قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا حرم سليمان باشا للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني

نوفيلا حرم سليمان باشا للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني

نوفيلا حرم سليمان باشا للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني

-عارف إني جرحتك، بس طلاق مش هطلق أنتِ ماتعرفيش أنتِ إيه بالنسبالي، مش هقدر أعيش من غيرك..
-أنت كذاب، بتضحك على نفسك ولا عليا؟! مش قادر تعيش من غيري بس قادر تجرحني! مش قادر على بُعدي؟ بس قادر على قهري وظلمي!
قولي أنت بتفكر إزاي؟! إزاي بتفكر بالله! أنا مابقتش قادرة أستحملك ولا أستحمل اسلوبك المريض بالله عليك سيبني لحالي ولأبويا وأمي هما أولى بيا!

-حاولي تفهميني عشان خاطري يا ميادة، ممكن تسمعيني بهدوء الأول؟!
-مش عاوزة أسمعك!
-بس أنا عاوزك تسمعيني، وبعدها هعملك اللي أنت عاوزه، ممكن يا ميادة؟!
نظرت له باحتدام وقالت متأففة:
-اتفضل وخلصني بقى..
أجلسها بيديه على الفراش وجاورها بهدوء قائلاً:
-ميادة أنا هبدأ كلامي بجملة واحدة يمكن أنتِ زهقتي منها ومبقتيش مصدقاها، بس أنا والله مأقدرش أعيش من غيرك لحظة ولو فاكرة إني ممكن أحب واحدة غيرك تبقي عبيطة!

اغرورقت عينيها بالعبرات وبضعف همست:
-أنا فعلا عبيطة عشان حبيتك...
تجاهل حديثها عمدا وأكمل بتنهيدة عميقة:
-كل الناس عاوزة تورثني بالحيا يا ميادة، عاوزين ياخدوا شقى عمري ويسرقوا تعبي وينهشوا في لحمي كل العيون باصة ومستنية أقع وأنا بعافر لوحدي مافيش حد معايا بحميكي أنتي وبنتي وفي نفس الوقت خايف عليكوا لازم أجيب ولد يكبر ويشيل اسمي ويورثني و...
-وبنتك مش هتشيل اسمك؟! مش هتورثك؟! مش هتسندك..

-دي بنت والبنت ضعيفة محتاجة اللي يحميها مش عاوزين نضحك على بعض، لما يكون لها أخ هتكون مرتاحة أكتر أنا مش عاوزها وحيدة!
ضحكت ساخرة:
-وأنت بقى إيه يضمنلك إنك هتجيب ولد ما ممكن تيجي بنت برضوه!
-هخلف لحد ما أجيب الولد..
-ولو جات بنت في كل مرة ولو أنت جالك عقم ومبقتش تخلف!
وهُنا صاح بها معنفا
-جرى إيه يا ميادة، بتقفليها في وشي ليه! فال الله ولا فالك يا شيخة..
هزت رأسها بعنف وقالت له بشراسة:.

-كلامك كله مش مقنع ومش منطقي أنا عاوزة أسألك سؤال واحد، لو أنت كنت مبتخلفش تفتكر كنت هسيبك؟!
قال لها بضيق:
-معرفش!
-طب نفترض إني سيبتك كنت هتعمل إيه؟!
-برضوه معرفش!
-مش بتقول متقدرش تعيش من غيري؟ رد وقولي كنت هتعمل إيه كنت هتحس بالقهر صح؟!
تنهد وأجابها منفعلا:
مكنتش هحس بالقهر كنت هقتلك! عشان أنتِ مش هتكوني لحد غيري مهما حصل!
ابتسمت في تهكم شديد ودفعته بعيدا بقهر:
-عرفت إنك أناني!

-أنا مش أناني وبطلي تقولي الكلمة دي تاني لو عاوزة تتربي يا ميادة أنا هربيكي وأنتي عارفة إني ممكن أعمل كدا كويس..
-لا يا سليمان باشا أنا أهلي ربوني كويس ومش هيجي واحد زيك يربيني على آخر الزمن..
راح يكور قبضتيه في غضب شديد ويكز شفتيه بعنف ودعى الله أن يمنحه الصبر عليها ولذلك ابتعد قائلا بغضب مكتوم:
-همشي من قدامك ودا أحسن لك أنتِ..

وانصرف على ذلك صافقا الباب خلفه بعنف ولاحقته المزهرية التي تهشمت على الفور خلفه وثم أطلقت صرخة عالية تكاد تحرق روحها فسمعته يغلق الباب المفتاح كمن يغلقه على أسير، هي كالأسرى تماما وهو كالسجان..
لا وصف لعلاقتهما إلا هكذا!

(في صبيحة اليوم الموالي، )
فتحت ((ميادة)) عينيها وسعلت بشدة حيث دخان التبغ خاصته يملأ غرفة نومهما!
اعتدلت جالسة في الفراش وهي تضع يدها على صدرها لتجده جالسا هُناك على الأريكة المقابلة للسرير.
يضع قدما فوق الأخرى ويدخن بشراهة ويبدو أنه يفكر في أمر مهم..
استفزها تصرفه كما تستفزها جميع تصرفاته، هذا حتما سيقضي عليها في أي وقت!
نهضت متجهة نحوه وقالت بضيق شديد:.

-أنت مش عارف إن فيه بني آدمة نايمة في الأوضة؟! ازاي تدخن بالطريقة دي؟!
نظر لها وابتسم براحةٍ، راحةٍ كبيرة تجتاحه عندما ينظر لها، عندما تقترب وتحدثه، وتكون بجانبه!
بينما يقول بارتخاء تام:
-صباح الخير..
زفرت حانقة منه وغليت دماؤها في عروقها بسبب ثلجيته تلك كأنها تتعامل مع لوح من الثلج!
-يلا عشان نفطر مع بعض يا حبيبي..
باغتها بهذه الجملة وهو ينهض مقترب منها ينوي احتضانها!

لكنها ابتعدت عنه وذهبت إلى الحمام في سرعة وصفقت الباب خلفها، فجلس على الفراش يتنهد تمهيداً ممدوا مع قوله:
-برضوه بحبك!
خرجت بعد نصف ساعة تقريباً من الحمام وهي ترتدي كامل ملابسها وقد ظنت أنه انصرف من الغرفة لكنها وجدته جالسا ومستندا إلى ظهر الفراش، فرمته بنظرة ثاقبة نارية وأردفت بضيف:
-بتعمل إيه هنا ما تروح لحبيبتك!
-أنتِ حبيبتي يا قلبي..
زفرت بعنف وراحت تصفف شعرها بعناية، بينما تسمعه يقول بمشاكسة:.

-هتفطري معايا تحت، أنا قاعد من ساعة ما صليت الفجر مستنيكِ تصحي عشان تفتحي نفسي..
نظرت له بتهكم سافر:
-صليت الفجر! اللهم قوي إيمانك يا سليمان باشا..
أطلق ضحكة عالية وقال غامزا:
-آمين..
-اللي يشوفك كدا يقول إنك بتتقي الله وأنتٓ أصلا ماتعرفش ربنا!
اعتدل في جلسته وقال بجدية مصطنعة:
-كدا ابتدينا نغلط يا ميادة..
أضافت ساخرة:
-يلا قوم اضربني ما دي أكتر حاجة أنت شاطر فيها..

-مش شاطر ولا حاجة أنتِ اللي بتستفزيني بس أنا بحبك..
اقترب منها وعانقها قسرا مع قوله الهامس:
- أنتِ كمان بتحبيني وأنا متأكد ومتنكريش دا..
-مش هتقدر تأثر عليا على فكرة، انسى! أنت هتطلقني ودا وعد مني هخليك تطلقني...
ضحك على ثقتها الزائدة في قولها فيما يقول رافعا حاجبه:
-مش عارف جايبة القوة دي منين؟! ماحدش يقدر يكلمني كدا على فكرة!
كادت تتكلم مرة ثانية، لكنه قاطعها بصرامة:.

-مش عاوز أسمع منك كلمة تاني، قدامي عشان ننزل نفطر تحت يلاااا..
اعترضت قائلة:
-مش هفطر مع الناس دي!
-إيه الناس دي؟! أمي ولازم تحترميها تمام!
-أنا مغلطتش فيها عشان تقولي كدا أنا بقول مش هفطر معاهم وأنا حرة والله!
-طب عدي يومك وتعالي معايا يا ميادة!
وبعناد واصلت:
-مش هتمشيني على مزاجك أنا إنسانة من حقي أعمل اللي عاوزاه مش اللي أنت عاوزه تمام!
-تمام يا حبيبتي مافيش مشكلة...

ختم جملته وحملها عنوة فوق كتفه مع قوله:
-بس أنا أسف مضطر أعمل اللي أنا عاوزه وأخدك تفطري معايا تحت يلا بينا!..

نزل بها الدرج وهو يحملها گطفلة، وهناك كان قد جلس الجميع على مائدة الطعام، اتسعت عيني ((شمس)) عندما شاهدت هذا المشهد الحارق لقلبها، وشعرت بأنها تريد قتلها وقتله معا، ولم تختلف حالة السيدة عفت عن حالتها أيضًا..
فقد نظرت لها نظرة حادة وهي تقول بعدم رضا:
-هي ملهاش رجل تمشي عليها يابني؟!

لم يرد سليمان ثم أنزلها وكاد يجلسها على كرسيها المعتاد الذي يجاور كرسيه، لكنه وجد (( شمس)) تجلس عليه، فلم يتردد في قوله:
-بعد إذنك يا شمس دا مكان ميادة..
كزت شمس على أسنانها وتنحت جانبا على مقعد أخر، فجلست ميادة بثقة وهي تنظر إلى شمس بتحدٍ، بينما جلس سليمان ويتناول الطعام بصمت، فتابعت والدته بغضب عارم:
-سليمان!
نظر لها وقال بجدية:
-نعم يا أمي؟

-أنا بكلمك على فكرة، وبقول هي ملهاش رجل تمشي عليها؟! أنت مصر تدلعها الدلع الماسخ دا!
ابتسمت ميادة وراحت تطعمه في فمه قبل أن يجيب عليها، ثم قالت بدلال:
-عندي رجل يا طنط بس بتوجعني لما بمشي عليها فسليمان حبيبي مبيحبش يتعبني فبيشلني دايما عشان يريحني..
ضحك ((سليمان)) رغما عنه وأكمل طعامه بابتسامة عريضة، بينما تقول والدته بحدة:
-مراتك بتفرسني يا سليمان، شايف طريقتها!
سليمان بهدوء:.

-مافيش داعي للمشاكل دي يا ست الكل..
-ماشي يا سليمان ماشي!
بينما قالت شمس بنعومة تجيدها:
-حبيبي اعملك جبنة ولا لانشون؟
ابتسمت ميادة قاصدة مضايقتها وقالت:
-متتعبيش نفسك أنا عملتله، خليكِ مرتاحة.
نهض سليمان قائلا بجمود:
-الحمدلله، ثم توجه إلى الباب قائلا:
-لازم أمشي دلوقتي..
خرج من الباب فنهضت ميــادة قائلة بدلال:
-بعد اذنكم هروح أودع جوزي...

اندفعت خلفه ولحقت به في الحديقة الخارجية، نادت عليه بخفوت فالتفت لها مبتسما وفتح ذراعيه لها غامزا باستفزاز، رمقته بنظرتها الثاقبة له كما العادة وتبخر دلالها الذي كان في الداخل وما إن شعرت بأحد خلفها وقد علمت من هذا الأحد..
اقتربت منه وعدلت من ياقة قميصه وابتسمت قائلة بهمس:
-مش بعمل كدا عشان سواد عيونك!، لولا إني عاوزة أفرسها مش هعمل كدا..
أومأ برأسه قائلا بمزاح:.

-عارف والله يا نكدية هانم! بالمناسبة بقى هي واقفة ورانا اديني حضن كبير قبل ما أمشي..
رفعت حاجبها قائلة بتذمر:
-امشي من هنا أنت هتصدق نفسك..
قبّل رأسها عنوة وانصرف بعد ذلك بعد أن أرسل لها قبلة هوائية!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة