قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثالث عشر

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثالث عشر

رواية أهذا زوجي و ليلة دخلتي للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثالث عشر

كنت في محاولة يائسة للنوم، أشعر بصداع رهيب يفتك براسي، قلبي يخفق جامحا، أشعر و كأنني شجرة هجرتها أوراقها و عصافيرها، تنظر غيمة مثلما أنتظر سعادة مبهمة، يا إلهي أشعر و كأنني ألحق السراب و أنا أبحث هكذا أن اكون سعيدة مع سام، هذا الرجل المغرور لا يكفيه إمرإة واحدة بل لا حدود لرغباته و لا منطق يحكمه، تعود آن يكون سيد المطاع لأي شخص، إبن عائلة ثرية و ذات نفوذ قوي، أي شخص يقبل بالركوع و الرضوخ إليه، حتى أنا، إنه يمد إلي مخالبه دائما و أنا أنكمش خائفة في الزوايا! تخيل صورتي بعد خمسين سنة عندما أصبح عجوزة و يظل هو يطاردني بعكازه، لن أتحمل! أظن أنني سأنتحر قبل ذلك! إنني لا أستطيع آن آتخيل هذا المنظر. صورة مريعة، لا أتصور أن أكون مقهورة الى هذه الدرجة...

كان يغط في نوم الظهيرة العميقة، في حضوره لا أجد الهدوء أبدا لذا يفضّل أن يكون نائما هكذا، لمحت هاتفه من جنبه، شيء ما ومش في رأسي كالعادة، ذلك الفضول الدي أجد دائما في صعوبة على سيطرته، أحسه يتغلغل في أعماقي بجرأته الخبيثة، لم آتنبه نفسي و أنا أمد يدي نحو هاتفه مثل قطة تمد مخالبها بكسل وتطلق وماءها الوحشي، وجدتها في يدي، أتمطق بعبث وشقاوة، و لحسن حظي، لا يوجد رقم مقفل، لحظتها فقط زاد إحساسي بالفرح و الحماس..

شقية من طراز الأول!
كنت أتفقد لائحة الأرقام الطويلة و قد بدأت أشعر بالملل حتى وصلته رسالة تحمل إسم أليان، تسللت نحو خانات الرسائل الواردة بأظافري المرتعشة، أحس و كأن عقارب الساعة تفلت من بين يدي، هيا لوسي، أسرعي! قبل إن يستيقظ ذلك اللعين!
أحس الهاتف ينزلق بسهولة من بين يدي، أنا هكذا جبانة عندما يحين وقت الجدية!
فتحتها أخيرا بكارثة قلبية، تنهدت ببطء، دارت عيناي نحو سام، إنه لا يزال نائما..!

قمت بعض شفتي السفلي، نزلت عيناي بحدر نحو الرسالة، لقد كانت رقيقة مثل زهرة البلسم.

سامحني يا حبيبي، يشهد الزمان أنني لم أقصد إساءة جدك، سامحني يا روحي فأنا أحبك من كل جوارحي، و لا أستطيع آن أتخيل حياتي بدونك، فبدونك حياتي ليس سوى خواء يعوي من حولي، آه لو تعلم يا حبيبي! كيف يشجاني الحنين، لحظة أذوب فيها بين ذراعيك، لم أعرف يوما معنى الإشتياق إلا معك يا سام، ماذا عساي أن أقول؟! دموعي حارقة مثل اللهيب، فأنا أبكي شوقا إليك يا رجل؟! فلا تخذلني، أرجوك حبيبي إعتقني من هذا العذاب، إعتقني من ليالي الرغبة الحارة و النداء الأزلي، تعال إلي يا حبيبي، سأهديك أنوثتي و عقلي و كياني و لن أبخل منك شيئا، ماذا عساي أن أقول يا حبيبي! قلبي يفيض ولعا بك، و لا أقوى عن الإنتظار الحارق! الليلة سوف أهبك شبقي و جسدي، هل تصدق ذلك؟ تصلك آهاتي و تأوهاتي، أنا لا أستطيع أن أصدق، و لكن هذا ما يحدث لي؟!

فتحت فمي الى آخره كالبلهاء، إرتعشت عضلة فكي، لم أعد قادرًا على ضبط عقلي و شكوكي، فقد تراءى لي سام و هو يتلمظ بلعابه بينما يقرأ حروفها التي تدعوه الى المضاجعة المجانية، حتما سوف يلبي نداء جسد حبيبته فهو رجل في الأخير، لا، لا يمكن أن تقع هذه الرسالة بين يده..
تنفست بعصبية بينما أضبط أعصابي حتى لا يفيق بقربي..
قمت بمسحها فورا..

إستلقيت على سريري ببطء، اللعنة، إنها عاهرة لعينة بردائها المزيف الطويل، كيف إستطاعت أن تكتب هذه الحروف لرجل أجنبي و متزوج أيضا، لا بد و أنها عاهرة متمرسة، لديها تجربة طويلة بشأن هذه الأمور، لهذا إستطاعت أن تروض سام المغرور بلمسة من أصابعها العاهرة العاشقة، تعرش فوق مفاتنها و تتصفح نهديها بين وجهه الغبي، هل يعقل، غبية، إنها مجرد خيالي، سام لم يمارس الجنس مع غيري! كيف يمكنني أن أكون واثقة هكدا و متأكدة، لكنه قال لي من قبل بأنه لايزال بكرا! هل انا غبية لكي أصدقه بهذه السهولة، إنه كاذب لعين، لابد و انه كان يضحك ساخرا بينما يروي قصته المختلقة..

كانت كلماتها تقادف في أذني مثل الطبول، تطاردني مثل طلقات المسدس فيقدني صوابي و إحساسي بالتوازن، لا، لن أستطيع آن أكون هادئة، حقيرة، إنها تغازل زوجي أمامي، لن أسكت لها..
أمسكت الهاتف من جديد، تخرج شياطيني من جحيمي المسعر..
أرسلت لها رسالة فظيعة، جعلت أسناني اللؤلؤية تلمع بإنتصار
- للأسف لن يأتي، فهو الآن مرتميا و مسحورا بين أحضاني، أنصحك بعدم الإلتصاق بزوجي، إذهبي و أبحثي عن غيره...
وصلتني ردها السريع.

- مسحورا بك، لا تضحكني أيتها الغبية! سام إنه رجل لا تستطيع أن تمتلكه فتاة غبية مثلك
زاد حنقي، أرسلت مرة أخرى
- و هل تستطيع آن تمتلكه أنت بمجرد أن تُمارس معه عهرك
- ربما، من يدري! أستطيع أن أمنحه ما لا تستطيع أنت أن تمنحه إياه
لمعت من عيناي الداكنتان غضب متماسك، إنها لا تنكر أبدا أنها عاهرة، اللعينة تلك، أقسم أنك ستندمين..

- لا تفكري بأن كلامك هذه تغيظني، فأي ما تضمر له سام لن يكون سوى لحظات عابرة هذا إن إستطعت ان تتجرئي أيتها الوضيعة، ثانيا أنا لا أحتاج لكي أمتلك رجل مثله، يكفي آنني الآن زوجته الوحيدة و سأنجب له وريثا، أنت مجرد عشيقة عابرة لا أكثر!
طال ردها، و أحسست بمذاق الإنتصار تجري في أعماقي..
أجابت بخط ركيك، و بدا الإنفعال واضحا من رسالتها.

- سأخبر سام، سترى الجحيم بعينه أيتها الحثالة، سأجعله يطلقك و يطردك و يأخد منك طفلك، نعم، ثقي أنني سأفعل ذلك
بسخرية كتبت
- أنتي، من أنت حتى تطالبيه بطردي، من أنتي أصلا! مسكينة، أنصحك ان تمسحي هذه الأوهام من رأسك! و إلا ستجنين و تتجردين في شوارع باريس عارية!
- أنا لا أرد طفلة غبية مثلك؟! إضحكي كما تشائين و لكنك سوف تفاجئين بالحقيقة المرة!
- نعم سأضحك بملأ فمي..
- حقيرة
- عاهرة.

قمت بمسح جميع المسجات من هاتفه، لقد بدا حقا تطهر منه سمات الصحوة، يتمدد بجسده الطويل، يفرك عيناه بلطف عفوي، يتثائب..
تسللت أطرافي نحوه مجددا، و ضعت هاتفه قرب وسادته..
كان مساءا ناعما أحسسته يتغلغل من خلال الستائر الشفافة من النوافد الطويلة في حجرتنا، و قد بدأ المطر خفيف يتساقط ليدق الزجاجات كمناقير أفراح طريه
لمحت سام، وجهه الطري مثل القشطة كالعادة عندما يصحو من النوم..

نظر إلي بنظرات مستفيضة مبهمة، رفع رأسه، يمسح لعابه بكوعه، إنه حتى هذه اللحظة يبدوا جميلا كطفل بريء، قطب حاجبيه و هو ينظر الى هاتفه، و يتأمل الساعة..
خاطبني
- اللعنة، لماذا لم توقظني!
- آسف حبيبي..
يا لسخافتى، متى صرت أمثل دور المحبوبة اللطيفة، أظن أنني تعلمت الكثير من أليان، عبرت وجهي عن الإمتعاض، تذكرت مرة كلمات سام عندما كنت عروسة.

لقد قال لي من القبل إنه من الأفضل أن أقلد حبيته و أتعلم منها، لو كنت أعلم فقط أن حبيبته القديسة في رأسه مجرد عاهرة، أنا أنثى صريحة لا أجيد لعب الأدوار و لا أتقن لَبْس الأقنعة، أنا لا أقلد أحدا، أنا أنثى بجنوني و بشقاوي و بطريق التي تروق لي..

إنتفض سام من مكانه، غاب كالومض الى الحمام، و لم أشعر به، لقد كنت تائهة في أفكاري و خيالي الجامح، كنت في عالم التحدث عن الأنوثة، (أنا أنثى ) أحس التحدث عن الأنوثة سخافة تويتر، و موضة قديمة، يكفي..
دلفت نحو كرسي العجلات..

رجع سام وقد بدل ملابسة بسروال قصير باللون البنى يصل بالكاد لاسفل ركبتية مع قميصا باللون الاصفرحياكتة الدقيقة تظهر رشاقة جسدة الرياضى، لقد كان يملك ذوقا رفيعا فى اختيار ملابسة فيما يتماشى تماما مع احدث صيحات الموضة وقد انتعل حذاء رياضيا بدون جوارب باللون البنى..

يا إلهي، الى أين هو ذاهب، يشوبني إحساس بالقلق و الحيرة..
خاطبته بصوت أجش
- الى أين آنت ذاهب يا سام؟!
- لدي بعض الأعمال، لا تقلقي سوف تأتي ممرضتك بعد قليل، لقد تكلمت معها، إنها في طريقها الى هنا..

تفصد جبيني بعرق مبعثر، لا، لا يجب أن آسمح له بالخروج، علي أن أوقفه، و إلا سيكون بين احضان أليان، يجب أن افعل شيئا
تظاهرت بالسعال، قح قح
خاطبني بقلق متجها نحوي
- ما بك يا لوسي
- أنا بخير..
- سأرسل لك الخادم ريتما أرحل، أطلبي ما تريدين منه
هل أنا غبية، يجب أن آوقفه، إنه يخرج
صحت بأعلا صوتي سام..
إلتفت إلي مندهشا ما بك يا لوسي، لماذا تصيحين مثل المجنون
تظاهرت بالالم.

- أوه يا سام، بطني تؤلمني، أوه أشعر بالدوار..
هرول نحوي كالمجنون، و بدا يتصفح أجزاء جسدي، تتلمس يده بطني و فوق رأسي...
- دعني أرى، أين تؤلمك؟!
أوهمه بألم كاذب أوه حبيبي، لا أستطيع أن آتحمل الآلم..
لذا طغى عليه قلقه فرفعني دون أن أشعر، وجدت نفسي بين ذراعيه القويتين
- هل أنت مجنون
صحت كالغبية، ناسية كذبني
- سآخدك الى المستشفى
- لا يا سام، أنا بخير الآن..
- لابد أن نتأكد على وضع البيبي..
- أظنه بخير آيضا..

لم يكن يصغي كلامي، كان يمشي بلا خريطة
- سام، لا يا سام
- أصمتي يا إمرأة..
- أرجوك ضعني على الأرض، أنا حقا لا أحتاج الى المستشفى
نظر إلي بعينان تلمعان بوميض النيران، كانت كافية على إسكاتي.

خرجنا الى حيث تكون سياراته الخلابة المتنوعة مصطفة هناك، وضعني بإحدى سياراته، بينما قام ينادي الخدم، و طلب منهم أن يأتوا إلي بمعطفه و شالي، مضت دقائق و أرتديت فعلا شالي في السيارة و أنا لا أصدق ما أوصلتني كذبني الغبية، هذا الرجل مجنون بطفله، كيف جعلته يقلق عليها، يبدوا أنني كنت ألعب لعبة خطرة..

تكاد تغرق مقلته بالدموع و هو يرى في الشاشة طفله الدي لم يتجاوز أربع شهور و أسبوعين
نشف دموعه بتأثر على المشهد النادر..
- أوه حبيبي الصغير، سأعلمك ضرب التينس و الطبول، و و
يتكلم بينما يقبل الصورة بإرتجاف كشجرة هرم
لا أصدق..
كفكف دموعه على عجلة، وهم بالنهوض، ففطن، الى أن جفنيه يحرقان عينيه محتقنتان
- مابك يا سام، إهدء، الجميع ينظر إلينا.

لقد كنت أحس بالخجل بقدر دهشتي على مشاعر سام، كيف يكون هذا الرجل رقيقا الى هذه الدرجة..! و هو الدي يتسلط بهيمنه و جموده، أوف يا سام أنت كالأحجية المغلقة بعدد شعر رأسي، لا أستطيع آن أقمن طباعك المتناقضة..
خرجنا على كلام الطبيبة الأخيرة وهي تطأمئن سام
- لا تقلقوا، كل شيء بطبيعته، إن شعرتم بشيء آخر لا تترددو بالإتصال بي.

أبعدت الغطاء الثقيل عن جسدي بكسل ولا مبالاه اكتسبتهما بحكم العادة، تململت قليلا في فراشي وبقايا النوم تفّر من أهدابها كأسراب من فراشات النور الملونة، بعد أن رنّ جرس الساعة قلبي، أفتح النرجس في عيني بالق وانبهار.
تمّططت باسمه في سريري
- سام، إستيقظ، سام.

أحس بالرضا والألفة. فكل ما حولي قريب إلى نفسي وحميم، الساعة التي تشير إلى السادسة صباحاً، و سام معي طوال الوقت حتى الأمس، لم يفارقني و لو دقيقة واحدة، أشعر بإنتصار رهيب في إبعاده عنها، ، في جانبي الكتاب التي أعطتني سلمى غفوت عليها و أنا أقرأ خطط مشوقة في إستيلاء قلب الرجل..

بعد ساعة..
كان كل ما يحيط بي هاديء كأنني في مقبرة،
جاءت الخادمة بفطورنا، فنجان القهوة هو الحي الوحيد وصفحات الكتاب الذي أقرأه، الراحة يحط على قلبي والدنيا غائم بمطار الصباحي التي أصبحت تزورنا هذه الأيام. و سام يجلس على الأريكة بجانبي، يرمى نظرة بطرف عينيه من حين لآخر
- لوسي صغيرتي، إنك تتعبني أكثر مما كنت أتصور.
-أنا أتعبك أيها المتعب كيف..؟

- المكوث طوال اليوم في المنزل معك حتى الأمس، السهر حتى الصباح في مشاهدة التلفاز، وشرب القهوة حتى مرارتها.
-أنت متعب قبل أن ألقاك يا سام.
-هكذا تجدينني
-أجل أنت كذلك
-سيأتي اليوم الذي التهمك فيه
-تكون وحشاً
-تكونين آخر الزاد
-وتكون أنت آخر الارتحالات في هذا البحث
تبا إنه لا يعرف لماذا أبقيه بجانبي هكذا طوال الوقت، اللعنة؟! حتى هاتفه جعلته في وضع الصامت، و أمسح إتصالتها بين حين وآخر!

مددت يدي لم تلمس سوى الفراغ، أين هاتفه؟! تبا أين هو؟! يجب أن ابحث عنه!
ابتسمت بتصنع وأنا أتناول فنجان قهوة كي لا يشك مني و أعود إليّ الصمود، إقترب مني يواجهني، دبدبات في قلبي فيتردد صداه في داخلي. خائفا يرتعش كالماء..
- مابك يا لوسي؟! لماذا تتوترين؟
لاحظت هاتفه يلمع من خلفه، رأيت صورتها ينبض على الشاشة، شعر بهزات خفيفة، حاول أن يتفقد حوله، و لكني أمسكت بكتفيه لأديرة نحوي، جعلت وجهه أمامي.

- أنظر يا سام!
بدهشة
- ماذا تقصدين. يا لوسي؟! أين أنظر؟!
حاول أن يلتفت الى الوراء و لازال هاتفه ينبض، لكنني جذبته نحو صدري بحركة رشقة..
- هنا يا عزيزي، هنا!
إقترب مني، حتى بدأت أشعر بحرارة أنفاسه تحرق عنقي، بينما شفتاه تنزلق نحو أذني
- ماذا تريد يا لوسي!
قلت بإرتباك، عاجزة عن لفق أي أكذوبة..
- هل تشم! هل تشم عطري؟!
- نعم أشمها! إنها لذيذة جداً و رائعة!

و كانت أنفاسه تزيد تهدجا متأملا خصلات شعري و رقبتي الرشيقة، فأقترب مني بشكل خطير، فتنهدت بتوتر، رفع أنامله ناحية رقبتي مداعبا، ثم تغلغل أصابعه على شعري، هممت بالإنسحاب لولا ذراعه القوية أوقفتني و تجذبني نحوه أكثر، يعانقني بتصميم
إرتعش صوتي
- توقف سام..
رد بتحدي ماكر...
- تلعبين لعبة خطرة يا لوسي! من يوقظ النمر من ثباته عليه أن يتحمل العواقب!

أمسك بشعري و لوى رأسي بقسوة بينما يطبع في رقبتي بوابل من قبلات دافئة، يحاول إجباري على الخضوع و التجاوب لعناقه و قبلاته..
كنت أصارع بين يديه كالبلهاء ليتركني..
إبتعد قليلا مقطب الحاجبين و نظر إلي محذرا و منذّرا
- أنا لا أستجدي منك يا لوسي حين أطالب مراعاة لأقل و أبسط رغباتي!
نهض من جواري بسرعة، لمح الهاتف ينبض من جديد، دقق عنها بغرابة
- لماذا هاتفي هكذا لا يصدر صوتا عندما يتصل أحد كالعادة!

تسارع نبضات قلبي، إرتجفت مثل سحف النخيل، عيناي ترمزان الأفق البعيد كالعادة عندما أكذب..
- أظن أنه يحتاج الى تصليح، أترك الهاتف و تعال الى هنا يا سام..
أمسكت بطرف قميصه بسرعة البرق..
دفع يدي تلقائيا
- لحظة، سوف أرد الإتصال و أعود آليك..!
هرول نحو الشرفة عندما لاحظ أنها أليان، يا إلهي سوف تخبره! ستخبره بما فعلت! تبا لماذا أنا خائفة، أنا لم أرتكب خطأ، إنطلقت ضحكة ساخرة في حلقي.

- أنا من يجب ان تغضب، أفضل موقف للدفاع هو الهجوم!
طال قليلا بمكالمته، توترت قليلا..
لمحته يرجع غاضبا، فدفنت عيناي في كتاب الدي لم أكن أقرأه كعادتي في الهروب، تظاهرت بالبردة
نادني بنغم عدائي
- لوسي، لوسي
إعتدلت في إستلقائي على الأريكة و اتكأت بيدي، فرمقت إليه بنظرات الإزدراء و الإحتقار
- ماذا تريد يا سام!
شعرت من عينيه ببريق إنفعالي
- و تسألني ايضا بهذه الجرأة، تعرفين ما فعلت! لماذا قمت بإهانة أليان!

- لماذا أهنتها! تسألني لماذا أهنت عاهرتك! هذا وقاحة منك يا سام
أحسسته يفقد أعصابه، مصدوما على كلامي، هجم علي فجأة و أمسك بكتفي
- أنا أحذرك يا لوسي، لقد تجاوزت حدودك هذه المرة
رددت بوقاحة جريئة
- و ماذا ستفعل! سأهينها، إنها عاهرة..
- أنت تتعرضين لشرف فتاة عفيفة، هل تدري ما تفعلين أيتها الوقحة!

- عفيفة! إنها تمثيلية فقط، و إلا لماذا أرسلت لك رسالة تقول ( سأهب لك جسدي و أنوثتي، تعال إلي الليلة ) كلماتها كانت واضحة المعني
- أنت تكذبين يا لوسي! أين تلك الرسالة!
- لقد مسحتها..
رفع حاجبيه، و حرك رأسه بإستخفاف
- طفلة غبية، هل تظن بأنني سأصدقك! أنا آعرف هذه الفتاة خمس سنوات، إنها لا تفعل شيئا كهذا أبدا! يمكن أن يصدر أشياء كهذا منك و لكن ليست هي!
- انا، كيف تجرؤ!

إرتعشت عضلة فكي من الغضب، لم أشعر يوما في حياتي مثل ما أشعر الآن من مهانة و ذُل، كيف طاوع له أن يقدح شرف زوجته. ينتهك حرمي، بينما يدافع شرف عشيقته، إمتلأت عيناي بالدموع المتجمدة كقطع الجليد، ضغطت أسناني..
رفعت يدي لأصفعه و لكنه أمسك معصمي و قال
- أخطأت حساباتك مع المرة الماضية صغيرتي، أطلب منك أن لا تكرري الخطأ
ثم دفع يدي بقسوة، و أبتعد عني..

بدأت أرتعش مثل إمرأة في المخاض، أعوذ و أمزق ما حولي، الكتاب، الوساداة، و أتمزق من الداخل..
يفاجأني بعيونه الغير مكترثة، الباردة كالعادة
- هيا يا عزيزي، أطلقت العنان و الغضب لتستريحي!
لا اصدق هذا! هل جن! ألا يهتم لوضعي! كيف يمكنه أن يستفز إمرأة حامل! ألا يهتم لحالتي
أمسكت كتابي المتمزق آوراقه و رميت عليه بكل قوتي، فارتطمت برجله، تأوه بألم، أمسكت بالفنجان..

إقترب مني ثائرا، أمسك يدي، و لوى ذراعي حتى أفلت الفنجان و أنا أصرخ من شدة الألم
أحس بيده القوية تضغط بعنف على معصمي..
رفعت يدي الأخرى لتخليص ذراعي من قبضته الحديدة، و لكنه أمسك يدي الأخرى..
- هل جننت؟! ماذا فعلت بك؟!
- لن أسمح لك بتعرض ذرة واحدة في جسدي المقدس!
ضحك بسخرية مريرة
- جسدك المقدسة و ماذا فعلت بها سوى أنني قلت الحقيقة!

- أولا و أخير أنا إبنة بيئتي و تربيتي من صلب مجتمع لا يرسم الحب خارج إطار الزواج! لا تمثلني بمجتمعك العاهر، أنا فتاة شرقية بكل ما تحمله الكلمة، الرجل في حياتي لا يتعدى سوى الأخ و الأب و الزوج..
أغضبه ملامح الزهو و الإنتصار في وجهي
- أنظر إلي ما وصلتك شرقيتك يا فتاة! لقد باعوك لي يا جاريتي المسكينة..

تسعرت شياطيني من داخلي، لمح ملامح الغضب في وجهي، وجهي الغليظ، حاجباي الجانحتان، الهالة السوداء في وجهي
قال بسخرية...
- هل انتمائك لى يثير فيك كل هذا الحنق، اعتادى الفكرة يا عزيزتى، انت لى، شئت ام ابيت، أنت عاهرتي..
غابت عيناه كالومض و هو يسخر مني، و لم يشعر إلا وكفي الدافئ تنهال بحرص شديد على وجهه..
ثارت حنقه..
حدقت ببرودة قاسية على وجهه
تأملني للحظات بنظرات مبهمة غير واضحة المعنى..

أقلقني بريق عينيه الماكر، يبدوا كمن يخطط لكارثة رهيبة!
أمسك هاتفه، وضعها في أذنه..
ثوان، وترد صوت فتاة ناعمة..
- هلو حبيبي!
- أهلا حبيبتي، كنت أريد أن أدعوك الليلة الى عشاء عائلية، حفلة شواء بسيط
- حسنا، سآتي!
وجه إلي نظرات باردة، و كأنه يريد أن يعدبني بدعوتها..
خاطبني بقسوة
- الآن سوف ترى كيف يعامل الجواري أيتها الحثالة!
- هكذا تظن اإذن، أنت لن تستطيع أن تستعبدني يا سام و الا أخبرت جدي عنك!

ضحك بمرارة سخيفة
- جدي! ألا تعرف أنه رحل أمس..
توسعت عيناي بينما أبلع ريقي بحرص شديد
- ماذا تقصد يا سام؟! رحل! كيف!
- نعم لقد رجع الى لبنان! و لن يعود إلا بعد ست شهور يا غاليتي!
قفزت من مكاني و روحي تتهاوى مثل الطير، يعلوا في وجهي شحوب برتقالية، لم أنتبه أنني أقف في رجلاي..
إرتفعت أجفانه حتى بدت حدقتا عينيه الزرقاء..
لاحت على شفتيه بسمة ماكرة
إقترب مني حتى لامست أنفاسه شحمة أدني..

- هذا جيد! ستقومين بخدمتنا هذا المساء..
- و لكني حامل
- و هل تحمل طفلي بيديك أو في بطنك!
- كيف تكون بهذه القسوة!
- يقال بأن الحمار لا يعرف إلا العصى، و أنت حمارتي لا تفهمين إلا قسوتي و تسلطي...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة