رواية حورية وشيطان للكاتبة رحاب إبراهيم الفصل الخامس والأربعون
اعشقها ولا استطيع أن اخبئ على قلبي أني بجنون العشق أريدها
اعشقها. ولا اتذكر خيانتها حين اجدها!
كانت تتحدث شقيقته وهو بعالمًا آخر منذ أن لمح الرسمة على الورقة البيضاء وتجمد للحظات ثم اخذها بأنامله ليرفعها أمام عيناه بصدمة
حورية!
انكمش حاجبي ميرنا بتعجب وقالت: -
حورية مين؟!، دي ياسمين!
ضيق ياسين عيناه بصدمة وردد اسمها مرة أخرى لتقل ميرنا بشك ورمقته بنظرات مترقبة: -
مين حورية يا ياسين؟ معقول تكون هي؟!
ابتلع ياسين ريقه بصعوبة بعد أن اتقد بداخله نيران حارقة اشتعلت بعيناه وكيانه كاملاً، قال: -
هي فين؟
تطلعت اليه ميرنا واستطاعت أن تخمن الاجابة فلا مجال بعد نظراته هذه فقالت: -
ياسين، عز ده صاحبك. وواضح أن الموضوع فيه حاجة مش مفهومة خصوصاً أنها في الاصل خطيبة نادر!، ياريت تعرف منها الأول الحقيقة وتتكلم معاها، يمكن تكون مظلومة
هتفت ياسين بغضب وكرر سؤاله: -
هي فيييين؟
اطرفت ميرنا بقلق على شقيقها وقالت: -.
عز طلب يتكلم معاها قبل أنت ما تجيلي وخدها على مكتبه...
زم ياسين شفتيه وارتفع صدره صعوداً وهبوطاً من الغضب حتى القى الورقة وتوجه خارجاً حتى نهضت ميرنا وجذبته من يده متوسلة: -
عشان خاطري اتحكم في اعصابك العصبية مش هتحل حاجة غير أنك وعز ممكن يحصل ما بينكم مشاكل، لازم تتكلم معاها الأول وتعرف منها كل حاجة وليه بعدت عنك وكل حاجة قبل ما تعرف عز حاجة وتخسرو بعض...
اطرف عيناه بعصبية ثم خرج من الغرفة مرة أخرى متوجهاً لمكتب عز الدين...
وضعت ميرنا يدها على فمها بقلق ثم قالت: -
حورية هي ياسمين أزاي وليه؟! اكيد في حاجة مش طبيعية ورا الموضوع ده، يارب جيب العواقب سليمة يااارب وما تحصلش مشاكل
صلِ على النبي
منذ خروجه معها من مكتبه وذلك مر عليه عدة دقائق، خرج من مبنى المشفى لينظر الى الحديقة بابتسامة واسعة وقال: -.
ممكن نتمشى شوية في الجنينة ولا تحبي نقعد في اي مطعم أو كافيه؟
حافظت حورية على ثباتها ورغم نفاذ الصبر ولكنها جارته وقالت: -
احنا اتكلمنا كتير النهاردة يا دكتور، خلي الكلام لبعد بكرا بقى لأني مش هينفع اجي بكرا...
اجابها بذات الابتسامة: -
ماهو عشان كدا عايز اتكلم معاكي النهاردة في كل حاجة، انا قلت نص الكلام اللي عايز اقولهولك ومبسوط جداً أنك تفهمتي موضوع خطوبتي وأني خلاص هنهيها...
قال ذلك براحة ثم أشار لها كي تأت معه للحديقة فلبت الأمر ببعض الملل، أردف عز مبتسماً وهو يخطو بجانبها: -
هتكلم مع ساندي وانهي الخطوبة وصدقيني زي ما قولتلك في المكتب، أنا ماكنتش مقتنع بالخطوبة من البداية بس كنت شايفها مناسبة ليا مش اكتر...
شعرت حورية بأنتصار انثى على أنثى أخرى كانت بالماضى تشعر بضألتها كلما اقتربت منها، ها هو ذات الرجل الذي تركها امساً ولفظها كلفظ النواة. يركض خلفها اليوم ويتمنى كلمة ولو بسيطة حتى ينل قربها، لم تشعر الا بابتسامتها الذي ظهرت على وجهها فجأة، وهي تنظر للأمام وتسير بجانبه وشعرت أنها تقف أمام ساندي الآن وتخبرها أنها هي من فازت وستكمل فوزها بتركه للأبد، فهي ملك لرجلا واحداً أسرها عشقاً ولا احد غيره، وقطعا ليس هذا الرجل من يسير بجانبها الآن، تنفست بشيء من الكبرياء والثقة العالية بالنفس وشعوراً آخر بحنين يغرق بعشق لرجل قلبها الوحيد، أنه تلك الآمير ذو العين والشعر شديد السواد بجاذبية قاتلة للثبات بقامته الطويلة التي تشعرها أنها بين يد وحش بقلب حنون، لم تقف أمامه مرة واحدة دون أن تهتز وترتبك، كلما تذكرته كلما عشقته...
راقبها عز بمرح ظناً منه بسعادتها بحديثه فقال: -
بتضحكي ليه؟!
اجابت بابتسامة: -
تعرف يا عز في حاجات بنفتكر أنها كل الدنيا ولو راحت هنموت بس الحقيقة بقى أن الراحة والسعادة الحقيقية في خسارتها، ياريتنا نتعلم أننا نصبر
تعجب عز قائلاً: -
بتفكريني بواحد صاحبي، كلك منه!، ياسين
حورية بحنين: - هو اسمه ياسين؟
اجاب عز بابتسامة ماكرة: -.
اه، بس ما تهربيش مني في الكلام، أنا معجب بيكي وعايز أعرفك أكتر، حاسس أنك بتبادليني نفس الاحساس، صح ولا أنا غلطان؟
غربت الابتسامة من وجهها ليرتسم الضيق بعيناها والحيرة في الاجابة ففضلت الصمت، ربما تجد اجابة عندما تتريث بالتفكير لدقيقة.
حورية: -
عقد عز حاجبيه بضيق: -
لو ردك لأ، مش هحاول اضايقك تاني ابدًا.
نظرت له وهي لا تعلم بماذا تجيب! اذا رفضت فستنتهي مهمتها غالبًا بالفشل وصعب على قلبها أن توافق بهذا الأمر، فماذا تفعل؟!
ارغمت حورية نفسها بالموافقة ولو مؤقتاً فقالت بألم: -
لأ، مش، مش غلطان، أنا بردو، زيك
اتسعت عين عز وقال: - ياسين!
دق قلبها بهتاف حاد لترداد سماع اسمه فابتسمت رغما ثم اخفت ابتسامتها وقال حورية بتعجب: -
ايه قررت تكلمني عنه؟
أشار عز لما خلفها بابتسامة، وكرر: -
لأ، ياسين جه بنفسه!
تخشب جسدها بصدمة وهي تنظر لعز الذي ينظر بابتسامة زاد بها التعجب بعض الشيء وكأنه لاحظ ما ارعبها وجعل عيناها تتسع بذعر، جف ريقها وهي تقل بصوت يرتجف خوف: -
ي. يا، ياسين!
تعاركت أنفاسها بحدة بسبب دقات القلب العالية بلهاث حاد وهي تلتفت ببطء وكم تمنت أن تركض من هنا دون أن تراه، وكأن سنوات مرت بهذه الثوان القليلة حتى قابلت عيناه التي تقدح شرراً لأول مرة تراه بتلك العينان التي لم تهجر قلبها لحظة، شحب وجهها واصبح دون دماء واصبحت عيناها على اهبة البكاء ليرمقها بسيل مجنون من النظرات الغاضبة والعاتبة والألم ينشب معاركه بعروق رقبته المنتفخة، رمقه عز بحيرة من هذا الغضب فقال: -.
ابن حلال، كنت لسه في سيرتك يا ياسين
رمى ياسين عز بنظرة غاضبة سريعة ليتابع نظراته لعين حورية التي ظهر بها دمعة مرتجفة خوفاً من كشف هويتها، ابتلعت غصة عالقة بحلقها قبل أن تقل بنبرة متلعثمة وخائفة: -
أنا، ياسمين.
يفهم عيناها الذي يعشقها لذلك لمح فيهم الترجي للصمت، فجأة صدح صوت احد العاملين بتأوه ويبدو أن احد ماكينات الزراعة للحديقة التي اتت للتو كي تهذب فروع بعض الاشجار كانت السبب في هذه الصيحة، التفت عز للعامل الذي يتأوه على الأرض بألم وقال: -
ثواني هروح اشوف ماله
قالت حورية سريعاً وحمدت تلك الحادثة المفاجئة: -
طب انا همشي عشان أتاخرت...
لم تتسنى لتسمع اعتراض طالما كان الأمر مماثلاً فركضت للخارج لينظر لها عز بضيق وقال لياسين: -
حصلني على المكتب يا ياسين عشان عايزك ضروري على ما اشوف حصل...
ركض عز للعامل حتى تتبع ياسين حورية التي تركض كأنما لامسها الشيطان وذهب خلفها...
استغفر الله العظيم واتوب إليه.
خرجت للطريق وهي تلهث وترتجف من غضب نظراته لها حتى أشارت لسيارة أجرة لتقف، وقف سائق السيارة لتبدأ بفتح الباب حتى اغلق الباب بحدة بيد أخرى، تجمدت للحظات حتى التفتت لتجده يقف قربها ونظراته لو كانت اسهم لقتلتها، تركهم السائق بنفاذ صبر حتى جذبها من يدها بغضب وادخلها سيارته بحركة عنيفة، دون أن يتفوه بكلمة...
التمعت عيناها بالبكاء ونظرت له وهو يغلق باب السيارة بحدة ويلتفت ليجلس بمقعد القيادة بجانبها، رمقته وهو يدير السيارة بعصبية وهتفت: -
واخدني ورايح فين؟ انت مين عشان تعمل كدا؟ أنا، ما اعرفكش!
حاولت أن تتنكر منه كي تشككه بها ولكنها حوريته مهما انكرت ذلك فاطرق بشراسة على المقود وقال بصوت يكتم غضبا هائلاً: -
ما تعرفنيش؟!
صرّ عل. اسنانه بعنف ونظراته لها عنيفة حتى حرك السيارة بسرعة جنونية جعلتها تحدق عيناها برعب وهتفت: -
براحة، براااااحة هنعمل حادثة
لم يستمع لها بل زاد السرعة ناظرا أمامه بشراسة حتى صرخت: -
وقف العربية، ياااااسين
ارتطم رأسها بعنف للأمام عندما اوقف السيارة فجأة وظل ناظراً بحدة لها وهي ترفع رأسها وتتحسس موضع التصادم برأسها بألم، نزفت عيناها دموعاً أكثر لتنظر له بعذاب قائلة: -
عايز مني ايه؟
نبرته كانت مزيجاً من السخرية والغضب والألم، هتف: -
دلوقتي بتسألي عايز منك؟! برافو، بعد ما خدتي كل حاجة جاية تسأليني عايز منك إيه! وكمان بتنكري معرفتي بيكِ! تصدقي اللي المفروض ينكر معرفته بالتاني هو أنا!، أنا بكره اليوم اللي شوفتك فيه
تملكها الغضب وهتفت بعصبية: -
لا مش هنكر يا ياسين، اه أنا حورية، البنت اللي أنت عملتلها عملية وبقت اللي قدامك دي، تقدر تقولي بتعمل كدا ليه وبأي حق؟!
كاد أن يقتلع الغضب عيناه من حدته فصاح: -
بحقي فيكي، أنتي كلك حقي، حقي اللي ضاع مني وهرجعه. بتهربي مني ليه؟ ومغيرة اسمك ليه؟ ولما أنتي كنتي مخطوبة ليه ما قولتليش؟!
رمقت بشرر غاضب وقالت: -
انت مش وصلتلي رسالة أني لو شوفتك صدفة اهرب ومش اخليك تشوفني!، مش ده كلامك؟!
جز على اسنانه بحدة قائلا بسخرية: -.
كل اللي حاولت افهمهولك ماخدتيش منه غير السطر الآخير! مشيتي وبعدتي من غير أي اسباب وأنا اللي كنت ناوي اقولك كل حاجة عني واصارحك، بقلم رحاب إبراهيم
اطرفت عيناها بحيرة وقالت: -
تصارحني بإيه؟
هز رأسه برفض قائلا بقصد اغضابها: -
لأ، مش بعد اللي سمعته في كلامك مع عز النهاردة ومش بعد اللي حكهولي عنك ومش بعد ما عرفت عنك كل ده اكفائك، بس هقولك منه حاجة واحدة كنت مخبيها عنك لفترة، أن ليا ابن من طلقيتي.
اتسعت عين حورية بصدمة ورددت: -
طليقتك!
راقه صدمتها بعض الشيء فقال مؤكدا: -
أه كنت متجوز وطلقت، تعرفي خبيت عنك ليه؟ عشان كنت خايف تبعدي لو عرفتي، بس الغريبة أنك بعدتي قبل ما تعرفي!
جرت دموع مصدومة على وجنتيها دون أن ترمش لتقل بصدق: -
أنا فعلا ماكنتش أعرف أنك مطلق
هتف بعنف: -
صدمتك ما تجيش حاجة في صدمتي فيكي، صدمتي في واحدة لحد دلوقتي ما اعرفش اسمها الحقيقي ايه وليه بتخبي حقيقتها؟
مش هسيبك يا حورية ترتاحي يوم واحد بعد النهاردة وعز لازم يعرف حقيقتك...
شعرت بالخوف ولكنها غضبت من تحديه لها وقالت قبل أن تترجل من سيارته على الطريق المظلم الخالِ: -
يبقى مش هتشوفني تاني طول عمرك، اوعدك لو عز عرف حاجة مش هخليك تعرفلي مكان ده غير أن عندي الدليل اللي يثبت أني ياسمين عبد الله مش حورية، يعني أنت الخسران مش أنا.
خرجت من السيارة وابتعدت عدة خطوات حتى وقف أمامها بعدما تبعها سريعاً واسودت عيناه بعنف: -
انسي أنك تعرفي تبعدي تاني، ولو أنتي مش عايزاني أنا اللي اقول لعز هخليكي أنتي اللي تقوليله بنفسك من اللي هعمله، تعرفي أني هتسلى كتير بعذابك، وهعرفك الخسارة احساسها عامل أزاي أنتي لسه ما تعرفيش قساوتي...
اطرفت بأعين دامعة وقالت: -
أنت عمرك ما كنت قاسي عليا ولا هتعرف تقسى عليا يا ياسين...
ظهر الغضب بعيناه بشكل اعنف واجاب: -
شكلك حابة تجربي. مافيش مانع، عارفة هعرف اقسى ليه؟
لأنك ما تستاهليش لحظة من تفكيري، تعرفي أني ما رضيتش اتكلم واكشفك غير لما اسمعك الأول؟، بس لقيتك بتدي الحق لنفسك ومصدقة أنك بريئة، واحدة اصلا مخطوبة ووهمت واحد انها مالهاش حد وبعد ما خدت منه اللي عايزاه رجعت لخطيبها وبالصدفة الغريبة تقعي في طريق صاحبي الوحيد اللي بردو حبك!، عايزاني بعد ده كله افكر ايه؟!
بس تعرفي اكتر حاجة صدمتني فيكي، أنك تسرقيني!
جحظت حورية عيناها بذهول لتقل: -
أنا؟! سرقت ايه؟!
زم شفتيه باحتقار واجاب: -
الهدية اللي كنت جايبها لميرنا اختي لقيت علبتها في الشقة وانا حاططها بإيدي في المكتب! يبقى راحت الشقة أزاي!
كادت أن تصرخ مدافعة ليهتف بشراسة: -.
أنا مش عايز حاجة منك اعتبريها هدية عذابك وتعويض على اللي هعمله فيكي بس ماكنتش متوقع منك تعملي كدا وانا اللي كنت هديلك عمري كله، مش سلسلة تمنها ما يساويش لحظة وجع عشتها
صاحت حورية بشعور الظلم وبكاء: -
انا ما خدتش حاجة والله العظيم، أنا لقيت الهدية فعلا بس ما اعرفش جت في شنطتي أزاي!، السلسلة معايا وهرجعهالك لأني ما اقبلش اخد حاجة مش بتاعتي ولا من حقي
اقترب لها بعنف قائلا بألم: -.
اومال خدتي قلبي ليه ومشيتي لما أنتي مش معتبراه حقك، ماحستش لحظة أنك بتمثلي عليا!
اغمضت عيناها بعجز من اخباره أي شيء ثم تحركت مبتعدة عنها فجذبها بغضب وصاح بوجهها: -
أنتي قولتي لعز انك بتبادليه الاعجاب، ده حقيقي؟!
صمتت بحزن ونظرت لإتجاه آخر فقال بسخرية: -
لو بتحبيه كان زمانك رديتي على طول، أنا مش هقول لعز حاجة بس بشرط...
ابتلعت ريقها بقلق وقالت: -
ايه هو؟
وقف أمامها بنظرة عميقة وقال: -
ترجعي شقتي.
اتسعت عيناها بدهشة لتقل بحدة: -
أنت بتقول ايه؟!، مستحيل طبعاً!
أشار له بتحذير وقال: -
قدامك لبكرا، لو ما رجعتيش. عز هيعرف كل حاجة وهوريله كمان كنتي أزاي وبقيتي أزاي، عشان يعرف أن أنا كنت البداية وهبقى النهاية مش حد غيري هتلاقيني في كل الطرق
جحظت حورية عيناها بهلع وقالت بخوف لأن بذلك سيكشف هويتها الحقيقة: -
لأ، لو ليا خاطر عندك ما تعملش كدا يا ياسين، هكون عندك بكرا خلاص.
ابتسم بسخرية وعصبية شديدة بعيناه وقال: -
مش هقدر اطمنك، واللي مستغربله أنك خايفة عز يعرف ومش خايفة من اللي هعمله فيكي!
قالت معترفة وبعين دامعة: -
لأنك مش هتأذيني، أنا متأكدة
تصارع عنف مع الم مع شوق بعيناه ويحتد كلما نظرت له بهذه الطريقة فقال بشكل آمر: -
تعالي اوصلك
اجابت بتيهة: -
عايزة ابقى لوحدي شوية...
تطلع اليها وود لو يضمها بجنون ولكنها، خائنة!، بعد عيناه عنها وقال بألم: -.
وجودي كان صادم ليكِ صح؟ شايفك مش مستوعبة اللي حصل
رمقته بذات الألم واجابت: -
وجودك دايمًا كان بيطمني، لحد دلوقتي، تعرف ايه االي أنا مش مستوعباه؟
ضيق عيناه بتسائل حر وصامت وكانت اجابتها الصادقة برجفة وارتباك عين إمرأة تحب: -
أنك بتحبني للدرجة دي، أنا مش خايفة منك أنا خايفة عليك من كل شيء، وما تطلبش مني أي اجابة تانية
هز رأسه رافضا تلك الخفقة الخائنة بقلبه الذي مالت لها بقوة فقال بغضب: -.
لأ، كنت الأول بحبك انما دلوقتي لأ، أنا هثبتلك أنك مش هتكوني لغيري وساعتها انا اللي همشي، بس مش همشي قبل ما اعذبك وادوقك المر االي أنا شوفته، طعمه ما يفرقش عن عنيكي، عذاب وغدر ووجع وقدر مكتوب...
قالت بنظرة قوية: -
أنت بتتحداني أنك تعذبني وأنا بتحداك أنك لسه بتحبني وخايف عليا، بص لعنيك في المراية وأنت تعرف مع أنك مش مضطر لده، كفاية أنك تسأل قلبك عني، وبردو مش هتلاقي اجابة غيري.
اغضبته لدرجة مخيفة فكاد أن يرفع يده ليصفعها عله يستطع أن يقنعها أنه تحول لرجلا آخر ولكنه تراجع عندما لاحظ ارتجافتها بخوف وهي تخبئ وجهها بيدها المرتجفة، اسقط يداه ثانيًا وهتف: -
لأ، أنتي ما تستاهليش حتى أني اضربك، أنا عارف هكسرك أزاي وبكرا تكوني في شقتي والا ههد الدنيا عليكي ولو لقيتك مش هرحمك...
تركها تقف وذهب بسيارته...
اجهشت بالبكاء الآن وبدأت تسير بالطريق ناظرة أمامها بتيهة وتتسائل، ماذا فعلت لتواجه هذا العذاب! كان أمامها يثبت برائته ولكن لم تستطع أن تفعل مثله وتعترف...
اوقفت سيارة أجرة وذهبت السيارة بها في الطريق...
ها هو سيد العشق لم يذهب مثلما قال بل راقبها من بعيد وذهب خلفها بسيارته، لمحته عبر المرآة الجانبية ومن بين دموعها، ابتسمت.
استغفر الله العظيم
بمشفى الألفي...
ضمد عز الكدمة بقدم العامل الملتحي بلحية طويلة تثير الشكوك وقال: -
حد بردو يشتغل بليل كدا؟!
رد العامل الذي كان فهد متنكراً وقال: -
اكل عيشنا يا بيه، شغلنا ليل نهار هو احنا بنقعد!
ابتسم عز قائلا: -.
ربنا يقويك، رجلك مافيهاش حاجة هي وجع الواقعة بس، دكتور حاتم قال كدا اطمن، ولو حصل حاجة تعلالي على طول
نهض فهد وتظاهر بالعرج قائلا: -
تشكر يا بيه، اما اروح أنا اكمل شغلي
رفض عز بقوة: -
لأ روح مالكش دعوة وارتحالك كام يوم لحد ما تقدر توقف، انت قولتلي اسمك ايه؟
اجاب فهد وقال: -
سيد
عز: - خلاص يا سيد روح أنت بيتك دلوقتي
أخرج عز عملات نقدية ووضعها بجيب فهد وقال رابتاً على كتفه: -
حمد الله على سلامتك.
اجاب فهد بشكر: -
ربنا يعزك يابيه، تشكر
خرج فهد متظاهرا ببعض العرج من مكتب دكتور حاتم ليسرع لمكتبه وقد ظن أن ياسين ينتظره ولكنه تفاجئ بعدم وجوده، فكر قليلاً فأعتقد أنه بغرفة شقيقته، توجه لغرفة ميرنا...
دلف عز لغرفة ميرنا التي كانت تقضم اظافرها بقلق، ليرمقها بتعجب قائلا: -
شكلك عصبية كدا ليه؟! وياسين فين؟!
تطلعت ميرنا اليه بحذر وترقب وقالت بريبة: -
انت ما شوفتهوش؟!
عز بحيرة: -.
شوفته قدام البوابة تحت وقولتله يستناني بس على ما رجعت مالقيتهوش!
ميرنا بشك: -
وياسمين كانت معاك؟
هز عز رأسه بالايجاب ليشتعل القلق بعين ميرنا ليقل عز بحيرة: -
في ايه؟!
نفت ميرنا بابتسامة مصطنعة: -
لا لا مافيش حاجة
قال عز وهو يتوجه للخارج: -
هتصل بيه اشوفه فين!
خرج من الغرفة وما كاد يخرج هاتفه ليجد ياسين يجري اتصال فابتسم واجاب سريعا ويده الاخرى تفتح مقبض باب مكتبه مجددًا: -
ايو انت فين يا ياسين؟!
هتف ياسين وهو يجلس بسيارته أمام المبنى الذي للتو دلفت به حورية وقال بغضب: -
بدخل اختي في حياتك الشخصية ليه يا عز؟! لو كنت عايز تتعرف على واحدة اظن ميرنا مالهاش علاقة بده
قطب عز حاجبيه بتكشيرة واجاب: -.
عشان كدا لما روحت لميرنا لقيتها زعلانة، اكيد زعلتها عشان كدا!، وعموما النوضوع مش كبير زي ما أنت فاهم يا ياسين، كل ما في الامر انها بس عرفت منها انك كانت بتحب خطيبها ولا لأ، يعني تقدر تعتبر كلام بنات عادي، وبعدين كان المفروض تستناني ونتكلم مش تمشي وأنت زعلان كدا؟!
ياسين بتوعد ظهر بنبرته وهو يرى حورية تخرج متسللة مرة أخرى ولم تلاحظ سيارته فتأكد من ظنه بأنها رأت سيارته وهو يتتبعها، قال ياسين بنظرة قاتلة: -
ماشي يا عز، أنت وخطيبتك أو اللي هتبقى خطيبتك معزومين عندي في البيت يوم الاتنين الجاي، عشان أنا كمان محضرلكم مفاجئة هتعجبكم
عز بتعجب: -
مش عارف هترضى ولا ايه بس ياريت والله ترضى ساعتها محدش هيفرح ادي...
ابتسم ياسين بسخرية: -
وانا متأكد بردو انها هتفرح أوي.
عز مبتسماً: -
خلاص هقولها وهحاول اقنعها بكل الطرق...
انتهى الاتصال بعد دقائق حينما اخذت حورية تاكسي آخر ليقلها الى بيتها الذي حاولت أن تخفيه ولكنها هذه المرة لم تلمحه فأطمئنت...
بعد مرور بعض الوقت...
خرجت من السيارة واعطت السائق اجرته حتى دلفت للمنزل سريعاً، لتقف بعين متسعة بصدمة عندما انتبهت لصوته: -
بفكرك بمعادنا بكرا، بس ما تنسيش عشان ما انهكيش.
استدار بذهول وما كادت ان تخطوا صعودا ليقترب بنظرات غامضة قائلاً: -
مش هتعرفي تهربي مني تاني مهما عملتي، أنتي حتى ماعرفتيش تهربي من كل حاجة تخصني...
حتى لما اخترتي اسم جديد بدأتيه بأول حروف اسمي، ياسمين!
اقولك حاجة، أنتي هتتمني تنسيني ومش هتعرفي، واللي انتي عملتيه فيا مش هعديهولك بالساهل، ووفري دموعك الكدابة دي عشان كل الوجع جاي، ده مقام الوجع مش في الدموع، مقامه السكوت.
بس اوعديني تعيشي الوجع بضحكة، اصلي مش هنكر أني بحب ضحكتك، وكعادتك بتحفظي آخر سطر زي التلميذ البليد، خليكي فاكرة آخر جملة لأنها بترسم حياتك الجاية معايا، وكمان في خبر هيقولهولك عز، مش هقولهولك دلوقتي، بس وافقي عشسان لو ما وافقتيش أنتي ما تعرفيش ايه ممكن يجرالك...
حورية بدموع: -
مش لايقة عليك القسوة، كل ملامحك قسوة، إلا عنيك
زمجر بشراسة: -
مش عايز اشوفك قدامي دلوقتي
حورية: -.
أنت مش عايز تشوف حد غيري، وهثبتلك ده.