قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا كالجمر بين ضلوعه للكاتبة مي علاء الفصل الرابع

نوفيلا كالجمر بين ضلوعه للكاتبة مي علاء الفصل الرابع

نوفيلا كالجمر بين ضلوعه للكاتبة مي علاء الفصل الرابع

وضحت حلا موقفها بحروفها المُتلعثمة فلم تستطع ان تُخرج كلمة واحدة سليمة
- ان، ا، انا معرف، ش ازاي ومين ك، تب الرس، الة دي، ان، ا..
قاطعها وائل بنفاذ صبر وهو ينظر لها بملامح جامدة
- اهدي كدة وجمعي كلامك
اكمل بهدوء واستفسر
- اية الرسالة دي؟، ولو انتِ مكتبتهاش يبقى مين كتبها؟
زاد نحيبها وهي تُجيبه
- معرفش والله مين كتبها، ان، ا انا..
تنهد بعمق وهو ينظر لها بشفقة، اقترب منها وعانقها وهو يتمتم لها.

- خلاص اهدي، اهدي
ربت على ظهرها بحنان وأخبرها ليُطمأنها
- هعمل كأني مشوفتش الرسالة وان كل دة محصلش، ماشي؟
اومأت برأسها وهي تبتعد عنه، لمحت اقتراب ملك منهما فأسرعت لتتركه وتذهب للمرحاض، بل تهرُب.

توقف يامن بعيداً يُراقب مايحدث بين لمى وذلك النادل، دار حديث حاد بينهما وانتهى بذلك العناق الذي بادرت هي فيه، ضم قبضته بغضب واقترب منهما بخطوات هادئة، توقف في المنتصف حين نظر النادل ناحيته بتحذير منها وغادر.
وضعت لمى ذراعها في منتصف خصرها وهي تنظر له رافعة إحدى حاجبيها بإعتراض
- بتراقبني ولا اية؟
اكمل تقدمه منها وهو يطرح سؤاله والشك يشع من عينيه
- مين دة؟
- ملكش دعوة.

اجابته بلامبالاة واتت ان تتخطاه لكنه أوقفها بمسك ذراعها بحدة
- جاوبيني
نظرت له بخبث وهي تُجيبه بنبرتها المُتلاعبه
- حبيبي الجديد، خلاص ارتحت!
اشتعلت حدقتيه اكثر وهو يحذرها
- متحاوليش تستفزيني بالطريقة دي وإلا..
قاطعته لتُكمل قوله بسخرية
- وإلا هتحبسني ولا هتقطع عني المصروف؟
تبعت سخريتها بضحكة دوى اثرها في هذا الفراغ، ابتسم بخشونة وقد اظلمت حدقتيه مع تركه لذراعها، تخطاها وهو يقول ببرود
- هتشوفي دلوقتي.

استدارت لتتابعه بنظراتها التي اتسعت على مصرعيها حين دخل لغرفة الموظفين، ادركت ما سيفعله وما لم تفكر به ابداً، اسرعت بكعبها العالي لتلحق به وتوقفه قبل ان يصنع المشاكل لكنها تأخرت.
توقفت وهي تشهق بصدمة حين رأت يامن يلكم ذلك الشاب ليسقط ارضاً ب بنيته الضعيفة، هرعت اليه بقلب قلق وجثت على ركبتيها لتطمأن عليه، هتف يامن بغضب لباقي الموظفين الذين يتابعون ما يحدث
- فين المدير بتاعكم؟، هو بيوظف اي حد وخلاص!

نهضت لمى بحدة لتدفعه بقوة وتصرخ به
- دة اخويا يا غبي
رمش بجفونه عدة مرات بذهول وهو ينقل نظراته بينها وبين اخيها، سألها بحيرة
- بس انتِ قولتي ان...
- كنت بكدب عليك وقتها
اعترفت بصراحة وهي تنظر لعينيه مُباشرةً، تنهدت وقالت ل اخيها
- متمشيش راجعالك
ثم امسكت ب ذراع يامن لتأخذه للخارج، توقفت لمى مُجبرة حين توقف هو، تنهدت وهي تمسح وجهها بكفيها وتعترف بعدها بهدوء.

- عندي أخ وأُخت، احمد اللي ضربته وسلمى اختي الصغيرة
ظل مُحدقاً بها للحظات وهو يفكر، في كل يوم يمر عليه وهو معها يكتشف كذبة جديدة بشأنها، حتى ذلك الامر الصغير كذبت فيه، أخذ يُقهقة بحدة وهو يسخر من نفسه
- وانا مستغرب لية؟، مش اول حاجة تكدبي فيها
رمقها ببغض وهو يُردف بسؤاله الذي لم يكن ينتظر إجابة عليه
- وها اية تاني مخبياه عليا!، كدبتي في اية تاني؟

رأت لمى بوضوح تلك النظرة الخائبة التي تحاول ان تختبئ خلف سخريته، تخطاها مُصطدماً بكتفها عن قصد، التفتت لمى وتابعت خطواته بنظراتها حتى اختفى من امامها، زفرت بقوة قبل عودتها ل احمد.
قابل يامن في طريقه حلا التي بدت حالتها مُريبة بالنسبة له، امسك بكتفها بحنان وهو يسألها بقلق
- مالك يا حلا في حاجة؟، تعبانة او حاجة!

نظرت له بعينيها الحمراوتين وشردت للحظة، ماذا سيحدث إذ علم يامن بِما حدث منذ دقائق، ارتجف جسدها من التفكير بتلك النقطة، هزت رأسها وهي تُجيبه بفتور
- ايوة تعبانة وعايزة أمشي
أسندها يامن وأخذها للسيارة، اتصل ب لمى ليخبرها ب
- خلصي بسرعة وتعالي ل برا قدام النادي عشان هنمشي، متتأخريش
اغلقت لمى معه وعادت لتنظر ل احمد، طلبت منه برجاء.

- اعمل اللي قولتلك عليه، انت مش محتاج تشتغل، انا ببعتلك الفلوس كل شهر فركز على دراستك بقى، ها، هتسمع كلامي؟
تنهد بإستياء وأومأ برأسه بخضوع، ابتسمت لمى برضا وقبلت رأسه ثم غادرت.
صعدت لمى السيارة بجوار يامن، سألته بحيرة
- هنمشي لية؟، طب حفلة وائل؟
اجابها بإقتضاب وهو يُدير المقود
- حلا تعبانة
نظرت ل حلا من خلال المرآة الأمامية وصمتت، ادركت دون عناء ما حدث.

اليوم التالي
- جوود مورنينج شاهيندا، طلبتي تشوفيني على الصبح لية؟
قالتها لمى فور دخولها لغرفة حلا، نقلت الاخيرة نظراتها ل لمى، نظرات تتهمها بها، فحين فكرت، لم تجد سوى لمى في ساحة الإتهام فهي الوحيدة التي تعلم بالأمر، لذا سألتها بشفافية
- انتِ اللي كتبتي الرسالة؟
تنهدت لمى وهي تجلس على الأريكة، اجابتها بهدوء
- ايوة انا
- لية عملتي كدة؟
سألتها حلا وهي تحاول ان تحافظ على هدوئها
- بساعدك.

- هو انا طلبت مساعدتك؟، انا طلبت حاجة منك؟
بدأت ترتفع نبرة صوتها المُعاتبة، اردفت بإنفعال وهي تقترب من الأُخرى
- انتِ عارفة انك حطيتيني في موقف سخيف ومثير الشفقة!، كدة ساعدتيني؟
تجاهلت لمى انفعالها وغضبها وقالت بثقة
- انا عارفة انا بعمل اية، وهتيجي تشكريني في الاخر
اشاحت حلا بوجهها وهي تلتقط انفاسها الساخنة بغضب، عادت لتواجه لمى.

- شايفة شكلي؟، انا معرفتش انام بليل، كنت حاسة ان مخي هينفجر من التفكير والكسفة اللي انا فيها، ازاي هبص في وشه دلوقتي!
اجابتها لمى ببساطة اغاظت حلا
- عادي جدا، خليكي جريئة معاه وغيري أسلوبك الساذج دة، امشي ورا كلامي وهتكسبي
ردت حلا برفض تام
- انا مش هغير نفسي عشانه او عشان حد، انا مبعرفش ابقى غير على طبيعتي
زفرت لمى بنفاذ صبر وجذبتها لتجلس بجانبها، حاولت ان توصل لها ما تقصده بطريقة صحيحة.

- مش قصدي تغيري اسلوبك، بس يعني تبقي جريئة اكتر، دة انتِ مش بتقدري تبصي في عينيه او تكلميه بثقة كدة، الخلاصة، بيني ضوافرك شوية وخربشي عشان تقدري تنافسي البنات اللي حواليه
اظلمت حدقتي حلا بإحباط، اخفضت رأسها بإستياء قبل ان تقول بإستسلام
- مفيش فرصة ليا اصلاً، ومش عايزة اجرب
ثم نهضت وقالت برجاء
- ومش عايزة مساعدتك، لوسمحتي يعني
اومأت لمى برأسها وهي تنهض، قالت قبل ان تخرج من الغرفة.

- زي ما تحبي، بس لو غيرتي رأيك انا موجودة.

مساءً
كانت لمى جالسة على الأريكة تقرأ إحدى مجلات الموضة، شتتها دخول يامن وحركته الكثيرة في الغرفة، سألته بفضول وهي ترفع حاجبيها
- اية رايح فين بالشياكة دي كلها؟
توقف امام المرآة ليرتدي ربطة العُنق وقد تجاهل سؤالها، وضعت هي المجلة بجانبها ونهضت لتقف خلفه وتراقبه بعيون ضيقة، ابتسمت بخبث وهي تسأله
- قمورة بقى ولا انا احلى منها؟
توقفت يده عما تفعله ونظر لها من خلال المرآة ثم ضحك، هز رأسه وهو يتمتم.

- هي احلى طبعاً
ابتسمت بخشونة وهي تهز رأسها، خطت خطوتين لتصبح امامه، مدت يدها لتقوم بإتقان ربطة عنقه، سعل حين ربطتها بقوة، اعتذرت بتهكم ثم ابتعدت عنه، اخبرته بحسم وهي تعود لتجلس على الأريكة كما كانت
- مش هقبل تجيب واحدة عليا، طلقني الاول وبعدها ابقى اتجوز
- مش مهم تقبلي ولا لا.

اخبرها بجفاء وهو يرمقها ببرود ثم غادر تاركها تحترق بنيران غيظها، لكنها لم تظل ساكنة، لن تقبل بمواعدته لإحداهُن إلا بعد ان يتم طلاقهم، نهضت والتقطت حقيبتها والشال لتضعه فوق كتفيها، اسرعت لتلحق به.
قبل ان تتحرك السيارة كانت قد وصلت لمى وفتحت الباب لتصعد بجانبه، نظر لها يامن بذهول وسألها ببلاهة
- بتعملي اية؟
اجابته بسلاسة وهي تضع حزام الأمان حولها
- هاجي معاك
- نعم!
قدحت عينيه وهو يأمرها بصرامة.

- انزلي مش عايز لعب عيال
- قولت هاجي معاك، متقلقش مش هخرب الموعد بتاعك
قالت بعناد، تعالى رنين هاتفه فأجاب
- انا جي اهو، مش هتأخر
اضطر ان يُحرك المقود ويغادر وهي معه، فهو لا يستطيع ان يتأخر اكثر من ذلك على ذلك الشخص.

في فيلا الأنصاري
خرجت حلا على صوت الجرس الذي لم يتوقف، هتفت بغضب مُنادية الخادمة التي لا تُجيب ثم تذكرت انها اخذت نصف اليوم اجازة بسبب مرض صغيرها، اسرعت للاسفل وفتحت الباب اثناء انتقادها للطارق
- محدش بيفضل يرن كدة اهد...
سقطت بقية كلماتها حين رأت وائل امامها، اشاحت بنظراتها بعيداً عنه وقد احمر وجهها دون إرادة منها، شعر هو بتوتر الأجواء بينهم، سألها وهو يبتسم
- عاملة اية النهاردة؟

اومأت برأسها دون ان تُجيبه ثم اخبرته قبل ان يسألها
- لو جيت عشان يامن فهو مش موجود، خرج
- وراح فين الصايع دة؟، طب طنط فين؟
- ماما خرجت مع صُحابها، في حاجة؟
تلاقت نظراتها مع خاصته للحظة قصيرة ثم عادت لتهرب بهما، اجابها
- مفيش حاجة، كنت عايز اسلم عليها
- ماشي
قالتها بإقتضاب وساد الصمت، تراجع للخلف وهو يوصيها
- متنسيش تقوليلهم اني جيت، وسلميلي عليهم.

اومأت برأسها مرة اخرى واغلقت الباب دون توديعه، رفع حاجبيه بذهول وهو يحدث نفسه بسخرية
- معاملة خاصة فعلاً!

وصلا للمركز التجاري، رمقته لمى بإعتراض وهي تتهكم
- هتقابلها هنا!

لم يُعيرها اي اهتمام، ارتقى درجات السلم بوقار واكمل سيره، كانت لمى تسير على خطواته وهي تُرتب خططها الشريرة لتنفذها حين يُقابل تلك المرأة، فجأة بدأت تتباطئ خطواتها وهي تنظر لذلك الرجل المُقابل لهم والذي ينظر في اتجاههم، تعرفت عليه عن ظهر قلب، اضطرب قلبها وسرت ارتجافة في جسدها حين تلاقت نظراتها معه، قاطعتها سريعاً واستدارت لتأخذ الطريق المُعاكس وتبتعد هاربة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة