قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية متيمة بنيران عشقه للكاتبة شروق حسن الفصل السابع

رواية متيمة بنيران عشقه للكاتبة شروق حسن الفصل السابع

رواية متيمة بنيران عشقه للكاتبة شروق حسن الفصل السابع

الخطر بات قريبًا ومستقبلهم على المحك، صافرة الشرطة تستمر في الإرتفاع، زاد الخوف بقلوبهم، وارتفعت نسبة الإدرنالين بأجسادهم عند سماعهم لصوت خطوات كثيرة تصعد على سُلَم العمارة الواقفون بها، ما كادوا أن يصعدوا للأعلي حتى وجدوا باب شقة شاكر يُفتح لهم، ويده تجذبهم للداخل.

أغلق شاكر الباب مُسرعًا ثم التفت ينظر لوجوههم بضجر، مر بضعة ثوانِ حتى أستوعبا الآخران ما حدث، ظنوا بأنهم سيلقوا حتفهم لا محالة، ابتسم ريان بسذاجة وهَم عليه يحتضنه بفرحة، مُرددًا بما جعل الآخر يستشيط غضبًا: كنت عارف إنك هتفتكر أفضالي عليك يوم ما دخلت المستشفى.

حاول شاكر إبعاده بشتى الطرق لكنه كان كاللصق يُشدد أكثر من احتضانه، لذلك صرخ وهو يدفعه بعيدًا: يا أخي ابعد بقا. دا انا قرفت من حياتي بسببك. وبعدين مستشفي إيه دي وأفضال إيه ياخويا، دا أنا كنت هروح فيها بسببك.
تجعدت تعابير ريان بضيق، ثم نظر ل غزل التي تُتابع الموقف بضحكة مكبوتة، فهذا الريان مُسلي بحق، مصمص على شفتيه العجائز وهي يلوح بيده: مسم. شايفة ياختي الراجل! على طول ناكر خيري كدهوت.

وما كاد أن يقول كلمةً أخري حتى استمعوا إلى صوت طرقات عالية على الباب، نظروا لبعضهم بخوف لثوانٍ، حتى لطم ريان على وجهه قافزًا محله، وهو يقول بفزع: هنتحبس. هنتحبس.
توتر شاكر من الوضع، نظر حوله بسرعة ثم دفعهم قائلًا ببلاهة غير مقصودة: استخبوا ورا النجفة. ورا النجفة.

نظرا للأعلي بحماقة حيث يقول، ليدفعهم شاكر لداخل الغرفة المنزوية بالمنزل، خرج ووقف على أعتاب باب شقته وهو يأخذ نفسًا عميقًا، ثم فتح الباب بروية، ليري الضباط متكدسين أمامه، تحدث بهدوء يُنافي التوتر الذي داخله: خير يا حضرة الظابط!؟
نظر الضابط لزوايا الشقة ثم تحدث وهو ينظر تجاه شاكر: حد من الجيران بلَّغ بإنه شاف حرامي بيطلع على مواسير الماية، ف احنا بنفتش الشُقق لعل وعسي يكون مستخبي في واحدة فيهم.

هزَّ شاكر رأسه بالنفي، مُردفًا بهدوء: مفيش حد دخل هنا يا فندم. وأكيد لو شوفته هبلغ حضرتك.
لباقته بالحديث جعل الضابط يُحدِثه بإحترام، ليقول بعدها بذات نبرته اللبقة: تسمحلي حضرتك توريني المطبخ.
أفسح له شاكر الطريق، ليأمر الضابط العسكري بصوت آجش: روح يا عسكري شوف إتجاه مواسير الميا بتودي على فين.

أدي العسكري التحية ثم ذهب لإنجاز عمله المُكلف به، بينما تحدث الضابط بأعتذار: دي إجراءات روتينة وهتنتهي بسرعة.
ولا يهمك يا فندم، أنا تحت أمركم.
بينما ريان و غزل كانا يُتابعاه من فتحة الباب الصغيرة، لتتحدث غزل بإعجاب وصوت هامس: عمك دا معلم وعهد الله.
اعتدل ريان في وقفته ثم عَّل ياقة قميصه الوهمية، متشدقًا بغرور: وأنا طالعله طبعًا، دا أنا مفيش في أخلاقي.

رفعت غزل حاجبيها بسخرية وهي تقول بإستنكار: أوماااال، انت هتقولي!
بالخارج، خرج العسكري من المطبخ، ليقول بإحترام: المواسير بتتجه للشقة اللي جنب الأستاذ يا فندم.

هز رأسه بتفكير ثم أمر الضباط بالذهاب، قبل أن يستأذن من شاكر بلباقة، زفر بإرتياح عند ذهابهم جالسًا على مقعده بإرياحية يُفكر في أمر قضية ريان، خرج ريان من الغرفة هو و غزل مُطلقًا صفيرًا عالي، وهو يُردف بإعجاب: عمهم وعم الناس والله، إيه يا جدع الحلاوة دي! دا أنا صدقتك.
علي الله يطمر فيك.
قالها بحنق ثم أشار للسلاسل الحديدية مُردفًا: هتفضلوا متكتفين كدا! شوفوا أي حاجة تفكوها بيها!

معه كل الحق، فتلك السلاسل حتى ولو كانوا هاربين تُصيبهم بالخوف، وضعت غزل يدها على رأسها بتفكير، لتجد شئ بارز أسفل حجابها، توسعت عيناها، لتصرخ بتذكر: لقيتها.
فزع ريان المُلاصق لها من صوت صُراخها، ليضع يده على أُذناه بألم، لم تلتفت له، بل وضعت يدها أسفل حجابها، ثم خلعت طوقها الحديدي (بنسة)، رافعة إياه أمام أعينهم، مُردفة بثقة: هو دا الحل.

نظر كليهما لها بجهل، فوفرت عليهم التفكير الزائد، لذلك قامت بالبدأ بإدخال مشبك شعرها داخل الفتحة الصغيرة الموجودة بالأصفاد، فشلت تجربتها عدة مرات، حتى زفرت بضيق وقررت المحاولة للمرة الأخيرة، ليقول ريان بسخرية لاذعة: بقي حتة الحديدة دي هي اللي هتفك الكلبشات! مكنش ح...
وما كاد أن يُكمل حديثه حتى انفتحت العقدة، ليصرخ بعدم تصديق: زعيم والله العظيم! عملتيها إزاي دي!

رفعت رأسها بعنهجية، مُردفة بغرور: ما يجيبها إلا ستاتها، أنا برضه محامية شاطرة وعارفة كل حاجة عن المجال.
لوي ريان شفتيه بضجر من غرورها، ثم قال بثقة هو الآخر: ما انا كمان مهندس كمبيوتر أد الدنيا، وليا اسمي وخبرتي في مجالي، حتى شاكر بيه يشهد بكدا.
أنهي حديثه وهو ينظر بإتجاه شاكر منتظرًا منه أن يُؤكد حديثه، نظر شاكر له بإشمئزاز، ثم دخل إلى غرفته قبل أن يُجيبه.

حمحم ريان بحرج ثم نظر تجاه غزل التي تكتم ضحكتها بصعوبة، فقال مبررًا لما حدث متحدثًا ببلاهة: لم تسعه المعاني والكلمات للتعبير عن رأيه، أكيد يعني دا السبب هه.
هزت رأسها وهي تضحك بخفة، ثم قالت ممازحة: بيعاملك زي ضرته مش عارفة ليه.
ادعي التأثر ثم أنزل رأسه متصنعًا الحزن، متشدقًا بدرامية: اكمني يتيم، لا ليا حبيب ولا قريب ولا حد ياخد باله مني.

ورغم أن كلماته مُمازحة تأثرت بكلمته الأولي، يتيم! هي تعلم بأن ريان الطحاوي لا ينتمي لعائلة النويهي، بل انضم لهم منذ سنوات قليلة للغاية، جلست على الأريكة، فجلس بجانبها مع الحفاظ على مسافة كبيرة بينهم، غلبها فضولها لذلك تسائلت بحرج: متزعلش من تدخلي، بس انت إيه علاقتك بعيلة النويهي.!

تفهم حرجها وتوترها، لذلك ابتسم بود ثم تحدث بطريقة عذبة وهو يتذكر ماضيه: ولا أي حاجة. غير إن شاكر بيه كان صاحب أبويا الله يرحمه، بعد ما الدنيا استلمتني وخدت مني كل الناس اللي بحبهم، بقيت لوحدي، فإقترح عليا إني أعيش عندهم في البيت اللي في الحارة، ساعتها أنا رفضت لكن مع إلحاحه وافقت، ودا كان أحسن قرار خدته بعد موت أهلي ومراتي، عاملوني زي ابنهم بالظبط، مفيش فرق في المعاملة نهائي، ابني اعتبروه ابنهم، و فارس بقا أخويا مش صاحبي، أخويا اللي مهما عملت موفيش حاجة من اللي عملها معايا.

أنهي حديثه وهو يبتسم بوداعة لتلك العائلة التي نشأ بها في أخر سنواته أدمعت عيناه بتأثر عند تذكره لعائلته المفقودة، رغم كِبره إلا أنه رجل بمشاعر طفولية، رجل لم تلوثه قساوة العالم، رجل يجمع حنان العالم بقلبه، أكمل وهو يقول بحشرجة أدت إلى بكاؤها: رغم أني كان عندي عشرين سنة لما أبويا وأمي ماتوا، بس أنا مشبعتش من حنانهم، مشبعتش من دعواتهم، محتاج لوجودهم معايا، بإختصار الأب والأم مش بيتعوضوا طول حياتنا.

أيوجد حنانٌ كهذا! رجلٌ تخطي عمره الثلاثون مازال يَحِنُ لأبواه المتوفيان، بل ويتحدث عنهم بكل تلك المشاعر وكأنهم ماتوا بالأمس! تلك الدمعات التي زينت عيناه اللامعة زادته تأثرًا، تحدث بأسف وهي تمسح دمعاتها التي خانوها: أنا أسفة إني فكرتك بيهم.

هز رأسه بالنفي ضاحكًا بخفة: لا بالعكس متتأسفيش. أنا منستهمش أصلًا عشان أفتكرهم، وبصراحة أنا بحب أتكلم عنهم أوي، كأني بستني الفرصة دي عشان أقول إنهم أعظم إنجازات في حياتي.
مشاعره الطاغية طُبعت في قلبها، لذلك اردفت بتلقائية وبدون وعي: انت راجل عظيم أوي.
عارف.

قالها بغمزة وهو يقف مكانه مستعدًا للدخول إلى الغرفة ليرتاح قليلًا، بينما هي خجلت موبخة نفسها بشدة على ما تفوهت به، عادةً يجذب الرجل الحنون الفتاة، وهو جذبها بأخلاقه، ودت حقًا لو ترفع له القبعة لإخلاصه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة