قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا مملكة أرنولد للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل الثاني

نوفيلا مملكة أرنولد للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل الثاني

نوفيلا مملكة أرنولد للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل الثاني

نظر إلى المستشار الخاص به «جرهام» والذى عرف إسمه منه أثناء تلك الرحلة الطويلة:
- كم تبقى جرهام، نحن نسير منذ أكثر من ساعتين
أجابه وهو يسرع بخيله كي يستبقه:
- تبقى القليل يا مولاي، نحن الآن على مشارف الجنوب
رمقه بإستياء وهو يرى مدى محاولاته للحاق به فهتف بضيق:
- اية ياعم براحة على الحصان إحنا مش فى سباق، تمهل قليلا
- يجب أن الحق بك سيدى فخيلك هو الأسرع فى تلك المملكة.

إبتسم بفخر ونظر أمامه وهو يقول:
- اعلم ذلك، كنت بختبرك يا اوزعة
وصلا أخيرا إلى الجنوب حيث مدينة الفقراء، لاحظ المبانى المتهالكة والتى كانت عبارة عن طابق واحد، كانت الشوارع متلاصقة إلى حد كبير ومتهالكة، بدأ الشعب فى الظهور والتى كانت ملابسهم مهالكة وبها رقع كثيرة، ظهر على وجههم الطين، نظر إلى جانب فوجده مزدحمًا بالناس مما جعله ينظر إلى «جرهام» وردد بتساؤل:.

- لماذا يتجمعون هكذا؟ هم بيتخانقوا ولا اية؟
نظر إلى حيث ينظر واجابه:
- هذا السوق يا سيدي، اليوم هو اليوم الخاص بالخصومات على الاطعمة والملابس
ابتسم وهو يتوجه إلى تلك البقعة وردد:
- اية ده هم عندهم اوكزيونات زى عندنا، هيا بنا جرهام سنذهب إلى هناك
اعترض طريقه وهو يقول بإعتراض:
- لا مولاي، هذا خطر كبير على حياتك، افضل عدم الذهاب إلى هناك
رمقه بغضب شديد وصرخ فيه:.

- بقولك اية ياعم حلبسة انت، انت مش ساحب عيل صغير معاك، انا الملك وستنفذ ما اقوله، هل تفهمنى
ابتعد عن طريقه بخوف وردد بتوتر وقلق:
- حسنًا سيدى، اعتذر منك.

توجه بالفعل إلى تلك المنطقة وترجل من على حصانه ثم سار فى السوق فوجد الزحام شديد، لاحظ بساطة الرداء الذى يرتديه الجميع عدا التجار الذين كانوا يرتدون ملابس تظهر عليها الرقى والجمال، ظل يمر من هذا الازدحام وهو يرى البضائع التى تُباع، حتى وجد بائع لا يوجد أمامه أحد فتقدم وسأله قائلًا:
- لماذا لا يقوم أحد بالشراء منك أيها التاجر؟
نظر إليه بإستحقار وأردف:.

- أغرب عن وجهى فأنا لا أطيق التحدث لأحد أيها الحقير
إستشاط «يوسف» غضبًا وهتف بغضب شديد:
- انا حقير يا خنزير يابن الخنازير! ده انا من شبرا يلا!
ثم تقدم ليلكمه بوجهه فأعترض المستشار طريقه وهو يهدأ من غضبه قائلًا:
- انتظر يا مولاي، اهدأ قليلا، لا تلوث يدك بضرب هذا الحقير، أعدك بإرسال الحراس لوضع هذا المجنون بالسجن.

هدأ قليلا خاصة عندما لاحظ خوفه وتراجعه ثم أكمل طريقه فى السوق إلى أن لفت إنتباهه رجل يبيع الفاكهة وامامه الكثير من النساء فتقدم ليرى ماذا يبيع فأعجبه كثيرًا تلك الفاكهة الناضجة فردد متسائلا:
- بكام كيلو العنب يا عمنا؟
رمقه البائع بتعجب فهو لم يفهم مقصده فغير «يوسف» من لهجته وقال:
- كم ثمن هذا؟
وأشار إلى العنب الذى يتواجد أمامه فنطق ليجيبه قائلًا:
- خمسة بندقات.

لوى ثغره وهو يرمق المستشار قائلًا:
- بندقات؟ انتوا بتتعاملوا بالبندق ولا اية؟ هل معك خمسة بندقات؟
هز رأسه بالايجاب وهو يدس يده بجيبه:
- بالطبع سيدى معى
ثم قام بوضع خمسة عملات معدنية فى يد البائع فقام بوزن كيلو من العنب ووضعه كيس قماشى صغير ومد يده به فتناوله منه وهو يقول:
- ما هى عملات عادية اهو، لازم تجود يعنى وتقول بندق ومش بندق.

- ايوة فهمت يا ست ياسمين، تصدقى دى لغة سهلة اوى
قالتها الخادمة «ميرانا» بسعادة ل «ياسمين» التى فركت كفيها بسعادة قائلة:
- شاطرة يا ميرانا كدا انتى تعجبينى، يلا بقى قومى معايا نلف فى القصر شوية أما اشوف فيه اية
وقفت وهى تقول:
- حسنا سيدتى هيا بنا
نظرت إليها معاتبة لتقول:
- حسنا بردو يا ميرانا؟ اسمها ماشى يا ست هانم
ابتسمت «ميرانا» وهى تصحح ما قالته:.

- ماشى يا ست هانم، يلا بينا
تهللت اساريرها لتقول بسعادة وهى تتبعها إلى الخارج:
- أيوة كدا يا شبح، هى دى اللغة ولا بلاش
ظلت تتجول فى القصر الذى اعجبتها طرقاته واجزائه، دخلت إلى جميع غرفه وتعرفت على الكثير من العاملين والخادمين بالقصر إلى ان دفعت باب الغرفة لتكشف عن شخص ما بالداخل قد خلع سترته فشعرت بالصدمة وتراجعت للخلف قبل ان تلتف وتضع يدها على وجهها وهى تقول بمعاتبة:.

- مش تقوليلى يا ميرانا إن فيه حد هنا، شكلى باظ قدامه
ارتدى هذا الرجل سترته مرة أخرى وأشار إلى «ميرانا» بالرحيل ثم توجه إلى «ياسمين» وطرق على كتفها بهدوء شديد فألتفت لتجده أمامها فنطقت بتعلثم وتوتر شديد:
- انا اسفة، لم اقصد ذلك
إبتسم بلطف قبل ان يردد:
- لا عليكِ أيتها الأميرة، وأخيرا قد قررتى ترك غرفتكِ والتجول بالقصر
إبتسم بمجاملة وهي تجيبه:
- شعرت بالملل قليلًا.

ثم نظرت حولها بحثًا عن «ميرانا» وقد تملك الخوف والقلق منها فلاحظ هو ذلك مما جعله يقول:
- هل تبحثين عن شيء؟
نظرت إليه بنفس الخوف والقلق ولم تستطيع الرد فأمسك يدها وتحسسها ليجدها باردة إلى حد كبير فحدق بها وقال بقلق:
- يدكِ باردة للغاية، هل انتِ مريضة
ظلت تحدق به ولم تتحرك قيد أنملة فلوح بيده أمام عينها وهو يقول:
- اميرة ياسمين! هل تسمعيننى
فاقت أخيرا من شرودها ورددت بتعلثم:.

- اا، انا بخير، يجب أن ارحل الآن
كادت تتحرك إلا انها لم تستطيع بسبب تشبثه بيدها التى لم يتركها منذ البداية، نظرت إليه مرة أخرى قائلة:
- اريد الرحيل
ترك يدها وابتسم بلطف قائلًا:
- حسنا، سنلتقى مجددا إذا.

بدأ يتناول حبات العنب وهو يتجول بعدما قام «جرهام» بغسله وتنظيفه، نظر الى مستشاره وردد بتساؤل:
- انا أرى الكثير من النساء فقط، اين الرجال، لابد وأنهم يعملون فى مكانٍ ما
أومأ رأسه وهو يجاوب عليه:
- بعضهم يعمل بالنطقة الشرقية والغربية ويأتون فى الليل والبعض الآخر لا يعملون، بعتمدون على عمل زوجاتهن
رفع حاجبيه بتعجب قبل ان ينظر إلى الطريق أمامه ويقول مازحًا:.

- اهاا انتوا عندكوا النوعية المهببة دى، حسنا، هيا بنا نعود لقد تأخرنا كثيرا وامضينا اليوم فى هذا السوق
إلتف «جرهام» إستعدادًا للعودة لكنه توقف عندما رأى «يوسف» يتجه إلى أحد البائعين فأسرع إليه..
لفت إنتباهه توسل تلك الفتاه للبائع كي يعطيها بعض الطماطم بسعر بندقة واحدة فهذا ما تملكه مما جعل البائع يصيح بها بغضب قائلًا:
- ابتعدى من هنا أيتها الفقيرة، لن اعطيكى شيئًا.

إرتفع صوتها بالتوسل قليلا:
- لا يوجد معى الكثير من البندقات، اتوسل إليك أن تعطينى الطماطم فأنا بحاجة إليها، والدتى مريضة ولم تأكل منذ عدة أيام
كاد البائع أن يصيح بها مرة أخرى إلا أن «يوسف» تدخل وهتف بقوة ولهجة أمرة إلى البائع:
- اعطيها ما تريد
نظر إليه البائع وردد بسخرية:
- ومن انت كي تأمرنى بذلك
رد عليه بنفس السخرية قائلًا:
- انا من سيعطيك المال أيها الحقير، نفذ وزن لها ما تريد.

لم يستطيع الرد وقام بوزن الطماطم لها فأشار «يوسف» إلى المستشار قائلًا:
- اعطيه ثمن هذا
ثم توجه إلي تلك الفتاه الجميلة التى كانت ترتدى جلباب باللون الاسود ولكن كان قديمًا متهالكًا تغطيه الأتربة والغبار الكثيف، نظر إليها بإبتسامة قائلًا:
- اتمنى من الله شفاء والدتكِ
إبتسمت بخجل ثم نظرت إلى الأسفل وهى تقول:
- شكرا على إهتمامك بالأمر، لا أعلم...
قاطعها بإبتسامة هادئة كى يزيل عنها الحرج:.

- لا تقولى شئ، لم افعل شيئًا، هيا عودى فوالدتكِ بالطبع تنتظرك
اومأت رأسها بخجل ثم تحركت عائدة إلى المنزل
نظر إلى نقطة بالفراغ وهو يردد بإبتسامة:
- قمر وربنا
ثم توجه إلى «جرهام» وأشار إليه قائلًا:
- قم بمراقبتها، اريد معرفة عنوان تلك الفتاه وعندما تنتهى عد إلي.

حاول الرفض بأدب كي لا يترك الملك وحده فأتسعت عين «يوسف» بغضب وكأنه ينتظر رفضه حتى يقوم بمعاقبته فأثر الصمت وأومأ رأسه بالإيجاب قبل أن يتحرك خلف تلك الفتاه:
- حسنا يا سيدى
ضحك عندما رحل وتوجه إلى خارج السوق ليجد خيله وخيل المستشار كما تركوهما بجوار تلك الشجرة فأسرع ليمطتى حصانة بعدما قام بحل قيده ومن ثم أمسك بخيل «جرهام» ورحل بهما، نظر إلى الطريق أمامه وهو يضحك قائلًا:.

- يلا يا جوجو، تعالى مشي يا حبيب بابا، بقى أنت عايز تمشى كلامك عليا! ده انا هخليك تعد الرمل بتاع الصحراء دى رمالية رمالية طول الطريق وانت راجع...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة