قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا سيدرا للكاتبة منال سالم الفصل التاسع

نوفيلا سيدرا للكاتبة منال سالم الفصل التاسع

نوفيلا سيدرا للكاتبة منال سالم الفصل التاسع

عاد سليم إلى غرفته بعد أن قضى ليلته بأكملها ممدداً أمام باب غرفة سيدرا وهو يردد على مسامعها أنه يحبها بجنون، ويعشقها بلا حدود، بلى، هو يعلم أنها حالياً تمقته، تبغضه، تكره ما يذكرها به، ولكنه كان متيقناً من أمر واحد، هو أنه عاشق لها، وأنها حبيبته التي يشتهيها..
هو لا يعرف كيف ومتى أحبها، ولكنه وقع أسيراً لغرامها، وسوف يحاول جاهداً إصلاح ما جرى معها..

رأته والدته السيدة كوثر وهو يسير بخطوات بطيئة نحو غرفته، و في تلك الحالة المزرية، فتعجبت كثيراً، ونادت عليه، ولكنه تجاهلها، فعقدت العزم على أن تجري حديثاً جاداً معه، وتعرف ما الذي يدور في خلده، لذا سارت خلفه، واتجهت ناحية غرفته، ثم دلفت إلى الداخل، فوجدته مسجى على الفراش، لذا تحركت خطوة للأمام ناحية فراشه، ولكن اتسعت عيناها في ذهول تام حينما استمعت إلى شهقاته، فظنت أنها تتوهم هذا، ولكن إزداد نحيبه، فوضعت كلتا يديها على فمها من الصدمة، فقد كانت تلك هي المرة الأولى التي ترى فيها ابنها الوحيد يبكي بمرارة، ومنكسر، لقد أخافتها هيئته تلك بشدة، وأرادت أن تعرف ما الذي أصابه...

فاجتهدت لكي تتغلب على صدمتها، وسارت بخطوات متمهلة ناحيته، ثم جلست على طرف الفراش، ومدت يدها لتضعها على ظهره و..
-كوثر بنبرة رقيقة: سليم
انتبه هو إلى صوت والدته، وتفاجيء بوجودها، فكفكف دمعه، وأزاح يدها بعيداً عنه، واعتدل في جلسته على الفراش و...
-سليم بنبرة ممتعضة، ونظرات حانقة: ماذا تريدين مني؟
استغربت كوثر من ردة فعل ابنها الفظة معها، ولكنها تغاضت عن الأمر و...

-كوثر بخفوت، ونظرات أم حانية: أريد أن أطمئن عليك، فأنت لم تعد كما كنت، أعرف أنك تريد اغاظتي بحديثك عن زواجك المزعوم هذا، ولكني متأكدة أنها مجرد أكاذيب
نهض سليم عن الفراش وهو مكفهر الوجه، ثم سار في اتجاه باب غرفته و...
-سليم بنبرة جادة وهو يشير بيده: اخرجي من غرفتي كوثر هانم، فأنا لا أريد أن أرى وجهك
احتقن وجهها بالدماء عقب جملته الأخيرة، و...

-كوثر بضيق، ونظرات مشدوهة: لماذا تعاملني هكذا؟ لماذا أنت قاسٍ إلى هذا الدرجة
-سليم بإقتضاب: إسألي نفسك، فأنتِ من دفعني لهذا
-كوثر بتبرم، ونظرات حادة: أنا لم أخطيء في شيء
-سليم وهو يلوي فمه في تهكم: حقاً..!
-كوثر بنبرة ضجرة: أنا لا أجدد مبرراً لأفعالك سوى أنك تعاندي فقط، وأنا قد سئمت ذلك..
مط هو شفتيه في استهجان، ورمق والدته بنظرات استنكار، بينما تابعت هي حديثها ببرود مستفز و ب...

-كوثر بلهجة شبة آمرة: ضع في اعتبارك أني سأقيم حفلاً غداً، وأتوقع مجيئك للترحيب بالضيوف معي
-سليم وهو يزم شفتيه: لا أعتقد أني سأتي
-كوثر بجدية: هذا أمر وليس طلب..!
ثم تركته وانصرفت دون أن تنتظر منه أي رد، في حين نزع هو قميصه الأسود المبتل بعرقه، وألقاه على الأرضية ثم توجه إلى المرحاض من أجل الاغتسال...

إمتلأ القصر بأصوات ضجيج عالية مع إشراقة شمس صباح اليوم التالي، حيث الاستعدادات الجارية على قدم وساق من أجل حفل الليلة البهيج الذي تقيمه السيدة كوثر من أجل تدبير حفل تعارف وتوثيق صلات بينها وبين ابنة إحدى رفيقاتها..

اعتذر أحد الخدم عن المجيء بسبب ظروف وفاة والده، فاضطرت مدبرة المنزل أن تبلغ سيدة القصر بهذا الأمر، مما جعلها تغضب غضباً عارماً، فلم يعد هناك وقتاً كافياً من أجل توفير خادم بديل، والحفل متبقي عليه فقط ساعات قليلة، فظلت تسب وتلعن ذلك الحظ العثر، ثم مالت إحدى الخادمات على زميلتها لتقترح عليها..
-خادمة ما بصوت لئيم: لماذا لا نستعين بإبنة المربية سوسن؟
-خادمة أخرى بنبرة حائرة: أتقصدين سيدرا؟

-خادمة ما بنبرة ممتعضة: بلى، هي مثلنا، أم هي تظن أن ابنتها من سادة القوم كي لا تخدم غيرها كما نفعل نحن!
-خادمة أخرى بعدم اقتناع: أنا لا أعلم، ولكن بإمكانك أن تقترحي هذا على السيدة كوثر
-خادمة ما بنبرة جادة، ونظرات شرسة: سأفعل هذا..
وبالفعل توجهت الخادمة إلى غرفة السيدة كوثر لتبلغها بشأن سيدرا...

ظلت سيدرا محدقة أمامها وهي تتنهد بإنزعاج، حيث بدأ العد التنازلي لانتهاء المهلة المحددة لانتهاء عقد الزواج المشؤوم، وأصبحت تعد هي الأيام بفارغ الصبر كي تترك هذا القصر اللعين بمن فيه للأبد، فقد قضت أسابيعاً طويلة حبيسة جدران تلك الغرفة دون أن تتركها إلا للذهاب إلى المرحاض المجاور لها، فقط لتتجنب رؤية مغتصبها الكريه الذي لم يفارق أحلامها يوماً، وسيطر عليها كلياً، فلم تعد ترى سواه، فأصبح هاجسها الوحيد، ورغم أنها كانت تكرهه بشدة إلا أن هناك شيئاً ما بداخلها كان ينبض لأجله، ولكنها أنكرت الاعتراف لنفسها بهذا الشعور، وأصرت على أن تقاومه بكل جوارحها، وبررت لنفسها انسياقها وراء شعورها هذا بأنه نتيجة تفكيرها الدائم والمستمر فيه، وكالعادة حاولت أن تنفض عن عقلها التفكير فيه، وحاولت أن تُلهي نفسها بإكمال تطريز قطع القماش، لقد علمتها المربية سوسن تلك الهواية خلال الأسابيع المنصرمة، فأحبتها ووجدتها السلوى لها في وحدتها التي لا تنتهي أبداً...

كانت سيدرا ترتدي قميصاً قطنياً أبيض اللون حينما دلفت المربية سوسن إليها وهي تحمل صينية طعام الغذاء لها و...
-سوسن بنبرة هادئة: حبيبتي، تناولي بعضاً من هذا
-سيدرا بإقتضاب: لا أريد
-سوسن بإصرار: غاليتي، لقد أعدت هذا الطعام خصيصاً لكِ، إنه من أطباقنا الشهيرة بالضيعة
-سيدرا بإنتباه شديد: الضيعة
-سوسن وهي تبتسم برضا: تناوليه حبيبتي، من أجلي، ومن أجل أحبائك هناك
-سيدرا بخفوت: أحبائي.

-سوسن هي توميء برأسها: بلى، فأنا أعرف جدتك مريام جيداً، وهي من علمتني تلك الوصفة الطيبة
-سيدرا وهي تتنهد بحرارة: أووه، جدتي، أمي، اختي، وجدي، كم أفتقدهم جميعاً..
-سوسن بنبرة دافئة: قريباً ستعودين إليهم، ولكن اهتمي أولاً بصحتك صغيرتي، فأنتِ لا تريدين أن يروكي وأنت شاحبة الوجه، ومريضة
-سيدرا وهي تهز رأسها: حسناً، سأكون قوية من أجلهم
-سوسن وهي تبتسم بإرتياح: هكذا أريدك..!

وفجأة وجدت كلتاهما السيدة كوثر تقتحم عليهما الغرفة وعلى وجهها علامات شر مستطر و...
-كوثر بنبرة آمرة وحادة وهي تشير بيدها لسيدرا: أنتِ، أريدك مع الخدم الليلة
انتفضت سيدرا فزعة في مكانها، وتوقفت اللقمة التي كانت تلوكها في حلقها، وكادت تختنق من الصدمة، وسعلت لعدة مرات قبل أن تجيبها ب...
-سيدرا بنبرة مختنقة: كح، آآ، ماذا؟
-كوثر بنبرة هادرة: هل أنتِ صماء؟

-سوسن مقاطعة بتوجس ونبرة متلعثمة: سيدتي، إن، إن ابنتي مريضة وآآ...
رمقت السيدة كوثر سيدرا بنظرات استعلاء ممزوجة بالتعالي قبل أن تتابع ب...
-كوثر بغضب عارم يحمل التهديد: أنا أراها بكامل عافيتها، أم أنكِ تظنين أنك مالكة هذا القصر، إفعلي ما أمرك به أو سأزج بابنتك في السجن وأتهمها بسرقة عقدي الثمين..
ثم التفتت إلى المربية سوسن، وحدقت بها بنظرات قاسية و...

-كوثر بنبرة مخيفة: وأنتِ تعرفين أني قادرة على هذا...!
-سوسن فاغرة شفتيها في ذهول، وبنظرات مشدوهة: ماذا؟
-سيدرا بنبرة مصدومة، وأعين متسعة: هه...
تبادلت كلاً من سيدرا والمربية سوسن النظرات المرتعدة والخائفة، فليس أمامهما أي حل أخر سوى الامتثال لأوامر السيدة كوثر، وإلا ستتعرض الأولى للاعتقال دون أن ترتكب أي جريمة...

تركتهما السيدة كوثر بعد أن رمقتها بنظرات متأففة، ثم انصرفت خارج الغرفة، فتنهدت سيدرا في ضيق، وبدأت العبرات تتجمع في مقلتيها، ثم دفنت وجهها بين راحتي يدها و..
-سيدرا بنبرة مختنقة من البكاء: أنا لا أريد الخروج من هنا، لا أريد خالتي سوسن
حاولت المربية سوسن أن تهون عليها المسألة، فهي تعرف أنها لن تتقبل بسهولة أن تطأ بقدميها خارج الغرفة إلا حينما تترك هذا القصر للأبد، ولكن لا مفر الآن من الخروج..

-سوسن بنبرة شبه منزعجة: حبيبتي، لا تقلقي، لن يمسك أي أحد بسوء، فأنا إلى جوارك
-سيدرا بنبرة باكية: لقد قطعتِ وعداً بأن تخرجيني من هنا حينما أعود لأهلي، وليس قبلها
-سوسن بنبرة آسفة: أنا أعلم حبيبتي، ولكن ليس باليد حيلة، فأنا، فأنا أعرف شر تلك المرأة، هي لن تترككِ إن لم تنفذي أوامرها
-سيدرا بخوف: ولكن هذا معناه أني سأراه.

-سوسن بتوجس: احتمال وارد، ولكني إلى جوارك، ولن أسمح له بالاقتراب منكِ، ثقي بي بُنيتي
حاولت المربية سوسن اقناع سيدرا بأن تخرج من الغرفة وتساعد باقي الخدم في حفل الليلة كي تتجنب نوايا السيدة كوثر الخبيثة في حال رفضها، وتعهدت لها مراراً وتكراراً بألا تتركها بمفردها، وستحاول قدر الإمكان أن تحول دون إلتقائها بسليم..
وفي النهاية رضخت سيدرا لطلبها رغم شعورها بالإنقباض...

حل المساء، وتوافد الضيوف على ذلك القصر المهيب، وتعالت أصوات الضحكات الممزوجة بأصوات الموسيقى الهادئة، وقفت السيدة كوثر أعلى الدرج لترمق جميع الحاضرين بنظرات متباهية، ثم أمسكت بالدرابزون وهي تنزل عليه بفستانها الأسود اللامع ذو الصدر المكشوف، والأكتاف العالية، وبدأت تخطو بين مدعويها بتفاخر وتعالي، وجابت ببصرها بين الجميع وهي تلوح لهم بيدها بخيلاء..

لم تكف السيدة كوثر عن الضحك بطريقة ملفتة للأنظار ولا بتلقي عبارات الاستحسان الزائفة أو المجاملات المصطنعة من أجل نيل رضائها، ثم اقتربت منها إحدى السيدات ذات الطلة المهيبة، والملابس الفاضحة رغم كبر سنها، وتبادلت كلتاهما التحية والقبلات..
كانت تلك هي رفيقتها الثرية التي تسعى لتزويج ابنها من ابنتها ريفان، فقط من أجل زيادة مصالحهما المشتركة، وتحقيق الثراء الذي تبغيه..

ارتدت سيدرا ملابساً رسمية كباقي الخادمات مكونة من تنورة سوداء تصل إلى ركبتيها، وكنزة بيضاء ضيقة موضوع بقيتها بداخل التنورة، وعقصت شعرها للخلف كالكحكة..

أثرت هي أن تظل قابعة في المطبخ الملحق بالقصر وهي عاكفة على إعداد المشروبات الباردة، ورص الكؤوس اللامعة على الصواني المذهبة من أجل إعطائها للخادمات لكي تقدمهن للضيوف، ورفضت أن تخرج تماماً من المطبخ رغم إصرار مدبرة المنزل على خروجها بسبب مظهرها الحسن، وجمالها الطبيعي الغير مكلف، ودعمتها في قرارها المربية سوسن، وطلبت من المدبرة أن تدعها لشأنها، وتكف عن ملاحقتها وتكتفي فقط بمتابعة باقي الخادمات، والاشراف عليهن خلال الحفل، فاغتاظت مدبرة المنزل كثيراً، وقررت أن تلقن كلتاهما درساً موجعاً ولكن عليها أن تنتظر الفرصة السانحة لتفعل هذا...

تأخر الوقت والحفل مازال قائماً، بل على العكس إزداد عدد الحضور، وتحولت الأجواء من هادئة إلى صاخبة، وخرجت الأمور عن السيطرة – خاصة فيما يتعلق بالمداعبات والمغازلات بين النساء والرجال – وكل هذا والسيدة كوثر في قمة سعادتها، فهي قد ظفرت بعدة صفقات، وحققت بضعة مكاسب دون مجهود يذكر..

وفي نفس التوقيت، عاد سليم من مكتبه ليتفاجيء أن الحفل مازال مستمراً، فعبس وجهه، واكفهر أكثر، وقرر أن يصعد فوراً إلى غرفته دون أن يلقي التحية على أي من الموجودين..

ولكنه فكر للحظة أن والدته ربما ستجبره على البقاء بصحبة رفيقاتها الكريهات إذا ما رأته موجوداً، لذا قرر أن يدلف القصر من الباب الخلفي، وبالفعل سار في اتجاهه، وقام بفتحه بعد أن وجده موصداً بالمفتاح الذي معه، ثم سار بخطوات سريعة في اتجاه السلم الجانبي المجاور للمطبخ، ولكنه توقف فجأة عن متابعة سيره حينما لمح من طرف عينه سيدرا، فخفق قلبه فوراً، وتسمر في مكانه، وأدار رأسه في اتجاهها ليراها بوضوح..

لم تنتبه هي لوجوده، فقد كانت منهكة من كثرة العمل، وبدأت تزفر في ضجر من كثر طلبات مدبرة المنزل التي لا تنتهي، حيث أعادت مليء الكؤوس الفارغة من جديد، وبدأت ترص قطع الحلوى الشهية في الصحون الغالية...
في تلك اللحظة قرر سليم أن يستغل الفرصة، ويتحدث معها، حتى يطلب منها الغفران لعلها تسامحه، وتغفر له خطيئته معها..

سار هو بخطوات متعثرة نحوها حتى وقف خلفها يشتم رائحتها التي لم تفارق أنفه ليوم، كانت هي توليه ظهره، غير مدركة لوجوده، فأغمض هو عينيه ليستعيد ذكريات لقائه بها والتي دائماً ما كانت تبدأ بشجارهما سوياً، حتى انتهت بإعتدائه عليها..
ثم فتح عينيه على إثر صوتها العذب والساحر الذي اخترق اذنيه ليزيد من اشتياقه إليها و...

-سيدرا بنبرة مرهقة وهي توليه ظهرها: من فضلك إحملي تلك الصينية، ولكن احذري فهي مليئة بالمشروبات
وفجأة وجدت من يضع كفه على كفها الممسك بمقبض الصينية المذهبة، فانتفض جسدها فزعاً، فقد عرفته دون أن تراه، لقد شعرت بقشعريرة باردة ومخيفة تسري في جميع أوصالها، فانقبض قلبها أكثر، وتلاحقت أنفاسها، وبدأ صدرها يعلو ويهبط بسرعة..

حاولت سيدرا أن تنسل من بينه، ولكنه حاصرها من الخلف بكلا ذراعيه، فلم تجد أي مهرب منه، ثم...
-سليم بصوت رخيم: أنا أسف
شهقت سيدرا في خوف، وخشيت أكثر على نفسها، ولم تنبس بكلمة واحدة، فقد فرت الكلمات من حلقها، و حاولت جاهدة أن تسحب يدها المرتجفة من أسفل قبضة يده، ولكنه ظل متشبثاً بها و...

-سليم متابعاً بنبرة أعمق ومليئة بالشجن: أنا أعلم أني مذنب فيما فعلت، وأنا أجرمت حينما، حينما تعرضتُ لكِ، ولكن صدقيني سيدرا فأنا نادم بشدة على ذلك، لم أكن في وعيي، أقسم لكِ أني لم أدرك ما أفعل
ثم صمت للحظة محاولاً السيطرة على انفعاله، ومال برأسه على أذن سيدرا ليهمس لها ب...
-سليم بصوت هامس ومبحوح: سيدرا، أنا، أنا أحبك بجنون، أنا أتعذب كل ليلة ببعدك عني، اريدك معي، أريدك لي، فأنتِ حبيبتي الوحيدة...

اقشعر بدنها على إثر كلماته الحارة التي ألهبتها، وارتجفت أكثر وهي تشعر بصدق ما يقول، ولكنها قاومت رغبتها في تصديقه، وخشيت أن تنجرف وراه إحساسها نحوه، لذا ذكرت نفسها بوحشيته، وقسوته، وكافحت للبقاء بعيدة عن تأثيره الآخاذ...

أخذت سيدرا نفساً عميقاً حاولت أن تستجمع به كل شجاعتها لكي تواجهه، ثم بكل قوة أوتيت بها سحبت يدها، واستدارت كلياً بجسدها ثم وضعت كلتا يديها على صدره لتدفعه بعنف للخلف وهي تصرخ هادرة ب...
-سيدرا بنبرة عنيفة: ابتعد عني، أنا أكرهك
مد سليم كلتا يديه ليمسك بها من معصميها، ثم قربها نحوه قليلاً و...
-سليم بنبرة هادئة: وأنا، أحبك سيدرا.

تلوت سيدرا أمامه محاولة تخليص ذراعيها من قبضتي يده المحكمة عليهما، ولكنها عجزت عن هذا، فقد كان أقوى منها، ومتمسكاً اكثر بها..
-سيدرا بنبرة صارمة: وأنا لا أطيق وجودي معك، أنت قاتلي، أنت من ذبحني ببرود
حدق سليم فيها بنظرات آسفة، ثم جذبها نحو صدره، وأرخى قبضتي يده عن معصميها ليحاوطها بذراعيه من ظهرها، ويضمها أكثر إلى صدره وهو ممسك بها، ثم أسند رأسه على رأسها وظل يحك جبينها بذقنه و..

-سليم بنبرة هامسة: أنا أسف حبيبتي، سأعوضك عما حدث، سامحيني أرجوكِ، اغفر لي ذنبي، أنتِ زوجتي، أنتِ حقاً معذبتي...!
كادت سيدرا أن تستسلم لصوته الذي آسرها، وجعلها ترتاح على صدره، ولكنها نهرت نفسها عما تفعل، وقاومت تأثيره و...
-سيدرا بنبرة حانقة: لن أكون لك أبداً مهما حاولت، فأنت ميت بالنسبة لي..

ثم جاهدت سيدرا لكي تحرر نفسها منه، وتنسل بعيداً عنه، ولم تكف عن إلقاء اللوم عليه وتحميله ذنب اعتدائه الوحشي عليها، وتذكيره بقسوته القاتلة معها رغم توسلاتها له لكي يرأف بها ويرحمها، فأدمعت عيناه، وارتجف جسده، وأرخى ذراعيه لتستغل هي الفرصة، وتتحرر من قبضته، ثم تراجعت للخلف عدة خطوات، و...
-سيدرا بنبرة هادرة وهي تشير بإصبعها: أنت مغتصب، قاتل، مجرم، أنا أكرهك، ولا أريد أن أظل زوجتك..

ثم أخذت نفساً سريعاً قبل أن تتابع ب...
-سيدرا بنبرة متشنجة، وهي تنظر إليه بعينيها الحانقتين: تلك الصفقة الرخيصة التي عقدتها فقط لتنال مني سأنهيها اليوم، فأنا لم أعد قادرة على التحمل أكثر من هذا، سأرحل من هذا القصر للأبد، وأنت رغماً عنك ستطلقني، فعقد زواجنا المشؤوم سينتهي خلال أيام، وأنا سأعود كما كنت، أما أنت فستظل في نظري المغتصب البغيض...!

انقبض قلبه بشدة، وشعر بآلم حاد يعتصره، ثم نظر إليها وهو يرمقها بنظرات استعطاف و...
-سليم بنبرة مرتبكة: أرجوكِ سيدرا، دعني أعوضك عما فات، ولكن لا ترحلي عني، لا تتركيني بمفردي أعاني ويلات بعدك عني
-سيدرا بحنق: لن أكون لك مهما كان.

ثم تركته وركضت مسرعة خارج المطبخ، وظلت تلتفت برأسها للخلف لتتأكد من أنه لا يلحق بها، ثم وصلت إلى الردهة الواسعة المقام بها الحفل الصاخب، ودون قصد منها ارتطمت بشدة بالسيدة كوثر...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة