قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا ياسمين للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الخامس

نوفيلا ياسمين للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الخامس

نوفيلا ياسمين للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الخامس

هل جربت يوما أن تكون محطما، وعندما تبدأ بارقة الأمل تلوح في الأفق يتم صفعك ب أقسي الطرق فتعود جسدا بلا روح؟، هذه هي طبيعة حياتها.

وصل إلى وجهته المحددة، منزله في أحد التجمعات السكنية الراقية التي لا يعرف بوجوده أحدا البتة، صف سيارته أمام أحد المنازل الكبيرة ذات الوجهه الرائعة والحديقة المزهرة، في وضح النهار والشمس الذهبية مازالت في كبد السماء تنير وتدفيء الجو، مع نسمات الهواء المداعبة.

فعل مالم تتوقع وأحتضن كفها بين كفه بدفء عندما ترجلت ووقفت تناظر المنزل بشمولية، ولج بها إلى الداخل وهو يبتسم بحماس، تفاقم أكثر وأدي إلى تفجر هرمون السعادة داخل أوردته عندما أبصر أجمل إمرأة في العالم على الإطلاق تجلس في الحديقة على كرسيها المتحرك، تخفض رأسها على شيء ما تفعله بتفان من خلف نظارتها ذات العدسات المكبرة، بالتأكيد تحيك ملابس صوفية إليه كالعادة.

سارت معه ياسمين مشدوهة جراء تبدله العظيم، وعيناها معلقة على ملامحه الباسمة السعيدة التي لن تراها كل يوم.
ترك يدها وهرول بخطوات حثيثة متسللة دون أن يصدر صوتا، ثم هجم على العجوز التي توليه ظهرها معانقا عضدها من الخلف تزامن مع إطلاق صيحة ملؤها الجذل والإشراق.
وحشتيني وحشتيني أوي.
شهقت متفاجئة ووضعت كفها المجعد فوق يده وهي تضحك بسرور مرحبة به بحنان أم رءوم.
يعقوب! وحشتني.

قبل وجنتها بحنان وهو يزيد من ضمها إليه بحنو شديد، و ابتسامته تزداد إشراقا، وحرك شفتيه للتحدث لكنها سبقته موبخة باستياء مشبع بلوم.
بقي يا جبان تسيبني يوم بحاله ومتجيش فينك اتجوزت من ورايا ولا ايه؟
قهقهة بتسلية ونفي قائلا وهو يسند ذقنه فوق كتفها بخفة.
آسف مش هتتكرر تاني يا ست الكل؟
أومأت برضا وهي تربت على يده برفق ليستطرد بهمس لطيف ك طفل اجتمع أخير بوالدته بعد عناء.
مش جاي لوحدي على فكره معايا ضيفة.

صمتت برهة تستوعب قوله، قبل أن تهمس سائلة بلطف مماثل وملامحها تتجعد أكثر بحكم سنها.
مراتك معقولة؟
قهقه بخفوت وهمس بصوت بالكاد سمعته هي.
يمكن تكون ويمكن ماتكونش خالص!
ضيقت عينيها وأخذت في صفع يده صفعات متتالية وهي تطلب رؤيتها بازدراء.
طيب طيب هي فين عرفني عليها؟
وقف باستقامة ورسم الجمود على ملامحه، واستدار على عقبيه وهتف بإسمها بهدوء أثناء تحديقها الطويل بهما بفضول وفاة فاغر.
ياسمين تعالي.

لاح عليها التردد هنيهة، وتباطأت خطواتها وهي تسير صوبه بخجل، فأمتد كفه وأمسك يدها عندما توقفت بالقرب منه ك طفلة لا تعرف غيره وقربها من جدته وقام بتعرفيها عليها.
ياسمين خطيبتي، ياسمين دي جدتي.
صفعت جدته ذراعه بغضب فاجأته!، استبد به القلق وجفت الدماء داخل عروقه إثر فعلها ظنا أن ما تفوه به أزعجها، وتوترت ياسمين وعيناها تتجول بينهما بتذبذب أثناء زمجرتها وحديثها بتكبر وغرور.
جدتك إيه؟ أنا أصغر منك يا ولد.

تنفس الصعداء وردت فيه الروح، وقهقه ومال يقبل يدها بحنو تحت أنظار ياسمين الباسمة التي دمثت ولانت بعاطفة، ومتيبسة مكانها عاجزة عن النطق والتعريف بنفسها، مشدوهة به ومن تصرفاته المتناقضة!، طال صمتها جذبت أنظار هما وخاصة أنظار الجدة، فهزت رأسها بقوة تبعد الشده عنها ومن ثم نظرت إلي جدته كما يقول، وانحنت مباشرة تصافحها بيديها الاثنتين بإحترام، تربت على ظهر يدها بلطف والأخر في راحتها وهي ترسم ابتسامة ودودة على محياها أثناء تعريفها بنفسها.

أنا ياسمين.
أومأت بلطف وهي تشملها من أعلى لأسفل بتدقيق لكي تري اختيار حفيدها إن كان اختيار موفق أم لا.
هسيبكم أنا بقي وأجهز الغدي لأني هشوى النهاردة.
قال يعقوب قبل انصرافه إلى الداخل، لتسارع جدته بالقول منبه كي لا يبحث ويحتار.
الحاجة في مكانها زي ماهي يا يعقوب.
أومأ بتفهم وتابع سيره إلى الداخل، لكن استدار قبل الوثوب وسأل باستفهام.
هي راحت فين البنت اللي جبتهالك؟

أجابت مترفقة بحالها، كي يفعل المثل لأنه حذرها من ترك جدته وحدها، وهي تنظر إلى قطعة الصوف في يدها.
استأذنت كام ساعة وجاية وانا وافقت عشان عارفة إنك جاي.
أومأ على مضض، وتابع سيره بينما هي حثت ياسمين على الجلوس على الكرسي المجاور إليها برفق وبشاشة قائلة بلطف.
اتفضلي ياحبيبتي أقعدي.

ابتسمت ياسمين بتوتر، وجلست بجانبها على المقعد بارتباك ومقلتيها تتدحرج وتدور في الأرجاء طارفة، تفكر في كيفية بدء محادثة معها دون أن يبدو حديثها متكلف أو مصطنع!
أنقذها من حيرتها وتفكيرها المؤذي سؤال جدته البديهي.
خريجة إيه يا حبيبتي؟ شغالة ولا قاعدة؟

شحب وجه ياسمين، وزاغت عينيها، وعدلت جلستها بعدم راحة، وحزن عميق استعمر نهر عسلها، تجلى بوضوح على معالمها، وهي تفكر في إجابة مقنعة تقولها حتى استحضر عقلها وطن في أذنها قول يعقوب لخالد أنها تعمل في مكتبة لبيع الكتب!

تمالكت نفسها، واستعادت رباطة جأشها وحركت شفتاها المرتشعة بشكل غير ملحوظ للإجابة، لكن رصدتها أعين الجدة الدقيقة من خلف عدستها المكبرة، فباغتتها بسؤال بعد أن لاحظت تذبذبها المريب وزيغ عينيها.
إنت مش شغالة في مكتبة يا ياسمين؟
كمد لون وجهها ونظرت إليها بشحوب، وهي تفكر في مصارحتها بالحقيقة لأن الحقيقة ستظهر يوما ما بالتأكيد.

خفضت رأسها بقنوط، شاعرة بالعجز بسبب حقيقتها التي تعريها وتخجلها أمام نفسها، فعزمت على مصارحتها لكن تريثت قليلا، وعقفت كلا حاجبيها وأعادت التفكير في جملتها التي فهمتها خطأ، كيفما شاءت هي قبل أن تجيب بالحقيقة بتهور بسبب ارتباكها وتذبذبها.
فهمت أنها تسأل، وسرعان ما ابتسمت بأريحية، وتوقف صوت قلبها الخافق، وتنفست الصعداء وأجابت بلطف.
أه شغالة في مكتبة..

اكتفت بهذا وصمتت تعبث في أناملها وهي تخفض رأسها، قبل أن تستعيد بعضا من ثقتها المسلوبة وأردفت سائلة كأنها أصبحت شخص مميز بالنسبة إلى يعقوب.
هو أنا أول واحده يعقوب يجيبها هنا؟
توقعت أن تجيبها ب نعم أن تخبرها أنها المميزة التي عرفها عليها، وكان هذا لكن ليس بالطريقة التي أرادتها، جعلتها ترتبك بشكل مضاعف عندما قالت وهي تخفض نظارتها قليلا، تنظر إليها من خلفها.

آه يا حبيبتي اول واحده يجيبك هنا، بس مش اول وحده يعرفها، كان في اتنين قبلك.
لا تعرف لم اجتاحها ذلك الشعور بأن جدته تتكبر، كأن حفيدها صنع جميلا ويجب على ياسمين إظهار امتنانها بسبب خوض تلك العلاقة!، كأن إبنها طبيبا أو طيارا تترامى عليه الفتيات!

أومأت ياسمين بشرود وهي تفكر بتشوش، فهي أصبحت تائهة أكثر! فما المغزى مما يحدث معها الآن؟ ماذا يريد منها؟ وما الذي يريد أن يثبته بتلك الزيارة وإتيانه بها إلى هنا؟!
في النهاية إكتشفت أنه يستطيع أن يحب!، ولم تكن المرأة الأولي! إنها الثالثة! ماذا حدث مع الفتاتين ياتري؟! هل قتلهما؟ أم اطعمهما إلى كلابه؟
ها إيه الأخبار؟

أخرجها من صفونها، توقف يعقوب بآلة الشواء على بعد خطوات قليلة من كلتيما وأشعلها، وجلب اللحم من الداخل الذي أوصي به أمس وكل ما تم تجهيزه بأمر منه حتي يكون كل شيء جاهز اليوم.

باشر عمله وبدأ بالشواء باستمتاع، والأهم وجهه الباسم الذي كان تهيم به وهي تطيل النظر إلى ضحكته التي لم تتوقف عن تزيين ثغره وهو يشاكس جدته قط!، كأنها الكون بالنسبة إليه، تمده بماء الحياة وري البقاء، يبدو أنها عائلته الوحيدة لأنه لايكون طبيعيا أو متحررا سوي معها كما تري وهذا واضح ك ضوء النهار، أنه معها شخصا آخر باسم مازح والأهم ولد مطيع ومرح!

أين يعقوب الحقيقي رجل العصابات المرعب؟، تريده الآن فهذا لا تستهواه كثيرا ولا يشعرها بالراحة! لا ترتاح يبدو خبيثا أكثر من أي وقت مضى!
عيناه التي تلمع ويتألق بريقها الآن، تفضلها داكنة حالكة السواد، تفضل تجهمه وقتامة وجهه، الهدوء الذي يظهره لا ينم على أي خير البتة!

جنحت الشمس، وأسدل الليل سدوله وعم الظلام صفحة الأفق، تناولوا الطعام في أجواء حفلت بمرح يعقوب بالطبع، السعيد على غير العادة، لكن داخل المنزل بسبب الرياح المزمجرة التي اشتدت عليهم في الخارج، وترك ياسمين مع جدته في الداخل يرتشفان مشروبا ساخنا دافئ، و استلقى هو في الحديقة على العشب متوسدا ذراعه يتأمل القمر، ويعد النجوم الحائمة حوله.
أنهت جدته كوب السحلب الدافئ الخاص بها، وسألت ياسمين ب ود.

يعقوب عامل معاكي إيه يا ياسمين؟
ها؟
ردت بتيه وهي تطرف، محتضنة كوب الشوكولاة الخاص بها بين راحتي يديها وهي تضم ساقيها فوق الكرسي الوثير، وتضجع بأريحية، فإن الأجواء العائلية هذه غريبة عليها، لكنها لن تنكر دفئها وحضها على الاطمئنان، وإقامة هذا الشعور الناعم كالبلسم داخلها، وبالرغم من كل هذا، مازلت جازعة ومن المؤسف أن الراحة لا تمد جذورها عميقا.
استعادت تركيزها وأجابت ببسمة لطيفة وهي تسبل جفنيها.

كويس الحمد الله.
قهقهت الجدة وسألتها بمكر يعود لإمرأة في الثلاثين من عمرها وهي تضيق عينيها لأنها أكثر من يعرفه.
يعني مش بيتغابى عليك فجأة كده ولا كده؟
ارتفع حاجبها الأيسر، وسألتها وهي تضع الكوب من يدها فوق المنضدة أثناء إنزال ساقيها أرضا.
ليه بتقولي كده؟
قالت وهي تمسك بالوشاح الصوفي، الذي كانت تحيكة لأجل يعقوب، وتابعت ما بدأته وهي تنزل نظارتها على عينيها كي ترى بوضوح.

أوعي تفتكري إني هشكر فيه وأقولك يعقوب حنين ومش حنين وكل الكلام الطويل ده؟
هزت ياسمين رأسها بعدم فهم وهي تجعد جبينها تلك المرة بانزعاج، متهكمة وهي تنظر إليها، فتابعت جدته وهي تحرك إبرة الحياكة لإكمال الوشاح.
يعقوب عصبي، مش من النوع اللى يظهر مشاعره بسرعة، ومش دايما تلاقيه يبل ريقك بكلمة حلوة، بس هو كده يتحب كده زي ما هو، وهو هيحبك على طريقته.

توقفت يدها ورفعت رأسها، تنظر إلي ياسمين من خلف عدستها المكبرة مسترسلة سيل الحديث بحنو.
إقبيله كده وهو هيقبلك زي ما أنت ومش هيطلب تتغيري، لأنه مؤمن بإن في حاجات منقدرش نغيرها بس نقدر نتعايش معاها.

كانت مستمعة جيدة، تستمع بتركيز وتدرس شخصيته التي لم تضف جدته عليها ماهو غريب، بل إنها لربما تكون غافلة وجاهلة بالكثير، لكن الغريب أنها تتحدث بوضوح وصراحة كأنها صدقت أنهما سيتزوجان وأنها خطيبته حقيقي!، هل تعرف ماذا يعمل حتى كي تتحدث بتلك الثقة والسلام الداخلي كأنه أمير!
تنحنحت ثم سألتها بفضول لم تستطع كبحه عنها كي تجيد الرد عليها.
حضرتك تعرفي يعقوب شغال إيه؟
أجابت بإعتزاز وثقة وهي تبتسم بحنو.

محاسب في شركة كبيرة.
عضت ياسمين طرف شفتيها وهي تخفض رأسها كابحة إبتسامة لا تليق بتاتا بما قالت، كان سيتم فهمها كونها ساخرة لكنها حقا كانت ساخرة، فتلك المرأة يعقوب يجيد استغفالها وتضليلها جيدا.
أبعدت ياسمين شعرها خلف أذنها بنعومة وهي تتحرك في جلستها، ماحية تلك البسمة الغبية عن وجهها، ثم رفعت رأسها فرصدت جدته تنظر إليها بتدقيق وعمق أربكتها وظنت أنها رأتها تبتسم.

سألتها بمكر وهي ترفع حاجبها الأبيض قليل الشعر.
مش قاعدة على بعضك! عايزة تخرجي تقعدي مع يعقوب؟
ردت متعجبة.
ها؟
ضحكت الجدة وقالت بإبتسامة وهي تلوح بيدها تحثها على الذهاب.
أخرجي اقعدي معاه يلا يلا.
أومأت بلطف دون أن تبدي أي إعتراض، ووقفت واتجهت صوب الحديقة، أبصرته يجلس بهدوء والحقيقة أنها لو مكانه لم تكن لتريد أن يزعجها أحد.

ترددت قبل الإقتراب، وأخذت خطواتها في التباطؤ وهي تفكر بتأني، فهما ليسا صديقين، ولا حبيبين تلك المودة ورائها شيء لاتعرف كنهه!، ويجب أن تعرفه الآن صحيح؟ أجل ستقترب وتسأل ماتريد كي لا يظل فضولها ينهشها.
وقفت خلفه مباشرة، ومالت مخفضة الرأس فوقه، فظلل شعرها على وجهه وحجب عنه الضوء، وتسلل عطرها إليه، فرفع رأسه مع بصره مباشرة بإبتسامة ساحرة، وهو يحرك رأسه بزاوية كي تكون مقابل وجهها وقال بلطف.

أقعدي واقفة ليه؟
بادلته إبتسامته بأخرى ناعمة، وأذعنت وجلست بجانبه مربعة القدمين ثم نظرت إليه تستشف من ملامحه أي هجوم ضاري قد يشنه عليها، لكنه كان مسالم رائق المزاج من بداية اليوم وسيكون إلى نهايته بالتأكيد هذا إن لم تزعجه أسألتها.
تحمحمت وقالت بخفوت رقيق وهي تخفض رأسها وتعبث في أناملها كفتاة طيبة تخلت عن رداء الجموح وأبدلته بآخر خجل.
يعقوب ممكن أسألك سؤال؟
رد باسما وهو يرفع ساق فوق الأخرى.
إتفضلي.

ازدردت ريقها ببطء ومن ثم سألت بتردد وهي تضغط على أناملها.
إنت، إنت، ليه خلتني أوقع ورقة عرفي؟
لم تخبو إبتسامته أو تتلاشي، بل حرك رأسه إلى الجانب من فوق كفه ونظر إليها بعمق ولمعة غريبة سكنت مقلتيه وهو يقول دون تردد.
عشان أضمن إن محدش ياخدك مني، ولا أنت تهربي.

كلمات بسيطة جدا لكن وقعها كان له تأثير عظيم، كأنه يحادث فتاة بلهاء تذهب بكلمة وتأتي بكلمة أخري دون أن يدري!، تحس أن هناك أمل ليكونا معا! لكن هل هي تريد هذا؟ الإرتباط ب مجرم سوف يقتل أو يسجن في نهاية المطاف؟!
قلبها ذلك البالي يتأثر ويخفق بجنون ولم لأجل هذا؟! إنها غبية أم يخيل إليها؟!

تعترف أن راحتها الآن لا تضاهيها راحة، لأنها ستظل ورقة بلا قيمة، وهو لا يبيت نية إتمام زواجه منها بتلك الورقة وهذا هو المهم.
أوقفت سيل تلك الأفكار والتحليلات وامسكت لجام عقلها، وأخذت شهيقا طويل وهي تلوح بكفها أمام وجهها تجتلب لنفسها الهواء الذي انحسر فجأة رفع حرارة جسدها.

وسارعت تسأل سؤالها الثاني كي لا تظهر ك مثيرة للريبة أو كثيرة التفكير بشيء من المفترض أنه عادي!، ولكي لايظن أنها تضمر شيء، بصوت مهزوز حاولت التحكم به أكثر من هذا لكن فشلت.
وعقد الملكية! أصلا في حاجة إسمها عقد ملكية؟
ظل نظره ثابتا عليها ثوان عدة، استعاد بهم لحظات قليلة من قاع ذاكرته الغادرة التي دفعته لفعل هذا الفعل الخسيس!

ضحك بملء حلقه وهو يعيد تسليط نظره إلى القمر، فاختض قلبها، وتقلصت ملامحها، وعلمت من خلال نوبة الضحك الساخر هذا إن ما سيقوله شيء لا يسر نهائيا!
تبددت ابتسامته واتخذ قراره بالبوح وملامحه تقسو ومن ثم سألها باستفهام.
إنت قرأتي الورق قبل ما توقعيه؟
أجابته بثبات انفعالي وعقلها يسافر طائفا في ذكريات ذلك اليوم، تستذكر فيه ماحدث بتفاصيله وصوت قلبها الخافق بقوة يكاد يسمع.

قرأت أول ورقتين قبل ما أزعق وأعترض وأقول مش هوقع!
أومأ بتسلية واستدعي ما سيقوله إعتداله والجلوس على جانبه، مثبتا مرفقه فوق العشب ليكون مقابلها ويرصد معالم وجهها وردات فعلها لأنه لن يفوت متعة مشاهدتها بالتأكيد.
حلو، قرأتي إثنين وهما كانوا أكتر، وأكيد لما رجعتي توقعي الباقي تحت التهديد مقريتيش باقي الورق مظبوط؟

أومأت بحركة ثقيلة، مختنقة، خائفة، مذعورة متسائلة عن ماهية المصيبة التي أوقعت نفسها بها، مترقبة وهي تعض شفتها السفلى من فرط التوتر، لم يخرج من فمها حرف فضولي آخر، ولم تسعي لمعرفة البقية لكن هو من أشبع فضولها بقوله الصادم وهو يبتسم ب خسة.
أصلي عرفت بالصدفة يا ياسمين إن خالد العظيم مستعد يكتبلك كل أملاكه أو جزء منها عشان يرد الدين اللي عليه.

طالعته بجهل وهي تقطب جبينها، تحاول ربط الكلمات وفهم مايرمي إليه ليتابع بتسلية وهو يبتسم غامزا.
بيني وبينك انا مصدقتش بس لما فكرت شويه فا خالد ممكن يعملها عشان كده جهزت الأوراق ورسميا إتنازلتى عن أي حاجة ممكن خالد يكتبهالك وبقت بتاعتي.

تجمدت محلها، وهبت رياح داعبت شعرها بحنان ك حنان يد عاشق لكن دون أن أي تأثير!، كأنها تمثال شمعي جميل راقي تم نحته بتلك النظرة المعبرة التي نمت عن صدمتها التي بردت أطرافها وألجمت لسانها وعجزن عن الرد.
ضحك بدون تسلية، وعاد يتسطح وتوسد ذراعه ونظر إلى القمر، وبدي من الغرور أنه قال بصوت مرتفع بعد تصريحة بالحقيقة.

الحقيقة يا ياسمين أنا كنت فاكرك رخيصة! بس للحق وعشان ماكونش ظلمتك، إنت مطلعتيش رخيصة بس! إنت طلعتي سهلة كمان.
صرخت في وجهه بقهر وطفرت عيناها بالدموع وهي تعتصر قبضتها بعنف أوجع عظمها، وحزن موحش استحوذ كل ذرة في كيانها، وملامحها تتبدل رغما عنها لأخرى طغى عليها الألم والمرارة في آن واحد، والعبرات تكاد تنهمر من عيناها بسبب هذا التلاعب! إنه حقير..

تم إضافة تلك الذكري بنجاح عميقا داخل أوغال ذاكرتها كي تستحضرها مجددا في الوقت المناسب، لقد تشبث ببارقة الأمل الوحيدة التي منحها إياها بالمجئ بها إلى هنا، لكنه خسيس ولن يتوانى عن فعل هذا بها، ويستحق ما سيحدث.
تمالكت نفسها، وسيطرت على انفعالها المؤذي، ولفظت باستحقار محمل بالقهر والبغض وهي تهز رأسها.
قد إيه إنت واطي وحقير.
ضحك مستهزءا مستحقرا، وطرف شفته يرتفع بسخرية قبل أن يقول بتهكم.

والواطي ده هتموتي وتبقي معاه في سرير واحد.
بصقت في وجهه باشمئزاز وصدرها ينقبض وينبسط بعنفوان، وحدث ما أرادته من الصباح وتبدل من يعقوب الباسم إلى المتجهم الذي تجسد الجحيم في نظراته وقساوة ملامحه الصلبة وهو ينتصب ويده تسبقه إلى رقبتها، وقربها منه سحبا بقوة ومال يمرغ وجهه في شعرها ينظفه من لعابها مثل المرة الأولى تماما، ثم دفعها إلى الخلف بعد انتهائه بقسوة أسقطها على مؤخرتها، وهدر بغلظة ك غلظة قلبه.

اتعلمي لما توسخي حاجة تنضفيها ولا من كتر وساختك مش عارفه تفرقي؟!
نظرت إليه بمقت شديد وتوعدته بنظرات قوية شرسة قبل كلماتها ب حقد وهي تقبض على العشب بكل قوتها انتزعته نزعا.
نهايتك هتكون على إيدي يا يعقوب.

ضحك مجلجلا وعاد يتسطح بأريحية أكثر وكأن اليوم قد عزم على ألا يفسده أو يشوبه شائبة وسيظل سعيدا حتى نهايته، متجاهلا إياها بقسوة تستدعي الشفقة، فطفقت تقول بهدوء غريب والبسمة تزين وجهها الخالي من أي انفعال وكأن شيء لم يحدث.
الشاطر اللي يضحك في الآخر يا يعقوب.
استوقفته جملتها عن الضحك فرفع رأسه ونظر إليها باهتمام وعدل قولها بنرجسية وغرور منمقا إياه.
تؤ تؤ الشاطر اللي يضحك من الأول للآخر يا مشمشة!

ارتفعت زاوية شفتها بحقد لطالما كان وليد اللحظة وهي تهز رأسها بتفهم قائلة بوعيد حقيقي ضمرت خلفه الكثير وهي تقف.
متزعلش مني بقي وخليك فاكر أنك إنت اللي بدأت.
وعقبت قولها بذهابها من أمامه فصاح يسألها باستفهام ضاحكا بتسلية مستفزة.
تعالي هنا رايحة فين؟
استدارت على عقبيها وتراشقت معه نظرات نارية ثم قالت من بين أسنانها مشمئزة.
في أي داهية مأشوفش فيها وشك.
وجهه؟!
تلك إهانة في حق وسامته!

ولجت إلى الداخل، بغيظ متقد ثائرة، تعتصر قبضتها بقوة، وجسدها يستعر بنيران الغضب المتلظية، وتكاد تطلق دخانا من أنفها وأذنيها، والدماء تفور داخل عروقها مسببة ألما جبارا في رأسها إثر إرتفاع ضغط دمها.
توقف في الداخل لاهثة وملامحها متشنجة وهي تحاول أن تبدو طبيعية أمام جدته، فهي عند خروجها كانت أحسن حالا واصفي مزاجا من دخولها، فعمدت على الهرب حتى تهدأ سائلة بمشقة.
فين الحمام؟
ابتسمت جدته وقالت بلطف.

فوق في آخر الطرقة على اليمين ياحبيبتي.
ولم تؤخر ثانية بعد قولها وتستفسر بل صعدت الدرج الخشبي وهي ترشق الغرف بنظرات نارية ثاقبة، فبالتأكيد يملك غرفة لعينة يخبيء بها شيء ما يخصه لا يعرفه غيره، فهو يأتي دون رجاله!، وبملابس مبهجة بعض الشيء إضافة إلى قناع الرجل الشريف، والظاهر أن لا أحد يعرف شيء عن هذا المكان وطبيعي أن تجد ما يخبئه هنا عن الجميع.

فتحت غرفة غرفة بالتناوب وولجت تبحث داخلها، لكن لم تجد مايثير فضولها أو ما يريب لأنهم غرف للنوم ليس إلا، تقدمت من الغرفة الأخيرة بإحباط وإنهزام، فهي لن تمسك عليه شيء يفيدها أو يجعلها تستغله لبعض الوقت حتى تشفي غليلها به.
ألقت نظرة مهملة على الغرفة إستعدادا للذهاب لكن استوقفها مظهر الغرفة، كانت غرفة مكتب خاصة به كما يبدو.

وثبت بتباطؤ وعيناها تمسح الغرفة كماسح آلي باهتمام، أغلقت الباب بخفة كي لايصدر صوتا وهي تميل فوقه و ملامحها تتفاعل مع خيالها بجزع، ثم هرولت إلى المكتب وجلست على الكرسي الجلدي وهمت بفتح أدراج المكتب، وبدأت رحلة بحثها وسط الأوراق الكثيرة التي لا تحمل ماهو مهم إليها.
فين ياسمين؟
سأل يعقوب جدته بتعجب بعد أن ولج ولاحظ اختفائها.
ردت وسط انغماسها بالحياكة.
فوق في الحمام.

أومأ وتحرك عازما على الصعود لكن صوت جدته الزاجر أوقفه.
رايح فين! بقول في الحمام؟ تعالي اقعد هنا وفهمني إيه قصتك وقصة خطوبتك دي؟!

قهقه يعقوب وجلس على ركبتيه أمامها، ونظر إليها بعاطفة جياشة وهو يبتسم بامتنان لا يخص سواها هي، فلاحظته وتركت ما بيدها، ومسحت على وجهه بكفها المجعد البين عليه شيخوختها، بحنو وشفتيها افترت عن ابتسامة رقيقة حانية حملت بطياتها سنين عمرها الذي أفنته على تربيته بكل الحب ورحابة صدر، فمال ووضع رأسه على فخذها بإبتسامة لتنتقل يدها إلى شعره، فأوصد جفنيه وارتخي يستمتع بملامستها إلى شعره برقة كما كانت تفعل وهو طفلا.

زفرت ياسمين بضيق، وأغلقت درج المكتب الأخير بغضب وهي تعض أناملها بتوتر وقدميها أخذت في الإهتزاز، ونظراتها توزعها في أرجاء الغرفة بحثا عن أي شيء، تخلت عن فكرتها الحمقاء كما ظنت وتحركت للوقوف وهي تقبض على يد الكرسي الجلدي، وما كادت تقف حتى جلست مجددا مرتدة فوقه بقوة كأن أحدا دفعها بعنف، وعيناها تعلقت فوق المجلد الأسود الذي يتوسط المكتب بجانب تلك التحفة الذهبية المتخذة شكل عقرب.

فتحته على مهل وهي تزدرد ريقها بتوتر، وبدأت قراءته بتركيز وتمهل شديد، وعينيها تلتهم كل حرف بتدقيق وابتسامة خبيثه تلوح على محياها حتى استقرت واتسعت ببطء ك بطيء قرائتها واتساع عينيها، خوفا من انهائه قبل أن تحصل على معلومة مفيدة لأجل الإستمتاع بها، إنها تحصو كم من المصائب الشجية التي ستجعل بها يعقوب يخنع!، هذا إن كان يخشي شيء بالطبع.

توقفت على الكلمة الأهم الملخصة لجميع المصائب التي قرأت عنها ألا وهي العقرب.

بعد مرور شهر..

شهر من المشاجرات الغير مجدية، شهر من التحدي السافر، من المقالب المؤذية، والمزحات الثقيلة، والملامسات الغير بريئة، شهر من تضارب المشاعر ومحادثات النفس الفاشلة، شهرا من التذبذب والاضطراب كلما تقابلت الأعين وتعانقت، شهرا من الحرب الباردة التي لا يفوز بها أحد، شهرا كاف لتوليد مشاعر نارية ساحقة بينهما، وكأنهما اتفقا على عدم الانحراف عن الطريق الصحيح وإظهار مشاعرهما ومبادرة أحدهما تجاه الآخر،.

واكمال الحياة بتلك الطريقة وسط زخم من المشاجرات والمشاحنات المتواري خلفها مشاعر متقدة عظيمة.

هي كانت تميل وتنجذب إليه كل يوم وكل وقت، إنه رجولي، ووسيم وخشن، وجذاب، حلم الفتيات هذا أن تغاضينا عن تصرفاته الهمجية وطبيعة عمله القذر، أحيانا يعززها بنظراته التي تلفها، وعيناه تتوهج مثل الفحم القرمزي، واخري يجعلها ترغب في إلقاء نفسها في الغدير، لا تعرف بعد إن كان هناك شرارة ستضرم وتشعل هذا الحب أم سيظل يخبو هكذا مع الايام حتي التلاشي! وهي تفضل التلاشي.

وهو ماذا؟ كلما وقعت عينيه عليها تتسرب إليه رغبة موحشة تحضه على تقبيلها حتى تدمي شفتيها، رغبة مطالبة بصك مليكته عليها وتملكها، إنها تحسن سبر القلوب واغوار العقول، جميلة وساحرة ورغبته بها تزداد يوما بعد يوم، ولا تنفك عن استفزازه عاطفيا أمام خالد ولا تتوقف عن التدلل، وصبره يكاد ينفذ.

والآن داخل القصر، في العاشرة صباحا، هواء الربيع المنعش، وتفتح الزهور وتمايلها أسفل أشعة الشمس المداعبة، رفرفة العصافير وتغريد هم المرحب بالطقس المعتدل، كانوا يحتفلون بطريقتهم الخاصة، والبشر أيضا كان لهم نصيب من هذا الإحتفال بالطقس الدافئ المعتدل.

ووقت تألق أشعة الشمس وانعكاسها داخل حمام السباحة، كانت ياسمين تزرحه ذهابا وجيئة بالثوب الأحمر المكون من قطعتين الذي أهداه إليها يعقوب من شهر، في ذلك اليوم الذي نمى بداخلها شعورا حقيقي نقي تجاهه!، شعورا لم يكتمل لكونه شخصا بوهيمي لايستحق.
بينما خالد ويعقوب كانا يجلسان على الطاولة البيضاء الملحقة بأربع من الكراسي، يتناولان الفطور معا وهما يتبادلان أطراف الحديث عن العمل.

توقفت ياسمين عن السباحة، وأسندت ذراعيها على حافة المسبح تتنفس بانتظام، ونظرها مسلط عليهما بثقب والمياه تتساقط من رأسها على وجهها، تحركت للصعود وهي تهتف بنعومة مفتعلة و إبتسامة مصطنعة.
يعقوب ممكن تناولني البورنص من جنبك؟
ألتفت والقي نظرة سريعة فوقه ثم نظر إلى خالد الذي كان يراقبها بإبتسامة وحمله وإتجه إليها.

خللت أناملها داخل شعرها المبلل منطفيء اللون بعد إن كان شعلة من النيران المتوجهة قبل بلله بالطبع، ورفعته وعقدته كعكة كي لا يضايقها بفضل التصاقه على بشرتها، وصعدت على السلم والمياة تقطر من جسدها وابتسامة رائعة تنبض على شفتيها، مراقبة تقدمه منها وعيناها تتوهج مسلطة الأنظار على صدره المعضل البارز من خلف أزرار قميصه الأبيض بنظرات غير بريئة البتة.

ارتفعت زاوية شفتيها وأولته ظهرها عندما اقتراب، وفردت ذراعيها وهي تحرك رأسها للجانب بألم تخبره بفعل ما فهم دون أن تطلب، وفعل ما أرادت وألبسها المئزر ورفع كفيه مرورا بنصفها العلوي، ثم قرب ياقة المئزر من رقبتها ادفئها، وأنامله تمسد كتفها بنعومة جعل البسمة تشق وجهها وتضحك مجلجلة!

هبط ذراعه إلى خصرها ولفها لفا بين يديه مباغتا، لتهرب شهقة ناعمة من بين شفتيها وهي ستقر أمامه وجها لوجه ب توردها وحمرتها المتزايدة بسبب السباحة أسفل الشمس مع إختفاء ابتسامتها وعلو وتيرة تنفسها جراء المفاجأة.

سار بأنظاره الرجولية الشاملة على جسدها النصف عاري تقريبا، بعدم رضا من خلف نظارته الشمسية التي حجبت عنها رؤيه تلك النيران المضرمة داخل مقلتاه، ضم قبضته على خصرها وجذب طرف المئزر على صدرها بالأخرى وهمس بصوت أجش بانزعاج لم يخفيه.
مش معنى إنك بتعتبريه أبوك تقعدي قدامه عريانه!
ابتسمت برقة ومالت برأسها بلطف وهي تطرف وعقيق عيناها يأسرانه، ورموشها المظللة تجلب إليه هواء وهمي.

اختلج صدره عندما شعر بملمس يدها الناعمة تتحرك فوق وجنته مداعبة وهي تسأل بنبرة أقرب للهيام.
بتغير عليا يا يعقوبي؟
ابتسم بعنجهية وهو يخفض بصره مع رأسه وضم المئزر وربطه بقوة حول خصرها النحيل جعلها تئن، وعيناه تخفي الكثير خلف نظارته الشمسية هامسا بصوت آسر يذيب.
طبعا يا ياسمينتي!

خفق قلبها بجنون، مجددا! خفق ومازال يخفق من شهر عند رؤياه، كلما تقابلت أعينهما تتأثر، لقد حاولت بكل ما تملك من قوة وعزيمة كي تتجاهله لكنها فشلت، وهذا أيضا لن يمنعها عن تحقيق هدفها الأوحد الذي تسعى إليه سعي الشيطان المسعور كمن مسه جن!، فيعقوب لم ولن يشكل عائقا لديها لأنه الشخصية الرئيسية لتحقيق هدفها، يجب أن يكون متواجد دائما لكي تنجح وستفعل حتى إن كان هذا يعني موته! فإنها تخفي فكرة وتبيت نية.

يعقوب ياسمين تعالو.
صاح خالد بهما كي يقتربان.
عاد يعقوب بها متشابكي الأيدي، أوصلها إلى الكرسي الذي يحاذي كرسيه لكنها لم تجلس عليه، بل تركته وجلست جوار خالد ومقابلة هو، رفعت ساق فوق الأخرى ليظهر فخذها وساقيها الناعمين المالسين ب بزغ أمام مرأي من عينيه التي لا تراها بوضوح ولو رأتها لأنصهرت من الخجل!، فعمدت على استفزازه لكي يتثني لها رؤية عينيه التي يحجبها.

إيه بقي مش هتلبسو دبل ولا هتفضلو كده كلام وبس!
سأل خالد باهتمام وهو يوزع أنظاره بينهما بتطلع.
آثرت ياسمين الصمت بل وامتدت يدها والتقطت قطعة توست محمص، وقامت بوضع قطعة جبن فوقها وفردتها بطرف السكين ببطء وتركيز وهي ترفعه بأناملها، وبدي عليها اللا مبالاه الشديدة، وهنا أتى دور يعقوب الذي أجاب بسعة صدر.
لا طبعا أكيد هنلبس دبل وألماس لو تحب ياسمين طبعا، وحك طرف أنفه واسترسل.

بس كنت مأجل الموضوع شويه عشان مشغول في الشغل الفترة دي إنت عارف يا باشا.
هز خالد رأسه مشاطرا الرأي له وقال بعملية.
عندك حق وكمان العقرب ده وجوده مضايقني وبوظ لتايسون كذا عملية ومش عاجبني الوضع.

توقفت ياسمين عن مضغ الطعام وأبدلت معالم وجهها بأخري سعيدة وقلبها يخفق بجنون صاخب، فرصتها قدمت إليها على طبق من ذهب، فمن شهر وهي تنتظر وتتوق لأن يتطرق إلى الحديث عن العقرب، والآن وفي هذا الوقت تحديدا ستجعل الدماء تجف في عروقه، ستلعب على أعصابه وتخيفه، ستراقب شحوب وجهه بانتصار ورضا تام.

ألقت عليه نظرة عابرة وهي تبلع ما بفمها بعجالة فكانت ملامحه جامده كالعادة دون أي تأثر، بل زين تلك المرة ثغره ابتسامة ثقة وغرور تنم على سخريته من الجالس أمامه، الذي يظن أنه يمسك بزمام الأمور!
حرك شفتيه لكي يخبره أن الكينج يتوق لإمساك الأخرهو أيضا، وهو يخرج لفافة تبغ لكن ياسمين سارعت بالقول قاطعته وهي تهز ساقها بتسلية وعيناها مسلطة عليه.
سمعت إن العقرب عايش لوحده.

توقف إبهام يعقوب عن مداعبة ترس القداحة، ورفع رأسه متجهم الوجه يستمع لبقية حديثها، لتبتسم بخبث في وجهه ثم حولت بصرها إلى خالد وتابعت ببعض الجهل وهي تمط شفتيها ملوحة بيدها بإهمال.
بس عنده جدته عايشة في تجمع سكني، مش عارفة مدينتي ولا التجمع ولا العاصمة الإدارية، مش عارفة بالظبط بس في مكان منهم أكيد مش كده يا يعقوب؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة