قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا كالجمر بين ضلوعه للكاتبة مي علاء الفصل الثاني

نوفيلا كالجمر بين ضلوعه للكاتبة مي علاء الفصل الثاني

نوفيلا كالجمر بين ضلوعه للكاتبة مي علاء الفصل الثاني

صباح اليوم التالي، في فيلا الأنصاري
- يامن ولمى!، اية اللي رجعكم؟، حصل حاجة؟
اخذت حلا تطرح عليهم اسألتها بقلق فور رؤيتها لهم عند باب الفيلا، نهضت شادية من فوق الأريكة الغالية سريعاً واتجهت للخارج وقد اعتلتها الدهشة حين رأت يامن عائد من السفر!، اقتربت منه وهي تسأله بصوت قلق
- حصل حاجة يا يامن يا حبيبي؟، رجعتوا بالسرعة دي لية؟
ابتسم لهم واجابهم بهدوء.

- محصلش حاجة، بس في مشكلة حصلت في الشركة وكان لازم أرجع
اضاقت شادية عينيها بريبة وهي تنظر لهما، ثم تمتمت بصوت واضح عن قصد
- وغريبة ست هانم رضيت!
ادارت لمى حدقتيها بعدم إكتراث وهي تنضغ العلكة بطريقة مستفزة، تدخلت حلا لتغطي على قول والدتها
- متضايقيش يا لمى، اكيد يامن هيعوضك
ابتسمت لمى لها ابتسامة صفراء قبل ان تقول
- انا هطلع ارتاح شوية
- استني هنا
اوقفتها شادية قبل ان تصعد درجات السلم، اردفت.

- مدام رجعتي هخلي صحابي وجوازتهم يجيوا يعملوا الواجب، فجهزي نفسك
شعرت لمى بأنها تأمُرها بذلك، استدارت وقالت ب نزق
- مليش مزاج، لسة راجعة من السفر.

ثم أكملت طريقها لجناحهما دون ان تكترث بالنيران التي اشعلتها خلفها بكلماتها الخبيثة، رمقت شادية يامن بحدة، لم تنطق بكلمة وعادت لأدراجها السابقة لكنه فهم ما تريده، انها تنتظر رد فعل منه على وقاحة زوجته التي زادت عما سبق، لم يكن ينتظر إشارة من والدته فتصرفها كان مُناقد لِما حذرها منه في طريق عودتهم، انها تتمرد عليه!

دخل يامن للجناح بغضب، اندفع اليها ليقف خلفها وهو يصرخ بها
- مش قولتلك هتتعاملي كويس مع اهلي ومش هتعملي اي موقف يحرجني او يصغرني؟
استدارات لتصبح مواجهة له، رفعت إحدى حاجبيها بإنتقاد بجانب طريقة حديثها العنيدة والمستفزة
- ولية هسمع كلامك!، هتستفاد اية؟، هتطلقني مثلاً!
أجابت نفسها وهي تُحرِك كتفيها بحدة وقد اشتعلت حدقتيها بتحدي
- لا، يبقى اعمل اللي انا عايزاه.

تقدم منها بخطوات غاضبة حتى كاد ان يلتصق بها، لكنها ظلت ثابتة في مكانها، رفعت زاوية فمها بسخرية حين تحدث بأنفاس غاضبة وكلمات حادة
- انتِ يعني فاكرة انك كدة هتلوي دراعي!
قالت لتزيد من حنقه وتستفزه، وقد نجحت
- هتعمل اللي انا عايزاه في الاخر، وهتشوف
جفلت واختنقت حين قبض على عنقها بكفه بغيظ، حاولت التملص منه والتراجع للخلف لكنها فشلت، جذبها له وهو مازال خانقها، قال امام شفتيها بخشونة صاحبت ظلام حدقتيه.

- اللي انا عايزاه هو اللي هيحصل، لو عايز اطلقك هطلقك ومن غير ربع جنية حتى، وصدقيني، لو فضلتي تعاندي فيا لأقتلك وادفنك ومحدش هيقدر يلاقي جثتك حتى
ثم تركها وتراجع للخلف فأخذت تسعُل بقوة، نظر لها ببرود وأضاف بقسوة دون مُراعاة ابداً، رغم ان كل هذا ليس من شيمه ولكنه لن يصبح ضعيف امام متمردة مثلها!
- ولا صحيح محدش اصلا هيدور عليكِ، ما انتِ مقطوعة من شجرة.

التقطت انفاسها وهي تكاد تحرقه بنظراتها النارية اتجاهه، اعتدلت واقفة وتقدمت منه بخطوات غاضبة لتدفعه بقوة لكنه امسك بذراعيها قبل ان تصل اليه، صرخت به بغضب شديد من بين انفاسها المُتقطعة
- مش هتلويلي دراع، انا قوية وكل دة مش هيخوفني، سامع!
جذبها له وهو يبتسم بإستخفاف، اغاظها بقوله المُتحدي
- لا مش سامع!
دفعها وهو يتركها فأختل توازنها لكنها تمالكت نفسها، قال آمراً إياها وهو يتجه للخارج.

- تبقي تجهزي على المغرب كدة عشان الضيوف اللي جايين
ضربت الارض بقدمها بحنق، يكاد ان يحترق داخلها من غيظها، القت بجسدها بعنف على الأريكة وهي تسبه وتتوعد له.

عند خروجه لمح شادية وهي تحاول ان تختبئ من أنظاره فعلم انها كانت تتنصت عليهم، اخفض رأسه بإحباط من كل شيء، جر قدميه ليصل لغرفة مكتبه ويدخلها ليلقي بجسده على الكُرسي بإهمال، اعاد رأسه للخلف وهو يُخرِج تنهيدة تُظهر مدى ثُقِل قلبه، كم يشعر بالخُذي والحزن والغضب كذلك، بداخله نيران تكاد ان تحرقه قبل ان تصل اليها، كم من الصعب عليه ان يصبح قاسي مع من يُحب وان يتعامل بأسلوب لم يكن ليتعامل به يوماً، غضبه يدفعه بل هي تدفعه إلى كسر مبادئه وتحوله لشخص يكره ان يكونه بين ليلة وضُحاها!، لكنها لا تعي لذلك.

انه يتفوه بالكثير دون ان يعلم إذ كان يستطيع فعلاً تنفيذ ما يقوله، هل يستطيع إيذائها!، لم يتخيل يوماً انها ستكون من هذا النوع الأناني، كان سابقاً يفكر فقط بها وكيف يُريد ان يُسعدها وان يعيشا معاً بسلام، لم يكن في حسابنه انقلابها هذا؟

عبِست قسمات وجهه اكثر وهو يفكر بتلك النقطة، لم يُريد ان يجرحها او يؤذيها بأي شكل من الأشكال اما هي فمستعدة لذلك، وهذا هو الفرق بينهما، فهو فقط احبها اما هي!، كانت تراه هدف!

كانت حلا جالسة في الحديقة الخلفية امام حوض السباحة تُدلدل قدميها في الماء المُنعش اثناء قراءتها لإحدى كُتبها المُفضلة.
- هلا
اضطربت دقات قلبها لسماعها اسمها بهذه الطريقة، لم تحتاج إلى ان تلتفت لتعرف من خلفها، فهو الوحيد الذي يُناديها بهذا الاسم ولا تغضب منه!، لم تستدر لتنظر له حتى لا تفضحها عينها التي يصفونها على انها مِرآة لقلبها، قالت بصوت منخفض بالكاد سمعه
- يامن في مكتبه يا وائل.

ابتسم بطريقة جذابة وهو يميل لها ويُخبرها
- فكك من يامن دلوقتي، عايز اقولك ان نفسي اوي اوي في صينية كيكة من اللي بتعمليها يا ست هلا
اندفعت قائلة بإنزعاج وهي ترفع حدقتيها لتنظر له
- هو انا الطباخة بتاعتك!
اتسعت إبتسامته وهو يرد بكلامه المعسول
- اعمل اية الكيكة بتاعتك تحفة ومحدش بيعرف يعملها زيك، وثواني كدة يرضيكي ابن عمك يبقى نفسه في حاجة من ايديك ومتعملهاش!

رمقته بنظرة لم يفهمها ولم يكترث، هزت رأسها وهي تمتمت
- ماشي
أتت شادية من خلفهم ورحبت به بحرارة، بعدها أخذته ليجلسا ويتحدثا عن أمور عدة حتى وصلت للحديث عن فتاته الجديدة
- وها اية اخبار البنت الجديدة؟، هتسيبها امتى
ضحك وائل بقوة واعترف
- انا بزهق بسرعة اة بس مش للدرجاتي، معداش عليها اسبوعين لسة
ضربته على كتفه وهي تضحك وتخبره
- نفسي، نفسي اشوفك مكمل مع واحدة اكتر من شهرين، حققلي الأمنية دي.

عقد حاجبيه بإعتراض قائلاً
- لا صعب الصراحة
نهضت حلا بخفة واختفت من جانبهم لتصعد لغرفتها وهي تشعر بالإنزعاج والإحباط.

طرق وائل على الباب ثم دلف، قال وهو يتقدم ليجلس امامه
- اية يا عم يامن اية المُفاجأة دي؟، ضيعت عليك شهر العسل لية!
رفع يامن رأسه بمهل من بين كفيه لينظر للاخر، قال مُبرراً
- عندي شغل لازم أخلصه
ضرب وائل بكفه على الطاولة بإنفعال قائلاً بإعتراض
- شعل اية بس يا عم انت، شهر العسل اهم دلوقتي
ابتسم يامن وقال
- المهم، جيت لية؟
- امشي طيب امشي؟
نهض وائل وهو يقولها بإنفعال مُمازحاً، ضحك يامن، اجابه الأخر.

- جيت اسلم عليكم وبِما انك رجعت جيت اعرفك ان عيدميلادي هيبقى بعد كام يوم، هتيجي؟
عقد يامن حاجبيه بإعتراض، سأله بفضول
- انت عندك كام سنة يلاا؟
- تسعة وعشرين، لية؟
- حد شحط في سنك يعمل عيدميلاد؟
ضحك يامن وهو بعود بجسده للخلف مُجيباً
- ما انت عارف مش انا اللي عامله، دي حبيبتي الجديدة ومش عايز اكسر بخاطرها، انت عارفة اصلا اني مليش في الكلام الفاضي دة
رمقه يامن بعدم تصديق فضحك الأخر قائلاً.

- طب وربنا ما بحب الحاجات التافهة دي.

اسدل الليل ستائره واتى الضيوف لكن يامن كان يعمل في مكتبه لذا تأخر في النزول قليلاً، حين انتهى من تبديل ملابسه كان قد اتجه للخارج وقابل حلا مع نهاية درجات السلم ويبدو على ملامحها التوتر بجانب احمرار وجنتيها، سألها بإهتمام
- في اية؟، مال شكلك عامل كدة لية؟
نظرت له حلا وقالت برجاء
- انت هتشوف بعينك، بس متتعصبش
شعر بقلق وأخبرته غرائزه ان الامر مُتعلق ب لمى، سألها بريبة
- طب قولي في اية؟

اتاحت له الطريق وأشارت بنظراته للصالون، ف زفر بضيق منها وتخطاها
- السلام ع..
اختفت بقية حروفه وتلاشت إبتسامته المُرحِبة حين وقعت نظراته على لمى بهيئتها تِلك، بملابسها الشبه عارية فهل هذا فستان ام قميص نوم؟!، اشتعلت نيران الغضب بداخله وظهرت في حدقتيه والتي قابلتها هي بنظراتها التي تتراقص بتحدي وخبث.

أستطاع بصعوبة ان يعود طبيعي كما كان ليرحِب بهم وينضم لجانب لمى مُتجاهلاً نظرات والدته الغاضبة، انشغل البقية في الحديث بينما وضع ذراعه حول خصرها من الخلف هامساً في اذنها بحرارة انفاسه
- اية الهباب اللي انتِ لابساه دة!
نظرت له بطرف عينيها وهي تبتسم بمكر، سألته لتُثير أعصابه
- عجبك؟

ضغط بأصابعه على خصرها جعلتها تتألم وكادت ان تُخرج تأوهاً لكنها منعتها في اخر لحظة، حافظت على ابتسامتها وتحديها، وسألته بإستنكار ودي
- بقيت عنيف اوي لية؟
ثم نظرت للضيوف وتابعت مُدعية البراءة والسلام
- ومش انت طلبت مني انزل للضيوف؟، اهو نزلت وعملت اللي انت عايزه.

وجه إحدى الجالسين حديثه إلى يامن فأنشغل عنها لدقائق، بعد انهى حديثه، أخذ يدها بين كفه ونهض لتنهض معه مُستأذناً من الجالسين، صعد بها درجات السلم بخطواته السريعة فتذمرت
- براحة انا لابسة كعب وهقُ..
قبل ان تُكمِل كان قد حملها بين ذراعيه واكمل صعوده، القى بها على الفراش فور دخوله لجناحهما وقبل ان تُبدي اي رد فعل كان قد سبقها وبدأ في توبيخها بغضب جامح.

- اية اللي انتِ بتحاولي تعمليه دة؟، دي طريقتك يعني! الطريقة الرخيصة دي طريقتك؟، انا مش فاهم بتعملي كدة لية؟، يعني فاكرة اني بتصرفاتك دي هطلقك؟، والله لو عملتي اية ما هتنولي اللي انتِ عايزاه
قهقهت فجأة وهي تعود لتجلس، ومع نهاية ضحكاتها قالت ببساطة
- ممكن اخلعك، سهلة جداً
تقدم منها وقال بنبرته الحادة الواثقة.

- مش هتعمليها عشان فلوسي اللي اتجوزتيني عشانها، لو خلعتيني يبقى دخلتي في لعبة انتِ الخسرانة فيها
نهضت بثبات وهي ترفع رأسها بشموخ، اخبرته بفم مُمتلأ بالثقة
- انا مبخسرش، وهطلع من هنا وانا مطلقة منك ومعايا فلوسك
قطعت تلك المسافة بينهم لتستند على عضلاته القوية البارزة وتنظر لعينيه مُباشرةً بخضار حدقتيها، شعرت مرة اخرى بتأثيرها عليه رغم محاولته الظاهرة لمقاومتها، قالت امام شفيته التي تلمستها شفتيها.

- كفاية تحاول تصتنع كرهك ليا وانت لسة بتحبني، متحاولش...
ابتلع بقية كلماتها حين قبلها برغبة، فهي مُحقة، لم يستطع ان يقاومها او يمنع قلبه عن النبض لحبها، تسللت يده لذلك الخيط الرفيع المُلتف حول عنقها ليشده وينسدل من فوق جسدها بنعومة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة