قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثاني والعشرون

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثاني والعشرون

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثاني والعشرون

لأول مرة أرى في عينيه ألق الدموع، ندمت، حاولت صياغة الكلمات من جديد، لكن كان الوقت قد فات، و رحل و هو يهددني بالزواج معي! حقير! إكشرت انيابي! لقد طغى انفعالي على ندمي بسرعة، تمايلت مثل شربة خرج ثم ضحكت، حسب إعتقادي الراسخ، انه يكذب؟! نعم لابد انه يكذب!
تأملت زجاج الأمامي التي تغطيها الغبش، السماء تمطر..
هززت رأسي و أخدت أضحك مرة أخرى..

أذكر أن رأسي كانت على الوسادة، عيناي مفتوحتان تحدقان الخطوط المرسومة على الشباك، أتسلى مع أفكاري السوداء...
غبي هو، يظن بأنني مولع به و لا أستطيع العيش بذونه، أول مرة في حياتي لا أهتم له، و لا أكترث ما يريد فعله! يقول لي سأدعوك الى زفافي، مسكين هو، لا يدري بأنني تجاوزت عن حبي له، لا يستطيع ان يثير ذرة من غيرتي حتى لو تزوج عشرا..

شعرت بأنني أشيخ، الهرم دخل قاموس حياتي قبل الأوان، أنا التي كنت ممتلئة بالسذاجة أبكي لأتفه الأسباب، اليوم أبتسم، أرفع شعارا لا أحيد عنه! إبتسم و أضحك رغم كل شيء، شعار جميل كما ترى، لكن المدعوة سلمى لاحظت أنني أبتسم ببلاهة و هبل و برودة..
عادت إلى غرفتها لتحضر منشفتها وهي تتجهز للإستحمام في حين كنت أضحك و أتحدث ما نفسي و أتفاعل مع أفكاري وقد فاجأها إبتسامات البلهاء
فقالت لي بشيء من الفتور.

-ماذا هناك.؟، ماذا حدث.؟، هل تصالحت مع سام.؟

-لا، أجابتها بملل: ولكن أريد أن أدهب الى السوق لشراء ألبسه هذا المساء، سأطلب مساعدتك، سام سيتزوج قريبا لأليان و سنحضر حفلة زفافهم! إنه يظن بأنه سيزعجني على هذا التصرف الطفولي!..

- ماذا؟! أتراه جاد فيما يقول!؟ يتزوج أليان لكي يغيظك فقط! لا، إنه يكذب! لا بد أنه يحاول إستمالتك!

ضحكت بتسلية و قلت
- أعرف؟!
- و ماذا قلت له؟!
- لم اقل له شيئا! و لكن تظاهرت بعدم المبالات
- هذا ليس جيدا! ماذا لو تزوج!
- ماذا إذن! هل ستقوم القيامة علي و أموت! بالطبع لا؟!
- أنت غريبة حقا يا لوسي!

تناولت سلمى منشفتها تقصد الحمام للاغتسال في حين توجهت أنا نحو طابق الآسفل أبحث قدر فوجدته في المطبخ يتناول فطوره:
-صباح الخير...
خاطبته بينما أجلس إلى جانبه على المائدة.
-صباح الخير، كيف الحال، لقد تغيبت عن المدرسة اليوم أيضا...!
قلت له:
- سأذهب إلى السوق مع أختك سلمى لشراء ما أحتاجه! لذا لن أكون في المدرسة..!
وهو ينهض:.

-هاك بطاقتك المصرفية، لقد أخبرني جدي أن آعطيك! و ايضا اخبرني أن آخدك الى الشركة لتصحيح بعض المعاملات القانونية التي تخصك و لكن بما انك داهية الى السوق مع اختي يمكنك ان تمر به في الشركة بعد إنتهاء من تسوقك، ان احتجتم لأي مبلغ إضافي فلا تترددي، سوف أحول لك ما تريدين في البطاقة؟!

قلت وانا افتح فاهي مندهشة:
- شكرا قدر، شكرا؟!..

وفيما جلست أنا إلى المائدة لتناول الفطور، كانت سعاد تتسلل من خلف قدر كالقطة نحو المطبخ و بهمسة نادتني
- أختي لوسي
- أهلا! كيف حالك؟!
ردت بإقتضاب
- بخير!
- ماذا حدث؟! لماذا تبدين متوترة يا سعاد؟!
إنتفضت على أول كرسي قابلها، وقد أخذت بأطراف قميص نومها فجعلته بين ساقيها وكأنها تتجهز لتفضي بأمر جلل:.

- أتعرفين؟!، لقد رأيت في حلمي وكأن قدر مسحورة بطيف فتاة لا ملامح لها ولكن شعرت بحبه الشديد لها في رقة انسيابه نحوها وقد اخذ يطوف حولها كملاك لا بداية له ولانهاية...
ثم تابعت كالحالمة:.

- إن قلبي متعب، و الدي كان متعبا من قبل! أشعر احيانا بانه لا يحبني، يقبلني بقبلة صارت مع مرور الزمن باردة لا تمثل أي معنى، أمد رأسي، ويمد رأسه؟، تلامس شفتاه وجنتيي، أو جبهتي، أو ماتيسر من خدي، يطبع قبلة كيفما اتفق، ويمضي، أحياناً لا يتصل بي إبدأ، ابحث عنه و أتبعه، يودعني بتلويحة من يده، و يضحك بآلية، اذكر كيف يوما ما نظر في عيني و هز رأسه المعلق على رقبة متصلة بنابض كهربائي، ومضى، يومها قررت أن لا أطارده و أتردد على زيارته، وفعلت، لماذا أنا خطيبة لرجل كهذا، وماالفائدة؟ حضرته لا يحبني، وحضرتي مللت منه، فقط كنت أشعر أن علي أن أبقي مرتبطة به، أغمض عيني و كأنني لا أرى ما يحيط بي و ما يحدث؟! المهم بالنسبة لي أن لا أستشعر عيون الآخرين بأنني أفوت قطار الزواج، والأهم أن رؤوسهم تهتز مأخوذة مدهوشة بانني خطيبة رجل غني!

فوات أوان الزواج كلمة تؤدي مشاعر المرأة...

أطالت سعاد حديثها بشد الأعصاب حتى آخرها، فقد ضاق الصدر، وتلاحقت الأنفاس، وتساقط الريش ريشة ريشة، ووصل الأمر حتى صارت فيه الكلمات تختنق وتسقط صريعة في أكثر الأحيان. وللحقيقة، وهي حقيقة لم ينتبه لها سعاد، ، فإن أكثر الكلمات لم تعد مفهومة، كنت أهز رأسي غير واعية ما تقول!

و بحسرة تابعت
- كم أخشى أن لا أجده بقربي يوما، لقد كان كابوسا!
قلت مستغربة
- وتحبينه؟

-اجل، أحبه وهل هناك من فتاة لا تحب خطيبها، وأسعى دائما لإرضائه!، ولكن هو لا يهتم بتاتا لكل ما أقوم به لأجله، هو أصلا لا يشعر بوجودي بتاتا، وألا لقالها تلك الكلمة السحرية الحلوة التي تتمناها كل خطيبة ان تسمع من حبيبها!، كا أحبك حبيبتي! يسلموا ها الديات، طعامك لذيذ، أنت أجمل فتاة، الله يرضى عليك، الخ الخ الخ بدلا من التذمر باستمرار ولا يعجبه العجب!
-ربما يستحي أن يقول هذه الكلمة السحرية.

قالت بشيء من السخرية:
-هو حتى لم يكن ليقولها لوالدته حتى ليقولها لي
-لماذا يا ترى؟، لم يتعود على الكلام الجميل ككل الناس؟، لماذا لا يلاطفني ويلاعبني ككل الثنائيين؟، هو معقد يا ترى؟!، أم انه بلا مشاعر؟!

خاطبتها بجدية
- حبيبتي لا تتهربي من الحقيقة و ترفض المواجهة؟!
- أي مواجهة؟!
- المواجهة مع نفسك، انت تخافين من مواجهة الحقيقة، هل سالت نفسك ان كان يحبك حقا؟
خاطبتني بتهكم
- انت مخطئة، بالتأكيد إنه يحبني! لماذا أكلمك بهذه الأمور، أصلا أنتي زوجة جاهلة لا تفهمين شيئا..
- جاهلة؟! ماذا تقولين؟!

- لا يوجد أي علاقة فاشلة من فراغ او بدون أسباب، أعرف بأنه كان زواجا مدبرا وبالإكراه لإرضاء جده لا أكثر، و لكن ألم تستطيعي ان تجذبي قلب زوجك، بأنوثتك و و غنجك و دلالك، إلا إذا كنت فتاة جاهلة جهلا مطبقا من ناحية الجنس، يقولون دائما الناس الذين يختلفون في العادات والأخلاق لا يستطيعون أن يعيشوا مع بعضهم البعض، حسب ظني أن الرعاع لايمكن أن يخرجوا عن منطق الرعاع ولو حشوت رؤوسهم بكل الكتب التي في العالم..

قاطعتها وقد عاد إلي بعض الهدوء مخفية انفعالي
-لقد تعبت من هذا الحديث، يكفي، يكفي...
و انا افتح باب المطبخ:
-هيا اخرجي ودعيني انتهي فطوري، فلقد تأخر الوقت.

سعاد بشيء من السرور وكمن افرغ كل ما في قلبه وتخلص مما في نفسه من هموم وهي تخرج:
-كما تشائين، كما تشائين، انا أسفة على آية حال! الحقيقة مؤلمة دائما؟! إعذرني!
فتاة مجنونة! لم آخد كلامها محمل الجد إلا أن كلماتها الأخيرة، ( رعاع ) حشرت في رأسي، المشكلة أنني لا أستطيع نكران بأنني جاهلة حقا من ناحية الجنس، و لكن ماذا تقصد بالرعاع، كلماتها متقاطعة لا تعبر عن شيء...

تعكزت همتي قليلا على رغبتي في استرجاع تفاصيل كلامها الجارح!
استند ت جسدي المرن على طرف ذراعي فوق المائدة لبعض الوقت ودون أية مبادرة مني للتفكير بعمق، قمت بحركة آلية، إندفعت نحو جناحي قاطعة أية محاولة للتفكير. دفعت الباب بلطف، تتناهى في سمعي دفعة واحدة.

سلمى وهي تنهر سعاد:
-أنت كثيرة الثرثرة وتدخلين نفسك في أمور لا تعنيك، وتهزئين من الجميع، هذا عيب، توقفي عن سخريتك بالآخرين.
-ولكن أنا جديّة، لم أكن يوميا جديّة مثل هذا اليوم وإذا أردت رأيي فانا لا اعرف لماذا أشك بأنه يحبها، لوسي!، رغم إنني لم أشاهد أي تصرف غريب نحوهم، ولكن لكثرة ما رأيت و هو يتكلم مع لوسي، أشعر من داخلي بأنها الفتاة الوحيدة التي تناسبه و تسعده!
-لا تنسي بأنها زوجة لابن عمه!

-أنت تعرفين بان سام لا يسعدها إطلاقا، أما قدر فيعرف كيف يسعدها و يهتم بها! ربما تحبه أيضا!
-أنت لا تدركين ما معنى أن تكون متزوجة و حامل.
-ولم لا، فهي لاتزال شابة و صغيرة، عندما يطلقها سام سيكون قدر أول من ترتبط به لانه هو أكثر من غيره متفهما لظروفها!
-أنت فعلا خيالية وتنسي على ما يبدو بأنك خطيبته، و اختارك انتي!
سمعت ضحكتها الرفيعة التي سرعان ما تلاشى مع ثرثرتهم
- إختارني، و لكن بعد إلحاح من والدتك!

ولكي تضع سلمى حدا لهذا الكلام، قالت بصوت خافت: يكفي! سوف تأتي لوسي الآن!.
- تعالي خلفي إلى الغرفة لنتحدث
لحقت سعاد سلمى إلى غرفتها كهرة صغيرة تتبع والدتها، وما أن دخلتا الغرفة وأغلقا الباب كالعادة حتى بادرت الى غرفة نومي..

والآن ماذا يا لوسي؟، ‏
نظرت حولي بعينين ضعيفتين تائهتين، كانت كلماتها تضرب ضربات متوالية لا ترحم، قلت محدثاً نفسي: ماذا فعلت حتى تقوم القيامة، غيبة، إهانات، ما فعلت، ما قمت به، يتعلق بي شخصاً، الأمر لا يمس أحداً سواي..!‏
يلعن الساعة التي ولدت فيها هذا المنحوسة، ما كان ينقصني غير سعاد تتهمني على سرقة قدر، من أين جاءنا سعاد الزفت هذه
غريب أن تفكر هكذا!

الحاشية
توقفت سعاد عن الكلام بسبب الدموع المتمردة التي انفجرت كنبع من محاجرها، كانت فرصة للتخلص مما علق حولها من خوف وتردد، تشجعت بعد أن اقتربت منها سلمى وساعدتها على مسحها، ثم مسحت دموعها..
- لم اكن أريد أن أقول لكي ما إستدعاني الى شك لأنني وعدت منه!؟
- تستطيعين إخباري فآنا مثل أختك يا سعاد.

- الحقيقة هي أنه كان ينام معها في الجناح لمدة شهر كامل، أخبرني لأنه يثق بي و أعرف أنهما لم يحدثا بينهما شيئا، و لكن هل تصدق بأنها طلبت منه أن ينام معها في جناحها؟!
- لا أظن بأنها قصدت تصرفا سيئا، لقد كانت تمر بظروف إنفصال صعب مع سام..
- انت مسكينة يا سلمى! لوسي ليست كما تظنين! انها تحاول إيقاع قدر في شراكها! في الأخير إنه رجل!
- يكفي يا سعاد!

- انت لا تصدقين؟! و لكن لنرى ماذا سيقول سام عن هذا؟! عندها سوف تفهم شعوري.

بسرعة أمسكت هاتفها..
صاحت سلمى
- ماذا تفعلين؟!
- سأفعل ما كان يجب أن أفعل منذ البداية؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة