قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا لا تشبهين أحدا للكاتبة شاهندة الفصل الثامن

نوفيلا لا تشبهين أحدا للكاتبة شاهندة الفصل الثامن

نوفيلا لا تشبهين أحدا للكاتبة شاهندة الفصل الثامن

لآخر مرة بحذرك تعاملني بالأسلوب ده، لا بيني وبينك ولا قدام أي حد.
انتِ شايفة ياخالتي البجاحة بتاعة الهانم.
احترم نفسك.
قالت سندس بحنق:
حلو قوي اللي بيحصل ده، مش عاملين ليا أي احترام وكأني هوا قدامكم.
أشاح ماجد بيده بينما قالت ريم بعيون دامعة:.

أنا عشان بحترمك ياطنط سكت كتير علي تصرفات ماجد الغريبة، لا مبالاته بيا وعدم اهتمامه، عصبيته اللي بتظهر فجأة لما يشوفني واقفة مع أي راجل غيره رغم اني مببقاش لوحدي، يامعايا زمايلي في الأوبرا يازي دلوقتي لما كنت قاعدة مع خديجة وخطيبها، من غير مايسأل بيبعدني بطريقة وأسلوب يحرجني بيه قدام الكل، يعني مش كفاية معندوش ثقة فيا لأ كمان بيقلل مني ويجرحني بأسلوب أنا مستحيل أتحمله، أنا مش عارفة مشكلته ايه معايا؟ ليه مش قادر يتقبل إني ممكن أبقي في موقف أتواجد فيه مع زمايلي من الشباب أو حتي حد زي يحيي خطيب خديجة مع إني مجبرة أتقبل إن أصحابه تقريباً كلهم بنات هايدي وشيري وسوزان ونفين، أنا بجد اتخنقت ومبقتش قادرة أتحمله ولا أتحمل تصرفاته والأفضل لو ننفصل و كل واحد فينا يروح لحاله.

انخرطت في بكاء حار تجلس علي أقرب كرسي وقد عجزت قدماها عن حملها بينما قال ماجد بغضب:
شايفة كلامها ياخالتي.
اسكت خالص متكلمش.
اقتربت من ريم تجلس جوازها وتربت علي يدها قائلة:
خلاص ياريم متعيطيش، حقك عليا امسحيها فيا المرة دي.
قال ماجد بحنق:
انتِ كمان هتتذليلها؟
رمقته بنظرة رادعة تقول بحنق:
قلتلك اسكت خالص مسمعش صوتك.
نهضت ريم تقول بحزن من وسط دموعها:.

أنا خلاص قلت اللي عندي ياطنط، أنا مبقاش فيا طاقة أتحمل وحقيقي زهقت، الجوازة دي مش ممكن تتم، صحيح دي كانت رغبة بابا الله يرحمه بس أكيد بابا لو كان شافني مش سعيدة معاه كان هو بنفسه هيفسخ الارتباط ده، أنا تعبانة ومحتاجة أرتاح في أوضتي، عن اذنكم.
غادرت بينما يقول ماجد في صدمة:
دي فسخت الخطوبة، البت دي اتهبلت ولا إيه؟ عايزة تسيبني؟
ليردف بحدة:.

هي مين أساساً عشان تسيب ماجد الأسيوطي؟ نفسي أعرف شايفة نفسها علي ايه؟ ده أنا ست ستها تتمناني.
طب يافالح ماتروح لست ستها، لسة واقف هنا ليه؟
طالع ماجد خالته بحنق قائلاً:
عشان خاطرك ياخالتي.
نهضت سندس تقول بسخرية:
لا والله كتر خيرك، خلاص استغنينا عن خدماتك وورينا يلا عرض أكتافك.
قطب جبينه قائلاً:
قصدك ايه؟ انتِ هتمشي ورا كلام البت دي؟

والله أنا مقدرش أغصبها علي حاجة، قلتلك ميل قلبها وعقلها واكسبها تكسب كل حاجة بس انت بغبائك ضيعتها منك، دلوقتي ايه المطلوب مني؟ ألوي دراعها عشان تتجوزك، مش هتتجوزك تعرف ليه؟ لإنها جابت آخرها وإلا مكنتش فسخت الخطوبة وهي عارفة انها رغبة باباها وانت عارف صادق بالنسبة لها ايه، وأنا مقدرش ألوي دراعها، بالعكس هي اللي تقدر ورقابينا كلها تحت جزمتها طول ما كل حاجة مكتوبة بإسمها.

يعني ايه ياخالتي؟ هتتخلي عني بالسهولة دي؟
مش انت اللي لسة كنت واقف هنا من دقايق تقول انك مش عايزها وان ست ستها تتمناك؟روح ياأخويا هاتها وأدخل عليا بيها وفرحني.
أيوة بس انتِ هتعملي ايه معاها؟
هتصرف، ملكش دعوة.
عقد حاجبيه قائلاً:
اوعي تكوني شايفة لها شوفة تانية، ده أنا أطربق الدنيا علي دماغك ودماغه ودماغ المحروسة اللي جوة دي.

بس ياماجد واتكلم علي قدك، انت ناسي أنا مين وأقدر أعمل فيك ايه؟ ولا ناسي الشيكات اللي خدتها من صاحبك منير واللي أقدر بيهم أوديك في ستين داهية.
هي بقت كدة؟ ماشي ياسندس، اشبعي بيها وبالفلوس بس وربنا ماهسيبك تتهني بيهم لو عملتي اللي في دماغك حتي لو كان فيها سجني، ماهو موت وخراب ديار.
قال كلماته وأسرع بمغادرة المكان يطرق الباب خلفه بقوة بينما تتابعه سندس بعيون اتسعت علي آخرها تقول بهمس:.

الواد اتجنن، هتعملي ايه ياسندس؟ تدخلي عزت اللعبة ولا تقصري الشر، يلا بقي، هدخله واللي يحصل يحصل، علي رأي الموكوس، خربانة خربانة ويا تظبط يايبقي موت وخراب ديار.

وهتعملي ايه دلوقتي ياريم؟
مش عارفة ياخديجة؟ محتارة أواجه سندس باللي سمعته ولا أعمل عبيطة، طب هقولها ايه؟ اني فهمت من كلامها إنها كانت متفقة مع ماجد عليا؟ هتقول اني اتجننت وبقيت بتوهم ومش بعيد تحبسني في مصحة نفسية مستغلة تقارير الصدمة العصبية اللي حصلتلي بعد وفاة بابا ومحاولة انتحاري.
واحنا يعني هنسكتلها؟مش هنسيبك وهنخرجك منها.

علي ماتعرفوا مكاني هتكون قدرت تحولني لمريضة نفسية فعلا بمساعدة دكاترة لا عندهم قلب ولا ضمير.
طب والحل؟
مش عارفة، هصبر شوية وأشوف الدنيا هتمشي معايا ازاي.
ولحد مانشوف هتفضلي عايشة معاها في بيت واحد؟ خطر ياريم، الست دي بقت خطر كبير عليكي.
بالعكس، طول ماهي حاسة اني مش عارفة حاجة واني زي ماأنا هكون بأمان، لو اتصرفت طبيعي هقدر أخدعها لكن لو اتغيرت معاها يبقي وقتها بجد مش هكون بأَمان.
وهتفضلي كدة لحد امتي؟

أطل بخاطرها فرقّ صوتها وهي تقول:
لحد ماأتأكد من حاجة، وقتها هخلص من سندس وابن أختها للأبد.
حاجة ايه دي؟
هقولك ياخديجة بس اوعديني الأول محدش يعرف حاجة عن الموضوع ده.
أوعدك.

كانا يقفان متواجهين، شعرت به قبل حتي همسه باسمها، دفء محيطها واضطراب خفقاتها أخبراها بأنها تقف في حضرته، لتنظر إليه وكأنها تراه، ينادي قلبها...
=دعني أنل حلمي فأكون لك بكل جوارحي وتكون لي إدماناً كفنجال قهوتي الذي لا يحلو يومي قبل ارتشافه
بينما نادي قلبه..
لم تستطع أذرعي عناقك فاكتفيت بعناق عيني تحتضن تفاصيلك لا أدري هل أردت به سكوناً لخفقاتي أم جنوناً؟

=أراك وكأنك خُلقت لتسكن مقلتي عوضاً عن نورهما، حمداً لله أن رزقني إياك نوراً
أسرتي فؤادي فصار مسكنك وحروف اسمك بين الجدران منقوشاً
ليتني أكون لكِ كل شيء
كما صرتي لي أنفاس حياة دونكِ أصير موءوداً..
أقولها بيقين قلبي..
لاتشبهين أحداً..
وقد صرت بكِ حبيبتي مسحوراً.
تحدثت الشفاه بعد القلوب فقالت بحيرة:
ليه صممت تاخد اذن من الشغل وتقابلني؟
كان لازم أشوفك بنفسي وأطمن عليكي.
للدرجة دي بتحس بيا؟

وأكتر، صوتك كان ماليه حزن ومرارة، مس ألم قلبك قلبي، فكان لازم أشوفك عشان تحكيلي همك.
زفرت قائلة:
همي كبير قوي ياجهاد.
معايا هيهون، احكيلي.
أبتدي منين الحكاية؟ من أول ماجيت مع بابا مصر ولا من ساعة ماشفتك ولا لحظة ماقررت أسيب ماجد...
قاطعها بلهفة قائلاً:
انتِ سيبتي الحيوان ده؟
لم تخفي عليها لهفته فابتسمت تهز رأسها قائلة:
كان لازم أسيبه.
كان بيعاملك وحش، مكنش يستاهلك.

أنا مسيبتوش عشان كان بيعاملني وحش، أنا سيبته عشان...
صمتت وهي تشعر بالخجل، احمرت وجنتاها وجف حلقها لا تدري كيف تعبر عن مشاعرها في هذه اللحظة، استحثها يشعر بخفقات قلبه علي حافة الجنون، يقول بتوق:
سيبتيه ليه ياريم؟
بللت شفتيها تقول:
سيبته عشان...
صمتت وقد بدأت قطرات المطر في الارتطام بوجهها فأردفت بصدمة:
هي بتمطر؟
ابتسم قائلاً:.

أيوة بتمطر في أغسطس، تخيلي؟ المطر خير زي الخير اللي هيملا حياتنا من النهاردة باذن الله.
انت عندك شنب؟
قطب جبينه بقوة، لقد تغيرت نظرة عينيها، تحدق في مقلتيه مباشرة ثم تطوف علي ملامحه فتبعث في قلبه بركاناً يثور، أتُراها...
أيوة شايفاك، متفرحش قوي، أنا لسة عامية لكن بشوف صورة بالأبيض والاسود لما المطر بينزل.
يعني بجد انتِ شايفاني؟

هزت رأسها تبتسم بسعادة تطفر من عينيها الدموع حين رأت لمعان عينيه لتدرك أنه سعيد بدوره تعبر الدموع بمقلتيه في هذه اللحظة عن مشاعرهما العميقة.
قال بصوت أجش:
ريم أنا...
قاطعه صوت رنين هاتفها يردد اسم حسن أبو علي باستمرار، قطب جبينه فرفعت هاتفها أمامه وقد هدأ المطر ثم توقف تقول بمرح:
الأستاذ حسن فاروق المحامي، صاحب بابا الله يرحمه ومربيني زي بنته ودي النتيجة، حسن أبو علي، ثواني بس هرد عليه.

أجابت الهاتف تقول بمرح:
آنكل حسن...
صمتت تقطب جبينها قائلة:
خير ياآنكل، آه طبعاً، امتي؟ دلوقت علطول، طيب مينفعش كمان ساعة، طيب، طيب، أنا جاية حالاً.
أغلقت الهاتف فقال جهاد بقلق وقد لاحظ ملامحها المضطربة بعد هذه المحادثة:
خير ياريم؟ فيه حاجة؟
مطت شفتيها تقول بحيرة:
مش عارفة، صوت آنكل حسن مش مريحني، طلب يشوفني دلوقت حالاً، أكيد فيه حاجة خطيرة.
أنا جاي معاكي.

مش هينفع، افرض عايزني في حاجة تخصه أو تخص طنط سامية مراته، انت وراك شغل دلوقت وأنا أخرتك أكيد، روح علي شغلك وأنا هروح لآنكل حسن ولو فيه حاجة هكلمك.
وعد.
وعد.
موافق بس بشرط.
قطبت جبينها فأردف بمرح:
أوصلك لحد باب آنكل حسن أبو علي، ايه رأيك؟
انفرجت أساريرها وهي تقول:
اتفقنا.

كانت تضع هذا السي دي الذي منحها إياه العم حسن في جهاز اللاب توب، تري وصية أباها الأخيرة لها والتي وجدها حسن في خزانة تخص والدها، اكتشفها مؤخراً حين وجد في أوراقه رسالة من صادق تدله عليها، تسلمت زوجته هذه الرسالة منذ مايقرب من العام ثم اختلطت ببعض الأوراق فلم ينتبه لها سوي البارحة، بدأ الفيديو لتستمع إلي صوت أباها يلقي عليها التحية، لقد افتقدته بقوة يإنّ قلبها الآن لسماع صوته، تود لو اخترقت الشاشة وأسرعت إليه ترتمي في حضنه تخبره كم اشتاقت لأمان وحنان وكنف وجدتهم فقط، في حضرته.

بدأ والدها الكلام يقول بنبرات حزينة تعجبت لها..

=بنتي ريم، لو بتشوفي الفيديو ده يبقي أنا خلاص توفاني الله وروحت لمكان أحسن من هنا بكتير، روحت لمامتك، حبيبتي ليلي اللي عاشت طول عمرها في قلبي وهتفضل في قلبي لآخر لحظة في حياتي، أنا مش خايف من الموت ولا بفكر فيه حتي لكن مامتك زارتني امبارح في المنام والحلم كان غريب فقلت لازم أسجلك الفيديو ده يمكن ملحقش أعمل حاجة من اللي ناوي أعملها وعشان كدة لازم أحذرك، هبعت الفيديو لحسن عشان أضمن انه يوصلك و لإنه الوحيد اللي هيقدر يساعدك.

قطبت جبينها تردد هامسة:
قصدك ايه يابابا؟
=متستغربيش، هفهمك كل حاجة، انا اكتشفت من كام يوم حاجات كتير، أولها ان سندس اللي اتجوزتها عشان تاخد بالها منك اتجوزتني بس عشان الفلوس لا حبيتني ولا حبيتك ولا نفرق معاها أصلاً، ده غير ان هي وعيلتها شبكة نصابين ومستعدين يعملوا أي حاجة عشان خاطر الفلوس.
أخذ نفساً عميقاً قبل أن يردف:.

أنا كتبت كل حاجة باسمك، مش عارف في اللحظة دي الخطوة دي كانت صح ولا غلط لان لو جرالي حاجة المجرمين دول ممكن يعملوا أي حاجة عشان خاطر الفلوس.
متخافش يابابا، انا هاخد بالي من نفسي، متقلقش عليا.
=اسمعيني كويس ياريم لو حصلي حاجة سيبي البيت وروحي لجدك.
قطبت جبينها بقوة تقول:
جدي؟!

=أيوة جدك، والد مامتك، الحاج فهمي الشبراوي، عنوانه في مرسي مطروح، مكتوب علي السي دي، أنا عارف انك دلوقت حيرانة ومتلخبطة وبتسألي، لما أنا ليا جد عايش علي وش الدنيا ليه معرفش عنه حاجة، الموضوع طويل لكن هختصرهولك، أنا كنت مهندس زراعي بسيط اتعينت في بداية حياتي في مرسي مطروح، قابلت هناك والدتك، حبيتني وحبيتها، كانت مخطوبة لابن صديق جدك، حاولنا نقنعه بحبنا رفض طبعاً وصمم يجوزها لابن صاحبه، هربنا واتجوزنا ومن بعدها سافرنا الإمارات ولما جيتي الدنيا بعتنا رسالة لجدك تطلب فيه والدتك السماح لكنه رد علينا بكلمتين بنتي ماتت من اللحظة اللي خرجت فيها عن طوعي ولما والدتك ماتت بجد وبعتله رسالة أبلغه فيها مردش عليا وعرفت وقتها انه لسة مصمم يقطع أي صلة بينا وبينه.

وازاي عايزني أروح لواحد موت بنته بالحيا عشان حبت؟ مفتكرش راجل زي ده ممكن يساعدني أو حتي يهتم بيا.
وكأنه يحفظها ويحفظ تفاصيلها يجيب عن كل تساؤلاتها.

=ريم اسمعي كلامي، جدك رغم كل شيء راجل صعيدي يعني مستحيل يتخلي عن حفيدته لو لاقاها في ورطة، روحيله ياريم لإنه الوحيد اللي هيقدر يحميكي، وسامحيني يابنتي، لولا سوء تقديري مكنتيش اتورطي الورطة السودة دي، أنا آسف بجد وكل اللي في أيدي دلوقتي اني أدعيلك من كل قلبي عشان تكوني بخير.

انتهي الفيديو ولم ينتهي سيلان فيض دموعها، لهذا بدا والدها شارداً في أيامه الأخيرة ولهذا بدا متردداً يوم وفاته وكأنه يريد الافصاح عن مكنون صدره ولكن شيء ما وقف حائلاً بينه وبين ذلك، استطاعت بصعوبة تمالك نفسها لتخرج السي دي من مكانه و تضعه في حقيبتها ثم تخرج من الباب الخلفي فلا طاقة لديها الآن للخوض في حديث مع العم حسن حول فحوي وصية والدها الأخيرة ترغب فقط في الذهاب لجهاد وحينها ستستطيع أن تدلي بمكنون قلبها فترتاح، كلية.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة