قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثامن والعشرون

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثامن والعشرون

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثامن والعشرون

ليلتها لم ينم قدر، بل رقد خارج حجرته يحملق في السماء حتى كطلع الفجر، ثم تسلل خارج القصر، يضرب الطرقات على غير هدى. ،
و تسائل في مرارة
ما الحكمة في أن تحب سام الذي لا يكاد يحس بها!
لماذا تفضله مني!
تملكه ثورة عنيفة!، على كل شيء يقابله في الطريق، و راح يركل القمامات، و العلبات الفارقة، و الزجاجات الخمر الفارغة..

ثم عاد في نهاية اليوم محطم القوى، مهدم الأعصاب، و أقبلت خطيبته سعاد تسأله عما به! و لماذا لا يرد إتصالاتها! و أين كان طول اليوم، فلم يجبها!
و هل أستطيع أن أقول لها ما بي!
هل أستطيع أن أقول لها بأنني أحب زوجة إبن عمي!
هل أستطيع أن أخبرها أن نفسخ الخطبة! خطبة لم اشئها في البداية!
مرت الأيام، فبدأت ثائرتي تهدأ، و لكن حبي لم يهدأ، على النقيض، لقد زاده الإحساس بالحرمان، و الشعور بالخيبة تأججا..

و أنتهى بي التفكير الى أمر عجيب!
لقد أقنعت نفسي بأن من العبث أن أحاول الكف عن حب لوسي، فلقد تشعبت حبها في قلبي بحيث أضحى من العسير إقتلاعه، إلا إذا إقتلع القلب نفسه..
منحتني لوسي ثقتها و صداقتها مرة أخرى، و أطمأنت إلي، خاصة عندما أخبرتها بأنني نسيت ذلك الأحاسيس فلم تعد تنتابني، و أني لم أعد أحبها إلا كمجرد أخت أو صديقة مقربة، ،
و طرق الأمل بابي من جديد..

أصبحت صديقها المقرب، و بدأت تفيض إلي بدخيلة قلبها، لم لا أعتبر نوعا من الظفر!
في الليلة الطويلة التالية، شرعت بالاستماع إليها، أعطت نفسي كلَّ ما ملكته من إمكانية على الإصغاء. استسلمت لسماع صوتها، مثلما يفعل العاشق المتيَّم حينما يستمع إلى صوت محبوبته. استمعت إلى أحاديثها، استمعت إليه بكل ما لديها من قوة متبقية.

مهلا مهلا، بدأت لوسي تألفني، باتت في فترة قصيرة، لا أدري، جزءا من ذاكرتها، بل أكثر من هذا باتت تنتظر الليل كي آتي و نجلس في صالة القصر، نتحدث!
وطرق الأمل بابي مجددا، فراحت أهتم بنفسي، أرتدي أحلى ملابس المنزلية، بانتظارالدردشة مع صديقتي وراء الحديقة، و أحيانا في الشاطئ..
هي لم تبالغ عندما قالت لي..

، أنت الوحيد الذي يستمع إليَّ بكل مشاعره وأحاسيسه، ويعرف كم أنا بحاجة إلى صديق، حظ اليقظة لديه، أكثر من حظ النوم. أنت الوحيد الذي يُحيي حياة توشك أن تموت في داخلي. أنت من يستمع إلى شكواي. أنت مَن أناجيه ومن يناجيني، من يسمعني حين أكون وحيدة ومن يستمع إلي حينما أريد، انا ممتنة لك يا قدر!
لحظتها أقسمت أن أكرس نفسي لسعادتها و أحاول أن أحقق أمانيها!

إذا كنت أحبها حقا، و لم يتح لي القدر أن أكون أنا نفسي سبب سعادتها! فلم لا أعاونها أنا على الظفر بالسعادة!
لم لا أكون عونا لها في الحياة!
لم لا أهب لها نفسي!
أم لابد لذلك من أن تهب لي نفسها!
شعرت بأنني ألتمس السعادة من خلال إسعادها، و هنائي عن طريق هنائها، او ربما هكذا أقنعت نفسي!
جنون أليس كذلك! و لكن بتلك الطريقة إستطعت أن أضمد جراح قلبي!
بدأ برسم خططي لاسعادها..

سأبد بأن أعيد لها سام، مستخدما أي وسيلة متاحة...
يومها إتجهت الى مكان عمله بلا خطة موضوعية أو تفكير مرتب، و لكن هذفي كان واضحا! سأجعله يعود الى لوسي..
وقفت في دار العجزة التي يعمل فيها ممرضا، لاشك أنني فاجأته بوجودي، فوقف ينظر إلي و قد بدى مشدوها مأخودا..
- مالذي دلك علي يا فتى! كيف وصلت!
قال لي بلهجة جادة مقتضبة
- هل هذا يهم! أتيت لأتكلم معك بشأن لوسي!
- ما بها! هل هي بخير!
- إنها بخير!

- هيا لنجلس في الحديقة!
مرت لحظة نمشى نحو الحديقة، حاولت خلالها أن أضع خطتي للحظات القادمة، و ردود للإحتمالات المنتظرة
وصلنا، و كان كلانا يحدق الآخر..
قذفت كلماتي بلا مقدمات..
- سأتزوج لوسي
نظر إلي بعينان تلمعان بوميض النيران، و غشى وجهه غيمة سوداء حاول خلالها أن يضبط أعصابه
فأجابني ببرودة مصطنعة
- و ما دخلي بذلك! لماذا تخبرني، إن كان حقا وقع إختيارها عليك!
أجبته بتحدي ماكر.

- و لم لا يقع اختيارها علي، لماذا تفضل رجلا مسنا مثلك على شاب بمثل عمرها!
إستعرت نار الغضب في داخله، و لم يعد قادرا على ضبط أعصابه بعد سماع تلك الكلمات المدلة
تنفس بعصبية، اقترب مني بشكل خطيرا
- انت تلعب لعبة خطيرة يا قدر!
- انا أحبها، يمكنني أن افدي روحي من أجلها..
أغمض عينيه و هو يضم قبضتيه ضاغيا على أسنانه..
- يكفي! توقف أرجوك!
- لماذا! هل يتعبك أن أقول لك بانني أحبها!

- انت اخي! لا اريد ان أؤديك! لذا توقف أرجوك!
- هل تتوسل لأجلها! هيا توسل، عليك أن ترتمي عند قدمي، عندها يمكن أن أتركها لأجلك!
تنفس بعصبية بسبب لهجتي الساخرة، و أصبح لون عينيه قاتما!
استفزته أكثر بوقاحة
- إنها تروقني كما أنني أروقها! لذلك هي لم تمانع قبلتي و..!
هجم علي قبل أن أكمل جملتي، و أوسعني لكمة ساخنة على خدي فأردتني على الأرض، تأوهت بألم!
تناهى صوته غاضبا كزئير وحش خرافي..

- انت، كيف إستطعت أن تقترب منها، إنها زوجتي!
تلاشى ملامحي الساخرة من وجهي.
- انت تحبها!
- أجل، إنني أحبها!
أدهشني جوابه..
- كيف! و انت من تركها و تتزوج غيرها!
إستعرت نار الغضب في داخلي
- أيها الجبان! أنت تهرب إذا!
- لن تفهم! حالتنا معقدة!
إقتربت منه ثائرا، و أمسكت قميصه بكلتا قبضتي..
- لماذا لم تواجهها! إستسلمت و تقبلت إنسرابها! أو لم يكن من الأجدر أن تتحرك و تواجه مشكلة الخلاف بينك و بينها!

- لقد تأخر الوقت، الليلة هو موعد زفافي!
نظرت إليه بسخرية، بينما دفعته بإحتقار
- أصلا، هي لا تستحق جبانا مثلك..
ثم إفترقنا...
شعرت بالفشل على إعادة سام للوسي
على الرغم من أنها كانت أول خطوة لي في طريق إسعادها!
هناك يحتفلون في الفنادق الكبرى، و يشربون نخب زواجهم، يتمنى الجميع لهم كل الخير و كل السلام و السعادة، يتمنون، يهدون الكلمات و العبارات..

و إني لجالس يومها قبل الغروب أمام المرآة، مرت عام على زواجي أو ما يقرب من عام و أنا حائر لا أدري أين موضعي من زوجي، و أين موقعي من السعادة و الهناء، من أحلام العذارى التي طالما تراءت لي و أنا فتاة لم يتعد تفكيرها دور الأماني و الأمنيات..

لم أكن أريد أن أعترف لنفسي بأن زواجي فاشل، و أن زوجي لم يعد يحبني، و أني لم أعد أحتل من قلبه مكان التي كنت أحتله بعد مدة قليلة من بدء الزواج، و إن كانت مساحة قليلة، و لكن الآن لم تعد موجودة..
تبدد عذب أحلامي مرة أخرى، أرى الزمن قد هزمني و خيب آمالي، و لم يكن أمامي سوى أن أحاول تعويد نفسي الحياة بلا حب، و أن أقنعها أن الحب ليس سوى هشيم أحلام تذروه الرياح..

وضعت الأصباغ على وجهي، أرسم بالألوان تقاطيع كانت لي، أدفن تحت الأصباغ الشحوب و الألم، أدهن المأساة بالألوان و أرصّها في الداخل بعيداً عن وجهي، لأبدو للجميع، سعيدة، متلألئة، أحاول بخطوط إعادة الاشراقة التي بارحتني منذ أن تزوجت سام، منذ رحل عني، لم أترك نوعاً من أنواع الصبغ أطلسه على ألمي، فقط أبحث عما يخفيه عن الأعين. أنا مضطرة اليوم، لأخفي وجعي، لكي لا أفتقد الشعور بالكرامة، كما قالت لي أليان عندما أرسلت لي رسالة هذا الصباح.

- لوسي المغفلة، سام لم يحبك يوما، و يقول إن أكبر غلظة إرتكبها أنه تزوجك، أنت عديمة الكرامة، و غبية، و إنك طفلة مسترجلة، جاهلة و باردة، و أنا لا ذنب لي، هو لا يريدك، و اذا لم آخده أنا، فقد تأخده إمرأة غيري ناضجة، أيتها الطفلة!
بقي في وجهي أغنية حزينة صامتة..

هل تراني مبالغة فيما أفعل! فأنا لم أعد تلك الفتاة الحالمة، لم أعد أطمع ذلك الحب المشتعل المتأجج، الحب لعنة بالنسبة لي، الحب هو إفتقاد للكرامة، هو غلظة، غلظة لن أرتكبها مرة أخرى!
أسمع صوت سلمى، وهي مضظرة الليلة لمشاركة في حفل زفاف إبن عمها
- إسمعي يا لوسي، أنا آسفة جدا، لم أرد أن أنثر فوق جرحك ملحا، سيكون غريبا إن لم تحضر حفلته لأنني قريبته، كما أنني لا أريد أن تثير الإشاعات حوله
- لا عليك!

- أنت إدهبي إلى الفراش، ضعي هذه المكياج و أرتاحي، تبدين متعبة..
عمّا قريب، سيأتي اليوم الكبير الذي طال انتظاره. في غضون أيام ستحملين طفلك بين ذراعيك، لذا عليك أن تكوني قوية من أجله..
لا أكاد أعي مما تقوله شيئا، أعود لرسم الأصباع على وجهي، أحاول جاهدة إتقان الرسم لأخفي شحوب الألم
الساعة تدق التاسعة، لن يلبث أن يفتح الباب قدر ليقول لسلمى، ألم تنتهي بعد، لا أحب أن أصل متأخرا، يجب أن ألقن اللعين درسا!

- لم هذا العداوة تجاه إبن عمك، اعرف أنه يستحق و لكن أرجوك لا تثر المشاكل!
- حسنا..
وقفت سلمى أمام خزانة، لإرتاد فستان، ..
- سأخرج بعد قليل، إنتظرني في الخارج
- بالطبع يا أختي، لكن أرجوك، أسرع قليلا..
بعد ثوان خرجت سلمى و يقيت وحيدة كما كنت دائما، مثل شجرة هجرتها أوراقها و عصافيرها، لا أدري! في هذه اللحظات الصعبة، يحتاج الإنسان صديقا مخلصا يتوجه إليه مباشرة، و أنا أين أصدقائي؟!

أين أصدقائي؟ كان يكفي أن أُخرج من جوفي بركان الغضب، أو أن أبكي، فلربما ارتحت و استطعت البدء بالتفكير من جديد، أما الآن، فأنا أغلي في الداخل، أحس بالقهر، و كأن هناك يد تعتصر قلبي...
قد يكون الأفضل أن تتوقفي هنا على شاطئ البحر، هو صديقي دائما، صحيح أنه لا يجيب لكنه يكتنفك بعمقه، يضمك بوسا عته فترحل بعيدا، و قد يرحل غضبان و تهدأ ثورتك..

خرجت من الشرفة، و نزلت من السلالم ببطء، كنت أحس بألم طفيف في حوطي، درأت يدي على بطني، أحببت الجلوس هكدا على الرمال..
و كما الآن كنت أمسك العصا و أخط خطوطا عشوائية و أنسى نفسي، أما اليوم فلا أستطيع ذلك، الحيرة تكاد تقضي علي، و لا أعرف ما أنا بفاعل...
شعرت بطقطقة وصوت داخل بطني ولم أشغل بالي به كثيراً. ثم شعرت به مرة أخرى...

لا مجال لكي تخطئي في إدراك أن الانقباضات قد بدأت، لقد شعرت بها منخفضة كثيراً مثل آلام الدورة الشهرية مع وخز حاد إضافي عندما بلغت ذروتها بما يكفي لتجعلني أقول
يا إلهي، هناك أمر ما يحدث وهو مؤلم!
و فيما كنت أسير نحو غرفتي، كان الألم يسوء بعشرين مرة، تدبرت أمري في الوصول نحو الهاتف، إتصلت بطبيبتي، كان صوتي يرتجف، فطلبت مني أن أحضر!

لم يتبادر إلى ذهني أنني في المخاض لأنني كنت أراقب وتيرة الانقباضات ولم تبدُ لي ثابتة، غير أنني بدأت أشعر بالخوف وبكيت عندما أدركت أنني لا أستطيع الجلوس أو البقاء بدون حركة عندما كان يأتيني الانقباض...
إتصلت بسلمى، كانت لا ترد، إتصلت بقدر، هاتفه مغلق، صحت على الخدم، ولكن بدا لي أن الجميع قد رحلوا، بما أنها ليلة رأس السنة..

شعرت بإسترخاء في عضلاتي و تلاشى الألم، حمدت الله، لحظتها إنفجر ماء بين رجلاي، فكرت أنني فقدت السيطرة تماماً على مثانتي! وأحسست بالاحراج الشديد..
عاد الألم من جديد أقوى مائة مرة، و هجمت علي كالأعاصير التي تقتلع الأشجار و تهدم البيوت، اختلط كل شيء في ذهني، اتصلت بسام و قد حمر الموت عيناي، آكل شفتاي بألم..
صحت بصوت يعصره النشيج
- يجب أن تأتي حالا..

لم أستطع أن أقول أكثر، فقد تصلبت في مكاني مثل شجرة طرفاء و رحت في نشيج طويل، و كان دموعي غبشا يحجب كل شيء..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة