قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا ياسمين للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الثاني عشر

نوفيلا ياسمين للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الثاني عشر

نوفيلا ياسمين للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الثاني عشر

طالما كان لا يخفي عليه خافٍ
ولا يستطيع أحد الرمش حتى دون معرفةً مسبقة منهُ، فهل الحب أغشاه واعمي بصيرته، ووصلت السخرية منه إلى هذا الحد!
لو مش هتنقذه هنقذه انا.

انتشله من أفكاره الشيطانية عن كيفية تعذيبهما صراخها وركضها إلى الداخل، فزمجر وهو يكشر عن أنيابه، وامتدت يده إلى شعرها جذبها منهُ بعُنفٍ كاد يقتلعه في قبضته، وأعادها أمامه صارخة، قبل أن يلقيها على العشب كحيوان لتسقط على وجهها، ويركض هو إلى الداخل يأتي به لأنه سيجعله يتمنى الموت هو والعاهرة في الخارج ولن يناله.

تأوهت بألم وهي تضع كفها على رأسها ورفعت جسدها مع رأسها بشعرٍ مُشعث أغرق وجهها وهي تعتدل ببسمة جانبية خبيثة، فرصد عيناها باقة الزهور المُلقاة، والصادم الذي جعل الألم يعتصر فؤادها حقًا رؤية العلبة الساقطة، لقد تمكنت منهُ، عضت شفتيها بقسوة والعبرات عادت تتكدس وتتدفق في مقلتيها فهزت رأسها بأسف وأخفضتها تبكِ بقهر على خسارتها، ثم حركت جسدها فوق العشب بتباطؤ ك شخصٍ قعيد وتناولت الزهور والعلبة معًا.

انتشل يعقوب تايسون من وسط النيران بعد أن كان على حافة الاحتراق بسبب تعرقله وسقوطه فوق الدرج واصطدام رأسه بساق الكرسي الخشبية المشتعلة في الأسفل كادت تذهب ببصره، رفعه يعقوب من ياقته بعنف وابتسم في وجهه بوحشية وضرب جبهته بأنفه ثلاث مرات متتابعة جعله يطوح برأسه والدماء تتفجر من أنفه وجره إلى الخارج من سترته.

في الخارج كانت تقف في منتصف الحديقة تضم باقة الزهور في حضنها والخاتم الماسي انتقل إلى بنصرها بكل تبجح، ألقى تايسون أسفل قدميها بقسوة، فلم تجرؤ على النظر إليه ولو نظرة مختلسة، لأنها أخرجت الوحش من مكمنه ولن تعد تملك السيطرة عليه بعد الآن.

ازدردت ريقها وعلت وتيرة تنفسها وظلت ثابتة ترفع رأسها دون خشية، ثم بللت طرف شفتيها وأجلت حنجرتها وجاهدت لرسم ابتسامة رقيقة على مِحياها وهي ترفع كفها أمامه ليسطع الفص الماس المتوسط الخاتم وتتراقص شياطينه أكثر، حركت أناملها بليونة وهتفت بابتسامة لم تصل لشفتيها حتى.
الخاتم مقاسي بالظبط.

حك منحدر أنفه وصدره يتضخم بعنف وعضله فكه تتصلب وابتسامة مماثلة بعثها إليها قبل أن يهوي على وجنتها بصفعة كان وقعها كالصاعقة، حارقة أدمت شفتيها وأدت لسقوطها جوار تايسون الذي كان يتأوه ويحاول الوقوف والتصدي لهُ كذلك.
فتح ذراعيه على مصراعيها ورفع كلا حاجبيه وسألها بتهكم وهو يميل للأمام.
و ده كمان مقاسك؟ ولا أكبر؟

لهثت بغضب وقلَّبت عيناها وقذفت الزهور من يدها بإهمال، وعادت تقف أمامه بتحدي ماحية تلك الدماء بذراعها وعيناها ترتكز بها في عينيه المستعرتين بلهيب الغضب لتضاعفه بقولها البارد.
حلو نلعب بقي عالمكشوف،
تايسون أخويا وعملنا كده عشان نقتل خالد.

هوي بالصفعة الثانية باهتياج، ينفس عن غضبه من خلالها، أصابتها بالطنين وحطت بجانب تايسون من جديد، استجمع تايسون القليل من قوته ووقف وهجم على يعقوب مسددًا إليه لكمة، ردها إليه ركلة بين فخذيه وقبض على شعره بعنف هازًا رأسه بين يديه هادرًا بخشونة ودنو.
إنت كلب من كلابي صدقت نفسك يا أخو ال (، ).
أجابته هي بجنون هي تقف واندفعت، ضاربةً صدره بقوة محاولة تحرير تايسون من قبضته باستماتة.

اوعي تنسي ان ال (، ) هي نفسها اللي كُنت نايم معاها في العسل وجيبلها ورد عشان تتجوزها.
قالت الأخيرة بنبرة لاحت بها السخرية، ليسدد لكمة إلى تايسون أطرحه أرضا والدماء تغلي في عروقه فاصطدمت رأسه بصخرةٍ وفقد الوعي.

واكفهر وجهه غضبًا وبغضًا لأن هذا ما يقهره أنه أحبها وأرادها زوجة وهي مجرد حُثالة، فمالت هي بسرعة وانتزعت مسدس تايسون من خصره ليأتي دورها ويجذبها يعقوب من شعرها رافعًا إياها بين يديه لتصوب فوهة المسدس على وجهه بشجاعة مهددة بالإطلاق بنظراتها الخطيرة وهي تلهث، بجدية تامة كأنها جاهزة لقتله، ف لاح على ثغره ابتسامةٍ باردة، وترك شعرها وأمسك ياقتها كاللص الذي تم القبض عليه يسرق بالجرم المشهود، وقربها إليه لتضع مسدسها على معدته وحاجبها يرتفع بتحدي مستطردة بهمس مستفز كي تزيد قهره وتنال منهُ مثلما كان يفعل.

مكنتش هوافق بيك، ولو كل ده محصلش مكنتش هوافق برضو عشان انا كُنت بتسلي.

وشددت على نطقها لكلمتها الأخيرة مستفزةً إياه أيَّما استفزاز، أدي لسحق شفته السفلية سحقًا بين أسنانه وهدير أنفاسه يضرب وجهها، وانضمت قبضته فوق كفها على المسدس وضغط فوق قبضتها بقوة جعلها لوهلة تظن أنه هو من سيطلق بنفسه وهو يبتسم ويكز على أسنانه في آنٍ واحد، وعينيه الباردتين مسلطة علي عينيها المُذبذبة التي لمح داخلها بريق من الخوف واللهفة، إنها تكذب ولطالما كذبت فهي تحبه، وهو يهيم بها عشقًا.

انتزع المسدس من يدها ودفع بجسدها بعيدًا رنحها للخلف وصرخ بقوة وهو يطلق في الهواء.
لييييييه، ليييييه؟
تحركت مكانها كالممسوسة
وصرخت بجنون وهي تشد على شعرها بعنف.
عشان محدش إغتصب أمك قدامك، ولا شوفت أبوك بيتقل ويطلع في الروح، وبعدين يتولع فيهم وأنت قاعد في الدولاب زي حتة الطينة لا قادر تصرخ ولا تتكلم.

التقطت أنفاسها بصعوبة وحلقها يحترق وصوتها بحَّ لكنها لم تصمت، بل تابعت وأحبالها الصوتيه تكاد تتمزق من إنفعالها ونبرتها الزاعقة الحارقة الممزقة للأوصال وهي تسقط على ركبتيها.
مكنش في روح متعلقة في رقابتك! متربتش في ملجأ مقرف كانوا بيتحرشوا بيك فيه، محاولتش تهرب وتلف الشوارع تشحت وتاكل من الزبالة عشان واحد ابن (، ) قتل عيلتك وشردك.

لمَ يبدو الحديث مخالفا لجميع قصصها التي قالتها؟ ماذا عن التبني؟ هل اختلقت القصص لأجل انتقامها أيضًا؟
جلس القرفصاء أمامها وسحبها من ياقتها وهدر في وجهها بعنف.
قولتي جت واحده اتبنتك؟
تجمدت ملامحها لبرهة دون حركة قبل أن تضحك بهستيريا في وجهه سرعان ما تبدل إلى زعيق عنيف وهي تهز رأسها بأعين زائغة.
وصدقتني! دخلت عليك زيه؟، قولي مين هيبلي نفسه بطفلة معقدة مبتنطقش مييييين؟

قالت الأخيرة بعنف مضاعف متشنجة الجسد، وانهمرت دموع قهرها وأخذت تبكِ بعويل وهي تضرب قلبها مستردة بصراخ مُحمل بالحقد أمام نظراته التي كانت تلين رغمًا عنهُ وقلبه ذلك الخائن يخفق بجنون.
خالد، خالد، أنا هشرب من دمهُ، هموته والله هموته.
إنها تدمر نفسها، ولن تجني شيء إن فعلت، ستحمل دمائه القذرة طوال حياتها فقط.
زجرها بحدَّة وتعسفٍ مُبديًا رفضه وكأن رأيه سيشكل فارقًا.
أهلك مش هيرجعوا لما يموت.

صرخت مجيبة بعينين غائرتين وابتسامة نصر تتجلى على محياها وهي تعتصر قبضتها بطريقة مرضية لتخيلها فقط حدوث هذا.
بس قلبي هيرتاح النار اللي جوايا هتنطفي، مش هحس بالقهر، مش هحس بالقهر.
ورفعت نظرها إليه وهزت رأسها بهستيريا وبررت وهي تتحرك في جلستها.
صدقني انا عايشة بس عشان اقتله وبعدها مش مهم اللي يحصل لازم يموت هموته يا يعقوب هموته.

ألا يعني هذا أنه لا شيء؟، تسلية لبعض الوقت لأجل تخطي الملل فقط لن تضر صحيح؟!
تحسر الآن وللمرة الثالثة، لكن وقعها تلك المرة كان مدمرًا لثنايا قلبه، محطمًا لفؤاده، مشوهًا لبقاياه، قتْلها الآن لن يشفي غليله ولن يملأ تلك الفجوة التي أحدثتها.
قبض على فكها بعنف وهسهس
سائلًا بأعين حمراء دامية، صريحًا أكثر من اللازم في سؤاله.
وطالما هي كده بتنامي معايا ليه؟

طرفت بأهدابها المبللة وعبراتها تنهمر بغزارة دون توقف، ولاح على تقاسيمها الشرود وهمست بشفتين مرتعشتين آسفة وهي تهز رأسها بقلة حيلة.
عشان حبيتك.
ضحك بسخرية مضنية وضحكت معهُ بوجل ثم سألته بعدم فهم مستنكرة وهي تنظر عميقًا في عينيه المشبعة بالحزن.
إنت إيه اللي مزعلك أوي كده؟ أنت مخسرتش حاجة انا بس اللي خسرت! انسي عشان تعرف تكمل ميبقاش قلبك قلب مُحاسب.

ورفقت قولها بضحكة سمجة وهي تمسح أنفها بذراعها متحاشية نظراته، مخفضة الرأس خشية الصفعة التي ستنالها جرَّاء السخرية.
وهو فقط يُريد خنقها حتى الموت ثم العودة والغفيان في حضن جدته بسلام إنه بهذه البساطة.
أطبق كفه على عنقها ببرود دون أن يرف جفنه وهي لم تجزع وتخاف بل كانت مسالمة تنظر إليه، لم تكن قبضته قوية ولم يخنقها بل كان يحفز نفسه لشيئًا آخر وهو يطالعها بتعبير عجزت عن تفسيره.

اقتلني وقطع من لحمي وارميه لكلابك بس بعد ما أقتل خالد.
قالت بتحدي والاصرار يشع من مقلتيها دون أن تترك مجالًا للشك أنها خائفة وليست تعي ما تقول.
ضعف لثانية وسألها بيأس.
طب واحنا؟
يصعب عليها جرحه، تنحرها فكرة كسر قلبهُ بعد كل الذي عايشته معهُ، تنهشها أحشائها للتخلي عن عاطفته الجياشة وحنانه الذي لفَّها، تأسف لخسارتها الحنان الذي غمرها به وكانت مفتقرة إليها طوال حياتها.

مفيش إحنا، علاقتنا مسمومة ومتنفعش وانا مش عايزاك.

ومع نهاية قولها تخضن وجهها وشعرت بالاخنتاق جرَّاء قبضته التي اشتدت حول عنقها ك حبلِ مشنقةٍ قاسِ، فابتسمت بأعين دامية تجمعت بها الدماء ووجه مُحتقن، فعمدت على المماطلة عِندما أحست بروحها تذهب، وعيناه تموج في سوادٍ غير مُسبق، وقست ملامحه كما لم تقسو من قبل، باعثة إليها اشارة بعدم تراجعه ووقوع موتها المحقق، فقالت بتقتير بصوتٍ أبح بالكاد خرج وشفتيها تزرقان.
م، مش، عا، يز تع، رف باقي القصة؟

هدر بوحشية وقبضته تشتد وعيناها تجحظ أكثر فأكثر و قدميها تتشنج.
اسمع ايه؟ إنتِ فاكره إنك لوحدك اللي عانيتي؟
ارتفعت زاوية شفتيها بسخرية تلقائيا وسط صراعها للنجاة، تسخر منهُ وأمام مرأي من عينيه، فجنَّ جنونه وترك رقبتها لأجل معاجلتها بلكمه في فكها أطرحتها أرضًا ليحتضن العشب وجهها متخذة وضعية السجود.

مسح وجهه بكفه بعصبيةٍ مفرطة، ووقف يتحرك في وقفته باهتياج لاهثًا، ينظر حوله بجنون ومقلتاه تجيل المكان بهستيريا صارفا نظره عنها لكي لا يقتلها الآن، والعرق يتفصد من جسده بغزاره، وصدره يعلو ويهبط بعنف، ثائرًا والقابع بين جنبات صدره يستعر بنيران ضارية، متعطشًا لقتل كُتلة الاستفزاز التي لا تنفك في جعله يخرج أسوأ مابه عليها!

رصد حركة جسدها المتذبذبة ظنًا أنه إزاء نشيجها الباكِ لكن علا صوتها وتسربت إليه ضحكاتها المجلجلة!
اتضحك لأن شرَّ البلية ما يضحك أم أن لكمته دغدغتها ولم تكن بكافية؟
ابتسم بتجبر وسحق شفتيه وتخصَّر وهو يحملق في السماء، تلك الحقيرة قوية ولا تنفك عن مفاجئته ب ردات فعلها.
رفعت رأسها إليه بإبتسامة عذبة صافية وجلست على ركبتيها وطلبت منه أن يقترب بلطف كأنها تنادي طفلها المطيع.
تعالي يا يعقوب تعالي.

أذعن بل وجلس القرفصاء أمامها، فامتدت يدها واحتضنت وجهه بيديها الاثنتين وسألته بإلحاح هستيري.
قولي كده عانيت إيه في حياتك؟ سمعني يا يعقوب سمعني.
اهتزت مقلتيه وظل جامدًا وانفاسها الهادرة الحارة تضرب وجهه، فاشتدت يدها على لحم وجهه وصرخت في وجهه بعنفوان.
ساكت ليه؟ معندكش حاجة تقولها انا عارفة.
وتركته ووقفت تدور حول نفسها طافحة بكل ما يعتمل صدرها بصراخ.

إنت كملت تعليمك وبقيت مُحاسب واشتغلت في شركة، وانا بدل ما اكمل وابقى دكتورة بقيت رقاصة، انت اللي اخترت تمشي في الغلط أما أنا اتفرض عليا! مفيش مجال للمقارنة بينا أنت فاهم؟ محدش شاف اللي أنا شُفته ولا مر باللي مريت بيه.
هبَّ من جلسته ووقف والتفت يبرر موقفه هو الآخر ويتحدث عن معاناته، لكنها أصمتته عندما أشارت له بتحذير وهتفت بتهكم وهي ترفع كلا حاجبيها بتشنج.
اوعي تفكر تنسب كل ده لمرض جدتك!

واقتربت من جسده سائلة ويدها تمتد وتضرب صدره بكل ما أوتيت من قوةٍ وتعنيف.
إيه يعني لو ماتت وعشِت إنت راجل محترم بكرامتك؟ ماهي كده كده هتموت فاكرها هتخلل جنبك وهتفضل عايشة؟ دي رجل برا ورجل جوا يا جدع!
اعتصر قبتضيها بعنف ساحق لعظمها جعلها تتأوة، وأوقفها عن ضرب صدره وصرخ في وجهها في عُنف كي تصمت.
اخرسي..
ابتسمت بتشفي واسترسلت بجفاء دون أن تأخذها به رحمة.
جيت على الجرح مش كده؟

تعرف، انا مش زعلانه عليك ولا متضايقة عشان خدعتك لأنك تستحق.
كانت ولازالت مستنكرة تبدل حياته للأسوأ برضاه التام! كانت ناقمة متحسرة بسبب عدم توفر تلك الفرصة لها كي تختار كما فعل هو.
فطفقت تقول مفتخرة بما وصلت إليه.
إنت دمرت مستقبلك بإيديك لكن احنا مستقبلنا كان متدمر لوحده.
وخللت أناملها في شعرها الرطب المتشابك وهي تستنشق ما بأنفها واستطردت بابتسامة مبتسرة.

تايسون استغفلك لما قالك بيدور عليا من شهور، وخالد خدعك عشان يحطني في طريقك وتقتلني وهو عارف اني رقاصة ورغم كده سِكت لما قولت إني شغالة في مكتبة، كُلنا كنا عارفين بنعمل إيه إلا أنت!
هزت رأسها بأسف وعضت على إبهامها وسألته بخبثٍ وهي تبتسم.
كُنت مشغول في ياسمين وجمال ياسمين؟

قالت الأخيرة وهي ترفع كتفها ب هزة بسيطة مدللة، مع مط شفتيها بقلة حيلة ورفع حاجبها بانتصار، مستفزة إياه ومسترسلة سيل الحديث ببراءة.
كل حاجة كان مخطط ليها يا سندباد..
توقف عقله عن استيعاب أي حديث، ولم يعُد يُفكر سوى في شيء واحد فقط، وهو رغبته المميتة في جعلها تتألم بقدر يجعلها تنسى جميع آلامها ومعاناتها السابقة حتى يبقى فقط آثار آلامه وحده هي من تبقى وتنخر عظامها وتدمر ما بقي منها.

كان شاردًا تائهًا، ويبدو زائغ الهيئة لمن يراه، سمع مايكفي ولا يحتاج إلى سماع المزيد، إن كان الجميع قد خطط وشرع في تنفيذ مُخططه وهو الأبلة الوحيد! وجب عليه الآن إما أن يفسد بقية المخطط، أو يصبح الجلاد ويقتص من الجميع وهي أولهم.
أومأ ضاحكًا متفهما كل التفهم و ابتسامة مُميتة تشق وجهه لتضيف هي بنبرة قاطعة.

ولو لسه متعرفش دورك ايه في اللعبة دي فا هسيبك تكتشف لوحدك، ولو على علاقتنا فأنا اديتك اكتر من ما خدت خلصانين.
اعتلي مِحياه ابتسامة شيطانية ويده تمتد إلى حزام بنطاله سائلًا بنبرة جمدت الدماء داخل أوردتها.
خلصتي خلاص؟ دوري أنا بقي.
وعقب قوله بضرب الحزام أرضا بقوة، شحب وجهها وتقهقرت إلى الخلف بجزع وهتفت بنبرة مرتعشة وهي تهز رأسها.
لأ، لأ، إنت مش هتعمل كده!

تقدم منها لتعود بخطواتها إلى الخلف، ودعست فوق حَجرًا صغير عثَّرها أسقطها على الأرض، فزحفت إلى الخلف ودعمتها راحة يدها وساقها المحتكة بالعشب، وهي قاب قوسين أو أدني من البكاء، فهوى بحزامه الغليظ الجامد على ساقها بكل قوته جعلها تصرخ وتتلوى وسؤاله بغلظة يخترق أذنيها.
ليييه، ليييه مش هعمل كده عاشقك في الضلمة؟ ها؟

وحزامه كان يسبق سؤاله هاويًا على ساقها دون توقف بينما كانت تزحف إلى الخلف شاهقة باختناق ونشيجها يعلو مستمرة في الزحف شاعرة بالحرقة تُمزق جلدها من لسعات الحزام المتتابعة كالسياط.

رفع رأسه بانفعال، وحل أزرار قميصه العلوية بلهاث وهو يحرك رقبته لتصدر قرقعة بينما يعض شفته السفلية ب غِل، وضم قبضته المتعرقة على مقدمة الحزام الحديدية كابحًا رغبته في تمزيق بقية جسدها الجميل هذا الآن، كانت ثوانٍ خاطفة وهُدنة جيدة استعادت أنفاسها المسلوبة وصرخت به بأعين جاحظة مذعورة وهي ترى الحزام يعود للارتفاع.
جدتك معايا.

تعلقت يديه في الهواء لبرهة وتجسد الجحيم في عينيه وهو يهوي به عليها صارخًا باستنكار.
جدتي مع مين؟
تلوَّت من الألم، وضربت جبينها في الأرض كاتمة صرختها والخدر يسري في جسدها مجري الدم فهي لا تستطيع الصمود أكثر من هذا.
الحقيرة نالت شفقته وقلبه وتجازيه باختطاف جدته.
انتفض جسدها وقبضت على العُشب وهي تئن وزمجرته الوحشية تكاد تصمها، سائلًا بجنون ويداه لا تتوقف عن الهبوط فوق جسدها بالحزام شلها.

يعني ايه جدتي معاكي رُدي.
وارتجف ذراعه وهدر بوحشية عندما لم يأته ردًا وجسده يتشنج.
انطقي!
تحاملت على نفسها وشقَّ المكر وجهها وارتفعت زاوية شفتيها المدمية في خبثٍ تضامن مع جسدها الواجِل ومن ثم أردفت ببسمة انتصار وهي تنظر داخل عينيه بثبات متشفية ضاغطة على كل حرف واهن تنطق به يخرج منها يخترق صدره يكويه كيًا.
كُنت عندها وسبتها صح؟ بعد ماسبتها اتخطفت هي والبنت اللي معاها ولو الحزام لمسني تاني اترحم عليهم.

لم تترك مجالًا للشك أنها تكذب بسبب تلك الثقة والحبور وهي تغمزه، إنها في قبضتها الحقيرة!، زاغت عيناه، وخبت أنفاسه، وزحفت البرودة إلى أوصاله أصابته ب رجفةٍ عنيفة، فاتسعت عيناها بتفاجؤ وهي تراقبه بوهن وسألت بنبرة متعجبة مبطنة بسخرية.
مال إيدك بتترعش ليه يا يعقوب تعبان؟
قذف الحزام من يده وزمجر وهو يدنو لمستواها وقبض على فكها فتغضن وجهها وتقلص بألمٍ على ألم إثر قبضته صارخًا عليها بقهر.
إنتِ إيه؟

هسهست بأنفاس مسلوبة.
اللي هتجيب أجل خالد.
زفر وحررها ومسح على وجهه بكفه مرات عديدة كي لا يفقد زمام نفسه ويهشم جمجمتها الآن، ثم سألها بهدوء ظاهري بينما الفساد يعيث داخله.
والمطلوب؟
ابتسمت برضا ونفضت كفيها معًا، وقالت بنبرة آمرة مستفزة وهي تثني ساقيها أسفلها ببطء بسبب الألم آبية أن تُمكن الألم منها ويتجلى على ملامحها عوضا عن ابتسامتها.

هديك رقم تحط فيه مبلغ مُحترم ومش أقل من خمسة مليون، وبعدين تاخد تايسون وتطلع على شقته وتاخد منها الباسبور والأوراق المهمة و.
وتوقفت متطلعة إليه بصمت تستشف شيء من ملامحه الخاوية، أو رد فعل عنيف، لكمة قاسية، لكنهُ كان هادئًا هدوء غير طبيعي يستمع إليها بإذعان دون أن يبدي استنكاره او رفضه لشروطها، شجعها على المتابعة بأريحية كأنها تطلب من حبيبها بكل سلاسة وبساطة.

وبعدين تِسفرو اي بلد أجنبية النهاردة ودلوقتي، تديني التمام بعد ساعة إنه في الطيارة وبقي كويس هديك انا كمان التمام وبس.
وأنهت قولها بابتسامة عذبة تلاشت مع قوله البارد وهو يقف.
كنت فاكرك أغلى من كده بس عادي.
أجابته باستصغار وهي تشمله من أعلاه لأسفله.
وانا كنت فاكراك أذكي من كده يا خسارة.
رفع كفه يهوي به على وجنتها لكن وللأسف أنه لم يصل، بل تعلق لأنها حذرته بتسلية وهي ترفع حاجبها.

تؤ تؤ نمسك أعصابنا عشان نناه معايا ها؟
بصق في وجهها مشمئزًا، فأغمضت عينيها بغضب ثم فتحتها وهي تطلق أنفاسها بعنف، ورفعت كفها الذي ترتدي به خاتمهُ عن عمد ومسحت وجهها ببطء أمام عينيه التي ستقتلع عليه، وهمست بابتسامة لطيفة.
شعور مُتبادل يا يعقوب يلا رتب افكارك وشوف هتعمل.
وتخطته في نهاية قولها واتجهت صوب تايسون، وتبدلت ملامحها واستيقظ الألم وعاد ينبض، وارتعشت جسدها، ولانت ساقيها وخارت قواها وجثت أمامه.

رفعته عن مستوى الأرض وضمته إلى صدرها بقوة وهي تذرف الدموع الكاذبة دون توقف.
وقبلت رأسهُ على مضض لكي يتم مشهدها على أكمل وجة ويدها تمتد خِلسة داخل سترته وأخذت هاتفه!، ثم طالعته ل ثوانٍ وتركته ووقفت، متمنية له ميتة جيدة تليق بشخصه الحقير.
ونكصت على عقبيها وسارت مبتعدة بعرج بيِّن متخطية يعقوب وهي تؤكد عليه بحزم.
ساعة بالظبط تكون مخلص كل حاجة، ومتحاولش تلعب بديلك لأني براقبك وهعرف إنت فين.

والتفتت تنظر إليه وأشبعت فضوله بقولها الصريح والابتسامة تعلو وجهها.
انا رايحة لخالد.
ورفقت قولها بقبلة هوائية أرسلتها إليه واولته ظهرها وذهبت.

ضم يعقوب قبضته حتى إبيضت وعينيه تلحقها، ومع اختفائها سقط على ركبتيه وأخذ يضرب الأرض بقبضته بعنف صارخًا بقهر، بألمٍ لا يحتمل يمزقه، ويذيب خلاياه كأنها ألقت عليه حمض النيتريك، فلمَ لا يكتمل شيء يرغبهُ في حياتهِ قط،! لمَ هو الوحيد الذي يتعرض للخداع والقهر في كل مرة؟ ما الخطب مع حياته الملعونة هذه؟

رفع جسده لاهثًا، واعتصر قلبه المضني بقبضته بقوة رغبةً في اقتلاعه ليكف عن النبض بذلك الألم المميت صارخًا بقهر.
آآآآآآآآآآه. آآآه، آآه، آه.
أنزل رأسه بأعين حمراء دامية، وألتفت يصوِّب نظرات قاتلة لذلك المسجي أرضًا، هو من بقي لديه ولن يخرج غليله على غيره.

هبَّ من مكانه واندفع إليه وهو يجأر، وركل ساقه بكل ما أوتيه من قوة ثم جثم فوقه وأشبعه لكمات عنيفة بانفعال حتي تقطعت أنفاسه، كان يقتله عوضًا عن إفاقته وتنفيذ أوامر الساقطة، تمالك نفسه وأخذ يهزهُ بعُنف لايقِل عن عُنف نبرته الصارخة مسببًا رجيج جسده.
قوووم، فوووووق.
تأوه تايسون وبدأ يفتح عينيه بتمهلٍ شديد والألم ينبض في كل إنش في وجهه المُشوه بعض الشيء والدماء تسيل منه.

فقام يعقوب من فوقه لحظة استيقاظه وركله بعنف وهدر يحِثهُ على الاعتدال والانتباه إليه.
قوم وفوق كده قوم.
انتفض من فوره وسأل بتيه وهو يضع كفه على مؤخرة رأسه النازف.
ياسمين فين؟ فين ياسمين؟

ياسمين ذلك الأسم البغيض أضحى يكرهه أضعاف مضاعفة، ويجعل الدماء تغلي داخل عروقه، وتجتاحه حرقة كأنه يتعرض للسلخ، بعد إن كان يجعله يبتسم وينشرح صدره وصولًا لأقصى مراحل السعادة فقط من دقائق، دقائق كانت كفيلة بقلب كل شيء رأسًا على عقب، حتى القلب لم يعد القلب الذي عهده من نصف ساعة وهو يُفكر بها.
انحنى عليه وعاجلة بلكمةٍ قوية طرحته أرضًا مجددًا وهدر بغلظة.
راحت تقتل يا (، ).

ثم مال وقبض على ياقته وهدر وملامحه استوحشت ونبرته الجهورية التي لم تفشل في إدخال الرعب على قلب أحدهم يومًا أرهبته.
لو مقولتش دلوقتي وديتو جدتي فين وديني هجيب أختك وهقطع من لحمها قدامك وارميه للكلاب أنطق فييييين.
هزَّ رأسه بجهل وأنفاسه تخبو، وأجاب بوهن.
معرفش حاجة معرفش عنها حاجة.

عيل صبره وسحق شفتيه مزمجرًا وسدد إليه لكمة أُخرى دون أن يترك لهُ فُرصة الوقوع بل رفعهُ ولكمهُ مجددًا بإجهاد رافضًا إفلاته حتى يفصح عن مكانها.
فهتف بتقطع وهو يغلق عينيه بوجل يوشك أن يفقد وعيه.
مع، رفش، يا، ياسمين، هي، هي اللي بتخ، طط.

ارتفعت زاوية شفتيه بحقد وأفلته دافعًا إياه إلى الخلف أسقطه، ووقف يُخلل أنامله في شعره بفقدان صواب، بالتأكيد لا يعرف فهو بلا قيمة على أي حال وهي من تعمل وحدها بل وتوجهه وليس العكس.

وقف وأخرج هاتفه من جيب بنطاله بسرعة وهاتف بعضًا من رجاله الموثوقين و أمرهم أن يأتوا إليه بسيارة ثم خبت أنفاسه، وتسارعت نبضاته في عنفٍ مؤلم، وهو يستذكر حديثه مع جدته كأنها كانت تودعه، لن يرحمها إن مستها بسوء، فكان تحت تأثير ضغط نفسي جسيم يقتله ببطء، تَخيُّل أنها ليست بخير يشعره بالعجز وهو ليس ضعيف لكنها أتته من نقطة ضعفه.

دسَّ الهاتف في جيب بنطاله والسواد يسطو على مقلتيه وعمد على وسيلته الوحيدة لإنقاذها وهو الاقتراب من تايسون الذي كان يستريح ويلتقط أنفاسه بصعوبة، ليسأله بنفاذ صبر وعقله يستحضر حديث الكينج عنهُ.
الرجالة اللي كنت بتجمعها كنت بتجمعها ليه؟
أجابه بتباطؤ بما لقمته به ياسمين من كذب، بصوتٍ مبحوح بالكاد كان يسمعه.
دول، ال، الرجالة اللي بيكرهوا خالد، كُنا هنخليهم هما اللي يقتلوه في الآخر بس، بس.

وصمت وأغلق عينيه والخدر يسري في أنحاء جسده والإغماء يتمكن منهُ رويدًا رويدًا، غير قادرًا على التكملة، فأيقظه يعقوب بهزة عنيفة من تلابيبه حثهُ على التكملة بنبرة زاعقة مسعورة.
بس اييييه كمل.
أكمل بوهن وهو يُقاوم بضعف.
ب، بس ياسمين غيرت الخطة.
اتسعت عيناه بانفعال وسأله مشدودًا وقبضته تكاد تحرق قماش قميصه.
إيه خطتها الجديدة؟
م، ع، رفش.

وفقد وعيه بنهاية كلمته، فدفعه يعقوب أرضًا ووقف كالملدوغ يدور حول نفسه بعجز.
توقفت سيارة بعد وقت أمام المزرعة وترجل منها رجاله، وهرولوا مسرعين إليه، سائلين بقلق عما حدث وكانت أجابته باردة آمرة.
شيلوه هاتوه على العربية..
شرعوا في التحرك واحدًا تلو الآخر، فأوقف اثنين منهم بقوله.
انتو استنو هتروحو العنوان ده (، ) وتشوفولي المكان فاضي ولا فيه حد دلوقتي.

لم يكرر أمره مرتين وتم التنفيذ في الحال وذهب الاثنين إلى عنوان منزله، وتم حمل تايسون إلى السيارة وهو جلس بجانب السائق في المقدمة، وقال بعد أن ألقي نظرة عابرة على تايسون في المقعد الخلفي.
داوي جرحه، وأنت اطلع بينا على شقته.

توقفت ياسمين لاهثة تسند يدها إلى ركبتيها وسط الطريق الخاوِ عدي من السيارات، بحلق جافٍ مُجدب، وساقها ترتعش كأن الطعام لم يصل إلى جوفها من أيام، تبحث عن سيارة أُجرة تقلِّها.
انتصبت في وقفتها وأخرجت هاتف تايسون الذي انتشلته من جيب سترته، واستبدلت شريحته بالأخرى التي انتزعتها من هاتف الحارس يوم تبليغها عن الكينج.

الهواء طلق هُنا والإشارة جيدة ستتمكن من إجراء الأتصال، همَّت بكتابة رقم الهاتف المنزلي لخالد وليس رقمه الخاص وانتظرت الإجابة.
في هذه الأثناء في قصر خالد، تحركت الخادمة بآلية صوب الهاتف الذي يصدح صوته لكن استوقفها قول خالد الآمر وهو يقترب.
سبيه هاتي الدوا أنا هرد.
أومأت بطاعة وذهبت في طريقها.

تناهى لسمعها حمحمة خالد وهو يرفع الهاتف لكي يرد، فحركت ياسمين شفتيها المجروحة وعمدت على تمثيلها المُتقن واستنجدت به وهي تلهث بقوة غير قادرة على تجميع كلماتها.
إل، إلح، قني، ال، مزرع..
ة، و. ولعت..
تصنع خالد الدهشة وسألها مصعوقًا منفعلًا متخابثًا في طرحه.
اييييه ازاي و فين يعقوب؟
أجابت بصوتٍ أبح أجادت تصنعه.
خرج، خرج معرفش راح فين، وانا، هربت وبحاول أفتكر رقم يعقوب عشان اتصل بي..

قاطعها بانفعال سرعان ما بدله إلى تلهف كي لا تشك في أمره.
لا تكلميه ليه تعالي على هنا بيتك، ونبقى نكلمه مع بعض لازم اتطمن عليكي الأول تعالي يا ياسمين تعالي يا حبيبتي.
كان يستميلها بحيلِهِ الكاذبة وحبه المُزيف، وكانت تجارية لأن إرادته أُمنيتها، وستذهب لتقبض روحه.
أجابت بخنوع وهي تبتسم بانتصار.
حاضر يا عمو.
كادت تغلق لكن استوقفها لهفته المُثيرة للإشمئزاز.
إنتِ فين أبعت حد يجي ياخد..

بعدت الهاتف عن أذنها دون سماع بقية قوله، وضغطت على الزِر وأغلقت في وجهه ثم بصقت فوقه ب كُره، ووقفت ثابتة محلها والهاتف تنقر فوق شاشته بأظافرها، تستجمع بقية أفكارها كي لا تغفل شيء.
أعادت إنارة الهاتف وكتبت رقم طاهر رب عملها في الملهي فأتتها الإجابة سريعًا.
ألو، انا ياسمين.
أجاب بتعجب.
ياسمين!
سرعان ما استطرد بتهكم.
لو فاكره إنها وكاله من غي..

قاطعته وهي تُقلِّب عينيها بقولها بنوعٍ من السخط لم يستشفه لأن ما سيطر على تفكيره هو عودتها وعودة هطول الأموال فوقها كالأمطار.
انا جاية سيب خبر في الصالة، وساعة ونص وأكون عندك ونتفاهم.
أجاب بحماس.
ماشي هستناكي.
وصمتت تعض على شفتها العلوية، وتشد مقدمة شعرها بتفكير، بين مدٍ وجذر، مترددة بين الإغلاق في وجهه وبين متابعة خطتها وتوصيته بما يُجب أن يفعل.
ياسمين إنتِ معايا؟

أوصدت جفناها لثانيتين متخذه قرارها الأخير الصائب قبل أن تفتحهما والعزم والإصرار يشع منها سائلة.
أنا عايزة خدمة.
رواغ بسؤاله بتسلية.
والخدمة عايزاها جدعنة ولا ليا الحلاوة.
ابتسمت بسخرية واصمتته بعرضها الذي لا يرفضه عاقل.
نص مليون كويس؟
ارتفع كلا حاجبيه ووقف من مكانه مشدوهًا، ثم سألها بجهلٍ في مريةٍ من أمرها.
وده عشان إيه؟
زمت شفتيها وأجابته بصوتٍ ناعم بريء.

هتبلغ عن جريمة قتل بس شوفت إزاي هتعمل حاجة كويسة مُفيدة!
جلس محله وأخذت أنامله تضرب فوق سطح مكتبه يفكر بعمق تزامن مع اشتراطه عليها.
مليون جنيه واقبضلك عليه بنفسي.
ضحكت بصخب حتى أدمعت عينيها لسببٍ تجهله ثم قالت بغصة وهي تومئ.
ماشي اتفقنا.
وأغلقت دون سماع رده، وسارت مبتعدة وهي تتمتم بوعيد وعيناها تومض بالشر.
جيالك يا خالد جيالك.

جلس خالد بعد إنهاء المكالمة ووضع الهاتف على المنضدة يفكر بعمق، والأفكار الشيطانية تعصف برأسه متسببة في صخبًا شديدًا، وهاهي فرصته أتته يُجب أن يتخلص منها، فشل تايسون، ويعقوب لايعرف عنها شيء وستكون فرصة للخلاص من همِّها الثقيل دون دراية أحد كأنها لم تأتيه قط.
حزم أمره ووقف وهتف باسم أحد حراسه بانفعال فامتثل أمامه بلمح البصر، ليلقي عليه الأمر.

روح اوضة المراقبة وقولهم يقفلوا الكاميرات الخارجية والداخلية دلوقتي ومحدش يفتحها غير بأمر مني مفهوم؟
أومأ بطاعة وخرج ينفذ دون أي اسئلة في الوقت الذي تقدمت الخادمة بكوب مياه وعلبة الدواء الخاصة بقلبه، فأمرها مباشرةً وهي تحط الصينية من يدها على المنضدة.
خدي أجازة يومين أنتِ والشغالين وتفضوا القصر دلوقتي مشوفش وِش حد فيه بعد عشر دقايق.
أومأت بابتسامة ثم سألت بقلق.
مش هتحتاج ح..
قاطعها بضجر.

لا مش هحتاج أي حاجة يلا مع السلامة امشوا.
أومأت بطاعة متعجبة وتركته وعادت إلى مطبخها وأخبرت بقية العاملين معها، وكانت السعادة تعم المكان وهم يجمعون متاعهم للذهاب.
فهو سهَّل عمل ياسمين دون درايةً منهُ ولن يشق عليها حتى حذف سجل الكاميرا الخاص لهذا اليوم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة