قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الخامس

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الخامس

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الخامس

وصلنا الى بوابات القصر، في اللحظة التي تهشمت أحلام ليلة دخلتي، بعد أن دهستني عربة دهشة الكبيرة، و أختفى بسهولة كل ما كنت أحافظ عليها ١٥ سنة من حياتي..
و لكن في اللحظة نفسها كان قلبي يتمرّغ أنها من السرور، و أحس أن روحي تفيض مني، نعم لقد حصدت سام، قبله، نظراته، نعم لقد تمكنت منه بخسارة قليلة و التي هي تضحية بكارتي..

امرّ على خاطري كتاب سلمى، (كيف تمتلكينه)، لمحت فيها بخبث، إنها في داخل حقيبتي، يساورني لهفة إنتظار حادة على الخلو معها و النظر في داخل محتواها.

شددت حقيتي بيدي، و كانت السيارة لم تصل الى مبنى القصر، أأخدت تسير في أرض يكتسيها أعشاب خضراء كأنما راضتها يد المطر..
دقائق، و توقفت السيارة، هبطت منها وقد أنهكتني السفر، مظهرنا بائس جداً بعد ليلة طويلة تمرغنا في الأدغال، عضلاتنا متكورة من كثرة الجلوس..
تنفست صعداء، تجول عيناي هنا وهناك، وقفت مندهشة حائرة أمام قصر كبير و حجمها المترامي.

سرحت فيها بنظرات شاردة، لم تستطع كلتا عيناي أن تملا بكل أبعاده، يا إلهي، لم أكن أتوقع بأنها كبيرة الى هذا الحد
متبجحة بكبرها، إنها قلعة، يرتقي سطحه في نحر السحاب..
قلعة تتوشح بالغيوم..
أنقذني قدر مما كنت غارقة فيه
خاطبني
هيه، لوسي، هل يدهشك ضخامة القصر! لقد بنى أجداد أجدادنا مند زمن بعيد!إنها قلعة مشهورة في هذه المدينة
قلت بدهشة
يا إلهي! من يعيش هنا! وحدها قرية كاملة
خاطبني موضحا.

يعيش هنا جميع عائلتنا، أعمامنا، و أبناء أعمامنا، إنها ميراث العائلة التي نفتخر بها و خاصة أيام إجازة يكون مزدحما!

هكذا كنت في جلبة و فضفضة مع قدر بينما كان سام يخرج حقائبنا من السيارة، جاء خادم بزيه المتأنق الحسان، يساعد سام..

واصل قدر حديثه، أنصت بإهتمام مبالغ
في القصر مزرعة خيول، و ملاعب الكرة و التينس تقريبا كل أنواع الرياضة..
خاطبته مستفسرًا
و هل هناك مسبح
إبتسم من جهلي و سداجتي
لا نحتاج الى مسبح، خلف القصر يدنو منها بحر كبير بمداراته و موجاته الساحقة
لا أدري كيف تلجلج لساني، ( حقا يا قدر، حقا! إنت لا تمزح معي أليس كدلك ).

ربما لأنني لم أسبح في بحر حقيقي أبدا، أو حتى مشيت بقربها! لقد كان التحمس ينبثق من عيناي الداكنتان كعويل الدئاب، ألهث بلهفة طفل يشتري ألعاب العيد!
كنت أقفز هنا و هناك بجدل طفولي، بحر، بحر بينما الضحكة تملأ في قسمات قدر
يخاطبني أنت حقا طفلة يا لوسي، هيا سأريك داخل القصر
كان الفضول يتسلل في داخلي رغما عني، لكي أكتشف داخل هدا القصر الكبير..
كان الحسن في خارجها تدخلك في ساحة تخيل جميلة، بديعة تجذبك.

جدرانها كالنسور في نقشاتها و ألوانها، شرفائها كالعذارى شددن من مَناطقِهن!

بعد برهة، كنت في داخلها، و يا لها من فضاء واسع، و صالة كبيرة قوراء، يتدلى أمامها سلالم تأنق بسجادة حمراء
كان الأرض يلمع كالفضة..
صعدنا الدرجات، و أنعطفنا يسارا، سرنا في ردهة طويلة
دخلنا في جناح كبير، يضم مجلس كبير صعب علي التخلص من سحرها!
أولجت في غرفة النوم الكبيرة بصمت يقطعه حفيف ستائر طويلة فضفاضه يخرج منها رياح تأتي من الشرفة..
خاطبني قدر
هذه جناحك أنت و سام!

يا إلهي. إنها غرفة كالعرائس في حليها و زخارفها، ديكور لم أراه إلا في شاشات التلفاز، و مجلات المشاهير!
تكلمت لم أحلم في حياتي أن أعيش في غرفة كهذا في حياتي، إنها كالحلم لا أود إستيقاظ منها يا قدر
خاطبني قدر بمرح.

هذا ما شعرت به في أول مرة أتيت هذا القصر عندما كنت صغيرا، أن هذا المكان يشعرك نوعا ما و كأنك في الزمن الغابر حيث الملوك و الأمراء في بدق و إسراف و متعة شاهقة، بالإضافة أن جناحكم إستثنائي، يظله بحر، تستطيع نزوله من الشرفة في أي وقت
هتف بجدل طفولي هذا رائع! رائع جداً!
جريت نحو الشرفة، قاطعني نبرة ثقيلة
لوسي، لا تفكري حتى بالنظر إليها.

إستدرت ببطء، كان سام واقفا أمام الباب بقامته الشامخة، و نظراته المتعبة
تكلم قدر بإقتضاب و هو أن يشق طريقه للخارج..
سأذهب، أراكم في الليلة، ستكون هناك حفلة كبيرة لإستقبالكم أيها العريسان.

قنابل موقوته تترامى في دمي، لقد تلاشى تحمسي الدي جعلني قبل قليل أجفل و أقفز كحصان شبت فيه النار، سام و بأفعاله الجافة دائما ما تفسد متعتي..
إلتقطت أنفاسي بصعوبة، قمت برد كلامه
و لماذا لا أستطيع الدهاب!
نظر إلي بنظرات زائفة منهكة، تنفس بيأس، خاطبني
يا إلهي، كم أنت عنيدة، ألا تتعبين من الجدال، أنا متعب!
ألقى جسده المتهاوي بإهمال على الفراش.

تثائب كالطفل، أردف بنبرة هادئة هيا صغيرتي، البحر لن يهرب منك، تعالي الى هنا، لنأخذ قيلولة صغيرة معا
لحظتها إنفجر داخل مخي براكين الشك..
ماذا يقصد بكلامه! هل يريد أن أنام معه! في وضح النهار، إنه مجنون..!
إردف كلامه بجرأة
ماذا تنتظرين! تعالي!
أربكني كلامه أكثر، إنتفضت من مكاني، هرولت نحو الحمام، إعتدرت بإقتضاب
أنا أسف يا سام، سآخد حماما.

أغلقت الباب ورائي بأصابعي المرتعشة، قلبي الدي يدور في داخل صدري كبندول الساعة، تنفست بإرتياح، يا إلهي كانت لحظة وشيكة، كنّا سنتواعد في وضح النهار تراقبنا الشمس من ثقب على أجسادنا العارية، أمارس العهر جَهْرًا دون حياء! لا، تبا! أنا لست عاهرة..
إرتجف أوصالي، ركنت نفسي الى حوض الإستحمام، زخات ماء قليلة تتناثر فوق جسدي..
ترسبلني الشك، أسئلة حيري عصفت بدماغي..

ماذا أقول له عندما أخرج من الحمام حينما يطالب تفاحتي! هل أقول له عيب! أي عيب يا خائنة رأيها، بل إنه حرام، حرام قطعا..! أن يرى رجل فرج زوجته و ترى إمرأة فرج زوجها! أليس حرام..
أنهيت إستحمامي بسرعة، وضعت ملابسي على جسدي بعجل..
خرجت بثقة! فأنا فتاة ظاهرة لن أسمح له بتدنيسي، أنا قديسة! لا أمارس الحرام و العهر.!
خاطبته بثقة
إسمع سام، أنا لست كما تظنين! أعرف ما تريد و لكن لن أستطيع أن أعطيك إياه الآن.

لم يحرك له شعره، لابد أنه إقتنع بكلامي
واصلت بثقة زائدة، كخطيب محترف على منابر المتكلمين!
و أستدل بكلامي حديث عائشة رضي الله عنها قالت ما نظرت أو ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قط
يبدوا أن كلامي أخدته إلى محض جد! هذا رائع! لابد أنه عرف بأنني فتاة غير جاهلة كما يظن! لقد كان صامدا مرتقيا على السرير، لا يتحرك أبدا، تسللت الخضوع و الإستكانه في أنحاء جسده..

تحركت نحوه أرتل خطبتي بنية رياء، تناهى شخير الى مسمعي..
دنوت عليه، أهز كتفي هاي سام، ما بك! هل أنت بخير
أدرت وجهه، ياإلهي إنه يغط في نوم عميق، فمه مفتوح على مصراعيه أشبه بفم عاهرة متقاعدة أدمنت الخمر و التبغ!
آخ، يا للقرف!
كنت أخطب على الجدار طوال الوقت، أحسست أن وقتي و نضالي ذهب هراءا..
و لكن سؤال واحد يبقي في دهني، هل يؤدي الزوجان أمورها الخاصة تحت الغطاء دائما! هذا يبدوا مقنعا..

غيرت لباسي، وضعت جسدي ثوبا ناما للنوم، أرتميت جنبه..

لم نستيقظ إلا جرس الجناح، و صوت خادم يردد سيد سام، سيد سام
نظر سام الى الساعة بصعوبة..
يا إلهي إنها حادي عشر و نصف، لقد فاتتنا صلاة العصر، و السماء مدجج يحاصرها الظلام قريبا..
دلف نحو الباب..
الخادم
سيدي، الجد يطلب منكم النزول، سوف يأتي الجميع قريبا.

رجع سام، أسبقني عن الحمام، و هو يقول، بإقتضاب
جهزي نفسك، سوف ننزل الى التحت
قمت بتثاقل، آه ما أثقل رجلاي كأن الإزدراء يسري فيها، أخرجت حقيبتي، لم أرتبها في الخزانة، حسنا بما أنني أميرة سوف تقوم الخدم عني! يا لدهشتي متى تحولت من لوسي جارية سام الى أميرة متبجحة بكبريائها! يبدوا أنني سأناضل طويل على مكافحة عبودية سام التي كبلها علي! لو أنني كنت فقط أملك دلك المليون الذي أخدها أبي!

رحت غرفة خزانات لتبديل ملابسي، أخرجت عباءة تركية، بلون الأحمر الحريري ممزوج بلون الكبد، وضعتها على جسدي، شدد شالا كشميريا حول رأسي، لفته بإحكام..
خرجت، وجدته يصلي، آه نسيت أن أتوضأ، هرولت نحو الحمام، أخدت وضوئي، وضعت في وجهي مكياجا خفيفا، خرجت، صليت أيضا..

نزلنا من الدرج..
رحب بِنَا جد سام، أتفرس بوجهه المليء المكتنز، بوجنتيه البادئتين بالترهل، بقامته المتوسطة الطول، المليئة تماما، بحركاته الرصينة، هو ولا أصدق؟!
هذا الرجل رأيته من قبل! إنه عّم ياسر الدي كان يصاحب جدي، الجدي الدي مات الله يرحمه..
خاطبني، فاتحا دواعيه
لوسي، تعال يا إبنتي
إرتسم السعادة في وجهي و كدت أبكي من الفرح..

جرت نحوه، إبتلعني في حضنه، في بؤبؤي دموع حائرة براقه، أتدكر زمن لطفه معي، يدللني، و دائما يشتري تلك المثلجات التي لا أستطيع طعم نسيانها
إنه حقا العم ياسر، ذكراه كانت دائما في البالي، ولكن منذ أن مات جدي، أيقنت ان ما بيننا انتهى، و أنني لن أراه، لا شيء الا ذكرى طيبة عن أيام طفولتي في أمريكا لا تنسى!
و ها هو هنا، اني أقف بمواجهته، أحتضنت، انظر اليه بلهفة مأخوذاً من المفاجأة.

أستعيد في ذهني صورته في ذلك الزمن، وجهه غير القابل للنسيان،
ذكراه التي تثير الحسرة والشوق الى جدي، والحنين الجارف لايام مضت كنت ألعب في حجرهم
إنه هو بلا ادنى شك..
ملامحه نفس الملامح المطبوعة في ذاكرة طفولتي، وقفته، حركاته، كل شيء يطابق الأصل..

كان سام متعجبا من الحنين الجارف الدي أخذني، كأن الدي يقف هنا ليس جده بل جدي..
كنت أهتف جدي، لقد إشتقت إليك! لماذا قاطعتني؟! لماذا لم تزورنا!
هو بصوته القوي كالعادة، يمسد راحته في رأسي لقد كنت مشغولا يا إبنتي، و لكنني كنت أخطط أن أجمع شملنا، هلو يعاملك حفيدي جيدا!
نظرت الى سام، كان يبتلع ريقه، تقمص دور الجبان يترقب ما ستخرج من فمي..
قلت نعم يا جدي، إن سام لطيف و حنون مثلك، يعاملني دائما كأميرة..

أحسست سام خجل من كلامي، لقد كان يحك مؤخرة رأسه بلطف بينما تجول عيناه في الزوايا، كان يعرف أنني أقول العكس في كلما ما يفعله بي، إنه لا يعاملني كأميرة بل معبدة إشتراها بمال جده!

خاطبنا عّم ياسر
هيا، الجميع ينظرونكم في الصالة...!

خرجنا أمام حشد من الناس، إختلفت ألوانهم و ملابسك، إنهم مزيج من أقارب و أصدقاء العائلة و أصدقاء سام، سرعان ما إندمج سام أمام الجمع، بينما بقيت وحدي صامدة، أخد عم ياسر يدي يعرفني بعض أقاربه..
إنها حفيدتي الجديدة
أهلا بالعائلة
تشابكت أسمائهم و وجودهم على رأسي، لا أستطيع حفظها جميعا..
أنقذني قدر من الإنتحار الجماعي
إختلسنا من الحفلة، الى البحر.

كان هدير الماء يرمي نسيما منعشا، ألتقطها بأنفاسه في سعادة غامرة، حقا كانت حفلة مكتضة بالناس، أخنقني الجمع
كم أحب العزلة
قدر أنا أيضا أكره الحفلات، و دائما آتي الى هنا، لكي أتنفس
إندمجنا بحديث طوال، فكان لا يتعب لأنه ثرثار مثلي، لم نحس الوقت..
قدر يجب أن نرجع إنه وقت العشاء، سوف تجتمع العائلة في طاولة واحدة
قمنا، أمسح بيدي ما تبقى بملابسه من رمال الشاطئ.

دخلنا في صالة أخرى مخصصة للأكل، حيث تضم آلاف من الموائد و كراسي، فيها كل ما تشتهي الأنفس من أكلات متنوعة بألوانها و أشكالها
تلمطت بلعابي، يا إلهي كم أنا جائعة؟! و لكن أين سام! أنه ليس هنا في الصالة
ذهب الى صالة الحفلة، كان خاليا إلا من إثنين أو ثلاثة، لم أجده هناك أيضا..
وجدت شرفة مفتوحة، تناهى في سمعي قهقهات..

بزغت أمام سام و معه، إمرأة تقارب بطوله، رشيقة بقوامها كأنما رسمتها فراشات فنان بارع، تتهادى أمامه في ثوبها الحريري الطويل، وجهها بيضاء الثلج كعدبة نهر فرات، قسماتها منحوته، أنف قرنفلي! شفتان ممتلئتان، عينان زرقاوين مثل سام تماما!
لا أعرف ما يدور حولي؟!
أسئلة حيري عصفت في دماغي؟!

من هده المرأة الجميلة، بوقوفها هكذا أمامه يبدوان ثائين رائعين، يا إلهي، عضلة قلبي ترتجف، لم أرتاح لطبيعتها الأنوثة الخلابة رغم أنها مستورة و تلبس عباءة و خمارا..
لمحني سام، لقد كنت أقف لثوان و لم يكن يعرف!
تكلم هذا أنت يا لوسي
إبتلع ريقي نعم
إستدار نحو الفتاة الطويلة
هذه زوجتي لوسي
إبتسامتها الجميلة أرصع قلبي المرتجف!
خاطبني سام بنبرة مترددة
هذا إلينا، لقد أخبرتك عنها! هل تتذكرين.

إرتجف إوصالي، تسارعت نبضات قلبي، تسللت دمعة واحدة رغما عني من عيني..
وقف سام بصدمة..
مسحتها بسرعة على كفي، أصدرت بصوتا كأنه يتلاشى
آسفة على إزعاجكم، سأذهب
خرجت من الشرفة، هرولت نحو الدرج، صعدتها بعجل، و الدموع تتطاير مني..

رمقت خلفي، لم يلحقني!
جريت، تعثرت، قمت، أعدوا، أجري، ألهث، تجف ريقي، أتعثر مرة أخرى بفستاني الطويل..
يتسلل بين شهقات دموعي، ضحكة!
أسخر على نفسي الغبية، السادجة!
أسخر على أحلامي حين تخيلت بأنه ملك لي وحدي!
دخلت غرفتي، لطمت الباب وراء بمشاعر أنثى جريحة..
بكيت بكاءا مجلجلة كالرعد محملة بوابل من الدموع..
إرتفع عويلي، يحدث إضطراب جيولوجي!
إنهرت بلا شعور، ينبعث من عيناي بريق منكسر، متخاذل..
صوت يقاطع يأسي.

لوسي..
لوسي..

ملاحظة: الحديث الذي أوردته أظنه ضعيف! و كلا الحالتين لا تنص على حرام! بس الأدب!
فهم لوسي بالحديث خطأ، و تستدل بإستدلال خاطئ، بذريعة الهروب من موقفها! أو ربما هي غبية! لا أدري.
لماذا يجب دائما أن أوضح مواقفك الغبية يا لوسي؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة