قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل الثامن عشر

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل الثامن عشر

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل الثامن عشر

رن جرس الباب فنهضت ليليان من مكانها وارتدت حجابها قبل ان تتجه الى الباب وتفتحها لتجد تيم أمامها..
اندهشت من مجيئة فهو لم يأت اليها منذ ثلاثة اشهر...
تيم، اهلا بك...
قالتها بإبتسامة خافتة لتتفاجئ به يقبض على ذراعها بقسوة ويهتف بها بقوة وغضب:
هل تعرفين أشرف...؟!
ابتلعت ريقها وقالت بتردد:
أشرف من..؟! عمن تتحدث...؟!
صرخ بها بعنف:
لا تكذبي، لقد علمت بكل شيء، انت واشرف كنتما على علاقة لفترة طويلة، ..

من أين تعرفه...؟!
سألته بنبرة متلعثمة ليهتف بإنهيار:
أشرف صديقي، صديقي المقرب وزوج اختي...
تراجعت الى الخلف بعدم تصديق بعدما حررها تيم من قبضته، لم تصدق ما سمعته، يبدو أن القدر قرر أن يلعب لعبته معها...
زوج اختك...؟!
هتفت بها بذهول وسط دموعها التي هطلت لا اراديا من هول الصدمة...
نعم زوج اختي، اختي التي طلقها أشرف بسببك...
أخفضت رأسها بخجل حينما رأت نظراته المحتقرة لها...

شعرت بأنه خسرته الى الابد، وخسرت عشقه ايضا..
وهذا كثير عليها لن تتحمله...
لا أريد ان ارى وجهك بعد الآن، ابدا...
ثم تحرك بعيدا عنها غير ابها بها ولا بصراخها ولا حتى فقدانها لوعيها...
دلفت سدن الى غرفة مكتبها بوجه أحمر من شدة البكاء...
اتجه بشار نحوها وقال:
أين كنت يا فتاة...؟! لقد تأخرت ساعتين عن موعد بدأ الدوام...
ثم لاحظ وجهها الباكي فسألها بتردد:
ما بك يا سدن...؟! هل كنت تبكين..؟!

لم تتحمل سدن اكثر فشهقت باكية امامه...
حاول تهدئتها وفهم منها ما يجري فسألها بعدما اعطاها المناديل الورقية:
ماذا حدث...؟! أخبريني...
أجابته وهي تمسح دموعها:
اختي ليليا...
ما بها...؟!
اجابته وقد عادت تبكي:
مريضة، لديها سرطان...
يا الهي، وكيف وضعها الان...؟!
هي لا تعلم اي شيء، لقد علمت قبل قليل من الطبيب...

ما ان اكملت كلامها حتى رن هاتفها لتجد جارتها تتصل بها تخبرها أن ليليان قد أغمي عليها وتم نقلها الى المشفى...
نهضت من مكانها بسرعة وهمت بالخروج قبل ان يلحقها بشار ويقف في وجهها قائلا:
ماذا حدث يا سدن...؟!
أجابته بنبرة منهارة:
ليليا اغمي عليها وهي الان بالمشفى، يجب أن أذهب اليها في الحال...
حسنا لنذهب اليها...
قالها وهو يحمل مفاتيحة ليتجه الاثنان الى المشفى سويا...

وقف تيم أمام منزل عائلته ينظر اليه بتردد شديد...
يريد ان يلج الى الداخل، ان يتحدث مع والده، ان يطلب السماح منه، ان يعتذر من والدته، أن يفعل الكثير...
كلما يتذكر ما فعله يلعن نفسه اكثر، لقد دمر حياته بيده من أجل من لا تستحق...
اخذ نفسا عميقا ثم طرق على الباب لتفتح له الخادمة الباب وتتطلع اليه بذهول من منظره المهمل...
سيد تيم اهلا بك...

قالتها الخادمة بارتباك ليدلف تيم الى الداخل بخطوات خجول ويتجه الى صالة الجلوس حيث يوجد والده ووالدته...
نهض والده من مكانه ما إن رأه بينما أدمعت عينا والدته من منظره قبل ان تركض نحو وتحتضنه بقوة...
حررته من أحضانها اخيرا ليتجه تيم نحو والده ويهتف برأس منخفض نحو الاسفل:
اسف، اسف على كل شيء...
أغمض الأب عينيه لثواني قبل ان يفتحها ويحتضنه بقوة وهو لا يصدق بأنه ابنه قد عاد اليه اخيرا...

بعد مرور فترة قصيرة جلس تيم على احد الكراسي وجلس والديه أمامه...
تحدث قائلا:
ابي انا طوع لك، سأفعل جميع ما تريده...
ابتسم الاب براحة وقال:
كنت واثق من رحمة الله بنا، الحمد لله الذي أعادك الى رشدك وصوابك...
انحنى تيم نحوه وأمسك بيده وقال:
اسف يا ابي، اعتذر كثيرا عما فعلته..
ربت الاب على ظهره وقال بحنو:
المهم ان تتعلم من خطأك، وألا تكرره...
نهضت الام من مكانها وقالت:
سوف أجهز لك الطعام حالا...

لكنه اعترض بسرعة:
كلا لا اريد، هناك مشوار مهم يجب ان اقوم به اولا...
توقف تيم امام باب مكتب بيسان وهو يشعر بالتردد الشديد...
رفع كف يده المرتجف ليتوقف في منتصف المسافة وكأنه يرفض الاقدام على خطوة كهذه...
ابتلع ريقه وهو يضغط على نفسه ليطرق بيده على الباب فيأتيه صوتها الذي يعرفه عن ظهر قلب سامحا للطارق بالدخول...
تفضل...

فتح الباب ودلف الى الداخل لترفع بيسان رأسها فورا فتلتقي عيناها المصدومتان بعينيه الخجولتين...
لحظات من الصمت مرت بين كليهما، بين نظراتها المرتجفة ونظراته المنكسرة كان هناك الكثير، كثير من ماضي جمعهما سويا وما زال يربط على قلبيهما وإن أنكروا ذلك...
بيسان...
ان ينطق إسمها هكذا بكل بساطة أحرقها من الداخل وقضى على كل ذرة تماسك تحملها...

ولكن رغما عنها تماسكت من جديد، ضغطت على اعصابها بقوة وهي ترد ببرود وكأنها تحادث موظف لديها:
تفضل...
اقترب منها بخطوات بطيئة بينما اخذت هي تتأمل ملامحه الواهنة، لحيته النامية، عيناه الحمراوتان، ملابسه الرثة، وعلى عكس ما توقعت فإنها لم تشعر بالشفقة ناحيته ولا بالتشفي...
شعورها كان مبهما، باردا وكأنه لم يعد يهمها بشيء...
جلس تيم على الكرسي المقابل لها وهو يشعرر ببرودة نظراتها نحوه...

تحدث اخيرا بنبرة هادئة مرتبكة:
لقد جئت لأراكِ، ولأتحدث معك...
اومأت بيسان برأسها وكأنها تطلب منه الاستمرار في حديثه..
وهو الاخر اخذ يسترسل في حديثه قائلا بنبرة متوترة:
بيسان انا جئت لأعتذر لكي عن كل ما سببته لك من ألام وجراح، عن خيانتي، وبشاعة تصرفي معك...
اللا مبالاة الظاهرة على ملامحها اربكته بشدة، وجعلته يشعر وكأنه في المكان الخطأ...
تحدثت بيسان اخيرا بنبرة هادئة عادية لا توحي بشيء:.

أتعلم...؟! لقد انتظرت هذه اللحظة طويلا، لحظة ان تعود إلي وانت نادم ومنكسر وتطلب مني السماح...
صمتت لوهلة تحاول الحفاظ على هدوئها وتماسكها قبل ان تكمل بنفس النبرة:
لكن الان فعلا لم يعد اعتذارك من عدمه يؤثر بي...
بيسان انا...
قاطعته بسرعة:
يكفي يا تيم، لا داعي لمزيد من الكلام الذي لن يفيدنا بشيء، لقد حدث ما حدث، وانتهى أمرنا سويا...
نعم انتهى وهو يعلم ذلك، مثلما يعلم صعوبة قبولها اعتذاره، ندمه عليها...

هو انتهى بالنسبة لها لكنها لم تنته بالنسبة له، فهي ستبقى بيسان الغالية، اول امرأة نبض لها قلبه، واول من اعترف لها بحبه...
ليت الزمان كان رحيما به، ليته رحمه قليلا ومنحه سعادته بشكل كامل، سعادته التي اضاعها بكل وقاحة منه، ليعيش نادما طوال عمرا، وهل يوجد اصعب من أن تقتل سعادتك بيديك...؟!
سامحيني بيسان...
ابتسمت ابتسامة باردة قبل ان ترد بنبرة اشد برودة:.

انت تعرف أنني لا اعرف الكذب او النفاق، ان قلت اني سامحتك فسأكون كاذبة للغاية، بالنتيجة انت دمرت حياتي وسرقت سعادتي...
دمعة خائنة تسللت من عينه لم يمسحها، دمعة جعلتها تتطلع اليه مندهشة قبل ان تهتف بعدم تصديق:
دموع يا تيم...
ليتني استطيع ان أمحي كل ما سببته لك يا بيسان، ليتني استطيع تعويضك، ليتني أستطيع مداواة جرحك...
اخذت تهز رأسها نفيا وهي تقول بسرعة:.

تيم ارجوك لا تفعل هذا، انت ما زال أمامك الكثير، لا يجب ان تضعف، يجب ان تكون اقوى من هذا...
ابتسم من بين دمعاته فهاهي بيسان التي يعرفها، تبث الامل به من جديد، بيسان التي لم ولن تتغير مهما حدث، مهما تغيرت ستبقى في داخلها بيضاء ناصعة لا يلوثها أي حقد او كره...

مسح دموعه بعنف ثم نهض من مكانه واخذ يتطلع اليها بنظرة اخيرة، نظرة وداع وندم في ان واحد، ندم على ما كان بين يديه وأضاعه، ووداع لإمرأة أحبها يوما وتركت في داخله أثره لن يمحى...

خرج تيم تاركا بيسان تتابعه بعينيها حتى اختفى تماما من امامها، تنهدت بيسان ثم ما لبثت ان فتحت درج مكتبها واخرجت صورة تحفظها عن ظهر قلب، صورة زفافهما، تطلعت اليها، لمستها بأناملها المرتجفة، كان هناك يحتضنها، يبتسم لها، ابتسمت بألم قبل ان تأخذ نفسا عميقا وتمزق الصورة الى اشلاء صغيرة، لتعلن بذلك نهايته من حياتها الى الابد وربما من قلبها ايضا...

دلفت سدن الى الغرفة التي توجد بها ليليان لتجدها نائمة وجدتها بجانبها تقرأ لها بعض من أيات القرأن الكريم...
اتجهت نحو جارتها التي تجلس على الكنبة الموجوده في احد اركان الغرفة وسألتها:
ماذا حدث يا خالتي...؟!
أجابتها الجارة بحزن:
فقدت وعيها واضطررنا لنقلها الى هنا، أخبرنا الطبيب أن حالتها سيئة ويجب أن تبقى في المشفى لحين القيام ببعض الفحوصات والتحاليل...

اتجهت سدن نحو اختها واخذت تتأمل وجهها المرهق بألم قبل ان تنتهي جدتها من قراءة القرأن وتهتف بها:
اختك وضعها سيء يا سدن، هل تعرفين ما بها...؟!
اومأت سدن برأسها وهي تجاهد لإخفاء دموعها:
نعم اعرف...
سألتها الجدة بسرعة ولهفةة:
ما بها يا سدن...؟! أخبريني...
جاهدت سدن للسيطرة على دموعها وهي تخبرها:
مريضة للغاية يا جدتي، مريضة وحالتها سيئة...
نفذ صبر جدتها التي سألتها بلوعة:
مريضة بماذا..؟! أجيبيني...

أجابتها سدن اخيرا بدموع حارقة:
انه السرطان، ليليا معها السرطان يا جدتي...
شهقت الجدة بصدمة ولطمت على صدرها قبل ان يختل توازنها فركضت سدن نحوها واسندتها قائلة:
جدتي، هل انت بخير...؟!
جلست الجدة على الكرسي مرة اخرى وقالت بألم ودموع:
يا الهي لماذا يحدث هذا معنا...؟! انا لم أصدق بإنها عادت إلي...
انه نصيبنا يا جدتي...
قالتها سدن بألم قبل ان تمسح وجهها بظاهر كفيها وتقول:.

انا سأذهب لأتحدث مع طبيبها، وأفهم منه ماذا سيفعل...؟!
ثم خرجت من الغرفة لتجد بشار في انتظارها، اتجهت نحوه بسرعة ليسألها:
كيف حال اختك...؟!
أجابته:
ليست بخير، وضعها سيء للغاية، حتى إنها ستبقى في المشفى...
ثم أردفت بحزن:
أنت بإمكانك ان تذهب، أشكرك كثيرا لما فعلته حتى الان..
أنا سأبقى معك، ماذا ستفعلين الان...؟!
أجابته بجدية:
سأذهب الى طبيبها الااصلي لأتحدث معه...
سأتي معك...

تعجبت سدن مما قاله لكنها لم تعلق بل إكتفت بإيماءة من رأسها وسارت أمامه متجهين الى غرفة الطبيب...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة