قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا كالجمر بين ضلوعه للكاتبة مي علاء الفصل الثالث

نوفيلا كالجمر بين ضلوعه للكاتبة مي علاء الفصل الثالث

نوفيلا كالجمر بين ضلوعه للكاتبة مي علاء الفصل الثالث

فجأة ابتعد عنها وكأن أفعى لدغته، لا يصدق انه كاد ان يقع في فخها مرة اخرى!، نظر لها ولجسدها يإشمئزاز حقيقي وشعور الخُزي من نفسه يُلاحقه، اهو يرغب بها لهذه الدرجة حتى ينسى كبريائه التي جرحته بقلب جاحد!، تبدلت قسمات وجهه للجمود، لواها ظهره واتجه للخارج.

صُدمِت لمى من رد فعله، كيف استطاع دفعها هكذا رغم رغبته بها؟، لن تُنكر بأنهُ صدمها حين رفضها، كانت تعتقد انها ستربحه بسهولة!، استيقظت من صدمتها حين سمعت صوت إدارة المُفتاح من الخارج، هل يأسرها الان؟، اسرعت لتطرق على الباب بحدة وهي تسأله بنبرة حادة
- بتعمل اية!، مش هتحبسني هنا اكيددد!

لم تسمع اي رد منه فقد ذهب، حقا!، ضربت الباب ضربات مُتتالية بكفيها بقوة آلمتها، سبته ولعنته وهي تعود للفراش وتلتقط فستانها بغيظ.

ظُهر اليوم التالي
ظلت لمى تطرق على الباب اكثر من ربع ساعة حتى أتت الخادمة لتفتحه، كانت خلفها شادية التي سألتها بشك
- مال الباب مكُنتيش عارفة تفتحيه لية؟
كذبت لمى وهي تُجيب بدلع
- كنت عايزة أتدلع على حبيبي يامن فقفلت الباب ونسيت حطيت المُفتاح فين، وهو أتأخر عليا
واردفت وهي تخرج
- اكيد خلصتوا الفِطار
لم تُجيبها شادية وتركتها، نظرت لمى للخادمة وسألتها
- فين يامن؟
- راح الشركة.

اومأت برأسها واتجهت للأسفل حيث يوجد المطبخ، نظرت ل حلا نظرة عابرة وهي تتجه للثلاجة، سألت الاخيرة
- بتعملي اية في المطبخ يا حلا؟
اجابتها حلا وهي تُقطع الفاكهة
- هعمل كيكة ل وائل
اخرجت لمى رأسها من الثلاجة وهي تنظر ل حلا بخبث، قالت
- اهااا، ل وائل
وضحت حلا سريعاً
- هو طلب مني اعمله واحدة عشان بيحبها
وضعت لمى طبق العنب على الطاولة واتجهت ل حلا لتهمس في اذنها
- وانتِ بتحبيه.

عاتبتها حلا بنظراتها الخجلة، ضحكت لمى وقالت
- يلهوي وشك بقى طماطم خلاص
ثم أردفت بخفوت
- بس باين عليكِ اوي
سألتها حلا بتوتر
- عرفتي منين؟
- ما انا قولتلك، باين عليكِ اوي، بس اتأكدت يوم فرحي
اقتربت منها حلا وطلبت منها برجاء
- بس متقوليش لحد لوسمحتي
- عيب عليكِ اقول لمين بس
واتجهت لتجلس على الكُرسي واخذت تتناول العنب بإستمتاع.

انهى يامن نصف عمله وعاد للفيلا، فلم يستطع ان يُكمل بسبب الصداع الذي يُلازمه منذ الصباح، حين عاد اتجه لغرفة مكتبه مُباشرةً والتي يكاد ان يستقر بها ليبتعد عن لمى بقدر المُستطاع، دلفت شادية به بعد دقائق ومعها دواء لتخفيف الصداع، ناولته اياه وجلست امامه صامتة.
- قولي يا ماما في اية
طلب منها بعد ان ابتلعت الدواء، اندفعت للأمام وكأنها كانت تنتظر مُلاحظته لرغبتها في الحديث، سألته بريبة.

- هو انت ولمى متخانقين؟، او في حاجة حصلت ما بينكم؟
عقد حاجبيه ليسألها بدوره
- لية بتقولي كدة؟
- اصلي شوفتك الصبح وانت نايم على الكنبة هنا، ودة شيء غريب بالنسبة لواحد لسة متجوز من يومين!
ضحك وقال مُمازحاً
- اية يا ماما بقيتي مُحللة من امتى؟
اضافت وقد لمعت عينيها بفضول
- ليكون اتخانقت معاها عشان الهباب اللي كانت لابساه امبارح؟
تنهد والتقط كفها من فوق الطاولة ليقبله ويقول بعدها بهدوء ليُريحها.

- ايوة خناقة بسيطة متقلقيش، بس نمت هنا من التعب مش عشان متخانقين او حاجة
هزت شادية رأسها برضا ف في النهاية قام بتوبيخها على تصرفها الطائش، سحبت يدها وقالت وهي تنهض
- طب يلا اطلع خُد حمام سُخن كدة وانزل عشان نتغدا
انهت قولها ووجدت لمى تدلف لمكتبه دون ان تطرق الباب، تقدمت منهم وهي تُناديه بدلع مُصطنع
- حبيبي
نهضت شادية وغادرت بوجه مُنزعج، استقرت لمى بجانبه لتستند بجسدها على الطاولة، سألها بإقتضاب
- نعم؟

حدقت به بحنق ظهر بعض الشيء في نبرتها
- مشوفتكش من امبارح، شكلك نسيت انك قفلت عليا الباب
- لا منستش، انا سيبتك عن قصد
ابتسمت ب نزق ونظرت خلفها لتلتقط ذلك الإطار المقلوب، لقد كانت صورة خُطبتهما، اعادتها مكانها وسألته بفضول
- انت لية مسألتنيش عن اللي حصل؟، من تلت سنين؟
فتح جفونه المُغلقة ونظر لها بطرف عينيه، اجابها بصوت مُرهق
- مش عايز اعرف، مش هيفرق حاجة لو عرفت.

ثم نهض ليتخطاها ويتجه للباب، اوقفته بقولها المُنفعل
- هو الموضوع سهل اوي بالنسبالك؟، لو واحد غيرك كان رمي يمين الطلاق على طول
تنفس بقوة واستدار بنصف جسده ليرد
- ولو واحدة غيرِك كانت هتبقى مكسوفة من عملتها وتطلب اني استر عليها
ضحكت بسخرية من قوله والذي تبعته بقولها الشرس
- انت عايز كدة يعني؟، فاكرني هبوس ايدك عشان تستر عليا؟، مستحيل
اردفت وهي تتقدم منه رافعة رأسها للأعلى.

- عُمري ما هقبل أكون في وضع الضعيف قدامك او قدام اي راجل
لم يكترث لقولها واستدار ليغادر، تاركاً إياها في الغرفة بمفردها، مررت لمى أصابعها بين خصلات شعرها البُنية بحدة وخرجت.

اتى وائل بعد انهوا تناول الغداء، كانت حلا في غرفتها فلم تعلم بوصوله لذا صعدت لها لمى وأخبرتها
- تعرفي مين تحت؟
علِمت حلا فوراً انه هو الذي بالأسفل، فالنظرة التي تتراقص في حدقتي لمى أخبرتها بذلك، نهضت بتوتر وقالت
- طب ثواني اغير لبسي، ولا، ولا انزل كدة؟
- انزلي كدة عادي
اومأت حلا برأسها وأسرعت للأسفل، قابلته عند نهاية درجات السلم وفور رؤيته لها اخبرها وهو يبتسم
- كنت لسة هجيلك، ها عملتيلي الكيكة؟

اومأت برأسها وهي تتجه للمطبخ فأتبعها، قال لها بتلقائية
- لازم تديني الوصفة عشان اديها لحبيبتي
تخطت قوله بل تجاهلته تماماً، وصلت للثلاجة وأخرجت ما طلبه منها بينما كان يُكمِل حديثه بحسن نية
- تعرفي صحيح اني دوقت ملك منها وعجبتها اوي، عشان كدة طلبتها منك تاني في الوقت القصير دة
صُدِمت من قوله وظلت ثابتة للحظات تستوعب ما قاله، اعادت الكيكة للثلاجة واعتدلت لتنظر له بعتاب
- انت طلبت مني اعملهالك عشانها؟

ابتسم واجابها ببساطة
- ايوة، بجد عجبتها جداً
اغلقت باب الثلاجة بحدة وقالت بحزم وهي تتخطاه
- متطلبش اعملك حاجة تاني
- لية عملت اية؟
لم يفهم سبب تصرفها وإنزعاجها، هل اخطأ بشيء؟، ظل واقفاً للحظات كالأبله يحاول فهم ما حدث.
كانت لمى تقف في الخفاء في الخارج، رأته وهو يُغادر المطبخ، ابتسمت وهي تُتمتم
- غبي.

مساءً
ظل يامن يعمل لوقت مُتأخر حتى يصعد ويجدها نائمة، وقد حدث ما اراده، بدل ملابسه وذهب ليستقر بجانبها على الفراش، كان ينظر للهاوية بشرود دون ان يفكر بأي شيء، يُريد فقط ان يسترخي لكن تململها بجانبه منعه، حرك رقبته لينظر لها ويراقبها بعيون اظلمت تدريجياً بحزن ليجرفه عقله لتفكيره المُرهق.

أتعلم هي كم حلِم بإجتماعهم في غرفة واحدة والعيش معها؟، كم كانت السعادة تغمره حين يكون بجانبها فقط، أما الان؟ فروحه تتعذب بسببها وأكثر ما يُعذبه عدم اكتراثها.
مد يده ليُبعد خُصلاتها المُتمردة خلف اذنها بخفة وتلمس وجنتها بإبهامه وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة صغيرة لم يشعر بها، فمازال قلبه ينبض لها.

اليوم التالي
دلفت لمى لغرفة حلا، كانت الاخيرة مُنشغلة في قراءة كتابها، انزلت كتابها لتنظر للأُخرى وتسألها
- في حاجة يا لمى؟
جلست لمى على الأريكة وسألتها
- هتيجي عيدميلاد وائل النهاردة؟
اعتدلت حلا فور ذكرها ل اسمه وسألتها بدهشة
- عيدميلاده؟، النهاردة هيعمله؟
- ايوة، امبارح عزمني انا ويامن وقال اقولك
ظهر التردد في حدقتي حلا فشجعتها لمى
- هتيجي وهنتبسط اوي، هتيجي انا قررت.

ابتسمت حلا واومأت برأسها بسعادة، ثم عبست وهي تُفكر بصوت مُرتفع
- طب هجيبله هدية اية؟
- يلا ننزل ونشوف هنجيبله اية، اجهزي يلا.

اسدل الليل ستاره
توقف يامن خلف لمى الجالسة امام مُنتضدة الزينة تتزين، اعترض بشيء من الحدة
- اية كل اللي انتِ حاطاه على وشك دة؟، امسحيه
نظرت ل صورته المُنعكسة على المرآة قائلة بإمتعاض
- امسحه!، مش حاطة كتير
انتقل للجزء الاخر مما لا يعجبه
- وكتفك دة هتغطيه ولا هتسيبيه كدة!
رفعت الشال الموضوع على قدميها لتُريه اياه، فغمغم وتركها ليُكمل ارتداء بدلته، عاد ليخبرها بحزم
- خففي اللي في وشك وإلا...

وجدها تنهض لتغادر راكضة للخارج وتذهب ل غرفة حلا، فهكذا لن يستطيع إجبارها وقد فهم سبب تصرفها، انها تأخذ الطريق الأسهل.

ترجل كُلاً من لمى و حلا امام النادي بينما ذهب يامن ليصِف السيارة، كانت حلا تشعر بالتوتر وهي تخطو خطواتها الاولى لداخل القاعة، وفي نفس الوقت كانت تشعر بالحماس والسعادة لرؤيته لكن كل ذلك قد تلاشى وحل محله الحزن والضيق حين رأته يتقدم منهما والفتاة الجديدة ملك تتأبط ذراعه بتملك، ضغطت لمى على يدها وهي ترمقها بحدة حتى لا تُظهر حسيتها هذه الطريقة، فرفعت حلا رأسها مرة اخرى وحاولت ان تصبح طبيعية.

- ياااه وانا بقول القاعة نورت لية؟، مبسوط انكم جيتوا
قالها وائل ثم نقل نظراته ل حلا ليخبرها براحة
- كنت فاكرِك مش هتيجي لانك مضايقة مني، بس جيتي
قبل ان ترُد كانت قد تدخلت ملك وشكرتها، او مثلت ذلك
- صحيح شكرا جدا جدا على الكيكة كان طعمها تحفة، انا اللي خلصتها تقريباً
وضحكت، فإبتسمت لها حلا كمجاملة وتمتمت
- صحة على قلبك
ثم تركتهم واتجهت لإحدى الطاولات لتجلس، طرح وائل سؤاله على لمى
- اومال فين يامن؟

- بيركن العربية وجي
أومأ برأسه واتجه لأصدقائه الذين نادوا عليه، اقتربت لمى من ملك وقالت بغموض ونبرة خافتة بجانب اذنها
- متتعبيش نفسك على الفاضي عشان بالحالتين انتِ الخسرانة
تبعتها ملك بنظراتها وهي تتخطاها وتذهب لتجلس بجوار حلا، هي لم تفهم ما قالته، لكنها شعرت بعدم الارتياج والحنق.
بعد ان انهى وائل خِطابه وشكر الجميع، أصرت ملك على ان يفتح الهدايا قبل ان تُحضر الكعكة، ففعل ما ارادته حتى لا يُحزنها.

- الهدية هتعجبه؟
وجهت حلا سؤالها القلق ل لمى التي لم تسمعها حتى، فقد كانت الاخيرة مُنشغلة بمتابعة ذلك النادل بعينيها، وحين تلاقت عينيها بعيني الاخير وجدته يُسرع للخارج بتوتر فنهضت ولحقت به بخطوات سريعة.
- مالها لمى راحت فين؟

طرحت حلا سؤالها على يامن وهي تعقد حاجبيها، كان الاخير قد لاحظ تصرف لمى واهتمامها الغريب بذلك النادل ومراقبتها له، وقد اصابه الشك حين نهضت بتلك الطريقة، فهل من الممكن ان يكون ذلك النادل هو...

لم يُكمِل تفكيره حتى فقد نهض ليلحق بها، أتت حلا ان تلحق بهما لتعرف ماذا يحدث لكن إعلان وائل بشروعه لفتح هديتها منعها، عادت لمقعدها وقد عاد لها توترها لكن سُرعان ما اختفى حين لمعت عيني وائل واتسعت إبتسامته لرؤيته لما أحضرته له، شكرها بحرارة فأخفضت رأسها بخجل.
- استنى دة في رسالة كمان
قالتها ملك وهي تلتقط الرسالة من نهاية الصندوق، رفعت حلا رأسها وشعرت بالحيرة فهي لم تضع أي رسالة، نظر لها بحماس وقال.

- اول مرة تعمليها يا بنت عمي، ياترى فيها اية؟
ثم بدأ في قراءتها بصوت مُرتفع
كل سنة وانت طيب يا وائل، اتمنى العيدميلاد الجاي أكون فيه جمبك وتكون شوفت حبي ل...
اختفى صوته حين ادرك ما يقرأه وتغيرت قسمات وجهه وهو يُكمِل قراءة الرسالة يعينيه
، حبي ليك، نفسي اليوم دة يجي وتقدر تُدرِك مُعاملتي الخاصة معاك، تقريباً انت الوحيد اللي مش ملاحظ عشان كدة قررت اعترف النهاردة واقولك اني بحبك من تلت سنين.

صُدِمت حلا من قرائته الأولى وكذبت أستنتاجها، تسارعت ضربات قلبها بخوف وهي تراقب ملامح وجهه التي تغيرت، فهل استنتاجها صحيح؟، هل تلك الرسالة اعتراف بحبها؟، لكن كيف؟، هي لم ولن تتجرأ لفعل شيء كهذا، نهضت بتوتر حين وجدته يتقدم منها
- الرسالة دي مش م...
ابتلعت بقية حروفها حين سحبها من ذراعها بغير رفق للخارج، اخذها لمكان بعيد عن الأنظار وأعطاها الورقة بحدة
- اية دة؟

اخذتها بيد مُرتجفة لتضعها امام ناظريها وتقرأها بصدمة، لم تستطع ان تتحمل هذا الموقف الذي وضِعت فيه الان لذا سالت دموعها من فرط خجلها وتوترها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة