قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل العاشر

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل العاشر

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل العاشر

أسرع سام نحو لوسي المربعة على الأرض و التى غطى نصف ثوبها الأرجواني دماء متصاعدة، يسود في وجه سام حالة من الإندهاش و القلق، إختطفها بخفة على الأرض، و هرع نحو الخارج بجنون حيث تركن سيارته، يتناهى خلفه صوت أليان العميقة..
سام إنتظر، إنتظر
هرولت تجر خلفها ذيل عبائتها الطويلة..
وضع سام لوسي السيارة، إستدركته أليان أخيرا، أنفاسها المتقاطعة تستبد بها، أطلقت زفرة قوية
آه، انت سريع يا سام.

إعذرني يا أليان، يجب أن آخد لوسي إلى المستشفى
- لا بأس يا سام، ستكون بخير!
- لا آظن، خاصة بعد سمعت أنني أتكلم عنها بهذه الطريقة
- من الممكن أنها لم تسمع شيئا..
قفز سام على سيارته ينبثق منه. كلمات الإعتذار لأيان، ثم قاد سيارته بجنون مثل أزقة المطر الهائمة حتى وصل المستشفى، ترجلت سيارته قرب أبواب الطوارئ الخاص.

سحبها من سيارته بكلتا ذراعيه، هرولت نحو البوابات بطيش هستيري، رمقته ممرضة، ثم صاحت الى ثلة من الممرضين، هرعوا نحوها يجرون خلفهم سرير الإسعاف..
الممرضة:
أسرعوا، إنها تنزف بشدة
أطرحت ممرضة بعض أسئلة أصابه شطط، و تاه وراء مبتدأ أفكاره، و تاهت أفكاره وراء توقعاته
هل هي متزوجة
أجاب محتارا
أنا زوجها، ماذا حدث لها؟! هل ستكون بخير
فتت الدهشة على الممرضة السمينة، تكلمت بحنق
أظنها أجهظت.

رد سام بعصبية حدة لا تخلوا منها بعض الإرتجاف في أطراف أصابعه
لا، لا يمكن؟! هي لم تكن حامل...
هرولوا بلوسي على سرير الإسعاف نحو المدخل، و كان سام خلفها في إنقباض أسي ممزوج بالقلق..
و ما أن دخلوا حتى واجهه يافطة كبيرة مكتوب عليه بغرفة العمليات، كانت كفيلة أن تجعل قلبه يقف عن النبض لثوان..
أدخلوها في غرفة العمليات..
أغمض عينيه، إنقباض غريب جثم على قلبه..

ثوان و يأتي الطبيب مهرولا
كان بريق الحزن و التأنيب يتلألأ في عينى السام
لم يكن يتحمل الإنتظار، قلبه يرتجف مثل بندول الساعة، يدور هنا و هناك مثل المجنون..
خرجت ممرضة يمتص وجهها سحائب رمادية، أستوقفها سام بقوة، أمسك ذراعها بقلق
أرجوك، كيف هي! ماذا يحدث هناك
ردت بدماثة تخفي إرتباكها..
لا أعرف سيخرج الطبيب بعد قليل و يخبرك التفاصيل
دفعت يده بازدراء، و مضت تمتم بكلمات مبهمة لم يفهم بها سام..

بعد برهة من الوقت، خرج الطبيب بغضي وجهه الإحمرار
تقدم نحوه..
خاطبه
هل أنت زوجها!
رد سام بتوتر، يقلقه أجوبته المقتضبة..
نعم ماذا حدث لها، هل هي بخير!
خاطبه بأسف
إطمئن هي بخير و بحالة جيدة و لكن..
سكت لبرهة..
و لكن للأسف خسرتم الجنين!
إرتفعت أجفان سام حتى بدت حدقتا عينيه الزرقاء، و قد فتت الصدمة و الدهشة نياط قلبه، أحس روحه تنتهاوى منه كطير تم إصابته من القلب.

يشوبه إحساس الحيرة و الإندهاش، كاد يصرخ مصعوقا، مذهولا
راح لسانه يتلجلج
طفلنا، هل تعني أنني خسرت إبني لتو و الدي لم أكن أعرف بوجوده حتى!
صمت لحظة، إمتلأت عيناه بالدموع، إستدار عفويا نحو السماء..
- كم كأم عمر الجنين
- أربع شهور
توترت عضلات وجهه بشدة و تطاير الشرر من عينيه
بلغ الغضب في صوته و نبرته حد الصراخ
كيف يمكنك أن تفعل هذا يا لوسي، كيف أمكنك..!
أجاب الدكتور بصوت واجم.

أرجوك سيطر نفسك يا سيدي، هي أيضا مثلك ستكون حزينة جداً عندما. تستفيق!
أردف بخبث عدواني
لا يا دكتور، لقد أخفت حملها عني، لن أسامحها!
قاطعت الممرضة حديثهم..
أيها الدكتور لِقد إستفاقت المريضة لتو..
هرولوا نحوها، و كان يحافظ سام على رباطة جأشه و السيطرة على أعصابه..

الحاشية لوسي (١):
إستفقت و رجلاي تسريان منهما الإخدرار، أحس عظامي ثقيلا..
لمحت نفسي في سرير بشرشف بيضاء، و كنت في غرفة نظيفة بمعدات العمليات الجاهزة..
ماذا يحدث؟! ماذا أفعل في المستشفى؟!
تدور عيناي في محجريي بدهشة، حل طبيب وديع الملامح أمامي..
أرجوك يا أنستي، إرتاحي لقد مريت بعملية سريعة
خاطبته، تجوم في رأسي سيل من الأسئلة
ماذا حدث لي أيها الدكتور
قاطعنا صوت شحناء..
لا تتظاهر و كأنك لا تعرفين!

إنعطفت عيناي نحو المدخل..
إصطدمت نظراتنا القاسية ببعضها كالبرق
طغى علي شعور لا أعرف كيف أصفها عندما لمحت سام، لقد إزداد ضربات قلبي بحدة و كنت أرتعد مثل بركان على وشك أن يطلق حمما
إعتدر الدكتور بلباقة، و خرج..
ضعضع الحقد في أركان جسدي المتهاوية، إصطك أسناني، ركبتاي المخدرتان...
تقدم نحوي..
يحدق بعيدا بإستغراق غاضب، مشتت و بعينين مثقلين بالحزن و بتنهض قال:.

لوسي كيف أمكنك أن تفعلي هذا بي؟! كيف إستطعت فعل هذا!؟
يتساءل بنغم عدائي
لمعت عيناي بغضب متماسك أتدكر كيف كان يحتقروني أمام أليان، و يأكد لها طلاقي
قلت أمثل البرودة الفائقة في لهجتي
هيا يا سام، لنذهب الى المحكمة الآن و تنطلق، اعرف كم أنت متشوق لذلك.

هوى ضربة قوية على الطاولة الأمامي أحسست بقلبي يدق بعنف في صدري، و أكاد أسمع دقاته هديرًا في أذني...
قرأت من عينيه حقدا صادقا لا يتطرق الى الكذب، لا أفهم ما يدور حولي..

ثم تابع بحنق
لا تحاول أن تغير الموضوع يا لوسي، أنت قتلت إبني!
حملقت إليه بغباء، توسع عيناي الداكنتان تجوم فيهما الحيرة..
أتمتم طفلك
علا في وجهي شحوب برتقالي يابس
ماذا تقصد يا سام
قفز مثل حصان هائج، يترجل هنا و هناك
أطلق زفرات متتالية و هو يحوم حولي مثل المجنون..
لا تعرفين، عجيب، كيف لم تعرفي بحملك، أربع شهور مرت و أنت لا تعرفين أنك حامل..

فتت كلامه نياط قلبي، أحسست بدوار نتيجة صداع باغتتني فجأة
ماذا تقول يا سام، لا يمكن!؟ أنت تمزح معي أليس كدلك.

أردف بخبث طغى على غضبه
تمثيل رائع يا لوسي! أتعرف، كنت مخطئا بشأنك، إنت لست فتاة سطحية فحسب أنت عديمة المسؤولية و مستهترة، و قد قتلت طفلي نتيجة إستهتارا..

تتشطى مرآة قلبي و تتكسر الى آلاف قطع، أحاول قدر الإمكان تجميع شظايا قلبي المكسورة، و لكن لا أستطيع..
تسللت دمعة على خدي، تشوب في داخلي ضراوة مختلجة..
ثم تابع كلامه و راح لسانه يلسعني كالسوط دون شفقة أو رحمة
لا أصدق، دموع التماسيح لن تنفعك، لن تعيد إبننا الى الحياة
- ماذا تقول سام، إبننا، هل مات طفلي، هل مات في داخلي و أنا لا أعرف!
- للأسف أنت بهذه المقياس و الإستهتار، إختيار سيّء كزوجة و أم..

لم أستطع التحمل..
فالصدمات التي أتلقاها قوية، قوية جدا..
أطلقت صرخة أليمة، مروعة، ممسكة رأسي بيداي، أهزها بعنف! يترنح جسدي حتى كدت أسقط من السرير
توترت أعصابي بقوة..
أصيح بهستيرية مجنونة حتى تدفق الممرضين نحو غرفتي
يكفي، يكفي
أمسكوا ذراعي و خدروني عدة مرات لا أستطيع أن أحصيها، فغبت وعيي..

الحاشية (٢)
بدأت نار سام تخبوا و أعصابه تنتقل القلق و التوتر، شعر رأسه بين كتفيه ثقيلا متفجرا بالألم، إلتقط أنفاسه بصعوبة..
كان ينتاب سام أحاسيس يود لو أنه لم يطلق كلامه المكبلة بقيود الغضب، كان يبتلع دموعه رغما عنه، لقد خسر لحمه لتوا، يكيل فيضًا من اللوم على لوسي..
لو لم تخفي حملها عنه؟! لو لم تلحقه الى شقة أليان! لقد كانت سبب لحاق الأدي لطفله! اللوم تبدوا ذرائع جميلة تعفيك من الإحساس بالذنب...

لمح الدكتور بحرقة مؤلمة تستبد به كيانه
خاطبه بصوت واجم
كيف حالها أيها الدكتور!
- إنها بخير حاليا، أتمنى أن تكون حذرا من إثارة أعصابها..
- لم أتوقع ان تنهار بهذه الطريقة..
- أنصحكم بالذهاب الى مستشارين الزواج
- شكرًا أيها الدكتور، و لكن ليس هناك ما يربطنا ببعضنا، سنفترق...
- هيا لمدهب الى المكتبة، ربما أعطيك بعض المشورات!
إنعطفا نحو باب خلفي، دخل مكتبة مرتبة، إنتفض على أول كرسي و هو يتنهد بثقل.

خاطبه الدكتور
- قل لي لماذا تريد الطلاق! إنه ليس سهلا!
- أيها الدكتور، إن زواجنا لم يكن أبدا نتيجة حب أو هيام، بالإضافة أنها ستكون أفضل حالا بذوني..
صمت قليلا عن البوح، ثم تابع بحزن
يكفي أنها وصلت الى هذه الطريقة بسببي!
سأله الدكتور بحدة واضحة
- هل انت تحبها..
- لا أظن!
- لماذا أنت قلق بشأنها، حزين و منهك و تقول أطلقها بطريقة مبررة!
أجاب سام بإرتباك واضح
- أنا أشعر فقط بالشفقة على نحوها، لأنها طفلة!

إبتسم الدكتور بسخرية على جوابه الغير مقنع، ثم تغاضى عن جوابه بطريقة مستهترة
- فهمت! يمكنك أن تأبى الى منزلك، سوف نعتني بها، تعال غدا صباحا، ستمر بعض الفحوصات، و ستخرج من المشفى!
- أظن أنني سأبقي..
- حسنا يمكنك أن تبقي و لكن كن حذرا على إثارة أعصابها..!

خرج سام من مكتب الطبيب، تفصد جبينه بعرق مبعثر، أخد هاتفه، تناهى في أذنه صوت المحامي الخاص لشركاته
-هلو سام..
تنفس بقوة، رد بصوت خافت لا تخلوا الضعف في التركيز
- إسمع، عليك أن تجهز لي أوراق الطلاق بأسرع وقت..
- حسنا يا سام؟! هل فكرت جيدا، ظننت بأنك لا تريد الطلاق إلا بعد سنة!
رد سام بلهجة آمرة
- توقف على تحقيق معي، وافعل ما أقول لك يا ألكس!
- حسنا يا سام، و لكن إن عرف جدك..
قاطعه بصيحة منفعلة.

- لن يعرف، قم بتجهيز الوثائق..!
ثم قام بكبس رز الأحمر..

تتبعثر الآمال النضرة، و تتلبس الأمنيات بين علاقتهما، هل ستبقي الحياة حلوة بدون لوسي؟! وجهها الطفولية المليئة بالبراءة و بشرتها البيضاء شديدة الشفافة، ونحولها الهادئ التي تدكرك بأختك أحلام، آه يا سام هل تقدر حقا أن تكون بهذه البرودة و الجمود! لوسي، طالما إهتدت عواطفك نحوها! أثارت غيرتك نحوها حنوك، رأفتك، رقتك، و حتى ضحكتك و رفرفتك..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة