قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا دكتور النسا وحرمه المصون للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث

نوفيلا دكتور النسا وحرمه المصون للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث

نوفيلا دكتور النسا وحرمه المصون للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث

تلاشت بسمته التي كادت بأن تصل من الأذن للأخرى حينما أزاحت إسراء قناع الأكسجين عن وجهها وهي تتساءل بتذكر وقد بدى سؤالها منطقي بعض الشيء:
هو أنا جبت واد ولا بت ياض يا عنونة...
صرخت نظراته بوعيدٍ قاتل بالإنتقام حينما تسنح له الفرصة، تجاهلها تماماً وهو يحاول الصمود قدر الإمكان، فعاد ليستكمل ما يفعله بثباتٍ، وكأنها تتحدث مع الفراغ، إشرأبت بعنقها وهي تصيح بصوتٍ مرتفع:.

مش بكلمك يا عم ما تقولي جبت أيه عشان أفكر في الإسم عما تخلص خياطة...
دنت منها أحد الممرضات لتجيبها بتأفف ملموس:
ولد يا مدام...
أعادت رأسها على السرير مجدداً وهي تضيف بتذمرٍ:
كنت حاسة إنه هيجيلي واد يطلع شبهه ويقرفني في الأخر...

جفف عنان جبينه بمنديله الورقي وهو يشير بيديه للممرضات بأن مهامه قد إنتهت بنجاح، فتسلل سريعاً للخارج حتى يستريح بمكانٍ هادئ يضمن له إستعادة إتزانه المفقود، بدأت الممرضات بتجهيزها للخروج، فرفعت قدميها حتى تعاونها على إرتداء ملابسها، ضيقت اسراء حاجبيها بصدمةٍ فقالت وهي تسأل الممرضة بدهشةٍ:
ما شاء الله أنتِ بتلعبي أيه عشان ترفعي رجلك الرافعة دي وأنتِ واقفة على الأرض!..

تجاهلتها وهي ترفع القدم الأخرى، دققت بالنظر للقدم المرفوعة فلفت نظرها الشامة الصغيرة أسفل ركبتها فرددت بصدمةٍ:
يا نهاركم أسود انتوا قطعتوا رجلي وادتهوها للولية دي!..
صرخت بها أحداهن وقد انفلتت بالتحكم بذاتها:
قطعنا أيه يا مدام دا أحنا بنغيرلك...
لوت شفتيها في تهكمٍ وهي تجيبها:
وتغيرلي ليه يدلعادي إتشليت ولا إتشليت...
وابتلعت باقي كلماتها لتفكر بالأمرٍ ثم عادت لتستطرد:.

هو أي نعم مش حاسة برجيلي بس ميضرش أزمة وتعدي وأرجع ميت فل وعشرة..
كادت بالرد عليها فأشارت لها الاخرى بأن تتحلى بالصمت، ثم قالت:
نادي يلا لأم علي عشان تنقلها معانا للترل..
وزعت اسراء نظراتها بينهما ثم سلطت على باب الغرفة لتجد جسد ممتلأ بالشحوم واللحوم، مشابه للهضاب المستقلة بحجمها العملاق يتحرك تجاهها بإندفاعٍ، وكأنه شوال
من البطاطا المتدحرج، ابتلعت ريقها الجاف بصعوبة بالغة وهي تشير لها بجنون:.

تيجي فين!، خاليكي عندك يام علي جزاكِ الله ألف خير، أنا هتصرف وأشوف ونش يطلعني من هنا ولا أقولك الواد أخويا بره إطلعي اندهيله أحسن وأهو يلم لحم اخته أحسن ما الغرب يلموه...
أشارت لها الممرضة غير عابئة لكلامها:
إيدك معانا يام علي...
انحنت تجاهها قليلاً لتجذب طرف الملاءة من أسفلها فصرخت اسراء وهي تمتم بألم:
الحقني يا عنااااان...

أتى سريعاً من الغرفة المجاورة لها ثم استدار تجاه صوتها المكبوت فأشارت بيدها وهي تضيف:
خرجني هموت مفيش أكسجين هنا، ما توسعي يا ست هو موت وخراب ديار ولا أيه...
ابتعدت عنها فحملها عنان بين يديه ليضعها على السرير المتحرك قائلاً بثباتٍ:
خدوها على الأوضة...
تطلعت إليه والسرير يهتز بقوة بعدما دفعته الممرضة بحنقٍ وفرحة للتخلص من تلك المريضة الحمقاء، فصرخت بإستنجاد:
الحقني يا عنان، إحنا متفقناش على كداااا..

بمساعدة بعض الممرضات دفعوها للخروج من العمليات تجاه غرفتها العادية، طافت الوجوه من أمامها حينما خرجت للردهة المطولة أمام الغرفة، ابتسمت وهي تلوح بيدها لحماتها ثم قالت بغرور وهي تخطف نظرة خاطفة لإبنة خالته القابعة بجوارها:
ممتش روحي بقى عايدة مش هتحتاجيها بعد كدا...
ثم خطفت نظرة سريعه لباب المركز فلمحت طبيب التخدير وهو يتجه للخروج متعجلاً فرفعت صوتها قائلة:.

أيه يا عبده عندك طلعة تانية ولا أيه، روح يا شيخ ألهي تنفجر في وشك وأنت بتفتح على العيل...

رفع عنان يديه ليخفي وجهه خجلاً من تصرفاتها، لينسحب بهدوء لغرفة مكتبه، وضعت بغرفة عادية فتركتها الممرضات وخرجن سريعاً خوفاً من لسانها السليط، مرت الساعات ومازالت تتمدد بغرفتها وهي تحارب صداع رأسها المهلك من كثرة حديثها بغرفة الجراحة، فتح باب غرفتها ليطل برأسه من خلفه، تهدلت ملامحه بضيقٍ حينما وجدها مستيقظة كان يأمل بأن يجدها غافلة حتى يطمئن عليها ويرحل بدون أن يزداد صداع رأسه، رأته وهو يتلصص عليها فصاحت بعنفوانٍ:.

تعالى ادخل دا أنا هشويك على نار هادية، بقى أنت موصي عليا البت الممرضة دي عشان كل شوية تدخل تفعص في بطني!..
إقترب منها بصمتٍ وهو يتفحص الحقن المخترقة للوريد، ثم أعدل من وضعية الفراش حتى يكون مريحاً بعض الشيء، جزت على اسنانها بغضب:
مش بكلمك انا، عارف لو آآ...
بترت كلماتها حينما كمم فمها بيدبه وهو يصيح بها بعينٍ مشتعلة بوميضٍ مخيف:
عارفة لو صوتك دا طلع تاني أنا هعمل فيكي أيه؟!.

هزت رأسها بالنفي وهي تبرق له بخوفٍ، فابتسم بمكرٍ وهو يخرج من جيب البلطو الطبي الأبيض مشرط حاد ليقربه منها وهو يشير على عنقها بنظرةٍ شر:
هفصل رقبتك عن جسمك أو أقطع لسانك من عند اللغلوغ عشان أمة لا إله الا الله ترتاح...
همست بصعوبة من خلف يديه:
واقفتك في مجزرة الكروش خالتك قتال قتلة يا عنونة...

ضغط على شفتيه السفلية بعصبيةٍ بالغة وهو يرى كل طريق يسلكه إليها مسدود، فُتح باب الغرفة فولجت د. حياة ثم إقتربت منها وهي ترسم بسمة لطيفة:
حمدلله على سلامتك يا حبيبتي...
تلاشت بسمتها تدريجياً وهي ترى بوضوحٍ المشرط الطبي الذي يحمله عنان ويقربه من زوجته، فقالت بشكٍ:
هو في أيه؟..
تعالت ضحكاته المصطنعة وهو يجذب أحد خصلات شعر إسراء ليقطعها بالمشرط وهو يجيبها:.

أصل في شعراية بريئة نازلة فوق دماغ اسراء وخناقها فقولت اتصرف...
صرخت إسراء بألم وهي تركله بيدها أسفل معدته:
شعري تنشك في معاميعك يا بعيد..
كبت آلامه وهو يترنح من شدة الألم، فجاهد لرسم بسمة مخادعة تمر مرور الكرام على د. حياة التي تتابع ما يحدث بينهما بصدمةٍ حقيقة، فعادت للخلف خطوتين وهي تقول بتردد:
طيب هستأذن انا بقى كنت جاية اطمن علي المدام وخلاص إتطمنت سلام عليكم...

وغادرت سريعاً فبعد ان اخبرتها الممرضة بحالة زوجة عنان لم تكن تصدقها ببدء الأمر ولكن الوضع الآن بات اكثر خطورة، ترقب عنان إنغلاق باب الغرفة لينقض عليها وهو يردد بوعيد:
وعهد الله لأخلص عليكي في التو والحال ويبقى أول طبيب مصري اصيل يقتل مراته وهي طالعه من العمليات عشان جابتله ولد...
ابعدت يديه عن عنقها وهي تصيح به بألم مصطنع:
وأنت فاكر ان ابني هيسيبك، وبعدين وسع كدا بطني لسه اخده تلاته وتلاتين غرزة..

رمقها بنظرة جانبية مشككة فقال:
كان نفسي اخيط لسانك السليط داا...
على بكاء الصغير وهو يبكي بصوته البريء، فتوقف محله ببسمة هادئة وهو يقترب من الفراش ليحتضنه بحنان متاملاً ملامحه الصغيرة، لتتحول نظراته لصدمة حينما صرخت اسراء بصوتها المزعج قائلة:
يالهوووووووي الحقوووووني بيخطف ابني وهو لسه حتة لحمة حمرا يا جدعااان، يا حكووووومة يا منظمات اتحاد اسرة النساااااااء يا بوووليس!.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة