قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل الثالث

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل الثالث

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل الثالث

دفع باب غرفته باقصى قوته ودلف الى الداخل، مسك احد الفازات الموجوده على الطاوله الموضوعه في احد جوانب غرفته ورماها ارضا لتتهشم في الحال الى عدة قطع...

استند بظهره على الحائط وهو يلهث بقوة، وضع يده على صدره وتحديدا عند موضع قلبه الذي ارتفعت نبضاته قهرا وألما، لاول مرة يشعر بشعور كالذي يعتمل بداخله الان، شعور مليء بالوجع والمرارة والخذلان، بيسان الفتاة الوحيدة التي احبها طوال حياته سوف تتزوج غيره، سوف تتزوج تيم ابن عمه وأخاه واعز صديق له، اي لعبة سيئة يحاول ان يلعبها القدر معه...؟! اي حظ سيء يمتلكه هو...؟!

عاد برأسه الى الخلف قليلا بينما قبضة يده تضرب الباب بقوة وصدره يعلو ويهبط بسبب سرعة تنفسه، آه، آه، كان يقولها بكل الوجع والمرارة التي توجد بداخله، كيف سيتحمل شيء كهذا...؟! كيف...؟!
سيراها وهي معه، زوجة له، ام لأولاده، تلمسه وتنام بين احضانه، ملكه هو وحده، اما هو فسوف يراقبها من بعيد ويتحسر عليها، يتحسر على حب وهبه سنين حياته ليخسره في نهاية المطاف...

فك ازرار سترته وخلعها راميا اياها ارضا، ألقى بجسده على السرير وأغمض عينيه محاولا محو جميع هذه الأفكار السيئة من باطن عقله، الا انه وجد صورتها تتجسد امامه، وكأنها تأبى ان تمنحه الراحه ولو قليلا حتى...
انتقض من مكانه فجأة وبدأ يضرب جانبه على السرير بقبضة يده وهو يردد بالم وعذاب:
ليس من حقك ان تفكر بها بعد الان، لقد باتت ملك غيرك، ليس من حقك ابدا...

طلقني...
نطقتها بمرارة وهي تحاول ان تداري وجعها ولوعة قلبها، نطقتها بلا ادنى تردد او تحيّر، فهي واثقة اشد ثقةٍ بان هذا هو الحل الوحيد الذي يصلح لعلاقتهما التي باتت في اعلى مراتب الضعف والانهيار...
من كان يصدق ان زواجها بأشرف سوف ينتهي بهذا الشكل البشع، لم تتوقع في اسوء أحلامها شيء كهذا...

أشرف زوجها اللذي أحبته بصدق ووهبته حياتها وروحها بكل رضا، لم تبخل عليه بشيء قط، فكانت له نعم الزوجة المحبة طوال ثلاث سنوات...
كيف له ان يفعل بها شيء كهذا...؟! كيف استطاع ان يخونها...؟! كيف استطاع ان يلمس امرأة غيرها...؟ وهي التي قضت ثلاث سنوات من عمرها مخلصه له صابره من اجله...

الان فقط فهمت سبب نفوره منها وكرهه الواضح له، لقد كانت ترى ذلك في تصرفاته معها الا انها كذبت ما ما يمليه عقلها عليها وصدقت قلبها الاحمق الذي يعشقه بشده، صدقت بان اشرف المثالي المحترم يستحيل ان يخونها، حتى رأت خيانته لها بام عينها وكشفت حقيقته المرة...
لينا انا...

تراجع عن اكمال ما ينوي قوله، فجأة وجد نفسه عاجزا عن استحضار اي شيء، وهو الذي عرف عنه شخصيته الاجتماعية ولباقته وفطنته خصوصا في مواقف كهذه، هاهو يجد نفسه عاجزا عن صياغة عبارة صغيرة تبرر موقفه لها...
ابتسم في داخله بسخريه فاي تبرير قد يعلل ما قام به...؟! واي ذريعة قد تبرر خيانته الدنيئة لها...؟!

تسائل في داخله اذا ما كان هو الاخر يريد الطلاق ايضا، في الحقيقة هو لا يريد لينا في حياته، في الآونة الاخير بات لا يتقبلها نهائيا، يشعر بانها حمل كبير عليه يتمنى إزاحته بشده...
من فضلكِ اسمعيني، الطلاق ليس حلا...
انت لا تريد الطلاق اذا...
سألته وهي تزم شفتيها الى الامام باستهزاء...
اجابها مؤكدا ما قاله:
نعم، لا اريد الطلاق...
لماذا...؟
عادت وسألته ليجيبها بنبرة هادئة:.

لانه لا يناسب كلانا، من الأفضل ان نجد حلا اخر غيره...
كاذب، كاذبٌ انتَ وحقير...
قالتها بنفور وقد بدأت تشعر بالقرف منه ومن خداعه، اردفت بنبرة اكثر عصبية:
هل تظنني غبية حتى اصدقك، انت لا تريد الطلاق لانك تخاف من عائلتي، تخاف ان يلغوا جميع الاعمال المشتركة مع عائلتك، تخاف من موقفهم منك بعد فعلتك الدنيئة هذه...

كان كلامها صحيحا وهو يعلم هذا جيدا، فهو بالفعل يخاف من ردة فعل عائلتها على ما فعله، بالتأكيد لن يسكتوا على فعلته تلك، كما ان عائلته لن ترضى بما فعله بتاتا، وسوف يقفون ضده، هو لا يريد ان يضع نفسه في موقف كهذا، لا يريد ان يخسر عائلته وعائلة زوجته، والا حينها سيخسر كل شيء...
اخذ نفسا عميقا ثم زفره ببطأ، حاول ان ينتقي العبارات المناسبة لتهدئتها لكنها قاطعته قبل ان يتحدث ويقول ما يحاول استجماعه:.

لا اريد سماع صوتك نهائيا، كلمة واحدة لا اريد غيرها، قلها لي حتى ننهي جميع ما بيننا والا فإنني سأضطر ان اذهب الى المحكمة وارفع دعوة قضائية ضدك، وحينها صدقني بأنني سأفضحك انت وتلك العاهرة على الملأ ليعرف الجميع الحقيقة الدنيئة للطبيب المحترم...

جفل بشدة من كلماتها وقد استنشف الصدق فيما قالته، هو يعرفها جيدا ويدرك بانها لم تكن سهله ابدا، وواثق بانها لن تصمت وتترك الأمور تجري ببساطه دون ان تنتقم لكرامتها كأنثى، لهذا عليه لن يأخذ حذره منها جيدا وينفذ لها ما ارادته، حتى لا تجن وتنفذ هي في المقابل ما قالته، فوجد نفسه ينطقها اخيرا وهو لا يعرف اذا كانت سوف تساعده وتخفف من عبئ اثقل كاهله ام انها سوف تزيد الطين بله...
انتِ طالق...

هبطت من سيارتها وتقدمت ناحية منزل عائلتها، طرقت باب المنزل وهي بالكاد تخفي دموعها التي تكونت في مقلتيها، ُفتح الباب لتظهر من وراءه الخادمة والتي تطلعت اليها بصدمة حالما رأتها في هذا الوقت المتأخر من الليل، دلفت الى داخل المنزل واتجهت مباشرة الى غرفتها دون ان تتحدث بكلمة واحدة، اغلقت باب غرفتها خلفها لتسقط ارضا وتنساب دموعها بغزارة على وجنتيها، احتضنت جسدها بيديها ودخلت في نوبة بكاء شديدة تفرغ فيها وجعها وقهرها...

اما في الخارج فقد ذهبت الخادمه بسرعة الى غرفة والديها، طرقت الباب بعد تردد لتفتح لها ابتسام الباب، سألتها بتعجب:
خير يا ام نضال، هل حدث شيء ما...؟
سيدتي، السيدة لينا في غرفتها، جائت منذ قليل وتبدو في حالة سيئة...
ماذا...؟
صرخت ابتسام بعدم تصديق ثم دخلت بسرعة الى غرفتها وأيقظت زوجها من نومه وهي تقول بهرج:
رحيم استيقظ بسرعة، ابنتك لينا جائت منذ قليل الى هنا...

استيقظ رحيم من نومته على صوتها، انتفض من مكانه حالما استوعب ما قالته، سألها باضطراب شديد:
مالذي تقولينه يا امرأة...؟! مالذي جلبها في وقت كهذا إلينا...؟!
اجابته بسرعه:
ام نضال تقول انها تبدو في حالة سيئة للغايه...
وماذا تنتظرين، اذهبي اليها واعلمي ما بها...
حاضر، حاضر...
قالتها وهي تهز رأسها بتوتر جلي، خرجت بسرعة من غرفتها متجهة الى غرفة لينا...

طرقت على الباب مرتين لتستمع بعدها الى شهقات ابنتها، لم تتحمل اكثر من ذلك ففتحت الباب بسرعة مقتحمة الغرفة لتجد لينا متكومة على سريرها ومتخذة وضعية الجنين وتبكي بشدة...
اقتربت منها وجلست بجانبها وهي تسألها بقلق:
لينا ابنتي، ما بكِ...؟
نهضت لينا من وضعيتها تلك واحتضنت والدتها بقوة بينما ازداد بكائها أضعافا...
تحدثِ يا ابنتي، قولي ماذا حدث..؟

ابتعدت عنها بعد لحظات وهي تمسح دموعها بكف يدها، غدا وجهها احمرا من شدة البكاء وعينيها حمراوتين ايضا، تحدثت من بين شهقاتها المتتالية قائلة بصوت مقتضب غير واضح:
تطلقت...
شهقت والدتها ولطمت على صدرها بكف يدها بينما اضمحلت عيناها مما سمعته...
تطلقتِ...!؟
سألتها والدتها وهي تحاول تكذيب ما سمعته بينما كفكفت لينا دموعها باناملها ثم اكملت بملامح معذبة ونبرة شبه باكية:
خانني، وطلقني...

هطلت دموع والدتها عندما استمعت الى ما تقوله ابنتها، ضمتها بعدها اليها بشدة وهي تبكي وتتحسر على حال ابنتها الوحيدة...
في الخارج كان رحيم الاب يدور في صالة الجلوس ذهابا وإيابا منتظرا زوجته تخرج اليه وتطمئنه على ابنته، كان تيم هو الاخر جالسا على الكنبة وبجانبه بشار وقد استيقظا هما الآخران ايضا...

خرجت ابتسام من غرفة ابنتها بعد ان نامت من شدة التعب، هبطت الى الطابق السفلي لتجد زوجها وابنيها في انتظارها، تقدمت اتجاههم ليسألها زوجها بسرعه:
ماذا حدث...؟ لقد تأخرتِ كثيرا عندها...
بينما تحدث تيم بدوره قائلا:
اتصلت بأشرف كثيرا لكن هاتفه مغلق...
جلست ابتسام على الكرسي الموجود في الصالة وقد ظهرت عليها ملامح التعب والإنهاك، تحدثت بصوت خافت مليء بالقهر:
طلقها، اشرف طلق لينا...

انصدم الجميع بشده مما قالته، سألها تيم بدهشة شديده:
لماذا...؟
تقول انه خانها...
اتسعت عيناه بصدمة شديده مما قالته والدته، اعتصر قبضتي يده بقوة وقد توطدت نيران الغضب داخل عينيه، هب مندفعا من امامهم متجها اليه بينما صرخ والده في بشار قائلا:
اسرع واذهب وراءه قبل ان يرتكب جريمة في هذاك النذل...
ركض بشار بسرعه وراء أخيه منفذا لما قاله والده...

تيم انتظر ارجوك...
قالها بشار وهو يحاول اللحاق بتيم الذي سبقه الى منزل اشرف، رن الجرس عدة مرات لتفتح له الخادمة الباب، ولج الى الداخل بسرعة وهو يصرخ بجنون:
اشرف، أيها الحقير عديم الشرف، انزل اليَّ حالا...
كان يصرخ وهو يبحث عنه بعينيه حينما وجده يهبط درجات السلم متجها اليه، تقدم ناحيته وانقض عليه لاكما اياه بقوة، وقف بشار حائلا بينهما مانعا تيم من التمادي بشكل أكبر وهو يقول بتعقل:.

تيم توقف من فضلك...
كان تيم في أوج عصبيته يلهث انفاسه غضبا بينما اخفض اشرف رأسه بخجل فمهما حدث يظل تيم صديقه المقرب ورفيق سنوات طويلة من عمره...
كيف استطعت ان تفعل شيء كهذا...؟! كيف...؟!
حاول اشرف التحدث قائلا:
تيم اسمعني اولا قبل ان تحكم علي...
ماذا اسمع...؟! الم تخنها فعلا...؟ اخبرني، هل هي كاذبه...؟
اخفض اشرف رأسه ولم يجبه...
ابتسم تيم بسخريه وهو يهز رأسه بأسف شديد ثم قال باحتقار:.

كم كنت مخدوعا بك يا اشرف...؟ كيف لم انتبه لوساختك هذه...؟ من الان فصاعدا لا اريد رؤيتك نهائيا، اذا رأيتك امامي فاني لن أتردد نهائيا في قتلك، اياك ان تظهر في وجهي ابدا...
قال كلماته الاخيره وخرج بسرعة من منزله يتبعه بشار تاركين اشرف لوحده وقد تأكد من انه خسر كل شيء حتى اقرب صديق له...

كان اشرف جالسا في منزل عائلته مع والده ووالدته...
تحدث والده والذي يدعى خالد المختار بأسف شديد:
كيف فعلت بنا هذا يا اشرف...؟ الم تفكر في منظرنا امام الاخرين...؟! الم تفكر في سمعتنا ومكانتنا الاجتماعية...؟!
تحدثت والدته هي الاخرى بصوت باكي:
الم تفكر في سمعتك انتَ يا حضرة الطبيب...؟ كيف استطعت ان تفعل بنفسك هكذا...؟ تتخلى عن زوجتك الطيبة ابنة الأصول من اجل نزوة عابرة...
امي، ابي، يكفي ارجوكما...

قالها وهو ينهض من مكانه متجها الى الخارج حينما صاح به والده بصرامة شديده:
الى اين انت ذاهب...؟ لم انتهِ من كلامي بعد...
رفع عينيه نحو الأعلى بنفاذ صبر ثم سأله وهو بالكاد يكظم غيظه:
تفضل يا ابي، قل ما لديك...

بسببك انا لم يعد باستطاعتي ان ارفع عيني في وجه السيد رحيم وعائلته، وهو بالتأكيد لن يسكت عما فعلته بابنته الوحيدة، الله وحده يعلم ماذا سيفعل انتقاما لها، من المحتمل ان يلغي شراكتنا، وحينها سنخسر كثيرا...
لا اظن انه سيلغي الشراكة، لانه سيخسر هو الاخر الكثر من الاموال، بكل الاحوال مالذي يمكنني فعله لحل هذه المشكله...؟
صرخ والده به قائلا:.

انا لا اريد منك حلا، انا فقط احاول ان اريك مقدار وحجم المشكله التي اوقعتنا بها بسبب تصرفاتك الطائشة الغبيه...
ابي يكفي ارجوك...
اسمعني جيدا، انت لم يعد لك مكان هنا...
ما معنى كلامك هذا...؟
سأله اشرف باضطراب ليجيبه والده بجديه:
سوف تسافر الى أخيك أمجد، وتبقى هناك معه...
ولكن انا لا اريد السفر...
انا لا أاخذ رأيك، انا أامرك، وإذا لم تنفذ ما قلته، حينها سيكون لدي تصرف اخر معك...

زفر اشرف انفاسه حنقا ثم هز رأسه بتفهم وخرج من المنزل غاضبا ساخطا على قرار والده في حقه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة