قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا ملك عمري للكاتبة سارة علي الفصل التاسع

نوفيلا ملك عمري للكاتبة سارة علي الفصل التاسع

نوفيلا ملك عمري للكاتبة سارة علي الفصل التاسع

في احدى المستشفيات الخاصة..
كانت ملك تجلس على احدى الكراسي الموضوعة في ممر المشفى تبكي بصمت بينما ريم تسير ذهابا وعودة وهي تشعر بقلق شديد..
توقفت عن سيرها وهي تستند على الحائط وتدعو الله ان يحفظ لها والدها، لقد فقدت وعيها تماما وتفوهت بكلمات صعبة لم يتحملها والدها، كيف فعلا هذا..؟! كيف وصل بها الحقد الى هنا..؟! هي لن تسامح نفسها ابدا اذا حدث لوالدها شيء ما..

انتبهت الى خالد الذي تقدم نحويهما راكضا قبل ان ينحني نحو ملك ويسألها بلهفة:
عمي ماله يا ملك..؟! حصل ايه..؟!
رفعت ملك وجهها الباكي نحوه وهتفت بحزن:
معرفش، قلبه وجعه فجأة ووقع عالارض..
ثم اكملت بنحيب:
انا خايفة يحصله حاجة، خايفة يموت ويسيبني هو كمان..

جلس خالد بجانبه يواسيها متجاهلا ريم الواقفة تنظر الى غرفة العمليات بصمت ودموعها تنساب على وجنتيها بغزارة، شعرت بملك بأحدهم يتقدم منهم فرفعت بصرها لتجده جاسر فقفزت نحوه ورمت نفسها بين احضانه بإنهيار..
احتضنها جاسر وهو يرمق خالد بنظرات حادة قبل ان ترق نظراته وهو يرى انهيار ملك الواضح فيشدد من احتضانها محاولا مواساتها..

اشاح خالد بوجهه بعيدا عنهما وهو يشعر بالإختناق، ود لو ينهض ويرحل لكن عمه في الداخل ولا يجوز ان يتركه هو وبناته في وضع كهذا..
خرج الطبيب بعد فترة قصيرة وهو ينظر لهم بأسف قبل ان يخبرهم بوفاة حامد..
انهارت ريم باكية بينما لم تتحمل ملك الصدمة ففقدت وعيها بين احضان جاسر..

انتهت ايام العزاء وريم تعتزل كل شيء حيث تجلس في غرفتها بينما ملك مع اخويها تحاول أن تلهيهما عما حدث، لا تعرف اذا ما كان عليها ان تواسيهما او تواسي نفسها، كانت هبة معها طوال الوقت تساندها وجاسر ايضا بجانبها يحاول طمأنتها والتخفيف عنها..
عاد جاسر بعد انتهاء اليوم الثالث الى منزله ليجد المنزل خاليا لا يوجد احد سوى سيلين التي نهضت تستقبله وهي تبتسم له برقة فسألها بجمود:
فين امي واخواتي..؟!

اجابته بجدية:
كلهم فأوضهم، ليه فيه حاجة..؟!
اقترب منها وقال فجأة:
تعرفي، لولا انك بنت خالتي انا كنت هعرف ازاي اتصرف معاكي، بس هقولك حاجة واحدة، تلمي هدومك وتسافري لأهلك فأقرب وقت..
صدمها كلامه فسألته بقلق:
ليه يا جاسر..؟! انا عملت ايه..؟!
رد عليها بهدوء مخيف:
انتِ هتستهبلي، فاكرة اني مش عارف انك انتي اللي بعتي الصور اياها لريم عشان تلغي الجوازة..
ابتلعت ريقها وهي تهتف بعدم فهم:.

صور ايه..؟! انت بتتكلم عن ايه..؟!
رد بنفاذ صبر:
سيلين انا فاهمك وحافظك كويس، مش جاسر اللي يتلعب عليه، من ساعة ما ملك حكتلي موضوع الصور وانا ابتديت ادور لحد ما اتأكدت إنك انتِ ورا الموضوع..
اكمل وهو يرمقها بنظرات محتقرة:
انت ايه..؟! معجونة بمية ايه..؟! فاكرة بالطريقة دي هحبك واتجوزك..؟! للاسف انتِ بتحلمي، لو ستات العالم كلهم خلصوا وفضلتي انتِ مش هتجوزك بردوا..
ثم اكمل وهو يبتسم:.

بس تعرفي انا بشكرك، حقيقي بشكرك، لولا عملتك دي مكنتش اتجوزت ملك وشفتها على حقيقتها وحبيتها، سبحان الله كنتي بتخططي لإيه وربنا عمل ايه، عشان تعرفي بس انوا الخباثة والخطط الحقيرة بتاعتك مش هتفيدك..
مسكته من ذراعه عندما هم بالتحرك وهتفت به بترجي:
بس انا عملت كده عشان بحبك، بحبك من زمان اوي، والله العظيم عملت كل ده عشان كنت عايزاك ليا..
ابعد ذراعه من قبضتها بنفور وقال:.

انت عمرك محبيتيني، انتِ بس حبيتي فلوسي والمركز والعيلة، كنتِ عاوزة تتجوزي واحد من نفس مستواكي تتباهي بيه قدام صحابك، انا اكتر واحد عارف تفكيرك..
ثم اكمل وهو يرمقها بنظرات مشمئزة:
سافري يا سيلين، والا هفضح عملتك قدام الكل، سافري بنفسك بدل ما اطردك من هنا قدام الكل..
ثم تركها ورحل الى غرفته لتسقط دموعها بغزارة وقد حسمت امرها، سوف تسافر في اول طائرة وتعود من حيث اتت فيبدو ان جاسر لن يكون لها ابدا..

حل الصباح مجددا..
استيقظ جاسر من نومه واخذ حمامه سريعا قبل ان يرتدي ملابسه ويذهب الى عمله فهو تركه طوال الثلاث ايام السابقة..
هبط الى الطابق السفلي ليجد الجميع متجمع على طاولة الطعام..
القى تحية الصباح عليهم وجلس في مكانه لتقول والدته:
سيلين قررت تسافر بالليل يا جاسر، بحاول اقنعها تفضل معانا بس هي مش راضية..
تطلع جاسر الى سيلين التي اخفضت انظارها نحو طبقها ثم رد على والدته بفتور:.

سيبيها على راحتها، طالما هي حابة تسافر خليها تسافر..
ثم تناول القليل من الطعام قبل ان ينهض متجها الى عمله، نهضتا كلا من زينة ورزان وقررتا ان تذهبا الى الحديقة الخارجية يتمشيان قليلا بينما نظرت جلنار الى سيلين وقالت:
احنا مش اتفقنا آنك هتفضلي هنا، ملك خلاص طالبة الطلاق، وانا هقنع جاسر انوا يتجوزك..
ردت سيلين بتوتر:
ملوش لزوم يا خالتو، انا مبقتش عاوزة اتجوز جاسر..

رمقتها جلنار بنظرات متعجبة قبل ان تسألها بعدم فهم:
يعني اني مبقتيش عاوزة تتجوزي جاسر..؟!
ردت سيلين بهدوء:
عشان جاسر مش بيحبني ولا عمري هيحبني، وانا مش مستعدة اهين كرامتي اكتر من كده..
ثم اكملت بوجوم:
واظن انك مش هترضي ليا اتجوز واحد مش عاوزني، كمان جاسر بيحب ملك، وانا مش هتجوز واحد بيحب غيري..
تطلعت جلنار اليها بإحباط ثم قالت بضيق:
يعني ابني يصوم يصوم ويفطر على ملك، ايه الحظ ده..؟!
ابتسمت سيلين وقالت:.

سيبيه على راحته يا طنط، عالاقل ملك طيبة مش زي ريم..
هزت جلنار رأسها بعدم اقتناع وفي داخلها تتمنى لو تصر ملك على طلب طلاقها من جاسر كي تزوجه هي بمن أفضل منها..

تقدمت هبة نحو ملك الجالسة على سريرها بملامح مرهقة، وضعت صينية الطعام امامها وهتفت بها:
انا جبتلك الفطار لحد عندك، لازم تاكليه كله، انتي مكلتيش حاجة طول الايام اللي فاتت..
ردت ملك بخفوت:
مليش نفس..
رمقتها هبة بحزن وقالت:
عشان خاطري يا ملك، لازم تاكلي حاجة، كده هتوقعي من طولك واخواتك محتاجينك..
ادمعت عينا ملك وهي تقول:.

مش مصدقة اني بقيت يتيمة الاب والام خلاص، فقدتهم هما الاتنين فأكتر وقت محتاجاه فيهم..
ربتت هبة على ذراعها وهي تهتف بمواساة:
معلش يا حبيبتي، ده نصيبهم، ادعيلهم بالرحمة..
ثم اكملت بجدية:
صحيح، ماما عايزة تاخذكم عندنا، تعيشوا معانا بدل مانتوا هنا لوحدكم..
ردت ملك بجدية:
احنا مش هنسيب بيتنا ونروح لأي حتة يا هبة، ده بيتنا واحنه هنفضل فيه، كمان مفيش اي قلق علينا، معانا الحراسة والخدم..

أومأت هبة برأسها وقالت بتفهم:
انا قلتلها كده بردوا، وقلتلها إنك لو رفضتي هفضل معاكي الفترة الجاية لحد ما تتحسني وترجعي بين جوزك..
ابتسمت ملك بمرارة وهي تقول:
بيت جوزي..؟! مانتي عارفة اني طلبت الطلاق..
قالت هبة بجدية:
الكلام ده ملوش معنى، احنه ملحقناش نتكلم بالموضوع ده، مفيش حد يستاهل تطلبي الطلاق عشانه..
هطلت دموع ملك بغزارة وهي تكمل:.

ريم طلعت انانية اوي، عمري ما اتخيلت انها تكون بالأنانية والحقارة دي، انا كنت مستعدة اسيب جاسر عشانها..
ثم اكملت بجدية:
بس انا مينفعش اكمل معاه فكل الاحوال، مش عشان ريم، لا عشان اخواتي، اخواتي مبقاش ليهم حد، انا الوحيدة اللي بقيت ليهم، مش هتخلى عنهم..
ردت هبة بسرعة:
مين قال انك لو رجعتي لجاسر تبقي بتتخلي عنهم، جاسر بيحبك وبيحب اخواتك وهياخد باله منكم كلكم. ،
ردت ملك بجدية:.

جاسر مش مجبر بأخواتي، هما مش ولاده عشان يبقى مسؤول عنهم..
ردت هبة بجدية:
طب مش تسأليه الاول، يمكن هو ليه رأي تاني..
قالت ملك:
لا مش هسأله، مش هحرجه بسؤال زي ده، انا هصر على الطلاق وخلاص، وهو هيطلقني وينساني وربنا يوفقه مع وحدة تناسبه متبقاش مرتبطة بمسؤولية طفلين..
تطلعت هبة اليها بعدم اقتناع بينما اخذت ملك تتناول قليلا من الطعام الموضوع امامها محاولا منها ان تثني هبة عن اي كلام يخص هذا الموضوع..

حل المساء مجددا..
خرجت ملك من غرفة اخويها بعدما تأكدت من نومهما ثم اتجهت الى الحديقة الخارجية واخذت تسير بها وهي تفكر فيما حدث معها بالأونة الاخيرة..
سمعت اصوات خطوات تتقدم منها فوجدت خالد يسير نحوها وهو يبتسم بتردد..
بادلته ابتسامته وقالت:
ازيك يا خالد..؟!
رد بنفس الابتسامة:
بخير الحمد لله، وحشتيني يا ملك..
ارتبكت ملك قليلا لكنها ردت بهدوء:
ميرسي..

حل الصمت بينهما وخالد يحاول ان يخبرها بما يجول داخله لكنه متردد حتى نطق اخيرا:
عرفت من عمي الله يرحمه انك طالبة الطلاق من جاسر..
سيطر الوجوم على ملامحها وهي ترد:
ايوه صحيح..
انبعث الامل داخله وهو يقول:
انا ممكن اساعدك فالموضوع ده واوكلك محامي..
قاطعته ملك بجدية:
ملوش لزوم لده كله يا خالد، احنا هنتطلق بهدوء من غير ما حد يدخل فالموضوع..

اومأ خالد برأسه متفهما وحل الصمت بينهما مجددا قبل ان تجد ملك نفسها تقول فجأة:
بس الطلاق ده مش هيغير حاجة يا خالد..
يعني ايه..؟!
سألها خالد بعدم فهم لترد بجدية:
يعني انا مش هتجوز بعد جاسر..
قال خالد بسرعة:
عشان اخواتك صح، اخواتك دول ولاد عمي وانا مسؤول عنهم وعن رعايتهم لحد ما يكبروا..
قالت ملك بهدوء:
لا مش عشان كده، انا عارف انهم ولاد عمك وانت قد المسؤولية دي..
امال عشان ايه..؟!

سألها خالد بعدم استيعاب ليظهر الارتباك جليا على ملامح وجهها فردد خالد بعدم تصديق:
حبتيه..؟! عشان بتحبيه يا ملك..؟!
هزت ملك رأسها وهي تجيبه بأسف:
انا اسفة يا خالد، انا بحبه ومش هقدر اكون لراجل تاني غيره..
صاح بها بعدم وعي:
طب والوعد اللي بينا، ووعدك ليا..
ابتلعت ريقها وهي تجيبه باعتذار صادق:
انا اسفة على ده بردوا، اسفة بجد يا خالد، كل حاجة حصلت غصبا عني..
رمقها بنظرات هازئة وقال:.

غصبا عنك، ملقتيش الا جاسر يا ملك، ده لا شبهك ولا من نفس طينتك، حبيتيه ازاي..؟!
ردت بحزن:
حبيته وخلاص، حبيته زي ماهو..
قال بمرارة:
حبيتيه زي ماهو، انا كنت حاسس بس كنت بكدب نفسي، قلت ملك مستحيل تحب واحد زي جاسر، بس يظهر اننا فزمن المعجزات..
خالد انا..
قاطعها ببرود:
متقوليش حاجة، الحب مش بالعافية يا ملك، واضح اني اخترت الانسانة الغلط، او يمكن انا كنت شايفك وفاهمك بشكل غلط..

قال كلماته الاخيرة وانسحب من امامها وخرج من الفيلا بأكملها لترفع رأسها عاليا فتجد ريم تنظر اليها من شرفتها بملامح حزينة لتشيح ملك وجهها بعيدا عنها فهي لا تطيق رؤيتها..
تقدمت هبة مسرعة من ملك وهي تخبرها:
جاسر جه يا ملك، وهو قاعد فالصالون مستنيكي..
توترت ملك وهي تقول:
تمام هروح اشوفه..
ثم اتجهت بخطوات بطيئة نحو صالة الجلوس لتجد جاسر جالسا على احد الكراسي قبل ان ينهض من مكانه ويقترب منها ويسألها بحنان:.

عاملة ايه دلوقتي..؟!
ردت عليه بضعف:
بقيت احسن الحمد لله..
ثم اتجهت نحو الكنبة وجلست عليها فجلس جاسر في مكانه ليجدها تسأله:
جاي ليه يا جاسر..؟!
رد جاسر بجدية:
جاي عشان اشوف مراتي واطمن عليها..
اطلقت ملك تنهيدة طويلة قبل ان ترد:
انا قريب مش هبقى مراتك وانت عارف كده..
رد جاسر بجمود:
انا قلت لحامد بيه الله يرحمه اني مش هطلقك وهتفضلي مراتي لاخر يوم فعمري وانا لسه متمسك بكلامي ده ومش هرجع عنه..
ردت ملك بقوة:.

خلاص وانا مش هرجع ليك، خلينا كده، متجوزين وكل واحد عايش لوحده، لحد ما تزهق وتطلقني..
حاول جاسر تغيير الموضوع فسألها:
علي ومنى عاملين ايه..؟!
ردت ملك وهي ترسم على شفتيها ابتسامة حزينة:
الحمد لله كويسين..
منحها ابتسامة خفيفة وقال:
ربنا يخليكي ليهم..
بادلته ابتسامة بأخرى وهي ترد:
يارب..
ظلت صامتين لمدة طويلة حتى نهض جاسر من مكانه وقال:
الوقت أتأخر ولازم اروح، هجيلك بكره بعد الشغل..
ردت ملك بهدوء:.

ملوش لزوم تجي يا جاسر..
قاطعها جاسر بقوة:
هاجي يا ملك، هاجي كل يوم عشان اطمن على مراتي، واطمن على اخواتك كمان..
اقترب منها وطبع قبلة دافئة على جبينها قبل ان يتحرك خارج المكان..
كان يسير متجها نحو سيارته حينما سمع احداهن تلحق به وهي تنادي عليه..
التفت ليجدها هبة فنظر لها بحيرة قبل ان يبتسم برسمية وهي يسألها:
خير يا هبة..؟!
ردت عليه بجدية:
اسفة بس انا لازم اقولك حاجة مهمة..
قولي..
قالت هبة بجدية:.

ملك مصرة على الطلاق..
قاطعها بجمود:
وانا قلتلها وبقولهالك، طلاق مش هطلق..
ابتسمت هبة وقالت:
انا كنت واثقة انك متمسك بيها، بس انا مش جيالك عشان اقولك ده بس، انا جاية اقولك سبب طلبها ده..
رد جاسر بسرعة:
بسبب ريم طبعا..
قاطعته هبة:
لا، ريم كانت سبب فعلا لكن السبب دلوقتي اتغير..
عقد جاسر حاجبيه وسألها بعدم فهم:
اتغير ازاي..؟!
اجابته هبة:.

ملك عايزة تطلق عشان اخواتها، عايزة تهتم بيهم وتراعيهم، هما مبقاش حد ليهم غيرها، وهي مش عايزة تبعد عنهم..
قال جاسر بسرعة:
ومين قال انها هتبعد عنهم، ملك هترجع معايا ومعاها اخواتها..
قالت هبة:
انا قلتلها نفس الكلام، بس هي قالت انك مش مجبر تتولى مسؤوليتهم وهما مش ولادك، ولما قلتلها تصارحك بده قالت مش هتحرجك بحاجة زي كده..
نظر جاسر اليها وقال:.

الموضوع مفيهوش احراج، انا بحب ملك وبالتالي بحب اخواتها وبعتبرهم اخواتي..
انا عارفة ده، بس المهم انك تثبت ليها ده، وتثبت انك حابب وجودهم هنا الاتنين معاكم، وانك عاوز تبقى مسؤول عنهم بس من غير متبينلها انك عرفت سبب اصرارها على الطلاق، ملك حساسة اوي ولو عرفت بكلامنا ده هتزعل جامد، فاهم..؟!
ابتسم جاسر وقال:
فاهم يا هبة، انا عارف هتصرف ازاي، سيبي الموضوع ده عليا..
ضحكت هبة وقالت:.

انا واثقة فيك وهعتمد عليك..
قال جاسر بإمتنان:
انا بشكرك جدا..
تنهدت هبة وهي تجيبه:
لا شكر على واجب، ملك دي اختي وهي تستحق كل خير..
ربت جاسر على ذراعها بأخوة قبل ان يتجه نحو سيارته ويركبها ويبدأ في قيادتها وهو يفكر في الطريقة التي يجعل بها ملك تعود اليه وتثق به..

بعد مرور اسبوعين..
كانت ملك تجلس في غرفتها تقرأ في احدى الروايات الجديدة حينما سمعت طرقات على باب غرفتها فسمحت للطارق بالدخول..
وجدت ريم تتجه نحوها فنهضت ملك من مكانها وقالت بضيق:
ايه اللي جابك هنا..؟!
ردت ريم بألم:
مكنتش اعرف انك قاسية اوي كده يا ملك..
ردت ملك بجمود:
القساوة دي تعلمتها منك يا ريم..
ابتسمت ريم بإنكسار وقالت:.

استاهل، استاهل كل كلامك ده، واستاهل كل حاجة تعمليها فيا، انا استحق كل ده واكتر كمان..
ثم هطلت دموعها بغزارة وهي تقول:.

بس لازم تعرفي اني ندمانه، ندمانه جدا، وضميري بيأنبني، انا مش عارفة ازاي عملت كده، ازاي سمحت لنفسي اتصرف معاكي كده وازاي قلت لبابا الكلام ده، انا زي ما كنت بغيبوبه وفقت منها، والله العظيم انا مكنتش واعية للي بعمله، انا صحيح مكنتش قد المسؤولية وكنت متسرعة دائما فكل تصرفاتي، كنت شايفة نفسي عالكل وفاكرة اني احسن من الكل، بس انا مش وحشة، كل الحكاية اني لما اتولدت بابا وماما دلعوني زيادة خصوصا اني كنت بنتهم الوحيدة ل12 سنة، مكانش فيه غيري وماما مكانتش عارفة تخلف غيري فكان الاهتمام كله ليا، عشان كده بقت شخصيتي كده، كل طلباتي كانت مجابة، مكانش فيه حد بيزعقلي لما بغلط ولا فيه حد بيقولي ده مش ليكي او مينفعش تعملي كده، انا مش بحملهم المسؤولية بس انا بشرحلك حاجات يمكن انتي اول مرة تاخدي بالك منها..

ادمعت عينا ملك ورق قلبها لتكم ل ريم بوجع شديد:
انا عمري مهسامح نفسي عاللي عملته فيكي وفبابا، انا هسافر يا ملك، هروح امريكا واستقر هناك، مش هقدر افضل فالبلد دي بعد كده..
قالت ملك بسرعة:
لا يا ريم متسافريش، خليكي معانا، احنا محتاجينك..
ردت ريم:
انتوا مش محتجاني يا ملك، علي ومنى عندهم انتي، وجاسر كمان معاكم وهياخد باله منكم..
ردت ملك بجدية:
انتي عارفة اني هطلق منه قريب..
قاطعتها ريم:.

اياكي تعملي كده، انتي مش عارفة هو بيحبك قد ايه، بيحبك لدرجة صعب تتخيلها، انتي عمرك مهتلاقي حد بيحبك كده..
انتي اللي بتقولي كده يا ريم..؟!
قالتها ملك بتعجب لتومأ ريم برأسها وهي تكمل:
ايوه انا اللي بقول كده، عشان لو سمعتي كلامه ه
عنك وشفتي نظراته ليكي هتفهمي انا بقول ايه، متضيعيش حب زي ده من ايدك..
نظرت ملك اليها بحيرة وقالت:
طب وانتي..؟!
ردت ريم بجدية:.

انا هسافر امريكا واشتغل هناك، نور هتكون معايا، متقلقيش عليا، وهنفضل على تواصل وهزوركم بين فترة والتانية اطمن عليكوا..
متسافريش يا ريم، بلاش نتفرق..
ردت ريم:
انا محتاجة السفر ده اوي يا ملك، محتاجة ابعد وأبدأ من جديد، جايز الاقي نفسي هناك، وانا والله هزوركم دائما، وانتي بردوا ممكن تجي تزوريني، انا هحجز طيارة بعد يومين..
بالسرعة دي..؟!
قالتها ملك بدهشة لترد ريم:.

احسن، خليني ابعد عن هنا واحاول انسى اللي حصل، متقلقيش عليا، نور هتكون معايا وهنفضل على تواصل..
اقتربت ملك منها وضمتها اليها بقوة لتتساقط دموعها بغزارة كذلك ريم التي اخذت تبكي بحزن شديد قبل ان تبتعد عنها وتحتضن وجهها وتقول:
سامحيني يا ملك، سامحيني ارجوك..
قبلتها ملك من وجنتيها وقالت:
مسامحاكي، بس اوعديني انك هتتواصلي معايا يوميا وتزوروني بين فترة والتانية..
ابتسمت ريم رغم دموعها وقالت بصدق:
اوعدك..

ثم خرجت من الغرفة وهي تكفكف دموعها وتدعو الله ان يغفر لها جميع ما فعلته..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة