قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا ضربات ترجيح للكاتبة دينا ابراهيم و زيزي محمد الفصل السادس

نوفيلا ضربات ترجيح للكاتبة دينا ابراهيم و زيزي محمد الفصل السادس

نوفيلا ضربات ترجيح للكاتبة دينا ابراهيم و زيزي محمد الفصل السادس

تنقلت مادونا بين الأوراق والصور المطبوعة لاختيار المناسب لمقالات اليوم لكن عقلها كان مشتت بالكامل ما بين إصرار والدها على حضور المباراة وما حدث بينها وبين مزيكا بالأمس وكيف انتهى الأمر بشجار جديد معالمه غير واضحة، زفرت في حنق وتركت لعقلها حرية إعادتها إلى الموقف من جديد في محاولة لفك شفرات ما دار بينهما.
صعد مزيكا الغاضب درجتين حتى صار بنفس مستوى طولها بمنتصف الدرج ثم وبخها بقوله:.

-أنتي ازاي ساذجة ومتساهله كده؟
-أنا؟!
سألت متعجبة من هجومه عليها فرفع أصبعه في وجهها متهمًا:
-أيوة أنتي ممكن أفهم أنتي متساهله مع البني آدم اللزج ده ليه؟
-ثواني كده، أولًا هو مش لزج، ثانيًا أنا مش متساهلة مع حد.
اخبرته في حدة ودفاعية ترفض ما يصبو إليه مغزاه، فعقد ذراعيه قائلًا في استهزاء:
-لا با شيخة ولما تسبيه يمسك إيدك ويوقفك على السلم في نص النادي ويفضل طول اليوم بيلف حواليكي ده مش تساهل؟

-لا ده اسمه ذوق ومهنية، ثم هو مكنش يقصد يمسك إيدي هو كان بيحاول يلفت انتباهي اللي غيره فضل يشتته.
ارتفع حاجبه بغضب ليردف في غرور مغتاظًا:
-مش ذنبي أن قادر أعلق انتباهك بيا ومش ذنبي انه حيوان ممكن يتعدى حدوده ولا ذنبي أنك محدودة الذكاء وممكن تعدي حاجة زي دي فعلًا.
-أنا اتلعق بيك انت، ضحكتني، مستحيل أصلًا.

تلعثمت وهي تخبره بجملتها بكل عنجهية تحاول إخفاء ما حافظت على سرهُ لسنوات ثم رمقته من أسفله لأعلاه باستحقار وقد شعرت بتهديده لدواخلها، فاستطردت:
-وبعدين فين الغلط انه يقولي بحبك، ده حقه زي ما هو حقي أرفض ولا أوافق!
لا تدري لماذا تعمدت أخباره بالأمر وكأنها ترغب في محض غروره وتشتيت انتباهه عن نظراتها الحمقاء التي قد تكون عكست مشاعرها الخفية له.

وكأنه تريد أخباره بأنها محط إعجاب الكثير من الرجال ولا تنتظر مثله ليبادلها المشاعر أو الإعجاب، عاد تركيزها إليه حين طال صمته أكثر من اللازم فنظرت له في تساؤل صامت لكنه ضحك تلك الضحكة الساخرة المغيظة التي تكرهها بشدة ثم قال مستخفًا بها وبعقلها:
-وأنتي صدقتيه مش كده، وأنا كنت فاكرك تقيله عن كده!
-لا أنا تقيله وتقيله أوي كمان، بس ده لاعب محترم وبيقولي بحبك المفروض أعمل أيه ثم دي حاجة تفرح مش تزعلك!

قهقه بسخرية رغم النيران المشعة من مقلتيه ثم أردف باستنكار تام:
-أزعل ليه ان شاء الله بعشقك في الضلمة، وبعدين مش عشان لاعب كورة ومشهور يبقى محترم، ده أنتي صحفية حتى وفاهمة كل حاجة!
-أه أنا فهمت، أنت عايز تسوء صورته في نظري وخلاص.

شعر بغضب عارم بسبب غباءها متعجبًا كيف لم تكشف نوايا ليدو وهو مشهور بكونه زير للنساء ولكن غضبه الأكبر عليهالانها تدافع عنه وعلى ما يبدو ان هذا الدفاع نابع من إعجابها المتبادل له.
لم يجد تفسير لتلك القبضة التي قيضت على صدره ولا للاضطراب النفسي والضيق الذي هاجمه وجعله يرغب في صفع ثغرها الوردي الذي يدافع عن مَن لا يستحق!
-أفهمي اللي تفهمي، أنا غلطان إني خايف عليكي.

-لا وتخاف عليا ليه، بتعشقني في الضلمة ولا بتعشقني في الضلمة!
رمت كلماته وهي ترددها في وجهه لا تزال مغتاظة من تدخله الدائم دون مبرر واضح منه وكل ما يفعله هو أنه يشعل مشاعر قديمة تحاول دفنها ويجبرها على التعلق به مثل المراهقات.

لم يجيبها واكتفى بنظراته الحادة القاتلة لكنها واجهته بنفس الحدة والثبات قبل أن يرتفع نصف فاهه باستهزاء ويتركها مغادرًا وودت لو تلقي حقيبتها في رأسه المزعج لكنها تحكمت في نفسها خاصة حين استدار يرمقها بنظرة غريبة شابها الغموض والاتهام لم تتمكن من تفسيرها لكنها بالتأكيد كانت خالية من أي ملامح ساخرة أو سعيدة.

انتفضت مادونا مذعورة حين انفتح باب المكتب ودلف كريم بجسده القصير قاطعُا حبل ذكرياتها، فهتفت موبخه إياه:
-جبتلي ساكتة قلبية حرام عليك يا كريم.
أخبرها كريم وهو يحرك ذراعيه بيأس في الهواء:
-ما تستعجليش هي من ناحية هتجيلك فهي هتجيلك من اللي هتسمعي دلوقتي.
فتعجبت وتساءلت سريعًا:
-خير يا مصيبة، حصل أيه؟

أغلق الباب بإحكام وتقدم منها يجلس أمامها ثم ندر للغرفة الفارغة لارتباك مثيرًا ريبة مادونا التي صرخت فيه بنفاذ صبر:
-أنطق يا ابني صفيت دمي.
-مصيبة وهتحل على دماغنا ودماغ النادي كله.

رمى جملته السوداء كمقدمة قبل أن يسرد عليها ما سمعه لتوه في المرحاض وكيف يخطط ليدو مع أحدهم من قسم التغذية للنيل من عمرو مزيكا ومحاولته لدس المنشطات له كي يتم استبعاده قبل المباراة ولا يتسنى له فرصة المشاركة وتكون فضيحة مدوية ستنهي مسيرته بالنادي وقد تنهي مشيرته الكروية بالكامل!
استقامت مادونا في حدة لا تصدق ما يتلوه عليها ثم سألت بنبرة قوية:
-كريم أنت فاهم بتقول أيه وعارف عواقبه؟

-فاهم طبعا ولو مش فاهم هاجي اقولك ليه؟
1ربت فوق مكتبها الخشبي بكفيها تحاول استيعاب الأمر لتؤكد عليه بسؤالها:
-كريم أنت متأكد من اللي سمعته وأنه ليدو؟
-متأكد مية المية طبعًا، أنا سامع صوته والكلام بوداني.
رمت جسدها على المقعد خلفها، تفكر في تلك المصيبة التي حلت عليها وماذا يجب عليها أن تفعل فقالت بصوتٍ منخفض:
-وبعدين المفروض نعمل أيه؟

-مش عارف طبعًا، أنتي الراس المدبر في الشغل وأنتي اللي بتقولي يلا أومال أنا جايلك ليه؟
زفرت في حنق تشعر بقلة حيلتها لكنها استغفرت الله وحاولت استجماع تركيزها لتستكمل حديثها:
-عايزين نفكر بهدوء، احنا مش معانا أي دليل ولو روحنا للإدارة ممكن يحصلنا مشاكل لو أثبتوا العكس ويتهمونا اننا بنشتت اللعيبة قبل المباراة، صح؟
-صح جدًا.
عادت تستطرد بقولها:.

-ولو متصرفناش وقولنا لحد المنشطات هتتحط لمزيكا وهيروح في داهيه هو والمباراة صح كده؟
-صح جدًا.
أكد على كلماتها فانفعلت تضرح فيه:
-يا بني آدم أنت آلة حاسبة بتأكدلي الحلول!
زفرت متأففة ثم أردفت وهي عازمة على تولي زمام الأمور:
-أسمع خليك الموضوع ده بينا وإياك تقول أي حاجة لحد وأنا هتصرف، اتفقنا.
-اتفقنا.

جذبت حقيبتها وآلة التصوير خاصتها ثم اتجهت للمغادرة فأول تصرف جال في خاطرها هو ضرورة لقائها بمزيكا فسيكون عليها تحذيره ولكن بطريقة غير مباشرة كي لا تسقط السماء فوق الأرض وهي لا تزال لديها شكوكها حول حدوث سوء فهم من كريم، فداخلها لا يصدق أبدًا أن ليدو قد يهبط لهذا المستوى من الحقارة.

تحركت مادونا في خطوات سريعة بالممرات المؤدية للملعب حيث التدريبات المقامة على أرضيته، وقبل الخروج من البوابة الكبيرة، وقفت تلتقط أنفاسها وتنظم من وتيرتها المتسارعة بينما كانت تحرك يدها كي تضع حامل كاميراتها حول عنقها وكأنها تستعد للالتقاط صورًا كالعادة من التدريب بينما حقيقة ما تفعله هي محاولة للتحدث مع مزيكا مدفوعة بغريزة القلق والخوف على مستقبله، فأبسط ما يمكنها فعله هو تحذيره قبل أن تعود وتتأكد من صحة حديث كريم واتهامات ليدو.

بحثت بعينيها عنه ولكنها لم تجده، فمالت ملامحها للتعجب الصريح ثم اتجهت بخطوات هادئة نحو أحد العاملين تسأله في ترقب:
-هما اللعيبة ناقصهم حد يا عم فتحي؟
رفع فتحي عينيه نحوها ثم حرك رأسه بإيجاب قائلًا:
-اه كابتن مزيكا المدرب قاله يمشي وياخد استراحة النهاردة.
رفعت يدها تخلل أصابعها بين خصلات شعرها تحركهم بعفوية وعقلها يدور كالنحلة لإيجاد فرصة أخرى للتحدث معه، فاصطنعت الحزن مردفه:.

-يا خسارة كنت عايزة أعمل معاه لقاء مهم.
-لو خرجتي دلوقتي ممكن تلحقيه.
أومأت برأسها سريعًا لكنها تراجعت بخطوات بطيئة للخلف وهي توجه الكاميرا نحو اللاعبين حتى لا تثير الشكوك حولها، لكن عيون ليدو المسطح أرضًا كانت تتصيدها كالفهد في محاولة للامساك بنظراتها وقد نجحت في الهرب منه بأعجوبة وهي تلتفت بنصف جسدها للاتجاه الآخر.

استغلت توجيهات المدرب لهم وابعاد ليدو نظراته عنها للحظة، فانطلقت راكضة كالغزال الذي يحاول اللحاق بقرينه، مرت من بين الممرات تسأل عنه كل مَن يقابلها حتى وجدته يتحرك أمام سيارته أخيرًا، فابتسمت براحة وسعادة لمعت بها عدستيها ووقفت تجذب أنفاسها بينما تلوح له بيدها في محاولة لجذب انتباهه.

خرج عمرو من النادي نحو سيارته مقررًا الاستماع لتعليمات مدربه بعد أن لاحظ فشله في التركيز وإرهاقه البادي على وجهه وجسده، حيث قضى الليل بأكمله يفكر فيها وفي حديثهما الناري الأخير، مغتاظًا منها لأنها وضعته في خانة الحاقدين فبدت معاملتها له وكأنه متطفل يحاول تشويه صورة نبيلة لمَن كان يريد التقرب منها.
ذلك المشرد الحقير كيف يمكنها تحمله هو ومشاعره الوهمية من الأساس!

زفر بحنق على نفسه الضعيفة التي كلما حاول إبعادها عن التفكير في مادونا يعود عقله ليمركزها في قلب الهجوم ويجعلها تنفرد بمرماه بينما يقف هو بلا ساتر أمامها.
ضاقت عيناه بشدة وضيق عندما اختارت هذا الوقت تحديدًا كي تظهر من العدم ملوحة له بابتسامة استفزته كثيرًا وقد تردد في اذنيه كلماتها الساخرة ضد محاولته في إيقاظ عقلها الغافل والمنساق خلف شعارات ليدو ووعوده عن الحب.

وعند تلك النقطة اشتعلت مشاعره بالغضب والغيرة حانقًا عليها وعلى وجودها حوله في أهم فترات حياته والتي تتطلب منه صاب جام تركيزه على مستقبله، فهو يسعى جاهدًا لإنعاش وهجه الذي يكاد ينطفأ بسبب فترة انتقالاته، وحين أتى الوقت لالتقاط الشعلة بين يديه وإنقاذها ظهرت مادونا من حيث لا يدري لتحدث ربكة بمشاعره وتحول تركيزه من كيفية إثبات نفسه إلى كيفيه السيطرة على تفكيره وأحاسيسه المتمركزة عليها، وهو ما ظهر أثاره جليًا عليه خلال التدريب.

قرر الضغط على رغباته المندفعة نحوها ودفنها داخله فرسم علامات التجاهل على وجهه ببراعة، وهو يزيد من ضغطه على مقود سيارته منطلقًا بها بعيدًا عنها متجاهلاً أي محاولات منها لجذب انتباهه، معلنًا عصيانه لأول مرة عليها وعلى نفسه.
أما مادونا فقد ضربت قدمها أرضًا مش شدة الغيظ بعد أن خرجت من صدمة تجاهله وتكبره المتعمد لها:
-أنت بتتجاهلني!، طيب والله أحلف إني أسيبك تغرق.

تحركت غاضبة نحو بوابة النادي تقنع نفسها بنسيان أمره، فبالنهاية الخسارة ستطوله وحده وليس النادي، ولكن إنسانيتها وقفت حائلاً وشعرت بالخوف يتوغل من جديد داخل قلبها، فبررت أن ما ستفعله من أجله هو من باب الشفقة ليس إلا.

جرت أذيال خيبتها خلفها بعد أن فشلت في إيجاد فرصة مناسبة للتحدث معه، وشعرت بثقل يتربع فوق صدرها يمنعها من مواصلة التفكير في حل تلك المعضلة، فأحست وكأنها أمام اختبار حقيقي والإجابة الصحيحة مازالت غائبة عنها.
ظهر عم فتحي جوارها وهو يحمل حقائب الكرة فوق ظهره فسألها بصوت مجهد بينما يضع حقائبه أرضًا:
-ها لحقتيه؟
هزت كتفيها معًا وردت بأسف مصطنع:
-لا لأسف.

صمت الرجل ثواني ثم انطلق يحمل الحقائب بعد أن اتخذ راحة بسيطة وتمتم بلامبالاة:
-ابقي تعالي بكرة بدري ولا اتصلي بيه شوفيه عشان تتفقوا على معاد أحسن من الفرهدة دي.
توهجت عينيها بشعاع الأمل، وقد حتم عليها ضميرها المهني والانساني ضرورة خوض تلك المعركة حتى نهايتها، فبالرغم من معاملته السيئة المغرورة لها إلا أنه يستحق تنبيه على الأقل:
-عم فتحي معاك رقمه؟
-هو مين ده؟
-عمرو مزيكا يا عم فتحي ركز معايا.

حرك رأسه نافيًا مجيبًا بنبرة صادقة:
-لا مش معايا، بس أنا ممكن اجبهولك بكرة قبل ما يروح المعسكر، ما هو هيكون هنا الساعة سبعة.
-متأكد انه هيكون موجود هنا بكرة؟
سألته بشك، فأجاب بيقين:
-ايوه طبعًا، بقولك المعسكر هيبدأ بكره واللعيبة كلهم هيكونوا هنا عشان يركبوا الاتوبيسات وهجبلك الرقم بنفسي منه ما تخافيش.
-ربنا يخليك يا عم فتحي هستناك.

شكرته مادونا بابتسامة هادئة وانطلقت صوب مكتبها في محاولة لإيجاد أفضل الحلول لحل تلك الأزمة والتي بدأت خيوطها تتداخل بشكل عجيب.

في الصباح الباكر لليوم المنشود، هبطت مادونا من الحافلة وركضت في الطريق الفاصل بينها وبين بوابة النادي محاولة اللحاق بالمتعجرف الملقب ب عمرو مزيكا قبل الانطلاق مع الفريق للمعسكر، سيطر عليها القلق والارتباك وهي تراقب صعودهم للحافلة الكبيرة، فرغم حضورها الباكر إلا إنهم بدأوا بالتحرك بالفعل، فكرت كيف ستنجح في جذب انتباهه ولكنه كان مشغولاً في هاتفه حتى أثناء صعوده وجلوسه داخل الحافلة فباتت كل محاولاتها بالفشل حتى أنها رفعت آلة التصوير مناديه كابتن بوصلي كده.

ورغم تعجب الجميع من حضورها في ذلك الوقت إلا أن الجميع نظر يطالعها هي وعدستها عداه هو!
مبررين تواجدها برغبتها في الحصول على صور وأخبار حصرية حول المعسكر الذي سينقلهم إلى الاسكندرية وسيدوم حوالي أربعة أيام حتى يوم المباراة النهائية، حتى أن المدرب لوح لها معجبًا بحماسها وتفانيها في العمل.

جزت على أسنانها وهي تلتقط الصور مغتاظة من عديم المشاعر الذي لم يلتفت لها مرة، وعندما انتهت استغلت انشغال الجميه عنها من جديد واستدارت حول الحافلة لتقف في زاوية صغيرة مقابلة لزجاج مقعده وبدأت تلوح له على أمل سرق تركيزه وبعد محاولات عديدة بائت بالفشل، التقطت حجارة صغيرة للغاية قبل أن ترميها بغل في وجهه ليتفاداها زجاج الحافلة، وأخيرًا جذبت انتباهه وتقابلت عيونهما ورغم ذهوله وصدمته إلا إنه رمقها بنظرة لامبالية، فجزت أسنانها بغيظ وحركت شفتيها في توبيخ صامت:.

-مش وقت اللي أنت بتعمله ده، انزل.
ارتبك مزيكا للحظات حينما قرأ حركات شفتيها وأدرك ما تريده، ولكنه هز رأسه بنفي وتشبث بقرارته عن عدم التعرض لها ثانية حافظًا على كرامته ومستقبله الهائل للضياع.

بدأت مادونا تفقد أعصابها تدريجيًا، وغزا الحنق مشاعرها بسبب بروده المستمر نحوها ولكن المسئولية الواقعة على عاتقها تجبرها على الاستمرار بمحاولاتها حتى يرضخ لها ويهبط من الحافلة، فعادت تحرك شفتيها وذراعيها بحماس وإصرار نابع من حروفها وعدستيها:
-أنزل بسرعة، ضروري، الحمام.

أشارت بيدها للخلف وكررت حركاتها من جديد، فتعجب مزيكا منها وابتسم بوقاحة لا يصدق وقاحتها، فأشارت له بالإنجاز وبالفعل شعر بريبة تحتم عليه الاستسلام لها فبالتأكيد هناك أمرًا غير طبيعيًا كي تطلب منه تلك الشرسة هذا الطلب العجيب.
وصله لصوت أحد العاملين وهو يخبر المدرب:
-كده كله تمام.
نهض سريعًا يقطع حديثه قائلًا:
-لا مش تمام.
رفع المدرب رأسه وسأله في قلق وتعجب:
-في إيه يا عمرو.

أخفى نبرة التوتر والحرج ثم أردف بثبات:
-محتاح أروح الحمام ضروري.
اعتدل أحد اللاعبين من مقعده وهو يضحك ساخرًا:
-عايز تروح فين يا مزيكا؟!
-الحمام يا عم إيه مش بتروحوا الحمام!
انفجر بعض اللاعبين بالضحك بينما همس مزيكا الحاقد عليها داخل نفسه:
-ربنا يذلك يا مادونا، بقيت مهزأة بسببك.
انتبه على صوت المدرب وهو يقول آمرًا:
-طيب بسرعة انزل، متأخرناش.
تمتم وهو يتحرك للأسفل بحماس:
-ان شاء الله.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة