قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل التاسع

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل التاسع

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل التاسع

اوقف سيارته امام الباب الرئيسي للشركة فتقدم الحراس تجاهه بسرعة لاستقباله، هبط من سيارته والقى بمفاتيحها الى احد الحراس ثم تقدم ناحية الشركة، خلع نظارته الشمسية ما ان اصبح داخلها لتظهر عينيه العسليتين الناعستين، سار بخطواته الرجولية الواثقة متجها الى مكتبه في الطابق الاخير من الشركة...

ما ان وصل اليه حتى وقفت السكرتيرة بسرعة لاستقباله، حياها بلطف ودلف الى داخل مكتبه تتبعه السكرتيرة وهي تحمل بيدها مجموعة من الملفات المطلوب منه توقيعها، وقعها وسلمها اليها ثم ذهب بتركيزه ناحية حاسوبه الشخصي لإنجاز أعماله المتراكمة عليه...
رفع بصره من على الحاسوب حينما سمع طرقات على الباب يتبعها دخول بشار الى مكتبه وهو يبتسم ببلاهة...
رمقه كريم بنظراته البارده وأمره بجمود ووجه صارم الملامح:
ادخل...

ولج بشار الى داخل المكتب قائلا بتوتر وقد اختفت ابتسامته تلك:
صباح الخير كريم باشا...
ضرب كريم على مكتبه بقبضتي يده لينتفض بشار في مكانه، تحدث بصوت غاضب وملامح مزدرئة:
ثلاث ساعات متأخر عن موعد قدومك، ملفات الصفقة الاخيرة غير جاهزة بسبب حضرتك، ماذا تنوي ان تفعل بي بِالضبط...؟!
كل خير...
قالها ببساطة جعلت الاخير يتقد غضبا في مكانه بينما أردف بشار قائلا بتودد مصطنع:.

اخي كريم، انت فقط اهدأ وكل شيء سيكون بخير...
قاطعه كريم بعصبية جامحة:
لا تقل اخي كريم مرة اخرى..
سأله بشار ببراءة:
اذا ماذا اقول...؟!
اجابه كريم بنبرة ساخرة:
لا تتمسكن الان يا بشار، لا تليق البراءة بشيطان مثلك...
صمت بشار ولم يتحدث ليسترسل كريم في حديثه قائلا:
اسمعني يا بشار، انا لست مضطر لتحمل استهتارك واهمالك هذا، صدقتي اذا لم تلتزم بعملك فسوف اخبر عمي رحيم بكل شيء وليتصرف هو معك...

زفر بشار انفاسه بضيق ثم قال بجدية:
اعدك باني سألتزم بعملي من الان فصاعدا، هل تريد شيء اخر مني...؟
كلا، بإمكانك الذهاب...
خرج بشار من مكتب كريم وهو يشعر بالضيق الشديد والانزعاج...
كان يسير وهو يتمتم ببعض كلمات الغيظ والبغض حينما اصطدم بجسد أنثوي كان يسير في الاتجاه المقابل له...
سمع بعد ذلك صوت غاضب يقول بنبرة ناعمة لكنها كارهة:
أيها الأبله المتخلف، مابك تمشي هكذا كالاعمى...!

رفع بصره ناحيتها ليتسمر في مكانه بسبب عينيها الخضراوتين الواسعيتين، لحظات اخرى واخفض أنظاره ناحية شفتيها العريضتين الممتلئين فازدرد لعابه وهو يقول بنبرة متأسفة وعيناه لا تحيد عن وجهها:
اعتذر منك، لم انتبه لكِ...
قاطعته بغضب شديد:
لانك اعمى...!
عقد حاجبيه بتعجب من نبرتها العدائية وملامحها التي تنطق بالنفور ليقول بعصبية كبيرة من اسلوبها وقد استعاد وعيه اخيرا:
احترمي نفسك يا فتاة ولا تتجاوزي حدودك معي...

اقتربت منه اكثر مركزة عينيها الخضراوتين على عينيه البنيتين قائلة بتحدي سافر:
وإذا لم افعل...؟!
صمت ولم يتحدث وقد بدا مأخوذا بلون عينيها الساحرتين بينما ابتسمت هي بمكر وابتعدت عنه تاركة اياه يتابعها بنظراته المندهشه وابتسامة بلهاء تكونت على شفتيه...

دلف تيم الى شقته بعد ان اغلق الباب خلفه، سار متجها ناحية غرفة النوم ليجد ليليان ما زالت نائمة، تقدم ناحيتها والقى بجسده على السرير بجانبها، اخذ يتأملها بعينين شغوفتين وملامح مبتسمة، وجدها تفتح عينيها الخضراوتين ببطء لتتطلع اليه بملامح هادئة وهي تقول:
صباح الخير...
صباح النور...
قالها بابتسامة لتنهض من مكانها فجأة وهي تقول بتعجل بينما تتجه ناحية الباب:
يا الهي تأخرت كثيرا، يجب ان اذهب في الحال...

لا يوجد ذهاب...
قالها ببساطة وهو جالس على السرير يلعب بمفاتيحه فالتفتت له بملامح متعجبه مما قاله ثم سألته باستغراب:
ماذا يعني لا يوجد ذهاب...؟
اجابها وهو ينهض من مكانه متجها نحوها:
معناه انكِ لن تعودي الى هذاك المكان مرة اخرى...
تشدق فمها بابتسامة ساخرة، عقدت ذراعيها امام صدرها وهي تقول بتهكم:
ومن قرر هذا...؟
اجابها بنبرة جادة:
بعيدا عن نبرتك التهكمية تلك فانا من قررت هذا...
انا لا افهم، ماذا تقصد...؟!

سألته ليجيبها موضحا ما قاله:
معناه انك لن تعودي الى هناك مرة اخرى، واضح جدا...
هل تظن الموضوع سهلا...؟! وهل سيوافق ريحان على شيء كهذا...؟!
اجابها بلا مبالاة:
ليس ريحان من سيقف بوجهي...
عادت وسألته باندهاش حقيقي لتصرفاته الغير مفهومة:
لماذا تفعل هذا...؟ ما غرضك من هذا كله...؟!
تقدم ناحيتها محيطا ذراعيها بذراعيه قائلا بصدق نابع من اعماق قبله:
من اجلك، اريد ان انقذك من هذا الوحل، اريد ان...
قاطعته بسرعة:.

توقف، لا تقل كلام انت غير قادر على تنفيذه، لا تقل ما هو فوق قدراتك...
انتِ لا تفهمين...
بالعكس انا افهم تماما، انت تتصرف دون تفكير، هل تظن الموضوع سهل، تخرجني من هذاك المكان الذي تسوين بالوحل، وماذا بعد...؟ ماذا ستفعل بعدها، لأخبرك انا ماذا ستفعل، سوف تبقيني هنا في هذه الشقة، تأتي كل يوم لتأخذ ما تريده مني، تعاملني كجارية جميلة تلبي رغباتك و...
قاطعها هو هذه المره بصوت عالي:.

كلا، انا لا انوي تحريرك من سجن لاسجنك في اخر...
حقا...!
زمت شفتيها بتهكم مما قاله ثم عادت وسألته بجدية ونبرة ذات مغزى:
وماذا عن زوجتك...؟ ماذا ستفعل بها...؟! هل ستتركها من اجلي..؟!
كان سؤالها كالصفعة بالنسبة له، صفعة ايقظته من حلم جميل عاشه لايام معدودات غافلا عن حقيقة مهمة تنتظره، صدمته ظهرت بوضوح على ملامحه، ابتسمت بخفوت ثم قالت بنبرة جادة:
أرأيت، انت نفسك تجهل ما تنوي فعله، لم تحدد موقفك بعد...

صمت ولم يجبها والحيرة سيطرت عليه لتسترسل هي في حديثها قائلة:
اسمعني يا حضرة الضابط، انت رجل متزوج، من عاملة غنية ومحترمة، لك اسمك وسمعتك، انت بالتأكيد غير مستعد لخسارتها نهائيا من اجل ايا كان، انت الان تتصرف بلا وعي، للاسف مشاعرك وعواطفك تتحكم بك، انت مبهور بي، مبهور بجمالي وجرأته، انبهارك هذا جعلك تريد تملكي باي ثمن كان، دون ان تنتبه لاشياء اخرى كزوجتك وعائلتك...

كان يناظرها بعينين وملامح خاليتين من اي معنى، والأفكار المزدحمة تتضارب داخله، هل هو مبهور بها فعلا...؟! هل ما يشعر به محض انبهار بأنثى جميلة سحرته بعينيها وجرأتها...؟! انبهار سوف يختفي مع مرور الوقت ويحل محله النفور والازدراء...؟
كان يحاول ان يفهم نفسه، ان يجد ظالته، ان يحدد مرساه...
وبيسان، كيف نساها في زحمة مشاعره تلك...؟! اليست هي بزوجته وحبيبته...؟! كيف خانها بهذه السهولة...؟! كيف...؟!

كانت هناك الكثير من الاسئلة تدور في داخله، أسئلة يحاول ان يجد جوابا لها، لكن بلا فائدة، فقط الحيرة تتملك منه اكثر وأكثر...
اقتربت منه ليليان وربتت على كتفه قائله بجدية:
عد الى وعيك يا حضرة الضابط، قبل ان يأتي يوم تخسر فيه زوجتك وعائلتك وهيمنتك ومركزك المرموق، عد الى رشدك من فضلك فانت تستحق كل خير...
قالت كلماتها الاخيرة وخرجت من الشقة وهي بالكاد تستطيع اخفاء دموعها...

دلفت الى داخل الكازينو اخيرا، وجدت المكان مقلوب والجميع يركض متجها الى مكان تعرفه جيدا، زفرت بضيق وهي تتقدم ناحية غرفتها لتجد جوليا في طريقها تحتضن جسدها بيديها وتبكي...
ركضت ناحيتها بسرعة وسألتها بقلق:
جوليا، ماذا حدث..؟! لماذا تبكين...؟!
اجابتها جوليا من بين شهقاتها ودموعها:
جوري، يعذبونها...!
ماذا...؟

صرخت بعدم تصديق ثم ركضت ناحية غرفة العقاب الموجود في نهاية الكازينو، وجدت الفتيات تقف خارجها يستمعون الى أصوات صرخات جوري بينما يقف ريحان خارج الغرفة يبتسم بسعادة والشماتة تملأ عينيه، تقدمت ناحيته بسرعة وجثت امامه على ركبتيها تتوسله قائله وهي تقبل يده:
اتركها ارجوك، هذه المرة فقط، وسوف أتصرف انا معها...
نهرها بعصبية قائلا:.

لا تتدخلي انتِ يا ليليان، هذه الفتاة ستكون عبرة لغيرها، ويجب ان تأخذ عقابها كاملا...
ولكن...
قاطعها بسرعة وتحذير:
كلمة اخرى وتدخلين معها، انتِ بالذات غير مستعدة لدخولها، فقد جربتيها بما فيه الكفاية..
ارتجف جسدها بالكامل لمغزى كلماته ثم ابتعدت عنه متجهة ناحية غرفتها...

صمت اذنيها بيديهاحتى تمنع نفسها من سماع صوت صراخها، ركضت متجهة ناحية غرفتها وصدى نحيبها يلاحقها، اغلقت الباب خلفها وألقت بجسدها ارضا محتضنة اياه بذراعيها، عادت الى ذاكرتها ذكرى قديمة للغاية لكنها مؤلمة، حينما كانت شابة صغيره لا تفقه من الحياة شيئا، فجأة وجدت نفسها تدخل الى عالم كهذا، عالم غريب ومليء بالوحوش الذين يكشرون عن أنيابهم في اي لحظة...

بدأت الذكريات تتدفق الى عقلها، ما زالت تتذكر ما حدث معها حينما فشلت في تأدية مهامها المطلوبة منها، كانت صغيرة، ضعيفة وخجولة، فطرتها وبرائتها جعلتها تفشل في ارضاء واشبع غريزة رجل مقتدر مثله، مما جعله يرميها الى ريحان وهو يعنفه فهذه الشابة الصغيرة لم تنفعه بشيء، لتجد نفسها معلقة على الحائط وحبل جلدي رفيع للغاية يجلد ظهرها وجسدها بلا ادنى رحمة او شفقة، بينما علا صوت نحيبها وصرخاتها قي ارجاء المكان، ترجتهم ان يرحموها وان يسامحوها الا انهم رفضوا هذا، كانت تلك واحدة من ذكريات كثيرة مرت بها، جميعها تتسم بالقهر.

الفصل السابع الجزء الثاني
جلست امام مكتب المدير بثقة عاليه، كيف لا وهي قد جاءت بتوصية من قبل صاحب الشركة، رمقته بنظراتها الهادئة بينما يقلب هو في ملف تعيينها
بتركيز شديد، وجدته يغلق الملف ويضعه على المكتب ليتحدث بلهجة عملية:.

حسنا يا آنسة سدن مؤهلاتك لا بأس بها، كما ان عمي مصر على تعيينك في هذه الوظيفة، هو بالتأكيد لم يقل هذا الا اذا كان واثقا منك ومن التزامك، سوف تبدئين في عملك لدينا بداية الشهر القادم بعد ان تنتهي السكرتيرة الحالية من وظيفتها وانت ستأخذين محلها، اتمنى ان تكونين على قدر ثقتنا بك...
اشكرك سيد كريم، باذن الله سأكون على قدر ثقتكم وأكثر...
قالتها بابتسامة خفيفة ثم اردفت متسائلة:.

هل تريد مني شيء اخر الان...؟!
هز رأسه نفسا وهو يجيبها:
كلا، يمكنك الذهاب...
نهضت من مكانها واتجهت خارج من المكتب عائدة الى منزلها...
وصلت الى منزلها بعد حوالي ثلاث ارباع ساعة، فتحت الباب ودلفت الى الداخل بخطوات راكضه وهي تهتف بصوت عالي:
جدتي، اين انتِ...؟!
وجدت جدتها جالسة في المطبخ وهي تقطع بعض الخضروات فتقدمت منها وقبلتها من وجنتيها بسعادة...
طمنيني يا سدن، تبدين سعيدة للغاية...

جلست سدن امامها ومسكت يدها يحنو بالغ وهي تقول:
اطمئني يا روح سدن، كل شيء على ما يرام، لقد تم قبولي في الوظيفة وسوف أباشر عملي بداية الشهر القادم...
الحمد لله يا حبيبتي، الفضل كله يعود لله وللسيد رحيم من بعده، فليحفظه الله ويحميه، جمائله اصبحت كثيرة علينا...
قالتها الجدة وهي ترفع يديها نحو الاعلى بدعاء لتبتسم سدن وهي تقول:.

فعلا يا جدتي، جمائله كثيره للغايه، اتمنى ان يعطيني الله الفرصه لارد القليل منها...
نهضت سدن بعدها من مكانها وهي تنوي التوجه الى غرفتها لتبديل ملابسها حينما رن جرس الباب فسارعت لفتحه لتنصدم به امامها...
احتل الانزعاج والضجر ملامح وجهها بالكامل وهي تهتف به متسائلة بنبرة منزعجة:
خير، لماذا جئت...؟
ليأتيها صوته الساخر:
هل هذه هي الطريقة المناسبة لاستقبال ابن عمك الذي لم ترينه منذ عدة ايام...؟!

نفثت انفاسها وهي تقول بضيق جلي:
ماذا تريد يا عماد...؟!
اجابها بلا مبالاة وهو يدلف الى المنزل محتلا صالة الاستقبال بقامته المديدة:
كل خير يا ابنة عمي، لقد جئت لأطمئن عليكي...
مطت شفتيها الى الامام وهي تقول بملل واضح:
انا بخير يا عماد، يمكنك الذهاب الان...
اقترب منها عدة خطوات حتى وقف على بعد مسافة قريبة للغايه منها متسائلا بحزن مصطنع:.

ما بك ةِ يا سدن، لما هذا الاسلوب الجاف فالتعامل معي، انا ابن عمك وفِي مقام خطيبك ايضا...
هنا لم تحتمل السكوت اكثر من هذا وادعاء الهدوء امامه، لقد نفذ صبرها بالكامل، وجدت نفسها تصرخ به بصوت عالي وقد ارتجف جسدها بالكامل من فرط غضبها:
انت ماذا تظن نفسك...؟! خطيب من أيها الأبله...؟! تكذب الكذبة وتصدقها ايضا، ان لن أكون خطيبة شخص مثلك ابدا...
قبض على ذراعها بقبضة يده مرددا بصوت غاضب وملامح متوعدة:.

لا تتجاوزي حدودك يا سدن ولا تقولي كلام يفوقك حجما، انت خطيبتي او بالاحرى سوف تكونين خطيبتي في المستقبل...
على جثتي...
قالتها وهي تحرر ذراعها من قبضة يده بنفور شديد ليهتف بها ببرود قاتل:
قولي ما تشائين يا سدن، انا لن اتعب نفسي في الحديث معك، فانا رجل لا يؤمن بالأقوال بل انه يثبت ما يريد قوله بالافعال، وسوف اثبت لك عن قريب بان ما أقوله سيحدث...

خرج بعدها من المنزل تاركا اياها تنتفض خوفا من اصراره عليها وتأكيده على انه سينالها بكل الاحوال فهي لم ولن تطيقه يوما ولن تسمح لنفسها ان تكون لرجل مثله مهما بلغت بها الاحوال...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة