قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الحادي عشر

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الحادي عشر

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الحادي عشر

إستيقظت مع الفجر، تسلل ضوء ضعيف بلون سماوي الى الغرفة..
تمنيت أن يكون كل ما حدث البارحة مجرد كابوس عابر، أستعيذ من الشيطان منه..
تمنيت أن أرجع طفلة صغيرة تستيقظ في حضن أمها..
تمنيت أن يرجع الزمن الى الوراء...

لمحت سام بقربي ينكمش على أريكة ضيقة، و كانت الإسترخاء في قسماته و حركاته رغم ما حدث البارحة، وجهه مثل قشطة طرية، من الواضح أنه سعيد بعد أن ألقى علي كل اللوم الدي يستطيع إيجادها على كاهلي، تسلل حزن عميق في داخلي، لا أملك شيئا سوى أنه محق على لومي، أنا من قتلت إبني، لقد كان يتمسك بالبرهان ضدي ما يشفي غليله، اللعنة عليك يا سام
كان الهواء البارد يلطم وجهي فتسيل دموعي قارسة على وجهي..
عاتبت نفسي:.

لا لن أجعله يشعرني بالذنب، لن أكون فريسة سهلة للهموم..
كففت دموعي بغضب
الحقير كيف يستطيع أن يتهمني بوقاحة بعد أن تركني على قارعة الطريق؟!
كيف آمكنه النوم بهذه الطريقة، أحس أنه لم يكن حزينا أو حتى غاضبا على فقدان طفله، كان يبحث مبررا على عدم تحمله للمسؤولية، على كونه أبا مستهترة..
كنت أحدق إليه و كأنني على وشك إقتناصه بكلتا عيناي الملتهبتان، اللعنة عليك حقير!

تملل قليلا فوق الأريكة، تتكور عضلاته في المكان الضيق...
تخبوا نظراتي العنيفة تدريجيا..
تنهدت مبعدة احتملات الشك، وانبرت كقطة تخربش على صفحة نفورها من الحرج، وتساءلت بتردد
لماذا ينام هنا؟! لماذا لم يذهب! كم أكره رؤيته!
توقفت على حدود تنحنح سام، إفتعل صوته موفقا مزعجا على تأملي، تمنيت أن يظل نائما، حتى أنظر في وجهه و أشفي غليلي داخليا.

إستدرت بإهمال عفوي، استند جسدي المرن على طرف ذراعي لبعض الوقت ودون أية مبادرة مني للتفكير بعمق..
إندفع هو نحو زاوية الغرفة، أزاح الستار، ربما يحسب أنه تأخر عن الصلاة، فتح النافذة بشكل جزئي..
ذهب نحو الحوض، أزاح عن عينيه بعض أشلاء النعاس بالماء البارد، إغتسل من بقايا تعب واخز
كنت أتصنع بالنوم هاربة عن أي موقف يشبكني معه..
أصدرت مفاصل الباب و هو يفتحه صريرا مزعجا..
إستدرت ببطئ..
خاطبني
- هل تصلين؟!

- نعم، سأقوم..
ملامحه قاسية كالحجر، ينظر أمامه كأن عينيه متجمدتان لا حياة فيها..
قمت من السرير و لكني وقعت على الأرض، إنتبهت أني لا أشعر برجل اليمنى..
وجه إلي نظرات باردة
خاطبني ببرودة فائقة
- ماذا تفعلين؟! كفي عن اللعب، لن تثيرين شفقتي بهذه اللعبة الغبية؟!
تشنجت أعصابي حتفها..
- أيها الوقح..

لم أطل التفكير، أمسكت قنينة زهرية و رميت عليه بكل قوتي، و كان يغلق الباب وراءه في تلك اللحظة، فأرتطمت بالباب كقنبلة و تحطمت أشلاء في كل مكان..

حلت الممرضة بعد ثوان، ساعدتني على الوقوف..
تكلمت معي بدماثة
- لا تقلقي سيأتي الدكتور في السابعة صباحا، ستمرين فحوصا..
- و لكني لا أشعر برجلي الأيمن
- ربما تكون أثر إخدرار أمس، إرتاحي قليلا.

مددت جسدي على الفراش، و قد تكاسدت الدموع في عيني، لم تتمالك نفسي من البكاء و قد تلقيت كلمات سام القاسية كالسهام، مرة أخرى، لماذا أصبح باردا معي فجأة هكذا، أكرهك أيها البغيض، أكرهك بشدة!

الحاشية (١):
تمشى سام في حديقة المستشفى بمفرده بعد صلاة الفجر منتظرا على مجيئ المحامي، بقى حياديا تجاه كل ما يقع عليه بصره رغم
وبدت للمستشفى بأنه زائر مهمل..
أجال عينيه طرف ناقدة جناح لوسي المفتوحة، لحين قدوم صديقه المحامي..
يراقب علامات اليأس البادية عليها
تمتم
من الأفضل إن ننفصل! سوف ترتاح مني! هذا أفضل لها!

اتكأت على طرف مقعد خشبي فارغ، وخالجه فكرة غير مرتبة حول الطلاق، و ماذا سيفعل جده إن علم بالأمر؟!
سيثور، هذا مؤكد! و لكني لن أتراجع عن فكرة طلاقها مهما حصل، أنا و لوسي لن نستطيع أن نبقي زوجين، كل ما أفعل الآن هو أن أزيد من معاناتها، من الأفضل أن نرتاح من بَعضُنَا.

لمح صديقه من بعيد، حدث إرتجال دقيق في داخله، ها هي اللحظة، ستضع الوثائق في يدك و ستتطلاقان اليوم..
تصافحا بود
- صباح الخير يا سام
- صباح النور
- ها هي الوثائق..
إختطفه من يده، و أخد يتصفح سريعا
- هل فعلت كل ما قلت لك
- نعم، بعد الطلاق سيتحول المبلغ لحسابها، و لكن بصراحة يا صديقي لم أشاهد يوما رجلا يحول زوجته المطلقة كل هذا الثروة..
ساد الصمت بينهما قليلا
تابع المحامي غير مصدقا.

- صديقي، تمنيت آن تعيد التفكير قليلا بشأن المبلغ!
رد سام بإمتعاض
- و لماذا!
- أنت مدرك بأنك تحول نصف ثروتك الى إمرأة تطلقها!
- نعم، ستعيش حياة رائعة، و هذا سيعفيني الإحساس بالذنب تجاهها
- يبدوا أنك تهتم بها كثيرا، أنت تعشق تلك الصغيرة
تحشر المحامي أكثر، و ثرثر مازحا، بينما بقي سام تحت تأثير جدية نجح في إخفائه عن المحامي، عبر إبتسامات مصطنعة..

الحاشية لوسي (٢)
إستوقفني عينا سام الصريحتان، تبزغ فيهما الجدية، تراقصت نظراته الغريبة على وجهي، أحس بغرابة على وجوده أمامي، بما أنه غاضب و لا يستطيع تحملي لماذا رجع هكذا!
إعتدلت بجلستي، قررت الإمعان في إثارة غيظه، تشتعل عيناي ببريق التحدي
كان هادئا و دمثا بعكس ما كان قبل خروجه من هنا
إقترب نحوي بخطوات رخوة..
إبتسم بتلك الطريقة التي تذكرني دائما بأنه يمتلك جزءا حنونا بعكس طبيعته الساخرة و الحقيرة.

تكلم بهدوء
- كيف تشعرين؟!
نبرات الحزن في صوته
أجبته بإقتضاب
- أنا بخير!
حافظت على رباطة جأشي، و ظللت أنظر إليه...
تابع بهدوءه الرصينة
- أنت تعرفين جيدا أن هذا الزواج لم يكن أبدا نتيجة حب أو هيام!
كنت مصغية تماما بكل ما يتلفظ به، معتصمة بحبل الصمت، لا أقاطعه بكلمة
تابع كلامه.

- لم أكن أريد أن يحصل كل هذا، و لكن الأمر يفوق كل طاقتي، فأنا لا أستطيع أن أحتفظك كزوجة لي و أنا أظلمك بعدم الوفاء، لوسي هذا أحسن لك، سأحول مبلغ طائل في حسابك، ستعودون الى دراستك و تعيشين حياتك كما يحلوا لك..
كان وقع هذا الكلام كصرخة في واد هادئ، أحسست بتعطيل في حواسي
أقلقه قليلا صمتي..
إبتلع إرتباكه، و مد نحوي ملف، بشيء من الإرتجال
أخدت منه
وجه نحوي نظراته المتفحصة..

و كأنه يتساءل لماذا لم أبدوا غير مهتمة، لماذا أبدوا باردة، لا يلاحظ أي توتر أو حتى غضب كما يحدث عادة في مث هذه الحالات..

كأنه يتكلم مع نفسه بينما
غريب، هل يا ترى لم تعد تحبّني! تبوأ أمامي و كأنني لا أتكلم عن الطلاق أو لست موجودا أصلا، حتى أنها لم تبدي رأيها!، ما هذه اللعبة التي تلعب يا لوسي، لابد و أنك تريدين إثارتي و معرفة ردة فعلي و أنت توافقين الطلاق بكل سهولة، أو ربما أردت من وراء صمتك أن تظهري لي بأنك لم تعد تهتم لأمري..

ثم أدرك وكأنه عثر على جواب: (آه، اجل، هل يرى تريدين الطلاق أيضا منذ البداية، لقد نصبت فخا لي وها أنا ذا أسير لعبتك، نعم، أنني بدأت أفكر بكل هذه المسالة هو انتصار لها، فبعد الطلاق ستتزوج من تريد، هل يعقل بأنها تكن مشاعر دافئة لقدر، و إلا لماذا هي هكذا، تبدوا غير مهتمة على الطلاق..

إختطف الورقة من يد لوسي، حتى قبل أن تلقي نظرة عليها، بينما تقتحم تفكيره صورة لوسي و هي مطلقة تستمع مع رجل آخر!

تكلم مع نفسه الخاأئنة لوسي، كانت متشوقة للطلاق! لا أصدق!
رد مبررا تصرفه
عفوا، الأوراق غير مكتملة!
أحست لوسي إضطرابه، و هزت كتفيها بإستخفاف، و كأن هذا آخر ما يهمها!

وتساءل سام: (لما هذا التوتر والخوف، منذ قليل لم تعر هذه الفتاة أي اهتمام، لماذا أنت هكذا خائف من طلاقها ومواجهتها...؟، لماذا لا تتصرف كما كنت تتصرف معها دائما بمنتهى الهدوء والثقة بالنفس، ، هل يا ترى أصابت مرمى من قلبك دونما تدري، وهكذا بسهولة، لا، لا تكن سهلا، لا، لا أنا لست سهلا لكي أقع بغرام لوسي، التي لم تكن حتى موجودة قبل خمس أشهر، ولكن ما يغيظني أنها لم تهتم لأمري، إنني شديد الثقة بأنني كنت أثير إهتمامها من قبل، لم هي الآن هكدا، لابد أن استطلع الأمر لاعرف على الحقيقة قبل طلاقها، لابد آن أتأكد إن كانت تحب شخصا آخر، لا يجب أن تدع الأمور تجري هكذا من نفسها، ).

كان الحوار مع نفسه يطول لولا تدخل الدكتور بوجهه الدمث كالعادة..
- أهلا بكما..
دنى نحو لوسي برفق
- كيف تشعرين يا لوسي..
يضع يده فوق جبينها متفحصا، مما أثار غيرة على سام، كان يشك الجميع بلا مبرر..
ردت لوسي
- بخير يا دكتور و لكني أشعر بالإخدرار على رجلي اليمنى..
أزاح فستانها قليلا بلمسة مشبوهة الدي لا يليق بفتاة رجل غيور..
أوقفه سام قائلا
- لا أظن بأن هذا ضروري يا دكتور..
- حسنا، أمسك رجلها، سأفتقد قليلا.

قام الدكتور بخرز إبرة على رجل لوسي..
خاطبها الدكتور
- هل تشعرين شيئا
أجابت بنفي
سألها مجددا، و لكنها ظلت ترد بالنفي، جراء إنعدام الإحساس بالألم..
راوده الدكتور قلقلا ظهر على وجهه الناعم...
خاطبهم بإرتباك
- هل تعرضت للسقوط من قبل
- لا
إستدارت وجهت نحو سام، و طلب منه أن يلحقه الى المكتب
خاطبه بهدوء
- أظنها تعرضت مؤخرا لمشكلات تسبب في إثارتها عاطفيا و نفسيا..
إمتقع وجه سام
- كيف أيها الدكتور؟

- الحالة النفسية لها دور كبير في الموضوع، هبوط الضغط لها سلبيات كبيرة، عليها أن تراجع طبيب مختص بالقلب و طبيب نفسي..
-هل هذه الحالة ملازمة، أم أنها ستستعيد عافيتها بسرعة
-لا أستطيع التنبوء بما إن كان الشلل سيكون تام أو غير تام، أو أنه سينتهي خلال أشهر قليلة، كما يحصل عند قلة من المحظوظين
كان هده الكلمات وقع كبير على سام عندما لاحط أن الوضع جاد
- قلة من المحظوظين..

كاد أن يصرخ مصعوقا، مجهولا، و لكنه لم يجد صوته، إنحبس الكلام من الذهول، و الصدمة
فأردف بسرعة
- إذن هي الآن مقعد؟!
- لن يكون سهلا، هذا شلل سفلي، و لكن تستطيع أن تستمر بحياتها معها رغم أن هناك جزء من جسدها لا يعمل كالعادة..
كان سام مذهولا مصعوقا، يفهم بصعوبة ما يقول الدكتور، إنهار بلا شعور على الكرسي واضعا رأسه بين يديه، مانعا دموعه من الإنهمار
كان يريد أن يذهب الى لوسي، ليضمها لصدره طالبا صفحها..

تمتم بحزن
أنا مسؤول عما يحدث لك، أنا السبب، و أنا المسبب!
إستهزأت بسقوطها على الأرض هذا الصباح، لحظات هي أحوج ما تريد الى قلب محب، و عاطفة تحتضنها، كيف قسوت عليها بهذه يا سام؟! كيف فعلت هذا بها!

حاشية:
أخدت الممرضة لوسي، الى إحدى غرف الفحص، تجرها بكرسي العجلات..
إستلقت على ظهرها في سرير الفحص النسائي بينما تمر السونار داخل أعماق الرحم..
يمتنع وجهها قليلا بعدم الإرتياح
تفجأت طبيبة الفحص في البداية و هي تراقب الشاشة
ثم إبتسمت بسعادة
لوسي أنت حامل..
- كيف يا دكتورة، لقد مات طفلي أمس
- أظن أن واحد من التوأمين قد مات.

تسرى سعادة غريبة في أعماق لوسي رغم أنها لم تكن متحمسة بأن تصبح أما، فقد تراءى لها صورة سام قبل قليل عندما كان يطالبها بالطلاق
تلاشى ملامح المرح في داخلها
خاطبتها الدكتورة
- سوف يفرح زوجك، لو رأيت كمية الحزن التي إمتلؤه أمس عندما فقدتم الحمل!
- لا، لا أريده أن يعرف طفلي! هو يريد طلاقي
- طلاقك..
- نعم، سيطالب بالطفل عندما يطلقني!

و لكن في داخلها كانت تريد أن تسرع نحوه لتخبره عن الطفل الثاني الدي لازال حيّا و يحتاج الى منزل مفعم بالحب و العاطفة، كانت تريده رغم علمها بأنه غير مخلص لها، و لن يكون مخلصا، و لكنها تعرف أيضا أنها مهما أرادته فلن تتجاوب معه بدون حب، لدى تخلت عن فكرة تكوين عائلة متكاملة لطفلها القادم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة