قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا كالجمر بين ضلوعه للكاتبة مي علاء الفصل الخامس

نوفيلا كالجمر بين ضلوعه للكاتبة مي علاء الفصل الخامس

نوفيلا كالجمر بين ضلوعه للكاتبة مي علاء الفصل الخامس

وضعت لمى كفها فوق صدرها وهي تلتقط انفاسها بصعوبة، تحركت بحذر لتلتفت وتنظر ل يامن وذلك الرجل وهم يتصافحان بحرارة، عقدت حاجبيها وهي تسأل نفسها بريبة
- يعرفوا بعض منين؟
عادت لتنظر امامها وهي تُطبق جفونها بقوة وتتنفس بعمق لعل اضطرابها يزول لكنها فشلت، اسرعت وتسابقت مع ظلها لتصل لخارج المركز التجاري وتصعد اول سيارة أجرة تُقابلها.

بعد مرور ثلاث ساعات، عاد يامن ودلف لجناحهما، كانت هي مُستلقية على الفراش تستعد للنوم، القى نظرة سريعة عليها وهو يتجه للمرحاض، بعد ان خرج فتحت هي الحديث معه
- ها عملت اية في الموعد؟ عجبتك؟
نظر لها وهو يجفف شعره بالمنشفة وقابل سؤالها بقوله
- لفيت ملاقيتكيش، روحتي فين؟
- لقيت محل حاجته شدتني فدخلته وسرحت وبعدها روحت.

اجابته وهي تتثاءب، رمقها بشك قبل ان يخلع قميصه، فأشاحت هي بنظراتها وتدثرت اسفل الغطاء وقد شردت.

اليوم التالي
شعرت لمى بالضيق حين رأت الهالات السوداء وانتفاخ عينيها فهي لم تستطع ان تنام جيداً، استدارت لتنظر ل يامن الذي خرج من الشرفة وهو يُنهي المكالمة، سألته بفضول
- مين دة؟
ابعد نظراته عن الهاتف لينظر لها بإعتراض على سؤالها، عاد لِما يفعله وهو يغادر، اتجه يامن لغرفة الطعام ليخبر شادية ب
- في ضيوف جايين النهاردة يا ماما لو توصي في المطبخ
- عنيا يا حبيبي، بس حد اعرفه؟
- لا، بس وائل جي كمان.

تراجعت حلا عن وضع الطعام في فمها وهي تتأفف، فهل يجب عليها مواجهته كل يوم؟، طمأنته شادية
- خلاص متقلقش، الغدا هيبقى جاهز لما ترجع
قبل يدها ثم غادر للعمل، فزعت شادية حين ضربت حلا بكفها على الطاولة بإنزعاج وهي تهتف بإنفعال
- هو وائل كل يوم يجي عندنا يعني؟
- خضتيني حرام عليكِ
عاتبتها شادية وهي تضع كفها على صدرها، ثم اردفت
- واية الجديد ما هو دايماً بيجي عندنا
- بس مش كل يوم.

- وفيها اية لو كل يوم ما هو فرد من عيلتنا، بس لية مضايقة؟
نهضت حلا بحدة واتجهت لغرفتها دون ان تُجيب والدتها التي دُهشت من تصرف الأُخرى.
قابلت لمى حلا عند نهاية السلم فألقت السلام عليها
- حلا عامل...
لم تُكمِل حين تخطتها حلا بخطواتها الغاضبة، هزت كتفيها بإستغراب ثم نظرت امامها، أوقفت الخادمة لتسألها بفضول
- ما تقوليلي هي اية الاوضة دي؟
وأشارت إلى باب اسفل السلم، اجابتها الخادمة
- دي أوضة السيد يامن.

- بجد!، وفيها اية؟
هزت كتفيها بعدم المعرفة ثم استأذنت لتذهب وتُكمل عملها، اتجهت لمى للباب وحاولت فتحه لكنه مُغلق.

عصر اليوم
كانت لمى تراقب تحركات شادية وأوامرها الكثيرة للخدم، سألت الاخيرة حين جلست لترتاح
- هو في حد جاي ولا اية؟
- اها واحد معرفة جاي من طرف يامن
- بجد!، مقاليش الصبح
ابتسمت شادية بتهكم وهي تقول بخبث
- يقولك لية؟، هياخد إذنك مثلاً؟
قبل ان ترد لمى كان الجرس يرن، نهضت شادية واتجهت للخارج بينما ظلت لمى جالسة مكانها وهي تكظم غيظها، دلف وائل أولاً وألقى السلام عليها واتى دورها.

- انت عامل اية وملك عاملة اية!
ابتسم اثناء إجابته
- كويسة
اومأت برأسها وابتسمت مُجاملة اياه، حركت رأسها لتنظر للباب اثناء دخول نفس الرجل الذي رأته بالأمس وخلفه يامن، لم تتوقع رؤيته مرة اخرى ولم تتمنى ذلك فبالكاد استطاعت ان تتغلب على حالة الهلع التي اصابتها والتفكير المُرهق، عضت لسانها وحاولت جمع شتات نفسها، توقف امامها ومد يده ليصافحها اثناء تقديم يامن له والعكس
- اعرفك يا ادم، لمى مراتي.

هز ادم رأسه بهدوء وهو ينظر لها بسخرية، ليس منها بل من هذه الصدفة الغريبة!، لم تُكلف نفسها ان تنهض، بادلته التصافح وهي تنظر له ببرود أتقنته، سحبت يدها بجانبها ونهضت مُستأذنة
- هروح انادي حلا
وفور خروجها من الصالون كانت قد تسارعت خطواتها لتتجه لأقرب مرحاض وتدخله، فتحت صنبور المياة واخذت تغسل يدها بعنف، تُريد ان تُحرق كفها التي صافحته به، انتهت وقصدت غرفة حلا لتحضرها.
- اية مش هتنزلي ولا اية؟

- لا، حاسة اني تعبانة ومصدعة
كذبت حلا وهي تعود لتنظر لكتابها، تهكمت لمى وهي تُغلق الباب
- والمصدع يقدر يقرأ كتاب؟
اغلقت حلا كتابها بغضب وصرحت بإنفعال
- ايوة مش عايزة انزل واشوف وائل، خلاص ارتحتي؟
- يا غبية اعملي القولتلك عليه وهتكسبي صدقيني، متتجنبيش شوفته
انهت لمى قولها ثم سحبت حلا لتنهض، تابعت
- وكمان لو فضلتي هنا كله هيلاحظ وشادية هانم مش هتسيبيك.

تنهدت حلا بإستياء فلا مهرب، قامت بربط شعرها بإهمال واتجهت للباب فأعترضت لمى وهي ترمقها بعدم رضا
- اية دة هتنزلي كدة!، حطي حاجة في وشك على الاقل
- ايوة هنزل كدة
هزت لمى كتفيها واتجهت للأسفل على مضض، اتخذت الاخيرة مكانها بجوار يامن مُتجاهلة نظرات ادم التي تمر عليها من حين لآخر.
بعد ان انتهوا من تناول الغداء، نهض وائل واتجه للشرفة ليقف بجوار حلا ويستند على السور وهو يسألها
- مالك؟، شكلك مضايقة.

اجابته بإقتضاب دون ان تنظر له
- مفيش
- متأكدة؟
لم تُجيبه وساد الصمت لدقائق، بعدها تحدث بصراحة فهو يريد ان يتأكد من شعوره، فهل هي تتجنبه فعلاً كما يشعر؟
- من بعد الرسالة وانتِ غريبة وبتتجاهليني، دة فعلاً؟
اخذت لحظات إلى ان اجابته بخفوت
- ايوة
نظر لها واراد ان يُطمأنها بكلماته
- عارف ان الرسالة مش منك وقولتلك اني هعتبر نفسي مشوفتهاش، فملهوش لازمة انك تحسي بالإحراج مني
ثم اردف بسخرية وهو يضحك.

- وغير كدة عارف انك مستحيل تحبيني او يبقى جواكي مشاعر ليا لأ...
قاطعته بسؤالها المُعترض وهي تنظر له بإنزعاج
- ولية مستحيل؟
تلعثم في البداية ثم ضحك وهو يقول
- مش عارف بس، ممكن عشان كبرنا مع بعض ونُعتبر اخوات؟
- انا عمري ما اعتبرتك زي يامن ولا هتبقى زيه
وضحت له بحزم وهي تنظر في منتصف عينيه، تنفست بقوة قبل ان تُضيف بشجاعة جهلت مصدرها
- وفعلاً الرسالة مش مني، بس الكلام الجواها صح.

عقد وائل حاجبيه وتراجع للخلف وهو يُحدق بها بدهشة، هل ما فهمه صحيح!، حرك رأسه ببطأ وهو يقول
- انتِ سامعة انتِ بتقولي اية؟
رأت سخريته في حدقتيه، حينها فقط ادركت ما تفعله وما تفهوت به، ندمت لأنها سمعت نصيحة لمى وتعاملت بها رغم انها شعرت في البداية ان صراحتها ستكون افضل بغض النظر عن صعوبة تقمصها، مسحت وجهها بتوتر وهي تقول بإحراج شديد
- مش عارفة مالي شكلي بلغبط ف متاخدش بكلامي.

اسرعت لتفر هاربة ل غرفتها وهي تسب وتلعن نفسها، لماذا فعلت ذلك؟، اهي سعيدة الان بعد ان فُطر قلبها بنظرته الساخرة والمُستنكرة على ما قالته!
قابلت لمى خارج الصالون وعاتبها وهي تنظر لها من بين دموعها
- انا غلطانة اني سمعت كلامك
لم تفهم شيء وما سبب كلمات حلا لها، أتت ان تلحق بها لكنها توقفت لتتابع مُغادرة وائل، هل ما تُفكر به صحيح؟، هل واجهته كما نصحتها!

استدارت مرة اخرى ووجدت يامن من جانبها وهو يتحدث عبر الهاتف فعلمت ان ادم بمفرده في الصالون، وجدتها فرصة لتتحدث معه وتعرف ما ينوي عليه، دلفت وجلست بهدوء، استقرت نظراتها عيله وهي تسأله بجفاء
- بتعمل اية هنا؟
رفع نظراته عن هاتفه ورفع زاوية فمه وهو يُفاجأها بقوله الخبيث
- هربتي امبارح لية؟، فكراني مشوفتكيش؟
كانت تتمنى عدم حدوث ذلك حتى انها أقنعت نفسها انه لم يراها، لم تُغير تعابير وجهها الباردة وهي ترد.

- وعشان كدة عزمت نفسك النهاردة عشان تشوفني
- كنت عايز أتأكد، بس فاجأتيني الصراحة، ازاي وقعتيه!
اضاق عينيه وهو يتفحصها بنظراته، علق بوقاحة أشعرتها بالغثيان
- بس احلويتي.

ابتسمت ب نزق وهي تحاول ان تتحكم بنفسها، تُريد ان تظل هادئة مهما حصل، لا تُريد ان تُظهر له مدى تأثير وجوده وكلماته عليها، كلن قد عاد يامن لذا صمتت وهي تُشيح بنظراتها عنه ثم نهضت مُغادرة، لا تستطيع ان تتحمل تواجدها مع هذا الحقير في مكان واحد، كم تشعر بالإختناق.

مساءً
خرجت لمى من المرحاض واستقرت بجانبه على الفراش، فتحت الحديث معه
- منين تعرف ادم دة، صاحبك؟
فتح يامن جفونه واجابها بصوته الناعس
- لا مش صاحبي، علاقتنا علاقة شغل، في صفقة جديدة مابينا
- وعزمته لية النهاردة!
لم يُجيبها فقد سقط نائماً، لاوته ظهرها وفتحت الدُرج لتأخذ وتبلع قُرص منوم، فهي ستعاني من الأرق بسبب كثرة التفكير، لا تُريد ان تمر بتلك الأفكار مُجدداً.

أشرفت شمس يوم جديد
اتجهت لمى مع يامن لغرفة الطعام، نظرت لذلك الباب اسفل السلم وتذكرت ان تسأله
- صحيح يا يامن هو اية الباب دة؟
توقف واستدار بحدة وهو يسألها بريبة
- لية بتسألي؟
- عندي فضول، سألت الخدامة بس قالتلي متعرفش
اجابته بهدوء وهي تحدق به بشك من رد فعله، اخبرها بقسوة قبل ان يدلف للغرفة
- متحاوليش تعرفي عشان دي حاجة متخصكيش
رفعت حاجبيها بذهول ثم ابتسمت بتحدي وهي تحدث نفسها.

- بقى عندي فضول اكتر بعد رد فعلك
اتبعته ودلفت لتجلس بمقعدها وتبدأ في تناول إفطارها كالجميع.

في المقهى
- مالك بقى قولي في اية؟، انت غريب من امبارح
قالتها ملك بإكتراث وهي تُمسك كف وائل الشارد، تنهد الاخير بنفاذ صبر ونقل نظراته لها على مضض وهو يُبدي إنزعاجه
- سألتيني مليون مرة وقولتلك مفيش
- شايف طريقتك شايف!، ف ازاي مفيش؟!
نهض وهو يتأفف من إصرارها، قال وهو يبتعد عنها
- هروح الشركة، سلام.

وضع كفيه في جيوب بنطاله وهو يُخفِض رأسه بإستياء، فعقله لا يستطيع ان يستوعب النقاش الذي دار بينه وبين حلا، بل لا يقبله، يشعر بالثقل لمعرفته انها تحبه.

اسدل الليل ستاره
أسندت حلا جسدها على الحائط مُنتظرة انتهاء نصائح شادية لها، زفرت حلا بضجر
- نصيحة كمان يا ماما واطلع اوضتي وانام، انا اصلاً مش عايزة اجي معاكِ وانتِ عارفة
- انا بساعدك ان يبقى عندك صُحاب وتكوني اجتماعية
نظرت لها حلا بإستنكار ووضحت ل والدتها
- انا اجتماعية بس مع الناس اللي يناسبوني
- طبعاً طبعاً
نهضت شادية واتجهت للباب وتبعتها حلا
- حلا استني.

اوقفتها لمى بندائها وهي تنزل درجات السلم بتعجل، توقفت الأُخرى واستدارت، اخذتها لمى جانباً لتحدثها بصوت خافت
- مش عارفة انتِ مضايقة مني لية بس، عايزة مُساعدتك في حاجة
سألتها حلا بإقتضاب
- عايزاني اساعدك في اية؟
اشارت لمى للباب اسفل السلم وهي تقول
- الاوضة دي، عندك مُفتاح ليها؟
- هتلاقيه في مكتب يامن اكيد
اجابتها حلا دون تفكير، ثم اردفت بإستغراب
- هو يامن مورهلكيش؟
- لا، لية؟
- خلاص استني هو بنفسه يورهالك.

طلبت حلا منها ذلك ثم اسرعت لتغادر حين نادتها شادية من الخارج، حكت لمى جبينها وقد زاد فضولها، خطت خطواتها لمكتب يامن وقد وجدت مُفتاح مُلقى في إحدى ادراج مكتبه فأخذته ل تُجرِبه، وفُتِح الباب، شعرت بالحماس وهي تبرم مقبض الباب
- وهعرف دلوقتي سبب رد فع...
سقطت بقية كلماتها لتستبدلها بقولها حين لمحت صورتها على اول لوحة سقطت أنظارها عليها
- مش دي انا!

تركت مقبض الباب ودلفت للداخل، وضعت كفها على فمها لتكتم شهقتها وملامحها يبدو عليها الصدمة، امتلأت مقلتيها بالدموع وهي تنقل نظراتها بين كل اللوحات المرسومة لها، فرت دمعة هاربة على وجنتها وهي تقرأ اسمه في نهاية اللوحة التي توقفت امامها، هو من رسمها لها!
- بتعملي اية هنا؟
جفلت حين سمعت صوته الغليظ خلفها، مسحت دموعها واستدارت لتنظر له بجفاء، اجابته بهدوء
- بتفرج.

تقدم منها بخطوات غاضبة وقال وهو يجز على اسنانه بحسم حاد
- ملكيش الحق انك تدخلي الاوضة دي
- ازاي؟، تقريباً الاوضة دي معمولة ليا!
ردودها الهادئة استفزته اكثر، اجابها بخشونة
- مش ليكِ، ل لمى اللي كنت بحبها، مش انتِ خالص
اشاحت بنظراتها عنه لتنظر ل اللوحة التي خلفها وتُعلق بسخرية
- طلعت بتحبني اوي لدرجة انك ترسمني في كل اللوحات دي.

اصبح حبه لها يُشعره بالإهانة والخُزي، امسك بإحدى اللوحات وألقاها ارضاً بعنف لتنقسم نصفين، صرخ بها
- اخرجي برة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة