قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الرابع عشر

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الرابع عشر

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الرابع عشر

كانت بقايا الغضب تفر من أهدابي و هو يشق طريقه الى الخارج، تفتح اللعنة في لساني، لا أعرف كيف كنت ألجلجها مثل الأذكار طوال الوقت، أتصلب مثل شجرة طرفاء عارية، الشمس تتسلل من خلال النوافذ، تصافح وجهي الملعون، و تتلمس أهدابي الثائرة.

حقير، قال لي بأنني سأخدم في حفلته الصغيرة هو و عاهرته، كلماته لازالت تقرع في أذني، لا، لن أخدمكم، لن أخرج من غرفتي، سأبقي هنا و أدير المفتاح الداخلي، و هكذا لن تحقق مرادك أيها الوغد، لماذا يجب أن أغلق نفسي في الغرفة بينما يستمتعون بلحوم مشوية في الحديقة، لا يا عزيزي، سوف آتي الحفلة و ستندم لأنك دعوتني..

تسعرت عفاريتي من جحيمي البارد، إنطلقت ضحكة صاخبة من حلقي، تصدر في أرجاء غرفتي..
أحس الشرر يتغلغل من مسامي و أعصابي كاللص..
أفردت دراعي بهدوء، و مثل عراف بارع أستحضر ما سيقع في الحفلة، و أجهز نصوصي كممثلة على وشك أداء دورها الرهيب..
نعم يا سام، أنا جاريتك الآن، و لكن مولاتك ليلا..

غريب حقا، ينتقل من حال الى حال بسرعة البرق، منذ قليل يعانقني برغبة جامحة، ثم يعود قاسيا و يسري حممه فوقي، لا تستطيع ان أستوعب ما يفعلة ابدا، بالتاكيد به مس من الجنون...

تبا، إنه قاس و رقيق كالماسة، يخيفني قسوته في اللحظة نفسها أحن الى رقته الماسية.! حقا أنا متعبة منك يا سام، متعبة مثل قطاع عطشى! و لكني لن أهدء قبل ان أكسر غرورك و غطرستك تلك، الليلة سأريك من تكون لوسي، لوسي ليست كغيرها من النساء تستطيع أن تتحكم بها، أنا أعشق متردي و عنادي، إنها موشومة في داخلي بوشم سري، و لكنك لا تعرف! كلما حاولت سيطرتي أتمرد أكثر! سأكسر صورتك و صورة عشيقتك هذه اللية!

تظن بأنني طفلة غبية حبيبي أنا طفلة مسكونة بالنار و معتمة بالتوابل و البسباس..
صدرت مني ضحكة منخفضة..
في المساءا خرجت من القصر، انطلقت في نزهة على غير هدى، لمحت قدر من بعيد، لوحت له يدي، وحين رآني اقترب مني، كان متلهفاً..
اقتربنا من بَعضُنَا ومشيا سويا...
- أنا لا أراك هذه الأيام يا لوسي
- ألا تعرف، أنا حامل يا قدر..
تصلب بتوتر جسدي
- حقا، أنت حامل! هذا رائع يا لوسي! سأصبح عم قدر قريبا.

- ما هذا التحمس أيها الطفل!
و انسمرنا بالضحك..
سرت إلى جانبه لم نتكلم لثوان، تركت يدي تغفو طويلاً بين يديه - والتهمت عيناه وجهي، جلسنا على مقعد خشبي في الحديقة، متقاربين.
ومع كل ذلك لم نتحدث، أو أنظر إليه، كانت أنفاسه تصلني...
خاطبني..
- لوسي، هل أنت بخير!
- نعم أنا كدلك!
- لكنك لا تبدين لي بخير، وجهك ضامر، و يدك، و يدك
ضغط على يدي بلطف..
- أحسها خفيفة، و هزيلة أكثر من قبل!
سحبت يدي من بين يديه تلقائيا.

- لا يا قدر، هذا كله بسبب البيبي، لا تقلق، سام يهتم بي جيدا!
أتعلم، حتى أنه لم يتركني طوال أمس و لو لثانية واحدة..
إبتسم لي بإبتسامة باهتة..
- هذا جيد، سمعت أنه يرتب حفلة في حديقة القصر
- أعلم!
- هل ستأتين..!
تلعثمت ثم هززت رأسي بالإيجاب
- طبعا، سآتي!
إرتسمت إبتسامة بريئة في وجهه، إنه حنون جداً، يدغدغ أعماقي بأوتاره اللطيفة، كانت زخات من المطر تتناثر فوق جسدنا، أسرعنا نحو القصر..

إرهاق فضيع يقطع خلايا صدري، تصاعدت أنفاسي
خاطبني بقلق
- لا تركضي هكذا يا لوسي، هل نسيت أنك حامل...
- لم أنتبه..
أمسك يدي و هو يخاطبني
- هيا يا لوسي، سآخدك الى غرفتك، يجب أن ترتاحي!
قلت بخجل
- لا داعي لذلك يا قدر، أستطيع أن أدهب بنفسي..
لحظتها بزغ سام خلفنا، يتكسر في وجهه أمواج الغضب و هو يلمح يدينا المتشابكة كعاشقين..
سحبت يدي تلقائيا و كأني أمسكت على جريمة..

ولكن قدر يعتبر إمساك اليد تصرفا عاديا بما أنه شاب مغترب..

إقترب منا سام في عينيه حمرة شديدة كأنما داهمته حمرة الشفق..

تدلى قلبي هلعا و راح يتأرجح كبندول الساعة..
و لكني تفاجأت قدرته الفائقة على إخفاء إنفعالاته خاصة و هو يبتسم لقدر و يعانقه بصدر رحيب..
خطى نحوى، همس في أذني بنبرة هادئة
- الحساب معك بعدين..
أمسك دراعي و هو يقول هيا لنذهب الى الغرفة..

ملامحه تفيض بالشر، متجهم الوجه، يرمقني بنظرات جامدة صعيقية بينما يجرني نحو جناحنا، كنت أريد ان أصرخ لقدر، أن أطلب منه الحماية، يا إلهي! أشعر بأنه سيقتلني، سيتخلص مني، إنه في أوج إشتعاله..
رِن هاتفه، شعر بالإطمئنان و لكنه كبسها زر عدم الإستقبال..
دفعني نحو الغرفة، كدت أن أقع و لكنه أمسكني و جذبني نحو..
أغلق الباب وراؤه..
وجه إلي نظرات متمهلة، صعيقية، شُلَّت كفي بحركة طفيفة من أصابعه..

تأوّهت بألم آه يدي، يدي..
سألني بإقتضاب
- يدك، كيف وصلت الى يد رجل غريب
- لكنه ليس غريب، إنه قدر! إبن عمك!
تسعرت النار من جسده، صاح بحقد
- أصمتي أيتها الحقيرة!
- أرجوك يا سام!، كان قلقا علي لأنني كنت أشعر بإرهاق الحمل..
أثار هذا في سام شعورا نسبيا بالإرتياح فترك يدي، أطبق السكينة على المكان و لفني صمت موجع، فألقمني بحنان في صدره..
خاطبني برقة
- أرجوك يا لوسي، لا تجعلني أتصرف بقسوة معك هكذا..

بدا يمسد راحته في شعري، دفنت رأسي بين ذراعيه، ترتعش شفتيي الرقيقتين كأوراق الجوري..
- أنا تعبت يا سام، لا أجيد لعب الأدوار و لا أتقن لَبْس الأقنعة، أنا لا أحب قدر، إنَّا أحبك أنت لهذا أحزن بعمق عندما تجرحني، أنا حقا أتألم يا سام! لماذا يصعب عليك أن تفهم ذلك!
واجهته بعينين دامعتين و شهقت، كان شفتاه جمرا و قلبه يخفق جامحا..
دفن رأسه بين عنقي و كتفي..

- لوسي، أنا أحبك كثيرا، لهذا لا أستطيع ان آتخيل معك رجل آخر، سأجن! أرجوك إبتعدي عنه!
- و هل تستطيع آنت أيضا أن تبتعد عن أليان!
طال صمته..
خاطبته بسخرية، مخفية وجعي
- حقا، من يراك و أنت تقول لي هذا الكلام يظنك عاشق متيم...
رفعت حاجبي مستهزئة، تابعت بإستهتار
- يظهر عليك ذلك، و بوضوح!
وضعت يدي على صدره، دفعته بكل قوتي و أنا أصيح
- أتركني، أرجوك إبتعد عني أيها الجبان
خاطبني بنبرة حزينة.

- سأذهب، بشأن الحفلة، أفضل أن لا تكوني غير موجودة فالوجود غائم و قد تصابين بالبرد
رحل و لطم باب من ورائه، إنكمشت مغتاظة نحو فراشي، أنت رجل جبان يا سام، هيا أهرب في كل مرة أواجهك بالحقيقة! أما أنا فلن أهرب، سآتي الليلة في الحفلة فقط تمهل، و سترى!

خرجت بعد المغرب مباشرة إلى باحة القصر، في الحديقة، التقطت تفاصيل دقيقة لحركات الناس والأزهار و بخار الشواء التي يتبعثر رائحتها في الهواء الغائم
و أيضا أليان، وجدتها قرب سام و أصدقائهم تنظر إلي بعينيها الوقحتين، كانت تضم رجليها فوق بعضهم بطريقة تظهر تفاصيل جسدها من عبائتها الضيقة..

اللعنة، انها فاتنة، قلت لنفسي ونيران الغيرة تحرق قلبي. لا، يجب الا تظهر ما يعتمل فيها من غضب، يجب ان تتماسك وتكون باردة، بل جليدية...!

جالت نظراتي بالتحديق إلى جانب الآخر من الحديقة، اقتربت قليلا لاهية الأنفاس وأنا أحدق فكل اتجاه، طالت كرة عيناي نحوهم، كانت سلمى واقفة، لوحت لها بيدي، ودعوتها للنزول، فأسرعت إلي..
لاحظت أن بريق وجهي ظلله الشحوب، وأحاطت هالة كالشحار محيط عيناي..
سلمى، أوف حبيبتي! ما هذا؟! لقد أصبحت شاحبة جداً، تبدين مرهقة
- أنا حامل..
- مبروك حبيبتي..
وعانقتني بحرارة..
- هيا آلى الداخل، سوف أضع لك بعض المكياج..

و بالفعل نجحت بمكياجها، فقط إختفى شحوبتي، و ظهرت عيناي الكبيرتان جملتان جدا..
عدنا الى الحديقة..
نظرت أليان نحونا ولا تنطق وجنتاها بأي تعابير هيام كخرساء تائهة..
ردت سلمى بقسوة: إنها هنا! اللعينة..!
أدار رأسه سام و نظر إلينا و نحن نتقدم نحوهم، و كنت أتمطق في داخل بعبث و شقاوة لا يدري ما أضمر لهم
ابتسمت بخبث واحتضنتة بشوق أقول، مرحبا حبيبى هل اشتقت الى...

رفع سام حاجبه بدهشة قائلا بمكر، دائما حبيبتى، دائما...
فهو لا يريد أن يظهر زوجا جامدا أمام أصدقائه..
كانت نظرات أليان مليئة بالحسد والكراهية...
جالت نظراته نحو أصدقائه و أقربائه
قال سام، احب ان اقدم إليكم، لوسي، انها زوجتي، بالتاكيد لاحظتم ذلك
قلت أهلا بكم جميعا!
قالت سلمى بمكر و هي تريد أن تحرق غيرة أليان
- انت محظوظة جدا لوسي، ان ارتباطك بسام هو حلم كل فتاة تقع عيناها علية، انة ساحر، اليس كذلك...!

قلت بتسلية أنثوي
- آه هذا صحيح، حبيبي الوسيم! طبعت قبلة سريعة على وجنتيه و أنا ألتفت لأليان قائلة بتحدي. أهلا أليان، لم أنتبه لك!

قالت أليان ترد بمكر، انا من تشرفت لوسي، كنت اذكر سام باخر مرة التقينا فيها قبل أن يتزوج، كان فى رحلة عمل لباريس وكنت هناك لتنظيم حفلة سنوية، كان ذلك العام الماضى، اتذكر عزيزى كيف قضينا ليلتنا معا دون ان ننام كانت ليلة طويلة رائعة، زرنا فيها الكثير من معالم باريس، ولكن اخر الليل هو ما كان فية السحروالاثارة، غمزت بعينها لسام، ولكن لم تخبرنى كيف التقيت بلوسي، لم اسمع عنها منك من قبل...

كانت تريد أن تهتز صورتي أمام الجميع و يعرفوا ظروف لقائنا و زواجنا السيء..
ابتسمت بمكر و أنا أحتضن سام بتملك قائلة...

- اخبرك انا عزيزتى، تربط عائلتي و عائلة سام علاقة صداقة حميمية طويلة، جد سام كان يعتبرني مثل إبنه و هكذا تعرفنا أنا و سام فى زيارة عمل له في لبنان، ولكن الزيارة تحولت لعرض زواج رائع فى اخر الليل، لم نستطيع تجاهل تلك المشاعر التى غمرتنا من اول لقاء، وكما تعلمين لم استطيع مقاومة الاغراء، وقبلت عرض الزواج..

قالت أليان بسخرية، غريب حقا ما اسمعة، زيارة عمل؟، وفى لبنان؟، امر غريب، انك لم تكن تحب الذهاب الى لبنان ابدا، كنت قد وظفت مديرا كفؤ لكى يتابع العمل هناك، كنت اسمعك تقول دائما انك لا تحب الاعمال المتعلقة بالسفر، ولم تكن تذهب الى هناك ابدا...!، صدفة غريبة؟
قلت ببرود، ليس صدفة أليان، بل انة القدر...!
قال سام بارتباك، و كان يعاني الحروب إمرأتين
حان وقت الأكل، هيا جميعا الى المائدة...

رددت بدلال و أنا لاأزال ملتصقا بِه، نعم حبيبى، اشعر بحاجة شديدة الى الراحة، أنا مرهقة، الحمل مرهق عزيزي
مثلت بتعب و الدوق، أمسك سام ذراعي بقلق..
- إصمدي قليلا..
- سام، سأقع، أشعر بالدوار..
إنحنى و حملني بذراعيه...
والتفتت أليان بنظرة ذات مغزى وصلت اليها رسالة خاصة عن مدى علاقتي الحميمة بسام...
قالت أليان بنبرة حزن عميقة
- عذرا لكما، سأذهب آيضا، اراك قريبا، هيا بنا عزيزى...

قال سام محييا، إنتظري أليان، سأرجع!
قالت أليان بغضب وهى تلملم أشيائها، لا اظن ذلك، أنا متأخرة!
قال سام بتساؤل وهو لايزال يحملني، أرجوك أليان، إصبري قليلا، لوسي متعبة و سآخذها في غرفتها؟

التفتت إليه بحدة صارخة. سام، مابك؟! هيا خدني الى غرفتي، رائحة الشواء تخنقني
قال و هو يتمالك قليلا حسنا
إبتعدنا عن الحفلة و الصخب داخل القصر، يمشي بنفاد صبر، يريد أن يصل قبل أن ترحل حبيبته..
قلت له بسخرية
- اظن اننى كلما التفت أرى نظرة غيرتها تلاحقنى وتريد ان تلوى عنقى لتتخلص منى..!
- أنت تحلمين يا لوسي، أليان لا تغار منك، لقد خجلت من الموقف! و كنت تتصرفون الليلة كطفلة غبية!
قلت مقهقهة.

- كانت ثائرة. بل اننى اراهن انها تعض على اناملها من الغيظ الان، لقد اخذت بثاري منها، لماذا تغضب يا سام؟
- أصمتي يا لوسي
- لا احب أن تغصب مني، وخاصة من أجل امراة وضيعة من ماضيك الاسود!، احذرك سام، لن اسمح باهانتى مرة اخرى، يجب من الان ان تنسى اى امراة كانت لك بها صلة من قبل، من الان، انا فقط فى حياتك ولا احد غيرى، ارجو ان تفهم ذلك جيدا!
ضحك بسخرية.

- لم أتوقع هذا منك، كنت أعرف أنك أنانية جداً، و لكن متى صرت تمتلكني! هل أصابك وهم إمتلاكي، كنت أمثل أمام أصدقائي
و الآن إنزلي مني، إدهبي الى غرفتك، تبدين بخير.

شعرت بدوار سريع، ترنح العالم حولي، نظرته يختفي خارج القصر، ناديته، لم يسمعني..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة