قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا صاحبة السعادة والسيد حزن للكاتبة رضوى جاويش الفصل السابع

نوفيلا صاحبة السعادة والسيد حزن للكاتبة رضوى جاويش الفصل السابع

نوفيلا صاحبة السعادة والسيد حزن للكاتبة رضوى جاويش الفصل السابع

هتف سعيد في صدمة لعزوز: - بتقول ايه!؟، هرب!؟، ازاي!؟، وانا اللي كنت جاي وسايب مصالحي عشان اخد البشارة..
اكد عزوز في لامبالاة: - اهو اللي حصل..
بعت راجل من رجالتي يتأكد انه لسه متلقح ع السطح لقاه هرب..
هتف سعيد في حنق: - طب وبعدين!؟.
واستطرد في غضب: - يا ريتني ما سمعت كلامك وكنت خلصت عليه ف ساعتها، كنا خلصنا م الهم ده..

هتف عزوز في غضب مماثل: - بقولك ايه يا راجل انت!؟، انت داخل تتأمر وتتشرط على ايه!؟، انا كان كل غرضي أادبه عشان ميطاولش عليا تاني ويعرف مقامه وموضوع اننا نخلص عليه ده كان خدمة هنكسب من وراها سبوبة حلوة، مجتش وطلع ليه عمر خلاص، قضيت واتكل على الله بدل ما اتهور واجيب رقابتك تحت رجلي..
تنحنح سعيد واندفع مبتعدا وقد ادرك ان لا قبل له بمناطحة عزوز ورجاله فأثر السلامة متجها لبيت نعمات ليرى ما جري..

لا يعلم كم مر من ايام وهو على هذه الحالة لكن كل ما يدركه اللحظة هو انه ببيت الشيخ صالح الذي كان اخر من تذكر وجهه قبل سقوطه في تلك الدوامة التي لم يستفق منها الا لتوه..
ابصرالشيخ صالح يدخل عليه الحجرة مستطلعا حاله وما ان رأه ينظر اليه حتى هتف في فرحة غامرة: - حمدالله بالسلامة، ما شاء الله، بقينا عال الحمد لله، قلقتنا عليك يا راجل..

ابتسم حزن في وهن هامسا: - البركة فيك يا شيخ، لولاك لكان زماني رحت..
هتف الشيخ صالح في تواضع العلماء: - الفضل لصاحب الفضل يا بني، ده انت ربنا نجاك ببركته ورحمته..
ونهض الشيخ في اتجاه الباب ليهتف حزن يتمهله: - على فين يا شيخنا!؟.
اكد الشيخ: - اجيب لك لقمة تتقوت بيها ده انت اديلك تلات ايام مدقتش الزاد من يوم ما وقعت على عتبة بابي..
وخرج الشيخ ليهمس هو لنفسه: - تلات ايام!؟.
يا ترى عاملة ايه يا سعادة!؟.

ودمعت عيناه في شوق هامسا: - اتوحشتك..
وتذكر هتافها باسمه وهو تجر خلف ابيها وهو مضرج بدمائه غير قادر على إغاثتها فاغمض عينيه في حزن كتب عليه تجرعه حتى الثمالة..

طرق على بابها لتصرخ نعمات وقد ادركت انه زوجها من طرقاته التي تميزها على الباب وجذبت سعادة لتقيدها في سرعة في نفس موضعها بذاك الركن الذي تركها فيه منذ بضعة ايام..
فتحت الباب ليندفع سعيد في غضب مكبوت مما حدث عند عزوز فوجد أخيرا منفسا له صارخا: - لطعاني ساعة ع الباب عشان تفتحي!؟، فيه ايه..!؟.
هتفت نعمات مضطربة: - مفيش ياخويا هيكون فيه ايه!؟.
هتف احد الأولاد واشيا: - ماما فكت سعادة يا بابا..

ضربته امه دافعة به بعيدا حتى لا يفصح عن المزيد ليندفع سعيد ليتأكد ان سعادة بموضعها وخلفه نعمات هاتفة: - اوعى تصدق الواد الفتان ده!؟، انا فكتها بس عشان تروح الحمام وترجع تاني تتربط زي ما كانت، واديك شفتها اهو..

همس سعيد وهو يجذب نعمات مبتعدا: - خلي بالك منها دي ممكن تغفلك وتهرب في أي وقت الواد جوزها هرب، واكيد هيجلها على هنا، أوعي يا نعمات تديها فرصة تخرج من باب البيت والا كل تعبنا وكمان العز اللي مستنينه هيروح، ادعي بس نعتر ف الواد ده والا كل اللي بنعمله هيروح..
هتفت نعمات في تأكيد: - متخش يا سعيد، كله هايبقى تمام، وربنا هيعترك فيه ونخلص بقى..
اندفع سعيد راحلا لتستوقفه نعمات: - على فين وسايبني كده!؟.

هتف سعيد في حنق متطلعا اليها بقرف وهو يعلم ما الذي ستطلبه: - هو انت مبتشبعيش انت وعيالك!؟.
هتفت في غيظ: - وهم عيالي لوحدي، ايدك..
مدت كفها اليه وقد أدخل كفه بجيب بنطاله واخرج منه بعض النقود واضعا إياها بين كفي يدها لتضمهما مستشعرة النقود في سعادة لتدعه يذهب لحال سبيله مطلقة سراحه..

هتف حزن في عزم بعد ان قص كل ما حدث للشيخ صالح: - اني مش ممكن هسبها لهم يعملوا فيها اللي على هواهم، ابوها على عيني وراسي، بس دي بجت مرتي يا سيدنا الشيخ واني أولى الناس بحمايتها، واني رايدها ولا يمكن اطلجها ولو فيها موتي..

ابتسم الشيخ صالح في مودة رابتا على كتف حزن في اكبار وهتف موافقا: - كلامك مظبوط يا بني، انت أولى بيها طالما حلالك وهي ريداك محدش ليه انه يفرقكم، ده ربنا خلى طلاق المكره لا يقع، يعني حتى ولو كنت طلقتها بلسانك قدام ابوها لما اجبروك ومكنتش دي نيتك يبقى محصلش وهي لسه مراتك برضو، بس انت عارف هي فين دلوقتي وهتروح لها تطمن عليها ازاي!؟.

هتف حزن بعد تفكير: - اني معرفش ابوها ممكن يكون خباها عني فين!؟، بس اني حاسس انه سابها عند مراته الجديمة لحد ما يعتر فيا عشان اطلجها ويرتاح ويعمل فيها اللي يعچبه، بس اني مش هنولهاله..
هتف الشيخ صالح متسائلا: - هتعمل ايه!؟.
اكد حزن في إصرار: - هعمل اللي كان لازما يتعمل من زمن..
ونهض متغلبا على ألام جسده وجراحه عازما على تنفيذ ما جال بخاطره وليكن ما يكون..

وقف متواريا عن الاعين بالقرب من بيت نعمات يراقب الذاهب والايب ليتأكد ان سعادة بالداخل..
كان دليله الوحيد هو رؤيته لأبيها خارجا من عند نعمات التي يعلم انه لن يعودوها وأولادها الا لامر جلل وقد صدق حدسه عندما ابصر اللحظة سعيد خارجا من باب بيت نعمات وعلى وجهه إمارات الغضب والقرف فأختبئ حتى غاب سعيد راحلا..

تسلل في خفة في اتجاه خلفية البيت حيث النافذة وطرق عليها في رقة هامسا: - سعادة!؟، سعادة..!؟، انت عندك!؟.
تطلعت حولها في تيه وهي غير مصدقة ان ذاك صوته الذي ينادي باسمها، تصنعت اللامبالاة وهي تكنس الأرض بالقرب من النافذة وهمست في وجل: - ايوه يا حزن، ابويا حابسني هنا لحد ما يعرف طريقك..
همس في فرحة متسائلا: - انت بخير!؟.
همست مؤكدة: - الحمد لله، المهم انت كويس بعد اللي عملوه فيك البعدة، منهم لله..

انتفضت سعادة في ذعر عندما هتفت بها نعمات في تعجب: - بتكلمي مين يا بت!؟، هو انت عقلك خف ولا ايه!؟.
هتفت سعادة متلجلجة وكذا حزن الذي اضطرب خارجا خوفا من انكشاف أمرهما: - لا يا خالتي، أتكلم ايه بس!؟، ده انا بغني، اهو بسلي حالي وانا شغالة..
هتفت نعمات مقتنعة بحجتها الواهنة: - طيب ياختي، غني وماله بس خلصي اللي ف ايدك لسه غسيل هدوم أخواتك على حاله عايز ينضف..
هتفت سعادة: - من عنايا، حالا اهو..

وادعت الكنس من جديد في حماسة حتى غابت نعمات منشغلة بفض بعض المشاحنات بين أطفالها
لتعود سعادة تقترب من النافذة هامسة: - حزن..
همس بدوره: - اني موچود، ومش هسيبك ابدا..
ابتسمت وقد استشعرت قلبها يرفرف عشقا بين جنباتها ليستطرد مؤكدا: - احنا لازما نهرب من هنا، اسمعي، لما مرات ابوك وأخواتك يناموا، استني مني خبطة على الشباك ده على نص الليل كده، جهزي حالك، تمام!؟
همست موافقة: - تمام، متتأخرش عليا..

همس بدوره وهو يهم بالابتعاد عن النافذة قبل ان يع له احد: - حاضر..
واندفع في اتجاه بيت الشيخ صالح من جديد ينتظر منتصف الليل بفارغ الصبر..

أنهت كل ما أمرتها به زوج ابيها من اعمال حتى اذا ما انتهى العشاء غسلت أطباقه وبدأ الجميع في الخلود للنوم..
تمددت هي موضعها المعتاد لتهمس بهما نعمات وهي تحتضن طفلها الأصغر لصدرها لعله يغفو: - ألا قوليلي يا بت يا سعادة!؟، هو ايه اللي خلاك تتجوزي الواد الصعيدي ده!؟.

همست سعادة متطلعة لسقف الغرفة المشقق والذي تخلى عن لونه فأصبح باهتا يثير الانقباض: - مكنش فيه حل تاني بعد ما طردتيني ونمت ف الخرابة كذا يوم هموت فيهم من الجوع والبرد واخرتها أتهجم عليا واحد سكران، الصعيدي ده هو اللي حسسني بالأمان وهو لا يعرفني ولا يعرف حكايتي ورغم ان ظروفه كانت زي ظروفي مبخلش عليا بهدمة تدفيني ولا لقمة اقاسمه فيها ودافع عن شرفي وكان ممكن يروح فيها، فلما عرض عليا الجواز عشان ألاقي سقف يحميني قبلت طبعا، وطول الفترة اللي عشتها معاه عمره ما فكر يقل أدبه عليا ولا يجبرني على حاجة مش عيزاها وفضل اد كلمته معايا..

شهقت نعمات حتى ان رضيعها الذي كان قد بدأ يعفو بالفعل استيقظ مذعورا وهتفت في تعجب: - انت عايزة تقولي ان جوازك بيه كان على ورق بس!؟.
هزت سعادة تهز رأسها في تأكيد: - اه يا خالتي..
عشت معاه ومكنش ليه غرض الا حمايتي، بزمتك ده راجل يتساب!؟.
هتفت نعمات مؤكدة: - الصراحة لا، هو فيه رجالة كده أصلا!؟، ياختي ما اديك شايفة ابوك ميملاش عينيه الا التراب..

واستطردت بعد لحظة صمت: - ده ابوك هيموت م الفرحة لما يعرف بالكلام ده، عشان خاطر العريس اللي جايبهولك..
وهتفت تحاول إقناعها: - ما تسمعي كلام ابوك يا بت وخلينا كلنا نقب على وش الدنيا ونشوف العز بقى!؟، بلا حب بلا كلام فاضي مبيأكلش عيش..
هتفت سعادة ساخرة: - نقب على وش الدنيا وعز!؟، هو ابويا قالك كده وده اللي ضحك على عقلك بيه!؟.
هتفت نعمات في حدة: - قصدك ايه!؟.

قهقهت سعادة مؤكدة: - قصدي ان عمرك انت ولا ولادك هطولي من ابويا لا عز ولا يحزنون لا بجوازي ولا بأي جواز تاني..
هتفت نعمات في غضب: - ازاي يا بت!؟، ده قالي ان العريس ده غني قووي وهنعيش معاه السعد والهنا كله..

هتفت سعادة شارحة: - ده لو حصل يبقى السعد هيروح لمراته الجديدة عشان ده قريبها، هو قالي كده يوم ما جه ياخدني، انت وعيالك راحت عليهم ولا هتشوفوا مليم من فلوس العريس اللي بيقولك هينغنغك بيها، وبعدين انت ضامنة بعد ما العريس ده يتجوزني شوية وممكن يزهق ويطلقني عشان يدور على غيري!؟، ساعتها بقى كل حاجة هاترجع على قديمه واللي قدر ابويا يسرسبه من وراه مش هيكون لكم فيه نصيب ولا حتى مليم ابيض..

تطلعت لها نعمات وقد ايقنت ان كل كلمة تفوهت بها سعادة هي صحيحة ولا تقبل الجدل او حتى التشكيك فيها فهى تعلم سعيد جيدا وتدرك انه قادر تماما على التخلي عنها وأولاده..
همست نعمات بصوت متحشرج: - يعني هيرميني انا والعيال!؟، طب هروح فين بيهم!؟، دوول كوم لحم متعلق ف رقبتي، وانا اللي قلت هات يا خلفة عشان أربطه اتاريني مربطش الا حالي..

تطلعت اليها سعادة في شفقة لكنها سريعا هتفت في حماسة: - طب واللي يقولك تعملي ايه!؟.
هتفت نعمات في حماسة مماثلة: - اديله اللي يطلبه بس اعرف اتصرف ازاي..
هتفت سعادة مؤكدة: - طب نتفق..
تطلعت اليها نعمات هامسة في تعجب: - على ايه!؟.
هتفت سعادة: - على انك تفكيني وتسبيني امشي مع جوزي وانا هديك عنوان مراته الجديدة اللي سمعته بيقوله لرجالة عزوز..

برقت عينا نعمات في فرحة هاتفة: - والنبي صحيح!؟، انت عارفة العنوان!؟.
اكدت سعادة في ثقة: - هكتبهولك على ورقة قبل ما امشي..
واستطردت في مهادنة: - ده لو وافقتي تسبيني امشي مع جوزي لما يجي ياخدني كمان شوية..
هتفت نعمات في حماسة: - طبعا تمشي معاه وتروحي للي يصونك، واديني العنوان اطبق على انفاسه هو والسنيورة الجديدة..
هتفت سعادة في فرحة: - اتفقنا، تعالي فكيني بقى عشان اظبط نفسي واجمع حاجتي..

نهضت نعمات من موضعها تنحني تفك قيد سعادة متسائلة في قلق: - طب ولو سألني هربتي ازاي وهو رابطك!؟.
اجابت سعادة في سرعة وهي تنهض من موضعها في اتجاه صندوق يحمل حاجياتها لتخرج منها ما قد تحتاجه وهي تتجه لذاك المجهول معه: - قوليله حد م العيال فكها وانا نايمة وسهتنا وهربت..

ما ان جمعت سعادة بعض الأغراض في (بؤجة) صنعتها من غطاء فراش مهلهل حتى سمعت دق على النافذة كما كان متفق، فاندفعت تشد على رباط سرة ملابسها وهي تهمس لحزن من خلف خصاص النافذة: - انا خارجة حالا..

همت بالاندفاع من باب الشقة الا ان نعمات استوقفتها مطالبة بعنوان زوجة ابيها الجديدة فتطلعت سعادة حولها في اضطراب وأخيرا وجدت قلم مكسور وورقة ملطخة بالزيت كانت لطعام العشاء كتبت عليها عنوان وهمي في عجالة ودفعت به لنعمات التي تطلعت اليه في اهتمام وقد تناست سعادة ورحيلها..

خرجت سعادة من باب البيت ليتلقف حزن عنها حملها هاتفا في تعجب: - هو ايه اللي حصل!؟، مرت ابوك كيف تساعدك ع الهرب!؟، مش خايفة من ابوك..!؟.
هتفت سعادة وهي تبتعد عن ذاك البيت الذي لم تذق به الا طعم الذل والقهر: - هقولك كل حاجة بس مقلتليش الأول، هو احنا رايحين على فين!؟.
مد كفه محتضنا كفها في عشق وهمس وهو يسير معها جنبا لجنب: - رايحين لأمي!؟.
هتفت في تعجب: - امك!؟، فين!؟.

ابتسم ولم يجب بل جذبها لتلحق به في فرحة وقد اجتمعا أخيرا..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة