قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثامن عشر

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثامن عشر

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثامن عشر

كانت أليان تحتضنها حالة الحزن، فقد بقيت وحيدة حائرة أمام سيل من الأسئلة فجرها حدث واحد، حادثة أسبوع الماضي!
سؤال واقف في حنجرة الصمت كطفل خائف..
أين هو بحق الجحيم؟!
رمت هاتفها مثل القصف العشوائي على الجدار فتتأثر أجزائها في كل مكان...
حدث همس من جهة جليسها
: هل ستبقى يا عزيزتي كساعي بريد يحمل الرسائل، لا يهمه أن يعرف ما فيها، لنذهب الى القصر و نعرف ما يجري؟!
إستدارت ناحية إمرأة مكتنزة في الثلاثين..

تنهدت أليان مبعدة احتملات الشك، وانبرت كقطة تخربش على صفحة نفورها من الحرج، وتساءلت بتردد فيه أنفاس ذكرى
: هذا صحيح خالتي، هل يعقل بأنه تخلى عني؟!، كلا، سام يحبني كثيرا، لكن ما معني أنه لا يرد مكالماتي و حتى رسائلي طوال أسبوع كامل؟، هه، من الأفضل أن اذهب الى هناك لأكتشف الحقيقة، ولن أنذر أي نذر للخلاص من عقباه، خير اللهم اجعله خير..

توقفت على حدود شرود، تجول عينيها في الزوايا...
افتعلت خالتها المكتنزة موقفا غير مهذب معها..
أعرف ما تفكرين يا أليان، أرجوك لا تسبب مشاكل لنفسك أكثر من هذا
ردت أليان بفعل إهمالها العفوي..
سآخد إحتياظاتي، لا أعرف ما سأفاجأ.

منحها ذلك قوة وتدبر كيفي من أجل إدارة اللحظات التالية، على الفور تراءت لها صورة سام وشبهتها بالضوء الذي انتظر عند الشرفة، تمنت أن تبقى تحت وقع هذا الحوار الذي فرّ من داخل ردهة مخفية في أعماقها كوطواط..
هونت الأمر وطوت تنهب فصاحة عمتها: لقد حكت لي عمتي حكاية عن شيخ يقيم بفرنسا بجوارها يقرأ طالعها عند العرافات هناك، و، ‮..

تعكزت همتها قليلا على رغبتها في استرجاع تفاصيل كلام عمتها الراحلة، تسلل إلى بهو تخمينها الحسابي غير الدقيق، كادت تستسلم لهذه الرغبة الشيطانية التي تركتها بعد إسلامها لولا وقع نداء خفي لكزها من مشاعرها المحاذية لطرف هدوئها الخام..
أنت محقة يا خالتي، لن اتبع ذلك المحرم شرعا.

استند جسدها المرن على طرف ذراعها لبعض الوقت ودون أية مبادرة منها للتفكير بعمق..
خاطبتها خالتها ذات الوجه الوقور
- هيا حبيبتي، لنعرف ما يجرى..

اندفعت خالتها نحو زاوية الغرفة، أزاحت الستارة كأنها تستدعي السعادة بالدخول إلى غرفة أليان، فتحت النافذة بشكل جزئي، اندلق العالم الخارجي دفعة واحدة إلى الغرفة، ليضيء الفوضى، مناشير غسيل، بجامة رطبة معلقة على مسمار طويل، جهاز راديو عتيق، قطعة قماش شلحتها ريح، علب العصير الفارغة..
قدمت أليان اعتذارا عن فوضى أشيائها بطريقة لا تخلو من الخجل الوردي
آسفة خالتي، أعرف أنك لا تُحبين الفوضى..

- لا بأس حبيبتي، أتفهم فأنت شابة، و كنت مثلك قبل أن اتزوج!

دلفت أليان نحو الحمام، أزاحت عن عينها أشلاء النعاس بالماء البارد، واغتسلت من بقايا تعب واخز، حسبت أنها تأخرت، سيذهب سام الى العمل بعد الثامنة صباحا، خرجت بعجل، و رتبت سريرها نصف ترتيب، نظرت إلى ساعة الحائط غير المضبوطة..
لبست عبائتها، و ضعت بعض مساحيق التجميل على وجهها الضامر..
أحكمت الوشاح في رأسها، ثم تلقفت حقيبتها بينما يشقان طريقهما الى الخارج..

تركت الستارة نصف مفتوحة، وسلمت النافذة لعبثية الهواء المنتمي إلى شتاء بدأ يشيخ..
أدارت المفتاح في غرفتها التي تفوح منها رائحة جسد يتخمر، اشتعلت نظراتها بشيء يشبه حلما طارئا، خرج معها ونزل الدرج أمامها كطفل ليترك الظل في الغرفة،
و هي تردد:
- لن أعيش في هذه الشقة المعفنة، سأعيش يوما في ذلك القصر و أكون سيدة، سيدة مكرمة للجميع..
إرتسمت بسمة ماكرة في ثغرتها الحلو، تخطو بإعجال نحو الخارج.

احتملت خطواتها المستعجلة وفاء للانتظارها الذي تعودت عليه..
ثم أخدا سيارة جيب قديم..

الحاشية: ؛.

كان صباحا نديا أخرى، وبدا كل واحد بالنسبة للآخر كملاذ آمن تسعى إليه، أشاعت في الغرفة حبورا تجسّد ضياء أنار وجهينا كأننا على موعد مع احتفالية منتظرة لرمي الحزن و الذكريات المؤلمة في سلة مهملات عتيقة...
سامحته، لم أسامحه، هذا ما سأكتشف مع الوقت..
من الصعب أن أتجاهل ما تسبب لي في غضون أيام عديدة..
و لكني كنت أتصرف على غرار أنني سامحته بما أنه ينوي إعادة الماء في مجاريها..

فهذه الأسبوع وجدت نفسي أشبه بمغامرة مع سام، إستمتعنا بالبحر أكثر من مرة، وتجولنا في المدينة، اعتبرت مشاويرنا هذه مجرد تسلية، بينما خطط سام منذ فترة ليستميل قلبي، لم يجد سوى لوح من الثلج، لا أتجاوب معه!

انتبهت به الفوضى والشغب الطفولي غير المقصود، و هو يصر على إطعامي بيده
- هيا يا لوسي، هيا، ألقمها من يدي
- توقف سام، أنت تتصرف مثل الطفل!
للحظة شعرت بحاجتي لبعض الراحة، استسلمت لآلة الصمت التي تمكنت من ترويضها وفق إيقاعي الخاص، ابتعدت عنه نحو فراشي..
مددت جسدي على مهل، أحس أنني أزددت ثقلا ووزنا مع الحمل..
لمع من عينيه قلق مشوب، و هو يتقرب مني
- هل أنت بخير حبيبتي؟!
- لا تقلق، أنا متعبة فقط...

أخد اللحاف الثقيل و غضى جسدي المرتعش تحت لسعة البرد..
إلتقط رموت المكيف و شغلها، ثم تسلل بجانبي كقطة أجرد، يلف ذراعيه فوق بطني بلطف..
همس بصوت مثقل بالنوم
- أميرتي أعطني يدك!
مددت له أطراف أصابعي المنتفقة بشيء من الأهمال..
وجدت حجرا ألماسيا يلمع بين أصابعي
قلت بذهول
- ما هذا يا سام
دققت النظر فيه، كان جميلا جداً، أحسست بأنني أسبح في داخلها، فعلا، خاتم سحري
رد بنبرة هادئة
-، إنها هديتي لك! يا أميرتي!

قبلت من وجنتيه بشيء من اليأس هل يعتقد حقا بأن خاتم واحد سيحل ما إقترف نحوي، غبي!
شكرته بإقتضاب و عدت الى نومي، فعلا تحولت الى واحدة باردة و جشعة..
بعد ساعة، و ربع!
أنجبت ساعة الحائط أجنة مشوهة راحت تصرخ ضمن إطارها الدائري كحشرات مزعجة في وكرها،
ففاق سام، وبحركة غير إرادية أعدم هذه الفوضى بإزاحة البطارية من مكانها، وعاد لينام
خاطبته بصوتي المثقل بالنعاس
- ألن تذهب الى العمل!
إنتفض بجنون.

- يا إلهي، كدت أنسى بأنني لدي إجتماع مهم، و اللعنة!
خرج يجفل مثل الحصان، في أرجاء الجناح، مرة يدخل الحمام، و مرة نحو الخزانة و مرة الى المكتب، تتبعثر أوراقه فيجمعها بنفاد صبر
أما أنا فطفقت أنظر إليه من وراء وسادتي من حين إلى حين..
بعد برهة، ودعني بقلبة حانية من فمي، إختفى من أمامي و قد حجب عيناي غبش النعاس فعدت آلى نومي و إسترخائي.

استيقظت على صوت طرقات قوية على الباب، و الصياح يتناوش في كل الجهات..
- سام، سام، أعرف أنك في الداخل مع وضيعتك تلك! أخرج!
ومن خلف الباب كانت أليان تقف صائحة، يتناهى في أذني توسلات الخادمة
- أرجوك سيدي إهدئي، سيد سام ليس موجودا!
- لوسي موجودة في الداخل..
-نعم، نعم، أجابت الخادمة وقلبها يخفق بسرعة.

بدلت ثيابي على عجل وخرجت أقصد نحو الضجيج. و أنا أقول:
- من يفتعل كل هذا الضجيج؟ من؟!
أجابتني نبرة وقحة:
- أفتحي الباب، فأنا لا أريدك أنت
- حقيرة بلا شرف، كيف تجرؤ علي..
فتحت الباب بكل قوتي..
تفتح الوقاحة في غبطة وجهها و هي تدير سبابتها و تدفع الخادمة و كأنها عبدة
إعتدرت لي الخادمة بشيء من الإرتجاف
- أنا آسفة يا سيدتي، حاولت أن أمنعها من الإقتحام و لكن.

أشرت لها بالإنسحاب فأنا أعرف كيف اتعامل مع هذه السافلة..
و قبل أن أفتح فمي، إندفعت نحو الداخل..
- ما تريدين، سام ليس هنا
إبتسمت بمكر بينما تجول عينيها في الزوايا
- أنا لا أبحث سام...
ثم بدأت تقلب الدنيا رأسا على عقب، و كأنها تبحث عن شيء ما
صحت بنرفزة و إنفعال
- أخرجي من غرفتي..
- ليس قبل أن أجد العقدة السحرية و آفكها
- ما تقولين يا مجنونة
جمعت وسائد السرير و رمتهم على الأرض..

- أنت قمتي بسحره يا لوسي، لقد سحرتيه
- أنا لم أفعل!
- بل فعلتيه! لماذا يتصرف هكذا إن لم تشعوديه أيتها الغدارة
إندفعت مثل القصف العشوائي نحو خزانتي، لم أجد نفسي إلا و هي تبعثر أشيائي، و تتقاذف في كل مكان، تركتها تفعل ما تريد! حقا هي مقهورة!
إنتفضت لأجلس على كرسي و أراقبها بشيء من النعاس
تقدمت نحوي بعد أن تعبت..
خاطبتني بكل وقاحة بينما تمضغ علكة على شفتيها الغليظتين.

- اخبرني أين وضعت السحر! لن تفوز علي بهذه الأفعال الغدرة
تكلمت معها بتمهل
- أنت تشكين مني هذا لأنك تفعلين مثل هذه الأفعال!
إبتلعت ريقها و أحسست أن عينيها تزوغان و هي تنظر الى الأفق البعيد
- لا تحاولي أن تغيري السؤال، هل ستقولين لي أم أنني...
قاطعتها صوت إمرأة لطيفة
- توقفي يا إبنتي، أرجوك، لقد أتعبتني معك اليوم بما يكفي
لمحت إمرأة سمينة على طرف عيناي
ردت أليان.

- و لكن يا خالتي، إنقطعت انفاسها و تنظر الى يدي..
أختطفت يدي، و هي تنظر الى خاتمي بشيء من الجنون، إرتفعت أجفانها حتى بدت حدقتا عينيها الباهتة
تلجلج لسانها
- لا، لا، لا، هذا غير ممكن! لا يمكن أن يكون حقيقيا..
سحبت يدي تلقائيا
- مجنونة
إقتربت خالتها و هي تنظر الى خاتمي غير مصدقة بما يدور حولهم..
تكلمت بكلام أذهلني حقا.

- هل هذا خاتم Asscher-cut Krupp diamond الذي أهداه ريتشارد بيرتون لإليزابيث تايلور. الخاتم الذي يتجاوز سعره ال 8. 8 مليون دولار مصنوع من 33 قيراط من الماس الأنقى في العالم، هذا أغلى خواتم الزواج في العالم!

تكاسد الدموع في عيني أليان، إنبعث غصة في حجرها، إرتجف أوصالها و فتت الدهشة نياط قلبها
إرتعش صوتها رغما عنها
- تبا، إنه يحبها! أرأيت يا خالتي! سام تخلى عني، إنه...
لم تكمل جملتها و هرولت نحو الخارج، تلحقها خالتها بعدما إعتدرت لي عن أفعال إبنة أختها الطائشة..

صدري لم يستطع آن يتحمل نوبة شهيق أخرى، تحوم في عقلي لجة أفكار حائرة، هل حقا ما قالت تلك المرة صحيح، ثماني مليون دولار، أحسسته ثقيلا في يدي! يا إلهي! لماذا لم يقل لي، كان يتصرف و كأنها خاتم عادي! دلفت نحو الكمبيوتر، تصفحت على غوغل بأطراف مرتعشة
و قرأت صحيفة الفرنسية ض.

لقد بيعت آمس أغلى قطعة من المجوهرات في العالم، الوردي Asscher-cut Krupp diamond بيعت بسعر 20 مليون دولار، لإبن أغنى رجل الشرق الراحل سام مالك ياسر و قد ارتدى الخاتم على مر التاريخ بالملكات و الأميرات الأوروبية، وضع العرض في بعض من أهم المتاحف العالم وأشاد، الخ.

تلقفت الخبر مثل الصاعقة و لم أستطع أن أكمل متذكرة فعلي الجاف معه هذا الصباح...

يوم كئيب، لم أتوقع أنني سأعيش يوما لأدوق هذه المرارة، تمتمت أليان من خلف نافذة غرفة جلوس صديقتها وهي ترمق الشارع وقد تحول بفعل الأمطار إلى ما يشبه النهر الهائج! لم هذا يا الهي؟، كل شيء حولي تنذر بالهموم و المصاعب!
تبدلت مشاعرها و كسل قلبها جليد الوحدة و التعاسة
تنهدت بزفرة مثقلة بالهموم
- هل سأعيش فقيرة! هل سأرضى بقدري!
تململت صديقتها عالية وهي تزيل غطاء الصلاة عن رأسها ثم همست تكلم أليان:.

-أتعرفين يا أليان أنني أشفق عليك، يا عزيزتي، أنت بالكاد على مشارف العشرين من العمر والحياة بكل ما فيها من سعادة لازالت أمامك فاتحة ذراعيها، وبالحب والصبر تنالين ما تريدين، والرجل المتزوج الدي تأسفين عنه لا يناسبك ما عزمت أن تكوني عليه، فتاة قوية و غنية ورقيقة وربما زوجة وأم يحلم كل الشباب بها! لو كنت بجمالك لما وجدت صعوبة في جذب أي رجل!

- أنت غبية يا عالية، كيف أخرج من حياتي الوضيعة هذه و قد أفلت سام من يدي، أنا أريد سام! أريده، و إلا سأموت..
صاحت عالية:
-بالله عليك يا أليان، كفى عن هموم و الضعف إنها لا تليق بك، فبدلا من البكاء لماذا لا تفعل شيئا!
- ماذا أفعل؟!
- مثل ما تعودنا أن نفعل عندما نريد أن نوقع أحد ا، ألا تريدين أن تستفيدي موهبة و خبرة صديقتك...
- أي موهبة هدا، تستطيعين أن تغيري صوتك و لكنك لا تستطيعين أن تخدعي سام..

تابعت أليان بحدة:
-لقد فعلت من قبل وانتهيت عندما إكتشفك!
- من قال لكي بأننا سنفعل هذا بسام!
لحظتها تقادف أفكار شيطانية في رأس أليان، و هي تنتفض مثل قطة أغرقها المطر حتى الثمالة..
عقلها يحوم في خطة خبيثة، عيناها تجولان في الغرفة، حاصرتها صمت شاردة و بالفعل لاحظ صديقتها التناقض في ملامحها الشاردة.

انتفضت عالية من على سجادة الصلاة متوجهة إلى حيث تقف صديقتها أليان ثم أخذت بيدها و هي تنظر إليها بحماس
- هيا قل لي بماذا تفكرين أيتها المشاغبة! أنا أحب أليان القديمة!
أجابت أليان بشيء من الخمول:
-وبعد كل هذا، ماذا سيفيدني أن أعود الى أليان القديمة.!، سأدعه و شأنه، ربما لأنه لم يعد يحبني!..
- ربما يحبك؟! و لكنه قرر الإستسلام! فكما تعلم جده ليس راضيا بعلاقتكما؟
ردت أليان بذهول.

- أجل، آجل، لماذا لم أفكر بهذا! كل هذا وراء ذلك العجوز العفن، ليس إسمي أليان إن لم ألقنهم درسا، هيا أعطني هاتفي..
- ماذا ستفعلين؟!
- سأتصل به، و يتقلدين صوت لوسي، أنت تتذكرين صوتها عندما كنّا في حفل الشواء
- أوه، حبيبتي هل إشتقت إلي!
أذهل أليان كيف إستطاعت صديقتها أن تقلد صوت لوسي الناعم الطفولي، المتكسر!
- أنت فضيعة يا عالية..

إستقامت أليان، وهي تحاول أن تتربع في جلستها، وقد أخذت بأطراف عبائتها فجعلته بين ساقيها وكأنها تتجهز لتفضي بأمر جلل:
- إسمعني جيدا و أحفظ كلماتي ذون أي مغالظة، نحن على وشك أن نفعل حدثا فضيعا سنحرض بها العجوز تجاه سام!
ثم تابعت بحذر
- ستشتكين له عن سام و بأفعاله المجفف معك، بدا من حادثة تركه لها في المطعم بمفردها، ثم موت جنينها، ثم طلاقها، و ستخبرين به أنه يستعد لزواج عشيقته..

- و لكن كيف تعرفين عن الحادثة تركها له في المطعم، أم نخترع كذبة!
- لا حبيبتي إنها الحقيقة، أخبرني بها أخي، عن إغمائها في قارع الطريق، تلك الليلة كان معي، هه ما رأيك؟! سنحرض العجوز و سيجعل من حياة سام كالجحيم!
أجابت عالية بحماس
- سيمضي كله كما خططت يا حبيبتي، ويبدو بأنك ستجدين فتى أحلامك سام قريبا بجانبك، وستسبقينني إلى عش الزوجية...
رِن هاتف جد الياسر، بعد برهة، تناهى صوته الجهوري من السماعة.

- هلو، من معي؟!
- أنا يا جدي!
- أهذا أنت يا لوسي، إبنتي كيف حالك
ردت عالية مع شهقة بكاء مزيف يخالطها هدوء
- لا شيء يا جدي
رد الجد بصوت يشوبه القلق
- ماذا هناك يا إبنتي، أنت تعرفين بأنني لا أعتبرك مجرد كنة، أنت مثل إبنتي! هيا حبيبة جدها!
تململت قليلا بعد آن تدفق الشكاوى من فمها دفعة واحدة، و هي تسرد بتفاصيل و كأنها عاشت بتلك الحوادث، ممثلة بارعة..

كان سام في غرفة الإجتماع و كاد الحوار يطول لولا تدخل رنين الهاتف القوي بوضعية الصامت، إلتفتوا إلى بعضهم البعض بهدوء، إنحنى إجلالا، ثم إلتفت نحو هاتفه، و كان الرقم الجد، إنتفض من جلسته و سرت إخدرار في رجليه، أحس بأنه يقف للمرة الأولى هذا اليوم، فقد تحّمل الجلوس في ساعات الإجتماع الدي قد طال..
حدثت جلبة تلاها صوت صارخ من وراء هاتفه، إعتدر للجميع، و خرج من الغرفة
- ما يجري يا جدي! ما الدي يحدث؟!

- الله يخزيك يا مهبول، يا ذيل الأفعى، أنت قصبة فارغة، أنت حمار أجرب، حتى الحمار السقا أفلح منك، صار طولك مثل الحيط و حتى الآن لا تعرف كيف تتحمل مسؤولية الزواج، من الأفضل أن أعزلك من الشركة و أشتري لك سرجا و رسنا تحمل فيه الماء يا حيوان!
- ماذا؟! لماذا أنت غاضب مني الى هذه الدرجة! ماذا فعلت!

- ماذا فعلت! أعرف جنين الدي سقط بسبب إهمالك! خنزير! كيف إستطعت تركها في المطعم وحيدة، فقدت وعيها على قارعة الطريق، كلب أعور؟! ديوث!
- من أخبرك كل هذا؟! هذا كذب؟!
- إبنتي أشرف منك يا ديوث! من المستحيل أن تكذب علي!
سرت حرقة مؤلمة إستبد كيانه، و تحول لسانه خشبة في بلعومه
تابع الجد بعصبية.

- إسمع يا حمار، سآخد أول طائرة من بيروت الى فرنسا، و إياك، أحذرك! إحمد الله أن لا تشتكي منك عندما أعود، و إلا شردتك أيها الوضيع!
رد سام بنبرة خائبة يشوبها ثورة عارمة
- أنا آسف يا جدي، أنا من اليوم لا أستطيع أن أستمر معك و مع لوسي! سأترك الشركة و لا أريد أموالك...
ثم قام بقطع الإتصال، في عينيه بريق دمعة أبت أن تنزل، و ظلت معلقة حتى خرج من الشركة ووصل الى القصر...

كانت خيبة أمل كبيرة! أحس بشظايا روحه و قلبه في كل مكان!
لماذا فعلت ما فعلت يا لوسي! كنت أحس بأنك لوحة باردة معي و لكن لم أظن بأنك تكرهني الى هذه الدرجة، أنت أحرقتني يا لوسي! سأتركك كما تريدين؟!
مسح من عينيه من الدموع بأصابع مرتعشة، تمر أمامه ذكريات و أحداث متشابكة، كشريط القطار السريع!
لقد تلقى كلمات قاسية كالسهام من جده و زوجته، ففضل الإنسحاب و علامة اليأس بادية عليه..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة