قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا ربيع النصر للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل الرابع

نوفيلا ربيع النصر للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل الرابع

نوفيلا ربيع النصر للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل الرابع

قام واستعد للنوم بينما كان ولده يصر عليه بأن يكمل الحديث قائلا: اية يا بابا! يعنى انت تشوقنى وتدخلنى في الجد وبعد كدا تقولي بكرا اكمل!
تنهد كريم قائلا: عايز انام يا ثائر، بكرا هكمل
اصر ثائر على الاستمرار
- لا لسة الساعة 12، لسة بدري
ابتسمت رحمة وغمزت له بأنتصار وقالت بدلع متعمد: كمل الحكاية يا كريم عادي لسة بدري.

نظر اليها كريم بغل المحب وتوعدها بسره ان يقتص منها عندما ينفرد بها و جلس مرة اخرى بأستسلام وتنهد: امممم باين عليا مش هنام النهاردة، بص يا سيدي، بعد ما عمك ثائر استشهد في الحرب مكناش نعرف اي حاجة عنه ولا حد بلغنا بأخباره وفضلنا يومين من غير اي معلومة عنه لدرجة ان ماما فضلت تعيط جامد وبابا يهديها والجو اتوتر رغم الفرحة بالانتصار اللي حققناه لغاية ما في اليوم التالت...

flash back
كانت لا تنفك ابدا عن البكاء حيث ان ولدها لم يعد اليها ولم يسمع احد عنه
الاب بحزن شديد: اهدي يا حبيبتى، ان شاء الله خير، هم لسة في الحرب ومش معقول هيسيب الحرب ويجيلك هنا يعني
كان يصبر نفسه قبل ان يصبرها فقد بلغ منه القلق مبلغه وما عاد له طاقة على الانتظار اكثر
تنهدت الام وقالت بأعين حمراء كالجمر منتفخة من كثرة البكاء: قلبي واكلني عليه اوي، حاسة ان فيه حاجة حصلت.

قام الاب وجلس بجوار زوجته بمأزرة و مواساة وضم كتفها اليه: ان شاء الله خير وهيرجع وينور البيت من تاني، يلا بقى المغرب هيأذن واحنا صايمين
قامت الام وقالت: هو فاضل اد اية على الاذان؟
الاب وهو ينظر الى ساعته: 10 دقايق
الام: طيب هروح اجهز السفرة
ذهبت الام ولم يمر وقت حتى جاء كريم من الخارج ويظهر عليه علامات الآسى الشديد والفاجعة وعندما رأى والده أحتضنه وبكى بشدة.

حينها علم والده ما حدث ونظر بأعين زائغة الى ابنه وقال: عرفت من مين!
رد كريم بكل حزن وعيناه تقطر دماً لا دمعاً: ظابط معاه في الجيش بلغني وانا واقف تحت
بكى الاب كثيرا على فراق ولده وهو يدعي له وفي داخله سعيدا لأن الله حقق لولده ما تمنى وهي الشهادة فهو صدق النية والله لم يخيبه ابدا...
دلفت الام الى داخل الغرفة ووجدت ذلك المنظر
الام بهلع واضح حاولت ان تداريه ولكن فشلت: فيه اية يا خالد!

نظر لها خالد بحزن ولم يرد فنظرت الى كريم وكررت السؤال مرة اخرى ولكن بعد ان اختنق صوتها فقد ايقنت بداخلها المصاب ولكن، لكن ماذا هل حقا تريد سماع النبأ بل هل لها القدرة على ذلك، انه، واستوقف شرودها كريم بدموعه التي ما هدأت ابداً: ثائر يا ماما، استشهد.

وضعت الام يدها على فاهها وهطلت دموعها بغزارة ولكن بكبرياء ايضا ف ثائر وكريم لما يرثو الآباء والكرامة من الهباء، بل من ام رضعت الكرامة من نيل امها والآنفة من شموخ اهرامها والعزة والفخار من تاريخ حافل بالامجاد امتد بأمتداد الازمان، ولكنه نبض قلبها وسر كينونتها انه بكرها وصانع امومتها انه قطعة منها لا بل هو كلها...

مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا كان هذا اول كلامها بعد وقع الخبر وجثت على ركبتيها فقدماها ما عادتا تحملانها ولا تحملان فقدها، ركض اليها كريم ووالده يطمئنا عليها ولكنها قالت بإصرار: عايزة اشوفه يا خالد اوعو تدفنوه من غير ما اشوفه
رد عليها خالد بتأكيد: ان شاء الله يا ام الشهيد.

وعادت تبكى بشدة فهي رغم يقينها بعظم شأن الشهيد عند رب العالمين وان فلذة كبدها وسط الشهداء الا ان الشوق جارف والفراق حارق...

وسط اجواء من الحزن والبكاء من الجميع اخبر كريم والده بمكان تواجد جثة ثائر وبالفعل توجها الى هناك واخذاه ولم يحمموه او يكفنوه وعادوا به الى امه التي استقبلته استقبال الابطال الناصرين وزغردت له وكل النسوة في الشارع خرجنا يزغردنا للشهيد، الدموع بعيونهن و الزغاريد على افواهنا، ثم حملوه على الاكتاف مزيناً بعلم مصر الغالية على قلبه، وسارو به بموكب مهيب وكأنه عريس يزف الى عروسه، وتم دفن ثائر الشهيد فى مشهد يقطع نياط القلوب على فراقه واخرى تلهج بالدعاء ان يكونو مكانه يوما ما وينالو منزلته، واخيرا عاد الجميع ليحضّرو للعزاء...

عاد كريم الى المنزل ودلف الى غرفته وجلس على سريره وظل يبكى بشدة ويتذكر حديث هيثم له قبل رحيله وكأنه كان يعلم بما سيحدث..
عاهد كريم نفسه على ان ينفذ ما طلبه منه اخاه وان يصبح مسؤولاً وان يعمل بنصيحة اخاه...
كان الخبر بمثابة صدمة قوية عليها حيث كانت تنتظر عودته منتصرا لكن لم يشاء الله له العودة وتذكرت اخر لقاء كان بينهم قبل سفره.

flash back
انت لسة راجع يا ثائر انا لسة ملحقتش اشوفك، عايز تسافر!
ابتسم ثائر وقال: مش ذنبى، دى اوامر، وتنهد قليلا قائلا: واحتمال كبير تكون الحرب.

شعرت مروة بالهلع والخوف على حبيبها وحلم الصبا ولا تعلم لما شعرت بانسحاب انفاسها من صدرها وبثقل على قلبها، ولكنها تماسكت ودعت ربها ان يحفظ لها سبب فرحتها بالحياة وقالت: انا قلقانة اوى يا ثائر عليك، كل مرة بتسافر ببقى عادى بس المرة دى مرعوبة وقلبي مقبوض وخايفة ما اشوفكش تاني..

نظر ثائر لها بكل حب وقال: ما تقوليش كدا، ان شاء الله خير يا مروة ولو ربنا اذن اني ارجع بأذن الله هرجع بعد رمضان ونكتب كتابنا، وتلجلج صوته وهو يكمل، ولو مت متزعليش لأن انا بتمنى اموت شهيد وانا بدافع عن بلدى وعنك
تغرغرت الدموع في عينيها وقالت: بعد الشر عنك يا ثائر، ان شاء الله ترجع زي كل مرة، ارجع يا حبيبي ارجوك انا مقدرش اعيش من غيرك ولا حياتي ليها معنى من غيرك، واجهشت ببكاءٍ حار.

ثائر وهو يداري دموعه التي تهدد بالنزول: ان شاء الله، قولي يارب، ودايما افتكريني بالخير و افتكري انك الانسانه الوحيدة اللي حبتها واني عمري ما حبيت غيرك ولا قلبي دق لغيرك، ولو، ولكنه توقف يستجمع انفاسه ونبضاته الهادرة ويمنع دموعه من الهطول: ولو ما رجعتش، وضع يده على فمها مانعا اياها من مقاطعته ، عيشي يا حياتك، افرحي انى بقيت شهيد وشاركت فى تحرير بلدى افرحى بالحرية، وخليكى عارفة انى بحبك لاخر نفس فيا، ولو رجعت ابتسم ابتسامة حقيقية وكأن النصر اصبح امر واقع يعيشه: ولو رجعت هنعيش حياة سعيدة مع بعض ونفضل نفتكر الايام دى.

واستدار قاطعا الحديث واللقاء دون ان يرتوي اياً منهما من شرب ملامح الاخر في قلبه فما زال الكثير، الذي يريدون ان يكونا معا فيه ولكن دائما هناك الغالي والاغلى وهى الحرية والنصر او الشهادة
back.

مروة لنفسها ببكاء: دايما كنت عايز تموت شهيد يا ثائر، ربنا حققلك طلبك، ربنا يرحمك يا حبيبي ويتقبلك من الشهداء والصديقين، وانا ان شاء الله عند وعدي ليك، بس ازاي هو اللي زيك بيتنسي ازاى، قلتلي عيشي بس ماقولتليش ازاي، بعدها صمتت واستغفرت ربها كثيرا ورددت: ان لله وان اليه راجعون، انا لله وانا اليه راجعون، بكت مروة كثيرا ودعت الله ان يسكنه فسيح جناته...

وكان المصاب عظيماً ولكن ما يهون الامر على الجميع هو انتصار رجالنا في الحرب وعودة اجزاء كبيرة من سيناء لمصر مرة اخرى...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة