قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا لا تشبهين أحدا للكاتبة شاهندة الفصل السادس

نوفيلا لا تشبهين أحدا للكاتبة شاهندة الفصل السادس

نوفيلا لا تشبهين أحدا للكاتبة شاهندة الفصل السادس

قالت سندس بحدة:
وأنا أجيبلك فلوس دلوقتي منين ياماجد؟ ماانت عارف اني خدت مصروف البيت من أسبوعين، طب هقولها عايزة المبلغ الكبير ده ليه بس؟
اتصرفي ياخالتي، مراد مش هيستني كتير علي فلوسه ومش بعيد يإذيني، يرضيكي ابن اختك حبيبك يتإذي ويتفضح وبنت صادق ترفض تتجوزه وتتجوز واحد تاني وساعتها تتحرمي من الجنة اللي انتِ عايشة فيها دي؟
رفعت سندس احدي حاجبيها قائلة:
انت بتهددني ياواد انت؟

أخرج ماجد من جيبه علبة سجائره يخرج منها سيجارة ويشعلها قائلاً:
عيب عليكي ده انا ابن أختك من لحمك ودمك برضه، ههددك ازاي بس واحنا في المركب سوا؟يعني لو غرقتي هغرق معاكي، أنا بس بفكرك بالهدف الأسمي من مساعدتك ليا.
قالت سندس بسخرية:.

لأ فيك الخير والله، تروح تلعب قمار مع صاحبك وتيجي تترجاني عشان ألحقك واتصرفي ياخالتي، تروح نايت كلاب وتعمل فيها أبو الرجال وتعزم أصحابك وادفعي ياخالتي، كل مصيبة والتانية إلحقيني ياخالتي وفي الآخر آل إيه احنا في مركب واحدة وأنا اللي هغرقك، والله ماهيغرقنا غيرك يافالح.
دعس السيجارة يقول بملل:
يوووه بقي مكنوش خمس آلاف جنيه اللي هتذليني بيهم دول ياسندس.

بتستقل بخمس آلاف جنيه، انت نسيت نفسك ياواد انت، ده انت كنت بتتضرب علقة موت عشان 500 جنيه دلوقتي خمس آلاف جنيه مش فلوس، الله يرحم.
نهض يقول بعصبية:
خلاص خلاص مش عايز منك حاجة، أنا هتصرف.
طالعته بنظرة نافذة وهي تقول:
أقعد يابابا انت مش قد الطلعة دي، هتتصرف منين يعني؟ حوش الصحاب اللي يتمنوا يخدموك ويسلفوك، هو انت ليك غيري ياموكوس.
يوووه بقي.
نهضت تقول:.

هجيبلك آخر حتة دهب عندي، روح بيعها وادي الفلوس لمراد وخد بالك دي آخر مرة هساعدك فيها، بعد كدة مع نفسك، الله في سماه ان اتعوجت تاني لأخلي ريم بنفسها تسيبك وأشوف واحد تاني يقوم بالمهمة دي، مش هيكلفني قدك ولا هيتعبني زيك، مفهوم ياماجد؟
قال من بين أسنانه:
مفهوم ياخالتي.
غادرت الحجرة بينما تهمس بحنق:.

أنا مش عارفة هلاقيها منك ولا من عزت، بيعتوني دهبي حتة ورا التانية، يلا ميهمش، بكرة تتعوض وأجيب اللي نفسي فيه كله.

هل من الممكن أن يتعلق المرء بأحدهم من صوته، يتوسم فيه الخير وطيب القلب وشفافية الروح، يراه وكأنه يستطيع الإبصار، لا يحول الظلام بينه وبين هذا الشخص بل يستطيع دون جهد أن يصف ملامحه، ينسج له صورة تشبهه حد التماثل وتشوقه بقوة لأن يمنحه الله البصر للحظات حتي يوقن من انه استطاع رسم خطوط وجهه وببراعة.

هكذا شعرت ريم وهي تجلس أمام هذه السيدة الكريمة التي أحبتها منذ اللحظة الأولي، استقبلتها السيدة حورية بحفاوة أنستها ظلام دنياها وهي تشرق بابتسامة هذه السيدة الطيبة وحماسها، لم تشعر للحظة بأنها سيدة مقعدة كما أخبرها جهاد، بل كانت تتنقل حولها كفراشة جميلة تحضر لها مابالمنزل من ضيافة وتُعد لها الشاي يشاركها جهاد في جو عائلي جميل افتقدته ريم كثيراً حتي كادت أن تنساه، أفاقت من أفكارها علي صوت السيدة حورية وهي تقول:.

ايه يابنتي مبتاكليش ليه؟ لو الرز واللبن بتاعي مش عاجبك متتكسفيش، سيبيه من ايدك علطول.
مش عاجبني ازاي بس؟ ده يجنن، تسلم ايدك ياطنط.
ربنا يجبر خاطرك ياريم، مش ناوية بقي تسمعيني حاجة من عزفك؟ جهاد بيقول انك بتعزفي حلو قوي.
كان جهاد قد عاد في هذه اللحظة بعد أن أحضر العصير، لاحظ انقباض أسارير ريم فقال بسرعة:
مرة تانية بقي ياست الكل، ريم يادوب تشرب العصير ونمشي عشان متتأخرش.

ناولها كوب العصير في يدها مردفاً:
ده عصير الفراولة اللي بتحبيه.
لمسة يده يدها وهو يناولها الكوب ويحيط به أناملها أصابتها برعشة حاولت نفضها وهي تتساءل كيف عرف بعصيرها المفضل؟ هل طلبته حين كانت تتردد علي الكافيه الذي كان يعمل به؟ لا تتذكر حقاً، نفضت أفكارها مجدداً وهي تعيد الكوب للطاولة قائلة:
مش هقدر أشربه الوقت فعلا اتأخر...

قطعت كلماتها والكوب يفلت من يدها ويقع علي الأرض متحطماً بصوت مدوي، انتفضت تقول باضطراب وخجل:
أنا آسفة مكنتش أقصد...
قاطعها جهاد قائلاً:
ولا يهمك بس خليكي في مكانك متتحركيش عشان متتإذيش، أنا جاي حالاً.
تمنت في هذه اللحظة أن تنشق الأرض وتبتلعها حين سمعت كرسي السيدة حورية يقترب منها قبل أن تمتد يدها وتمسك بها يدها تقول بحنان:.

كلنا ممكن نوقع كوباية العصير ياريم، مش مشكلة علي فكرة ولا تستاهل عيونك الجميلة دي تتدمع بسببهم، أنا عايزة أقولك حاجة، ربنا لما بياخد مننا حاجة بيعوضنا بحاجات تانية أجمل وأحسن بكتير لان اللي عند ربنا أجمل وأحلي من أي شيء.

لما ربنا خد مني رجلي في الحادثة اللي حصلتلي بعد جوازي علطول، عوضني بجهاد وكان نعم العوض، زي ماكان باباه أكبر عوض ليا بعد عذابي قبل ماأشوفه ودي حكاية طويلة في يوم من الأيام هحكيهالك، أنا قصدي أقولك ان ربنا لو خد منك نعمة فليه حكمة والحكمة هتعرفيها لما هيرزقك ربنا بنعمة أكبر منها، وقتها مش هتحسي بالقهر ولا الزعل بالعكس كل ماتفكري في ضعفك هتفتكري نعمه التانية وتحمديه عليها، ربنا خيره كتير ولو آمنتي ان في كل شيء بيصيبك خير، هترتاحي يابنتي.

كلماتها كانت كنبع ماء مر علي فؤادها الحار فأطفأ لهيبه وأعاد تجديد خلاياه، شعرت بهدوء وطمأنينة لم تشعر بهما منذ أن كان هو حدها والدها رحمه الله يطيب بكلماته جروحها ويشفي بحنانه الألم.
ابتسمت بحب تردد هامسة:
اللهم لك الحمد والشكر.

مش عارفة ياخديجة، من زمان محستش براحة نفسية زي اللي حسيتها وأنا بينهم، وكأني في بيتي، وسط أهلي، احساس محستوش غير مع بابا الله يرحمه ومعاكي.
سامعة في صوتك قلق غريب ياريم، ايه المشكلة لما تحسي الاحساس ده معاهم؟

هل تخبرها أنها تخشي التعلق بهم ثم الرحيل مجبرة عنهم؟ لقد شعرت اليوم وهي تغادر منزلهم يُوصلها جهاد إلي أقرب سيارة أجرة أنها تترك روحها هناك معهم داخل جدران هذا المنزل فماذا لو اقتربت أكثر؟ لاحترقت بلهيب الفراق، ثم ما الذي قد يربطها بهم في يوم من الأيام؟أقصي ما تستطيع تقديمه إليهما هي صداقة لا أكثر؟ تري هل سيتقبلها ماجد بعد زواجها منه؟ بالطبع لا.
زواجها منه...

نفور عجيب في روحها ينبثق ماإن تخطر الفكرة علي بالها، هل يجب عليها أن تمعن التفكير مرة أخري في قرارها الزواج من ماجد أم ترضخ لرغبة والدها قبل أن يذهب لمثواه الأخير؟
أفاقت من افكارها علي صوت خديجة تقول بقلق:
ريم، روحتي فين؟ قوليلي بس ايه اللي قلقك بالشكل ده؟
حاولت ريم أن تُبعد خديجة عن الخوض في هذا الأمر وليس لديها حتي الآن أي تفسير لمشاعرها الجديدة عليها، لتقول بمرح مصطنع:.

سيبك مني وقوليلي فين الباشمهندس، اتأخر كدة ليه؟ أوعي يكون عامل فيكي مقلب ومش هييجي، وقتها هيعلقك باباكي من رجليكي ويمدك زي مستر فوزي، مدرس الرياضة في ابتدائي، فاكرة ولا نسيتي؟
بس ورحمة باباكي ياريم، ده نفس كلام ماما اللي بتقولهولي، طبعاً عمي صفوت الجواهرجي بتاعنا قالها عن اللي عملته ومن وقتها وهي بتقولي هياخد دهبك ومش هتشوفيه تاني يافالحة ووقتها باباكي مش هيرحمك لما يعرف.

ماانتِ هبلة، حد برضه لما يحب يغير دهبه يروح للجواهرجي بتاعهم؟ ماالطبيعي انه يبلغ أهلك.
أشاحت بيدها قائلة:
أهو اللي حصل بقي، مندفعة ومتهورة ومبفكرش عارفة بس بتعلم وواحدة واحدة تصرفاتي هتظبط، ماانا مش هفضل هبلة طول عمري.
لأ هتفضلي.
ريم!
خلاص ياستي متتعصبيش هنسيب الهزار ونتكلم جد حبة.
لتعتدل قائلة بجدية:
هسألك سؤال وتجاوبيني عليه بصراحة، انتِ من جواكي مقتنعة بكلام والدتك؟

لأ طبعا يحيي مستحيل يعمل كدة، معنديش ذرة شك فيه، بالعكس انا واثقة فيه ثقة من غير حدود.
يبقي اهدي واستني والغايب حجته معاه زي مابيقولوا.
عارفة إنه أكيد معذور وان تأخيره بسبب لكن برضه متغاظة، مفيش تليفون يعتذر بيه عن التأخير ويقول أسبابه.
ماجايز مفيش عنده شبكة أو تليفونك اللي فاصل شبكة، وبعدين متصلتيش انتِ بيه ليه؟
خفت يقول مش واثقة فيه وبتأكد انه جاي ومش هيهرب بدهبي.

خايبة، زي ماثقتك في يحيي من غير حدود أكيد ثقته فيكي من غير حدود ومستحيل يفكر بالطريقة دي، أكيد لما حبك عرفك وفهمك زي ماانتِ فهمتيه ومستحيل يشك انك بتفكري بالأسلوب ده، وبعدين اللي تآمن واحد علي روحها وتقف جنبه زي ماوقفتي معاه مستحيل هتبص لشوية دهب وتخاف عليهم منه، مستحيل طبعاً ولا إيه؟
معاكِ حق ياريم، أنا هتصل بيه حالاً.
لتمسك هاتفها وتفتحه ثم تضرب رأسها بخفة قائلة:
الموبايل فاصل شحن.
مش قلتلك.

وضعت الهاتف علي الشاحن بسرعة وفتحته وما ان فعلت حتي جاءها اتصالاً منه علي الفور لتهتف بحماس وقد علت خفقات قلبها وتسارعت بقوة:
يحيي ياريم، يحيي.
ابتسمت ريم بينما تردف خديجة بلهفة:
أيوة يايحيي، انت فين؟

معلش ياقلبي اتأخرت عليكي، العربية عملتها معايا وبقالي ساعتين بحاول أشغلها، كنت خلاص قربت أيأس وأسيبها وأركب تاكسي بس الحمد لله اشتغلت أهي وانا في السكة، حاولت أكلمك كتير بس الشبكة مكنتش بتجمع وفي الآخر لقيت تليفونك مقفول وتليفون والدك برضه خارج التغطية، ديجا.
عيون ديجا.
عاملك مفاجأة حلوة قوي، ثواني وأكون عندك، بحبك ياديجا، بحبببببك.
أنا كمان بحبك ومستنياك، سلام ياحبيبي.
سلام ياقلب حبيبك.

أغلقت الهاتف تضمه إلي صدرها بقوة قائلة بسعادة:
يحيي جاي ياريم، جاي.
اتسعت ابتسامة ريم تسعد لسعادة صديقتها وتدعوا لها في سرها بأن يتم سعادتها ويزيد من أفراحها دائماً وأبداً.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة