قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل العاشر

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل العاشر

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل العاشر

اه توقفي ارجوكِ...
تأوهت بالم شديد وهي تشعر بتلك القطنة البيضاء تلسع جروحها النازفة...
آسفة...
همست جوليا بخفوت وهي تمسح جروحها مرة اخرى بالقطنة برقة بالغة محاولة الا تجعل جوري تشعر بالالم قدر الإمكان...
كانت ليليان تتابعهما بنظراتها الصامته حتى انتهت جوليا من معالجة جروح جوري التي سارعت لارتداء قميصها...

جلست بعد ذلك بجانب جوليا على الكنبة المقابلة للكنبة التي تجلس عليها ليليان وهي بالكاد تستطيع السيطرة على دموعها التي تتناثر من مقلتيها الحمراوتين بغزارة شديدة...
حاولت جوليا تهدئتها قائلة:
يكفي بكاء يا جوري، حاولي ان تتماسكي قليلا يا عزيزتي...
ازداد بكاء جوري أضعافا وبدأت شهقاتها تعلو أكثر حينما تحدثت ليليان بنبرة جامدة:
قلنا يكفي بكاء، البكاء لن ينفعك بشيء...
وماذا بوسعي ان افعل سواه...؟

سألتها جوري بنفاذ صبر لتجيبها ليليان بلا مبالاة:
افعلي ما تشائين لا يهمني...
لماذا تتحدثين معي بهذه الطريقة...؟! وتتطلعين الي هكذا...؟! انتِ لم تكوني هكذا معي من قبل، لماذا تغيرتِ معي...؟!
سألتها جوري ببكاء لتجيبها ليليان بجدية:.

انا لم اتغير يا جوليا، ومعاملتي معكِ ليست غريبة، ماذا تنتظرين مني ان افعل لكِ...؟ اخبريني...؟! هل تريدين مني ان اجلس بجانبك واواسيكِ على مصيبتك هذه...؟! هل تريدين ان اعطف عليكِ واشعر بالشفقة من أجلك ِ...؟!
الا استحقها...؟!
سألتها جوري باندهاش مرتعب لتجيبها ليليان بصراحة قتلتها فالصميم:
كلا لا تستحقينها...

نهضت جوري من مكانها واتجهت ناحيتها، رفعت جسد ليليان بيديها وأوقفتها قابضة على ذراعيها هاتفة بها بنظرات شبه مختله وملامح مضطربة فقد سيطر الجنون عليها من فرط ما عانته وسمعته:
لماذا...؟ لماذا انا لا استحق شفقتكِ...؟! هل انا بشعة لهذه الدرجة...؟! هل انا حقيرة في نظركم لهذه الدرجة...؟! ما الذي فعلته ليحدث معي كل هذا...؟! ما الذي فعلته لاستحق كل هذا منك ومنهم...؟!

كانت تتحدث وهي تهز ليليان بقسوة، ترى فيها ريحان وهو يعذبها، ذاك الرجل وهو يحاول الاقتراب منها ونيل جسدها، فقرها وحاجة اخواتها للمال، كانت تراهم بها...
دفعتها ليليان بقوة حتى وقعت مصطدمة بأرضية الغرفة، تطلعت اليها بملامح متأسفة وهي تهز رأسها يميناً ويسارا قائلة بصوت أجش:
انت من جئتِ الى هنا بنفسك، وانتِ من اخترتِ هذا الطريق، القيتِ نفسكِ في الوحل ورضيت بان تفعلي شيء مشين كالذي نفعله نحن...

اقتربت منها اكثر وانخفضت نحوها مرددة على مسامعها وامام ملامحها الباكية ونظراتها التي تترجاها الا تكمل ما بدأته:
انتِ من دخلتِ إلى هنا بقدميكِ، ورضيت ان تكوني مجرد عاهرة، انت ِ يا جوري وليس غيركِ، لذلك لا تبحثِ عن شفقتنا لانكِ لا تستحقيها...

خرجت بعدها من الغرفة بعد ان ألقيت كلماتها تلك التي كانت السبب في تعرية جوري امام نفسها قبل الجميع لتنهار الاخيرة باكية بصوت عالية وتسارع جوليا لاحتضانها وتهدئتها...

كان كريم يجلس مع عمه فريد والد ميرال الذي طلب لقاءه فجأة لسبب يجهله حتى الان...
خير يا عمي، لماذا طلبتني...؟!
قالها كريم متسائلا ليجيبه عمه الذي بدا عليه الارتباك:
خير يا كريم، كل خير يا بني...
صمتت للحظات ثم أردف قائلا:
اريد ان اسألك سؤال يا كريم، وأتمنى ان تجيبني عليه بصراحة تامة...
غزا التوتر كريم الذي استشعر بوجود امر خطير وراء هذا السؤال، استرسل العم في حديثه قائلا:.

هل انت مقتنع بميرال كزوجة لك...؟! هل انت كنت راضي عن ارتباطك بها...؟!
شعر كريم بالإحراج الشديد امام عمه ولم يعرف بماذا يجبه وقد شعر عمه بدوره بهذا الاحراج فقال له:
لا تنحرج مني يا بني، قل ما لديك بصراحة تامة...
لما هذا السؤال يا عمي...؟ هل حدث شيء ما جعلك تسألني سؤال كهذا...؟!
اخذ العم نفسا عميقا ثم قال بصدق:.

سأجيبك بصراحة يا بني، ميرال تقول بانك لا تحبها ولا تريدها، وهي ايضا لا تريدك، تقول اننا فهمنا امر هذا الصور بشكل خاطئ واجبرناكما على هذا الارتباط، في بادئ الامر أمرتها ان تنسى هذا الموضوع ولا تفكر فيه فزواجكما امر حتمي، لكن تحت اصرارها المستمر قررت ان اسألك لأفهم...

احتار كريم بماذا سوف يقول له وماذا سوف يجيبه، هل يكذب ما قالته ميرال...؟! هل يكون جبان لهذه الدرجة وينكر حقيقة شعوره ناحية تلك الزيجة...؟! ام يصارح عمه بالحقيقة كاملة ويكسب راحة باله...؟! لم يكن امامه وقت كبير للتفكير لذا وجد نفسه يحدد اجابته بسرعة...
في الحقيقة يا عمي كلام ميرال صحيح، انا وهي لا نريد بعضنا، نحن أُجبرنا على هذا الزواج بسبب اصراركم...
كنت متوقع هذا...

قالها فريد بأسف شديد ليقول كريم باعتذار:
انا أسف يا عمي ولكن...
قاطعه فريد:
لا تعتذر يا بني، لا يوجد شيء تعتذر لي من اجله، ميرال تريد فسخ الخطوبة وانت ايضا تريد ذلك بالتأكيد، لهذا اعتبر نفسك من الان انت حرا وغير مرتبط بابنتي...

هز كريم رأسه بتفهم ثم اعتذر من عمه مرة اخرى ونهض من مكانه خارجا من منزل عمه بعد ان استأذنه وهو يشعر بالراحة الشديدة فهاهو تخلص من ارتباطه بميرال الذي كان يقيده من جميع النواحي...

كان جالسا في غرفته وهو يدخن بشراهة بينما تحتل هي أفكاره طوال الوقت وتحديدا منذ اخر لقاء جمعه بها...
يفكر بها طوال الوقت ؛ يحاول ان يزيلها من أفكاره لكن بلا فائدة، نسيانها بات امر صعب للغايه...

اما هي فكانت تقف تراقبه من بعيد، تراقب شروده الدائم وشراهته في التدخين، لقد بات بعيد عنها للغاية، كل يوم يبتعد اكثر عن الذي قبله، وكل يوم هي تموت اكثر من الخوف والقلق لسبب ابتعاده عنها بهذا الشكل، تموت من كثرة التفكير والاحتمالات العديدة التي تضعها أمامها، حسمت امرها وهي تتقدم ناحيته بخطوات بطيئة، وصلت اليه لتجده سارحا لا يشعر بقربها منه فوضعت يدها على كتفه...

تصلب جسده بالكامل وهو يشعر بها تضع يدها على كتفه، شعرت بتصلبه هذا فسألته بارتباك:
ما بك...؟ تبدو متضايقا من شيء ما...
اجابها دون ان ينظر إليها:
كلا، لا يوجد شيء...
جلست بجانبه على السرير وهي تقول بجدية:
بلى، انت منزعج من امر ما...
قلت لك لا يوجد شيء، انت تتوهمين بالتأكيد...
منذ متى وانت تخبئ علي...
قاطعها بعصبية وهو يبعد يدها عن كتفه بنفور:
قلت لك لا يوجد شيء، الا تفهمين...؟!

امتئلت عيناها بالدموع لتقول بحشرجة وهي تنهض من مكانها مبتعده عنه:
حسنا...
زفر انفاسه حنقا وقد شعر بتأنيب الضمير ناحيتها فهي لا ذنب لها ليفرغ غضبه بها...
بيسان...
ناداها بصوت هادئ جعلها تستدار اليه وقد احمر وجهها بشدة...
اقترب منها حتى وصل اليها ليقول باعتذار:
انا أسف...
لا داعي للاعتذار، الخطأ مني انا، ما كان يجب ان أتدخل واسألك عن سبب ضيقك من الاساس...
بيسان لا تقولي هذا...

قاطعته بعصبية وقد انسابت دموعها على وجهها:
مالذي لا أقوله، اليس هذا الصحيح، انت تتضايق مني، تتضايق من لمساتي وكلامي معك، هل تظن بأنني غبية ولا اشعر، غبية لدرجة الا الاحظ نفورك الواضح مني، انشغالك الغريب عني، اهمالك المتعمد لي...
صمت ولم يجبها بينما اردفت هي بالم:
لقد تغيرت كثيرا يا تيم، اصبحت رجلا اخر انا لا اعرفه، مالذي جرى لك...؟ مالذي جعلك تصبح هكذا...؟

اطرق رأسه ارضا وهو يشعر بالخجل الشديد منها، انه يؤذيها وهي لا ذنب لها بأي شيء، يحملها مسؤولية أخطائه وخيانته لها...
رفع بصره ناحيتها وهو يقول بصدق ونبرة متعبة:
انا متعب للغاية يا بيسان...
اقترب منها اكثر ومسك يدها بكف يدها وهو يقول:
انا بحاجة لكِ، اريد مساندتك ودعمك لي، اعرف اني آذيتك كثيرا، لكن ليس بيدي، ساعديني بيسان، ساعديني لأعود كما كنت...
انا معك تيم، معك وبجانبك...

ضمها بقوة اليه محيطا جسدها بذراعيه، كان يحاول ان ينسى، ان يمحي ذكراها، ان يبدأ من جديد...

بعد مرور عدة ايام...
جلس رائف امام تيم المشغول في عمله كالمعتاد...
تأمله بنظراته قليلا قبل ان يهتف به متسائلا:
ألن تخبرني عن سبب تغييرك المفاجئ...؟!
سأله تيم دون ان يحيد عينيه عن كومة الملفات الموضوعة امامه:
عم تتحدث بالضبط...؟!
اجابه رائف بجدية:.

انغماسك في عملك طوال الوقت، خروجك في مهمات صعبة للغاية بناء على طلبك، ابتعادك الغريب عني، كل هذه اشياء جديدة عليك لم افهمها مطلقا ولم اجد لها سببا مقنعا...
رفع تيم اخيرا بصره عن الملف الذي يقرأ به، تأمل رائف بنظرات باردة قبل ان يجيب:
مجرد محاولات لتصحيح مسار حياتي والبدء من جديد...
لا افهم...
قالها رائف بحيرة واضحة ليرد تيم ببرود:
ليس من الضروري ان تفهم...
تيم، ماذا يحدث معك بالضبط..؟!

والسؤال هذه المرة كان جادا للغاية، سؤاله جعل تيم يتنهد بتعب قبل ان يقول بقلة حيلة:
انا متعب للغاية يا رائف، متعب جدا...
ماذا يحدث...؟! اخبرني..
سأله رائف بلهفة ليستند تيم بظهره على الكرسي ويسرح بخياله قليلا فتظهر صورتها امامه...
اغمض عينيه محاولا ابعاد صورتها عن خياله، محاولا الهرب منها، التخلص من دائها الذي يلازمه...

اخذ رائف يطالعه بحيرة وقلق قبل ان يفتح تيم عينيه ويتقدم بجسده الى الامام قليلا قائلا بنبرة عادية بالرغم مما يحمله في داخله من الم وشجن:
ما رأيك ان نسهر سويا اليوم في احد الاماكن فلا رغبة لي في العودة الى المنزل...
حسنا موافق...
قالها رائف بجدية قبل ان يكمل:
ما رأيك ان نذهب الى الكازينو و...
قاطعه تيم بسرعة وغضب:
لا، لن نذهب الى هناك مرة اخرى...
رماه رائف بنظرات متعجبه الا انه لم يملك حل سوى الاذعان...

تقدمت بيسان من لينا الجالسة في الشرفة الخارجية لغرفتها...
جلست على الكرسي المقابل لها واخذت تنظر اليها بصمت...
قطعت بيسان الصمت وهي تقول بنبرة حاولت جعلها مرحة:
ما رأيك ان نخرج من المنزل...؟!
التفتت لينا الصامته اليها وتحدثت متسائلة بهدوء:
الى اين نذهب...؟!
لمعت عينا بيسان بتفكير قبل ان تجيبها بجدية:
الى احد المولات القريبة مثلا، او الى احد المطاعم المطلة على البحر...

اشاحت لينا وجهها بعيدا وقالت بإباء:
كلا لا اريد...
زمت بيسان شفتيها وتنهدت بصمت قبل ان تتجه بانظارها إلى خارج الشرفة...
التفتت لينا اليه وسألتها بجدية:
هل تريدين قول شيء ما...؟!
اومأت بيسان برأسها دون ان تتحدث لتردف لينا:
تحدثي يا بيسان، ماذا هناك...؟!
تيم...
ما به تيم...؟!
سألتها لينا بقلق وهي تعدل من وضعية جلوسها لتتنهد بيسان بتعب وتقول:
تيم تغير كثيرا في الاونة الاخيرة، اصبح شخص اخر لا افهمه...

كيف يعني..؟!
سألتها لينا بعدم فهم لترد بيسان بحيرة:
منذ فترة طويلة بدأ يتغير علي، اصبح لا يهتم بي، ولا يتحدث معي، لا اعرف ماذا فعلت له، لكنني حقا متعبة من هذه الحالة...
حركت بيسان وجهها بعيدا عن لينا حتى تخفي عينيها عنها، عيناها التي تجمعت بهما الدموع، اما لينا فسرحت بكلام بيسان وقد سيطرت عليها الحيرة والقلق الشديدين...
تحدثت لينا اخيرا بنبرة مواسية:.

حسنا يا بيسان، لا تضايقي نفسك، قد يكون متعبا او يمر بضغوط صعبة بسبب عمله..
ثم اردفت بجدية:
ما رأيك ان تتحدثي معه...؟! افهمي منه سبب تغيره المفاجئ..
كفكفت بيسان دموعها بسرعة وقالت:
تحدثت معه، لكن لم يتغير شيء، يزداد كل يوم بعدا عني...
هل تريدين ان اتحدث معه...؟!
قالتها لينا كمحاولة منها لمساعدة بيسان لترد بيسان بسرعة ونفي:
كلا ارجوك لا اريده ان يعلم بأنني اخبرتك شيئا...

هزت لينا رأسها بتفهم ثم اخذت تتأمل ببسان الشاردة وهي تفكر بأمر اخيها وسبب تغيره المفاجئ مع زوجته...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة