قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شيخ في محراب قلبي للكاتبة رحمة نبيل الفصل السابع عشر

رواية شيخ في محراب قلبي للكاتبة رحمة نبيل الفصل السابع عشر

رواية شيخ في محراب قلبي للكاتبة رحمة نبيل الفصل السابع عشر

انطلقت ضحكة بثينة الخافتة بعض الشيء حتى لا يسمع أي شخص من الخارج ذلك وهي تردد بسخافة كبيرة لذلك الأجنبي اللعين الذي يقف أمامها مهددًا إياه:
وياترى بقى حابب القمور الصغير يبقى ايه؟ شمام ولا حرامي؟
ابتسم فرانسو متجاهلًا سخريتها وهو يجيبها بكل جدية: على ذوقك بقى. عايز عقربة صغيرة زيك كده.
بعدين مين عارف مش يمكن اربيكم سوا واكسب ثواب فيكِ؟

ابتسمت بثينة بسمة مجنونة بعض الشيء: اممم وياترى المفتش كرومبو ميعرفش انا ممكن اعمل ايه في اللي يقف قدامي؟
هو رأسه بإيجاب مجيبا إياها بكل برود: صدقيني مفيش حد يعرف قذارتك قدي يا روحي.
اغتاظت وبشدة وهي تنهض وقد تخلت عن برودها غير متحملة لذلك الشخص أمامها لتهدده صراحة:.

شكلك اهبل اسمع بقى يا عسل إنت اللي قدامك دي اساسا واحده مجنونة يعني توقع اي حاجة مني لاني صدقني لو عملت اللي في دماغك ده مش هسيبك تتهنى يوم في حياتك واديك بنفسك شوفت انا ممكن اعمل ايه!؟

ضحك فرانسو وهو يتحدث بحاجب مرفوع: لا هو انا مقولتلكيش؟ اسكتي مش انا دكتور نفسي اساسا، اه والله يعني كل حالات العبط دي انا تعاملت مع اسوء منها واكتر يا عسل انا كنت مخصص طبيب للحالات المستعصية في اخطر السجون فمش هتيجي واحدة بريالة زيك تخوفني في الاخر.
كانت بثينة تنظر له بصدمة كبيرة له ولحديثه ليكمل هو بشر مشيرًا لشعره الذي يرفعه بعيدًا عن عينه:.

ميغركيش الشعر السايح ولا العيون الملونة دي، ده انا قضيت في السجون مع المجانين اكتر ما قضيت مع اهلي.
أنهى حديثه يرمق ملامح وجهها التي كانت تتغير من الصدمة للغضب للسخط الشديد:
بردو مش فاهمة اشمعنا انا؟ اصل إنت مش جاي تتقدم لحفيدة الشعراوي فمتقنعنيش انك عايزني اربي ابنك.

ابتسم لها وهو يقترب منها بشكل خطر ثم همس جوار أذنها: رغم كل اللي فيكِ يا غالية إلا إن دماغ الأفاعي اللي عندك دي عجباني، عندك حق هو ابني سبب من الأسباب وباقي أسبابي هحتفظ بيها لنفسي.
أنهى حديثه مبتعدًا عنها يرمق عينها بسخرية كبيرة ثم تحدث قبل أن يعود ويجلس مكانه بكل هدوء كما كان يفعل قبل قليل متحدثًا عن نفسه وكأنه لم يكن واقفا للتو يهددها:.

انا مطلق وطبعا زوجتي احتفظت بابني بسبب حقها في الحضانة وعشان اعرف اخد ابني منها وطبقا للقوانين في فرنسا لا يجوز اني اكون اب عازب عشان كده قررت اني اتجوز وهاخدك عشان أثبت اني متزوج وأحق بابني من أمه المهملة...

صمت ينتظر ردة فعل منها على ما يقول لكن لا شيء كان وجهها خاليًا من الملامح تمامًا تشعر كمن فقدت الحياة هل ضاع كل شيء فجأة؟ خسرت هادي وكل شيء؟ والان هي مجبرة للتزوج بشخص لا تعلم عنه شيء بالإضافة لكونه مطلق ولديه ابن أيضا، يا للسعادة التي تعيش بها.

خرجت من شرودها على صوته وهو يحدثها بهدوء شديد وبسمة تزين ثغره: طبعا انا بلغت هادي بكل ده وهو تفهم وقال إن الأمر معتمد على موافقتك بس فزي الشطورة لما يدخل دلوقتي ويسألك رأيك تعملي نفسك مكسوفة زي اي بنت عندها دم وتمشي على اوضتك وتسيبي الباقي ليا.
اطالت فاطمة النظر في عين زكريا حتى شعرت بالخجل فجأة ونظرت بسرعة للاسفل تحاول اخفاء ارتجاف صوتها:
هو يعني، مفيش حد بس عشان انت يعني...

صمتت ولم تعلم ماذا تقول هي بالطبع لا يمكنها أن تخبره أن بثينة من قالت ذلك فكما علمت من شيماء هم بالفعل ليسوا على وفاق كما أنها تخشى تأثر علاقته بهادي إن علم أن ابنة عمه تخيفها من زوجها وهي في الأصل لم تعلم أهي محقة ام مخطئة ولا يمكنها الحكم على زكريا من الآن لذا حاولت أن تشتت أفكاره، سمعت صوته يقول بهدوء شديد وبسمة غريبة على وجهه:
عشان ملتحي ولا عشان بيقولوا عليا شيخ؟

ابتلعت فاطمة ريقها وهي تهز رأسها بنعم فهذا اهون من قول الحقيقة، ابتسم لها زكريا وهو يدفع الطعام جهتها أكثر متحدثًا برفق شديد:
طب كلِ الاول أنا طلبت الاكل ليكِ.
نظرت فاطمة في عينه بتعجب وتلك النبرة الحنونة التي يتحدث بها دائما تحرك قلبها بعنف شديد.

ابتسم زكريا لرؤيته كل تلك المشاعر المتتابعة على وجهها فهذه الصغيرة ليست ظاهرة ابدًا في إخفاء ما تشعر به، ودون أن يرتب للأمر وجد نفسه يمد يده ممسكًا بخاصتها لتجفل هي دون شعور.
ابتسم لها وهو يشدد ضغطه على يدها متحدثا بهدوء: أنتِ شايفة اني متشدد لدرجة اني اضرب نساء وتحديدًا زوجتي؟
لم تعلم فاطمة كيف تجيب عليه فهي في الأساس لك تخطط لاي من هذا، لذا صمتت ليكمل هو:.

للاسف احنا عايشين في زمن إن الملتحي أو المتدين ارهابي، والمنتقبة سارقة وبتخطف اطفال، تخيلي معايا سُنة الرسول حولّنا معناها السامي لمعاني بشعة بالشكل ده.
ابتلعت فاطمة ريقها وحاولت التحدث: انا مش قصدي على فكرة هو بس...

قاطعها زكريا وهو يتنهد بخفوت: فاطمة انا فاهم كل حاجة بس صدقيني قاعدة التعميم دي مش كويسة ابدا بلاش دماغك توديكِ لاني ممكن في يوم ابقى متزمت في ديني أو اتحكم فيكِ، انا اه هتحكم فيكِ بس في حدود الدين يا فاطمة ومش هيكون تحكم بمعناه الحرفي لا انا هنصحك وهحاول اني أبين ليكِ كل جوانب الشيء اللي بحاول اقنعك بيه، والله لو اقتنعتي يبقى خير وبركة مقتنعتيش، اكيد مش همسكلك الكرباج واضربك هحاول مرة واتنين وتلاتة.

صمت يراقب ملامحها ثم رفع يدها أمام وجهه يضمها بكلا كفيه متنهدا: عمري في حياتي ما هكون سبب في إني ابكيكِ. خليكِ متأكدة من كده يا فاطمة، إن طول ما فيا نفس هعاملك بما يرضي الله وبما يأمرني به ديني وأنتِ اكيد عارفة ديني بيأمرني بايه؟ ده أنتِ وصية الرسول يا فاطمة.

كان كل شيء حولها يحدث وهي تجلس فقط تشاهد كما لو كانت مجرد مشاهد وليست المعنية من كل شيء فها هو خاتمه يزين بنصرها بعدما اخبر هادي أنها وافقت وأنه يود أن يجعلها ترتدي خاتمه الآن وقد أحضره معه، ذلك اللعين جهز لكل شيء لكن مخطئ إن ظنها قد استسلمت فهو جعلها أكثر إصرارا على تنفيذ ما كانت تخطط له منذ وقت، هي ستبعد شيماء ونهائيا عن هادي وتفسخ خطبتها من ذلك الغبي ثم تتزوج هي بهادي.

خرجت من شرودها على صوت قرب أذنها ولم يكن سوى صوت تلك اللعينة الآخرى التي لم تأخذ بثأرها منها حتى الآن...
انحنت ماسة على بثينة مدعية أنها تبارك لها لتهمس في أذنها: مبارك يا بوسي يا قلبي اخيرا لقيتِ واحد يلمك بعد ما كنتِ كل شوية تتبعتري على واحد وياريتك فلحتي، يا حبة عيني كل واحد تحطي عينك عليه يبقى نصيب غيرك يا مسكينة، معلش اديكِ هتتجوزي ونخلص منك.

انهت حديثها وهي تستقيم مطلقة زغرودة عالية رنّ صداها في المكان كله لتلمح بعينها رشدي الذي ابتسم لها بحب لتبادله البسمة وهي تغمز له بشقاوة جعلت ضحكته تعلو المكان.
بينما هادي كان كل ثانية وأخرى يوجه بسمة لشيماء بغباء شديد وهي تخجل وتخفض نظرها ارضا...
وكل ذلك تحت انظار بثينة التي توعدت للجميع بالويل فا هم جميعا سعداء وهي فقط التعيسة هنا، حسنا اللعبة لم تنتهي بعد.

مرّ يومان على كل تلك الأحداث وقد عاد الجميع لعمله وحياته الطبيعية وكذلك فعل زكريا الذي عاد للتدريس مجددا مع بدأ العام الدراسي الجديد لكن هذه المرة في مدرسة بنات وليس التي كان بها قديما والتي كانت للصبية...

تحرك زكريا في أحد ممرات المدرسة متجها صوب أحد الفصول وعندما وصل له استمع إلى صوت غناء و ضحكات عالية ليتجه صوب الباب يطرق عليه ثم ابتعد بعدها معطيّا ظهره لهم حتى تعود كل فتاة لوضعها وحتى لا يضع أي فتاة في موقف حرج.
انتظر زكريا خمس دقائق ثم توجه للفصل بأقدام ثابتة وبسمة بسيطة مرتسمة على وجهه ملقيا السلام على الفتيات ليجبن بصوت منظم مرتب معا.

ابتسم زكريا لهن ثم تحدث بهدوء شديد متحدثا لهن بكلمات حذرة مختارة:
اولا كل عام وانتم بخير، ثانيا خلوني اعرفكم بنفسي. انا الاستاذ زكريا اللي هدرس ليكم اللغة العربية هذا العام واتمنى تكون سهلة وشرحي يكون ميسر ليكم، ودلوقتي خلونا نتعرف سريعا قبل ما نبدأ شرح...

بدأت الفتيات في التعريف عن أنفسهن لزكريا الذي كان يهز رأسه محاولا حفظ جميع الاسماء حتى جاء دور إحدى الفتيات التي شعر كما لو انه رآها سابقا لكن أين؟ وهو في حياته لم يرفع عينه في فتاة خارج حدود تلك الجدران إلا في والدته و زوجته مؤخرا.
نهضت الفتاة تعرف عن نفسها ببسمة مريبة بعض الشيء: منار احمد.

انهت منار تعريف نفسها لتجلس بعدها وتنهض التي تجاورها لتعرف عن نفسها بعد أن أدرك زكريا أين رآها فتلك هي الفتاة التي كانت تهبط من عمارته
وايضا هي قريبة لفاطمة فذلك اليوم نادتها فاطمة باسمها ثم رحلت معها...
انتهى زكريا من التعرف على الجميع ثم تحدث وهو يخرج بعض الاشياء من حقيبة ظهره الرياضية وهو يخبرهن أن يخرجن الكشكول المخصص للكتابة لكن تناهي لمسامعه صوت متحدث بطريقة مزعجة:.

بس احنا يا مستر مش معانا كشاكيل.
رفع زكريا نظره من حقيبته وهو يقول بهدوء شديد: اولا يا آنسة منار انا مدرس لغة عربية لذا يفضل لما حضرتك تناديني، تناديني بمعلم أو استاذ والكلام ده موجه للجميع هنا، ممنوع استخدام أي ألفاظ من أي لغة أخرى أثناء حصتي، لأن دي حصة لغة عربية واظن أقل شيء نعمله هو احترام لغتنا الام وعدم خلطها بغيرها من اللغات.

صمت ينظر لجميع الوجوه الساخرة منها والمحترمة لحديثه ثم أكمل: ثانيا من لم يملك أي شيء للكتابة فليخرج ورقة ويكتب عليها.
أنهى حديثه ثم أخرج الكتاب الخاص بها وحمل القلم ليكتب بخط جميل جدا منمق على السبورة تحت الهمسات الساخرة منه والضحكات المكتومة اللغة العربية
لا ده أنتِ شكلك جنيتي على الاخر يا منيرة انا فكرت لما قولتي اللي قولتيه إنك بتهزري.

ابتسمت منيرة بسخرية على ملامح زوجها المفزوعة والتي أظهرت جيدا رفضه التام لما تخطط له:
ايه يا مرسي ما هو كده كده هيعرف، فيعرف مننا افضل ما يعرف بنفسه و يبقى شكلنا أننا ضحكنا عليه.
نهض مرسي يصيح بجنون في زوجته وهو لا يصدق ما تقوله: أنتِ مجنونة عايزة تروحي تقولي لجوز بنتك إن مراتك مغتصبة؟
مش احسن ما يعرف بنفسه؟
ما يتنيل يعرف احنا مالنا وقتها يبقى يتصرف هو وهي بس مش دلوقتي ابدا، أنتِ عايزة بنتك تطلق؟

زفرت منيرة بحنق شديد هي قررت وانتهى الامر فهي لن تقبل أن تزف ابنتها ابدا له وهو لا يعلم ما حدث معها من يعلم لربما يقتلها يوم الزفاف ظنا منه أنها بلا شرف لذا الحل الامثل أن تخبره هي بما تعرفه فليس هناك رجل شرقي واحد يقبل شيء كهذا على امرأته، وهي تعلم أنها لو تركت الأمر هكذا حتى يعلم بنفسه فلن يعطي هو فرصة لابنته يومها لتوضيح الأمور فقد يجرها ويلقيها خارج منزله كما هي ودون أي فرصة وحينعا ستعيش ابنتها تلك الحادثة بنفس البشاعة لكن اسوء واسوء...

انا قررت خلاص يا مرسي واتصلت عليه أنه يعدي علينا وهو راجع انهاردة من المدرسة لاني عايزاه في موضوع وهقوله كل حاجة
محدش هيقوله حاجة يا ماما.
استدار كلا من منيرة ومرسي الذي ابتسم جهة فاطمة التي كانت تنظر لهم بملامح ميتة تقريبا.
تحرك مرسي جهتها ببسمة واسعة لقرارها هذا لكن فجأة توقف بصدمة كبيرة وهو يسمع كلمتها التالية:.

انا اللي هقوله كل حاجة بنفسي، وكل اللي محتاج يعرفه هيعرفه مني انا، يا ريت لما يجي يا ماما تسبينا لوحدنا.
انهت حديثها متجه لغرفتها بأرجل واهنة تفكر بأن تلك اللحظة التي كانت تخشاها قد اتت، حسنا لربما يكون هذا سببا ليتركها وحدها تتعفن بسلام.
عاد هادي من المحكمة بعدما ترافع لقضية الفتاة القاصر وحصل لها على الخلع ونجح اخيرا...

كانت الفتاة تقف مع خالها الذي كان يضمها بحنان شاكرا إياه: مش عارف يا بني اقولك ايه ولا اشكرك ازاي؟ انت خدمتني خدمة العمر وانقذت بنتي.
بكت الفتاة بفرحة شديدة وهي تضم خالها والذي كان اكثر حنانا من والديها نفسهما وهي تشكر هادي:
بشكرك من قلبي يا استاذ هادي مش عارفة بجد اقدملك ايه مقابل الخدمة دي بس ربنا يسعدك يارب ويبعد عنك اي شر.

ابتسم لها هادي وكاد يجيبها بأنه لم يفعل سوى واجبه لكنه لمح فجأة شيء غريب ليبتسم للفتاة وخالها ثم استأذن منهما وتحرك سريعا جهة أحد الأزقة الضيقة التي تتفرع من الشارع الرئيسي الذي كان يقف به، وبعدها توجه لبيت ما وهو يطرق الباب بعنف شديد، ثوانٍ وفتحت له سيدة تتشح بالاسود من رأسها لقدمها ووجهها يحمل نقوش غريبة كتلك التي كانت النساء توشمها قديما، نظر هادي خلف السيدة لذلك المنزل المخيف بعض الشيء وهو يهمس بنبرة مرعبة:.

البنت اللي خرجت من عندك دي كانت عايزة ايه؟
ارتعشت يد ماسة بعنف وهي ترى تلك الرسالة التي تنير شاشة هاتفها والتي كانت تحتوي تهديد صريح بنشر كل صورها إن استمر زوجها بالبحث خلفه.
ابتلعت ريقها برعب شديد لا تعلم ما تفعل فالصور أمامها كانت لها بالفعل لكن مع بعض التعديلات التي إن رآها أحد سيظن أنها هي...

هبطت دموع ماسة وهي تقع ارضا ملقية هاتفه بعيدا عنها بغضب شديد حتى ارتطم في الجدار متحطما تماما وهي تصرخ ارضا بغضب شديد.
اقتحمت سحر الغرفة سريعا برعب شديد لسماعها صراخ ابنتها لتجد ماسة تجلس ارضا تدفن وجهها بين قدميها صارخة بشكل مرعب لتبكي وهي تصرخ في ابنها أن يتصل برشدي سريعا فيبدو أن ماسة قد أصيبت بنوبة انهيار أخرى والتي لم تحدث لها منذ موت والدها وكادت وقتها تصيبها بجلطة في القلب.

توقف زكريا أمام منزل فاطمة بتعب شديد فهو للتو أنهى جدوله في المدرسة الجديدة والوضع حقا لم يعجبه ابدا فهو كان يفكر في كل كلمة قبل نطقها، فالتعامل مع فتيات في هذا العمر خطر جدا وقد يخرج كلمة عفوية منه رغم حرصه وتصل للفتيات بشكل اخر لا يريده هو.
طرق زكريا الباب منتظرا أن يفتح ليجد أن منيرة تفتحه له ببسمة مرتجفة قليلا أثارت حفيظته وقلقه لما يمكن أن تكون طلبتها لأجله...
اتفضل يابني ادخل.

تحرك زكريا للداخل حتى وصل لغرفة الضيوف لتشير له منيرة بالجلوس: ارتاح يابني لغاية ما اجبلك حاجة تشربها، فاطمة خارجة دلوقتي.
انهت منيرة حديثها ثم تركته سريعا متجهه صوب غرفة ابنتها تخبرها بحضور زكريا، تاركة إياه خلفها يفكر بتعجب في حديثها فهي حينما اتصلت به في المدرسة أخبرته أنها هي من تحتاج للتحدث معها وليس فاطمة.

لم يطل تفكير زكريا بسبب دخول فاطمة عليه وهي تبتسم في وجهه وللمرة الأولى منذ معرفته بها يراها تبتسم، نهض لها زكريا سريعا يبادلها البسمة بأخرى حنونة تخرج منه دون إرادة وهو يتحدث لها بهدوء:
السلام عليكم.
ابتسمت له فاطمة مشيرة له بالجلوس: المفروض انا اللي اقول كده.
انا وأنتِ مش هتفرق يا ستي خليها علينا.

ابتسمت له فاطمة لتسمعه يضيف بتوتر وقلق: خير يا فاطمة فيه حاجة حصلت؟ اصل والدتك اتصلت بيا وقالتلي عايزاني ضروري في موضوع ميتأخرش.
ابتسمت له فاطمة وهي ترفع عينها له والتي كانت مليئة بالدموع مما ارعب زكريا لتقول فاطمة بصوت مختنق من كتمها للدموع:
إنت حابب تكمل في الجواز ده؟

دق قلب زكريا برعب، لا يعرف لما لكن فكرة أنها احضرته هنا لطلب الانفصال قتلته، لذا سريعا و دون إدراك منه هز رأسه لها فهو ليس على استعداد للانفصال الان بعدما بدأ ببناء حياته وتصورها معه:
اكيد يا فاطمة امال يعني مش هكمل؟
ابتلعت فاطمة ريقها وهي ترفع نظرها له برعب مضيفة بخفوت شديد: فيه، فيه حاجة لازم تعرفها طالما اخترت تكمل معايا...

كان الطرق على الباب عنيف بشكل مرعب جعل مروة تتحرك جهته بخوف شديد وبثينة التي خرجت من غرفتها ترتعش من ذلك الصوت المرعب...
فتحت مروة الباب برعب شديد لتجد هادي أمامها يقف بعيون حمراء مخيفة وكأنه على أتم الاستعداد للقتل. ارتجفت مروة من مظهره وهي تعود للخلف متحدثة برعب:
هادي؟ خير يابني بتخبط كده ليه؟ وقعت قلبنا.
تحدث هادي لها بصوت مخيف: فين بثينة؟

خافت مروة كثيرا من ملامحه وقد تأكدت أن اللعينة ابنتها أخطأت مجددا لكنها ما كادت تتحدث حتى وجدت هادي يتجه لداخل المنزل سريعا عندما لمح بثينة تقف جوار باب غرفتها برعب. و دون أي مقدمات كان كف هادي يصطدم في وجه بثينة بعنف شديد جاعلا إياها تعود للخلف من قوته...
هدر هادي في جنون شديد وهو يحمل بعض الاشياء بيده: ايه دول؟ ها انطقي ايه دول؟

كانت بثينة تنظر ارضا برعب شديد وهي لا تفهم ما يحدث لكنها رفعت عينها وجسدها يرتجف من نبرته تحدق في تلك الأشياء التي يحملها لتتسع عينها بخوف شديد وقد شعرت فجأة بأن نهايتها قد حانت:
دول. دددول...
توقفت ولم تعلم ماذا تقول لتجد فجأة هادي يلقي بالاشياء ارضا ساحبا إياها من حجابها بعنف شديد مهسهسا من بين أسنانه وهو ينظر بعينها نظرة جعلتها تصرخ محاولة الفرار منه:.

عمل؟ بتعملي لشيماء عمل؟ وصلت بيكِ الو للشكل ده يا زبالة.
أنهى حديثه وهو يلقيها بعيدا عنه بغضب جحيمي صارخا في وجهها: بتعمللي ليها عمل؟ بتروحي لدجالة يا بثينة؟ دينك هيّن أوي كده عندك!؟ أنتِ عارفة أنتِ عملتي ايه؟
كان هادي يصرخ وهو يحرك يده بجنون في الهواء لا يدرك أن ابنة عمه قد وصلت لتلك الدرجة من الحقارة وسلمت نفسها لساحرة و هونت في حق دينها بهذا الشكل...

كانت بثينة ترتعش بشدة وهي تحاول أن تبرر له أي شيء علّه يرأف بها، بينما والدتها كانت تقف بعيدا تلطم وجنتها برعب لما وصلت إليه ابنتها بحقدها وغلها.
كان جسد هادي يرتعش من الغضب ودموعه تهبط بعنف مما وصلت له ابنة عمه لا يصدق ما وصل بهم الحال، مد يده المرتعشة بغضب يمسح وجهه:
ليه؟
كانت كلمة واحدة فقط، كلمة واحدة عبرت عما يشعر به من خيبة أمل ووجع، سقطت دمعة من عينه يفكر أين أخطأ ليصل لهذه النقطة؟

ابتلعت بثينة ريقها وهي تنظر له بخوف شديد ثم همست بصوت خافت قليلا وكأنها تخشى أن ينقض عليها لسماع صوتها: عشان بحبك يا هادي؟
رفع هادي نظره لها بفزع شديد لما تقول هل هي تمزح معه؟ تحبه هو؟
نظر سريعا للتقويم المعلق على الجدار ليرى تاريخ اليوم لعل ما تقول هو كذبة ابريل لكن لم يكن كذلك، أعاد نظره لها وتساءل وهو ينظر بتعجب وكأنها أخبرته بشيء خارق للطبيعة مشيرا لنفسه باستنكار:
انا؟

هزت بثينة رأسها بايجاب ولم تكد تتحدث حتى سمعت ضحكت هادي التي هزت جدران البيت ووالدة بثينة تقف بعيدا لا تستطيع نطق كلمة واحدة بعدما سمعت ما قاله منذ قليل عن ابنتها للاسف...
بتحبيني انا؟ بتحبي هادي المحامي الكحيان؟ بتحبي هادي اللي مش عنده عربية غالية؟
أنهى حديثه ليقول ببسمة ساخرة: قد ايه أنتِ متواضعة؟
تحدثت بثينة وهي تبكي بشدة من حديثه: صدقني انا بح...

قاطع حديثها صراخ هادي وهو يطيح بما أمامه بقدمه: بس اخرسي، اخرسي، أنتِ كدابة يا بثينة كدابة، سامعة كدابة.
دخل رشدي للمنزل بفزع شديد وهو يشعر بانفاسه تكاد تختفي من صدره لا يجد هواء يستنشقه منذ وصله اتصال يخبره ما حدث لزوجته...

دخل لغرفة ماسة سريعا ليجدها تتحرك بجنون كبيرة صارخة بين ذراعيّ والدتها والجميع حولها يحاولون تهدئتها والبكاء سيد الموقف. ركض لها رشدي سريعا وجذبها بعنف من أحضانه والدتها لاحضانه يحاول تهدئتها لكنها لم تفعل بل استمرت في البكاء بعنف والصراخ والتحرك بهياج ورشدي يمسكها بعنف حتى يوقف حركتها ليستطيع الطبيب الخاص بها حقنها بالمهدأ لكن وبسبب حركتها العنيفة جرحت نفسها بسبب الحقنة التي كان الطبيب يحاول أن يدخلها في ذراعها...

ضم رشدي رأسها لصدره وهو يهمس لها بغصة بكاء لحالها. مرعوب أن تصاب هذه المرة بشيء خطير قد يفقدها لأجله ليتحدث ببكاء:
ماستي حبيبتي اهدي انا معاكِ، اششش اهدي ياقلبي انا رشدي يا ماسة ارجوكِ اهدي.

كان يتحدث وهو يبكي برعب على حالتها حتى هدأت ماسة قليلا لكنها لم تتوقف عن البكاء والصراخ الخافتة إلا عندما نزع الطبيب الحقنة من ذراعها ليبدأ جسدها في التراخي ببطء بين ذراعي رشدي الذي ضم بقوة صارخا في الجميع أن يخرجوا ويتركوهم وحدهم...
نظر ابراهيم لابنه بشفقة كبيرة وهو يشير للجميع بأن يتبعوه: يلا يا جماعة سيبوهم لوحدهم وخلينا نخرج من هنا...

خرج الجميع واحدا تلو الآخر خلف ابراهيم تاركين رشدي يضم ماسة في منتصف الغرفة ثم تمدد ارضا ساحبا إياها بين أحضانه وهو يبكي بخوف:
ماستي، حصلك ايه ياقلبي؟
كانت ماسة تغلق عينها بانهاك شديد واستكانة بسبب المخدر الذي حقنه الطبيب بها منذ ثوانٍ ليقبل رشدي رأسها بحنان شديد ثم دفنها في صدره واضعا رأسه على رأسها هامسا بلوعة وعشق:
رفقا بقلبي يا ماسة هموت لو حصلك حاجة.

صرخت بأعلى صوت لديها ويغضب شديد من تقليله لحبها: وانت ليه متأكد اوي كده اني كدابة يا هادي؟ ولا انت رافض تواجه نفسك إنك غلطان؟ وانك سبب كل اللي بيحصل وكل اللي بعمله ده.
صدم هادي بشدة من وقاحتها تلك، هل اتهمته للتو أنه سبب كل شيء؟ يالله هل أصبح هو الملام الوحيد في كل هذا.

راقبت بثينة كل التعابير التي ارتسمت على وجه هادي لتبتسم بانتصار ولم تتوقف ابدا بل استمرت في توجيه حديثها اللاذع له ظنا منها أنها تتملص مما فعلته:
لو كنت بس اخدت بالك مني، لو كنت بس شوفت حبك في عيوني كنت...
كنتِ ايه؟
صمتت بثينة وهي ترى نظرات هادي المظلمة والمميتة وهو يحدثها بتلك النبرة الهادئة لكن كل ذلك تغير وهو يطيح بكل شيء يقابله صارخا في وجهها:
كنت ايه؟ أنتِ نسيتي اللي حصل ولا ايه؟

ابتلعت بثينة وهي تراقب جنونه وقد بدأ يصرخ بها بيننا عروق رقبته نافرة بشكل مخيف:
نسيتِ؟ نسيتِ وصية ابويا؟ نسيت وصيته ليا؟ بتقولي اني أنا حيوان ومشوفتش حبك وأنتِ يا حرام البنت اللي حبت ابن عمها وهو كسر قلبها وراح يتجوز صاحبتها وحتى معطاش ليها فرصة.
صمت يراقب ملامحها والتي لم يرى فيها حتى ولو مجرد ندم لحظي قد يشفع لها عنده، كل ما رأى تجبر وحقد اعموا بصيرتها...

نسيتِ ولا ايه يا بوسي؟ نسيتِ اني كنت هتجوزك؟
صمت ثم تحدث بدموع شديدة وقد تمكن منه شعور مقيت: نسيتِ إني دوست على قلبي بالجذمة عشان انفذ الوصية واتجوزك وقولت وماله يا واد يا هادي بنت عمك برضو وبكرة مع العشرة تنسى وتحبها وجيت طلبت ايدك وجبت المأذون، ووقت كتب الكتاب سيادتك عملتِ ايه؟

صمتت بثينة وهي تبكي متذكرة تلك اللحظة التي يحكي عنها هادي وتتذكر غبائها وقتها فهي في ذلك الوقت كانت في عامها الاخير من الجامعة وكانت في علاقة حب مع صديقها الغني الذي وعدها بالزواج بها بمجرد انتهاء الدراسة لذا وبكل غباء داست على هادي بلا أي ندم وفعلت اغبى شيء قد يفعله شخص يوما...

سقطت دموع هادي بشدة وهو يشير لنفسه بوجع: ضحيت بكل حاجة وضحيت بحبي لشيماء وقتها وقولت دي وصية ابويا ولازم تتنفذ وعاهدت ربنا إن عمر في يوم ما هزعلك ابدا ولا احسسك للحظة بأي نقص هعاملك انك بنتي قبل مراتي بس أنتِ عملتِ ايه؟!
صمتت ولم تجيب ليصرخ بها: عملتِ ايه؟
فيه ايه يا فاطمة قلقتيني؟

سقطت دموع فاطمة بشدة وقد استوعبت فجأة صعوبة الأمر، هي ظنت أنه سيكون ابسط من هذا بكثير خاصة أنها لا تخشى فقدم أو ما شابه لكن يبدو أن شعورها بالأمان جانبه جعل من إبعاده أمرا صعبا فهي لا تجد كل يوم من يحنو عليها.
رفعت عينها له وهي تحاول فتح فمها للتحدث لكن لم تستطع إلا أن تنفجر في البكاء. غطت وجهها بكفها وهي تبكي بعنف متحدثة بصوت غير مفهوم وكلمات غير مفهومة له.

صدم زكريا بشدة مما يحدث لها لذا سريعا نهض من مقعده راكضا لها وكعادته في التصرف مع كل ما يخصها جذبها لاحضانه مربتا عليها يحاول تهدئتها:
مالك يا فاطمة؟ حصل ايه لده كله؟ حد زعلك اتكملي طيب ريحي قلبي...
كانت فاطمة تتحدث من بين شهقاتها العنيفة بكلمات غير مفهومة ابدا ليبعدها عنه قليلا وهو ينظر لعينها:.

مش سامع يا فاطمة خدي نفس يا قلبي وقولي براحة، حد زعلك أو عملك حاجة هنا؟ قوليلي وانا والله اعملك مشكلة مع البيت كله واخدك معايا بس متعيطيش.
هزت فاطمة رأسها برفض وهي تشعر أنها على وشك الدخول لتلك الحالة اللعينة وايضا تمتمت بنفس الكلمات الغير مفهومه ليقرب زكريا أذنه منها هامسا بحنان وهو يربت على ظهرها:
مش سامع يا فاطمة براحة كده بتقولي ايه؟

رفعت فاطمة عينها له وهي تبكي بعنف تقول: بقولك انا مش بنت بنوت يا زكريا.

تجمدت يد زكريا على ظهر فاطمة من الخلف وقد شحبت ملامحه بشدة ينظر لعينها يبحث عن أي شيء قد يدل أنها تكذب عليه أو لربما تحاول إنهاء الزواج بهذه الطريقة لكن عينها أخبرته أن كل ما تفوهت به كان حقيقة، ابتعد زكريا قليلا عن فاطمة ويده ترتجف بشدة من هول تلك الصدمة التي لم يتوقعها يوما متحدثا باهتزاز وهناك بسمة صغيرة تجاهد للارتسام على وجهه:
مطلقة يعني أو أرملة؟

كان رجاء أكثر منه سؤال وكأنه يرجوها أن تصدقه القول ليأتي له السهم الثاني وهي تهز رأسها بلا ثم تحدثت بنبرة خاوية ميتة وسخرية قطعته قبل أن تقطعها هي:
مغتصبة.
سقطت دموع زكريا بعنف لما سمعه منذ قليل وشعر فجأة وكأن جسده قد أصابه شلل لم يقدر على تحريك اصبع حتى نظر في ملامح وجهها وهو يترجاها أن تضحك، تظهر أي شيء يخبره أنها كانت تخدعه أو تختبره ربما.

لكن لا شيء كانت فاطمة تنكمش على نفسها في نهاية الأريكة بعيدا عنه تخفي وجهها في قدمها وكأنه سينهض لينقض عليها غاسلا عاره بيده...
ابتلع زكريا ريقه بصعوبة شديدة فقد كان وكأنه يبتلع سكاكين حادة: تعرفي اللي عملك كده؟

سؤاله بهذه الطريقة الهادئة صدم فاطمة وبشدة فقد توقعت أن أول رد فعل له هو أن ينهض ويثور ويكسر كل ما يقابله في المكان صارخا بها أنها لم تحافظ على نفسها وأنه لربما تحمل هي أيضا جزء من هذا الذنب كما اخبرها البعض، لكن أن يسأل عن الفاعل أو يبحث عن المجرم الحقيقي بدلا من رميها هي بالتهمة جعلها ترفع رأسها ببطء من بين قدمها ومازالت دموعها لم تجف بعد بل كانت تتجدد بكل سخاء.
مين اللي عمل كده تعرفيه؟

ومجددًا نفس السؤال وهذه المرة بإصرار ونبرة غضب قد بدأت تلون حديث زكريا لتبتسم هي بسخرية شديدة تهز رأسها دلالة معرفتها بهم:
اي واحد فيهم؟
لم يبدو أن زكريا فهم حديثها أو أن عقله لم يستوعب تلك الفكرة في الأساس لتعيد هي سؤالها بصيغة أخرى:
اصلهم كانوا اتنين فانت قصدك اي واحد فيهم؟

ومجددًا تواصل طعنه بعنف شديد دون الاهتمام له أو لوجعه وذلك الجحيم الذي يستوطن قلبه في تلك اللحظة، سقطت دموع زكريا اكثر مغمضا عينه بعنف وداخله يحترق بعنف شديد لا يعلم ماذا يفعل الان؟
طلقني واخلص من العار.
وكأنها سمعت سؤاله لنفسه لتجيبه تلك الإجابة الغبية، رفع زكريا عيونه التي احمرت من البكاء والغضب لا يفهم حديثها وكأنها تحدثت بغير لغة، لتعيد هي حديثها الذي سمعته مرارا وتكرارا:.

مفيش راجل شرقي يستحمل إن مراته تكون اتلمست من حد قبله ومش واحد بس لا اتنين كمان فأنت طلقني واخلص مني.
واه لو تدرك تلك الغبية ما سببته به وبقلبه لينهض سريعا جاذبا إياها من اخر الأريكة بعنفه ذارعا اياها بين أحضانه بشدة وكأنه يرغب في ذرعها داخل قلبه هامسا لها بوجع شديد:.

وهو الشرقي اللي يتخلي عن نصه التاني؟ ولا الشرقي اللي يرمي مراته عند أول مشكلة؟ بقينا نستخدم اللفظ ده كتير بطريقة غلط خليني اقلك يا فاطمة...
صمت ثم دفن وجهه في رقبتها هامسا بنبرة ظهرت لها حنونة لكن اه لو تعلم كم النيران التي تكمن داخلها ولن تنطفئ سوى بالقصاص ممن فعل هذا بزوجته:
قد يكون العقل شرقي، لكن القلب والله عاشق.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة