قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا لا تشبهين أحدا للكاتبة شاهندة الفصل السابع

نوفيلا لا تشبهين أحدا للكاتبة شاهندة الفصل السابع

نوفيلا لا تشبهين أحدا للكاتبة شاهندة الفصل السابع

كانوا معي، يشاركوني أمواج بحر الحياة، يرشدوني سبيل النجاة ويمسكون بيدي وكأنهم طوق يحميني من الغرق، ثم رحلوا فصرت أتخبط بين أمواج البحر العاتية، أعافر كي لا يجذبني التيار، أحاول الصمود بكل قوة ولكن البحر هائج وقواي تخور أمام قسوته وظلماته التي لا تتخللها الأنوار.

لقد أصبحت هزيلة بعد رحيل أحبتي وصارت الحياة لامعني لها ولا لذة، وفي حنايا القلب استقرت لوعة طالبتني بالاستسلام فكدت أستسلم وأرحل بدوري إلي حيث ألقي الأحبة، وما كدت أفعل حتي ظهر فجأة أمامي شعاع من نور انتشلني من يأسي ومنحني بعض الأمل، خشيت أن يكون وهماً فلم أحاول الاقتراب ولكنه هو من اقترب وأضاء ليلي الداهم فانبثق الأمل بالقلب ساطعاً وتسرب في شراييني، يتبدد الحزن من قلبي رويداً رويداً ويحل محله شعوراً بالطمأنينة والثقة في النجاة أرفض أن أرفع راية الاستسلام وأطالب روحي بالحياة.

ربما أخشي هذه الأمل ولكني رغما عني أتمسك به، ينساق قلبي له وكأنه قدري الذي خلقت لأجله، وكأنه كُتب علي الخوض بين أيام الحياة ولياليها أعيش كل مشاعرها، فحياة تنبض بالمشاعر أفضل ألف مرة من حياة فقدت النبض تحتضر دون شعاع أملي.
أفاقت من أفكارها علي صوت مدربها وهو يقول:
لأ ياريم، انتِ مش معايا خالص النهاردة، مش مركزة بالمرة، ياتري ايه اللي شاغلك بالشكل ده؟
قالت بارتباك:.

آسفة يا آنكل هادي، أنا فعلا مش مركزة وياريت نأجل التدريب ليوم تاني بعد اذنك، لو يعني مش هيسببلك تأجيلي أي تعب.
تعب ايه يابنتي؟ده انتِ بنت صديق عمري ورفيق الغربة صادق الله يرحمه يعني بنتي، تقدري تأجليه طبعاً زي ماانتِ عايزة، المهم انك تراجعي قرارك وتفكري بجدية تعزفي في الحفلة الجاية، بجد هنبسط قوي لو غيرتي رأيك، انتِ موهبة جميلة وقوية وحقيقي خسارة متظهرش للنور.

ظهر الاسف علي ملامحها الجميلة وهي تقول:
كان بودي والله ياعمي بس غصب عني، مش هقدر اعزف قصاد الجمهور وأنا...
تركت جملتها معلقة فربت هادي علي يدها قائلاً بحنان:
مفيش حاجة في الدنيا تمنع عازف انه يعزف قصاد جمهوره ويخرج موهبته للنور، الحواجز احنا اللي بنحطها بينا وبين الجمهور ياريم، واحنا بس اللي نقدر نشيلها لو آمنا انها مش لازم تكون موجودة.
نهضت تقول بتوتر:.

من فضلك ياآنكل، لو بجد بتحبني زي بنتك يبقي بلاش نتكلم في الموضوع ده، علي الأقل في الفترة دي.
طالعها هادي للحظات قبل أن يهز كتفيه بقلة حيلة، يقول بهدوء:
أنا هسكت بس هدعيلك تخطي حواجزك وتقدري تخرجي من الدايرة اللي قفلتيها علي نفسك لإنك لو مقدرتيش هتبقي خسارة كبيرة للناس وليكِ انتِ كمان ياريم.
أنا، أنا مضطرة أمشي، عن إذنك.

غادرت بسرعة تحمل آلتها الموسيقية تتخبط قليلاً وهو يتابعها بعينيه حتي غابت عن ناظريه قبل أن يهز رأسه بيأس ويعود لنوتته الموسيقية.

بينما جلست هي في السيارة تلتقط أنفاسها بصعوبة، تشعر بالإختناق، ترغب من كل قلبها أن تلبي طلب مدربها بل تلبي رغبة قلبها بالعزف أمام الجميع ففي العزف أمام جمهور لذة لا تضاهيها لذة، ولكن يمنعها عجزها الذي ولّد بداخلها ضعف و خوف من تنمر الناس عليها كما فعل هذا الرجل بالنادي وغيره ممن شاهدت منذ إصابتها بالعمي، فنفوس البشر مريضة كما اكتشفت وهي لن تسمح لهم بأن يمارسوا عقدهم عليها، لن تسمح لهم بجرحها مجدداً كما فعلوا في السنة المنصرمة أكثر من مرة.

وجدت نفسها تمسك هاتفها وتبحث صوتياً عن رقمه، تترك له رسالة حتي يلاقيها عند الشاطئ ثم تغلق الهاتف وتطلب من العم مصطفي أن يوصلها إليه بأقصي سرعة لديه.

هل اختلف المكان باختلاف الصحبة؟
نعم بكل تأكيد..
فقد عبق المكان بجمال حضورك وكأنني في عالم أسطوري صفت سماؤه بعد خريف عاصف وتجملت أركانه حتي صار جنة الله في الأرض.
دعيني أخبرك عن شعوري وأنتِ حدي..
ولكن في البداية دعي عيناي تصفك؟
كيف أصف جمالاً تعجز عن استيعابه خلاياي؟
انتظري قليلاً..
سأحاول..
لا، لن أستطيع..
لا يمكنني وصف روعة تفاصيلك..
أقولها بيقين قلبي..
لا تشبهين أحداً..
أكتفي بها وصفاً وتعبيراً.

أما عن مشاعري نحوك فمن نغماتك بدأت قصتي وثورة أحاسيسي وسحر خلب لبي حتي صار عشقاً..
وحين تطلعتي إليّ بمقلتيكي الحائرتين المضطربتين صرت لكِ عبداً لن يتزحزح عن محرابك أبداً..
ظلك الذي يخشي عليكِ من نسمات الهواء وقطرات المطر..
مجنونك الذي لن يهدأ حتي تصبحين ليلاه..
أما أنتِ فصرتي لي زهرة لن تذبل قط أوراقها أرشف منها حد الإنتشاء..

وليل عشقته أشاركك فيه ظلمائه بنور من لهيب قلبي يشعله دون احتراق فيصير الليل نهاراً لازوال له..
أتعلمين؟
في قربك أتمني أن أضمك بين أضلعي ثم يتوقف الزمن فأحتفظ بك بين جوارحي حية حتي تقوم الساعة فأطالب بكِ عروساً لي وأكتفي.
نعم أكتفي، لا تتعجبين، إنه اليقين..
خلقك ربي أجمل من حور العين..
وزرع بروحك طيب الأصل والنقاء وحب الخير والمساكين..
خلقك ربي من نور كالملائكة..
فصرتي حبيبتي في قلبي وعيني..

لا تشبهين أحداً.
رفعت أناملها تعيد خصلة من شعرها خلف أذنها باضطراب أثار خفقاته ولهاً وهو يتأمل تفاصيلها الرائعة، تقول بتوتر:
جهاد، ساكت ليه؟
عايزة الحقيقة؟
أكيد، ومش مستنية منك غيرها.
ابتسم لثقتها فيه قبل ان يقول بصوته عميق النبرات:.

مدربك معاه حق، أنا سمعتك، يعني عارف قد ايه حجم موهبتك وعايز أقولك ان عزفك لما سمعته طيرني فوق هناك، عند السحاب، حسيت اني بسمع معزوفة من الجنة، العزف مش نوتة ونغمات وبس، العزف روح بيحطها العازف جوة نغماته فبيديها حياة، نبض ومشاعر بتسحر وتخلينا احنا مخلوقات ربنا عاجزين عن الحركة أو حتي الرمش بعيونا لغاية ماتخلص المعزوفة ووقتها بنقول من كل قلوبنا الله، وبنتمني نعيش التجربة من تاني، انتِ في ايدك نعمة حرام تضيعيها عشان أوهام في دماغك ملهاش أي أساس من الصحة، الناس لما بتسمع معزوفة جميلة من عازف مبيبصوش علي شكله ولا بيهتموا بطوله وقصره أو لون بشرته وملامحه قد اهتمامهم بموهبته وقد ايه بجمالها وروعتها وحجمها قدر يوصل لقلوبهم، عندك مثلاً بيتهوفن، هل وقف صممه قدام موهبته؟بالعكس محصلش وقدر يقدم أعظم أعماله لجمهوره رغم انه مكنش قادر يسمعها، وليه نبعد؟عمار الشريعي الله يرحمه، أعظم ملحن وناقد وعازف، هل وقف أي شيء بينه وبين تقديم موهبته للجمهور وتحقيق نجاحه؟لأ طبعاً، وانتِ كمان ياريم متخليش وهم في دماغك يهيأ لك ان الناس مش هتتقبل تسمع نغماتك أو حتي هتتنمر عليكي لإن ده مش هيحصل، صدقيني وقت ماهيسمعوكي مش هيشوفوا غير اللي شوفته فيكي يوميها.

شفت إيه؟
حورية بحر كانت واقفة قدامي بتعزف مقطوعة من الجنة، احترت يومها وأنا بسأل ياتري هي مين؟ حورية بحر فعلا ولا ملاك من الجنة؟ولحد دلوقتي لسة ملقتش لسؤالي إجابة.
أعادت مجددا خصلة شعرها الثائرة خلف أذنها وهي تمسح لسانها بشفتيها وتبتلع ريقها بصعوبة قائلة:
مش للدرجة دي؟
مال يهمس حتي لفحت أنفاسه الحارة وجهها قائلا:
مشكلتك انك مش شايفة نفسك بعنينا، لو حصل صدقينا هتعزفي قدام الكل من غير تردد.

تراجعت رُغماً عنها تشعر بالضعف بعد أن بدأ جسدها يميل نحوه وكأن كلماته عانقتها بفيض من مشاعر فتمنت لو احتوتها ذراعيه بذات الفيض، لتقول بارتباك:
أوعدك بعد الكلام ده أفكر بس ده لو وعدتني انت كمان بوعد.
أؤمريني ياريم.

ياالله بالله عليك لا تزد فأنا بالكاد أتمسك بكل ذرة تعقل في كياني كي لا أقر أمامك الآن وأخبرك أنك تتسلل إلي قلبي كتسلل كلماتك إلي عقلي وروحي، أخشي انك تحتلني رويداً رويداً وتهدم دفاعاتي دون جهد لأعلنك قريباً ملكاً علي قلبي، دون منازع.
عايزاك توافق إني أخرج الست حورية من البيت وأوديها لدكتور أنا متأكدة انه هيقدر يساعدها ويخليها تمشي من تاني علي رجليها.

صمت طويل من جانبه جعلها تقطب جبينها باضطراب قائلة:
جهاد، أنا ضايقتك؟
بالعكس.
ذبذبات صوته التي نضحت بمشاعر كثيرة أثارت القشعريرة بقلبها وهو يردف:
ولو إني متأكد ان مفيش دكتور يقدر يساعد والدتي علي المشي مرة تانية لإني حقيقي مسبتش دكتور مروحتلوش، قصدي يعني مسألتوش علي النت، لكن قصاد طيبة قلبك دي وحبك للخير وخصوصاً إني وعدتك بالموافقة علي طلبك قصاد تفكيرك في طلبي، حددي اليوم وإحنا معاكي ياريم.

قالت ريم بحماس:
أنا مش عارفة أشكرك ازاي علي موافقتك دي، وصدقني هتفرق كتير بين سؤال علي النت وحضور والدتك قدام الدكتور ومعاينته لحالتها.
صمت مجدداً فقالت:
سكت تاني ليه؟ أوعي أكون ضايقتك، أنا مش قصدي أقلل من مجهودك وتعبك ومحاولتك مساعدة مامتك، أنا...
قاطعها قائلاً بنبرة حب جائتها واضحة لأول مرة خالصة لا ريب فيها:
انتِ مفيش منك ياريم ويابخت اللي هتكوني من نصيبه.

شعرت باضطراب في كل كيانها، حاولت الهرب من هذه المشاعر التي أحاطتها في هذه اللحظة إثر كلماته ونبراته المشبعة بالحب فوجدت نفسها تتصرف كطبيب وجد في بتر ساق المريض انقاذاً له لتقول بنبرات حاولت جعلها مرحة قدر الإمكان:
مش قصدك ماجد؟ خالته داعياله بقي، المهم هنتغدي فين لإني جعت قوي.

أتذكره بالتزامها أم تذكر نفسها؟ في كلتا الحالتين هناك مرارة بالحلق وغصة بالقلب ظهرت بنبرات صوتها رُغماً عنها فوجدت صداها بصوته وهو يقول:
صدقيني مش مهم المكان، المهم حاجة تانية خالص.
لم تسأله عنها ولم يوضح أكثر والمقصد كان واضحاً كالشمس، المهم هو أنهما معاً حتي وإن كان الوضع، مؤقتاً.

كانت تجول بعصبية في المكان يتابعها بملامح خالية قبل أن يقول:
ماتهدي ياسندس وتقعدي كدة، وترتيني.
توقفت تطالعه بحنق قائلة:
وترتك، آه ماانت ولا علي بالك، مش حاسس بالمصيبة اللي احنا فيها.
مط شفتيه قائلاً:
مصيبة ايه بس؟
اتسعت عيناها باستنكار تقول:
انت ياراجل عايز تجنني، بقولك المحامي قالي ان صادق مظبط ورقه كويس قوي وان مفيش أي أمل يقدر بيه يطعن في الورق، تقولي مصيبة ايه؟

صب لنفسه كأس من زجاجة الخمر أمامه بينما يقول:
عادي جداً، هنعيش زي ماكنا عايشين قبل ماصاحبتك تدلك علي المحامي ده، في خير الست ريم، يعني مش قضية.
لأ قضية، قلتلك قبل كدة مفاتيح البنت كانت في ايدي، وكنت هجوزها الواد ماجد ابن اختي عشان أضمن انها تفضل في ايدي.
تجرع كأسه مرة واحدة فانتفخت أوداجه وسعل بقوة، أسرعت تضرب علي ظهره ضربات قوية فهدأ سعاله وهدأت ملامحه قبل أن يقول:.

طب ايه بقي اللي جد عشان تتعصبي بالشكل ده؟
جلست علي الأريكة جواره قائلة:
البنت حالها مش عاجبني اليومين دول، علطول سرحانة ومش مركزة، علي وشها تسهيمة كدة مش عاجباني، فيه حاجة شغلاها أو علي الأصح فيه حد شاغلها والبيه خطيبها ولا علي باله، مش عارف يتعامل معاها ومش فالح بس غير يدبسني كل تدبيسة والتانية ويسحب مني كأني البنك اللي سابتهوله الست الوالدة.
هي البت دي حلوة؟

أخرجت من حقيبتها الهاتف تفتحه وتناوله اياه قائلاً:
اتفضل ياسيدي، آدي صورتها.
تأمل عزت صورة ريم بعينين اتسعت علي آخرها، جف حلقه وتسارعت خفقاته رغبة بها وبجمالها الفاتن، ليبتلع ريقه وهو يتمالك نفسه يناولها الهاتف قبل أن تلاحظ شيئاً وهو يقول:
البنت صحيح حلوة بس باين عليها ذكية، مش هينفع واحد زي ماجد يلعب عليها و يوقعها في حب، دي عايزة واحد محترف يقدر يوقعها في شبكته ويسيطر عليها كمان.

وأجيب منين المحترف ده اللي مخافش يلهف مني البت ان شاء الله؟
مش عيب ياسوسو تدوري علي حد يخدمك وأنا موجود.
طالعته بصدمة قائلة:
قصدك ايه؟ انت عايز...
قاطعها يرفع يديه مدعياً البراءة قائلاً:
أنا عايز أساعدك، انتِ عارفة اني أقدر أوصل للبت دي بسهولة وأخليها زي الخاتم في صباعي وكمان عندك ثقة فيا تخليكي متخافيش مني.
قالت بتردد:.

بس لو اتجوزتها انت مش هنتجوز، مش معقول هنفضل مع بعض في السر ده أنا كان عندي أمل إن...
قاطعها يقول بلسان معسول:
والأمل مش هيروح ياروحي، ده هيكون وضع مؤقت، هتجوزها وآخد فلوسها وبعدين أرميها في الشارع وأتجوزك انتِ، ها، قلتي ايه؟ متتردديش، ده الحل الوحيد اللي قدامك دلوقتي أو كل حاجة هتضيع من ايديكي، العز والفلوس...
قاطعته قائلة بجزع:.

لأ فلوس ايه اللي تضيع؟ أنا مستحيل أرجع أعيش زي زمان، أنا موافقة ياعزت بس ماجد هنعمل فيه ايه بس؟
لمعت عينا عزت وهو يقول:
متقلقيش، أنا هتصرف معاه، قومي بقي البسي حاجة حلوة علي ذوقك وتعالي نحتفل بالمناسبة دي جوة، أنا وانتِ والشيطان ياسوسو.

ابتسمت ولكن رُغما عنها جاءت الابتسامة باهتة، نهضت وتوجهت إلي الحجرة لكنها توقفت ورنت إليه بنظرة فوجدته يصب لنفسه كأساً من الخمر مجدداً وفي عيونه استقرت نظرة شاردة جعلت قلبها يتوجس، خيفة.

انتِ فين ياهانم؟
ألقي ماجد سؤاله بعصبية فضمت ريم الهاتف إلي أذنها تقول بحيرة:
في النادي...
لم تكمل جملتها حين أقفل الخط في وجهها لتترك الهاتف وهي تقول بحنق:
قفل السكة في وشي، ماجد الظاهر جرا لعقله حاجة.
هو لسة هيجرا؟ ده لاسع من زمان.
مال يحيي يهمس لخديجة قائلاً:
صاحبتك متعصبة متزوديهاش ياديجا.
همست بدورها:
أكدب عليها يعني؟
سامعاكم علي فكرة، انتوا ناسيين ان حاسة السمع عند الأعمي بتقوي.

قالتها بمرح فقالت خديجة بمرح مماثل:
وأنا اللي ظلمتك وقلت بتلمعي أُكر ياريمو.
ضحكت ريم مع الجميع ثم انتفضت وصوت ماجد الغاضب يصلها قائلاً:
يعني مش كفاية قاعدة مع راجل غريب لأ كمان بتضحكي وصوتك جايب آخر النادي.
انت اتجننت يابني آدم انت...
قاطعها يحيي قائلاً بملامح متجهمة:
ملوش لزوم ياخديجة.
قال ماجد بسخرية:
ليه ماتسيبها تقل أدبها.
نهص يحيي يمسك ماجد من تلابيبه قائلاً بغضب:.

لأ ده انت اللي قليل الأدب وعايز تتربي كمان.
ظهر الجبن علي ملامح ماجد بينما اغروقت عينا ريم بالدموع وهي تنهض قائلة برجاء:
من فضلك يايحيي، وانت ياماجد بلاش فضايح، النادي هيتلم علينا، أرجوكم كفاية.
ترك يحيي ماجد علي الفور فأخذ ماجد أنفاسه وهو يقول بحنق:
مش عايزة فضايح بجد يبقي تمشي قدامي من غير كلام، لينا بيت نتحاسب فيه قدام خالتي.
هزت رأسها تقول:
خلاص جاية معاك.
مش هتمشي...
قاطعتها ريم قائلة برجاء:.

عشان خاطري ياخديجة سيبيني أمشي، هكلمك بالليل...
قطع كلماتها وهو يجذبها من يدها سائراً معها بينما تطلعت خديجة في إثرهما بغضب تقول:
حيوان وميستاهلهاش، مش عارفة ازاي هتتجوزه وتعيش معاه، والله اللي بيحصل ده حرام.
قال يحيي:
معاكي حق بس هنعمل ايه؟كل واحد في الدنيا بياخد نصيبه ياحبيبتي.
أطرقت برأسها قائلة:.

ملحقتش أقولها انك ورثت أرض من عمك الله يرحمه وانك بعتها وجيبتلي من فلوسها الدهب اللي بعته، كانت هتفرح قوي.
ملحوقة ياديجا، أهم حاجة نطمن عليها ونشوف اتصرفت ازاي مع الحيوان ده.
ربنا ينجيها منه ويرزقها واحد يحبها زي مابتحبني يايحيي.
يارب ياقلبي.

نظرت في إثرهما بقلب يتقطع ألماً بينما وقف هذا المشاهد بدوره ينظر في إثرهما بقلب استعرت نيرانه وقبضة ضمها بقوة يرغب في تلقين هذا الجبان المتعجرف درساً لن ينساه مدي الحياة ولكنه مكبلاً بقيود يأمل أن يتحرر منها، قريباً.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة