قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا لحظات خاصة (أحفاد الجارحي) للكاتبة آية محمد رفعت مقدمة ستة

نوفيلا لحظات خاصة (أحفاد الجارحي) للكاتبة آية محمد رفعت مقدمة ستة

نوفيلا لحظات خاصة (أحفاد الجارحي) للكاتبة آية محمد رفعت مقدمة ستة

ثبت عدي طرف السلم الخشبي، وأشار له بنفاذ صبر تحسسه الأخير فتشبث بطرف الحبل وبدأ بالهبوط للأسفل ببطءٍ وحذر، فما أن وصل للدرجة الأخيرة حتى كادت قدميه بأن تنفلت فناداه بفزعٍ:
عدي!

ضغط بأسنانه على شفتيه السفلية بغيظٍ كاد بقطعها، فأمسك حزامه الجلد الملفوف حول بنطاله الاسود المحكم، ثم جذبه للأسفل بعنوةٍ جعلته يقابل الأرض بحضنٍ دافين وكأنه لقاءٍ حميمي بينه وبين رسمته التي انطبعت بالأرض، هرعت إليه آية وعاونته على الوقوف وهي تعنف من يقف ببرودٍ من أمامها:
أيه اللي بتعمله ده يا عدي؟
رد عليها بضيقٍ:
قولتله خليك وأنا هجيب حضرتك بس هو اللي مصمم يجي معايا كأني واخد ابن اختي وطالع رحلة!

وليه تيجي لحد هنا أنت وهو من الأساس؟!
اتجهت نظرات عمر المذعورة تجاه أبيه الذي قطع المسافة القصيرة بينهما، فلعق شفتيه وهو يردد بارتباكٍ:
أنا بعتذر لحضرتك إننا جينا بالطريقة دي، بس نور هتولد بعد بكره ومصممة إن ماما تكون موجودة جنبها.
مجرد سماعها لذلك، رددت بلهفة وهي تضم يدها لوجهها:
حددلها؟!
ثم قالت بحزنٍ:
زمانها خايفة، احنا لازم نرجع قبل معادها.
قال من يتابعهما بثباتٍ قاتل:.

هما اللي هيرجعوا زي ما جيهم ولوحدهم.
احتدت نظرات عدي المسلطة تجاه أبيه، فكاد بأن يرد عليه فسبقته آية حينما وقفت قبالته لتعاتبه بذهولٍ:
ازاي بس يا ياسين، نور هتولد وإحنا مش جنبها؟
رد عليها ومازالت عينيه تقابل ذاك الشرس:
وجودك هناك في الوقت المناسب مسؤوليتي وزي ما جبتك هنا هقدر أرجعك..
ثم وجه حديثه لمن يراقبه بنظراتٍ تحمل الضيق بين معالمه المنكمشة:.

وفر مساعدتك وخد أخوك وامشي، وتاني مرة تأخد إذن مني قبل ما تدخل أي مكان يخصني.
وتركه وكاد بالرحيل، فتوقفت قدميه حينما وجده يسأله بدهشةٍ ساخرة:
أخد الإذن عشان أدخل مكان فيه والدتي!
ضم يديه معًا من خلف ظهره، ثم عاد ليقف قبالته وبحاجبٍ مرفوع قال:
طول ما أنا معاها يبقى مكان خاص بينا ومينفعش أي مخلوق يدخله مهما كان.
وأشار على الدرج المتدلي من طرف الطائرة:
خد أخوك وإرجع.

كانت الأجواء مشحونة بعناد الأسد والشبل الصغير الذي يحمل نفس دمائه وسمات كبريائه العنيد، الموقف بحد ذاته مريب ومقبض لها، لذا قالت بحذرٍ:
أنت فاكر إني هأمن أنهم يرجعوا في الوقت ده، لا مستحيل قلبي مش هيكون مرتاح، وأنت أكيد مش هتسمحلي أركب معاهم يبقى تسيبهم هما اللي يرجعوا معانا عشان أكون مطمنة عليهم أكتر.
اعترض على اقتراحها حينما صاح بحدةٍ:.

هما مش أطفال صغيرين يا آية، ثم إن ابنك لازم يكون جنب مراته بالوقت ده، لو رجع بالطيارة هيوصل خلال ساعات لو رجع معانا باليخت هياخد وقت أطول بكتير.
لاح على وجه عدي بسمة ماكرة، فقال برزانةٍ مخادعة:
هو خايف يستخدم الحبل هيتطلع ازاي من المسافة دي.
وصمت قليلًا ثم استطرد وعينيه تجابه من يتابعه بنظرة قاتمة كسواد الليل:
أنا بقول نخلينا هنا لبكره ونرجع معاكم زي ما ماما حابة.

ترقبوا سماع تعليق ياسين على ما يُقال بينهم، فمنحه نظرة نارية قبل أن يغادر بثباتٍ طاغي، وانتصارًا مبدئي للوحش الذي تحمس للقادم هنا.

انسحابه من البقعة التي جمعتهم بالحديث جعل عمر يلتقط أنفاسه بصورةٍ طبيعية بعدما كان يضيق داخل صدره خشبة من هيبة ياسين الجارحي التي لا يبالي بها من يقف لجواره، تأكدت آية من مغادرة ياسين للطابق السفلي فابتسمت وهي تخبرهما بسعادةٍ:
وحشتوني والله.
التفت عمر خلفها برعبٍ:
بلاش الكلام اللي يطير فيه رقاب ده الله يكرمك يا أمي عايزين نروح على رجلينا..

ضحكت حتى أحمرت وجنتها من فرط الضحكات التي استحوذت عليها، فجلس لجوارها على طاولة الطعام، بينما جلس عدي على مقدمتها يستمع لحوارهما بمللٍ، وخاصة حينما تساءلت آية باهتمامٍ:
قولي يا عمر أخبار القصر، والبنات أيه؟
لوى فمه بتهكمٍ وهو يجيبها:.

البنات زي الفل الشباب بما فيهم أنا مش بخير أبدًا، نعاني من الظلم والاضطهاد من القرود الصغيرين وامهاتهم، عندك ياسين مثلا كان من يومين عنده meeting مهم، ولما دخل عشان يلبس لقى نص هدومه كلها عليها دهان والعفاريت مطلعين النص التاني ينشوفه بالڤراند بعد ما خدوها فومين، اما رائد فامبارح كان هيرتكب جريمة لما نزل لقي عربيته اللي لسه شريها كلها رسومات سبونج بوب وميكي موس لا وأيه بالقطر والموس حرفية بلطجية.

وبتأثرٍ شديد اضاف:
ولا أحمد، العاقل الوحيد فين مبقاش ماشي في القصر غير وشايل بناته على كتافه عشان يحميهم من أي ضربة مرتدة من المسدس اللي مبيفرقش ايد ياسين حفيدك وماشي يقتل في خلق الله بالشطة اللي مالي بيها المسدس البلاستك ده، ومحدش قادر يكلم ابوه ليه بقى لانه عارف ببلاوي ابنه وساكت وآ...
ابتلع باقي كلماته حينما طرق عدي على الطاولة بمعصمه:.

أنت جاي تحكيلها قصة حياتك ولا تحكي عن بطولات البلطجية اللي مالين القصر.
صاح عمر بانفعالٍ:
ابنك زعيم البلطجية دول يا حبيبي، لكن أنا بنتي اللهم بارك ملاك نازل من السما، مبتعملش غير بلاوي بسيطة تنفع تتحل زي تخريب الميكب اللي بشتريه بدم قلبي لنور وبراندات والله يا أمي..
هتفت بحنقٍ:
مصدقاك يا حبيبي.
واستطرد عمر باستياءٍ استطاع أن ينفث عنه أخيرًا:.

وكله كووووم والغبي ابن حازم اللي ماشي يوقع الكبار والصغار في بعض ده كوووم تاني خالص..
رفعت يدها على جبينها لتحارب صداع رأسها لمجرد تخيلها للاحداث ناهيك عن سماع حديثه الذي لا ينتهي، لذا أمسكت يده وهو يعد على أصابعه ليستكمل لها:
كفايا يا عمر، سيب حاجه تتحكي لما أرجع..
تهدل رأسه بحزنٍ مصطنع:.

بحكيلك المعاناة اللي بقينا فيها، احنا الاكل مبقناش عارفين نأكل زي الناس بيحدفوا علينا قنابل، مسيلة للدموع، واغلب الوقت بنقضيه رياضة جري وراهم وكاننا بنقفش فراخ جمعية، الهيبة ضاعت عند الكل..
ومال على أذنيها ليهمسٍ لها بصوتٍ خافت:.

بالذات الوحش، أول واحد فينا بيلبس مقالب سخنة، وأخر مرة هدد ابن رائد إنه هيسجنه متخيلة وصل بينا الحال لفين! انتي لازم ترجعي وتشوفي الحوارات دي كلها قبل ما ابني يتولد ويتعلم منهم وأبص القيه واقف على باب القصر بمطوة يثبت اللي داخل واللي طالع!
دفع جسده للخلف ليزيح المقعد، وانتصب بوقفته ليشير إليه بضجرٍ:
هروح أنام أحسن ما ارتكب جناية.

وتركه وهبط للأسفل، ومن ثم استكشف الطابق السفلي ليعثر على أحد الغرف المريحة لليلته المؤقتة، بينما ظل عمر لجوار آية التي تستمع إليه بابتسامةٍ صغيرة، لينتهي الحوار بينهما بالمطبخ حينما أخبرها بأنه جائعًا للغاية.

بغرفة ياسين.

جمع بعض متعلقاته الهامة بحقيبته الصغيرة استعدادًا للعودة بأي وقتٍ، وبينما هو يضع بعض الملفات وجد دفترها على مكتبه الخشبي الصغير، جذبه ببسمةٍ رسمت على جانبي وجهه، فحمله ليضعه بحقيبته، وكاد بأن يغلقها، فأثار فضوله ظرف أبيض مطوي بين أحد الملفات الخاصة به، فلم تنكمش تعابيره دهشة لوجوه ربما لأنه من وضعه بيديه، جذبه برفقٍ ثم اتجه لحافة الفراش، فجلس يقلب الظرف بين أصابعه بابتسامةٍ بارزة على وجهه، لينهي رحلته القصيرة حينما أخرج ما يحتويه بنفس الابتسام الهادئة التي استقرت على وجه ذلك الصغير الذي يرتدي لبس يلائم ملابس الشرطة، ويحمل بين يده سلاحًا بدى حقيقيًا للغاية، مرر ياسين أصابعه على وجهه بحنانٍ وحب اتبع نبرته التي لا تنم عن مشاكسته التي تربطه مع خصمه:.

طول عمرك عنيد يا عدي!

وازدادت ابتسامته حينما تذكر كم كان يعشق ضباط الشرطة وعملهم الذي أثار فضوله منذ أن كان طفلٍ لا يتعد عمره العاشرة عامًا، وبالرغم من حزم ياسين وتشدده بأنه سيكون محله بيومٍ من الأيام الا أن عدي لم يتخلى عن حلمه بالالتحاق بالشرطة، وطوال تلك المدة التي قضاها بعمله كان رجال ياسين الجارحي يرقبونه من بعيدٍ، فكم من محاولة قتل نجا منها ولم يعلم عنها شيئًا حتى الآن بفضل مراقبة أكثر حرس ياسين الجارحي دهاءٍ، كانوا يتخلصون منهم قبل أن يمسوا بخصلة من شعر من ورط أسيادهم خلف قضبان السجن المظلم، أعاد ياسين الظرف لحقيبته ثم أغلقها جيدًا، فاهتز الهاتف بجيب جاكيته ليعلمه بأن ثمة هناك رسالة سرية تود اخباره بشيءٍ هام، فتح هاتفه ليجد نفس الشكوة التي ترددت على لسان احدى بناته من قبلٍ، انعقد حاجبيه بغضبٍ وهو يتابع ما دون بالجروب السري الذي يجمعه ببناته، فوجد نفس الشكوة تتردد على ألسنتهم.

«اتغيروا ومبقوش شايفنا غير امهات لتربية الاولاد، انكل ياسين ارجوك لازم تتدخل أحنا فاض بينا، نظراتهم لينا وجعانا كلنا وبدل ما يقدرونا على اللي بنعمله بيستهزئوا بينا وشايفين ان شغلهم اهم من تفاهتنا!»
رسالة ختمت بها الرد على مائة وخمسون رسالة..
«منعتوني اني اتدخل قبل كده أيه اللي جد؟»
ردت عليه شروق.

«اللي جد إني مبقتش أحس إنه سامعني ولا شايفني، كل كلامه عن الشغل والصفقات ولما طلبت منه انزل اساعده بحيث أكون جبنه رد باستهزاء وقالي ان ده شغل صعب الستات متقدرش عليه!»
رسالة اضافية من مليكة
«ياسين بقى شايف اني انام ومفكرش غير في اللي ببطني، حتى لما بيتأخر برة مش عايزني حتى أسأله كنت فين!»
كتبت رانيا هي الاخرى.

«انا كمان يا انكل رائد بقى طول الليل والنهار بيلومني على اتفه الاسباب اللي تخص اولادنا، مش عارفة هيفهم امته ان الواجبات مش مفروضة عليا بس، عليا وعليه»
وارسلت داليا
«وجاسم محتاج شدة أصلي من ايدك يا ناصف حقوق المرآة والغلابة، كل شوية ينتقدني اني اخدت الشهادة وقعدة في البيت يرضيك الكلام ده، »
أما نور فسجلت ريكورد صوتي نقل شحوب صوتها.

«يا انكل انت لازم ترجع تربي الناس دي، بقوا ظالمة وداسين فيها، وقبل كل ده تجيب طنط آية معاك الله يكرمك مبعرفش أولد غير وهي جنبي، »
ضيق عينبيه وهو يتابع بوادر خطته تجني ثمارها من أمامه، فكتب بثقلٍ تعمد الاطالة به لينتظرون رؤية رسالة واحدة منه تدعمهم، ولكن خاب أملهم حينما كتب
«وأنتي رأيك أيه يا رحمة! شايفك هادية يعني ومالكيش صوت انتي برة حزب المعارضة ولا أيه؟»
اتاه ردها يخبره.

«لا معاهم طبعًا بس في شوية خوف بحاول يعني اتفادهم، المهم ان احنا عايزين حضرتك تقف معانا، »
اتسعت ابتسامته وبخبث دون
«بكره راجع، وهتشوفوا اللعب على أصوله، »
وتركهم يحتفلون بحفل طائل من الملصقات والريكوردات والرسائل وأغلق هاتفه ليعيده لجاكيته والريبة تحوم من حوله لما يخص أمر الشباب وبالأخص الشرس!

ولج عمر للغرفة لينال قسطًا من الراحة قبل الصباح، فوجد عدي مستلقي على الفراش، ورأسه يتدلى على الوسادة باسترخاءٍ تام، لذا خلع جاكيته الجينز، ثم تمدد لجواره وجذب الغطاء بهدوءٍ ووضعه من حوله، انتبه إليه عدي فأبعد عنه سماعات الهاتف ثم ردد بدهشةٍ:
انت بتعمل ايه هنا!
كان سؤالًا غير منطقي بالمرةٍ ومع ذلك أسر الشر، وقال:
نايم!
رفع أحد حاجبيه ليماثل أبيه تمامًا وخاصة حينما نهره بضيقٍ:.

حد قالك اني اتعميت! بتعمل ايه في الاوضة دي ما قدامك اوضتين تانين روح اتخمد في أوضة منهم.
رفض ببرودٍ:
مينفعش.
بنبرة ساخطة تساءل:
ليه إن شاء الله!
أجابه باعتراضٍ تفصيلي:
انت جايبني في سفينة في عرض البحر وتقولي انام لوحدي، مسمعتش عن سفينة تيتانك اللي غرقت بالبحر، والسفن اللي مش لقينها لحد دلوقتي بسبب مثلب برمودا.
ضرب وجنته بخفةٍ وهو يقاوم غضبه القاس:
احنا فين والكلام الفارغ ده فين، روح اتخمد يا عمر.

بعصبيةٍ أشار له وهو يجذب الوسادة ليعدل من وضعية نومه:
ممكن يكون كلامك صح ونكون فعلا بعيد عن برمودا، بس الهلاك كله واحد بوجود ياسين الجارحي معانا هنا، وعلى رأي المثل تعددت الاسباب والموتة واحدة، تصبح على خير.
وجذب الغطاء بأكمله على رأسه فكشف جسد عدي بالكامل، كز على أسنانه بغيظٍ شديد، فجذب الغطاء عنه وهو يصيح به بشراسةٍ:
انت مش جبان ومتخلف بس انت غبي يالا!
وتساءل باستنكارٍ:
بتتحمى فيا!
بصدرٍ رحب أجاب:.

بالظبط كده، يعني مضطر تستحملني للصبح لو طلع علينا ومكتوبلي اشوف ايني اللي وشه باين من اولها ده، تصبح على خير.
لكمه عدي بالغطاء الذي كفنه بالكامل وهو يلكزه بعنفٍ:
اتخمد.
وزفر وهو يتمدد لجواره بضيقٍ، فظل يتململ بالفراش كمحاولة لأن يغفو، ولكن احاطه الضجر وأرق نومه، فهمس له عمر قبل أن ينساق خلف نومه العميق:
الحتة الطرية نسيتك حضن اخوك اللي كنت بتنام جنبه سبعة وعشرين سنة!

حدجه بنظرةٍ قاتلة تفتت حينما وجده غفى بنوم نجاته، فابعد عدي عنه الغطاء ثم خرج من الغرفة وصعد للطابق الثالث ليحظى ببعض الهواء المنعش، فاتجه للسور الخارجي ثم وقف يتتطلع للمياه بنظراتٍ هائمة لم تلتقط من يجلس بركنٍ بعيدٍ عنه يتابع العمل على رسائله الخاصة وتفاجئ بما كان يود يحيى أن يخبره به، فبات على علم بأول خطوة خاطئة اتخذها عدي بالاختبار الذي وُكل به..

تمايل الهواء البارد بدلالٍ، حتى انجرف ليلامس وجهه، حتى المياه خيم عليها البرودة بالرغم من اعتدال الأجواء بالصباح، ومع ذلك لم يستسلم للبرودة التي تحارب لجعله يعود لغرفته احتماءٍ منها، وضع يديه بجيب جاكيته الرياضي الخفيف ثم وقف يتأمل القمر الذي يلمع بالسماء ولجواره النجوم تحتفل بكماله، فقاطع جوه الهادئ خشونة صوت بات يعرفه حق المعرفة:
اختيارك غلط.

ابتسم وتمكن من اخفاء ذلك حينما استدار إليه، فتعمق بالتطلع إليه، وكأنه يحاول استكشاف ما يقصده بحديثه، فقال بعد أن تمكن بنجاحٍ:
حضرتك اللي سلمتني المقر فأعتقد إن القرار والمسؤولية بين ايديا دلوقتي ولا أيه!
تربع المكر بين حدقتيه العسلية، فاقترب منه ثم قال:
صح، بس سبق ونبهتك قبل كده إن متخدش أي قرار متهور ممكن يهد اللي أنا بنيته والا ساعتها هتلاقيني في وشك ولا أيه؟

لاعبه على نفس الوترة التي اختارها، فكبت الاخير غيظه وقال بهدوءٍ:
عارف، زي ما أنا واثق ان حضرتك اخترت الصفقتين دول بالذات عشان تحطني في الموقف ده.
ببرودٍ أثلج صوته الساخر:
والخروج منه إنك تحط رائد في مواجهة أحمد!، لا حقيقي اختيارك أثار اعجابي شابو بجد.
تحكم في غضبه بالنهاية أباه له كل الاحترام وحتى إن ازداد بينهما التحديات فلم يتخطى أبدًا أدب الحوار والتعامل فقال:.

أنا مسؤول عن اختياراتي، وواثق إن الصفقتين مش هيضعوا مننا.
تأمله بنظرةٍ تجابهه بساحة المعركة وقبل أن ينسحب للأسفل قال باستهزاءٍ:
اتمنى..
وما أن غادر من أمامه حتى لكم حافة العمود الحديدي وهو يردد بغضبٍ:
بيعرف اللي بيحصل ازاي! أنا مبلغتش حد بقراري لسه يدوب كتبته على ورق!
اهتدى عقله لشخصٍ ما فهمس لذاته بذهولٍ:
معقول!

ولج ياسين لغرفته فما أن وجدها تغفو يسكينة حتى أخرج هاتفه، ليجد عدد من الاتصالات من رفيقه، فجلس على أحد المقاعد ثم وضع قدمًا فوق الاخرى ليضغط على زر الرد، ومن ثم قال:
أهلًا بالكوماندا..
أتاه ردًا يتلعثم بقوله:
وحشتني، بقالك كتير مش بتسأل عليا انت نسيت حفيدك الوحيد!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة