قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل السادس

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل السادس

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل السادس

حرر شفتيها من شفتيه ثم اندفع مبتعدا عنها خارجا من الكازينو باكمله تاركا اياها تتابعه بنظراتها المنذهلة...
كان يركض باقصى سرعته وكأنه ملاحق من قبل شخص ما، لا يعرف مما كان يهرب، منها ام من نفسه التي خانته في لحظة شغف مؤقته سرعان ما انتهى سحرها الخداع...

ركب سيارته وانطلق بها عائدا الى منزله، وصل الى منزله بعد فترة قصيرة للغاية بسبب سرعة قيادته والتي كادت ان تتسبب بأكثر من حادث له، هبط من سيارته ودلف الى داخل منزله واتجه تحديدا الى غرفة نومه، فتح باب غرفته ببطء وولج الى داخلها ليجدها مظلمة بالكامل، لم يفتح الاضواء فهو لا يريد ان يوقظ بيسان من نومها وهو بهذا الوضع المزري، لا يعرف كيف خلع ملابسه وارتدى بيجامة نومه ونام بجانبها في هذا الظلام الدامس، أغمض عينيه محاولا الذهاب في سبات عميق ينسيه تفاصيل ليلته هذه الا ان تفاصيلها واحداثها كانت عالقة في ذهنه، ما زال يتذكر طعم شفتيها وملمس بشرتها وخضار عينيها، لم يكن من الممكن ابدا ان ينسى قبلتها او يتجاهلها وكأنها محض حدث عابر مر به في لحظة ضعف، كانت قبلتها أشبه بنار كاويه ألهبت قلبه وحواسه وتركت اثرها بها، اثرا لا يمحيه اي شيء، وهو يدرك هذا جيدا بل ويعلم انه سيعاني منه في الفترة القادمة كثيرا...

في صباح اليوم التالي
وقفت بيسان امام غرفة لينا وهي تشعر بتوتر شديد، اخذت نفسا عميقا ثم طرقت علو على الباب، بعد لحظات سمعت صوت وهي تسمح لها بالدخول، فتحت الباب وولجت الى الداخل لتجدها جالسه على سريرها في حالة مزرية للغايه، وجهها شاحب وعيناها حمراوتان من شدة البكاء، تقدمت ناحيتها بخطوات مترددة وجلست بجانبها، تحدثت بصوت هادئ قائلة:
كيف حالك يا لينا...؟
اجابتها لينا بنبرة مقتضبة وصوت مبحوح:
بخير...

عادت وسألتها مرة اخرى قائلة:
لماذا لم تنزلي وتتناولي فطورك مع انا وعمتي...؟
لست جائعة...
صمتت بيسان للحظات وهي تحاول صياغة العبارات المناسبة التي ستلقيها عليها، حاولت انتقاء كلماتها بشكل جيد فقالت بصوت جاد:
انت لا تنوين البقاء هكذا يا لينا، اليس كذلك...؟
ماذا تعنين...؟
سألتها لينا بوجوم لتجيبها بيسان بجدية:
منغلقة على نفسك طوال الوقت وترفضين الخروج من غرفتك...
انا مرتاحة هكذا...

قالتها بنبرة حازمة لا تقبل جدال الا ان بيسان لم تهتم لنبرتها تلك وهي تردف قائلة:
انت تكذبين، كيف تشعرين بالراحة وانت بهذا الوضع السيء، انظري الى نفسك في المرأة، هل هذا منظر يليق بواحدة مثلك...
أشاحت لينا بوجهها بعيدا عنها وهي تحاول اخفاء دموعها فربتت بيسان على كتفها وهي تقول بحزن طفيف:
ابكِ يا لينا، ابكِ ولا تخجلي من هذا، انت بحاجة للبكاء لإراحة نفسك...
التفت ناحيتها وقالت بدموع ونبرة باكية:.

بكيت، بكيت كثيرا لكن دون فائدة...
لم تستطع بيسان ان تقاوم دموعها فضمتها اليها بقوة مما جعل لينا تدخل في نوبة بكاء عنيفة وهي بين أحضانها...
بعد فترة ليست بقصيرة كانت الاثنتان جالستين في الشرفة الخارجية لغرفة لينا يتحدثان سويا...
كانت بيسان تحاول إقناع لينا بالخروج من حالتها تلك والعودة الى عملها...
اشعر بان الوقت ما زال مبكّر على العودة الى عملي...
قالتها لينا بجديه لتقاطعها بيسان بضجر من حديثها:.

مالذي تقولينه يا لينا...؟ ما معنى ان الوقت ما زال مبكرا...؟! الست واعية لما تقومين به...؟! انت تؤذين نفسك بما تفعلينه، لا يوجد شيء يستحق ان تفعلي بنفسك هذا، لا يوجد ابدا...
تطلعت لينا اليها بنظرات شبه مقتنعه مما جعل بيسان تسترسل في حديثها قائلة بحماس شديد:.

امامك المستقبل يا لينا، لا تبكي على ماضي ولى وانتهى، فكري في مستقبلك وما ينتظرك به، عودي الى عملك و طوري من نفسك، صدقيني سوف تنسين جميع ما مررت به مع مرور الوقت...
صمتت لينا ولم تتحدث بينما سألتها بيسان بأمل:
ماذا قلتِ...؟ هل ستعودين الى عملك...؟
اجابتها لينا بعد فترة من التفكير:
سأفكر في هذا الموضوع جيدا واقرر بعدها اذا كنت سأعود ام لا...

دلف الى داخل مكتبه وسكرتيرته تتبعه، جلس على مكتبه وأخبرها ببعض المهام التي يجب ان تنفذها، خرجت من مكتبها بعد ان سجلت جميع اوامره الموجهه اليها، عاد بظهره الى الخلف وهو يفكر بعمق، كان يفكر في وضعه وما حصل معه في الآونة الاخيرة، كل شيء يجري ضده بشكل غريب للغاية، تطلع الى خاتم الخطبة الذي يزين إصبعه بحنق شديد، خلعه من مكانه ورماه على مكتبه، زفر بضيق وهو يحاول ان يشغل باله في التفكير بشيء اخر غير هذا الموضوع، اخذ احد الملفات الموجوده على مكتبه وبدأ يقلب به، رن هاتفه فجأة فأخرجه من جيبه ليجدها تتصل به، تنهد بضيق ما ان رأى اسمها واغلق الهاتف في وجهها ثم عاد بتركيزه ناحية الملف الذي بيده...

بعد حوالي ثلث ساعة فتح الباب ودخلت منه ميرال وخلفها السكرتيره وهي تحاول ايقافها، نهض كريم من مكانه وهو يصيح بهم غاضبا:
ماذا يحدث هنا...؟ثم أردف موجها حديثه الى ميرال:
وانتِ كيف تدخلين علي بهذه الطريقة...؟
اجابته ميرال بلا مبالاة:
انا خطيبتك ويحق لي ان ادخل عليك دون استئذان...
حاولت ايقافها سيدي لكنها لم تعطيني فرصة لهذا، اقتحمت المكتب بسرعة قياسيه...
قالتها السكرتيره باعتذار ليقول كريم بجدية:.

لا عليك، يمكنك الخروج الان...
خرجت السكرتيرة من المكتب بينما تقدمت ميرال وجلست على الكرسي المقابل لكريم الذي ما يزال واقفا ووضعت قدما فوق الاخرى...
تأملها كريم مليا بنظرات مزدرئة ثم قال بحنق واضح:
ما معنى تصرفاتك الرعناء هذه يا ميرال...؟ كيف تقتحمين مكتبي بهذا الشكل...؟!
التفتت ناحيته وهي تجيبه ببساطة:
وما المشكله فيما فعلته، الست خطيبي ومن حقي ان ادخل اليك في اي وقت اريده...؟!

تشدق فمه بابتسامة ساخره وهو يقول بتهكم:
الان اصبحت خطيبك، تكذبين الكذبة وتصدقينها...!
عن اي كذبة تتحدث..!؟ وما علاقتي انا بما حدث...؟!
هبت به بصوت عالي ليقول هو الاخر بغضب شديد:
بل انتِ السبب في جميع ما حدث، لولا تصرفكِ السخيف في هذا اليوم واحتضانك لي لما اضطررت الى خطبتك والارتباط بك...
لا تتحدث وكأنني اموت عليك، اذا كنت متضايق من خطبتنا فانا متضايقة اكثر منك بكثير...
وما الحل...؟

تطلعت اليه بنظرات خالية من اي معنى فهي لا تدرك حقا ما هو الحل لمشكلتهما هذه، زفر انفاسه بضيق وهو يجلس على كرسيه ويقول بنبرة يائسة:
يبدو انه لا حل أمامنا سوى إتمام هذا الزواج...
هل جننت...؟! ماذا يعني إتمام هذا الزواج...؟! انت لا تعني ما تقوله بالتأكيد...!
هذا الواقع يا ميرال، أهالينا لن يسمحوا لنا بفسخ هذه الخطبة...

اذا رضيت انت فالامر الواقع فانا لن افعل مثلك ابدا، انا لن أيأس حتى انهي هذه الخطبة اللعينة...
سألها بتعجب شديد من ثقتها بنفسها:
وماذا ستفعلين...؟
سوف ترى بنفسك ماذا سأفعل...
قالتها بثقة عالية ثم خرجت من مكتبه تحت أنظاره وهو يدعو في داخله الا تقم بمصيبة اخرى تخرب المزيد من الأشياء عليهما.

مر اسبوع كامل عليه وهو يذهب الى ذلك الكازينو بحثا عنها ولكن بلا فائدة، منذ ما حدث بينهما اخر مرة واختفت بعدها نهائيا...
زفر بضيق من تلك الرغبة الوحشية التي تمتلكه لرؤيتها، يشعر بحاجة قوية لان يراها ويتحدث معها، لا يعرف ما السر الذي يجعلها مندفعا هكذا في مشاعره وتصرفاته نحوها، كل ما يدركه انه يحتاج الى رؤيتها كحاجته الى التنفس او شرب الماء...

احيانا يفكر بانها ساحرة وقد ألقت بسحرها عليه لتجعله مأخوذا بها على هذا النحو...
شعر بوقع اقدام تتقدم ناحيته فأدرك بفطنته انها بيسان، وجدها تجلس بجانبه وهي تقول بسعادة:
كنت جالسة مع لينا في غرفتها، تحدثت معها وأخبرتني بانها ستعود الى العمل عدا...
جيد...
قالها بلا مبالاة جعلت بيسان ترفع احد حاجبيها بتعجب ثم سألته:
ما بك با تيم...؟! هل انت منزعج من شيء ما...؟!
هز رأسه نفسا وهو يقول بكذب:.

كلا، فقط متعب لا أكثر...
لمست كف يده بيدها وقالت بحنان:
انت تتعب كثيرا بعملك، هذا خطأ كبير، امنح نفسك القليل من الراحة...
ان شاء الله...
اجابها باقتضاب لاحظته على الفور، قطبت جبينها وهي تقول بتردد:
ما رأيك ان نسافر الى مكان ما...؟!
قاطعها بسرعه وهو يردد ما قالته:
نسافر!
هزت رأسها مؤكدة حديثها وهي تكمل ما قالته:
نعم نسافر ونرفه عن أنفسنا قليلا...

لا وقت لدي للسفر يا بيسان، انتِ تعرفين طبيعة عملي التي تمنعني من السفر...
الا يمكنك اخذ اجازة...
كلا لا يمكنني...
اجابها نافيا وهو ينهض من مكانه لتسأله باستغراب:
الى اين انت ذاهب...؟
اجابها دون ان ينظر اليها:
سوف أتمشى في الخارج قليلا واعود...
تبعته بيسان بنظراتها وهي تشعر بان ثمة شيء ما يحدث معه...

طوال الاسبوع السابق كان الضابط يأتي الى الكازينو...
حقا...!
قالتها ليليان بتعجب لتهز جوليا رأسها وهي تقول بتأكيد:
نعم، كنت اراقبه طوال الوقت، كان يبحث عنك بعينيه، لاحظته على الفور...
ابتسمت ليليان وهي تقول بسخرية:
هكذا اذا...
اردفت بعدها متسائلة:
وماذا عن رائف...؟ هل ما زال مع تلك الحرباء...؟!
اجابتها جوليا بنبرة حزينة:
نعم، انه مفتون بها للغاية...
اقتربت منها ليليان وربتت على كتفها قائلة بنظرات جذلة:.

لا تتضايقي يا جوليا، انه غبي ولا يستحق حزنك هذا...
معك حق، من ينظر الى رويدا فهو بالتأكيد غبي...
في نفس اللحظة دلف شادي وهو يقول بسرعة:
اخبار جديدة، اخبار جديدة...
ماذا حدث...؟
سألته ليليان بجديه ليجيبها شادي:
فتاة جديدة جائت الى الكازينو...
حقا...؟! من تكون؟!
سألته جوليا ليهتف بها بغيظ:
وما أدراني انا، اسمهان اخبرتني ان هناك فتاة جديدة جائت للعمل لدينا، جئت الى الفور لاخبر ليليان حتى تقوم باللازم...

حبيت ليليان على الكنبة وهي تقول بذهن شارد:
ضحية جديدة دخلت الى هذا المكان، الله وحده يعلم مالذي جلبها الى هنا...
ثم اكملت موجهه حديثها الى شادي:
اجلبها الى هنا لنتعرف عليها...
بعد حوالي ساعتين كانت ليليان جالسة على نفس الكنبة وبجانبها جوليا تتأمل تلك الفتاة الواقفة امامها بنظراتها، كانت فتاة صغيرة نحيلة ذات ملامح ناعمة ورقيقة، ترتدي ملابس بسيطة لكنها مرتبة ونظيفة...
سألتها ليليان:
كم عمرك...؟

اجابتها الفتاة بتوتر واضح:
عشرون عاما، ،
تنهدت ليليان بالم ما ان علمت بعمرها الصغير ثم اكملت متسائلة:
وما اسمك...
جوري، اسمي جوري...
ومالذي جلبك الى هنا يا جوري...؟
تطلعت جوري اليها بنظرات خجله لتقول ليليان بجدية:
لا داعي للخجل، جميعنا هنا في نفس المقام، لا نختلف عن بعضنا نهائيا، تحدثي بأريحية ولا تتوتري...
شعرت جوري بالراحة ناحية ليليان وقد استشعرت الطيبة في حديثها فتحدثت قائلة بحزن:.

جئت من اجل المال، لم يكن لدي حل اخر، بعد ان فقدت والدي ومنزلنا، أصبحنا نعيش في الشوارع انا واخواتي الثلاث، كنا نشحذ من الناس الاموال التي لا تكفي لسد جوعنا حتى، ومع هذا صبرت وتحملت واستمريت في البحث عن العمل حتى حدث معي ما حدث...
ماذا حدث...؟
سألتها جوليا هذه المرة بسرعة لتجيبها بدموع لاذعة:.

تعرضت اختي لحادث سيارة تركها بين الحياة والموت، لم اجد امامي اي طريق ممكن لانقاذها، الأطباء قالوا انها تحتاج الى عملية دقيقة للغاية حتى تعيش ولكنها مكلفة للغاية، حاولت البحث عن اي عمل الا انني لم اجد فاضطررت الى المجيء الى صاحب الكازينو والذي عرض علي ان يعالج اختي على حسابه ويوفر لأخواتي المسكن المناسب والمال الذي يوفر لهم جميع مستلزماتهم في مقابل ان اعمل لديه، لم يكن لدي حل اخر سوى الموافقة بعد ان اغلقت جميع الأبواب في وجههي...

قالت كلماتها الاخيرة وانهارت في البكاء بعدها لتنهض ليليان بسرعة ناحيتها وتحتضنها بقوة، طبطبت عليها وهي تقول بصوت خافت:
اهدئي حبيبتي، اهدئي ارجوك...
وجهت الفتاة أنظارها اليها وهي تقول بخوف حقيقي:
انا خائفة بل مرعوبة للغاية منا ينتظرني هنا...
تطلعت اليها ليليان بحزن شديد ثم قالت بنبرة حاولت ان تطمئنها من خلالها:
لا تقلقي، سوف أكون انا بجانبك دوما ولن اتركك ابدا، لا تقلقي نهائيا...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة