قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا كابوس عشق للكاتبة شاهندة كاملة الفصل الثالث

نوفيلا كابوس عشق للكاتبة شاهندة كاملة الفصل الثالث

نوفيلا كابوس عشق للكاتبة شاهندة كاملة الفصل الثالث

دلف عاصى إلى منزل حمويه بقلب يرتعش خوفا، أسرع إلى (منال)ما إن رآها، قائلا بقلق:
-خير ياطنط؟عشق مالها؟

قالت (منال) بسرعة:
-اهدى ياعاصى، إطمن ياحبيبى، عشق كويسة ومفيهاش أي حاجة.
قال( عاصى )برجاء:
-عشان خاطرى ياطنط، متخبيش عنى حاجة وقوليلى عشق فيها إيه؟
إبتسمت (منال) قائلة:
-والله هي كويسة وزي الفل، بعد ماكلمتك وقلتلك انها أغمى عليها، جبنالها الدكتورة وطمنتنا فكلمتك تانى عشان أطمنك بس انت مردتش.

مرر يده فى شعره بتوتر قائلا:
- نسيت التليفون فى المستشفى من لبختى..
ثم زفر مستطردا:
-طيب إيه سبب الإغماءة دى؟

كادت (منال) أن تخبره ولكنها آثرت أن يسمع ذلك الخبر من إبنتها (عشق)، لتقول بإبتسامة غامضة:
-شوية ضعف، وبعدين بقى، إحنا لسة هنتكلم، إنت تطلع لعشق تصحيها وهي تحكيلك على ماأحضرلك لقمة تاكلها، تلاقيك مكلتش حاجة من الصبح.

قال (عاصى):
-متتعبيش نفسك ياطنط، مليش نفس.
قالت (منال) بحنان:
-هتاكل يعنى هتاكل، عمك محسن جاي فى السكة هتاكل معاه، وأكيد هيفتح نفسك.

إبتسم (عاصى)إبتسامة باهتة وهو يومئ برأسه قبل أن يتجه إلى غرفة (عشق)، تتابعه عينا(منال)فى شفقة قائلة:
-ياحبيبى ياابنى، لو تعرفى ياعشق جوزك بيحبك أد إيه، مكنتيش زعلتيه ساعة واحدة.

لتظلل إبتسامة ثغرها وهي تستطرد قائلة:
-بس المفاجأة اللى محضرهاله أكيد هتسعده وهتخلى الدنيا مش سايعاه من الفرحة، ربنا يسعدكم ياولادى.

الإشتياق لك كالنار تسري فى جسدي، بلهيبى أتلظى..
بداخلى آلاف النبضات تخشى فراقا عليه لا أقوى
قد تغير كونى فى عشقك، فأصبح ليلى نهارا والنهر بحرا لا يفنى
لن أقبل بجحيم الفراق، بل حتى فى أحلامك سأبقى
سأمحو المسافات بيننا، وبغير وصالك حبيبى لن أرضى.

دلف (عاصى )إلى الحجرة، ثم أغلق الباب خلفه بهدوء، يقترب من سريرها ببطئ، يتأمل تلك النائمة بشوق سارع من دقات قلبه، رفع يده تجاه خافقه يربت على هذا القلب العاشق الذى يؤلمه شوقه إلى محبوبته.
تبا، لقد أضناه فراقها وجعله لايستسيغ نوما ولا طعاما، يعيش كالموتى ينتظر أن يحييه لقاء نصفه الآخر، عشقه.

ولقد كاد أن يموت قلقا حين أخبرته حماته بأنها مريضة، لا يدرى كيف وصل إلى الضيعة يقود سيارته بسرعة جنونية قد تودى بحياته ولكنه أبدا لم يأبه أو يهتم، وحتى بعد أن أخبرته والدتها بأن حبيبته بخير، لم يثلج هذا الخبر قلبه، فلم يكن ليثلج قلبه سوى رؤيتها أمامه كما هي الآن سالمة، جلس إلى جوارها، مد يده يزيح خصلاتها الحريرية عن جبهتها برقة يرجعها خلف أذنها، تململت تردد إسمه فى نومها فإبتسم هامسا:.

-قلب عاصى وروحه.

فتحت عيونها ببطئ فرأته يطالعها بعشق، إبتسمت قائلة بهمس:
-عاصى، وحشتنى ياحبيبى.
رفع يدها إلى شفتيه يطبع قبلة بطيئة على كفها قائلا:
-انتى كمان وحشتينى أوى.
إعتدلت بسرعة وعيناها تتسعان بقوة قائلة:
-إنت هنا بجد، يعنى أنا مش بحلم؟
قرص وجنتها بخفة، بحركته التى تعشقها، تتسع إبتسامته لتظهر نواجزه قائلا:
-مبتحلميش ياعشق، أنا هنا بجد.
إرتمت بين ذراعيه على الفور، تضمه بقوة قائلة:.

-أنا بحبك أوى ياعاصى، عشان خاطرى متزعلش منى.

ضمها إلى صدره بحنان يود لو أسكنها ضلوعه، يغمض عيناه وهو يستنشق رائحتها التى إشتاق إليها بقوة، قائلا:
-أنا عمرى ماأزعل منك ياعشق، إنتى روحي، نصي التانى، إنتي نفسي ياحبيبتي.

خرجت من بين ذراعيه تطرق رأسها بخزي قائلة:
-بس أنا زعلتك كتير وانت إستحملتنى...
قاطعها وهو يرفع ذقنه بإصبعه قائلا:
-متقلبيش فى اللى فات، أنا عن نفسى نسيته، وكفاية علية انك هنا دلوقتى أدامى وقريبة منى ياعشقي.
طالعته بعشق قائلة:
-ربنا يخليك لية.
قال فى حنان:
-ويخليكى لية.
ثم إبتسم مستطردا:
-بالمناسبة عندى ليكى مفاجأة.
إبتسمت بدورها فى سعادة قائلة:
-وأنا كمان.
قال بحيرة:
-مفاجأة إيه؟!

إتسعت إبتسامتها قائلة:
-قول انت الأول.

تطلع إلى عينيها الرائعتين وهو يقول:
-خدت أجازة من الشغل ياستى، أسبوعين بحالهم، هنقضيهم فى بيتنا اللى هنا وأهي فرصة، بابا وماما مسافرين وهنكون لوحدنا خالص.
قرن كلماته بتحريك حواجبه صعودا وهبوطا لتعتلى وجنتيها حمرة خجل لطالما أطاحت بدقات خافقه، لتقول بحياء:
-مش هينفع ياعاصى.
عقد حاجبيه قائلا:
-إيه هو اللى مش هينفع ده، مراتى ووحشانى، بقالك شهر بحاله بعيدة عنى، أكيد...
قاطعته قائلة:.

-انا حامل ياعاصى.
طالعها بصدمة للحظات قبل أن يقول:
-إنتى قلتى إيه؟
إبتسمت قائلة:
-بقولك أنا حامل.
نقل بصره بينها وبين بطنها المسطحة بذهول، لتستقر نظراته على صفحة وجهها قائلا:
-انتى بتتكلمى جد؟يعنى أنا هبقى أب؟
أومأت برأسها بسعادة قائلة:
-وأنا هبقى أم ياعاصى، أخيرا.
سحبها إلى صدره يضمها مجددا قائلا:
-ده أحلى خبر سمعته فى حياتى، مبارك ياقلبى.

إستكانت بوجهها على صدره تستمع لدقات خافقه المتسارعة وهي تقول:
-أنا لغاية دلوقتى مش مصدقة نفسى ياعاصى وحاسة إنى بحلم.
قبل (عاصى)قمة رأسها قائلا:
-ربك كريم ياعشق، بيكسر الحزن بالفرحة ويمحى الدمعة بالضحكة ويحقق الأحلام.
مرغت (عشق)وجهها فى طيات صدره تستشعر الأمان والحب الذى يمنحها إياه حضنه الدافئ، قبل ان تقول:
-ونعم بالله ياعاصى، ونعم بالله.

ظلا هكذا للحظات قبل أن يعتدل (عاصى)ويتمدد إلى جوارها، يسحبها إلى حضنه لتستقر بوجهها على صدره بينما يحيطها بذراعه، فقالت (عشق):
-انت بتعمل إيه ياعاصى؟اوعى تكون هتنام قبل ماتاكل، اكيد ماما دلوقتى بتعملك الأكل اللى بتحبه.
قال (عاصى)بنبرات ناعسة:
-مش وقت أكل ياعشق، أنا جعان نوم، من يوم ماسيبتينى مش عارف أنام، وماصدقت آخدك فى حضنى عشان أرتاح وأنام ياحبيبتى.
ربتت (عشق)على صدره قائلة:.

-طيب ياعاصى، نام ياحبيبى، نام وإرتاح.
أنفاسه التى ثقلت أخبرتها بإستسلامه لسلطان النوم، لترفع وجهها عن صدره تطالعه بعشق قائلة:
-أوعدك ياحبيبى، اوعدك إنى مبعدش عنك تانى، مش هأذيك ولا أحرمك من الراحة ياعاصى، أبدا.
لم تدرك وقتها أنها لن تستطيع الوفاء بهذا الوعد، وأنها ستؤذيه مجددا، وستذبح قلبه بسكين حاد، لم تكن لتتخيل أنها قد تفعل ذلك يوما، على الإطلاق.

كان(عاصى)يقلب بين محتويات مكتبه قبل أن يتوقف وهو ينادى على( عشق)، لم تجيبه فناداها مجددا بصوت حاد لتدلف إلى الحجرة قائلة:
-فيه إيه يا(عاصى)بتزعق كدة ليه؟

قال (عاصى):
-الملف اللى فيه عقد المستشفى راح فين، بدور عليه مش لاقيه.
قالت:
-هتلاقيه هنا ولا هنا، هيروح فين يعنى؟
قال (عاصى)بغيظ:
-بقولك مش لاقيه ياعشق، قلبت المكتب كله عليه، أنا مش بعتهولك من يومين وقلتلك حطيه فى درج المكتب؟
ظهر على (عشق )التفكير قليلا ثم قالت:
-آه صح، بعته مع حامد بس مش فاكرة حطيته ولا...
قاطعها قائلا بحدة:.

-مش فاكرة!مش فاكرة إزاي يعنى؟انا مش قلتلك إن ده ملف مهم و تحطيه فى درج المكتب علطول.
قالت بدورها فى حدة:
-نسيت، حصل إيه ها؟ماانت عارف إنى حامل وتعبانة، ونسيانى وارد جدا، مش جريمة يعنى.
جز على أسنانه وهو يقول:
-هو أنا كل ماأكلمك تقوليلى حامل وتعبانة ياعشق، ما كل الستات بتحمل، بس مش كل الستات بتهمل بيتها وجوزها بالشكل ده.
إتسعت عيناها بصدمة واغروقت بالدموع وهي تقول:.

-قول كدة بقى، ده انت شايل فى قلبك كتير.

لتجلس على أقرب كرسى لها وهي تمسك ببطنها المنتفخة، تطرق برأسها أرضا ثم تفرك يديها قائلة بمرارة:
-انت خلاص مبقتش تحبنى زي الأول، أكيد من شكلى المكعبر ووزنى اللى زاد، مش كدة؟

أدمت قلبه دموعها وأوجعته كلماتها ومظهرها الضعيف، زفر بقوة وهو يحاول أن ينحى حنقه جانبا، يقترب منها ويجلس القرفصاء أمامها، يسحب يديها من حجرها بين يديه قائلا:
-مين بس اللى بطل يحبك ياعشق، انتى لو بصيتى جوة قلبى هتلاقى الدنيا كلها فى كفة وانتى فى كفة ياحبيبتي.

رفعت إليه وجهها تقول بصوت ظهر فيه الرجاء بأن يدحض كل شكوكها وهي تقول:
-يعنى انت لسة بتحبنى ياعاصى، مزهقتش من شكلى اللى اتغير ولا مليت منى ومن عصبيتى؟

تأمل عسليتيها قائلا بمشاكسة:
- ايه اللى إتغير فى شكلك، وزنك زاد شوية وملامحك كعبرت حبتين.

نفضت يداها من يديه وهي تجعد ملامحها قائلة بإستنكار:
-عاصى!

ضحك بقوة لتزداد وسامته وتسحب أنفاسها لتنسى حنقها منه تماما، توقف عن الضحك وهو يلاحظ نظراتها العاشقة ليبتسم قائلا بحنان:
-مستحيل أتغير او أزهق منك ياعشق، حتى لو بقيتى عجوزة وملامحك مكرمشة هتفضلى فى عينى عشق، البنت اللى أول ماعينى وقعت عليها قلت إنها أجمل ماشافت عينى، البنت اللى بس قربها منى بيحيينى وضحكتها بتنور حياتى.

تأملته بحب قائلة:
-الكلام ده من قلبك ياعاصى.
قرصها فى وجنتها بخفة قائلا:
-من قلبى يابنت قلبى.
إبتسمت فمال يقبل وجنتها قائلا:
-قومى بقى إغسلى وشك وإمسحى دموعك، وأنا هدور تانى على الملف جايز المرة دى ألاقيه.
أومأت برأسها ونهضت تغادر الحجرة فإستوقفها (عاصى)قائلا:
-عشق.
إلتفتت إليه فقال لها:
-بلاش تتكلمى مع تغريد كتير، تغريد مش شبهك ياعشق ولا انتى شبهها، مفهوم؟

ظهر على ملامحها الإضطراب، تدرك تلميحه لها عن إدراكه ان( تغريد) وراء كل تلك المخاوف التى أصابتها مؤخرا، لتهز رأسها ببطئ ثم تغادر تتابعها عينا (عاصى)قبل أن يتنهد وهو يعاود البحث عن الملف.

ضم (عاصى)ولده إلى صدره بحنان، يتأمل ملامحه التى تشبه ملامح أمه، ولكنه يحمل عيناه السوداوتان، مرر يده على وجنته برقة، لايصدق أنه يحمل طفله الآن بين يديه، بينما تقول (منال)بإبتسامة:
-هتسموه إيه ياولاد؟

كاد (عاصى)أن يتحدث ولكن (عشق )سبقته قائلة:
-منير، على إسم حمايا الله يرحمه.

تأملها بقلب تضخم عشقا، فلقد أدركت رغبته دون أن ينطق بها، فلم يخبرها برغبته تلك خشية أن يجبرها على أن تسمى مولودهما على اسم والده الذى توفي فقط منذ شهران، وتركت وفاته حزنا لا يمحى بقلب (عاصى)، لم يرد أن يضغط عليها بمشاعره بعد أن أطلقت على طفلها إسم(معاذ)منذ ان علمت بنوع المولود، أفاق من شروده على إقتراب والدته من (عشق)، تقبل رأسها بعينين مغروقتين بالدموع ثم تقول:.

-ربنا يبارك فيكى يابنتى ويخليهولك.

إبتسمت (عشق)قائلة بحنان:
-ويخليكى لينا ياطنط صفاء.
ربتت (صفاء)على وجنتها بحنان، بينما إسترقت(عشق)النظرات إلى (عاصى)الذى إبتسم لها بإمتنان عاشق متمتما دون صوت:
-بحبك ياعشق.
فإكتفت بإبتسامة ونظرة بادلته عشقه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة