قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا لا تشبهين أحدا للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

نوفيلا لا تشبهين أحدا للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

نوفيلا لا تشبهين أحدا للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

طرقت ريم الباب قبل أن تدلف إلي الحجرة، ما ان رأتها خديجة حتي أزاحت عنها غطاء سريرها وأسرعت إليها تقول بحسرة:
شفتي ياريم، شفتي بابا وعمايله، مش قلت لك قلبي مش مطمن، طلباته زايدة قوي ومعجّز يحيي وكأنه قاصد يفركش الجوازة دي، طب والله لو فركشها ماهتجوز أبداً مهما عمل.
ابتسمت ريم تقول بمزاح:
مش هتجوز أبداً مهما عمل، طب وجواد الجمال؟مش كانت عينك منه؟
قالت خديجة باستنكار:.

انتِ بتهزري ياريم؟ وده وقته يعني؟
طب اهدي بس واسمعيني، يابنتي جبتلك الحل في ايدي وأنا جاية.
قطبت خديجة جبينها قائلة:
حل ايه ده؟انتِ تقصدي ايه ياريم؟ اتكلمي بسرعة.
عمك محمود.
ماله؟

روحت وكلمته وفهمته الموضوع كله، وطبعاً انتِ عارفة عمك، انسان متدين و ميرضهوش أبداً التجبر، ده غير انه عمره مابص للأمور المادية دي في جوازات بناته، كمان يبقي أخو والدك الكبير وليه كلمة عليه، أكيد هيكون الحل في ايديه ولا ايه؟هو دلوقت قاعد مع باباكي وبيتكلم معاه، ايه رأيك بقي؟
ازاي مفكرتش قبل كدة في عمي؟ فعلاً محدش هيقدر يقنعه غيره.
لتحتضن ريم قائلة بسعادة:.

انا مش عارفة من غيرك كنت هعمل ايه ياريم؟ ربنا مايحرمني منك أبداً.
ربتت ريم علي ظهرها قائلة بحنان:
ولا يحرمني منك ياقلبي.
طرقات علي الباب جعلتهما ينفصمان ويطالعان زائرهما ترقباً، فأطلت والدة خديجة تقول ببشر:
مبارك ياديجا، باباكي وافق علي يحيي بكل ظروفه، وكل شروطه اتنازل عنها ماعدا شرط واحد.
قطبت الفتاتان جبينهما لتقول خديجة متوجسة:
شرط ايه ده؟

الشبكة، صمم عليها ورفض يتنازل عنها رغم محاولات عمك كلها معاه لإقناعه، استني كدة، ده باباكي بيندهلي هروح أشوف عايز ايه وأرجعلكم تاني.
ما ان أغلقت الباب حتي قالت خديجة بيأس:
المنحوس منحوس، يحيي بس هيجيب منين شبكة بالمبلغ اللي بابا قال عليه ده، يووووه بقي، وأنا اللي قلت خلاص فُرجت أهي اتعقدت تاني.
قالت ريم ببساطة:
هي فُرجت فعلاً والحل المرة دي في ايدك ياديجا.
قطبت خديجة جبينها قائلة:
في إيدي أنا، ازاي بس؟

ابتسمت ريم وهي تمد يدها تسحب بها يد خديجة وترفعها أمامها فالتمعت عينا خديجة وهي تفهم مغزي حديث ريم لينفرج ثغرها عن ابتسامة اتسعت لتشمل وجهها بأكمله فاتسعت ابتسامة ريم بدورها تشارك صديقتها سعادتها لقرب تحقيق حلمها الكبير والزواج من حبيب قلبها.

كانت تُعدل من وضع أوتار كمانها بعصبية بعد أن تشاجرت مع زوجة أبيها لخروجها دون اذن وحين حاولت ريم التبرير، تخبرها أنها حالة طارئة وأن صديقتها كانت بحاجة إليها فاضطرت للمغادرة دون اذن خاصة وقد كانت سندس مشغولة بالحديث علي الهاتف فقوبل تبريرها برفض متعنت ترفض الأخيرة كل الأعذار، تخبرها إنه كان عليها الإنتظار أو الإتصال بخطيبها حتي والإستئذان منه ثم تنهرها عن تكرار خطأها وتأمرها بالدلوف إلي الحجرة دون كلمة.

تتعجب ريم من تصرفات سندس في الفترة الأخيرة، وكأنها تخشي عليها من شيء ما تجهله، ثم انتبهت إلي أن زوجة أبيها تريد منها الاستئذان من خطيبها، عن أي خطيب تتحدث؟ وهي التي لم تراه منذ ثلاثة أيام كاملة أو تسمع صوته حتي يرغب بالكذب الاطمئنان عن أحوالها، رن هاتفها برقم جهاد الذي حفظته عن ظهر قلب، كادت أن تتجاهله ولكنها وجدت أناملها تبحث عن الهاتف وتجيب الإتصال دون ارادة منها، وصلها صوته الملهوف وهو يقول:.

ألو، آنسة ريم.
إذيك ياأستاذ جهاد.
بخير طول ماانتِ بخير، أخبارك ايه؟ انتِ كويسة.
قطبت جبينها، يشعر بها هذا الرجل الغريب وكأنه أقرب إليها من أهلها، هزت رأسها بآلية ثم اكتشفت أنه لا يراها فقالت بهدوء:
أنا بخير.
مش باين صوتك متغير وكأن فيه حاجة مضايقاكي.
متشغلش بالك انت، المهم أخبارك ايه وأخبار والدتك؟ ياريت تكون بخير.

مصممة برضه تخبي عني، عموماً براحتك ياست الكل، في يوم أكيد هتطلبيني وتحكيلي عن كل مشاكلك وتسأليني كمان عن رأيي.
ابتسمت رُغما عنها لمرحه تقول:
واثق في نفسك قوي بس خد بالك لتوصل بثقتك للغرور.
أنا واثق في نفسي أيوة بس عمر الثقة ماهتوصل بيا للغرور لإني عارف نفسي ومكانتي ووضعي وحدودي.
أنا آسفة مقصدتش...
قاطعها قائلاً:.

عارف، سيبك مني دلوقتي وبمناسبة سؤالك عن الست الوالدة فحابب أقولك انها حبيتك قوي من كلامي عنك ليها ونفسها تشوفك وتشكرك علي الوظيفة اللي شغلتيني فيها وعلي كل حاجة عملتيها عشاني.
تشوفني وتشكرني؟انا معملتش حاجة تستاهل الشكر.
ازاي بقي، ده انتِ عملتي معايا اللي محدش في الدنيا عمله قبل كدة، عموماً بقي حلم بالنسبة لماما تشرفي بيتنا المتواضع عشان تتعرف عليكي.
أيوة بس...

صمتت لا تدري بما تجيبه وهي تشعر بأن زيارتها لوالدته ان قامت بها ستقربها أكثر منه وهي لا تبغي قرباً كهذا يضعف قلبها أمامه، ألا يكفيها شخصيته الجذابة ومرحه وقلبه الطيب الذي يفيض حناناً واهتماماً؟
لو بيتنا مش قد المقام أو هنزعجك...
الانكسار بصوته جعلها تقول علي الفور:
لأ طبعا، بيت ايه اللي مش قد المقام، البيت بسكانه ياجهاد، بلغ والدتك انه يشرفني أزورها، حدد اليوم بس وأنا...
قاطعها قائلاً بلهفة:.

بكرة، هنستناكي بكرة.
بكرة كدة علطول.
خير البر عاجله.
كادت أن تؤجل هذه الزيارة ولكنها لحيرتها وجدت نفسها تقول باستسلام:
يبقي هنتقابل بكرة.
تحبي آجي آخدك منين؟
فيه شاطئ جنب بيتي في العجمي هبعتلك عنوانه...
قاطعها قائلاً:
عارفه، هستناكي فيه الساعة 5، تصبحي علي خير ياآنسة ريم.
تلاقي الخير.

أغلقت الهاتف وهي تقطب جبينها متسائلة، كيف عرف عنوانها؟ لتترك اجابة سؤالها للغد تستسلم مجدداً لقدرها الذي يسحبها بقوة تجاه هذا الغريب عن حياتها ولكنه صار أقرب مايكون لقلبها، تشعر معه براحة غريبة لا تشعر بها مع أحد عدا صديقتها خديجة ولن تتساءل الآن عن السبب فقلبها يخبرها أنها تعرفه جيداً ولكنها ستتجاهله متعمدة لتحظي بمزيد من هذا الشعور دون أن تفكر بنتائج الإعتياد عليه.

طرقت الباب ثم دلفت دون أن تنتظر الإذن فوجدته جالساً خلف مكتبه يبدو الحزن علي ملامحه وماإن رآها حتي انفرجت أساريره ونهض يستقبلها قائلاً:
خديجة، إيه المفاجأة الحلوة دي؟
ابتسمت قائلة:
إيه رأيك ياسيدي؟ قلت آجي أتفرج علي مكتبك اللي مشفتوش ولا مرة رغم اننا بنحب بعض من 3 سنين، مش عيب ياباشمهندس متعزمنيش ولا مرة وتقولي أجيلك عشان أتفرج عليه.
شاب ابتسامته بعض الحزن وهو يقول:
المكتب لسة صغير ومش قد...

قاطعته تمسك يده قائلة بحزم:
المكان مش بمساحته ولا تأثيثه يايحيي، المكان بالناس اللي فيه، ووجودك في المكان ده خلاه في عيني أحلي الأماكن.
رقت عيناه وهو يقول:
علطول بتغلبيني بكلامك الحلو ياخديجة وترفعي من روحي المعنوية رغم كل الإحباط اللي في حياتي.
تركت يده قائلة بمرح:
أومال ياباشا ده أنا ديجا منبع الطاقة الإيجابية كلها، بس استني هنا متوهنيش، قولي كان مالك أول ماجيت؟ شايل حلة ستك فوق راسك ليه ياباشمهندس؟

اتسعت عينا يحيي بدهشة قبل أن ينفجر ضاحكاً وهو يقول:
اسمها طاجن ستك، بقولك ايه ياديجا سيبك من الأمثال الشعبية خالص عشان لما بتقولي مثل بتبوظيه.
مش مهم المهم اني بوصل لمعناه وهو المطلوب اثباته، وبرضه مُصّر تتوهني وأنا عايزة أعرف مالك ياكابتن؟
طالعها بعتاب قائلاً:
يعني مش عارفة مالي؟
ابتسمت قائلة:
لأ مش عارفة مالك ياسيدي، نورني؟
قطب جبينه قائلاً:.

هو انتِ مش كنتِ معانا برضه لما والدك فشكل الجوازة ولا أنا بتهيألي؟خديجة، أوعي تكوني جاية تقوليلي خلينا أصحاب والكلام اللي بيقولوه لما بيتفارقوا ده، اوعي تكوني خلاص بتنهي كل اللي بينا لإني وقتها بجد هموت من القهر والوجع.
أمسكت يديه بين يديها قائلة:
بعيد الشر عنك ياقلب ديجا وعمرها كله، انت فاكرني جاية أنهي اللي بينا، أنهي إيه بس؟ ده أنا ماصدقت لقيتك ومستحيل أتخلي عنك مهما حصل، أنا جاية أبشرك.

تبشريني؟!
بابا اتنازل عن كل شروطه وقِبل نتجوز بوضعنا وظروفنا بس اتمسك بشرط واحد من بين كل الشروط اللي قالها.
بعد أن انفرجت أسارير يحيي إثر كلماتها التي بثت السعادة في قلبه، قطب جبينه بعد سماع جملتها الأخيرة قائلاً:
شرط ايه ده؟
الشبكة.
اتسعت عينا يحيي لينفض يده من يدها قائلاً باستنكار:.

ده كان أصعب شرط فيهم، أجيب منين شبكة بخمسين ألف جنيه؟ ده مصمم يعجزني بقي ويفرق مابينا، لأ وانتِ جاية تبشريني، تبشريني بإيه؟ ماهي هي ياخديجة.
ابتسمت قائلة:
لأ ياقلب خديجة، مش هي هي، ديجا لما تقول جاية تبشرك بالفرج وقُرب جوازنا يبقي أكيد مبهزرش، الشبكة جاهزة وتحت أمرك من دلوقت.
قطب جبينه قائلاً:
قصدك ايه؟

أخرجت من حقيبتها علبة مجوهرات وفتحتها أمامه ليظهر طقم ذهبي مرصع بالفصوص، يبدو من مظهره أنه غالي الثمن لينقل يحيي بصره بين الطقم الذهبي وبين خديجة يطالبها بتفسير فأردفت قائلة:
بعت دهبي وجبت الطقم ده، بابا مش هياخد باله أساساً وطبعا هيوافق لما يشوف الطقم قدامه وبكدة أبقي حليت مشكلتنا ونقدر نتجوز في أسرع وقت، إيه رأيك بقي؟
تأملها بحب قائلاً:
انتِ عملتي كل ده علشاني؟

علشانا، عشان نكون مع بعض ماهو مش ممكن هسمح لحاجة بسيطة زي دي تقف قدام وجودنا مع بعض، وبعدين أنا عملت إيه يعني؟ بعت دهبي وجبت مكانه دهب هيبقي بتاعي برضه.

انتِ شايفاها حاجة بسيطة وهي كبيرة قوي بالنسبة لي، واحدة في جمالك وحسبك ونسبك تقدر تكون مع واحد أحسن مني بكتير، يقدر يقدملك كل حاجة ويحقق لك كل أحلامك لكنك صممتي تكوني معايا ورفضتي تتخلي عني رغم ظروفي الملخبطة وكمان بتتنازلي عن كل حقوقك وبتسهلي الطريق قدامي، تفتكري بعد ده كله أنا ممكن أعملك إيه؟

حِبني يايحيي، علي قد ماتقدر حِبني، علي قد مابحبك حِبني، خبيني جوة قلبك واقفل عليا بابه ومتخرجنيش منه غير لقبري.
ضمها قائلاً بلهفة:
بعيد الشر عنك ياحبيبتي.
خرجت من حضنه علي الفور تقول بارتباك:
حيلك حيلك، احنا لسة مكتبناش الكتاب ياباشمهندس.
قال بخجل:
سامحيني ياخديجة، غصب عني وقت ماجبتي سيرة الموت مفكرتش، كل اللي جه في بالي اني أضمك وأحميكي جوة حضني من كل أذي.
ربتت علي يده قائلة بحنان:.

ولا يهمك، أنا مقدرة مشاعرك وعشان كدة مش هعاتبك، أنا همشي دلوقت عشان اتأخرت وهستناك النهاردة بالليل تيجي لبابا وتتكلم معاه عشان تحددوا ميعاد كتب الكتاب والفرح، هستناه يندهلي عشان تلبسني الشبكة بعد مايقولي ايه رأيك ياديجا وأنا اعمل مكسوفة وأهز راسي وأقول اللي تشوفه يابابا.
ابتسم قائلاً:
هستني اللحظة دي بفارغ الصبر.
ابتسمت قبل أن تقول:
أشوفك بخير يايحيي.
أشوفك بخير ياقلب يحيي.

لوحت له قبل أن تغادر وتغلق الباب خلفها بينما أطبق بيده علي علبة المجوهرات، بقوة.

لماذا اختارت هذا الشاطئ مكاناً لتلاقيهم؟ ألم تُحرّم هذا الشاطئ علي نفسها منذ أن علمت بأن له رواداً غيرها كان أحدهم شاهداً علي عزفها الذي أقسمت أن لا يشهده أحد بعد والدها رحمه الله؟ إذا لم العودة لذات المكان؟ ألا تخشي رؤيته مجدداً؟ سخرت من نفسها؟ تخشي رؤيته، وهل هي قادرة علي رؤية أي مخلوق؟

زفرت بقوة، لقد تأخر جهاد في الحضور، كان خطئاً كبيراً منها استسلامها لإلحاحه والحضور لملاقاته كي تزور والدته، هي في غني عن كل هذه التعقيدات، أمسكت كمانها تستعد للرحيل وهي تغمض عيناها تستمع لصوت الأمواج المتلاطمة لآخر مرة، تقول هامسة:.

سامحني مش هقدر أعزف قصادك تاني، مش هينفع حد يسمعني غيرك بعد بابا الله يرحمه، لإنك زيه هتسمعني بروحك مش بعنيك، مش هتحاكمني ولا هتتريأ عليا وتقول عامية بتعزف كمان، بتحبني زي ماأنا وأنا بحبك زي ماانت، في كل حالاتك راضية أكون معاك ويمكن في يوم تكون نهايتي جواك، مين عارف؟الحياة بقت قاسية قوي يابحري وحياتي من غير بابا بقت مملة قوي، أشوفك بقي بخير، جهاد إتأخر وأنا رجعت في كلامي، مش هقرب ماهو ماينفعش أقرب ولا انت ايه رأيك؟ مش قادر تجاوب، محتار زي حيرتي، يبقي همشي، سلام يابحري وأشوفك دايماً بخير.

استدارت ثم تجمدت فجأة وصوته ذو النبرات الرجولية العميقة يصلها قائلاً:
كنتِ هتمشي من غير ماأسمع صوت كمانك أو حتي أتكلم معاكي؟
عقدت حاجبيها بقوة وهي تربط لأول مرة بين صاحب الصوت ومن كانت تتجنب الشاطئ خشية ملاقاته وبين الرجل الذي حضرت اليوم خصيصاً لتراه ثم عدلت عن رأيها، لتتأكد من أنهما شخصاً واحداً تجمعهما نبرات الصوت العميقة كالبحر، كيف لن تنتبه لذلك من قبل؟ لتقول بصدمة:
جهاد هو انت...

صمتت فتأمل ملامحها الجميلة بحنان يطوف بعينيه علي كل خلجة من خلجاتها قائلاً:
أيوة أنا، جيت من بدري واستنيتك وقلت مظهرش قدامك جايز يحالفني الحظ وأسمعك بتعزفي زي المرة اللي فاتت، عزفك كان سحر يا ريم، كل نغمة عزفتيها سكنت قلبي وفضلت في وداني مبتفارقنيش، بسمعها في كل وقت وكأنها معزوفة حياة.
قالت بارتباك:
مش للدرجة دي، دي..
لم تستطع تجميع جملتها فقال هو:.

لأ للدرجة دي وأكتر كمان، عايز أقولك انك أحسن واحدة سمعتها بتعزف كمان في الدنيا.
متبالغش لو سمحت، وبعدين هتسمع ناس بتعزف كمان فين بس؟
قصدك يعني عشان فقير مش هقدر أروح الأوبرا أو أحضر حفلات مهمة، علي فكرة بقي حضرت وحضرت حفلات كتير كمان كجرسون فيها طبعاً وبقولك للمرة التانية ان عزفك كان أحسن من أي حد سمعته بيعزف كمان قبل كدة.
أعادت خصلة شعر وراء أذنها قائلة بارتباك:
أنا مقصدتش أجرحك بكلامي.
وأنا منجرحتش.

يعيد كلماتها التي ألقتها علي مسامعه في المرة الأولي التي التقيا فيها علي هذا الشاطئ، ابتسمت رغماً عنها لنبرة المرح التي شابت صوته ليردف قائلاً:
ابتسامتك حلوة قوي ياريم، بتنور وشك زي شمس نورت سما بعد ليل طويل.
أطرقت برأسها في خجل قائلة:
هو احنا مش هنروح لوالدتك؟ الوقت هيتأخر.

بما اني يإست من سماع عزفك النهاردة يبقي هكتفي بزيارتك لأمي بس مش هقدر أوعدك اني أبطل أطلب منك تسمعيني عزفك، غصب عني، أنا واصل حد الإدمان ياعازفتي.
رفعت رأسها تطالعه بحيرة تهمس مرددة:
عازفتك!
من النهاردة بحلف يمين ماأسمع كمان غير منك انتِ، هعتزل كل العازفين وتكوني انتِ وبس عازفتي.
جهاد!
قال قلبه، عمر جهاد وروحه بينما قال لسانه كلمة حملت حنان الدنيا في أحرفها فهزت قلبها وأصابته برعشة قوية ماان وصلتها..

نعم.
تمالكت نفسها قائلة بارتباك:
من فضلك لو بجد هنكون أصحاب بلاش تتكلم عن عزفي أو تطلب مني أعزفلك، لإني مش هقدر، ده عهد عاهدته علي نفسي مايسمعني حد وانا بعزف واعفيني من التفاصيل.
تنهد قائلاً:
ولو انه طلب صعب جداً لكن عشان خاطر عيونك هيكون أمر، فيه حاجة تانية قبل مانمشي؟
مشت فمشي إلي جوارها تقول هي بابتسامة:
عايزاك تحكيلي عن والدتك زي ماحكيتلها عني، اوصفهالي.

شرع جهاد يوصف والدته ويروي لها قصتها فشعرت ريم بحبه الشديد لوالدته، حباً يشابه حبها لوالدها وكأن جهاد يشبهها حقاً، حين يحب يحب بكل جوارحه ويصبح وصفه للمشاعر حسياً وكأنها تراه وتشعر به، كلية.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة