فرصة تنظيم كلماته. وكان هذا التشابه الاخر الذي أحسه مازن. لا يدرك هل بالفعل هذه الصفات متواجدة لدى هذين الشخصين أم أنه عقله فقط لذي جعله يرى اشياء لا وجود لها؟!
لقد عرفت كل شيء. اخبرتني روان إنك قلت لها كل تلك الاسباب التي دفعتني للسماح لها بالارتباط بأياد.
تبسم بسخرية واكمل: بعد كل تأنيب الضمير الذي كنت اعانيه بصمتي ولومي لنفسي لأني لم اتحدث، أتضح في النهاية أنها تعرف كل شيء واستمتعت برؤيتي اعاني!
تنهد يزن بحسرة ثم قال: لا يمكنني أن الومها. للعاشقين تصرفات غريبة. وروان عاشقة يا مازن!
نظر اليه بشيء من البرود وهو يقول بتهكم: هل تؤمن بهذا حقاً؟ إننا مسموح لنا أن نتلذذ بأذية بعضنا تحت مسمى الحب؟ هل الحب بالنسبة لكم بهذه الصورة المشوهة والسخيفة؟ هل كل ما في الامر هو غيرة ومواعيد وقصائد حب؟
اكتفى يزن بالصمت فأكمل مازن حديثه وهو يعيد ابصاره الى الامام: كنت اعاملها بشيء ارقى وانقى من هذا بكثير. لم اكن اريد تلويثها أو جعل سمعتها حديث على السنتهم القذرة. حميتها حتى من نفسي يا يزن. وفي النهاية هذا هو جزائي عمّا فعلت؟
رفع زاوية فمه بابتسامة مريرة وهو يقول بألم: هل الحب صعب ومؤذي الى هذا الحد؟ هل يمكنني أن اكرهها بهذا القدر بعد أن كنت أدمن ابسط تفاصيلها؟
أنت لا تكرهها ومن المستحيل أن تتمكن من كره من تحب. أنت فقط غاضب منها لأنها خذلتك.
فقال مازن فوراً بذهن غائب:
اجل. ربما الخذلان يجعلنا غاضبين طوال الوقت. يجعلنا نتحين الفرص لنطفئ ذلك الحريق الذي يشب بأرواحنا دون أن نبالي بكل المتواجدين حولنا. نحن سنراهم هم فقط!
نظر اليه يزن بعد فهم فالتفت اليه مازن بعيونه الباردة ذاتها والتي سيطرت عليه منذ البارحة. كم يكون الخذلان قادر على تغييرنا بالفعل!
هل تدرك أن ليلى قد اخطأت بين اسمينا هذا الصباح؟
جف فمه في الحال وهو يسمع عبارة مازن الاخيرة وتشتت حروفه امام عيون مازن الثابتة التي تكاد ان تقتحم روحه وتعرف ما يعتريها بالضبط في هذه اللحظة. ذلك العاشق الاناني الذي بداخله حثه كثيراً على البوح بكل شيء وكسب هذه المعركة التي بدأ يخسرها، ولكن ذلك المنطقي الرحيم الذي يجسد النسبة الاكبر من شخصيته رفض أن يؤذي صديقه الذي يقف على شفا حفرة من الموت ولا شيء يبقيه في عالم السكون والراحة سوى ليلى التي يجبر نفسه أن يكون سعيد من أجلها!
قطب حاجبيه بامتعاض وقال مدعيّاً الاعتيادية:
ولما تقول الامر بهذه النبرة وكأن هناك شيء غريب نخفيه؟ اسمينا متقاربين من بعضها ولطالما كان الجميع يخطأ بها!
أنزل مازن عينيه نحو رقبة يزن وتحديداً نحو تلك القلادة التي تحوط عنقه والتي يحرص على اخفاء الميدالية تحت ملابسه. ربما لا تتجاوز الثلاثة عدد المرات التي رأى فيها مازن الميدالية ولكنه رغم ذلك كان يعرف قصتها!
اسمع يزن. أن كانت ليلى تعني لك اي شيء فأرجوك اخبرني. يمكننا أن نحل الامر الان بهدوء. ولكني لن اسمح لك لاحقاً أن تسلبها مني!
تحركت شفتاه كاد أن يرد في لحظة استعجال كل ما يخفيه. انه صديقه المقرب ويمكنه أن يبوح له بكل شيء. ولكن الامر لا يخصه هو وحده بل الاضرار ستشمل ليلى التي ترفض اخبار مازن بأي شيء الان. ومع الظروف التي يعيشونها الان وشخصية مازن المنكسرة لم يكن بإمكانه أن يجازف ويخبره. فجرح اضافي لا يعرف يزن ما الذي سيغيره من شخصية صديقه اكثر.
عصر قبضته واخذ نفساً عميقاً وقال:.
أن كنت تلمح لصاحبة القلادة فهي ليست ذاتها يا مازن صدقني. أنا وليلى كنا جيران فقط ليس اكثر من ذلك.
جلس مازن من فوره على المسطبة الحجرية وكأن يزن ازاح عنه جبل من الهم. نعم هو لا يحب ليلى مثل ما يحب روان ولكن لا ينكر أنها اكثر شخص يحتاجه في هذا الوقت. بها شيء يجعله يهدأ فوراً ويسكن بين يديها لتخلصه في لحظة من كل فوضى المشاعر التي تجتاحه!
انزل رأسه واحاطه بين يداه وقال بضعف:
أتعلم اكثر ما ألمني يا يزن؟
جلس الاخر مجاوراً له وقال بهدوء:
ماذا؟
نظر اليه مازن بضعف وقال بينما يعود ليبتسم بسخرية من نفسه:
إني لم اشعر بشيء حين لفظت اسمك. على عكس روان!
تنهد بعمق يدل على اختناقه واكمل:
كنت ادرك جيداً أن ما يجمعك بروان هو الصداقة لا غير ولكن رغم ذلك كنت اصاب بالجنون كلما اخطأت بين اسمينا. أما اليوم.
قطع حديثه وقد تبعثرت حروفه من بين شفتاه على غفلة وقال بصوت يشوبه بعض الاهتزاز:.
أنا لم اشعر بشيء يا يزن. ليس وكأنها خطيبتي حتى! انا لا اشعر أن ليلى ملكي ولا اشعر بالانتماء اليها. لا زلت الى الان احوم حول طيف روان دون أن تتمكن امرأة اخرى من جذبي اليها. نعم أنا معجب بليلى، بل ومعجب جداً. ولكن لا يمكنني أن اعاملها كروان وهذا أكثر ما يجعلني غاضباً طوال الوقت، أنا ادرك أنه من المستحيل أن اقع بغرام امرأة اخرى طالما روان امام عيناي بل ولطالما لا ازال اعرفها.
ثم نظر اليه بحيرة واكمل:.
وما الحل يا يزن؟
ظل يزن ينظر اليه بالحيرة ذاتها دون أن يعرف بماذا عساه أن يجيبه أو ينصحه. بل أي نصيحة من الممكن أن يمنحها له دون أن يكون أناني ويشجعه على ترك ليلى لتبقى له فقط؟ لذلك فضّل الصمت على الرد بشيء!
مرت نصف ساعة اخرى هدأ مازن قليلاً ونزل من السطح. ولكن هل اقتنع فعلاً بكلام يزن بخصوص ليلى؟ بالطبع لم يفعل ولكنه مع ذلك أجبر نفسه أن يصدق ويترك للأيام أن تثبت له شكوكه أو تنفيها.
بعد مضي ساعات في مكان اخر وعاشقة اخرى تصارع مشاعر مؤلمة في جسد هزيل؛ وقفت ليلى تتناقش بحدة مع الصيدلاني القريب من جامعتها الذي رفض إعطائها المسكنات التي تريدها!
يا انستي عليكِ أن تعذريني. هذه المسكنات قوية جداً وأنها المرة الثالثة التي تطلبينها وذلك لا يجوز. عليكِ إحضار وصفة من الطبيب لأعطيها لكِ كي لا اتحاسب قانونياً!
فردت الاخرى بعصبية:.
وهل تراني مدمنة مثلاً كي أستخدمها لغير حاجات؟ اقول لك إني اعاني من صداع دائم في الفترة الاخيرة ولا شيء يخفف لي الألم سواها.
اعتذر انستي ولكن كما اخبرتكِ ممنوع. يمكنكِ مراجعة الطبيب وسيصفها لكِ وسأعطيكِ اياها. عدا ذلك لن افعل!
سحبت حقيبتها من فوق المنضدة وتمتمت بغيض بينما تخرج من الصيدلية:
فاشل!
هي كانت تعلم جيداً إنه سمعها. وهذا ما كانت تريده!
وقفت على بعد مسافة من باب الجامعة بأعصاب مشدودة مع هذا الصداع المتزايد بانتظار يزن الذي بعث لها رسالة بقدومه لاصطحابها. كالأيام الخوالي!
جزء من عقلها متلهف للقاء يزن، وجزء اخر مشغول بمازن الحزين الذي تم كسره من غير رأفة وخذلانه من امرأة على ما يبدو كانت ولا زالت تشكل حيزاً كبيراً من حياته.
جذب تفكيرها بوق سيارة على مقربة منها. رفعت بصرها لتقع على سيارة يزن الحمراء وعينيه اللتان تحدقان بها ما بين برود وشوق مخفي!
أخذت نفساً سريعاً وصعدت الى السيارة بصمت مطبق من غير اي تحية او تعليق فبادلها يزن الصمت ذاته بادئ الامر الى ان تحركت السيارة لمسافة لا بأس بها حتى سألها قائلاً:
كيف كان يومك؟
فردت بحنق:
سيء!
قال بقلق:
لماذا ما الذي حصل؟ هل أزعجكِ أحدهم؟
أجل. الصيدلاني الفاشل رفض إعطائي الدواء بحجة إن هذا مخالف للقانون وأنه لا يجوز أن اخذه إلا بوصفة طبيب!
دواء ماذا؟
أنت تعلم إني اسهر لوقت متأخر من اجل الدراسة وبسبب هذا استيقظ بصداع مزعج يستمر معي اليوم بأكمله لذلك اخذ بعض المسكنات كي اتمكن من التركيز وتخفيف الالم.
الامر لا يحتاج لكل هذه العصبية. راجعي طبيباً ما ليشخص لكِ حالتكِ ومن ثم احصلي على الدواء من غير هذه التعقيدات.
ثم قال بنبرة ذات معنى:.
أليس خطيبك طبيب؟ لما لا تطلبين منه ذلك؟
التفتت اليه باقتضاب وهي تقول:
لا تبدأ! فإن كنت تسعى للتشاجر سأفرغ كل براكيني بك أنت بالأخص لذلك من الافضل لك أن لا تستفزني!
لا يعلم ما السبب ولكنه وجد نفسه يبتسم فحسب. أنه يتلذذ بغضبها بالفعل!
فتحت ذلك الصندوق الصغير امام كرسيها واخرجت دفتر الملاحظات المميز الذي يستخدمه الطبيب لكتابة الوصفات الطبية حيث يحتفظ به يزن دائماً هنا وبدأت تدون به اسم دوائها بينما هو يراقبها بصمت. اول ما مزقت الورقة واحتفظت بها في حقيبتها قال:
أليس من الافضل ان تراجعي المستشفى يا ليلى؟ لصداع الرأس اسباب كثيرة وليس الجهد فحسب لذلك لربما هناك سبب اخر سنعطيك دواء من اجله وينتهي الامر بدل هذه المسكنات.
أنا مشغولة بامتحاناتي هذه الايام ولا توجد لدي فرصة لأزور المستشفى صباحاً او حتى مساءً لذلك في عطلة نهاية الاسبوع ربما سآتي رغم إني متأكدة إنه اجهاد لا اكثر فلم اعاني منه سوى مع بدأ العام الدراسي هذا. لم يكن يلازمني بهذا الشكل في السابق؛ كنت اتعرض له بفترات متراوحة وبشكل طفيف!
ولكن مع ذلك عليكِ مراجعة المستشفى
سأحاول أن افعل.
احتفظ بالصمت بقية الطريق كما فعلت هي الى ان وصلوا الى مقهى كانوا يرتادونه دائماً في اطراف المدينة وجلسوا متقابلين على إحدى الطاولات القريبة من النافذة المطلة على الشارع الهادئ الذي لا يرتاده سوى اصحاب المنطقة وبشكل نادر يدخل اليه غريب. كانا يفضّلان هذا المكان منذ ثلاث سنوات مضت حيث يغلب على اجوائه الطابع العربي الكلاسيكي مع ارضية خشبية وصوت فيروز يتلاعب في زواياه. يزين جدرانه الخشبية بعض رؤوس الايائل التي تم صيدها من قبل صاحب المطعم بينما يتدلى من سقفها دائرة من الاضواء المتراصفة بجانب بعضها تمنح المقهى الهدوء المطلوب في المساء مع عزف العود الذي يحل محل فيروز. كان الموقع فخم ببساطته لذلك كان يعشق يزن ارتياده حيث كان يرى فيه انعكاساً لليلى. عادية ولكن بها شيء يجعلك تتعلق بها بالرغم عنك!
بما اخدمكما سيدي؟
قالها ابن صاحب المطعم الصبي اللطيف ذو البشرة القمحية والصوت الهادئ فتبسم يزن له وهو يقول:
كعادتنا يا مصطفى. قهوة سادة مع كوب من الشوكولا الساخنة!
دون الملاحظة واستأذن بالانصراف ليحضر الطلبية فالتفت يزن اليها وقال فوراً:
أم إنكِ تخلصتِ من هذه العادة ولم تعودي تحتسي الشوكولا؟
قالت بضيق:
أنا لم اتغير يا يزن. غضبك مني هو من يجعلك ترى تصرفاتي بشكل اخر...
وهل ترين إن غضبي لا يستحق؟، هل تظنين أن صدمتي بتصرفك اللعين هذا مبالغ بها؟
لم أقل أنها مبالغ بها. ولكن لا يجب أن تجعلك تتركني. تدرك جيداً إني كنت مجبرة بما فعلته ولم اتصرف بهذا الشكل برغبتي.
وقبل أن يرد قاطعته قائلة:.
وأن كنت تتأسى لحال صديقك فصديقك ذاتاً لا يحبني. إنه يستخدمني عنصر نسيان فقط لحبيبته القديمة. وربما عنصر غيرة ايضاً. لذلك أنا لا اظلمه. فهو يستغلني ايضاً. الفرق الوحيد بيننا إنه يستغلني بإرادته ولم يجبره احد.
سكت دون أن يجد ما يرد به بخصوص هذه النقطة فهي محقة وسكتت هي بدورها حيث قاطعهم مصطفى بإحضار الطلبية.
راقبته بينما يحتسي قهوته باقتضاب يتجرع مرارة الموقف والقهوة معاً ثم قالت:.
عليك أن تتخذ قرارك يا يزن بخصوصي واترك كبريائك الجريح جانباً. تعرف جيداً إني لست ذلك النوع من الفتيات التي ستستمر بالتوسل والبكاء طوال الوقت وسأعلن اسفي وندمي لمرة واحدة ولن اطلب الصفح منك في كل مرة. سأبكي بغرفتي واحطم ذاتي بذاتي ولكن سأخرج أمامك ببرود واعتيادية وكأني ازحت حبك للأبد عني. أنت من شكًلتني على يديك منذ طفولتي وانت من زرعت هذه المكابرة بي لذلك أنت تدرك جيداً ما أنا قادرة على فعله. أنت تدرك إني احبك وأنا ادرك إنك ستظل تحبني. لذلك لا تستفز تلك المرأة بداخلي التي ستفعل اي شيء لإضعافك وإثارة غيرتك. فأنت تدرك جيداً إني بارعة بهذا الدور! لهذا عليك أن تكون صريح معي هذا اليوم. هل أنت مستعد لمسامحتي وتقبلي في حياتك من جديد؟ أم إنك ستتركني وترتبط بغيريي وتجعلني ارتبط بغيرك؟
فقال بضيق وشيء من العصبية:
لا استطيع اتخاذ قراري بشأنكِ يا ليلى! أنتِ تصيبيني بالتناقض. أنا أحبكِ وبجنون ايضاً ولكن الحب ليس كافياً لأنسى!
ثم عصر قبضته بحنق وهو يكمل:.
أتدركين ما شعرت به وفكرت به حين اخبرني مازن أنه قضى ليلته في منزلكِ؟ لقد كرهتكِ يا ليلى وبشدة ايضاً. ولكني كرهتكِ فقط لأني لا استطيع التخلي عنكِ ونسيانكِ رغم كل ما يحصل ولا يمكنني الحصول عليكِ من جديد فأنتِ لستِ ملكي. عاجز عن التدخل بحياتكِ أو سماع صوتكِ كلما اشتقت لكِ أو الافصاح عن غيرتي. هل تعلمين كم هو صعب أن أفقد الحق بكل شيء بعد أن كنت المالك الوحيد لكِ؟ أن اراكِ بين يدا غيري؟ مجرد التفكير بالأمر يصيبني بالجنون ويجعلني أود قتلكِ. أنت قريبة مني ولكن بعيدة بذات الوقت. تملكين كل جزء من روحي ولكن لا املك الحق بكِ بل هو من يملك! أتريدين أن اتعامل مع كل هذا ببساطة واتقبل الامر برحابة صدر من غير حتى أن افرغ بكِ غضبي؟
ثم قال بنبرة اهدئ ولكن بذات الحدة:
وأنا لن انتظر سلعة متداولة يا ليلى. لست بهذه السذاجة!
نظرت اليه بصدمة ممزوجة بغضب وقالت:
سلعة متداولة؟ أتراني بهذا الشكل؟
وماذا عساي أن أسمي ما تطلبينه مني؟ أن انتظر انتهاء صديقي منكِ وانتهاء مصلحتكِ معه ومن ثم ارتبط بكِ؟ أي سخافة هذه!
والحل يا يزن؟ ننفصل؟ ما ذنبي أنا بكل هذا؟
تنهد بحسرة وقال:.
أعلم أن لا ذنب لكِ. أعلم أن ما حصل كان ضد رغبتكِ. ولكن لا يمكنكِ أن تطلبي مني أن أكون انسان وضيع وخائن لأفعل ذلك بصديقي مهما بلغ حبي لكِ. لذلك أتركي كل شيء للأيام هي من تقرر مصيرنا ولا تسأليني عن أي شيء الان.
سكتت على مضض واخفضت رأسها تعبث بأظافرها بتوتر. بعض الحروف تخنق لها حنجرتها وتغلق لها مجرى التنفس فتتمنى لو تجهضهم امامه وترتاح؛ ولكنها كلما حاولت كلما فشلت. شيء من الحزن والخيبة يمنعها من البوح بكل شيء وكأن يزن أصبح غريب عنها فجأة ولم يعد ذلك الذي تطرح كل اوراقها أمامه. وكم يكون مؤلم أن نصبح غرباء فجأة!
ليلى؟
نظرت اليه بجمود فقال بهدوء نسبي:.
أتركِ أمر إثارة غيرتي بتصرفاتكِ وملابسكِ. حتى وأن أنتهى كل شيء بيننا لا تجعليني أشعر إني كنت أعيش مع إنسانة مزيفة لا يمكنني فهمها أبداً. لا تجعليني أشعر أن كل نصائحي لكِ قد ذهبت سدى. لقد حافظت عليكِ من كل شيء. لذلك لا تقومي بهدم كل ما بنيته بكِ وحافظي على نفسكِ كما كنت أفعل أنا معكِ!
ثم أكمل بنبرة ذات معنى:
شباب اليوم يا ليلى ذئاب
وطبع الحمل أن يخشى الذئابا
مفاتنكِ كنز فأحفظيها.
وحاشى لهذا الكنز أن يعابا
وهنا أجهشت بالبكاء فكتمت فمها بيدها فوراً كي تمنع صوتها من الانسياب لأحد. ثواني استطاعت فيهم أن تسيطر على انفعالها حتى أبعدت يدها وقالت بصوت منخفض ومرتجف:
لقد خسرتك يا يزن!
أغمض عيناه بألم وبالكاد أستطاع أن يسيطر على نفسه دون أن يذرف دمعة أمامها بينما أكملت هي:
هو لا يحافظ على كما كنت تفعل معي ولا يحبني كما كنت أنت تفعل.
ثم نظرت اليه واكملت:.
سأفعل اي شيء واخسر اي شيء فقط كي احصل عليك مجدداً. أي شيء يا يزن!
نظر من النافذة التي تجاوره نحو تلك السماء التي تزينها بعض كتل الغيوم الناصعة البيضاء وتطرب بها بعض العصافير. للحظة نسى كل شيء من حوله وسحر بهذا الهدوء الذي يفتقده في حياته. لما لا يكون بإمكانه أن ينظر اليها الان ويخبرها كم تبدو السماء جميلة والطقس رائع؟ لما لا يكون حديثهم بهذه السلاسة كما عهده سابقاً؟
نظر اليها بعيون تضطرب بالشوق والالم بآن واحد وقال:
أأقول أحبكِ يا عمري؟!
آه لو كان بإمكاني!
وقبل أن تستعيد رشدها من صدمة كلماته لها وقف فوراً وقال:
لم يعد لبقائنا فائدة. دعيني أعيدكِ الى المنزل!
رفعت بصرها المذهول اليه وتأتأت ببضع كلمات غير مفهومة ثم سحبت حقيبتها وكتبها من جوار كوب شرابها الساخن الذي لم ترتشف منه أي جرعة وتبعته بصمت الى السيارة من غير أن تضيف أي كلمة أخرى على حديثه الاخير. يكفيها أن تتأكد أنها بالنسبة له ليلى القديمة ذاتها!
راقبته وهو يتقدمها في المسير وطبول الحرب تتراقص بين ضلوعها. أنها تشعر بنبضات اعترافه الاول لها وكأنها الان فقط عرفت أن يزن واقع في غرامها. أليس سبب كافي لترقص فرحاً؟ أو تصرخ من السعادة؟ أو تعانقه؟ كم تتمنى لو تفعل!
ساد الصمت طريق العودة من جديد إلا أن قطعه صوت هاتف يزن. حدق باستغراب باسم الدكتور زيد الذي نادراً ما يتصل به. رد وشيء من التساؤل يغلف نبرته:
- أهلاً زيد!
ليرد الاخر لاهثاً:
- يزن اين أنت؟!
رد بشي من التوتر:
- لماذا؟! ما الذي حصل؟
- أياد ومازن تشاجرا. لقد اوسعه مازن ضرباً ولا نستطيع جعله يهداً ويكاد الامر يصل للمدير!
ضرب المقود بيده لغضب وتمتم بحنق:
- ذلك المجنون الاحمق!
ثم قال باستعجال:
- عشر دقائق وسأصل!
اول ما اغلق الهاتف سألته ليلى بقلق:
- هل حصل شيء؟!
- مازن الاحمق. تشاجر مع اياد!
- ومن أياد؟!
- خطيب روان!
سكتت لثواني تحدق به من غير رد او سؤال عن حال مازن. أنها تربط القطع ببعضها، إذاً ما كان يراودها من شك في محله!
اكتفت بالصمت وهي تقطب حاجبيها بشيء من الاستياء وطالعت أعمدة الانارة التي تجري معهم من غير أن تضيف كلمة أخرى للحديث!
أوصلها بسرعة جنونية نحو منزلها وانطلق بسرعة اشد نحو المستشفى. نزل من السيارة راكضاً وهو يستمر بالاتصال بمازن دون أن يرد الاخير عليه!
وصل نحو غرفة استراحة الاطباء حيث كل واحد فيهم يمتلك خزانته الشخصية فوجد مازن هناك بعد أن ارشده زيد اليه. كان قد انتهى من توضيب كل اشيائه في الحقيبة مع خد ملكوم وانف ينزف!
توقف عند الباب يسحب انفاسه بصعوبة وحدق فيه بعدم استيعاب ثم دخل وقال:
- ما الذي حصل؟!
رد الاخر ببرود:
- تم فصلنا لعشرة ايام!
فقال يزن بعصبية:
- اجل وهذا ما يستحقه كلاكما. ألم اخبرك أن لا تتورط معه هنا؟
أغلق حقيبته ورفعها على ظهره قائلاً:
- هذا افضل. فلن اتمكن من رؤية وجوه كليهما هذه العشرة ايام.
ثم مضى في خطواته يريد الخروج من الغرفة فأمسكه يزن من معصمه قائلاً:
- وأين تظن نفسك ذاهباً الان؟ أنتظرني سأطلب إجازة لبقية اليوم وآتي معك!
سحب يده دون ان ينظر اليه وقال بصوت ضعيف يجاهد كي يبقيه متماسكاً:
- أرجوك يزن. تدرك جيداً إني في حالات كهذه أحب أن أبقى وحدي!
- مازن هذا.
وقبل أن يكمل صرخ به مازن بجنون وهو يلتفت اليه يدفعه من صدره:
- هذا يكفي! أتركوني وشأني. أنتم تخنقوني بما تفعلوه بي وما أتحمله منكم. أذهب لتواسي روان بدلاً مني. فلربما استيقظ ضميرها وبدأ يؤلمها عمّا فعلته بي من شناعة طوال هذه المدة. لست مضطر أن تواسيني فأنا أعرف جيداً كيف اواسي نفسي بنفسي ولست احتاج فتات اهتمامكم المصطنع!
نعم. لهذا السبب كان مازن بالضبط يصّر على البقاء وحيداً في لحظات غضبه. فهو يقول اكثر الاشياء حماقة في هذه الدنيا واشياء لن يعنيها على الاطلاق. هو فقط كان يشعر ببعض الارتياح حين يُغضب شخص اخر ويحرقه. ولكن ليس اي شخص. بل شخص يتجاهل كل الحماقات التي يجهضها مازن في لحظة عصبيته ولن يلومه عليها. ولم يكن أحد يفعل هذا سوى يزن!
بقي يزن يحدق به بجمود من غير أن يرد بشيء بينما الاخر بدء بذرف بعض الدموع. ركل المنضدة التي أمامهُ أكثر من مرة ألى أن كسر زجاجها واوقع ما عليها. دون أن يخمد شيء بداخله!
هل جربت هذا الشعور من قبل؟ حين تشعر أن هناك ايادي وهمية تخنقك صعب عليك التخلص منها؟ هل حاولت من قبل أن تصرخ وتحطم وتكسر فقط في سبيل أن تنفض تلك الانقاض عن صدرك؟ هذا الشعور يكون مؤلم حد الموت حين تكتمه!
استنزف قواه في الكسر والتحطيم فأغلق يزن الباب من عيون المحيطين الفضولية كي لا يشاهدو انهيار صديقه الذي سيطلقون عليه الجنون دون أن يدركوا كل ما يعتمر بداخله. فما على الناس سوى الحكم بسطحية كما يفعلون دوماً!
جلس على الارض واسند ظهره على الجدار وهو يقول بصوت شبه مبحوح:
- ما الذي فعلته بحياتي لأستحق كل هذا؟ أذيت من فيكم لتأذوني بهذا الشكل؟ ما الذي احتجتموه مني ولم أقدمه لكم لتنبذوني بهذا الشكل؟
ابتلع يزن غصة مؤلمة ترتكز على حنجرته وهو يشاهد مازن لثاني مرة في حياته بهذا الشكل. فالاولى كانت في ليلة عقد قران روان!
لم يكن مازن رجل سهل الانهيار، فلطالما تم تسميته بالبارد من بين روان ويزن. رغم إنه ارقهم قلباً، ولكنه كان ذلك النوع من الناس الذي يكتم مشاعره بقوة.
ضمّه يزن اليه ومسح على ظهره كما لو كان اخيه الصغير وقال بهدوء:.
- أَخرِج كل ما يعتمر بداخلك ولا تكتم شيء. أن اردت شتمي أو حتى ضربي فلست أمانع. المهم أن لا تكتفي بالصمت يا مازن. هذا سيقتلك!
اطلق ضحكة قصيرة ساخرة من بين دموعه وقال:
- وكإني حي الان لأقُتل؟ أنا مجرد هيكل هزيل على وشك التداعي. لم يبقوا بي شيء يا يزن. لم يبقوا شيء!
أغمض الاخر عينيه بألم بينما مازن يتداعى بالفعل جزء بعد أخر. وما الذي بيده ليفعله من أجله؟ ينصحه بترك كل شيء ويخصص حياته مع خطيبته التي كانت وما زالت حبه الوحيد؟ أم يسمح للأنانية بتملكه ويخبره بترك ليلى ليعود لروان التي سببت كل هذا له؟ أي خيار سيلجئ اليه غير الصمت ليساعده حقاً؟
طبطب برفق على ظهره وهو يتنهد بحسرة ثم قال:
- دعني أوصلك للمنزل. أنت بالفعل تحتاج إلى الراحة.
- لا راحة لي طالما أراها أمامي يا يزن.
- دعك من هذه الحماقات في لحظة العصبية. إن كنت ستعاقبها كشخص أحبها فأنت بالنهاية صديقها المقرب ومهما كان ما فعلته لا يجوز لك أن تتخلى عنها في ظروف كهذه.
نظر اليه الاخر بلوم وهو يقول:
- هي من تخلت ولست أنا!
- حتى وأن فعلت وتركتك في أمسّ الاوقات أنت بحاجة اليها. لا تفعل بها المثل. فليس هذا مازن الذي أعرفه!
- أجل. مازن الذي تعرفونه هو الذي عليه أن يتحمل كل شيء بابتسامة. كم تظنون إن الأمر سهل!
ثم نهض ساحباً حقيبته التي تحوي اشيائه معه وقال:
- أنا بالفعل أحتاج إلى الراحة وبقائي هنا لن ينتج سوى الحماقات!
ثم خرج قبل حتى أن يسمع رد يزن واتجه الى المصعد. وقف امامه بوجه مقتضب وانفاس قوية يكاد يصارع الهواء وليس يستنشقه فقط. لم يكن ينقصه في هذه اللحظة شيء اخر لينفجر. لا سيما نرجس. الفتاة التي خان اياد روان معها!
فُتح باب المصعد ونرجس ومازن كل واحد بجهة. هي بداخله وهو على بُعد خطوة من دخوله. جفلت فور رؤيته لا سيما بعد أن عرفت بأمر ضربه لأياد لدرجة لم يتبقى مكان في وجه اياد لم يُجرح أو يُلكم. ولكن مع ذلك لم يقدم ضده شكوى خوفاً على سمعته من أن يعرف الجميع لِما فعل مازن ذلك!
كز على أسنانه بغيظ ودخل الى المصعد قبل محاولتها الخروج منه وسحبها من يدها ودفعها على الجدار بينما انغلق الباب ليظلا بمفردها!
قلصت جسدها بخوف وتوتر فهمس الاخر بغضب بالكاد يسيطر عليه بينما يعصر عضدها بقوة بين قبضته القاسية:
- أسمعيني جيداً أيتها السافلة الوضيعة. إن شاهدتك لمرة واحدة تقتربي من روان أو أن تقولي أي شيء يزعجها بخصوص ما فعلتموه بها أنتِ وذلك المنحط فسأنسى إنكِ فتاة أقسم بذات الله وسأبرحكِ ضرباً كما فعلت بإياد الحقير. هل ما أقوله واضح؟!
اومأت برأسها فوراً برعب بينما توشك على البكاء فصرخ بها:
- أريد سماع صوتكِ!
فقالت بفزع بينما تذرف بضع دمعات:
- أجل واضح. اقسم لك لن أفعل!
شدد قبضته أكثر بينما يكمل:
- أبلغي عشيقكِ أن روان خط أحمر أن تعداه فسأكسر له عظامه. سواء أنتِ أو هو أو أي شخص أخر. أقسم سأجعلكم تندمون. لذلك نصيحة مني لا تتشوقوا كثيراً لرؤية مازن في لحظة عصبيته فصدقيني لن يعجبكم ما ستروه ابداً.
ثم أفلت يدها بعنف وهو يدفعها على الجدار بقسوة وخرج بعد أن توقف المصعد. نزل تاركاً خلفه وجه شاحب وأوردة قد تجمد بها الدم بينما هو دمه يغلي. إنه يعيش تناقض مشاعر يعذبه بالفعل. جزء كبير بداخله يعشقها بجنون، وجزء اخر يكابر ويرفض التساوم ويعلن حربه عليها أنتقاماً عمّا فعلته. كلما قمع جزء عذبه الاخر بقوة دون أن يعرف ما الذي بالضبط عليه فعله، فهو قد تبع عقله مرات عديدة ولا يزال الأمر مؤلماً. لذلك قرر هذه المرة أتباع قلبه!
قاد سيارته باتجاه شقتها متجاهلاً صراخ عقله به أن يغير الطريق وأن لا يتنازل لها. ولكن ما بداخله من احتياج لها كان يجعله يتجاهل كل شيء!
وصل اسفل البناية. اطفئ السيارة وظل لدقائق جالس فيها يمسك المقود بين يديه وكأن عقله حتى هذه اللحظة يرفض أرسال ايعازات لبقية جسده بالتحرك. ولكن نبضاته كان كافية لتفعل ذلك!
صعد إلى شقتها وتسمر أمام باب شقتها يصارع نفسه من جديد ما بين طرقه وعدمه. وقبل أن ينتصر أو يُهزم فتحت هي الباب على غفلة بعد أن شاهدت وقوف سيارته أسفل البناية.
حدقت بعينيها الممتلئة حد التخمة باللهفة والندم داخل عيناه المتعبة.
أستند بكتفة على جانب الباب وكذلك برأسه وحدق بصمت بعينيها. اقتربت منه خطوة ووقعت من عينيها المحمرة مسبقاً دمعتين ثقيلة وقالت:
- هل ذلك الحقير من فعل بوجهك هذا؟!
رد بهدوء:.
- فعلت به الأكثر.
اقتربت منه خطوة اخرى حتى اختلطت انفاسهما ورفعت يدها لتستقر على جانب وجهه الملتحي نسبياً وقالت:
- لا أستحق أن تفعل هذا من أجلي.
- أعرف.
- لمِا فعلته إذاً؟!
- أفقد سيطرتي حين يخصكِ الأمر!
تبسمت ابتسامة مرتجفة وعانقته بقوة وهي ترفع يديها لتحيط عنقه وهمست له من بين دموعها:
- أنا أسفة عن كل ما فعلته بك!
أحاط خصرها بيديه يضمها اليه وغرز انفه بين خصلات شعرها بجانب عنقها ليستنشق نفساً عميقاَ جداً ينعش له خلاياه الميتة بفراقها وقال بينما يطرح زفيره المحمل بعبقها:
- يا ليته بإمكاني الغضب منكِ وترككِ إلى الأبد. يا ليته بإمكاني كرهكِ يا روان!
ابتعدت مسافة انشات عنه ولاتزال يديه تحوط خصرها فاحاطت هي وجهه بين يديها وقالت:
- أحقاً تريد هذا؟ أحقاً تريد كرهي يا مازن؟!
هز رأسه بضعف نافياً ثم قال:.
- أتمنى. ولكن لا أريد!
تبسمت وعانقته مرة اخرى وهي تقول:
- هل يمكننا أن ننسى هذا اليوم كل شيء وأن تبقى بجواري فقط؟ أرجوك؟!
- إذاً أتمنى أن يتوقف الزمن عند هذا اليوم إلى الأبد!