قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الحادي والعشرون

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الحادي والعشرون

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الحادي والعشرون

تردد خلفه صوت معتدل
- إذن ماذا تنظر، إذهب إليها! هيا، يا سام! ماذا تنتظر؟!
تتناهى الأصوات نعم، إن كنت تحبها لماذا لا تذهب إلها
هيا كن رجلا! و أستعد زوجتك و إبنك!
لا تفلتها من بين يدك
إستطرد سام يصيح..
و لكنها، لا اظن بأنني قادر على مواجهتها بعد كل هذه المدة؟!

العجوز على يمينه يمسد جبينه، يتمتم
- أنت تضخم الأمور، وأنت لست أول ولا آخر رجل يعاني من المشاكل الزوجية، بسط الأمور وخذ كما هي ولا تكن هكذا صعب!
لاح على شفتيه بسمة ضاحكة، و قرر أن يضع غضبه و تعقيده جانبا..
شعت عينيه ببريق الأمل و السعادة..
تمتم بحماس
- سآخد زوجتي و إبني معي!

- و جدك!
صاح سام بعصبية
- ليذهب جدي إلى الجحيم، لا يهمني، أنا لا أطيقه، أتسمع أنا لا أطيقه، لو أنه مات لكان أحسن لي، كم اشتهي الموت له!
كبت ما تبقى من إنفعاله، حتى لا يذنب أكثر في حق جده، شد قبضته بقوة، تنفس بعمق مالئا رئتيه بالكثير من الأكسجين..
خرج ليلا من دار المسنين تملؤه لهفة تصل الى حد الحسرة ليلتقي مع زوجته لوسي..
تفصد العرق البارد من رأسه حتى قدميه
ها هو أخيرا يقف أمام القصر..

يجول بصره نحو شرفة لوسي بشوق، أشعلت ضوء خفيف في الغرفة
تمتم بحماس
إذن ليست نائمة..
خرجت الى شرفتها، تتطلع الى السماء..
بشرتها النحاسية اللامعة تحت ضوء القمر، شعرها الأسود الطويل المتحرر للريح، ترتدي ثوب وردي خفيف لا يحميها من البرد.

تمنى لو كان يعانقها لولا تلك الأشجار المسنة التي تمنعه التلاقي بها - كسجان مكلف..
إقترب بسرعة و جنون
لمحت لوسي سوادا مقبلا عليها، ضعضع الرعب أركان جسدها..
يكاد قلبها يطير منها، يكاد ينفخ
حاولت أن تعود الى غرفتها، و لكن الظلام الدامس حال دون رجوعها..
حاولت تحسس الباب لكنها إرتطمت بالجدار، فوقعت على أرضية الشرفة..

جسدها كان ثقيلا، حاولت أن تذهب الى غرفتها حبو يديها، لكن الرياح القوية أغلقت الباب..
السواد مقبل عليها، يقترب من الشرفة ببضع خطوات، و تزداد معها دقات قلبها..
صاحت مروعة
- من هناك؟! من أنت؟!
ظهر سام أمامها، و أنحنى حاملا إياها بسرعة دون أن يعطيها فرصة للتفكير..
تمتم بحنان يشوبه قلق
- هل أنت بخير؟! هل أديت نفسك؟!

أما لوسي فقد كانت في قمة الإنهيار بما صار لها من ضعف و شعورها بالبرد و الخوف من الظلام..
فشرعت تبكي في حضنه ذون هوادة..

بكت و بكت و بكت، بصوت متهدج! كانت دموعها تغرق وجهها!.!
لا، لا أرجوك
إهدئي، عن ماذا تهذي يا لوسي
نعم قد أكون كذلك، ألا تعلم أن هذا زمن الهذيان أيضا! ثم ماذا تتوقع من فتاة حامل سقطت في ظلام دامس أن تقول لك!
تمتم سام بحزن
أنا آسف
كفكفت لوسي دموعها
لا عليك!

وضعها برفق، لم تكن قادرة على الوقوف، أو طلب المساعدة منه، إنتفضت نحو كرسي خشبي مثل السلة..
إعتدلا في جلستهما..
تحسست ركبتها، تأوّهت بألم..
أحس بالذنب، حاول المساعدة، لكنها دفعت يده تلقائيا!
خاطبته بتهكم..
- لست بحاجة لك! أنت لم تكن هنا طوال شهر! مالذي رجعك؟!
- أريد أن نعود كما كنّا!
- ليس سهلا! أنت جرحتني مرة أخرى يا سام؟!
- و لكني أتيت لنتصالح؟!

- عن ماذا؟! أنا لم أخطئ في حقك؟! أنا لم أجرحك؟! أنت من جرجني!
تمتم سام مع نفسه بإنفعال
لم تخطيء، إنها حتى لا تقبل بذلك، و لن تعلن توبتها أبدا!

أردف برقة طغى على إنفعاله
- أرجوك يا لوسي! لننسى الماضي و نفتح الصفحات من جديد؟!
قالت بمضمض
- تأخرت، لو أنك أتيت أبكر من هذا اليوم! ربما سامحتك و غدوت في حضنك يا سام! و لكنك غبت طويلا و لم تسأل عني حتى! لقد كشف لي عن زيف حبك لي! أنت لا تحبّني. ، لماذا لا تعترف ذلك؟!
- أنا أحبك يا لوسي! ألا يكفي أنني أتوسل للرجوع إليك الآن!
خاطبته بتهكم جارح.

- لا، لن أصدقك! لا تتعب نفسك، إذهب إلي أليان و تزوجها؟! فانا لن أعود إليك أبدا!
- أنت لا تعني بكلامك! أتفهم أنك غاضبة مني، هيا الى الداخل، سوف تأخدك البرد..

لم تكن قادرة على الوقوف، لمح الدعر الأخرس في عينيها، نهض الى جوارها و أنحنى حاملا إياها و كانت ليلة تطلق ظلامها بقسوة
فعادا الى الداخل، نحو فراشها..
كان يريد أن ينتهز الفرصة لمصالحتها بأساليبه و لماساته السحرية التي دوما ما تنجح في تروض نِمْرته الصغيرة.

و لكن فاجأته سلمى، فأرتعد مثل ورقة خريفية، و ضع لوسي على فراشها..
- ماذا تفعلين هنا؟!
خاطبته بخبث طغى على خجلها
- أتمنى أنني لم أقاطع لحطة حميمية؟!
أردفت بسخرية
- عفوا، سأخرج و أجد غرفة أخرى!
خرجت و عينيها تجولان بخبث نحوهم و هي تردد باي، باي بطريقة مقيتة..

نظر كل منهما الآخر في صمت و توتر، توتر جسدين يلتقيان لأول مرة!
لاحظ إضطرابها المفاجئ..
نزلت نظراته نحو ضربات قلبها التي تعلو مع صدرها و تنزل.
ثم مدد ذراعه نحوها، يداعب خصلة شعرها التي إنحدرت على خدها الممتلئ...
تمتم سام
كيف لا أحبك؟! كيف لا أحب صفحات وجهك الدافء الطفولي!
تقلص عضلات وجهها، زم شفتيها، جف لعابها، حتى بُح صوتها! و غاب لونها
يكفي
أردف يتمتم بحنان.

أتدرين حبي؟! إنك أنسيتني في هذه اللحظة أنني سام ذلك الذي كنت تعرفينه؟!
دفعت يده تلقتئيا..
إقترب منها بتصميم، تابع بألم
أنا أحبك! أرجوك يا لوسي، انا كالطفل، ضائع، لم أعد أعرف غير صدرك ملجأ و مقرا!
عناقها بتصميم..
أرجوك يا لوسي، أنا متعب، أنا متعب حقا!
جذبها نحوه حتى إستوت في صدره و أختفى بطنها، مطوقا قبضته في خصرها
شفتاه تنزلقان نحو خدها..
حاول تقبيلها و لكنها أشاحت وجهها البارد كالموت..
إبتعد عنها..

تلألأ بريق دمعة في عينيه الزرقاوين...
نظر إليها بحسرة مؤلمة..

شعرت بلفحة باردة في داخلها، ( أضحوكة )
ببطء إستوى جذعها..
عيونها الداكنة تتراقص بتسلية خبيثه في وجهه الحزين
تمتمت بسخرية هادئة
- أنا لا افهم كيف أنسقت تمثيلك في هذا الدور، عاشق حزين!
إمتلئ وجهها بالضحك.

لمعت في عينيه غضب متماسك
كيف يمكنك ذلك؟! كيف إستطعت أن تكوني هكذا!؟
ردت بعدم الإكتراث
لعلني تعلمتها منك!
أردف
- أرجوك يكفي، تعالي معي!
أمسك ذراعها..
دفعته بغضب
- أنصحك أن تتركني و إلا ناديت جدي عليك!
- لماذا تفعلين بي هذا يا لوسي! مالذي فعلت بك حتى أستحق كل هذا البغض و الكراهية! حاولت أن أستميل قلبك بكل ما أستطيع و لكنك غدرتني و طعنتني من صميم
و ها أنا اليوم قد رجعت أحاول مرة أخرى معك..
تمتم بحزن.

أظن أننا أوشكنا نصل الى مفترق الطرق..
ردت لوسي ببرودة
فليكن..
- أود أن أفهم ماذا يحل بِنَا لوسي لماذا ينبثق المشاكل ما بيننا هكذا! على هذا الشكل!
- لست أدري!
تابعت تفجؤه نبرة الصدق في جوابها، فأصغى إليها تكمل قولها
- أنا لم أعد أحبك يا سام! من الأفضل أن تنساني، و تعيش حياتك! بعد الطلاق سأعيش حياتي أيضا و أتزوج من جديد!
- لا، أنت تكذبين يا لوسي! أنا أعرفك؟! أنت تقولين هكذا لتغيضني! أنا أعرفك، أعرفك.

إقترب منها، يضمها الى صدره، ينظر الى وجهها مليا، و يده على كتفها..
- لوسي صغيرتي، أنا أعرفك! لا يمكن أن تتغير بهذه السرعة! لا يمكن أن تتبدل الى هذا الحد.

ضحكت لوسي لكلامه و قالت
- أنت مازلت الشاعر الذلق اللسان الدي عرفته! لا تتعب نفسك! طبعا أنا تبدلت! هل تعتقد بأنني سأبقى في مكان الدي تركتني فيها قبل شهر! و لا أخطط لمستقبلي و حياتي، يجب أن تقتنع بأنك لست مندرجا تحت قائمة إهتماماتي و خططي، من الأفضل أن تجد حبيبتك و تعيدها!

- لا اصدقك؟!
- لا يهمني، صدق او لا تصدق؟!
إبتسم سام في مرارة مفاجئة، و نظر الى عيني لوسي، ثم نهض واقفا، إتجاه نحو المخرج الشرفة، دقائق..
خاطبها بنبرة أقلقها
- حسنا يا لوسي، سأتزوج أليان! و ستحضرين الى حفلتي إن كنت تقولين الحقيقة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة