قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا ياسمين للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السادس

نوفيلا ياسمين للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السادس

نوفيلا ياسمين للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السادس

كيف تتمنى أن يكون غدا أجمل، وأنت لا تقوى على تخطي نوائبك وتصر على اصطحابها معك في كل مكان؟

ألم به شعورا ساحق مجردا من الانسانية، حضه على إقتلاع لسانها تلك اللحظة قبل أن تكمل، فهي لن تهدأ وتستكين قبل أن يكسر أحد أضلعها.
ارتجفت أنامله وأخرج لفافة التبغ من فمه ووضعها على الطاولة، وهو يعدل جلسته فوق الكرسي ببرود إجتاح أطرافه وومضات من نفاذ الصبر تسطع من عيناه تجاهها، وإن كان بقدرته إطلاق أشعة ليزر قاتلة تذيبها وتقضي عليها من خلف نظارته لفعل وخلص العالم من أمثالها.

ساور خالد الشك وأشعل سيجارة البني الضخم بتطلع مسلط البصر عليها ومن ثم سأل.
وأنت عرفتي منين ويعقوب علاقته ايه؟
أجابته بلكنة ممتازة وهي تبتسم بخفر، كأنها لم تتفوه بشيء خطير قد يؤدي بحياة أحدهم.
يعقوب طبعا اللي قالي كان بيدور عليه من فترة وقرب يوصله.
انتقلت أنظار خالد مباشرة إليه وسأله باستفهام، استشف منه يعقوب الغضب لكونه آخر من يعلم وقد عرفت هي تلك التي لم ينقضي على وجودها أكثر من شهرين بعد!

صحيح يا يعقوب الكلام ده تعرف حاجة عنه ومقولتش؟!
جاهد يعقوب لرسم إبتسامة على محياه فكانت مسمومة تفيض بحنق غاضب لا يغالب، تلك الياسمين سيقتلها بالتأكيد إن لم تكف عن كونها ساقطة.
بلع لعابه وقال بنبرة هادئة وجلة ك شخص محموم، فلم يكن متألقا كعادته أثناء الحديث.
أه كنت مستني لما أعرف مكانه وأجيبه لحد عندك هيكون احسن.

أومأ خالد برضا لم يصل لتقاسيمه بسبب شعوره العميق بكونه مهدد، ترك تلك الأفكار جانبا في الوقت الحالي ثم سأل بمتعة وهو ينفث دخانه في الهواء.
تقترحوا نعمل فيه إيه؟
ضم يعقوب قبضته أسفل الطاولة يعتصرها، وانتفخ أنفه بقوة من فرط العصبية وهو يسحق أسنانه سحقا، وإزرق وجهه كمن بقي ينزف من أمس حتى قارب على الموت وهو يستمع إلى نبرة ياسمين السعيدة المحملة بالتشفي والانتقام.

أكيد جدته هي نقطة ضعفه لو جبناها يبقي خلاص بقي في إيدينا!
اختلج فكه وحدجها بنظرة بلغت مبلغها من القسوة والوعيد والتهديد أنها رأت بها شرا مستطر بقدر يحثه على قتلها دون رحمة، لو رأتها لاختبأت خوفا منه ومن بطشه الذى سوف يطولها.
شاركها خالد التسلية وهو يفكر بشرود قائلا ب شر يجتلب معه المصائب دائما.
حلو بس أنا عايز اندمه وأخليه يتوب عن الشغلانة دي! تقترحي إيه بما إنك أول من بشرني؟

قالت بتسلية وهي تلتقط ثمرة فاكهة تتلذذ بأكلها غير مكترثة بكتلة النيران المشتعلة التي تجلس قبالتها.
ممكن مثلا نقطعها ونبعتهاله في أكياس، أو ممكن تخطفها ونقتلها قدامه!
ابتسم خالد وهو يستمع إليها ببعض الرضا، فمالت برأسها وهي تراقص كلا حاجبيها إلى يعقوب رفقها ابتسامة مستفزة أقهرته، ثم زمت شفتيها وتابعت وهي تتصنع التفكير بعمق.
بس انا حبيت إنها تتبعتلو في أكياس أفضل بكتير ولا إيه رأيك إيه يا يعقوبي؟!

إنه يجاهد بكل قوته، يحاول تحجيم شره عنها والابتسام والمتابعة لكنها لا تتحدث عن قطته المفضلة لا، بل تتحدث عن حياة أثمن شيء في حياته بتلك الفظاعة، يقتلع ذلك اللسان قبل أن يتكرر هذا الحديث مجددا، ساقطة ماجنة، لن يرحمها.
عمد على سخريته المعتادة وهو يداعب ترس القداحة يصب عليها توتره باستفزاز ذا مغزى.
رأيي إنك قرأتي كتب عن الجريمة كتير في الوقت اللي كنتي بتقفي فيه المكتبه وده مأثر عليك شويه متهيألي صح؟!

لم تعد تلك الكلمات تحمل ذلك التأثير القوي الذي باستطاعته أن يعكر صفوها ويحزنها، بل كانت تذعن بابتسامة وديعة مشرقة وحاجبها الأيسر يرتفع متفاعلا معه قبل أن تقول.
يمكن! عندك حق احنا هنتبع طريقتك أنت..
وكشرة خبيثة جعدت وجهها جعلته يهز رأسه مستطلعا لبقية الهذر الذي تتفوه به.
هنرميها للكلاب إيه رأيك؟

ضحك بانفعال وهو يعود بظهره مضجعا على الكرسي، خافيا فمه بكفه بعصبية شديدة، وعينيه مسلطة عليها ك صقر منتظرا قيامها لكي يختطفها ويطير بعيدا ويمزق لحمها كيفما شاء دون مقاطعة.
تنهدت بملل وقلبت عيناها بحنق وهي ترفع كوب العصير ترشفه وابعدت نظراتها عنه، انتهت المتعة بالنسبة إليها الآن وكلمة أخري ولن يتواني عن اقتلاع حنجرتها أمام خالد، وهي لاتريد الموت ليس الآن على الأقل.

انتقلت بنظرها إلى خالد الشارد وسألته بحزن استوطن عيناها واستعمر قلبها بأقل من الثانية جعلت يعقوب يشك في حقيقتها، بالتأكيد هي ممثلة وليست راقصة.
عمو عملت ايه في موضوعي.
تلاشت بسمة خالد التي كانت تزين ثغرة، ونفث الدخان أمامه ببرود وقال بأسف شديد لم يحمل مثقال ذرة من الحزن ولم يستشعره أحد.
لسه شغال على الموضوع يا حبيبتي، الفترة اللي فاتت انشغلت شوية وده عطلني آسف.

طفرت عيناها بالدموع، وشوبتها حمرة شديدة، وتشنج جسدها وهي تجيبه بعصبية مفرطة.
انا مش بقولك عشان تقولي آسف أنا عايزاك تجيب الحقير ده هنا!
وضع سيجاره جانبا، واحتضن وجهها بين كفيه يهدئها بحنو، لكنها ثارت وصفعت يديه بعنف وصرخت باهتياج وهي تقف وبدأت تبك بحرقة.
إنت وعدتني إنك تجيبه وقولت إنك عارف مكانه وهو برا مصر! وسافرت شغلك وجيت من غير ولا خبر، وعدى تلت أسابيع وبردو مقولتش حاجة! هو فين؟ فين؟
توسلها برفق.

إهدي يا حبيبتي إهدي.
فقدت صوابها أكثر وضربت الطاولة بقبضتها بعنف وهي تقف، مرددة على مسامعها بهستيريا وجنون وعيناها تكاد تخرج من محجريها من فرط الإنفعال.
مش ههدى مش ههدى إنت وعدتني صح يايعقوب وعدني قدامك وعدني وأنت شاهد وعدني!

أومأ يعقوب بخفة وهو يراقب انهيارها بمتعة وقليلا فقط من الشفقة، فهي من قلبت الطاولة عليه لكن سقطت على رأسها هي في نهاية المطاف، بينما خالد ضمها بقوة إلى صدره، يحتوي انهيارها، ويلملم بقايا روحها المنكسرة، مزودا إياها بكل الحب، فضربت كتفه بقبضتها بضعف وهي تشهق بحرقة، ولايعرف يعقوب أكان يهذي أم أن نظارته الشمسية ظللت عليه فرآها تبتسم بجانبية ونظرها معلق على شيء ما في الخلف!

استدار برأسه بسرعة وخلع نظارته لكن المكان كان خاو تمام! هل هي مختلة أم ماذا؟!
شدد خالد قبضته حولها وهو يمسح على ظهرها برفق ونشيجها يعلو فوعدها بصدق.
هجبهولك لحد عندك والله هجبهولك بس إنت إهدي إهدي.

بلغ الغضب مبلغه من يعقوب، وزفر وهو يقف وأقترب وأخذها من بين أحضان خالد بابتسامة مبتسرة محتجا بأنه أولى بالمواساة كي يكتسب نقاط لديها دون أن ينطق بهذا بالسبب بالطبع، وضمها إلى صدره بإحتواء كاذب، نقلها من جحيم إلى آخر لكنها تستطيع التعايش مع الآخر.
التقط خالد هاتفه من فوق الطاولة بسبب رنينه بإلحاح وتحدث بعصبية.
في إيه؟ إيه حريق؟ أنا جاي.

أنهي مكالمته وتحرك بعصبية إلى الداخل، والأخرى ظلت تنتفض على صدر يعقوب وقبضتها تشتد حول خصره بضعف.
نظر إليها من علو وهو يحرك شفتيه متمتما بشيء ما بإقتضاب ثم هتف مواسيا باصفرار.
إهدي خلاص هو هيتصرف.
علا صوت نحيبها وتضاعف ولم تتوقف عن النهنهة وهو لم يتحمل فقال بسأم.
كفاية تمثيل بقي؟
زفر وكاد يبتعد لكن هي من دفعته بعنف أولا، وصرخت في وجهه والدماء تتزاحم في وجهها.
تمثيل إيه ياعديم الإحساس يا حيوان!

قلب عينيه بضجر وهدر بسخرية منافية لعصبيته.
الحيوان ده هيعلمك الأدب وهيدفعك تمن الكلام اللي قولتيه غالي.
ردت بعدم إكتراث وهي تلوح بيدها أمام وجهه.
لأ خوفتني! أعلى مافي خيلك اركبه.
قبض على فكها، وسحبها مقربا إياها منه بعنف وحذرها بهسهسة جحيمية نافذة وعروقه تنفر وانامله تنغرز في لحم وجنتيها.
أنا مش خالد يا شاطرة تشخطي وتنطري واخدك في حضني فوقي وتعدلي ده انا ادفنك هنا.

رفعت يدها وغرزت أظافرها في ذراعه ب غل بالمثل، فلم يطرف حتي وهم بدفع وجهها جعلها ترتد إلى الخلف، تماسكت ووقفت باتزان ثم مسدت فكها قبل أن تقول بشجاعة مستفزة إياه.
ولا يهمني هتعمل إيه اتحرق.
وعقبت قولها بذهابها من أمامه لكن توقفت قبل أن الولوج واستدارت نصف استدارة، وهتفت بسخرية مغلفة باحتقار واستصغار كان يستهدفها بهما دوما.

ومتقلقش أنا مش معدومة المشاعر، عشان أقولهم على مكان جدتك ويقتلوها بسبب واحد مجرم ميستاهلش زيك.
ورفقت قولها بولوجها وتركه يلعنها مكانه، ركل الكرسي بغضب وخلل أنامله في منابت شعره بعصبية وهو يفكر بعجز، لقد شلت تفكيره اللعينة واعجزته بمباغتته بما لم يتوقع!، هو الأحمق الذي أخذها من البداية إلى جدته، كيف لم يفكر أنها لن تفضحه وهي حقيرة بهذا الشكل؟

يبدو أنها مختلفة عن الأخريات لكونها الأسوأ والأكثر انحطاطا، لكن كيف إكتشفت أنه العقرب؟ ألم تصعد إلى المرحاض؟! مرحاض؟ مرحاض!
هو أخذها معه لهدف محدد وهو إهانتها نهاية اليوم، هل استفزها كثيرا بقوله ذلك اليوم حتى تحمل ضغينة!، هي أرادت الثأر فا هنيئا لها بالفوز إذا.

تاه فكره، وتريث قليلا يهدأ من روعه، ويريح عقله من زخم أفكاره المتدافعة مخلفة صخب مؤلم داخل رأسه، سحب كرسي وجلس عليه يفكر في حل مع الإثنين خالد وياسمين وهو يهز قدميه بتوتر، فهو لا يثق أنها لن تغيد الكرة مجددا، ولا يثق إن عرف خالد علام سيعول.

استحوذ على عقله فكرة كانت عابرة لا يطيل التفكير بها طوال الأيام الماضية، لكنها لا تنفك عن التقافز أمامه الآن تحثه على الشروع بما أراد دون تفكير، حاول طردها عن عقله لكن أبت الإبتعاد.

لم يخطر له يوما أن يفعل هذا أو تسوقه أفكاره إلى التجسس على رب عمله، لكن أي ندم هذا الذي سيلحق به وهو يفسد عمل خالد على أي حال بعد أن أسس عمله الخاص بكل قوة!، فمن البداية لمن الفضل بكل هذا! من العقل المدبر؟ من يخاطر بحياته لكي تزداد سلطته وتكثر أمواله؟ يعقوب! فعمله لنفسه لا يندرج تحت مسمى خيانه، ولا النبش وراء خالد يعد خيانة أيضا؟
يعقوب يعقوب يعقوب.

أخرجه من شروده زعيق خالد به وهو يخرج على عجاله بعد أن تم تجهيز سيارته، وقف يعقوب وتقدم منه متعجبا يسأل عن سبب هذا الجلبة.
خير يا باشا؟
هدر بعنف وهو يتنفس بثوران ويده تمسد فوق قلبه الذي أخذ في التألم جراء إنفعاله.
هيجي منين الخير الكينج الكلب هجم على مخازن السلاح قشطها وولع فيها!
تعجب يعقوب هذا الفعل وطفق يقول مستفهما.
الكينج؟ الكينج بيشتغل في المخدرات مش السلاح! مش يمكن العقرب؟
صاح بغضب مضاعف.

يقطع ده على ده يامين يلايمني عليه وأنا أشرب من دمه.
وتلا قوله تحركه إلى الخارج كالكلب المسعور ليصيح يعقوب سائلا من الخلف بابتسامة.
تحب أساعدك؟
جمجم آمرا.
لا معايا تايسون خليك مع ياسمين.

إنشغل الخدم في المطبخ والمحادثات الجانبية معا في مكانهم الخاص، وقصد يعقوب غرفة المكتب الخاصة بخالد، وصعد الدرج ضاربا الدرابزون بكفه وهو يصفر وابتسامته تتسع من الأذن للأذن، وصل إلى الممر ومنه إلى الغرفة، فلم يروه الخدم ولن يعرف خالد لأن غرفته خالية من أي كاميرا تجسس صغيرة قد يضعها هنا لكي يستفز أحدا من خصومه بعد محادثتهم وإفشاء الكثير مما لا يجب أن يعرف به أحد، وبدأ يعقوب رحلته في البحث داخل الأدراج بين أوراقه بتدقيق..

مرت نصف ساعة عليه وهو يبحث بين الأوراق حتى تبقى درج واحد موصد ويعرف مابداخله!، أوراق ذات قيمة لخالد فقط ليس له.
خلل أنامله داخل شعره وهو يحملق في العدم بنفاذ صبر مستمعا إلى هدير أنفاسه العنيفة لتستوقفه لوحة الموناليزا الشهيرة المعلقة وعقله يستحضر وقوف خالد أمامها سابقا متأملا قبل أن يحركها وتظهر خزينته أمام مرأى من عيني يعقوب وقام بفتحها.

عقف يعقوب كلا حاجبيه ومال برأسه بزاوية مسلطا الأنظار على تلك اللوحة بتركيز، وحرك قدميه تاركا الكرسي واتجه صوب اللوحة التي تتوسط الحائط وقام برفعها من مكانها، ظهرت الخزنة الرقمية أمام عينيه فتنهد وفكر ببعض الأرقام السهلة المتوقعة وهم بتجريبها لكن لم تفتح معه.

عاد وجلس على المكتب وفتح أحد الملفات التي اشتبه بكونه أستخدم تاريخ أحد صفقاته المهمة لكن فشل، جرب تاريخ مولده أيضا وفشل!، جرب استخدام تاريخ افتتاح أحد فروعه المميزة للشركة لكنه فشل فشلا ذريعا.

أوصد جفنيه بقوة، وسحق شفتيه بنفاذ صبر وأطبق على كفه بعنف وهو يسبه بمقت شديد، هدأ نفسه قليلا وصفي ذهنه وجلس يفكر دون تعجل وعصبية، يفكر ك خالد ومكر خالد وخبثه، كيف يمكن أن يتمادى في جعل الأرقام صعبة التوقع إلى الجميع وسهلة له فقط.
استغرق الأمر نصف ساعة أخري، كان نهبا لصراع داخلي وهو يعتصر رأسه مستبعدا الفكرة العجيبة بعض الشيء التي أتته لكن هي المتبقية وسيجرب لن يخسر.

أمسك قلم، وسحب ورقة بيضاء وبدأ بكتابه الأحرف الأبجدية بالعربي أمامه، وقام بأخذ رقم كل حرف من أحرف أسمه حسب الترتيب الأبجدي وقام بكتابته كالآتي.
71238.
وفشل و زفر بحنق وقام بالتجربة بالأحرف الإنجليزية وجبينه يتفصد عرقا من الإنفعال لكن لم تفتح أيضا!، تخصر وهو يسحق شفتيه سحقا وعيناه تكاد تطلق شعاع يدمر معدن تلك الخزينة وأفكاره تطوف به بعيدا أبعد ما يكون لأنه سأم.

توقف عن الحركة لبرهة وهو يعقف كلا حاجبيه ولا يعرف كيف خطرت إليه تلك الفكرة الشيطانية، وأودت به إلى هذا التوقع المثير! كي يجرب تلك الأرقام وهو يحدق في الأحرف التي إن فتحت الخزينة بها سينقلب كل شيء رأسا على عقب وقد كان.
242486.

ونجح وتم فتحها، لايصدق هذا القاتل اللعين! ابتسم بعدم إستيعاب وهو يحدق بها، وفضوله بدأ يسيطر عليه من هول تلك المفاجئة، مفاجئة شنيعة وليست سارة بتاتا، ما مغزاه من جعل تلك الأرقام مفتاح كل شيء، هل مازال يحيا على الذكريات ولم ينسى! بل يضع أسمه كذلك كنوع من التحدي السافر وإغاظة شخص ميت؟!

نظر داخل الخزانة، فأبصر ملف مخملي مرتب موضوع في زاوية وفوقه بعضا من الأموال والذهب، فقام بسحبه برفق وأخذه وجلس به على المقعد ووضعه على فخذه، وأخفض رأسه فوقه وبدأ بقراءة تاريخ خالد منذ نعومة أظافره تقريبا.

كيف ترعرع، وكيف كون نفسه، وكيف عمل في الممنوعات، وكيف انتهى به المطاف فاحش الثراء، وأخيرا وليس أخرا ما الدين الذي يجعله حنونا وعلى أتم الأستعداد كي يضحي بأمواله وأملاكه إلى ياسمين إن أمكن!، هاهي الورقة التي كتب بها بعضا من املاكه باسم ياسمين لسبب خسيس لا يعرفه غيره بالتأكيد، فكيف سيتخلى ويعطيها أمواله؟ كيف؟

أمسك الورقة الأخيرة المطروسة بالكتابة التي خطها خالد بيديه ب خط واضح منمق وقرأها مرارا وتكرارا، قرأها كثيرا بطريقة مبالغا بها كأنها شهادة تخرجه بعد عناء مشوار الدراسة الطويل!
ظن أنه الأسوأ ويستحق اللقب عن جدارة! لكن تلامذة إبليس لا ينفكوا عن الظهور في حياته وجعله يرى نفسه مرهف القلب قليلا!

اللعين هذا لايجد له وصف! لا يستطيع أن يفكر أو يتوقع حتى كيف ستكون نهايتهم؟ سيحترقون أحياء بالتأكيد، وإن لم يحدث هذا فلقد تم حجز مكانا مسبق لهم في الجحيم.
تنهد واضجع على الكرسي وأرخى رأسه إلى الخلف، وظل محملقا في السقف بشرود، لقد تشابك كل شيء معا، الحياة تصبح محفوفة بالمخاطر يوما بعد يوم.

أغمض عينيه وزفر بقوة في الوقت الذي أدارت به ياسمين مقبض الباب الذهبي ببطء كي لا يصدر صوتا وولجت متسللة!، تريد البحث عن شييء ما أيضا بعد أن بدلت ملابسها إلى بنطال قماشي واسع أبيض، وفوقه كنزه ذات حمالات رقيقة وردية تصل إلى سرتها وتركت شعرها مرفوعا بإهمال دون أن تجففه.

شهقت بخضة وتيبست مكانها عندما استدارت ورأته، أدت إلى انفتاح عينه ورفع رأسه فأبصرها، وتلقائيا أمسك الملف وأخفاه خلف ظهر الكرسي، وظلت يده معلقة معه بشكل ملفت فلم يستفيد كثيرا لأن بروز وتضخم صدره، واختفاء ذراعيه خلفه كان مثيرا للشك وواضح.
استعادت رباطة جأشها وتمالكت نفسها وتقدمت منه وطيف ابتسامة يتجلى على محياها.

سألته بشك وهي تسير بأناملها على حافة المكتب وعينيها مصوبة نحوه بابتسامة عابثة لم يراها من فترة لأن الخبث هو ما كانت تجيده.
بتعمل إيه يايعقوب؟
شبه إبتسامة لاحت على شفتيه وهو يقول بتسلية.
ولا حاجة براجع شويه حاجات كده.

لفت حول المكتب بتباطؤ ونظراتها تخترقه بقوة واناملها مازالت تسير على حافة المكتب حتى امتثلت أمامه خلف المكتب، وبلا مقدمات جلست فوق قدمه لتتسع ابتسامته وتعلق نظره على وجهها القريب، فقامت ب لف يداها حول رقبته وسألته بلطف وهي تطرف ببراءة.
معقولة مخبي ورقة جوازنا العرفي هنا!
قهقهة بخفة وهتف ببحة رجولية وهو يرفع حاجبه على نحو مفهوم، ونظره ينزل بالتدريج ليستقر على شفتيها المكتنزة.
لا مش للدرجادي يعني!

قربت رأسها منه أكثر وهي تبتسم بإغواء، ورائحة الياسمين تنبعث من جسدها تنفذ إليه وهي تداعب أطراف شعره الخلفي في قرب حميمي، وكم بدت لطيفة وديعة وهي تقول.
أومال مخبي إيه ورا ضهرك يا يعقوبي.

أبتسم بجاذبية سامحا لأسنانه اللؤلؤية المنضودة وضحكته الآسرة أن تظهر وتتجلى، ولنفسه أن يتأملها لثوان خاطفة، إنها تأسره ويعترف بهذا، فمهما أهانها وقلل من شأنها لن ينكر جمالها الآخاذ ورقة ملامحها التي تحضه على التأمل، وأما قدها الممشوق فهو قصة أخرى يطول شرحها.

ضربت جبينه ب جبينها بخفة بسبب حملقته الصامته المعبرة، وكفها ينتقل من شعره الكثيف يستقر على وجنته بملمسه الناعم كالحرير مداعبة، وهي تسأل بوداعة صانعة تواصلا بصريا معه.
يعقوب مخبي إيه بقي!
داعب حواسه شعورا مرهف رقيق يهفو إليه القلب، نبع من داخله وهو يضحك بصدق وعيناه لا تحيد عن عيناها قط قائلا بتسلية.
دي الشهادة الصحية بتاعتي عيان هروح أكشف.

ضحكت بدلال وهي تضغط على وجنته الخاسفة بإبهامها بنعومة، وزادت من ميلها عليه حتى شعرت بأنفاسه تضرب أذنها، اضطربت وسارت قشعريرة على طول عمودها الفقري أدت إلى ارتجافها لكنها لم تبدي التأثر المطلوب، ولم تتراجع ومالت أكثر حتى استقرت رأسه على كتفها الناعم المالس من شدة إقترابها، وقد تمكنت من الوصول إلى الأوراق وخطفتها من يده وهبت واقفه وركضت.

إندهش لوهلة واتسعت عينيه ولم يستوعب الفخ الذي اوقعته به، ساقطة لن تتغير.

زمجر بغضب وهب واقفا وركض خلفها وهو يتوعدها بغضب، اصطدمت بالباب من قوة اندفاعها، ووضعت كفها فوق المقبض بسرعة وهي تلهث أدارته وركضت إلى الأسفل، كان يفصلها عن باب القصر عدة خطوات حتي تهرب إلى الحديقة وتختبأ وتقرأ كيفما شاءت، لكن تبخرت امنيتها مع تكبيل خصرها بفعل ذراعه الغليظ، وبثانية كانت معلقة في الهواء من قبله، أرجحت قدميها في الهواء كطفل صغير وهي تصرخ وتضم الأوراق في قبضتها دون أي رغبة في إفلاته.

رفع يده وحاول انتزاعه منها، لكنه كاد يتمزق بينهما وهذا لن يجعله يحدث أبدا، ف هدر بحدة وهو يشده بقوة.
سيبي الورق حاجة متخصكيش!
نفت بإصرار وهي تجاهد للفكاك منه بوجه محتقن.
أبدا هقرأ الورق.

قذفها على الأريكة الأقرب إليه بحركة عنيفة وجثم فوقها، فخفق قلبها بعنف وجحظت عيناها بارتعاب ظنا أنه سيعنفها لكنه عمد على مالم تتوقع، ودغدغتها جعلها تتلوي ضاحكة أسفله وقبضتها بدأت تلين على الأوراق أمام نظراته المتربصة بها، فلمحت وميض الغدر في مقلتيه المسلطة على كفها ومع حركته المباغتة بها، فاجأته ب ضرب وجهه بقبضتها المحملة بالأوراق، طرفت عينيه بحافته جعلته يبتعد متأوها لاعنا بسخط.

ابتسمت بانتصار، وهتفت بثقة وهي ترفع يدها عاليا بالأوراق.
هقرأ يعني هق، آآآه.
صرخت عندما ألقاها من فوق الأريكة لتحط أرضا كي يتثنى له أخذ الأوراق، لكنها حبت خطوتين تستجمع قوتها ثم وقفت وركضت مجددا فتأوه بقوة وانحني يضم خاصرته استوقفها.
هرعت إليه بقلب منتقض وتمكن الفزع منها، وضعت يدها فوق كتفه تسأله بخوف حقيقي غير مزيف البتة.
إنت كويس؟

ومضت عينيه بخبث والتوي فمه بسخرية، ورفع رأسه واختطف منها الأوراق غفلة وصفعها على جبهتها بخفة ك مغفلة وركض إلى الأعلى لأجل أن يرجع الأوراق مكانها مجددا وينظف خلفه، طرفت بتعجب وهي تحدق في يدها الخاوية من الأوراق، هذا المخادع كيف عرف أنها ستأتي ولن تتجاهله كما حدث المرة الأولي؟!

ضمت قبضتها ب غل وهي تزجر نفسها بسبب كونها مكشوفة إلى هذا الحد الذي يجعله يتلاعب بمشاعرها! ثم نظرت إلى الغرفة العلوية بمقت شديد وصعدت خلفه.
كان قد انتهى من إعادة الأوراق محلها، وتم إغلاق الخزنة ورتب الأوراق المتبقية وعاد المكتب نظيفا كما كان. ، استندت بكتفها على إطار باب الغرفة المفتوح وهي تدس يديها داخل بنطالها الواسع تراقبه ببرود، قبل أن تجمع كلماتها وتسأل بحنق والفضول يقتر من عبراتها.

كنت بتدور على إيه يا يعقوب؟
ابتسم بجاذبية لو رأتها لأنتفض قلبها وثار عليها لأنها مازالت تقاوم إلى الآن، كان يعدل اللوحة وبسمته قائمة لأنه كان يعرف أنها ستعود ولن يخيب ظنه، استدار بعد أن أخفي تلك البسمة عنها ونظر إليها مطولا قبل أن يقول بهدوء.
ولا حاجة متقلقيش وريحي نفسك.

ضمت قبضتها داخل جيب بنطالها القماشي، تحاول السيطرة على نفسها لكي لا تفقد صوابها وتصرخ عليه كي تعرف، لأنها ربما تتلقى صفعة لا جواب، فتنحنحت واقترحت عليه بتواطؤ.
طب ماتقولي يمكن أساعدك!
ابتسم وسخر منها على غير إرادة منه، لأنه لم يرغب في جرحها حقا لكن فعل.
إنت تساعديني! ليه ضايع مني الصاجات؟!

كمد لون وجهها وابتلعت الإهانة، ومن ثم ضحكت وهي تهز رأسها متخطية هذا بسلاسة، وكتفت يديها أمام صدرها بحركة عنيفة قوية سائلة بتهكم.
لأ عشان إنت العقرب، ليه عقرب وخافي نفسك لما ممكن تطير خالد وميكونش في غيرك إنت؟!
أجابها ببرود شديد وتعجبت من كونه أجابها دون أن يتجاهل أو يسخر.
عاجبني الوضع كده.
سألته باهتمام وهي تضيق عينيها.
ولو خالد عرف هيحصل إيه؟
ضيق عينيه وقال بتفكير وهو يحك طرف ذقنه.

هيؤمر رجالته يقتلوني!
طرحت سؤالها ببلاهة وهي تفك عقدة يديها معترضة.
وهتموت؟
أجابها بسماجة بسبب السؤال الغبي.
لو عمري إنتهى هموت اه.
عضت طرف سبابتها وبدا عليها التوتر وحركت شفتيها وقالت بعدم رضا.
يعقوب إنت ممك..
قاطعها بجدية محذرا وقد عاد لشخصه المتجهم من جديد.
إنت مالكيش دعوة وخليك في حالك.
نظرت إليه بغضب لم تخفيه ثم غمغمت بضيق.
طيب أنا عايزة أخرج زهقانه خرجني.

رفض وهو يتقدم منها لكي يخرج من الغرفة، ودفع بها بالفعل من أمام الباب وأغلق الغرفة.
مش النهاردة في عملية بعد كام ساعة.
ابتسمت باتساع بعد أن كان الشرار يتطاير من عينيها ضده بسبب الدفعة، وسارت خلفه في الممر وطلبت بحماس ك طفلة صغيرة وهي تقف على أطرافها من خلف كتفه العريض متطلعة إلى موافقته بينما هو يستمر في السير.
خدني معاك.

توقف فجأة، واستدار على عقبيه ينظر إليها من أعلاها لأخمص قدميها بدون تعبير عاجزا عن الرد، لكن ملامحه كانت مقروءة بالنسبة إليها، فهي كانت تدرسه طوال الشهر الماضي بالفعل، فقالت هي وهي تتخصر بحنق.
على فكره عارفة إنك مش رايح تتفسح بس انا عايزة اجي معاك وهتفرج من بعيد مش هعمل صوت.

تأتأ وهو يهز رأسه بنفي ووضع كفه فوق شفتيها عندما لمحها تتحرك وستطفح بوابل من الكلمات المقذعة ربما، ويده الحره تديرها وتدفع بها لعكس اتجاهه.
شششششش شوفي إنت رايحة فين يلا.

مساءا..
في أحد المناطق النائية البعيدة.
زفر يعقوب وهو يترجل من فوق دراجته النارية، ثم ألقى نظرة نارية على القابعة داخل السيارة وتخرج رأسها من النافذة بشعرها المتوهج تراقبه بمتعة وسعادة هاتفه بدلال وهي تطرف.
بيبي متضايقش بقي الله!

كادت تقبله في المنزل لكي يوافق أن تأتي، والمحزن أنه وافق قبل أن تقبله لأنها استخدمت أقوي سلاح قد تستخدمه الفتاة بعد أن يقع الشاب في حبها، ألا وهو البكاء، لم تجزم بعد أنه يحبها لكنها جربت ونجحت عندما بكت بحرقة لم يجدها مزيفة، لامست قلبه واحزنته عليها، وحصلت على شفقته إزاء كلماتها المؤثرة عن كونها وحيدة ولا تملك أحد يحبها أو يلبي رغباتها البسيطة التى كان لها تأثير فتاك، ادخلته في عالم آخر وتفاصيل أخرى لا نهاية لها، ولكي يصمتها وافق قبل أن تتطرق للقبلات، وكانت متأكدة من نجاحها لكن المؤسف أنه لم يحدث لأنه لو حدث لم يكن يعقوب ليأتي حتى.

تجاهلها يعقوب وهو يغمغم وأمر الحارسين بصرامة وتبلد مزج بتهديد.
تفضلو معاها هنا ومتسيبوهاش لحظة، ومتخرجش من العربية تحت أي ظرف ولو حصل غير كده متلوموش غير نفسكم.
أنهي قوله وغادر مبتعدا عن الباحة وتوغل إلى الداخل خلف المنزل متخطيا رجاله ورجال الكينج الذين شكلوا صفين متقابلين من البذلات السوداء، بملامح واجمه يحدقون في بعضهم البعض، وولج إلى القبو المهجور لمقابلة عوض والاختلاء به.
ها إيه رأيك؟

سأله يعقوب وهو ينفث دخان سيجارته أثناء تفقد بضاعتة التي كلفته الملايين، أبتسم الكينج وهو يخرج خنصره من فمه بعد أن تذوق المسحوق الأبيض الذي تفقده، ووضعه المنضدة قائلا بإعجاب وهو يجلس مقابلة على المقعد بأريحية واضعا ساق فوق الأخرى.
أكيد هتعجبني دي مش أول معاملة بينا ومش هتكون الأخيرة.
أبتسم يعقوب مجاملا ولم يعقب لأن في هذا الظرف غروره وثقته اللامتناهية كليهما من يتوليان زمام الأمور.
سأله باهتمام.

عملت إيه في موضوع العقرب؟
قال يعقوب بعملية.
لسه بدور وقريب هنعرف هو مي..
قاطعه قول الكينج بإبتسامة.
أنا عرفت هو مين.
تصلبت ملامح يعقوب وسلط أنظاره عليه باستطلاع شديد مترقبا، وهو يطفئ سيجارته في المنفضة ثم حرك يده إلى حزام بنطاله المدسوس به مسدسه مستعدا لأي غدر قد يتعرض إليه، وقبل أن يتصاعد الموقف ويتهور، أخبره الكينج ببساطة دون أي مراوغة.
طلع تايسون.

أرخي يعقوب قبضته فوق مسدسه ولانت ملامحه المشدودة وهتف متعجبا.
مين؟!
أجابه بضيق بسبب تكرار كلامه مرتين.
تايسون تايسون هو العقرب وهو اللي ولع في المخازن بتاعة خالد.
سأله بشك.
وإنت عرفت منين أن المخازن ولعت؟!
أبتسم بغضب وهدر وهو يضم قبضته بقوة مستذكرا ما حدث.
خالد جالي النهاردة مع تايسون لحد عندي برجالته عشان يقتلني ويبدأ الحرب.
رد يعقوب بجدية رافضا تلك الفكرة.
بردو مفيش دليل إن تايسون هو العقرب! إزاي يكون؟

قال الآخر بشرود وهو يدعس عقب سيجارة أسفل حذائه اللامع.
بقالنا فترة مراقبينه، تحركاته كلها مريبة وضامم نص رجالة خالد ليه تقريبا وشكله بيخطط لحاجة واهو حصل النهاردة والمخازن ولعت.
نفي يعقوب باستهجان.
معندوش سبب للخيانة! تايسون أفضل رجالتنا ممكن يكون كل ده صدفة!
ضحك الكينج بملء حلقه وسخر مخيب الظن.
عيب لما واحد زيك يدي مبررات لواحد خاين! الطمع يعمل أكتر من كده ومتستبعدهاش أبدا.

كلما ابتعدت الشبهات عنه كان أفضل وهذا جيد. ، لكن تايسون! ما دافعه؟
طيف إبتسامة ظهر على محياه قبل أن يسأله بجدية.
وأنت هتعمل إيه دلوقتي؟
قال الكينج ببساطة وهو يقف.
هنخلص منه طبعا.
أومأ يعقوب وقبل مبادرته بالحديث قال الكينج قولا مبطن يحض على الخيانة.
يعقوب إنت قديم أوي في الكار بتاعنا، مش شايف إنك المفروض تكون في مكان تاني خالص؟
أبتسم يعقوب بعبث وسأله بمكر.
مكان زي إيه بالظبط؟

بادله الكينج ابتسامته عندما أدرك أنه فهم المغزي من حديثه فعاد للجلوس مقابله وقال مقترحا.
مكان خالد مثلا!
أومأ يعقوب وسأل بسخرية.
وهنعمل في خالد إيه؟
قال بسلاسة.
نفس اللي هنعمله في تايسون، بس نبعد عن القتل عشان ميدخلش البوليس ويكون فيها سين وجيم.
مط شفتيه وهو يهز رأسه واضطجع على كرسيه وهتف باستفهام.
من غير قتل!
أومأ وعين الكينج تسطع بومضات خطيرة خبيثة.

طبعا من غير قتل ولا نقطة دم وهنكون بعاد عن الصورة تماما أقول؟
قول.

زفرت للمرة المئة وهي تخلل أناملها في منابت شعرها بحنق، والحرارة تنبعث من جسدها وتكاد تطلق بخارا يملأ السيارة ويخنق ثلاثتهم كي ترتاح، لعنتهما وهي تسند رأسها إلى كفها ب هم مجبرة على سماع حديثهما السخيف ومزحاتهم الثقيلة ك حشرات البق لا تشجع حتى على الإبتسام!

إضجع أحدهما بظهره على الكرسي بأريحية كي يتسني له الراحة قليلا وفتح زر سترته السوداء ليتهدل طرفها بجانبه، صوبت نظرها على جيب السترة الثقيل الثابت مكانه بفعل هاتفه، تجاهلته في بادئ الأمر لكن قفز على عقلها فكرة شيطانية خبيثة سترتجف لها الأبدان، جعلتها تتحسس رقبتها بمتعة وإبتسامة خبيثة تعلو ثغرها وهي تخطط للتنفيذ، فإن تم هذا سيتحول المكان إلى ماراثون رياضي، هي تشعر بالملل ولا داعي لتفاقمه بل ستقطع دابره نهائيا.

نظرت في المرآة الأمامية فلاحظت مراقبة الحارس إليها بتدقيق، فمالت تربط حذائها كتمويه، وهو فتح نافذة السيارة ينظر من خلالها، فقامت بإستغلال الفرصة وامتدت يدها بخفة شديدة وأخرجت الهاتف من جيب سترته دون أن يشعر.
خبئته خلف ظهرها عندما إلتفت الأخر برأسه فجأة وضرب كتف زميله معنفا إياه.
إنت نايم ياخويا؟ فوق وقوم قوم ننزل نقف برا بدل الخانقة.

أومأ وهو يتثائب وخرج الإثنين معا، لتتسع ابتسامتها الشيطانية وأخرجت الهاتف وهاتفت الشرطة دون أي تردد.
مالت على الأريكة وتحدثت بصوت أقرب للهمس.
ألو عايزة ابلغ عن عملية تسليم مخدرات دلوقتي في منطقة مهجورة اسمها (، )، والمدبر لكل حاجة إسمه عوض شكري وشهرته الكينج و، و..
أبي لسانها أن يلفظ اسم يعقوب قط وتعالت خفقاتها المضطربة، وشردت تفكر به، لكن أفزعها سؤال الطرف الآخر باهتمام وهو يدون ماتقول.

في حاجة عايزة تقوليها تاني؟
قالت بارتباك.
لأ لأ مفيش تعالوا بسرعة.
إسمك إيه؟ وعرفتي منين وبتكلمي..
أغلقت في وجهه بارتباك، وبلعت ما بجوفها وأغلقت الهاتف بسرعة وأخرجت الخط منه وكسرته وقامت بالتخلص منه عبر دسه في جيب بنطالها الضيق، وقذفت الهاتف على الكرسي الأمامي واضجعت إلى الخلف وهي تفرك يديها بتوتر وقليل من الندم بدأ بالزحف إليها، هي لم تتمادى كثيرا صحيح! يعقوب لن يحزن فهي لم تأتي بسيرته!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة