قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا كالجمر بين ضلوعه للكاتبة مي علاء الفصل الأول

نوفيلا كالجمر بين ضلوعه للكاتبة مي علاء الفصل الأول

نوفيلا كالجمر بين ضلوعه للكاتبة مي علاء الفصل الأول

جالسة امام المرآة ب فستانها الأبيض المُصمم خصيصاً لها، تنظر لصورتها المُنعكسة بإنتصار وفخر، فقد حققت مُبتغاها وتزوجت من رجل غني يُغنيها، نعم، هي لم تهتم يوماً بمن ستتجوز، ما كان يهمها هو الزواج من رجل غني، وقد حققت ذلك بكل سهولة، لم تتوقعها.
- لمى
اتى صوته السعيد الهامس من خلفها، فأستدارت وهي تنهض لتتقدم منه بخطوات هادئة، قالت بسعادة حقيقة ورضا
- الفرح كان تحفة، كل حاجة تحفة تحفة.

انعكس بريق ابتسامتها فوق شفتيه ليبتسم، التقط يديها الناعمتين بين كفيه بحنان، تقدم من اذنها وهمس بجانبها
- يارب اقدر ابسطك كدة دايماً
ثم عانقها بشدة، عناق رغب فيه منذ وقوعه في حبها، بادلته عناقه على مضض وهي تجول بنظراتها حولها بملل، تعرف انه يحبها وبشدة، وهذا ما ارادته لتصل ل هُنا.
أبعدته قليلاً لتسأله بفضول
- كل المعازيم مشيوا خلاص؟!
أومأ برأسه مُجيباً على سؤالها، وأضاف بحماس.

- جاهزة نتحرك؟، الطيارة بعد كام ساعة
- طبعاً جاهزة
قالتها وهي تبتعد عنه لتأخذ حقيبة سفرها، اسرع وأخذها منها
- لا انتِ ارتاحي، هنادي اي حد من الخدم عشان ياخدوهم
منحته ابتسامة صغيرة قبل ان تُمسك بكفه ويسيرا معاً للخارج، كم تشعر بالراحة بأن اليوم لن يُعكر، لذا ستستمتع به لنهايته، حتى انها قبلت يد والدته شادية قُبلة الوداع، فحين تعود للفيلا مرة اخرى لن يكون هُناك داعي للتودد لأحد.

مغرب اليوم التالي -في فرنسا-
تأففت لمى بضجر وهي تضربه للمرة الاخيرة صارخة
- اصحى بقى، عايزين نخرج، دة انت من اول ما جينا من السفر نايم
أردفت وهي تميل عليه بدلع
- يلا بقى انا زهقانة وعايزة اخرج يا حبيبي
دوت ضحكاتها حين عانق خصرها بذراعيه لتسقط فوقه، قال بصوت أجش ناعس
- عايزة تخرجي؟
- اوووي
اجابته بحماس، كتمت صرختها حين أدراها ليصبح فوقها، وضع خصلات شعرها المتمردة خلف اذنها بلطف مُصاحباً قوله الخبيث.

- عنيا، هخرجك خروجة احلى
فهمت مقصده فعقدت حاجبيها بإعتراض قائلة
- بس..
ابتلعت باقي حروفها عنوة حين قبلها، أبعدته بخفة لتنظر لظلام حدقتيه، سألته بخفوت لتُطمأن نفسها
- هتفضل تحبني؟!
استنكر سؤالها، كيف تسأله سؤال غبي كهذا!، اجابها بنظراته التي تُظهر مدى عشقه لهذه المرأة، اجابها بقبلته الثانية الحانية لها، فأستسلمت له.

في مصر، فيلا الأنصاري
نهضت شادية لتصعد السلالم وتتجه لغرفة ابنتها حلا، لم تستطع ان تظل طوال اليوم صامتة ولا تتحدث عن الامر ذاته، وقد علِمت حلا ذلك حين رأت والدتها قادمة لها بنفسها.
- أبوس ايديك يا ست الكُل ابعدي عن راسي بالموضوع اللي مش بيخلص دة
رمقتها شادية بعتاب وتحدثت بصوت مُثقل
- انا مش مرتاحة، قلبي واجعني يا حلا على اخوكي، اكتم جوايا وأموت بحسرتي!

تنهدت حلا وهي تلتقط كف والدتها وتُربت عليه اثناء إقناعها بكلِماتها البسيطة
- يا ماما يا حبيبتي، يامن كبير، كبير العيلة ومدير شركة كبيرة، ازاي تقلقي عليه!، وهو زمانه في شهر العسل دلوقتي ومبسوط، فأدعيلهم بقى
- انا واثقة في ابني، بس مش واثقة من اختياره للبنت دي
علقت حلا بحسن نية
- اسمها لمى
رمقتها شادية بإنزعاج فصمتت، نهضت الاخيرة وقالت بغضب وهي تغادر
- انا الغلطانة اني جاية افضفض مع عيلة
استنكرت حلا قولها.

- عيلة!، انا عندي ٢٣ سنة يا ماما.

في فرنسا
أُضيأت انوار الغرفة من جديد، ابتعد يامن عنها وعلى وجهه ملامح الصدمة، تراجع وهو يُحملق بها بعيون غير مُصدقة لما يحدث الان!، فرق شفتيه ليُخرج حروفه التي أُلجِمت للحظات طويلة.
- ان، تِ!، ان..
كان من الصعب عليه نُطقها، لواها ظهره مُحاولاً جمع شتات نفسه، عاد ليستدير بنصف جسده لينظر لها بعيون مُهتزة قلقة.

ظلت لمى قابعة في مكانها، لم تتحرك إنش، تنظر للسقف بملامح جامدة، تستعد لمواجهة تعلم انها الفائزة بها، رفعت رأسها ليتناثر شعرها البُني على كتفيها، التقطت قميصه بعشوائية لترتديه بمهل شديد.
عقد يامن حاجبيه مُحاولاً فهم سبب برودها الغريب والمُفاجئ، طالبها بتفسير
- مش هتقولي حاجة؟

رفعت حدقتيها لتستقر عليه بنظراتها الخالية من اي تعبير، كان ينتظر تبريرها والذي لم يخطر في باله ابداً ان تُبرر ذلك ببساطة شديدة دون اي خجل او دموع حتى!، كم كانت وقحة جاحدة حين اخرجت حروفها بتلك السهولة
- غلطة، كانت غلطة من تلت سنين.

شعر لوهلة انه لا يعرفها، لا يعرف تلك المرأة التي امامه الآن، هز رأسه بقوة غير مُصدقاً لأي شيء، تراجع للخلف ثم استدار، التقط كنزة له من الخزانة واختفى من امامها، بل غادر الفُندق كله.

بعد مغادرته، نهضت لمى لتقف امام المرآة وتنظر لصورتها المنعكسة وهي تشعر بالفخر لمدى ذكاءها، فكما توقعت ل ردة فعله قد حدث، انه ضعيف امامها بسبب حبه وهُيامه بها، كانت هذه بطاقة رابحة بالنسبة لها وستظل، أصبحت تُدندن وهي تخطو خطواتها المرحاض لتغتسل.

القى يامن بجسده على الكرسي الخشبي المستقر بجانب الفندق، اخرج تنهيدة عميقة وهو يرمش بجفونه مُحاولاً ترتيب أفكاره المُبعثرة واسألة كثيرة عصفت في رأسه معاً، هل أحبته حقاً أم تزوجته لتغسل عارها!، لا يعتقد ان اي إحداهم حقيقي، ف نظراتها وأسلوبها لا يُشيران لذلك حتى، لم تُظهر اي ندم، بل كانت تنظر له بوقاحة وجُرأة وكأن ذلك شيء طبيعي!

يبدو انها هذة خطتها منذ البداية، ألم تشعر بالخوف او الخجل منه حين يكتشف حقيقتها! أم انها كانت تراه سهل لتلك الدرجة!، أوصله عقله لتلك النقطة البغيطة، والتي لم يستطع ان يتحملها، فز من مكانه وعاد للفندق حيث جناحهما واقتحم الغرفة بطريقة عنيفة.
توقف في المنتصف ينظر لِما تفعله، لماذا تأخذ حقيبة سفرها!، هل هي تهرب الآن!
- رايحة فين؟
سألها بحروف مازال تأثير الصدمة عليها، توقفت امامه بثبات واجابته بهدوء.

- هرجع مصر
واضافت وهي تتخطاه
- وهستنى ورقة الطلاق
- طلاق!
كرر بسخرية وهو يرفع زاوية فمه، كل شيء يوضح امامه ببطء، استدار وجذبها من ذراعها بعنف لتواجهه.
- هو بالبساطة دي!
رفعت لمى نظراتها الباردة كبرود الثلج له وقالت بسلاسة
- ايوة، ننهي كل حاجة بالمعروف، انت بتحبني ومش هتجبرني اني اكمل معاك اكيد.

ثم عانقت وجهه بكفيها بنعومة، فهي تعلم تأثيرها عليه جيداً، تستطيع إقناعه بأي شيء تريده ببعض من النعومة والدلع، اضافت بصوت ودي
- صح؟!
كاد للحظة ان يقع في كمينها من جديد، لكنه الان اصبح يرى الجزء المُظلم بداخلها، اصبح يستطيع ان يرى الخبث الكامن في حدقتيها والذي لم يلاحظه يوماً، فأصبح يتسائل، كيف يتحول نعيم عينيها الى جحيم!

دفعها يامن بعيداً عنه، كم يشعر بالغضب من محاولتها لإكمال إستغلاله لأنه يحبها فقط!، رفع إصبعه مُحذراً إياها بصوت غاضب
- متحاوليش تستغليني، مش معنى اني بحبك يبقى هنفذلك اللي انتِ عايزاه على حساب خسارتي
حاولت إقناعه لكن طريقتها كانت خاطئة والتي اكتشفت بعدها انها كانت مُخطئة في توقعاتها بشأنه
- انت خسرت كتير، مجتش على اخر خسارة يعني، وخليني أعيش بسلام
تهكم على قولها بنبرة حادة.

- تعيشي بسلام!، هو انا طيب ولا غبي اوي كدة عشان تفتكري اني هسيبيك بالسهولة دي!
تنهدت بضجر وهي تُسقِط قِناعها، فهي لن تخسر امامه، هي التي ستربح في هذة القصة، لذا أظهرت حقيقتها بطريقة وقحة، كم بدت مادية حقيرة امامه.

- بص، انا اتجوزتك عشان فلوسك، استحملت افضل معاك سنة كاملة عشان بس أوصل للنقطة اللي واقفين فيها انا وانت دلوقتي، عمري ما حبيتك ولا هحبك، بس خليتك تحبني بسهولة، وخلينا صريحين مع بعض، انت موقفك ضعيف قدامي، فطلقني عشان نخلص.

كان وقع كلماتها على قلبه شديداً، لقد مزقته بخناجر دون الشعور بالذنب، ظل صامتاً للحظات، فأبتسمت بسخرية واتجهت للباب لتغادر، وحين وصلت للاخير وجدته يصفق الباب ليمنعها من الخروج وكاد ان يُغلقه عليها، صرخت به
- انت اتجننت!
اختفى صوتها تدريجياً حين وقعت نظراتها عليه، شعرت وللمرة الاولى بشيء غريب فيه، شعرت بهالة غريبة حوله، لم ترى هذا الغضب القادح في عينيه من قبل، انه جانب جديد ولأول مرة تراه فيه.

تقدم يامن منها بخطوات حازمة، جذبها في غير رفق ليلقي بها على الأريكة بعنف، مال قليلاً ليصبح قريباً من مستواها، قدحت عينيه بغضب مخيف مُصاحب لقوله
- مش انتِ همِك الفلوس؟ واتجوزتيني عشان فاكرة اني هطلقك وهسيبك تاخدي فلوسي بالسهولة دي!، تكوني غبية لو فكرتي كدة، زي ما انتِ ليكي وشين انا ليا الف، قلبي اللي حبك وكان همه كله يفرحك هدوس عليه وهعرف اعمل كدة كويس
رفع زاوية فمه بسخرية وهو يُردف بثقة.

- متفتكريش ان حبي ليكي هيضعفني، ولو في يوم كنت بتنازل عن حاجة عشانك دة عشان كنت بحبك اما دلوقتي!
ظهر بغضه لها في حدقتيه وهو يجز على اسنانه مُضيفاً
- دلوقتي انا عايز اخنقك، اموتك اضربك، بس مش من مبادئي اني امد ايدي على واحدة، بس ورحمة أبويا ما هسيبيك تتهني، لخليكِ تندمي على اليوم اللي فكرتي فيه اني واحد سهل تضحكي عليه، انتِ لسة متعرفنيش
اشتعلت حدقتي لمى بشراسة وهي تُخبره
- ولا انت تعرفني.

هز رأسه برضا قائلاً بخشونة
- طب حلو، يبقى هنعرف بعض كويس في الفترة الجاية
ثم ابتعد عنها وقال بجفاء
- يلا قومي عشان هنرجع مصر.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة