قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل الرابع عشر

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل الرابع عشر

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل الرابع عشر

اطلقت بيسان لدموعها العنان حينما اصبحت لوحدها...

الان فقط بإمكانها ان تبكي، ان تنهار، بعيدا عن انظار الجميع، هنا لوحدها في غرفتها، تلك الغرفة التي عاشت فيها لسنوات طويلة، خرجت منها عروس مبتهجة وعادت اليها كجثة بلا حياة، لقد خانها تيم، ذلك الرجل الذي احبته لسنين طويلة ومنحته كل شيء، الذي ظنت به ملجئها وملاذها الامن، خانها، طعنها بالصميم، طعن انوثتها وكرامتها واغتصب سعادتها، استمرت دموعها في الانهمار على وجنتيها، مالذي فعلته لتستحق منه هذا...؟! ما الشيء الذي دفعه لهذا...؟! هل قصرت معه بشيء...؟!

هل كانت زوجة ناقصة بالنسبة له...؟! زوجة لم تستطع حماية قلبه وعقله من غزو اخرى...؟!
عند هذه الفكرة نفضت دموعها بعنف ونهضت من مكانها تتطلع الى المرأة تتأمل ملامح وجهها المتعبة الباكية لتهدر بقوة وهي ترفع انفها بشموخ:
افيقي يا بيسان، انت امرأة كاملة لا ينقصها شيء، العيب لم يكن منك ابدا، العيب به هو، فهو لا يشبعه شيء سوى معاشرة العاهرات، نعم هو المخطأ، هو انسان قذر لا يستحق دموعك...

كانت تتحدث والدموع تهطل من عينيها بغزارة وتزداد مع كل انفعال يصدر منها، لطالما كانت رقيقة لا تتحمل اي صدمة في حياتها، وجاء هو ليمنحها صدمة عمرها، تحركت من مكانها مبتعدة عن المرأة متجهة الى الحمام، خلعت ملابسها ورمت بجسدها تحت المياه الباردة التي اخذت تنهمر على جسدها بقوة، اخذت تنفض عن جسدها اثار لمساته لها بيديها، لا تريد اي اثر له ولقذاراته، نعم لمساته باتت قذارات تكرهها وتشمئز منها...

خرجت بعد لحظات وهي تلف جسدها بروب الاستحمام، خلعت الروب وارتدت فستان اصفر قصير، رفعت شعرها قليلا ثم امسكت بهاتفها واتصلت بمحامي العائلة لتخبره باختصار فلا رغبة لديها في المزيد من الاحاديث الجانبيه:
ارفع لي دعوة طلاق على زوجي من فضلك، اريد ان اتطلق منه باسرع وقت...

وقف تيم امام والده مطأطأ الرأس عاجزا عن الحديث، لم يكن لديه الجرأة لينطق بحرف واحد حتى...
لماذا...؟!
جاء سؤال والده المنكسر لما فعله ولده وكيف خذله امام الجميع...
ابي انا...
صفعة وحيدة يتيمة قاطعته ما ان رفع رأسه وقبل ان ينطق بحرف واحد...
رحيم لا...
قالتها والدته وهي تقف في وجه والده ترجوه ألا يفعل به هذا بينما اخفض بشار رأسه ارضا ووضعت لينا كف يدها على فمها بصدمة...
لقد خذلتني يا تيم، خذلتني...

قالها الاب بضعف وانهيار بينما تقدمت لينا نحوه وقالت بقلق:
ابي ارجوك لا تفعل هذا، من اجل صحتك على الاقل...
تحدثت الام هذه المرة قائلة بنبرة متألمة:
لماذا يا بني فعلت هذا...؟ بيسان لا تستحق ان تؤذيها بهذا الشكل، أين كان عقلك...؟ منها لله سارقة الرجال تلك التي جعلتك تخون زوجتك وتهدم بيتك...
من هي...؟! هل نعرفها...؟!
سألته لينا بجمود ليبتلع تيم ريقه بتوتر بالغ فيقول كاذبا:
كلا لا تعرفونها...

اسفي عليك يا تيم، اسفي عليك يا ابني الكبير، كنت اظنك رجلا بحق، ولكن خذلتني كما خذلت زوجتك ووالدك والجميع...
كان هذاحديث الام الذي شعرت بطعنةقوية في قلبها لما فعله تيم...
امي بالله عليك...
قاطعه الاب بعصبية:
وتمتلك الجرأة لتتحدث ايضا، انت يجب ان تخرس ولا ترفع عينك في وجه احد منا...
انا اخطأت واعترف بهذا، ولكن جميعنا معرضون للخطأ، انا بشر ايضا...

اسمعني جيدا، سوف تذهب الى بيسان وتطلب السماح منها، ترجوها ان تغفر لك خيانتك، تقبل قدميها اذا لزم الامر، فقط لتسامحك، هل فهمت...؟!
قالها الاب بصرامة ليشيح تيم وجهه بعيد عنه حينما تقدمت الخادمة تخبرهم عن قدوم محامي العائلة لرؤية السيد تيم...
دلف المحامي بعد لحظات وهو يقول بتردد وعدم تصديق:
لقد طلبت مني السيدة بيسان ان ارفع دعوة طلاق ضد السيد تيم...

استيقظت ليليان من نومها على صوت باب الشقة يفتح، نهضت من مكانها بسرعة واتجهت الى الخارج لتجد تيم يدلف الى الداخل بعدما اغلق باب الشقة خلفه...

كان يبدو متعبا للغاية، جلس على الكنبة ووضع رأسه بين كفي يده، اقتربت منه بحذر، تشعر ان هناك شيء ما تغير به خلال الليلة الفائتة، وقفت امامه ليرفع بصره نحوه فتلمع عيناها الخضراوتان بقوة، مسك كف يدها الدافئ محتضنا اياه بكف يده الضخم، ثم ما لبث ان طبع قبلة خفيفة عليه...
جلست بجانبه واحتضنته بقوة قبل ان تهمس له:
ماذا حدث...؟!
اجابها:
لقد علمت بيسان بكل شيء...

تجمدت كل الكلمات الممكنة على شفتيها، لم تعرف ماذا تقول، هي ليست بمعتادة على مواقف كهذه، لا تعرف كيف يجب ان تربت على قلبه وتهدئ لوعته...
كيف..؟!
سألته بجدية ليجيبها:
لا اعلم، لم تخبرني كيف علمت...
ارتجف قلبها بشدة، وسؤال مهم اخذ يلح عليها، من اين عملت زوجته...؟! هل كانت تراقبه...؟! وهل عرفت بهويتها ومن تكون...؟!

تيم، انا خائفة عليك، الافضل ان تفعل ما قلته لك، ان تتركني وتعود الى زوجتك، تطلب السماح منها، وترجوها ان تغفر لك...
ليليان ارجوك، انا لست بحاجة لكلام من هذا النوع، يكفيني ما بي...
شعرت بمدى تعبه، مدى ضعفه، لاول مرة تراه هكذا، ان تكون هي السبب في كل هذا يؤلمها وبشدة، ان تكون سبب تعاسته وحزنه، سبب شقاءه...

نهضت من مكانها مبتعدة عنه، متجهة الى غرفتها، تريد الانفراد بنفسها، التفكير بحقيقة ما يحدث وايجاد حل سريع لكل هذا...

نظرت الى الجثة الغارقة بدماءها بهلع، لم تعرف ماذا تفعل، لقد قتلته وانتهى امرها، ركضت بسرعة خارج الشقة والدماء الملخطة بيديها دليل على ما فعلت...

لم تعرف اين تتجه فاخذت تركض بلا هوادة، دون ان تحدد وجهتها، توقفت في منتصف احد الشوارع الضيقة الخالية من السكان، اخذت تلهث بقوة وهي تفكر فيما حادث، لقد اصبحت بين ليلة وضحاها قاتلة...! كم غريب امر هذه الدنيا...؟! وكيف تحولت حياتها هكذا...؟! لقد كادت ان تجعلها تلك الدنيا مجرد عاهرة حقيرة لتتحول بين لحظة واخرى الى قاتلة...!

تأملت يديها بخوف وترقب، ترى مالذي سيحدث معها...؟! وكيف ستتجاوز ما حدث...؟! بالتأكيد ستبحث الشرطة عنها في كل مكان، وحينما يجدونها لن يرحمونها، اخذت الدموع تندفع من عينيها بقوة، لا تصدق ما يحدث معها، كل ما ارادته ان تعيش حياة جبدة هي واخوتها، اخوتها..! كيف حالهم الان...؟! لقد تركتهم على وعد بانها ستعمل في احدى المحافظات القريبة، وستجلب المال الكثير لهم...

ظنت انها بهذه الطريقة ستساعدهم وتنتشلهم من فقرهم، لكنها لم تظن بانها ستجلب العار لهم...

اغمضت عينيها للحظات لتلفحها نسمات الهواء الباردة فتطير خصلات شعرها، فتحت عينيها لتظهر يديها الملطخة بالدماء امامها، شعرت بمرارة قوية، ابتلعت غصتها وهي تتوقف عن البكاء اخيرا، اخذت تسير متجهة الى الشارع الرئيسي والذي تمر به العديد من السيارات، واخيرا توقفت على الرصيف تتابع السيارات بعينين شاردتين قبل ان تتقدم بخطوات راكضة وترمي بجسدها امام احدى السيارات المارة بسرعة كبيرة لتحدد هي نهاية مصيرها بيدها لاول مرة...

وقفت امام المرأة تتأكد من سلامة هيئتها، كانت ترتدي فستان اخضر طويل يصل الى كاحلها ذو اكمام طويلة، يغطي شعرها حجاب يخفيه بالكامل، ويخفي الكثير من ملامح وجهها، تنهدت بصمت وهي تمسك القلم بيديها وتخط على احدى الورقات بضعة كلمات قبل ان تترك الورقة له على السرير...
حملت حقيبتها الصغيرة وخرجت من الشقة متجهة الى وجهتها اخيرا...
استقلت سيارة تكسي وأعطته العنوان وهي تدعو ربها ان تجد كل شيء بخير...

توقفت سيارة التاكسي امام احدى العمارات القديمة، هبطت منها وتوجهت نحو احدى الشقق التي تعرفها عن ظهر قلب، خفق قلبها بقوة وهي تضغط على جرس الباب لتفتح بعد لحظات الباب لها امرأة تعرفها عز المعرفة والتي حملقت بها بصدمة قبل ان تهتف بعدم تصديق:
ليليا...

عاد الى الشقة منهكا...
لقد كان يوم عمل طويل وشاق بذل به كل طاقته عله يساعده بنسيان ما يحدث معه هذه الايام، فتح باب غرفتها ليجدهاخالية، تجمد في مكانه وهو يحملق بالفراغ حوله بصدمة، لفت انتباهه ورقة موضوعة على السرير فسارع لاخذها ليجد في داخلها:
سامحني تيم، انا احبك وسأظل احبك، لكن بقاءنا سويا امر مستحيل، انا فعلت هذا لأجلك، تذكر دائما بأنني احبك...

بعد مرور شهر...
جلس على كرسي مكتبه وهو يتنهد بتعب...
اقترب رائف منه متسائلا بتردد:
ماذا حدث يا تيم...؟! ألم تجدها...؟!
هز تيم رأسه نفيا دون ان يرد ليزفر رائف انفاسه باحباط قبل ان يجلس على الكرسي المقابل له...
حاول ان تبحث عنها مجددا...
قالها رائف محاولا ان يبث القليل من الامل فيه، فشهر كامل وهو يبحث عن ليليان دون فائدة...

لقد ذهبت الى الكازينو وتحدثت مع ريحان، لا يعلم اي شيء عنها، كل ما قاله انه يريد امواله...
هل دفعتها له...؟!
اومأ تيم برأسه واكمل:
اضطررت لبيع منزلي في القرية، لم يكن امامي حلا اخر لجمع هذا المبلغ...
هز رائف رأسه بتفهم ثم اكمل:
وماذا عن بيسان...؟!
اشاح تيم وجهه بعيدا عن رائف وهو يشعر بحشرجة بصوته الذي خرج بطيئا خافتا:
طلقتها...
انت حزين، أليس كذلك...؟!
اومأ تيم برأسه دون ان يجيب ليكمل رائل متسائلا بتعجب:.

هل مل زلت تحبها...؟!
رد تيم بحيرة:
لا اعلم، ولكنها بيسان، وانت تعرف ماذا كانت تعني بالنسبة لي، ان انفصل عنها امرا ليس هينا اطلاقا، لكنه افضل من الاستمرار بخيانتها...
قال رائف:
أتعلم...؟! انا حقا اشعر بالشفقة من اجلك، انت تمر بظرف صعب وغريب، وما يزعجني فيما تمر به ليس كونك صديقي فقط وانما انا السبب فيما حدث فلو لم أاخذك الى ذاك الكازينو ما كان ليحدث ما حدث..

لم يعد مهما هذا الكلام، لقد ذهبت الى هناك ورأيتها وانتهى الامر...
تنحنح رائف قائلا بتساؤل:
تيم، دعني اسألك سؤالى...؟!
اومأ تيم برأسه مطالبا منه ان يكمل حديثه ليستكمل رائف قوله:
هل انت واثق من كونك قادر على الاستمرار مع ليليان وتقبلها بكل ماضيها...؟!
شعر تيم بالارتباك من سؤال رائف...
لكنه اكمل وهو يحاول التحلي بالقليل من الثقة بالنفس:
نعم متأكد...
اردف رائف بجدية:.

تيم، اسمعني جيدا، اذا لم تكن واثقا من حبها لا ترتبط بها، لا تؤذها وتعطيها الامل بحياة مستقرة ثم تخذلها، لقد سبق وخذلت بيسان، وسوف تحمل ذنبها طوال عمرك، فلا تخذل اخرى غيرها...
بيسان، اه من بيسان، اشعر بأنني سأعاني بسببها طوال عمري...
قالها تيم بنبرة صادقة جعلت رائف يشفق عليه ليقول بمواساة:
لا تتعب نفسك بهذه الافكار الان، يكفيك ما فيك...
نهض تيم من مكانه وقال:
سوف اذهب الى الشقة لارتاح قليلا...

اذا تركت منزل عائلتك بشكل نهائي...؟!
هز تيم رأسه دون ان يرد ثم ما لبث ان حمل هاتفه ومفتاح سيارته وخرج من مكتبه...

استيقظت من نومها على صوت صديقتها تنادي عليها...
ليليا، هيا فتاة، استيقظي...
نهضت ليليان من مكانها وهي تفكرك عينيها باناملها قبل ان تهمس بتعب:
ماذا حدث يا وفاء...؟! لماذا تصرخين هكذا...؟!
اجابتها وفاء وهي تجلس على السرير بجانبها:
انهضي لتتناولي الفطور معي، كما ان هناك امور كثيرة يجب ان نتحدث بها...

نهضت ليليان من فوق سريرها واتجهت ناحية الحمام، غسلت وجهها بالمياه ثم فرشت اسنانها وخرجت بعدها لتجلس على سفرة الطعام بجاني وفاء وتبدأ بتناول فطورها...
انتهى الاثنان من تناول الفطور لتجلس ليليان امام وفاء التي قالت بجدية:
سوف اعطيك شيئا مهما يا ليليا...
سألتها ليليان بحاجبين معقودين:
ماذا ستعطيني...؟!
نهضت وفاء واتجهت الى غرفة نومها وعادت وهي تحمل بيدها كتاب القرأن الكريم...

مدت القرأن الى ليليان التي تراجعت الى الخلف قائلا بخوف وتردد:
كلا يا وفاء، لا استطيع لمسه، انا لست بطاهرة، وانت تعرفين جيدا ما اعنيه...
ابتسمت وفاء بحنو وقالت:
قومي وتوضأي يا ليليا...
اردفت ليليان بحزن:
حتى لو توضئت، فهذا لن يطهرني ابدا...
صمتت وفاء لوهلة قبل ان ترد بحزم:
نفذي كلامي يا ليليا، نفذيه من فضلك، وسوف اكمل حديثي بعدها، هل تعرفين كيفية الوضوء..؟!
اخجلها سؤال وفاء فردت بجدية:.

نعم لقد علمتني جدتي كيفية الوضوء منذ ان كنت طفلة صغيرة...
ثم نهضت وتوضئت وعادت نحو وفاء لتقول:
والان خذيه...
ادمعت عينا ليليان بقوة وقالت:
اخاف ان المسه...
لماذا...؟!
لانني زانية واسخة لا يمكن ان المس شيء طاهر مثله...
ثم هطلت الدموع من عينيها بغزارة لتربت وفاء على كف يدها وتقول بمواساة:
حسنا اذا انظري لما سأفعله...

فتحت وفاء القرأن الكريم وتحديدا على سورة الزمر ثم أشارت لليليان ان تقترب منها ووضعت اناملها على الاية الكريمة (52) ۞ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)
ثم بدأت في قرائتها بتأني وتلاوة مضبوطة جعلت قلب ليليان يخفق بعنف...

انت فقط اخلصي التوبة لله وسوف تصبحين طاهرة تماما مثلي ومثل غيري، وحينها تستطيعين امساكه والقراءة به ايضا...
ثم مدت القرأن لها لتمسكه ليليان بكفي مرتجفين مترددتين وتقبله على الفور بينما تعالت شهقاتها نحيبا وبكاءا...
اعطتها وفاء الحجاب وأمرتها:
ارتديه واقرئي به...

اخذت ليليان الحجاب وارتدته ثم بدأت تقرأ في الكتاب الكريم بشفاه مرتجفة بينما اخذت وفاء تبتسم بسعادة فهي قد عزمت الامر على الامساك بيد هذه الفتاة واصلاح امرها على طريقتها الخاصة...

دلفت سدن الى مكتبها لتجد بشار موجود هناك قبلها...
حيته باقتضاب وجلست على مكتبها لينهض هو من مكانه ويتقدم نحوها متسائلا بفضول:
اين كنت...؟! متأخرة عن موعد قدومك بساعة...
رفعت سدن حاجبها وقالت ساخرة:
عفوا، وما علاقتك انت...؟!
اسمعيني، انا صاحب الشركة ومن حقي عليك ان تجيبيني على سؤالي...
نهضت من مكانها مواجهة اياه:
بل اسمعني انت، انت هنا موظف مثلك مثلي، ولا يحق لك ان تسألني عن اي شيء...

انا لا افهم، مالذي فعلته لك لتتعاملي معي بهذه الطريقة...؟!
ردت سدن ببرود:
لانك وقح وعديم المسؤولية...
قبض بشار على ذراعها وقال بتحذير:
اضبطي لسانك هذا والا فسوف اقصه...
حررت سدن ذراعها من قبضته وقالت بتحدي:
اياك ان تفعلها مرة اخرى، هل فهمت...؟!
ثم نظرت اليه بنفس الطريقة التي نظرت اليها بها في اول لقاء جمعهما سويا ليتسمر في مكانه كما حدث مسبقا ويشعر نفسه غارقا مرة اخرى بسحر عينيها الخضراوتين...

ابتسمت سدن بسخرية ثم جلست على مكتبها وبدأت في اكمال عملها تحت انظار بشار المغتاظة...
دلفت بيسان الى داخل شركة العائلة وهي تشعر بتوتر كبير...
انها المرة الاولى التي تخرج بها من منزل عائلتها بعد طلاقها...
تشعر بأن جميع العيون مصوبة نحوها...
القت تحية مقتضبة على موظفة الاستعلامات ثم توجهت ناحية مكتب كريم فهو مدير الشركة...

دلفت الى داخل المكتب لينهض كريم بسرعة من مكانها مرحبا بها متأملا اياها بعينيه البنيتين...
كانت تبدو جيدة وقوية...
لطالما آمن بها وبقدراتها على تخطي المصاعب، حتى بعدما علم بطلاقها، كان يدرك بأنها سوف تتخطى هذه المحنة سريعا، وبالرغم من كل هذا بنظرة واحدو ادرك بأن هناك شيء انطفئ بها، شيء لن يعود ابدا مثلما كان...
ابتلع غصته وهو يرسم ابتسامة مرحبة على شفتيه، جلست بيسان على الكرسي المقابل له وقالت:.

كريم، لقد اخبرك والدي برغبتي في العمل هنا في الشركة...
اجابها كريم بجدية:
نعم، وانا سعدت كثيرا بهذا الخبرر...
ابتسمت بخفة وقالت:
متى سأبدأ عملي...؟!
اجابها:
من اليوم اذا اردت...
قالت بحماس:
بالطبع اريد...
ابتسم كريم وقال بنبرة معجبة:
جميل جدا ما تفعلينه يا بيسان، يعني من الجيد انك خرجتي من عزلتك تلك...
اومأت بيسان برأسها دون ان تجيب ليتنحنح كريم مكملا بتردد:
انا هنا بجانبك، متى ما احتجتني ستجدينني معك...

شكرا...
قالتها بيسان باقتضاب ثم نهضت لاكمال عملها بينما شعر كريم ببعض الامل يتولد داخله فبيسان باتت قريبة منه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة