قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا حرم سليمان باشا للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث

نوفيلا حرم سليمان باشا للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث

نوفيلا حرم سليمان باشا للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث

التفتت ميادة وقابلتها بنظرة ساخرة , بادلتها الأخيرة بنفس النظرة مع قولها:
-لو بيحبك مكانش اتجوز عليكِ أبدا!
ضحكت ميادة وقالت بعد ذلك باحتدام:
-ولو أنتِ عندك كرامة مكنتيش قبلتي تتجوزيه! بعد ما كنتِ هتموتي عليه زمان وسابك واختارني أنا دلوقتي بتجري وراه تاني!
-لا سوري دلوقتي هو اللي بيجري ورايا وهو اللي طلب مني أكون مراته يا ميادة هانم مش أنا!
-أنتِ عارفة سبب وجودك هنا كويس..
ابتسمت شمس وقالت:.

-وجودي هنا زي وجودك ولو جبت بقى الولد! هيبقى وجودك مالوش لازمة! فمتتغريش يا حبيبتي أوي كدا!
-مسكينة، أنتِ مسكينة أوي!
تركتها وذهبت إلى غرفتها، وذهبت شمس إلى الداخل وقلبها يتآكل غيظا، توجهت نحو السيدة عفت وجلست قبالتها في قهر، بينما نظرت لها عفت وقالت:
-بكرة تبقي أنتِ الكل في الكل وهتقولي خالتي قالت يا شموسة..
نظرت لها شمس بضيق سافر مع قولها الصارم:.

-دا مش شايف غيرها أصلا حواليه، إبنك يا طنط اتجوزني عشان رغبة عنده وأنا المغفلة قبلت أتجوز عشان بحبه بس مكنتش أعرف إن لما أبقى معاه هتذل كدا!

-يا حبيبتي كُلي عقله، شوفي هي بتعمل إيه وإعملي زيها، خليه ميشوفش غيرك أنتِ خليكِ شاطرة، وإن كان عليا أنا هكرهه فيها على قد ما أقدر أنا أصلا لا بحبها ولا بطيقها مش كفاية أبوها سواق وأمها حتة موظفة لا راحت ولا جات، نسب يعّر! سليمان ابني يتجوز البت دي ليه نفسي أعرف بتعمله إيه! لولا ندى حفيدتي كنت رمتها في الشارع وغورتها في داهية..
شمس داعية:
-يارب تغووور في داهية يارب...

وهناك في غرفة ميادة، أخذت تسير جيئةً وذهابا على غير هدى، ثم أمسكت هاتفها وأجرت اتصال عليه، وحينما رد بغاتته بالرد القاس:
-بكرهك! عارف يعني إيه!
أما هو فقد تنهد بصوت عال قائلاً بضجرٍ:
-أه عارف يا مجنونة، عاوزة إيه يعني؟!
-عاوزة أخرج أزور أهلي قول للحرس تفتح لي البوابة وبطل إسلوبك دا بقى..
سليمان بثبات؛
-ماينفعش أسمح بكدا لأنك مجنونة وممكن تحرقي قلبي
-والله! أحرق قلبك إزاي يا سليمان؟

-ممكن تغفليني وتسبيلي الدنيا وتمشي صح؟!
قالت بيأس:
-لو عاوزة أسيب الدنيا وأمشي همشي ولو حطيت ألف واحد على القصر أنت متعرفنيش
ضحك بشدة على ثقتها الدائمة بنفسها ثم قال من بين ضحكاته:
-دمك خفيف يا دودي وسكر هو أنا بحبك من شوية يا قلبي!
-هتسمح أزور أهلي؟!
-أسمح يا فندم..
هكذا قال بمرح، ثم تابع:
-بس أي غدر هتلاقيني فوق راسك سامعة يا دودو؟!
-طيب! بس مش هخرج مع الحرس نهائي!
رفع حاجبه بغيظ:.

-إيه الشروط دي كلها يا ميادة، ما تفوقي بدل ما أفوقك! أنتِ ناسية أنا مين ولا إيه؟
اختتم جملته قاصداً اغاظتها، فردت بغيظ بالفعل وقد نجح هو في ذلك:
-متجوزة واحد جبار وظالم عارفة متقلقش..
-أوك الله يسامحك يا ميادة مهما تعملي برضوه مش هعتقك معلش مقدر ظروفك!
-أنا هلبس دلوقتي وهخرج أنا وندى، سلام!
-خلي بالك من نفسك يا حبيبي..
أغلقت الهاتف في وجهه، فزفر وهو يلقي الهاتف أمامه على المكتب قائلا بضيق:.

-ربنا يهديكِ عليا!

بعد مرور ساعة من الزمن، في بيت أهل ميادة..
جلست والدتها معها تُرحب بها وتقبلها بلهفة فهي تقريبا لم تزورها منذ ثلاثة أشهر..
وبعتاب أردفت الأم:
-هُنت عليكِ تغيبي عني المدة دي كلها يا ميادة لا أنا ولا أبوكي كنا مرتاحين في بعادك عننا يا حبيبتي.
-معلش يا ماما كنا في شوية مشاكل كدا حقك عليا..
الأم بامتعاض:
-مشاكل ولا جوزك حرمنا منك وبيستعر مننا؟!
أسرعت ميادة في الرد:.

-لا والله يا ماما سليمان عمره ما أستعر أبدا منكم بالعكس والله، هو بس بيخاف أجي هنا ومرجعش فمش بيرضى يخرجني مش أكتر..
-يا بنتي إيه اللي جابرك على الذل دا؟ ليه تعيشي مقهورة وترضي يكون ليكِ ضرة وتستحملي قساوته دي؟
تنهدت ميادة وقالت:
-عشان خاطر بنتي يا ماما..
-لا يا ميادة عشان خاطره هو، مش عارفة بتحبيه رغم كل اللي بيعمله فيكِ إزاي؟!
-ربنا يهديه يا ماما، قوليلي بابا عامل إيه؟ وحشني أوي...

-زمانه جاي دلوقتي يا حبيبتي.
بعد قليل...
كان قد حضر والدها الذي دلف وجبينه يتعرق بشدة..
تجهم وجهه ما إن رأى ابنته وولج فورا إلى الغرفة..
بينما دمعت عيني ميادة بحزن وهي تنظر إلى والدتها قائلة:
-بابا لسة زعلان مني يا ماما، أعمل إيه عشان أرضيه لو عاوزني أقعد وممشيش هعمل كدا..

-هيهدى يا حبيبتي وهيبقى كويس هو بس زعلان من خوفه عليكي هو متخيل إن جوزك يبهدلك وخايف يجراله حاجة وهو مش مطمن عليكي، متزعليش يا حبيبتي.
أومأت ميادة برأسها وقالت بمرارة:
-أنا لازم أتصرف مع سليمان..

خرجت ميــادة بصحبة إبنتها من البناية التي يقطن بها أهلها وسارت بها عدة خطوات لـتفاجئ بشخص ظهر أمامها فجأة وقال بصوت أجش:
-نورتي الحتة يا ست ميادة، عاش من شافك..
فقالت ميادة بارتباك:
-ربنا يخليك شكرا..
نظر لها الشخص نظرة اعجاب، فهو كان جارها وكان يريدها زوجة ولكن جاء من اختطفها من عالمهم إلى عالمه وصمت الجميع بعد ذلك...
بينما يتابع باسما:
-مبقتيش تزورينا ليه هو إحنا خلاص مبقناش قد المقام؟!

-لا متقولش كدا أنتوا أهلي وناسي...
وكاد يتكلم ثانية لكنه لم يستطع حيث هناك من خلفه جذبه بقوة للوراء وتلقى صفعة مفاجأة منه ومن ثم آتاه صوته الصارم:
-إزاي تتجرأ وتوقف مراتي في الشارع؟
نظر له الأخير بذهول تام وهو يضع يده مكان الصفعة، فباغته سليمان بالرد قائلا بغضب ناري:
-لو كررتها تاني فيها موتك، سامع!

ختم جملته القاسية ونظر لزوجته ثم جذبها خلفه ذاهبا إلى سيارته ودفعها بعنف هي وإبنته ثم صفق باب السيارة بقوة غاضبة، ركب في الأمام جوار السائق وانطلقت السيارة بهم...
وطوال الطريق كان الصمت سيد الموقف لا يتكلم كلاهما...
وعند وصولهما إلى القصر ترجلت ميادة في سرعة بصحبة فتاتها وتوجهت إلى الداخل ثم إلى الأعلى..

بينما صفق سليمان الباب بعنف وسار يتمهل في خطواته، تبعها ذاهبا إلى الغرفة وفتح الباب داخلا إليها ثم قال بجدية:
-روحي على أوضتك يا ندى..
انصاعت له الفتاة وأسرعت إلى غرفتها، وظلت ميادة بمكانها ناظرة له بتحد وغضب..
اقترب هو منها وعقد ساعديه أمامه قائلا بصوت جهوري:
-إزاي تسمحي لنفسك تقفي قدام واحد زي دا وتتكلموا عادي كدا؟!
-أنت بتراقبني؟
-ردي على سؤالي!
-مش هرد!

هكذا أردفت بتحد صارخ ونظرت له بقوة، بينما هو تحلى بالصبر ووضع يديه في جيبي بنطاله ثم قال:
-مافيش خروج من أوضتك تاني لأي سبب من الأسباب والمرة دي مفهاش سماح!
أشعل بداخلها ثورة، فجر البركان الخامد بداخلها، لقد أزاد قسوته معها، وهي لن تتحمل لقد سئمت حياتها معه لذا قالت بصراخٍ:
-أنت أناني ومعندكش كرامة ولا دم عشان معيشني معاك غصب عنك، أنت واحد مريض وأنا مش هستحملك بعد النهاردة تاني..

رفع يده عاليا وكاد يصفعها لكنه تمالك نفسه في اللحظة الأخيرة وكور قبضة يده بشراسة، والتفت موليها ظهره وأخذ صدره يصعد ويهبط بقوة شديدة..
ثم قال محاولا ضبط أعصابه:
-هعتبر نفسي مسمعتش الكلام دا منك!

-أقول إيه تاني عشان تفهم إني مبقتش بحبك ومش عاوزة أعيش معاك؟! كفاية معاملتك السيئة دي بقى ليا كفاية يا أخي كفاية، صبرت على قسوتك كتير وعلى ظلمك بس لحد هنا وكفاية أنا مش حيوانة عشان تعمل فيا كدا أنا إنسانة، انساااااااانة!
كان يسمعها بصمت، لم يتكلم ولم يلتفت لها، يقسم أنها محقة في كل كلمة، غيرته عليها تظهر في صورة قاسية للغاية، حبه يظهر في صورة قهر مميت..

لا يعرف كيف يرضها وكيف يتخلَ عن رغباته التي وضعها قبلها..
لكنه يفهم شيئا واحدا فقط...
يُحبها، حبا جارفا ولم يعشق مثلها، ربما هي تفهم ذلك ولذلك هي مازالت معه، في أحضانه..
لكنها حتما ستزهد حياتها معه إن لم يحاول التغيير من ذاته وإظهار حبه في صورة تليق بها وبه...
-لو لسة ليا معَزة عندك يا سليمان طلقني..
قالتها ببكاء وانهارت على فراشها وقد خارت قواها...
فالتفت لها آنذاك وقال بمرارة:.

يوم ما أموت يمكن ترتاحي مني يا ميادة لكن طول ما فيا نفس مش هتبعدي عني أبدا، أبدا يا ميادة...
تركها وانصرف مغلقا الباب خلفه، فهمست ميادة من بين بكائها المرير:
-عمري ما هرتاح يا سليمان طول ما أنا بحبك، ومش هعرف أبطل أحبك!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة