قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا صاحبة السعادة والسيد حزن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث

نوفيلا صاحبة السعادة والسيد حزن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث

نوفيلا صاحبة السعادة والسيد حزن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث

تطلعت اليه بنظرات غائمة من بين دموعها وهتفت في وجع: - للدرجة دي!؟، هتتجوزني شفقة!؟.

هتف حزن في سرعة: - لااااه، ليه بتجولي كده بس!؟، ده اني اللي طالب منك تجبلي، عارف اني مش أملة، بس چوازك مني هيصلح حالي، اني ف يومين من ساعة ما جابلتك والخير نازل عليا واللي كنت بكسبه ف أسبوعين بالضالين ربنا بعته ف يومين، الچواز شكل بس عشان تبجي ف امان وليك باب مجفول عليك وضامنة جوت يومك، اديك شايفة محدش من أصحاب البيوت هيرضى يسكني لحالي عشان بطولي وف نفس الوجت لو هاتسكني لحالك هتبجي مطمع، يعلم ربنا اني عرضت عليك الچواز واني عارف اني مش مجامك بس عشان اصونك لحد ما ابوك بس يظهر، وبعدها اعملي اللي يريحك..

تطلعت اليه في صمت وأخيرا هتفت في ثبات عجيب وقد ادركت ان لا حل لها الا القبول: - انا موافقة..
ابتسم مهللا في سعادة: - الله اكبر، طب ياللاه بينا ع المأذون عشان نلحجوا صاحب البيت جبل ما يأچر الاوضة لغيرنا..
تحركا بضع خطوات قبل ان يهتف متسائلا: - مجلتليش انت عندك كام سنة!؟.
ابتسمت هامسة: - لسه تامة التمنتاشر من كام شهر..
ابتسم هاتفا: - طب تمام، اني اكبر منك بياجي سبع سنين..

توقف عند باب المسجد وأمرها في لطف: - دجيجة استني هنا اشوف سيدنا الشيخ..
دخل حزن باحثا عن امام المسجد حتى وجده قد فرغ لتوه من صلاته جلس جواره هامسا في ادب: - حرما يا سيدنا الشيخ..
نظر اليه الرجل في مودة: - جمعا يا ابني باذن الله..

همس حزن: - بجولك يا عم الشيخ، بره موجودة معايا واحدة بت حلال واني عايز اتچوزها وهي موافجة بس ملهاش ولي، مش عارفين نعتروا ف ابوها واني خايف يكون غيبته هتطول وهي ملهاش حد ومينفعش تتساب لحالها، تبجى مطمع، ينفع تبجى وليها وتروح نعجد عليها!؟، ولاه لازما ابوها!؟.

ابتسم الشيخ وربت على كتفه في اكبار هاتفا: - انت باين عليك ابن حلال، وطالما غاب الولي بحيث تعذر الوصول لمكانه يبجى تختار رجل من المسلمين يكون وليها، قوم ياللاه معايا نجوزكم..
نهض الشيخ ومعه حزن وخرجا من المسجد وما ان طالع سعادة حتى هتف يسألها في حنو مشيرا لحزن: - الراجل الطيب ده عايز يتجوزك يا بنتي، انت موافقة!؟.
هزت سعادة رأسها إيجابا وهمست في حياء: - اه يا عم الشيخ، موافقة..

هتف الشيخ يسألها: - ابوك صح غايب!؟.
هزت رأسها بالإيجاب من جديد: - ايوه، اتجوز وغاب مع مراته الجديدة ومحدش عارف له طريق ولا نعرف هيظهر امتى، ومراته القديمة طردتني من بيتها ف الشارع، وانا مليش حد..
تطلع الشيخ اليها ولمس الخزلان في حروفها فهتف يستأذنها: - تقبلي يا بنتي أكون مطرح ابوك وأكون وليك..
هتف في إجلال: - طبعا يا عم الشيخ، ده انا أتشرف..

ابتسم الشيخ هاتفا: - طب ياللاه معايا ع المأذون، هو بعد حارتين من هنا..
سارا ورائه وكل منهما نظراته لا ترتفع عن الأرض يستشعر سعادة عجيبة تسربله لا يعلم لها سببا ولا يجد لها مبررا، فكلاهما يعلم تماما انه زواج مؤقت وشكلي، لكن على الرغم من ذلك كانت الفرحة التي ترتسم على قسمات وجهيهما لا يمكن إغفالها او تجاهلها..

جذب المأذون ذاك المنديل الأبيض من فوق كفي حزن والشيخ صالح هاتفا في حبور: - مبارك ان شاء الله، بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في الخير..
هتف الشيخ صالح: - امين..
وتطلع الى سعادة التي كانت تجلس في حياء بالغ بأحد الأركان هاتفا: - مبارك يا عروسة، ربنا يجعله الزوج النافع وسندك وأبو اولادك يا بنتي..

تلعثمت لهذا الدعاء الذي مس شغاف قلبها وما ان همت بالرد الا وانتفضت لاأراديا عندما هتف حزن في حماسة: - اميييين..
ليتفجر كل من المأذون والشيخ صالح ضاحكين..
وتبتسم هي في خجل بدون ان تعقب بحرف..

نهض الجميع مغادرين وما ان هم الشيخ صالح بتركهما حتى هتف به حزن: - معلش يا سيدنا الشيخ، اني عارف اني بتجل عليك، بس اصلك صاحب البيت مش هايرضى يأچر لنا الاوضة الا بجسبمة الچواز ودي لسه عليها شوية، يعني لو هتعبك تاچي تجوله انها مرتي عشان يدينا الاوضة لحد ما اچيب الجسيمة..
ربت الشيخ صالح على كتف حزن هاتفا في مرح: - حاضر يا سيدي، وليك عندي يا عريس فطار الصباحية..

نكس حزن رأسه حياء وهتف في سعادة: - ربنا يبارك لنا فعمرك يا سيدنا الشيخ..
واتجهوا جميعا لصاحب البيت الذي قبل بإعطائهما الغرفة الموجودة بسطح داره..
توجها اليها يسيران جنبا الى جنب ليهتف حزن في سعادة: - مبروك يا عروسة..
تطلعت اليه هامسة متجاهلة الرد على مباركته: - احنا على اتفاقنا، صح!؟.
اكد هاتفا: - معلوم، اني مغيرش كلمتي ابدااا..

هزت رأسها في اطمئنان وقد وصلا للبيت صعدا الدرجات التي قادتهما للسطح ومنه للحجرة التي اخرج مفتاحها من جيب جلبابه الوحيد وعالج به القفل حتى انفرج الباب، مد كفه باحثا عن ذر الإضاءة ضاغطا عليه حتى انارت الغرفة ليدخل اليها مبتعدا عن الباب ليسمح لها بالدخول كذلك..
توقف كل منهما يتطلع لمحتويات الغرفة في استطلاع لمعرفة ما ينقصها..

كان هناك حصيرة متهالكة يتمدد عليها مرتبة قطنية متوسطة الحال ومغطاة بغطاء صوفي بسيط وبأحد الجوانب هناك زير فخاري تحته يقبع طبق من الصاج وبالجانب الاخر يوجد طاولة خشبية تترنح قليلا عند الاستخدام موضوع عليها (وابور) وبعض الاطباق الصاج وهناك بعض المسامير المغروسة بالحائط لتعليق الملابس عليها، اما الحمام فكان بخارج الحجرة وما بين الحمام والحجرة يوجد حوض ماء صغير الحجم بصنبور نحاسي مطفأ اللون يتدلى من فوهته قطعة صغيرة من خرطوم مطاطي..

هتف حزن متحرجا: - معلش مش مجامك، بس أهي حاچة تجضي الغرض لحد ما ربنا يسهل..
ابتسمت سعادة ممتنة: - تسلم يا سي حزن، دي تكفي وزيادة، وبعدين ايه حكاية مش قد المقام اللي انت ماسكها دي!؟، هو انت فاكر اني بنت السلطان!؟، انا بت يتيمة عاشت مع كل ست من مرتات ابوها اكتر ما عاشت مع أمها اللي متفتكرش حتى شكلها وطبعا انت عارف وشفت بنفسك واحدة فيهم عاملتني ازاي!؟.

هتف مؤكدا: - برضك ده مش مجامك، وربنا يرزجني واني اچيب لك الاحسن، واني متأكد انه هيرزج، يا وش السعد..
ابتسمت منكسة رأسها في حياء، طال الصمت بينهما ليهتف هو مشيوا لاحد الأركان: - بصي اني هچيب حبل من حبال الغسيل اللي بره وهشده بعرض الاوضة واحط عليه ملاية من الملايات وانجل لك فيه المرتبة ودي تبجى اوضتك الخصوصي..
هتفت تسأله: - وانت!؟.

تطلع اليها مؤكدا: - اني هاخد الحصيرة دي واجعد ف الركن التاني ده، واهو سجف مدارينا بدل ما كنا نايمين فالطل بين فيران الخرابة وجرفها..
همست مؤكدة: - صدقت..
شمر ذراعي جلبابه هاتفا في همة: - استعنا ع الشجا بالله..
حذت حذوه وطفقا ينظفان الحجرة ويعدلا منها كما اتفقا..
ملأت دلو من الصفيح بالماء بغية مسح الغرفة للتخلص من الحشرات التي قد تزحف عليهما نياما.

وما ان همت بحمله حتى شاهدها فاندفع نحوها هاتفا في عتب: - لاااه، ليه تشيلي تجيل واني موچود!؟.
حمل الدلو ووضعه خارج الغرفة متسائلا: - هااا، عايزاني اساعد ف ايه!؟.
هتفت في خجل: - يعني ولو كان ممكن تشيل المرتبة تخرجها بره عشان اعرف امسح الاوضة..
هتف في حماس: - يا سلام، دي حاچة بسيطة..

واندفع يجمع اطراف المرتبة التي يتكوم القطن في بعض أجزائها ويخاصم الأخرى مندفعا بها خارج الغرفة ملقيا بها على سور السطح..
ساعدته في جمع الحصير وإخراج الطاولة والزير وبدأت في سكب المياه وانحنت توزعها باستخدام قطعة من الخيش بكل الأركان مما دفعه ليحيد بناظريه عنها متطلعا لخارج الغرفة حتى استقامت معتدلة تمسح بعض من قطرات العرق التي تجمعت على جبينها..

عاودت الكرة تحاول تجفيف الأرض المبتلة الملساء فإذا بقدمها تنزلق لتسقط ارضا مما دفعه ليعيد النظر الى الغرفة بعد سماع هذا الصوت..
شهق مندفعا لها هامسا وهو ينحني قبالتها محاولا الا يصل الماء الى اطراف جلبابه الذي لا يملك غيره بعد ان ضاع كل ما يملك تحت ركام البيت المنهار الذي كان يسكنه سابقا: - انت بخير يا ست سعادة!؟.
تأوهت في وجع هامسة: - الحمد لله بس واضح ان الواقعة جامدة..

هتف في حذر وهو يمد كفه لها: - طب هاتي يدك وجومي كفاياك كده اني هكمل عنك..
مدت كفها بالفعل وما ان هم بجذبها لتنهض حتى انزلقت قدمها من جديد ليسقطا معا هذه المرة..
كان سقوطهما مدويا وخاصة ان حزن قد اسقط الدلو في طريقه مفترشا الأرض مما جعل المياه تغرقهما معا..
لحظات من الصمت لم يقطعها أيهما وأخيرا هتف حزن وهو يتطلع اليها ممددة جواره وقد علت قسمات وجهها الصدمة: - چيبتك يا عبدالمعين تعيني..

همست هي تكمل المثل: - لقيتك يا عبدالمعين تتعان..
تطلعا مرة أخرى لبعضهما ثم انفجرا ضاحكين لينهض حزن في حرص شديد مادا يده لتعطي له كفها في أريحية لينام بحضن كفه، جذبها لتنهض مندفعة تحاول التعلق بشئ ما حتى تتحاشى الانزلاق من جديد فلم تجد الا صدر جلبابه فتشبثت به في امان، تطلع هو اليها وهي اليه قريبة بهذا الشكل الحميمي الذي غاب معه واقعه ظنا انه يحلم حلما ورديا لا يريد ان يستفيق منه..

رفعت ناظريها اليه فتنبهت لنظراته وكفيها المعلقتين بصدره كأنما تستجديه البقاء قربها مما اثارارتباكها وحاولت ان تتحرك مبتعدة لكنه كان احرص منها فلم يترك كفها مبتعدا حتى اطمأن انها بأمان من السقوط..

خرجت من الغرفة لينحني هو مكملا ما بدأته وما هي الا بضع دقائق حتى هتف وهو يخرج من الغرفة متطلعا اليها وهي تجلس على تلك المسطبة الموضوعة بشكل ملاصق للغرفة تجعلك كاشفا للسطح الواسع كله وهمس في مودة: - الاوضة بجت تمام، أي خدمة تانية يا وش السعد!؟.
تطلعت اليه مبتسمة وهمست شاكرة: - لااا، تسلم ايدك، شوية تنشف الارض وندخل المرتبة والحصيرة وننام بقى..
هتف بأريحية: - هنام بهدومنا دي!؟.

تطلعت اليه متعجبة: - قصدك ايه!؟.
هتف مبتسما عندما لاحظ تغير ملامحها: - جصدي انها مبلولة، والدنيا برد، تعيي بالهدوم المبلولة دي..
همست: - طب هنعمل ايه!؟، هو احنا حيلتنا غيرها..
هتف مشيرا للغرفة: - زمان الاوضة نشفت هفرش شوية چرايد ع الأرض واحط لك المرتبة واني علجت الحبل وفاضل الملاية وخشي غيري هدومك وألبسي العباية اللي چبتيها من مرت ابوك، وأغسلي لبسك ده وانشريه..
هتفت: - طب وانت!؟.

ابتسم في وداعة: - اني متعود على كده متجلجيش، ياما نمت ف الطل فعز البرد والدنيا بتشتي، متشيليش هم..
واندفع ينفذ ما اتفقا عليه..

طرقات على باب الغرفة جعلتهما يتنبها فنهض هو من موضعه ليفتح بينما ظلت هي خلف ستارها المهترئ تستطلع من القادم، كان احد الغلمان وقد ارسله الشيخ صالح كما وعده بإفطار الصباحية..
تمتم في سعادة شاكرا وهو يحمل الصينية عن الفتى ويدخل بها مغلقا الباب في حذر حتى لا يوقظ سعادة التي كان يعتقد انها لاتزل غافية..

تنحنحت وجمعت شعرها تحت غطاء رأسها وأزاحت الستار بينهما هامسة في هدوء وبابتسامة خجلى: - صباح الخير..
همس متطلعا لوجهها الصبوح: - يا صباح السعادة، اكيد چعانة، مش بجولك الرزج واسع من ساعة ما وعيت لك، اهااا فطار چايلنا لحد عندينا، همي..

نهضت متوجهة لموضع جلوسه وجلست قبالته بينهما صينية الطعام وما ان همت بمد كفها لأحد الأرغفة حتى كان هو الأسبق يمد كفه اليها بلقيمة صغيرة بها بعض الغموس رافعا إياها لفمها متطلعا اليها في حنو ولم يهمس بحرف لكن عيناه كان تخبرها الكثير، ترددت في قبول كفه الممدودة لكنها وجدت نفسها بلا إرادة منها تقترب في وجل تلتقم كسرة الخبر من بين أصابعه ليبتسم في حبور ابتسامة واسعة كأنما حاز الدنيا وما فيها..

بدأ حزن في إلتهام الطعام بشهية شديدة وهي تتطلع الى ذاك الرجل الغريب عنها الذي يعاملها باحسن ما كانت بين جدران بيت ابيها، وتاهت في تفرس قسمات وجهه الأسمر الخشن الا من عينيه التي تحمل بريقا صادقا من مودة وحنو لا يمكن إغفالهما، ارتفعت نظراته اليها يحثها على تناول الطعام فإذا به يمسك بها متلبسة في تفرسه مما جعلها تنحى بناظريها عنه في خجل بينما ابتسم هو في سرور غامر أورثه شعورا طاغيا لم يتملكه من قبل..

نهض نافضا كفيه وهتف: - اني نازل مش عايزة حاچة!؟.
هزت رأسها نافية وهمست: - عايزة سلامتك..
انتفخت أوداجه في فخر وانحنى يضع كل ما بجيبه تقريبا على الصينية امامها وكذا مفتاح الغرفة وهمس في مرح: - ده كل اللي ف چيبي، خليه معاك، من هنا ورايح انت ست البيت، اجصد ست الاوضة..

قهقهت ونهضت خلفه تودعه للباب الذي فتحه وغادر في انتشاء مترنما بموال قديم عن العشق والعاشقين تناهى لمسامعها وهو يهبط الدرج وصوت قهقهاتها يصاحبه في مسيره..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة