قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل السابع والعشرون

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل السابع والعشرون

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل السابع والعشرون

شعرت بالنعاس، فدفعت باب غرفة النوم، دخلت، بدت الغرفة مبعثرة، شماغ هنا، و ثوب هناك، إقتربت، كدت أتعثر بفردة حداء..
- تبا! أين كانت الخادمة!
تركت الإهمال كما هي، فكانت عضلاتي متعبة مرتبكة، د
في الصباح إستيقظت قبل الجميع..
نظرت إلي سلمى من خلال غبشة عينيها
- هل يزعجك النور! أنا آسفة!
- لا بأس!

عادت الى نومها، و رحت أنا أحدث حركة في الغرفة الذي ترك مهملا، لبست عبائتي، أخدت شنطتي، وخرجت من المنزل، إنطلقت بسيارتي من غير هدى، كنت متلهفة
ركنت سيارتي الى باحة وحدة سكنية، إلتقطت تفاصيل لحركات الطلاب و الأزهار و النوافد! إعتمرت نفسي لاهيا و أنا أحدق فكل إتجاه، طالت كرة عيناي نحو نافذة، أطلت أليان من رأسها، لوحت لي يدها، و دعوتني للطلوع، فأسرعت إليها..!

كانت حارة غريبة، مزيج من نمط قروي، و يحاذي الحي الذي يتكون من بيوت متشاهبة..
ها أنا ذا أتعاون مع اليان، لقد غيرت الحياة سيرتها فجأة!.
إقتربت من المكتب، لم أكن مدركا لمشاعري! كنت سابحة لا أحس بالأرض تحت قدمي، مرتجفة، رأسي محلق في فضاء البناية القديمة، أستجمع كافة قواي، أطرق الباب بقوة مرة وراء أخرى
فتحت لي الباب، و قالت في لهجة جافة
- تفضلي بالدخول.

دخلت، وقفت و دققت طويلا على المكان، هذا هو المكتب المحامي من درجة ثانية، شعرت بالضيق و الإرهاق الفجائي، إنتفضت على الكرسي، ضائعة، مشتتة!
تجلى فيصل أمامي أخيرا، برز من حيث لا أدري، كان علي أن أقول شيئا، و كان أقرب الألفاظ الى شفتي، كلمات التحية..
- تفضلي يا سيدتي، إجلسي هنا بجانب الطاولة، ماذا تريدين أن تشربي، قهوة، شاي!
- شكرا لك، لا أريد
- ماء!

ومأت له برأسي بالإيجاب، أخدت الكأس من يده و بدأت أرتشف، منحت جوي هفيفا منعشا
- كان عليك أن لا تتعب نفسك بالمجيء يا سيدتي، كنت أتيت بالأوارق بنفسي في منزلك، كما أرى، أصبحت ثقيلا!
إبتسمت له، نعم، لقد دخلت في الشهر الثامن، هذا الشقي بدأ يزعجني و يتعبني أكثر!
- أنت محظوظة جدا يا سيدتي، ستصبحين أما بهذا العمر الصغير، قلة منهن إستطعن أن يكن كذلك!
رفعت أليان حاجبيها بدهشة قائلة بمكر.

- ما دخل الحظ هنا! الواقع أن الأم لا تستطيع تربية الأولاد وحدها، خاصة في زماننا هذا! و الدليل على ذلك تزايد الإنحراف في العوائل المشتتة في ظل غياب الأب! و لكن لا تقلقي يا لوسي فهناك مؤسسات و مراكز لتأهيل الأمهات العازبات..
إبتسمت لها بدفء.

- شكرا لك، على الرغم بأننا لن نحتاج إليها، أبوه لا يزال حيا و في ريعان الشباب! من يراك يظن بأنك تغار من طفل صغير، ربما لأنه سيتقاسم معك إهتمام سام، يجب أن تبقي مشاعرك سرا!
جهم وجهها كألمصدومة و زادها قهقة المحامي..
- حسنا، لقد جهزت الأوراق، وقعي هنا يا لوسي!
لمحت الأوراق بنظرة، ثم وقتها بذون تردد! و هكذا لأعيش بضمير مرتاح! من الآن لن يقال عني جشعة!

و كانت السعادة جلية على ملامح أليان غير مصدقة ما جرى قبل قليل، لقد بدت كجوهرة تلمع من البهجة، إحتضنت الأوراق كسحابة وديعة، و مفردات الفرح تتطاير من فمها كفراشات
- شكرا لك، بالتأكيد سوف يفرح سام بما قمت لأجله!
لاحت على شفتيها بسمة ضاحكة و هي تقول لي
- الن ترجع الخاتم أيضا يا عزيزتي
- أي خاتم
- هذا الذي في يدك! ألا تظن بأنك يجب أن ترجعها أيضا، هي وحدها تساوي ثروة طائلة..

حل بي صمت يائس، كيف أستطيع ان أتخلى عن هدية سام الوحيدة لي! كنت عاجزة عن التفكير! تشوبني إحساس بالتردد و الحيرة، حاولت أن أسحبها من يدي، و لكن سرعان ما أتردد..
وجدت نفسي متمسكة قبضة يدي بقوة..
أمسكت أليان يدي بوقاحة جريئة، و سحبتها من إصبعي، و لكن الغريب أنني لم أمنعها. فقد عبرت وجهي سحابة كآبة، و لكن لم يستحق الخاتم أن أتعارك من أجله، ،
دنت مني متقلدة بإبتسامة ساخرة.

- أنا لم أظلمك، لقد أخدت فقط ما يكون حقي بما أن سام سيطلقك..! و يتزوجني أنا!
تسمّر المحامي في نفسه، وعلى شفتيه، ابتسامة مريرة باهتة!
راح ينظر حوله في مزيج من الدهشة والألم لما يراه، ويتعرف على جذوره، يشوب إحساسه الحيرة والازدراء..

تلك اللحظة التي لا تنسى من حياة لوسي، كانت دموعها تغسل وجهها، و تسيل فوق الوجنتين و العنق، بصمت و قنوط، إستدارات و خرجت من المكتبة و هي تائهة، لا أرض و لا سماء، تضيع مع كل ثانية..
عادت الى سيارتها، سقطت قطرات من المطر فوق زجاج السيارة، تشاركها الألم، تهطل أكثر، لأول مرة تشعر أن للمطر شأن، غرقت في حالة إستغراب، ما الذي يحركها عائدة! ما الذي يدفعها للحياة!

لأول مرة أعود الى منزلي يقلقني الوحدة، لم يبق لي أحد، أمي أبي زوجي، لكلهم تركوني، و كأني خلقت لأكون وحيدة..
عزمت على أن أغض جسدي المرهف لسريري البارد و أنام كعانس، سأتخد وساداتي كبقايا ذكرياتي من سام، سأنام.

كان باب غرفتي مفتوحا، دخلت دون أن أضغط على مفتاح الإضاءة، أعرف طريق فراشي جيدا، إخترقت العتمة و سكنت داخل سريري، ماواي الوحيد الذي تيقى لي، أغفوا داخل طيات المنى، وحده الأسر، بياض السرير يمنحني الراحة و إستمرار الآمال..
سرحت أنفاسي في نوم عميق..

عزمت على أن أغض جسدي المرهف لسريري البارد و أنام كعانس، سأتخد وساداتي كبقايا ذكريات، سأنام
كان باب غرفتي مفتوحا، دخلت دون أن أضغط على مفتاح الإضاءة، أعرف طريق فراشي جيدا، إخترقت العتمة و سكنت داخل سريري، ماواي الوحيد الذي تيقى لي، أغفوا داخل طيات المنى، وحده الأسر، بياض السرير يمنحني الراحة و إستمرار الآمال..
ارتمى جسدي..
سرحت أنفاسي في نوم عميق..

هنا إنتهت دورة حياتي، و أستمر بنهاية عشق نقش في قلبي و حتى أعماقي، ابكاني أكثر مما أضحكني، أحزنني أكثر مما أسعدني، هنا إنتهت كل شيء..!
دقات متتالية تطرق بابي، توقظني من حلم مزعج، تتابع دون توقف، أحاول نفض آثار النعاس عني، أصبت بدوار منعني من التركيز، و خيل لي أني أفقد الداكرة لوهلة، صوت ناعم يناديني، يخرجني من عزلتي و بقبضته الحانية..
- لوسي، هل أنت بخير؟!

خفق قلبي بشدة و بدا علي الإرتباك، و الإضطراب، و غطى وجهي شحوب داكن، كيف تسرب قدر الى داخل غرفتي! من أين دخل؟! و لماذا!
هجست في داخلي تحت وطأة الحيرة و الوسواس الدي داهمني كالغاشية، و ظل سؤالي معلقا في فراغ!
إرتجفت مفتونا بالمفاجأة، و أجبته بإرتباك
- نعم، أنا بخير! و لكن..
قاطعني
- ماذا أفعل هنا! نعم..
طرق رأسه خجلا..
- لقد عرفت ما حدث في تلك الحفلة، قلقت عليك..
أردف بحنان..
- بقيت وحيدة إذا!

أجبته مخفية وجعي..
- هل أنت هنا لتعزيني يا قدر!، أنا بخير!
- تحاول تسوية الأمور لوحدك يا لوسي! لم لا تطلب المساعدة!
- على ماذا! لقد إنتهى كل شيء بيننا! سوف يتزوج قريبا، و أنا لم يبق لي أحد! أتعلم أن أليان أخبرتني ها الصباح بأنه ينوي طلاقي! ربما أعطاها كهدية ليوم زفافها!
إنحنى رأسي حزنا و بؤسا..
- لقد قررت الرحيل بعيدا، هو قرار صعب لكنني إتخدته! سأعود الى وطني!

وددت لو أطلق صيحة ما و بأعلى صوتي، أهز كيان الوجود، أغلق بها منافذ الحزن و القلق!
طاف قبلة ساخنة لم أدرك بها في شفتاي المحموتين..
بسرعة أدرت وجهي، مرتجفة، كذبيحة..
- ماذا تفعل يا قدر!
- لقد أدمنت بعشقك يا لوسي، أدمنت الحياة من أجلك فقط..
كان صمتي يكظم اللوعة و الحسرة، خرجت زفرات مؤلمة إستقرت على باب شفتيّ المتوترتين..
- لا يمكن..! أنا آسفة!
لم أكن أستوعب ما يحدث أمامي..
فكرت، ثمة خلل ما قد حدث!

خلل أكبر من كل تدابيري، فوقع ما كنت أخافه، و أخشاه..
كنت أفكر، و هو صامت ساكن..
بهدوء رفعت عيني على عينيه، فأذهلني الخراب الدي كان يملأ عينيه، و الشحوب الذي يغطي وجهه، و يخفي كثير من ملامحه، فغمرني حنان دافق نحوه، و بكى قلبي حزنا عليه..
تطلع إلي قدر بإنبهار و ضراوة، و كل ما فيه يفيض بالحزن و المرارة، ، و التعب، و البكاء.

إرتعش جسدي، كنت أحس ما يعتمل في نفسه، إذ ذاك من المشاعر، فقد كنت أدرك الناس به، و كيف يكون الحب وجعا بعينه!
و لكنني لن أستطيع أن أبادله ذلك الشعور، كنت أعيش لحظات حرجة، صعبة و مريرة، توزعت فيها ما بين مشاعري و عقلي، إختلطت علي السبل و الإختيارات، ماذا أفعل الآن! أحسست أنني أختنق!
كلانا صامت!
و كلانا يحق الآخر..!
لم هذا الخلط من القدر..!
لجأت إليه بإعتذارات..
- أنا آسفة!

- لماذا تأسفين! أنت لم تخطئي بشيء! أنا من يجب أن يعتذر! و لكن
أردف حالما
- لو أننا إلتقينا بغير هذه الظرورف، هل كان من الممكن أن تقعي في حبي!
- ربما!
- أنا أحبك يا لوسي، أعرف أن هذا مستحيا بوضعك هذا! و لكنني سأنتظر حتى تتحرر من ذلك المغرور..!
- لا أستطيع أن أعدك بشيء! أنا أحبه، أحب ذلك المغرور!

ألقيت قولي إليه ببساطة و إخلاص، أحسست أن قلبه يدمي، و لكنه تظاهر بالإبتسامة، و بقي مدة طويلة شارد الذهن، محملقا في ظلمة الغرفة، لا يكاد يعي مما أقوله شيئا، حتى نبهته
- قدر، ما بك!
- آه، أسف..
إفترقنا بعد برهة، بعد أن تمنى لي السعادة..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة