قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الرابع

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الرابع

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الرابع

و في منتصف الليل...
جاء إتصال يوقط غفوة سام برنين مزعج، أمسك الهاتف و عيناه مغلقتان، و أنفاسه تتضارب، لا يدري أنهار أم ليل..
سام هلوو، أهلا لوسي، أقصد أليان
جاء الصوت مبكي سام، هذه ليندي
إستيقط سام من نومه ماذا حصل يا ليندي؟! هل تبكي؟!
ليندي و صوتها مختلط بين نحيب و بكاء إنه زوجي
سام بدهشة ماذا حدث بزوجك، تكلمي
ليندي إنه مريض جدا، و قد كان مصابا بمرض قلبي..
سام حسنا، اين أنت
ليندي لا فائدة، سيموت.

سام تكلمي، أين أنتم
ليندي نفس الفندق مارلين، جناح رقم 103
سام يخرج من الباب مسرعا و هو يقول أنا في طريقي إليكم..

مسكين ذلك العجوز الهرم، يبدوا أنه فقد بقايا حيويه الذابل، خانه الزمن و كل من فضاء، أشعر أن زوجته لم تكن صادقة بالبكاء، إنها لا تريد سوى أن ترث الملايين منه، فكانت تتحمل قرفه سنين حتى يأتي هذه اللحظة الحاسمة، الذي سيطرق اّكل الدهر ليلته..
لم أستطع النوم و أنا أفكر مصير الإنساني الحزين، فخرجت الى شرفة بعد دقائق مرة أخرى، أنتظر النسيم مرة أخرى أن يلفحني، و يطرد في أعماقي الشرود..

و بينما كان يتحرك عيناي هنا و هناك بلا قيد محمود، وقعت في نظري، فتحة شرفة مقابل جناحنا
كان الباب مفتوحا..
وهناك إمرأة خلف الباب الزجاجي، و الستائر المفتوحة، إستدارات رشيقة، جسم جذاب. يظهر تفاصيلها وراء ثوب نوم اسود فضفاض، تكحل عيناي بذلك الجسد الأهيف الرشيق، و شعرها العنقودي وراء ظهرها كالشلال، بشرة ناعمة قمحية، ، أنوثة صارخة..

غابت عن عيوني، ابتسمت، ربما جاء حبيبها المنتظر، التي تكحلت لأجله بهذه الطريقة المغرية..

مرت دقائق، و ألقت في السرير، شاب بكامل ثيابه، و حين أمعنت النظر، و يا ليتني لم أرى! انه، إنه سام، و تلك المرأة، ليندي..

لم أشاهد البقية، و أكتفيت بهذا الجزء، و يبدو أنها أحبلت فريستها بإتقان، كم كنت غبية! غبية جدا! أكان ذلك تمثيل! أو ربما كان يعرف ذلك مسبقا، حين أعطاها بطاقته! أنا الغبية الوحيدة المخدوعة هنا!
ألقيت نفسي في سرير، أبكي! يبدوا أنهم أعمدوا..! أعمدوا أن أراهم حين أضاؤو الغرفة و تركوا الشرفة مفتوحة.! ليتني مت قبل هذا! ليتني مت قبل 15 سنة!

و فجأة أسمع طرقة الباب، طرقة قوية مهزوزة، جعلني أقفز بسرعة، و قفت و رجلاي مغلولتان، و مشيتي بطيئة، المهم أني وصلت الباب..
فقلت من؟!
صوت رجل غريب، يقول أنا زوج ليندي
أنفاسي تصاعد، و فتحت الباب دون أن أفكر، وجه مكفهر، لا أدري، أهو غاضب أم حزين
و جسد ضخم الجثة، عريض و طويل، لا يبدوا مريضا و لا محتضرا..! أعضاؤه مشدوده، وجهه متجهم، في أعماقه بركان من الغضب..
! قلت ما الذي أتاك هنا يا سيد؟!

قال بغضب لا تتهابل!
قلت بدهشة ماذا يحدث؟!
قال كنت أراقب نظرات زوجك لزوجتي طوال المطار و قد شككت بهم، فقلت لها بأنني سأذهب لأمر عاجل، حتى أقبض عنق ذلك الخبيث في شقتي
قلت له بغضب أدكر أنها إتصلت و هي تبكي و تقول بأنك تحتضر، من إحتال بمن!؟
قال و قد تحمر عيناه أتتهمين زوجتي بأنها تكذب، و تحتال زوجك، زير النساء الخبيث.

قلت إسمع يا سيد، أنا لا أعرف ما الذي أتاك هنا، و لكن أقول لك بأني لا شأن لي كل ما يحدث بينكم، و الاّن سأغلق الباب..
و لكنه يفاجئني بوضع رجله الكبير طرف الباب، وبادرت بضغطه على الباب، و لكنه دافعني أنا و الباب بجسمه الضخم، فوقعت على الأرض...
و أتجه امامي بإبتسامة عريضة..

إنقضى وقت الليل بسرعة، و جاء الصباح بشروق جميل، خلف نافدة الفندق، أيقظني سام بقبلة ناعمة على خدي، قبلة وردية ظننته حلما..
و فجأة أسترجع ما حدث، إنني لم أسامحه بعد، تبا له..

قدمت لنا طاولة فطور، إحتوت البيض وجبن شيدر وتوست وزبده وحليب وطماطم ومعجون البندورة، طبقة كلوب الفرنسية، فقدت شهيتي حين ألقيت نظرة على الشرفة، تذكرت ما حدث تلك الفظاظة، ثم خفضت رأسي فأنسدل شعري كالشلال و غطى نصف وجهي، و اكبح رغبتيالغاضبة، و بدأ المخيلات تتصارع في رأسي..
عندما دخل ذلك العجوز المقرف في جناحي، و قفت في زاوية أرتجف من الخوف، كم كانت لحظات رعب أقلع قلبي عن جدوره.

أشعل سيجارة و لمحني بوقاحة أرجوه أن يرحمني، فأنا فتاة صغيرة لا ذنب لي، أردت أن أقول ذلك و لكن عجز لساني و شُل جوارحي
علا إبتسامة على شفتيه المقرفتين و قال لي في الحقيقة أنا زوجتي نلعب هذه اللعبة أحيانا حيث نغري زوجين و نبادل الأدوار! لعبة رائعة أليس كذلك! إنها تزيح الملل على حياة الزوجية، و لكني إكتفيت حقا بهذا العمر!
و رحل العجوز يتركني بهلعي و تصرفاتي الهيستيرية الخائفة جعلها يقول لي مجنونة.

و لم يكن سوى لحظات حتى رجع سام شاحب وجه..! و لا أعرف ما حدث معه مع تلك الثعلبة! من المؤكد أنه ضاجعها، لن أثق به!

كان يجلس أمام مائدة الطعام ️مبتسما، متفائلا، ينظر الشاشة، كأن شيئا لم يحدث! كم هو رجل منحط عديم الإحساس!
سام بملل حبيبتي، ألا تأكلين
رفعت رأسي و سددت إليه نظرة نارية، إخترقته بوحشية، أزفر أنفسا لاهجة كأني أنفث نارا..
كف عن ممارسة لعبة سخيفة معى يا سام، و أختر لعبة أكثر ذكاءا و أكثر مكرا
سام بدهشة ماذا تقصدين
لوسي تريدني أن أصدق بأنك لم تفعل شيئا مع تلك المرأة.

سام بعدم المبالات ماذا عنك! هل فعلت شيئا مع ذلك الرجل
إخترخت تلك الكلمات الى عمق صدري، بجرح عميق، فلاح في وجهي حزن دقيق تلاشى على ضحكتي المدوية المصطنعة، إبتسمت على ملء أعماقي..
ماذا ستفعل لو قلت بأنني فعلت، تطلقني..
سام بهدوء لا شيء، لا شيء، أريد أن أطمئن فقط، لأنني فعلت معها أيضا
أغمضت عيني، و أدرت وجهي و فيه كيلا تسحقني أكثر..

فقمت من عنده متهدمة منهارة، ذليلة، رحت الى غرفة النوم أغوص في دهول متذاخلة، و اضطراب حاد لا حدود له، أشعر أنني فقدت الإحساس، لم أعد أميَّز بين الأمل و اليأس، و قبل أن أفقد عقلي...
جاء صوت جرس الباب، ذهبت لفتحه، إنه قدر و معه إمرأة و رجل، فتاة ذات أنثوي ممشوق ترتدي بنطلون الجينز ضيق يعزز قوامها القصير! سيطر الفرح العفويّ على ملامح وجهي..
قدر يعلو ووجهه ابتسامة الصباح المشرق أهلا لوسي، كيف حالك.

قلت بسعادة تغمرني نحن بخير يا قدر
توجه نظراتي الى تلك الفتاة الجميلة التي معه، و ذلك الرجل الجذاب!
لاحظ نظراتي المتجهتان على نحو الغريبين
هااا، نسيت، هذه أختي سلم وهذا زوجها ياسر
إبتسمت لي إبتسامة ناعمة سررت بلقائك عزيزتي لوسي!
ثم قالت بظرافة أين ذلك الأحمق الصغير المزعج
خرج سام من الحمام، إنتفض مذعورا كأنما لسعته عقرب في مؤخرته، ثم إبتسم إبتسامة مباغدة على ملامح وجهه الشاحب المذعور.

سلما. عزيزتي سام، لا تقلقي، لم اّتي لأورد وجنتيك، إنني أهنئك فقط على زواجك
لم أكن أفهم ما تحاول توضيح سلما بظرافتها تلك حتى أطلق قدر ضحكة منخفضة جعلني أتسائل السبب
ثم قال لي قد أتعلم يا لوسي، عندما كنا صغار، كانت سلم و صديقتيها، كانوا يلعبون بسام كدمية باربي، يلبسون له فساتين قصيرة، مكياج، أحمر الشفاة، و كان يعجبه ذلك.

إقتربت مني سلما و كانت تبدوا ظريفة حقا مثل قدر، جعلتني أشعر و كأنني أعرفها مند زمن بعيد
أخرجت هاتفها بينما تقول لي لوسي، أتريد أن ترى صورته وهو صغير، اه هناك واحدة في هاتفي، أنظري..
نظرت الصورة، جعلني أدخل بحالة هستيرية من الضحك و القهقهات
لا اصدق، أهذا سام، هذه الطفلة الناعمة الجميلة، اّه، إنها جميلة جدا
تتعالى أصواتنا من الضحك و القهقهات.

ياسر، و هو يضحك حرام يا عزيزتي، لا تفعل به هكذا رجل أسمر، شرقي الملامح، لديه لحية متناسقة في دقنه! يبدوا أكثر رجوليا!

رمقت وجهه المتضايق، كم أحب أن تحترق يا سام
تضايق حاجباه و نظر الى سلما بغيض شديد يحاول إمساك إنفعاله الحاد
لقد قلت بأنك مسحت كل هذا، و حرقت الألبوم كاملا
سلم بخبث نعم، لم أكذب في ذلك، و لكنني إحتفظت بواحدة، كإحتياظ
سام بدهشة ممزوج بالقهر في ماذا؟!
سلم بوقاحة ظريفة في حالة إن أست التصرف، كإبتزاز.

كان زوجها بقربها تبدوا أمامه كطفلة صغيرة بعرضه و طوله، أرى التناقض بينهما و لكن الهيام و الحب يجعلهما زوجين متناسقين
ياسر يبتسم و بنبرة جدية يقول هذا يكفي، لدينا رحلة طويلة، الى مدينة نانتيس!
قدر قررنا أن نرحل بسيارة
سام أنت تمزح أليس كذلك! إنه يبعد كثيرا عن باريس
قدر بإهمال تريد أن تأخد طائرة، خدها، أما نحن سنذهب بسيارة، أليس كذلك يا لوسي
سام بدهشة لا يمكن أن تكون جادا، لوسي لن تذهب معكم.

إستغلت الوضع حتى أغيظه فأنا لن أسمح له أن يتصرف حياتي كما يحلو. له
قلت بإستفزاز أنت تصعقني، ما الذي يمنعني ذلك، نحن في فرنسا، بلد الحرية و الديمقراطية
سلما و هي تضحك يبدوا أن الجميع ضدك يا سام، و كالعادة...
ياسر وهو يضع يده في كتف سام إنها مجرد رحلة يا سام، نبني مخيمات، نشعل النار، نحكي قصص مرعبة..

ثم دنى ياسر في أذن سام يهمس له تخيل، كيف سيلتصقون بنا، كقطط خائفات حين يقب الظلام، و تعوي الكلاب، هم هم ها ها، رائع أليس كذالك
سام بصوت هامس مع أنني أكره تلك الأمور، و لكن لا بأس لإخافة لوسي..
ثم قال بصوت مسموع حسنا سأذهب و لكني سآخد إحتياظاتي عندما نبني مخيما، لا تعرف ماذا يدلف في فراشك ليلا، قد يكون ثعبانا أو صرصورا، أو حيوانات لم تكتب القاموس و التاريخ بعد، و لكني موافق.

شعرت جسدي يتسلل اليه القشعريرة و هو يقول هذا الأشياء، أظن أنه يتعمد على إخافتي، لكني لن أرحل معه تلك الطائرة، لن ألتفت الى تراهاته، لا يوجد شيء كهذا، ثعابين، أظنهم قد إنقرضت في قرون الحجر، ما نشاهده في التلفاز، مجرد خيال مصنوع بالكمبيوتر..

وجهت إليه نظرات غير آبهة، نظرات قوية، و عنيدة، سترى يا سام، بأنني لست بحاجة إليك، فالتضاجع من شئت، كم أنت رجل منحط خبيث، لا أصدق بأنني أحببتك، و لكن لا يهم ماذام أننا سنفترق قريبا، كم بقي من الأيام في هذا الشهر!
لوسي قدر، التاريخ كم اليوم؟!
قدر نحن يوم الحادي و عشرون في شهر مايو
إبتسمت واحد وعشرون، بقي، تسع أيام فقط
دخلت غرفة النوم، و لم تمض سوى دقائق حتى دخل عليَّ سام، و أنا أضع عبايتي..

سام بعصبيته الكاسح ما كان ذلك؟!
أنا بعدم المبالات ألن نفترق بعد تسعة أيام
سام بعجب لا أقصد سؤالك عن تاريخ اليوم، أقصد، لماذا تريدين أن تدهبي معهم بالسيارة؟!
أنا أستفزه بكل جرأة لأنني أبغض أن أكون معك في الطائرة
سام يحاول أن يضبط إنفعاله إنني ما زلت زوجك يا لوسي، يجب أن تسمعي كلامي
أنا بوقاحة زوجي! متى حدث ذلك! لا أذكر..! هل حدث شيء بيننا حقا! هههههههه
سام كفاك عن السخرية..

لوسي أي سخرية، أنت من قرر بأننا لسنا زوجين في أول ليلة
سام ماذا قررت!
لوسي على نومك في الأريكة، لقد شككت حقا برجولتك
ثم ضحكت من كل عمق، ووقاحة جريئة قلت ها اا، هكذا إذن، كنت تبرهن رجولتك على نومك مع تلك المرأة، و لكن صدقني، لن يضرني ذلك بتاتا، طالما أنني فعلت أيضا..
سام خرج يضرب الباب وراؤه بغضب، قد ملل حقا من ثرثرتهم و سخرياته التي لا داعي لها
أما أنا أدرفت دموع الحزن و الندم، كالعادة.

دخلت سلما في الغرفة، وجهي مدفون بين ركبتيَّ ملأى بالدموع، و قلبي يرتعش كأوراق خريفية آلام مستكنة في أعماقي، أبكي بحرقة، في صمت رهيب..
و ضعت يدها فوق كتفي، قمت مدعورة، أكفف الدموع براحتي..
سلما ما الأمر يا عزيزتي..! يمكنك أن تخبرني أيَّ شيء
قلت منحنية أنا أحاول دائما أن يحبني، و لكن كل ما أفعلها هو أنني أبعده أكثر و أكثر
أنا لست أنثى، لست إمرأة حتى، إنني لا أثير غريزه..

سلم إبتسمت عزيزتي، أنت لست المشكلة، فأنت جميلة جدا، و أنوثتك يفوق عمرك، كل ما تحتاجين هو أن تتعلمي طريقة إجدابه، و إثارته..
سلما هاا، تذكرت، لذي كتاب عن هذا الأشياء، سأعيرك إياه
أدخلت شنظتها الكبيرة في يده، و أخرجت كتاب مغري جدا، جعلني أسيل لعابا حتى قبل رؤيته، و مددت يدي و أنا أرتجف، أمسكتها، أشعر و كأنني أقترف جريمة خطيرة، إهتز كياني كله..

وقعت عيني على موضوع الكتاب كيف تمتلكينه و تسحرينه بسحر حلال! موضوع مجدب جدا..!
دخل قدر، و أخفيته بسرعة..
قدر بعجل سلما و لوسي، ما بكما! سنخرج الآن، هيا.

ضحكت من داخلي، ضحكة ساحرة مجنونة. مهوها ها ها و أنا أعبر الباب، سام سوف تخضع تحت رجلي، و أتركك و أنت تبكي في حبي، و مجنون بي، سترى ذلك، و لن تنظر إليَّ تلك النظرة الباردة حين أتكلم عن الطلاق، بل ستتوسل إليَّ كالكلب، و تزفر باكيا مثل الحمار! مهو ها ها ها، من يقرأ أفكارها يقول طفووووولية جدا
مشيت أمامه، كأن لم ييحدث شيئا، و خرجنا، و كان هناك سيارة، سيارة كيأ كارنيفال، سيارة عائلية جميلة..

قدر يحاول أن يشرح لي كل شيء كالعادة لوسي، سلما و زوجها يعيشان في باريس و هذا سيارتهم، أما أنا و أمي و سام و جدنا، نعيش في نانتيس، مدينة ساحرة، قرب البحر، ستحبين المكان كثيرا، لو تعرفين
أنا و لكن أين أبوكم؟!
سلما لقد مات قبل سنة تقريبا
لوسي و أب سام؟! و أمه؟!
قدر بحزن لقد ماتوا و هو في الرابعة من عمره
أنا وأشعر بتأنيب أنا آسفة
قدر يحاول أن يلطف الجو عن ماذا يا لوسي، كلنا نموت! و الآن لندخل السيارة..

ركب سام مع قدر في المقعد الأمامي، أما أنا و سلم ركبنا المقعد الخلفي، و زوج سلم يسوق السيارة.
سلما بنبرة حزينة مسكين سام، لقد تربى بدون أب و أم
و لا أعرف لماذا قالت سلما هذا الكلام، حتى تشعرني بالأسف و الحزن غير الذي أشعرها الآن..
سلما لوسي، كوني له حنان الأم الذي فقدها، و لا تحسيه بالحنين الى دفء غيرك
لوسي ماذا تقصدين
سلم هناك أشياء كثيرة تجهلين عن سام.

لوسي جربني، أنا أعرف أنه يحب تلك الفتاة أليان، لقد أخبرني
سلم حقا، أليان..
لوسي أتعرفها
سلم نعم، كنا صديقات مند زمن بعيد، قبل أن أتزوج
لاح في ملامحي حزن كئيب، تبسمت سلم، فقالت لوسي، لا تحبطي، إن كنت تحبين سام، لا تسلمي له إليها، تمكني منه، و أغزوا الى قلبه
إنحنيت أهمس لها و لكن يا سلما، أنا، أنا لا أعرف كيف أفعل، إنني أحبه كثيرا، و لكن من الأفضل أن نفترق.

سلما مستغربة ماذا حدث يا لوسي.! لماذا يجب أن تفترقوا
لوسي إنني لا أثق به، لقد مات الثقة به في قلبي، و أطاحني قتيلة.

سلما تنصحني إسمعي يا لوسي، إن سام ليس كما تظنين، لقد هجره الناس بسبب ضعف فصاحته، فهو يحطم الأفئدة بكلماته القلائل و نظراته الباردة، عاش في حياته لا يعرف حنان الأبوين، عاش يكبت عواطفه خلف جدران قلبه، و ما زال يتصرف هكذا، كأنه غير مهتم بأي شيء، إنك تتخلين عنه لأليان، و أنت تحبينه، لماذا تفعلين ذلك؟!
لوسي الأمر لا يختصر على الأليان، قلت بأنني لا أثق به في حياتي
سلم هل فعل شيئا قتل ثقتك به!؟

لم أجبها هذا السؤال، و سكت، فلاح بيني و بين سلم صمت رهيب طال دقائق، توقف السيارة، وخرجت لتجلس مع زوجها في مقعد القيادة، ثم مشت السيارة، و لم تتوقف حتى كاد يقب الظلام..
خرجت و رجلاي قد تكورا، فسوينا المخيمات، و حين وقب الظلام، أشعلنا النار، قرب الخيمة، و جلسنا، نأكل العشاء و نتحدث، و بدأ قدر يحكي مغامراته السخيفة التي يضحكنا دوما..
قدر إنه دورك يا سام، قصي لنا
سام بملل لا أعرف ما أقول.

قدر و سلم يصيحان نريد، نريد قصة، نريد قصة
سام بغضب حسنا، كفوا عن إزعاجي، سأحكي لكم.

ثم نظر إليَّ، و أبتسم بإبتسامة لا أعرف ماذا يريد بها، فقال سأحكي لكم عن شيظانة جاثوم، حقيقة لا خيال، لقد سمعتم عنها كثيرا، يقول الناس فلان مغمي عليه خمسين سنة، لقد زاره شيطان جاثوم في أحلامه و ألعنه، و يقال بأنه يزور إنسان الذي ينام وحيدا في الليل، و سط غابة كثيفة، و يخنقه حتى الموت، و في أحد الليالي و أنا نائم لوحدي، أحسست بيدين تلتف حول عنقي ببطئ شديد ثم بدأ اليد تخنق علي، فتحت عيني، شاهدت إمرأة جميلة، أظافرها طويلة تغرس في عنقي ببطيء شهواني، شعرت كياني كله تهتز، فقلت و كادت الكلمات تخنق في حلقي أعود بالله فهربت.

قدر يقول بكلام أخافني أكثر أنت تبالغ يا سام، إنها تزورك و لا تخنق أحد، لربما كانت عاشقة جنية، أراذت أن تستمتع معك قليلا
سلم لا، إنها مجرد عملية إيداء يقوم بها مجموعة من الشياطين المشاكسين للنائم
كانوا يتحدثون، و لم يلتفتوا إليَّ و أنا أرتجف خوفا و رعبا، واصلوا الكلام..
سام لا يا سلم، إنه شيظان أو شيظانة واحدة مختصة بهذا العملية، يسمونها جاثوم.

في تلك الليلة، لم أتناول عشائي، بل لا تكاد تمر في حلقي من شدة الخوف، بينما هم يتشاجرون، أنا أموت خوفا و دعرا..
ياسر يرفع ذقنه، يتظاهر بالدكاء أنتم مخطأون، لقد تنوعت ألقابه، و كيفية إيدائه للإنسان..!
صرخة مدوية توقفوووووووووووووووووووو! أنا لا يمكنني أن أتحمل!
سلم مندهشة ما لك يا لوسي
لوسي إنني خائفة! خائفة جدا عن هذا الذي تتكلمون عنه.

سام يلتبس بإبتسامة ماكرة لا تقلقي يا لوسي، لا تقلق فكل ما يفعله الجاثوم هو ازعاجك فقط
سلم تضحك طالما أنك لا تنامين وحدك، لن يفعل بك شيئا
ياسر يتثائب أشعر بالنعاس يا زوجتي العزيزة، هيا، الوقت متأخر ذهبا الى خيمتهم..
سام بملامح باردة هيا بنا يا قدر، لنذهب خيمتنا
لاح في وجهي ملامح غريبة خائفة ماذا عني
سام يبتسم ألا ترى أن هناك ثلاث مخيمات، ماذا تقصدين
قدر توقف عن اللعب بها..

سام هي من قالت بأنها لا تثق بي، أليس كذلك!
لوسي هل كنت تختلس السمع، هذا خبيث يا سام! على أية حال أنا لست بحاجة إليك، تريدني أن أصدق جاثوم، أنا لست خائفة، نم مع قدر، ودعني هنا لوحدي
قدر ينظر الى سام إنها لا تعني بكلامها، إذهب إليها، أنا سأنام لوحدي، لأنني رجل و لكنها إمرأة
سام ألم تسمع، تريدني أن لا أنام معها!

لوسي هذا صحيح. و ذخلت في خيمتي يصدعني خوف رهيب، و هو ذهب مع قدر بقلب بارد، هذا صحيح، لماذا أحتاج الى ذلك الخبيث المنحط، سأنام وحدي رغم أنني خائفة جدا..
و فجأة أطفؤو النار، فهَّب عليَّ خوف مدعور، كنت مستيقظة طوال الليل، أحدر عن أي صوت، أصوات غريبة، أتذكر كلامه، صرصور يتسلل الى فراشي، ثعبان، بعوضات تمتصني، أشعر أن كياني كله ترنعش، أتدكر جاثوم و كيف يخنقني إذا غفوت..

قدر يكلم سام أكان جيدا أن تتركها وحدها في الخيمة
سام أنت لا تعرف لوسي، إنها جبانة جدا، إصبر حتى نسمع صراخها..

شيء تسلل الى رجلي، يمشي بين أفخادي، يذغدذني بأصابعه الكثيرة ، صرخت صرخت أيقظت كل من في الجوار سااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااام.

سام أرايت يا قدر، هذا ما كنت أتكلم عنه
قدر ألن تذهب إليها الآن، يبدو أنها وصلت إلى حدها
سام حسنا، أعطني المصباح! سأكون بطلها.

دخل سام..
و غدوت في ذراعيه كحصان هرم، أرتجف خوفا، أكشر أسناني ببعضهما، تمسكت برقبته، وجعدت قميصه بالكامل من شدة التمسك به، شعر و كأنني أخنقه..
إهدئي لوسي، إهدئي، أنا هنا
قلت بصوت عنيد لا، أنا خائفة أيها الأحمق
سام ألم تقل بأنك لا تثقين بي..
قلت و صوتي تقطن المرارة كنت أكذب، إنني أثق بك كثير
سام إذن أنت تصدقني، حين قلت لك بأنني لم أنم معها
قلت أكيد، أيها الأحمق.

لمس يده الباردة وراء ظهري، فأحسست كأن نهداي يرتجان، و كاذا يمزقان ثوبي الدي إرتفعت حرارته، ثم إنحنى يقبل أجزاء جسدي، أنفاسي متلاحقة، و كأن عاصفة رغائب تقتلع روحي من جسدي، و للحظات شعرت و كأنني أضيق بداخل سجن، و روحي تهم بالإنظلاق.
سام بصوت هامس في أذني لماذا كذبت، أنت لم تفعلي شيئا مع أي أحد
لوسي كيف تعرف ذلك..
سام هل أنت غبية! هنا، لم يلمس أحد، كيف لا أعرف.

شعرت بألم طفيف، آه سام، و لكن سرعان ما تلاشى الألم، و لا أصدق أن كل شيء حدث بسرعة، تحت ظلام دامس، و الثياب فوق أجسامنا، الى الجزء، ( تعلمون ذلك ).
سام و الآن، لقد أصبحت إمرأة، أهنئك.
إرتسم في وجهي علامة إندهاش كبير ماااااااذا؟! إنني لا أصدق! لم يكن هذا ما أتخيله!
أتعني أنك أخدت عدريتي التي كنت أحافظ عليها 15 سنة بهذه السهولة
سام إهدئي، انتي زوجتي.

تكاسد الدموع في عيني و لكن، ليس هذا المكان الذي كنت أتخيل بأن، هو هو هو
و بدأ الدموع ينزل بغزارة، هذا المكان الخبيث، تحت خيمة ضيقة، و في غابة تعوي فيها الذئاب، أجمل ليلتي ضاع بهباء، كيف سأتذكر..!.
سام سنعوضها، في مكان آخر جميل، و نتخيل كأنه أول مرة لنا..!
لوسي حقا، أنت لا تريد أن تطلقني، و تبتعد عني.
سام أنت سخيفة يا لوسي، كيف تفكرين بهذه الطريقة الحمقاء..
إحمر وجنتاي إذن، تريدني في جانبك يا سام.

سام مع أطفالك المتوحشين
كفاك سخرية
هيا لننم
ليلة سعيدة
و أنت أيضا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة