قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا ضربات ترجيح للكاتبة دينا ابراهيم و زيزي محمد الفصل الخامس

نوفيلا ضربات ترجيح للكاتبة دينا ابراهيم و زيزي محمد الفصل الخامس

نوفيلا ضربات ترجيح للكاتبة دينا ابراهيم و زيزي محمد الفصل الخامس

بعد مرور عدة أيام، غادر معظم العاملين بالنادي بعد الانتهاء من التدريبات اللامتناهية التي لا تتوقف حتى يأتي موعد المعسكر القريب للغاية كما حددت الإدارة مع المدرب أملًا في عودة التناغم والتناسق بين اللاعبين.
جلست مادونا فوق أحد المقاعد بالكافية داخل النادي، تنتظر صديقتها ليلو التي شددت عليها ضرورة انتظارها حتى انتهائها من موعد الطبيب وبعدها ستأتي ليغادران معًا.

فتحت الأجندة الكروية الخاصة بها وبدأت في تخطيط ما تريد إنجازه خلال فترة المعسكر المقبلة، وأثناء انشغالها لوحت يد ما أمامها بكوب من الشاي الساخن، فرفعت بصرها للواقف أمامها فوجدت ليدو مرسلًا لها ابتسامة هادئة، رمقته بنظرة مطولة متعجبة من وجوده، فقاطعها بصوت مرتبك بسبب تجاهلها ليده:
-هفضل واقف بالكوباية كتير؟
شقت ابتسامة عذبة محياها وأخذتها منه باستيحاء بينما هتفت باعتذار وتوضيح رقيق:.

-شكرًا يا كابتن، أنا استغربت بس كنت بحسبك روحت من زمان.
-كنت مروح لكن الصراحة لما شوفتك لوحدك قولت مش هينفع أروح واسيبك، وقولت كمان هتكون فرصة حلوة إننا نقعد وندردش سوا.

جلس ليدو أمامها ثم وضع كوبه فوق الطاولة بينما يواصل حديثه بنبرة لم تعتدها من قبل خاصة وأن المعاملات بينهما رسمية دومًا، لذلك هي متعجبة من حديثه الذي بدأ يتخذ منحنى جديد، تحاول التغاضي عنه مبررة أن السبب في الألفة المريبة هي تعدد لقاءاتهما الكثيرة في الفترة الأخيرة.

عندما أعطت الأمر بعض التفكير انتبهت إلى أن نظراته وابتساماته لها كثرت كلما جالت حولهم أثناء التدريب في البداية أعادت الأمر إلى رغبته في جذب عدسات الكاميرات ولكنها بدأت تشعر من تصرفاته بأن هناك أمر غامض يجول داخل عينيه المتمركزة عليها بشكل لافت جعلها تخجل فظلت صامتة تحاول الهرب بالعودة إلى التدوين في كتيبها.

راقب ليدو وجنتيها المحمرة بلون أحمر قاني، فارتفع جانب فمه بابتسامة طغى عليها الغرور، مشجعًا نفسه على اقتناص قلبها الغض لصالحه:
-قاعدة بتكتبي إيه؟
رفعت وجهها نحوه وهي تجيب بهدوء ينافي اضطرابها:
-مفيش برتب مواعيدي.

التزمت الصمت من بعدها واخفضت بصرها لأجندتها مرة أخرى تاركة إياه يجول بعينيه عليها مدققًا في ملامحها بإعجاب، فبالرغم من وجودها كصحفية في النادي فترة كبيرة، إلا أنها لم تجذب اهتمامه بهذا القدر، وقد كان كل ما يشغله هو اختطاف عدسة كاميراتها طيلة الوقت، ولكن الآن وبعد أن اكتسح عمرو مزيكا الأجواء بوسامته ومهاراته العالية، واستطاع في فترة قصيرة التربع على منصات التواصل الاجتماعي من خلال لقاء واحد معها، الأمر الذي عزز داخله كره وحقد نحوه.

كما أنه شعر بغليان حينما أخبرهم لوكه عن مقالتها التي سربت مدى إعجابها بطريقة لعب عمرو مزيكا في المباراة وبهدفه التي وصفته الأجمل على الاطلاق، كل ذلك جعله يشعر بالهزيمة ويدفعه للسيطرة على عقلها بأي طريقة.
-طيب هو ترتيب مواعيدك ما ينفعش يستنى شوية لحد ما نتكلم سوا.
قالها بعتاب مصطنع، فرفعت وجهها تطالعه بإحراج تنفي ما وصله:
-لا أبدًا، أنا خلصت. خلاص.

أصابها التلعثم حين رأت عمرو مزيكا يدخل من باب الكافية وعيونه الحادة معلقة عليها تجبرها على التعلق بعدستيه، راقبته يجذب أحد المقاعد البعيدة عنهما نسيبًا وعينيه تشع بشعاع غامض سرق انتباهها كاملاً في محاولة معرفة سبب استيائه المصوب نحوها.

لاحظ ليدو الارتباك الملوح من عينيها وبصرها المصوب خلفه، فالتفت برأسه نصف التفافه وما أن رأى مزيكا حتى تلونت مشاعره الهادئة بغضب عارم وعاد برأسه مرة أخرى لها يحاول جذب اهتمامها الذي تحول كليًا نحو غريمه الذي لم يبذل أي مجهودًا لسرقته عكسه هو الذي يبدو كمشرد يسحب الكلمات منها سحبًا.
-مادونا.

ناداها بصوت مختنق فكان كالشرارة التي أشعلت تركيزها الهارب منها نحو مزيكا والذي كان يطالعها هو الآخر وعيونه تسرد العديد والعديد من الأمور التي هزت ثباتها.
-نعم.
ردت بنبرة مبحوحة بخضم مشاعرها التي ثارت بشكل لم تعتاد عليه.
-إيه سرحتي في إيه؟
-ولا حاجة.

قالتها ببسمة مهتزة تحاول الثبات وارتداء قناع الهدوء في ظل محاولات مزيكا لإعادة بصرها إليه، فها هو يبتسم لها دون أي يبعد بصره عنها بلا مبرر مما جعل التعجب يتملكها وفشلت في ثباتها لتعود وتلتقي بعينيه على طريقته الخاصة.
شعر ليدو بضيق عارم منهما وتحديدًا مزيكا، انتبه إلى المقاطع المصورة على الشاشة المعُلقة بمنتصف المكان التي تعرض لقطة من أخر مباراة فاستغل الوضع سائلًا إياها بسخرية امتزجت مع حروفه:.

-إيه رأيك في مزيكا؟
رمشت بأهدابها في توتر وقد أصابها الارتباك وهي تبعد بصرها عن الجالس بعيدًا عنها بصعوبة:
-نعم، رأي فيه ازاي يعني؟
-يعني طريقة لعبه، رجوعه للنادي؟
شدد فوق حروفه بجدية كي لا يثير حفيظتها، فأجابت برسمية وملامحها وجهها تتوهج بالوجوم:
-طريقة لعبه كويسة جدًا، واظن انت شوفت اخر جول جابه ازاي، وان رجوعه للنادي أكيد مكسب للنادي ولينا كلنا وليكوا أنتم كمان في الملعب.

كانت إجابتها محدودة تحاول فيها تحجيم الفجوة بينهما التي لاحظها الجميع داخل الملعب محاولة بث روح التعاون بينهما، مخفية الانتقاد الملاصق للسانها دومًا عن مزيكا كي تعبر عن إعجابها الحقيقي بطريقة لعبه.
أخرج همهمة بسيطة ثم صمت بعدها في محاولة منه لتقليل استشاطة مشاعره وغيرته من مزيكا.

أما هي فشعرت بحاجة عينيها للنظر للقابع خلفه وكأن عدستيها اعتادتا على التقاط الصور له وتخزينها داخل عقلها فأصبح كل اهتمامها منصب عليه مؤخرًا مرورًا بذكرياتهما القديمة ومواقفهما الحالية، قررت الانصياع لرغبتها وخطفت نظرة له فوجدته يضع يده أسفل ذقنه وهو ينظر لها وكأنه زائر يقف أمام لوحة مقررًا الاستمتاع بفنها لابتسامة واسعة راضية تزين ثغره.

كانت تنوى خطف نظرة صغيرة ولكنها طالت وانتهت حين رجع بظهره فوق المقعد رافعًا أصبع الابهام والسبابة كي يتخذ شكل المربع في حركته الشهيرة المشيرة للكاميرا ثم غمز بإحدى عينيه لها، مما جعل فمها ينفرج بصدمة من وقاحته وأحست بالحنق والخجل يملئ مشاعرها نحوه.
حاول ليدو التحدث معها ولكنها كانت في عالم آخر، فدفعته الجرأة لوضع يده فوق كفها يضغط عليه برقة.

مرت ثواني عليها وكأنها لا تشعر بتلك اللمسة إلا نظرة مزيكا الغاضبة وإشارته لها بالمغادرة أثارت انتباهها الخامل والهبته بحرارة غريبة شعرت بها أثناء ضغط ليدو على يدها الموضوعة أسفل كفه بحرية.
سحبت يدها بعصبية بالغة من تصرفه ونهضت في سرعة تلملم أشيائها مردفه باستنكار تحاول تلطيفه بالهدوء:
-عن أذنك افتكرت حاجة ضروري.

غادرت الكافية بين صدمة ليدو وابتسامة مزيكا الشامت فيه وكأنه يرسل له رسائل مبطنة حول قدرته في السيطرة عليها حتى وهي تجلس معه، فانتفض ليدو راكضًا خلفها في عزم وهو يشعر بأن الأمور تتعقد بين أصابعه.

تحرك مزيكا في سرعة خلفهما وذلك بعد لحاق ليدو لها إلى مبنى الإدارة، فدفعه شعور غريب للحاق بهما لحمايتها من أي خطوة جريئة قد يقوم بها، غير قادر على السيطرة على مشاعره المتأججة كالبركان خاصة وهو يراه يعترض طريقها بمنتصف الدرج يحاول التحدث معها بشتى الطرق بينما هي تجاهد الفرار منه والعبوس يرسم خطوطه فوق ملامحها.
-مادونا اسمعيني بس، أنا مقصدتش ازعلك أو اضايقك.
-مكنش ينفع تعمل كده أبدًا يا كابتن.

قالتها بضيق جلي، فرد هو سريعًا مبررًا فعله:
-أنا كنت بحاول اخليكي تركزي معايا مش أكتر.
-ولو، مفيش أي مبرر يخليك تحط ايدك عليا.
-أنا كان غرضي اتكلم معاكي مش أكتر على فكرة.
قاطعته بعصبية مفرطة وشددت على حروفها الضارية:
-مينفعش أبدًا بردو أنك تعمل كده عشان ده غلط.
عاد يبرر توتره:
-غلط في إيه؟ احنا زمايل في مكان واحد وأنا بعتبرك صديقة ليا.
بترت حديثه وصححت جملته بصرامة:.

-لا احنا مش زمايل أبدًا ولا أصدقاء، حضرتك لاعب وأنا صحفية وحتى لو أصدقاء لازم حضرتك تحترم مساحتي الشخصية.
-مادونا احنا مكناش بنتعامل بالطريقة دي ابدًا.
حاول التقرب منها واللعب على وتر حنوها لكنها هبت مؤكدة:
-لا احنا فعلاً كنا بنتعامل كده، بس انت اللي اتغيرت ومش عارفة في إيه مالك؟
تبجحت بحديثها دون وعي منها لكنه فاجئها حين أخبرها بخيبة أمل:
-اتغيرت عشان بحبك يا مادونا.

بالرغم من نطقه لهذا الاعتراف ولكنه اعتقد بأنه الحل السحري لإنهاء فكرتها السيئة عنه، لكنها ظلت مصدومة وابتعدت خطوة فوق الدرج، فربط لسانها بحِبال الصمت بينما هو واصل في الحديث معبرًا عن مشاعره المضطربة، ولكن صوت مزيكا جذب انتباههما بقوله المستنكر:
-اعتقد ان لو حد شافك وأنت بتعترض طريقها كده مش هتبقى فضيحة ليك دي هتبقى فضيحة للنادي كله.

تقاذفت حروف الغضب والكره من بين كلماته فقال ليدو الذي التفت له يبادله ذات الغضب:
-وانت مالك بتتدخل ليه جاي ورانا بمناسبة إيه؟
ابتسم مزيكا بتهكم وهو يشير له بإصبعه في استحقار:
-وانت لو اي حد شافك في الموقف ده، هتقوله انت جاي ورانا بتعمل إيه؟
هبط ليدو بعض الدرجات وهو يجز فوق أسنانه بغيظ:
-دي حاجة متخصكش واخلع من هنا.

ضحك مزيكا قبل أن يبث بالتهديد من جوفه بينما يثبت نظراته على ليدو بقوة وجرأة هزت من ثقة الأخير:
-أنا لو خلعت هطلع على الادارة فوق وفي الأخر هتزعل، الأفضل انك تسحب الكلام الاهبل اللي انت قولته وتمشي.
-انت مالك ولا أنت اللي عايز يفضالك الجو.
فقد ليدو السيطرة على نفسه وانطلق كي يهاجمه بقوة كي يثبت للواقفة في صمت تتابع التشاحن بينهما نية مزيكا السيئة، لكنها صرخت بانفعال:.

-بس لو سمحتوا كفاية، عيب اوي اللي بيحصل ده.
استدار ليدو إليها واحتفظ بقدر بسيط من هدوئه عله يكون الشفيع له بعد موقفه السخيف معها فقال:
-أنا همشي يا مادونا ولينا كلام تاني مع بعض.
هبط الدرج وتعمد في صدم كتفه مع كتف مزيكا الذي رمقه بطرف عينيه والسخرية تفوح من نظراته حتى غادر المكان كله وتركهما واقفان هو على أول الدرج وهي في منتصفه.

في اليوم التالي، تحركت مادونا مسرعة للمغادرة صباحًا وقد تأخرت عن عملها بسبب سهرها طول الليل تفكر فيما دار بينها وبين مزيكا بعد ذهاب ليدو، وما أخبرها به تحاول استنتاج غاية كلًا منهما لكنها رفضت التفكير بالأمر وقد وزادت والدتها من تأخرها حين أجبرتها على المساعدة في تجهيز مستلزمات السفر معها، فهي عازمة على زيارة أسرتها مع إسراء الأيام المقبلة وبدأت في التجهيزات من اليوم.
-ناس فاضية.

تذمرت لكنها تدرك أن والدتها تتعمد مضايقتها وتأخيرها أملاً أن تخسر عملها الكريهة غير اللائق لأنثى على حد قولها، مالت شفتيها للأعلى باستنكار بينما ترتدي حذائها الرياضي المريح سعيدة باقتراب الذهاب لكن والدها كان له رأي أخر حين خرج متسللًا من غرفته نحوها ليخبرها بصوت منخفض:
-مادونا قولتي أيه؟
-في أيه يا بابا؟
أدعت عدم الفهم فتأفف والدها المُغتاظ ثم همس:
-حوار الماتش.
-تاني يا بابا، حرام عليك.

قال في انزعاج واضح من اصراره فلا أحد سيوافق على ذهابه للمباراة خاصة مع تحذيرات الأطباء له:
-حرام عليا إني عايز أعيش زي الخلق!
-ما بلاش يا بابا، ماما هتطلق منك لو عرفت، ثم كده أنت مش عايز تعيش زي الخلق أنت عايز تنحر وتموت مننا.

أجابته محذرة فأخر مرة أقسمت أن تنفصل عنه نهائيًا لأنها لن تقبل أن يتوفاه الله وتنفطر قلوبهم بسبب لعبة تافهة وبرغم اختلافها مع والدتها معظم الوقت ولكنها تتفق معها في هذا الجانب.
حاول والدها منعها من الذهاب حينما تحركت للمغادرة فعقدت ذراعها تستمع إليه:
-الله وبعدين معاكي، ما هي مش هتبقى هما هتكون مسافرة.
نفضت ملابسها بإهمال لتجيبه بسماجة وهي تعدل حقيبتها:.

-ما هي هتعرف لو جاتلك جلطة في الماتش وسيبني عشان اتأخرت يا بابا على الشغل.
ضرب والدها كف فوق كف ثم قال معترضًا:
-عايزين تدخلوا في أقدار ربنا كمان.
-أنت اللي عايز تعجل في الأقدار دي يا بابا وخليني ساكته خليني بقا بدل والله لأقول لماما.
-تعالي بس ده أنتي حبيبتي الغالية، كده تستخسري الفرحة في أبوكي.
-يا بابا يا حبيبي أفهمني احنا خايفين عليك أنت بتنفعل وجسمك مش بيستحمل ومعرض للجلطات ليه تجهد نفسك كده؟

-عشان خاطري أعتبريها ماتش اعتزال، أنا من حقي ماتش اعتزال وأخرج من الملاعب.
زفرت باستسلام لا تجد في قلبها القدرة على تحطيم آماله وكسر تلك النظرة المتوسلة داخل عينيه، ثم تساءلت:
-وماما؟
-هتبقى مسافرة ومش هتعرف حاجة.
أكد عليها وهو يضغط فوق أصابعها يحثها على التشجع ومجاراته فنظرت له بحدة وشك مهددة:
-لو موت مني مش هسامحك ابدًا.
-لا إله إلا الله يعني عايش أو ميت عايزين تنكدوا عليا.

مطت شفتها بتذمر فضمها والدها المُشاكس بقوة وسعادة بالغة ثم أردف بصوته الحماسي:
-ما تخافيش عليا، ظبطي مع الشباب واتفقي معاهم.
تنهدت ثم هزت رأسها موافقة وذهبت للعمل، تاركة والدها يكاد يموت فعلًا من كثرة السعادة.

في ذات الوقت تحرك ليدو وهو يتحدث على هاتفه الجوال داخل النادي بتوجس نحو المرحاض خوفًا من أن يلتقط أنظار وسمع العاملين من حوله، رمى نظرة مرتبكة نحو الأبواب المفتوحة متأكدًا من خلوها من المستخدمين وعاد لحديثه المستمر مع الطرف الأخر متسائلًا:
-فهمت، يعني المنشطات لازم تتحط وقت المعسكر وقبل المباراة بوقت قصير عشان محدش ينتبه وفي نفس الوقت يتقفش وقت التحاليل ويتمنع من اللعب.

-فهمتك والمفروض ابعتها مع وجبات المعسكر، لكن الخدمة المرة دي كبيرة وممكن توديني في داهيه، يعني لازم تديني مبلغ محترم تمام؟
أخبره الطرف الأخر الذي يعد رجله ووصلته داخل قسم التغذية والحميات المسؤول عن اللاعبين وإرسال وجبات المعسكرات ومشروبات الطاقة الطبيعية، فأجابه ليدو بفخر مؤكدًا:
-عيب عليك، هديك اللي أنت عايزه بس يتمنع من الماتش.
-هو عمل أيه ضايقك أوي كده؟

سأله الرجل فجز ليدو فوق أسنانه وهو يتذكر ملامح عمرو مزيكا المنتصرة فأخبره مزمجرًا غله:
-هو كده مش قادر أبلع رجوعه للفريق، المهم زي ما اتفقنا في المعسكر تكتب أسم كل لاعب على مشروب الطاقة أحسن حد يتلخبط ويشربه بداله.
صمت وهو يستمع بعناية قبل أن يهتف مستنكرًا:
-يا سيدي أنا هتكفل بتمن الحاجات دي، أنت بتتكلم في أيه يا بني آدم أنت ما تجننيش، أدفع اللي أنت عايزه وأنا هبعتلك فلوس تظبط بيها الدنيا.
-كاملة؟

-لا يا حدق حط المنشطات ومزيكا يتمنع من الماتش وعيوني ليك بعدها.
استمر في حديثه قليلًا حتى دخل أحدهم فأنهى المكالمة سريعًا بعد أن أكد على الرجل الالتزام بمخططه الحقير.

كان كريم المصور الذي يعمل في المجلة تحت إشراف مادونا يقف مشدوهًا خلف أحد أبوب المرحاض، لا يصدق ما سمعه فقد كان في طريقه للخروج من المرحاض لكنه ما أن فتح الباب حتى أكتشف أن سحاب سرواله عالق فوقف قليلًا يحاول إصلاحه، ولم يتوقع ابدًا أن يستمع لتلك المصيبة التي ستحل على رؤوسهم جميعًا.

أخرج رأسه ببطء شديد ينظر إلى خارج وقد تملكه التوتر وحينما تأكد من ذهاب ليدو تجاهل نظرات الرجل الوافد لتوه والمتعجب بسبب حركات كريم المتأهب وكأنه خارج من فيلم جاسوسي.
ركض سريعًا إلى الخارج بعد أن تأكد من خلو الطريق متمتمًا لنفسه:
-أيه اللي بيحصل في النادي ده!

وقف بمنتصف الرواق للحظات يلتقط أنفاسه بقلب يدق رعبًا لا يدري ماذا يفعل أو يقول حتى اهتدت به نفسه وحثته على الذهاب إلى مادونا فهي الرأس المحرك له داخل العمل ودومًا تملك الحلول ولا أحد سينقذه من ثُقل ما سمعه سواها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة